موسوعة القرآن العظيم - ج ٢

دكتور عبد المنعم الحفني

موسوعة القرآن العظيم - ج ٢

المؤلف:

دكتور عبد المنعم الحفني


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة مدبولي
الطبعة: ١
ISBN: 977-208-422-2
الصفحات: ١٢٤٤
الجزء ١ الجزء ٢

أخّره حتى يطلع الصبح فات وقته وصلاه قضاء ، والأفضل فعله فى آخر الليل ، فإن خاف أن لا يقوم من آخر الليل استحب أن يوتر أوله ، وأى وقت أوتر من الليل بعد العشاء أجزأه. وركعات الوتر تصحّ واحدة ، أو ثلاثا ، أو خمسا ، أو سبعا ، أو تسعا ، أو إحدى عشرة ، والأشهر أنها ثلاث ركعات ؛ وإن أوتر بخمس لم يجلس إلا فى آخرهن ؛ وإن أوتر بسبع جلس عقيب السادسة وتشهّد ولم يسلّم ، ثم يجلس بعد السابعة فيتشهّد ويسلّم ؛ وإن أوتر بتسع ، لم يجلس إلا عقب الثامنة فيتشهّد ، ثم يقوم فيأتى بالتاسعة فيتشهد ويسلّم ، وإن أوتر بإحدى عشرة سلّم من كل ركعتين. ويستحب أن يقرأ فى صلاة الوتر ، فى الركعة الأولى بسبّح ، وفى الثانية بقل يا أيها الكافرون ، وفى الثالثة بقل هو الله أحد ، وإن قرأ معها المعوذتين فحسن. ويسن القنوت فى الوتر ، وفى الركعة الأخيرة بعد الركوع ، ويصحّ القنوت قبل الركوع بشرط التكبير قبله وبعده ، ويستحب بعد صلاة الوتر أن يقول المصلى : «سبحان الملك القدوس» ـ ثلاثا. ومن أوتر من الليل ثم قام للتهجّد فالمستحب أن يصلى مثنى ولا ينقض وتره. ونقض الوتر : أن يصلى من أول التهجّد ركعة تشفع الوتر ، ثم يصلى مثنى ، ثم يوتر من آخر التهجد ، وتجوز الصلاة ركعتين بعد الوتر.

* * *

١٨٦٨ ـ صلاة الجماعة

فى قوله تعالى : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٤٣) (البقرة) أن الصلاة تقتضى المعية والجمعية ، ولم يكن الأمر بالصلاة أولا يقتضى شهود الجماعة ، فأمروا بقوله تعالى «مع» أن يشهدوا الجماعة ، وهى من السنن المؤكدة ، وأوجبها البعض فرضا على الكفاية ، فالمساجد لا يجب أن تتعطل من الجماعات ، فإذا امتلأت المساجد فصلاة الفرد فى بيته جائزة ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ (يعنى الفرد)» ، وقوله : «صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده» ، وقوله : «لا صلاة لجار المسجد إلا فى المسجد». والاجتماع من سنن الهدى ، وتركه ضلال ، وأفضل الجماعة ما كانت فى المسجد ، والاثنان فما فوقهما جماعة. وفى الحديث : «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ، وما كثر فهو أحبّ إلى الله». ومن صلّى صلاة مع جماعة فليس عليه أن يعيدها لو تواجد مع جماعة أخرى ؛ وإذا صلّاها فهى له نافلة. وفى الحديث : «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا فى القراءة سواء ، فأعلمهم بالسنّة ، فإن كانوا فى السنّة سواء ، فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا فى الهجرة سواء ، فأقدمهم إسلاما ، ولا يؤمّنّ الرجل الرجل فى سلطانه ، ولا يقعد فى بيته على تكرمته إلا بإذنه» ، والتكرمة هى السجّادة. وإقامة الصغير جائزة إذا كان قارئا ، ويجوز للمرأة إذا كانت حافظة للقرآن أن تقرأه فى إمامة الرجل حتى إذا

٩٠١

انتهت كبّر هو ورجع وسجد وهى خلفه تصلى ، وكانت أم ورقة بنت عبد الله تؤم أهل دارها ، ولا تجوز الصلاة خلف أئمة الجور ، ولا أهل البدع ولا الفاسق ، وفى الحديث : «إن سرّكم أن تزكّوا صلاتكم فقدّموا خياركم». والإمام ليؤتم به ، وفى الحديث : «استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم. ليلنى منكم أولوا الأحلام والنّهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم». وليست الجماعة شرط لصحة الصلاة ، ويباح حضور النساء مع الرجال ، ويعذر بترك الجماعة : مدافعة الأخبثين ، وعند حضور الطعام وهو جائع تتوق له نفسه ، وفى حالات المرض ، وعند الخوف ، وفى المطر المنهمر ، والعواصف ، وأن يغلبه النعاس. ولا يشترط المسجد لصلاة الجماعة ، وتجوز فى البيت ، وفى الصحراء ، وفى المصنع. وأفضل المساجد ما كان يستوعب أكبر عدد من المصلين ، والمسجد الأبعد ، والأولى الأقرب. ومن صلى منفردا ، ثم أدرك الصلاة نفسها فى جماعة ، يستحب له إعادتها معهم ، والصلاة المعادة نافلة.

* * *

١٨٦٩ ـ ما تسنّ له الجماعة

التطوّعات قسمان ، أحدهما : ما تسنّ له الجماعة : وهو صلوات الكسوف ، والاستسقاء ، والتراويح ؛ والثانى : ما يفعل على انفراد ، وهو قسمان : سنّة معينة كالسنن النوافل ، ونافلة مطلقة.

* * *

١٨٧٠ ـ تسوية الصفوف فى الصلاة

كان الناس يصلون متبدّدين ، فأنزل الله الآية : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) (١٦٥) (الصافات) ، فأمرهم النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يصطفوا لربّهم فى الأرض ، كما تصطف الملائكة لربّها فى السماء ، وقال : «ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربّها» ، وسأله الصحابة : وكيف يصفّون؟ قال : «يتمّون الصفوف الأول ويتراصّون فى الصف» أخرجه مسلم. وتسوية الصفوف : يعنى اعتدالها واستواءها ؛ والصف الأول فى الصلاة أفضلها بقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ولو يعلمون ما فى الصف المقدّم لاستهموا» والمراد من سبق إلى الصلاة ، بدخول المسجد ، والجلوس بالقرب من الإمام ، والاستماع لقراءته ، والتعلّم منه ، وأن يأمن اختراق المارة بين أيدى المصلين ، وسلامة البال من رؤية من يكون قدّامه ، وسلامة موضع سجوده من أذيال المصلين. وفى الحديث : «وأقيموا الصف فى الصلاة ، فإن إقامة الصف من حسن الصلاة» ، وفيه : «سوّوا صفوفكم ، فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة». فكل ذلك واجب ومن ترك واجبا فهو آثم ، ومن لا يتم الصفوف يأثم ، وكان الناس زمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم يلزقون

٩٠٢

مناكبهم بمناكب أصحابهم ، وأقدامهم بأقدامهم ، وفى الحديث : «والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم».

* * *

١٨٧١ ـ النساء لا يصفون مع الرجال

أصل ذلك ما يخشى من الافتتان بالنساء ، ولو كانت امرأة واحدة لصحّ أن تشكّل صفّا وحدها ، ولا مخالفة للحديث : «لا صلاة لمنفرد خلف الصّف» فهو مختص بالرجال ، وتسوغ صلاة المرأة المنفردة خلف الصّف ولا تسوغ صلاة الرجل المنفرد ، ولا يقاس الرجل بالمرأة ، ولا يقال إن ثبت ذلك للمرأة كان للرجل أولى ، فإنما ساغ ذلك لامتناع أن تصف المرأة مع الرجال ، بخلاف الرجل فإن له أن يصف معهم وأن يزاحمهم.

وإذا صلّت امرأتان ، فإن المأمومة تقف إلى يمين الإمامة. وإن صلّت امرأة واحدة مؤتمة برجل وليس معها آخرون ، لم تقم عن يمينه ولكن خلفه ؛ وإن صلّت ومعها رجل وصبى ، قام الرجل والصبى خلف الإمام والمرأة خلفهما. وإن صلّت ومعها رجل ، صلّى الرجل عن يمين الإمام والمرأة خلفهما ، وإن كان الرجل من محارمها ، فلها أن تقف معه والصبى عن يمين الإمام أو وراءه. وتصلى النساء على الميت جماعة ، وإمامتهن وسطهن.

* * *

١٨٧٢ ـ المرأة تصلى فى المساجد

الواجب على المرأة أن تصلّى وقد غطت بدنها ورأسها ، وصلاتها فى بيتها وفى المساجد ، وفى الحديث : «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» ، وكانت النساء يصلين مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة الفجر متلفعات ، والتلفّع بتغطية الرأس.

١٨٧٣ ـ الصلاة فى النعال والخفاف

كان النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلى فى نعليه وخفّيه ويقول : «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون فى نعالهم ولا خفافهم» ، وذلك من الرخص ومحمول على ما إذا لم يكن فيهما نجاسة ، وإذا تعارض الاثنان قدّمت مراعاة إزالة النجاسة لأنها من باب دفع المفاسد. وكان النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا توضأ يمسح على نعليه أو خفيه ثم يصلى.

* * *

١٨٧٤ ـ الإيجاز فى الصلاة وإكمالها

كان النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ برواية أنس ـ يوجز الصلاة ويكملها. ومن أوجز وأتمّ لا يشكى منه تطويل فى الصلاة ، وفى الحديث : «أيها الناس ، إن منكم منفّرين ، فمن أمّ الناس فليتجوّز ،

٩٠٣

فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة» أخرجه البخارى ، وممن كان يشكى منه التطويل : معاذ بن جبل ، قال عنه جابر : أنه أمّهم فى العشاء فقرأ عليهم بالبقرة!!

* * *

١٨٧٥ ـ قراءة الفاتحة واجبة

فى الحديث : «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» ، والمعنى وجوب القراءة فيما يجهر فيه ويخافت من الصلوات ، فلا يختص الوجوب بالسرية دون الجهرية. وأما حديث : «من صلى خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة» فهو ضعيف ، وفى الرواية أن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثقلت عليه القراءة فى الفجر ، فلما فرغ قال : «لعلكم تقرءون خلف إمامكم»؟ قالوا : نعم. قال : «فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب ، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها». وأمّ القرآن لا بد منها. وقيل : الفاتحة تتحتم على من يحسنها ، ومن لا يحسنها يقرأ بما تيسر عليه ، وإلا انتقل إلى الذكر.

* * *

١٨٧٦ ـ الجهر والمخافتة فى الصلاة

تخافت قراءة صلوات الظهر والعصر ، ويجهر بقراءة المغرب والعشاء والصبح ، ويجهر الإمام والمأموم بالتأمين.

١٨٧٧ ـ الصلاة بعد العودة من السفر

كان النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه صلاة القدوم ، وليست هى صلاة تحية المسجد التى أمر الداخل إليه أن يأتيها قبل أن يجلس.

١٨٧٨ ـ القصر فى الصلاة

يقال قصرت الصلاة قصرا ، وقصّرتها تقصيرا ، وأقصرتها إقصارا ، والأول أشهر ، والمراد به تخفيف الرباعية إلى ركعتين ؛ ولا تقصير فى صلاة الصبح ، ولا فى صلاة المغرب ؛ ويجوز القصر فى كل سفر مباح ؛ وصلّى النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم على راحلته حيث توجّهت به ، وكان يصلى التطوّع وهو راكب فى غير القبلة ويستقبل بوجهه ما استقبلته الراحلة ؛ وكان ابن عمر يصلى فى السفر على راحلته ، أينما توجهت يومئ ، إلا الفرائض ، كقوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (١١٥) (البقرة) ؛ وقد جعل الله التيمم رخصة للمريض والمسافر ؛ وجمع النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى السفر بين المغرب والعشاء ، وجمع بين صلاتى الظهر والعصر ؛ وصلى جالسا وأجاز صلاة المضطجع ، أو على جنب للمرض ، وإن شاء المريض صلى ركعتين قائما وركعتين قاعدا. والقصر سنّة للرجال والنّساء فى غير الخوف ، ولا يوجد فى القرآن عن قصر الصلاة فى السفر ، وأما عن القصر فى الخوف مع السفر فبالقرآن والسنّة ، فى قوله تعالى : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ

٩٠٤

يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (١٠١) (النساء) ، ولم يبح القصر فى القرآن إلا مع هذين الشرطين : السفر والخوف ، ثم قال تعالى : (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (١٠٣) (النساء) ، يعنى فأتوها بأركانها وبكمال هيئتها فى السفر ، وبتمام عددها فى الحضر كما قال : (كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) (١٠٣) (النساء) ، أى مؤقتة مفروضة. وقد أتمّت السيدة عائشة وكانت تصلى فى السفر أربعا. وفى السنّة قيل إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قصر فى صلاة السفر دون خوف ، من أربع إلى اثنتين ، إلا المغرب ، مع أن ذلك خلاف ما يقول القرآن ، وفيه أنه عند الاطمئنان تكون الصلاة المعهودة ، وقيل إن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يقصر فى كل أسفاره آمنا ، وقيل : كان ذلك سنّة مسنونة منه زيادة فى أحكام الله ، كسائر ما سنّه مما ليس له فى القرآن ذكر ، وقال فى ذلك : «تلك صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» أخرجه مسلم. وقيل : تقصر الصلاة فى كل سفر طويل أو قصير ، والإجماع على أن القصر فى السفر فى الجهاد والحج والعمرة ، وما ضارعها كالتجارة ونحوها ، ولا قصر فى سفر متعة ، أو سفر معصية ، لأن التخفيف شرّع فى سفر المشقات ، لقوله : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) (النساء ١٠١). ويذهب البعض إلى القصر حتى يرجع المسافر إلى وطنه.

* * *

١٨٧٩ ـ صلاة التطوّع

التطوّع بالشىء هو التبرّع به ، والمتطوّع هو المتنفّل الذى يأتى ما يزيد على الفرض والواجب. وصلاة التطوع هى صلاة نافلة ، وتصلّى فى الليل والنهار مثنى ، يسلّم من كل ركعتين ، فإن تطوّع فى النهار خاصة بأربع فلا بأس. ولا يزاد فى الليل على اثنتين ، ولا فى النهار على أربع ، ولا يصحّ التطوع بركعة ، ولا ثلاث. ويجوز للمتطوّع أن يصلى جلوسا ، والقيام أفضل ، وإذا تطوّع جالسا فيستحب له أن يكون فى حال القيام متربعا ، ويثنى رجليه فى الركوع والسجود ، هو مخيّر فى الركوع والسجود ، إن شاء ركع وسجد وهو قاعد ، وإن شاء قرأ قاعدا ، ثم قام فركع ، ثم سجد. وأفضل أوقات التطوع يكون بالنوافل المطلقة ، وتشرع فى الليل ، وفى النهار فيما سوى أوقات النهى. وتطوّع الليل أفضل من تطوّع النهار. ويستحب لكل مسلم أن تكون له تطوعات يداوم عليها فإذا فاتت يقضيها. والأوقات المنهى عن التطوع فيها خمسة : من الفجر إلى طلوع الشمس ؛ ومن طلوعها إلى ارتفاعها ، وحال قيامها ، ومن العصر إلى شروع الشمس فى الغروب ؛ والوقت الخامس من حين شروع الشمس فى الغروب إلى أن تغرب. والتطوع فى البيت

٩٠٥

أفضل ، لأنه أقرب إلى الإخلاص ، وأبعد عن الرياء. ومن التطوع ما تسن له الجماعة كصلوات التراويح ، والاستسقاء ، والكسوف ، ومنه ما يؤدّى على انفراد ، وهذا الأخير منه السنّة المعينة كالسنن والرواتب ، كالركعتين قبل الفجر وبعد المغرب. وكان أكثر تطوعه صلى‌الله‌عليه‌وسلم منفردا. ويستحب مع السنن الرواتب التطوع قبل الظهر وبعده بأربع ركعات ، وأربع قبل العصر ، وأربع بعد المغرب ، وأربع بعد العشاء. ويستحب الدعاء فى صلاة التطوع ، ويجوز فيها الخروج بتسليمة واحدة. ويسنّ للإمام الانتقال من مكانه إذا أراد التطوّع. ويسن لمن يدخل المسجد أن يصلى ركعتين قبل جلوسه تحية للمسجد. ويستحب لمن حجّ أن يدخل الكعبة فيكبّر فى نواحيها ويصلى ركعتين ويدعو الله ، وأن يصلى بعد الطواف ركعتين ، يكررهما بعد كل طواف ، وبعد أن يفرغ من الأشواط السبعة الأولى ثم الثانية. وتباح صلاة التطوع فى السفر على وسيلة المواصلات أيا كانت ، سواء كانت سيارة أو قطارا أو طائرة ، أو حتى راحلة ، وتكون قبلة المصلى حيثما اتجهت الوسيلة التى يركبها ، ويومئ المصلى بالركوع والسجود ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه ، ولو اضطر إلى النزول أو الصعود أثناء الصلاة فعل. ويباح للماشى أن يصلى وهو يمشى ، وعليه أن يستقبل القبلة فى افتتاح الصلاة ثم ينحرف إلى جهة سيره ، ويقرأ وهو ماش ، ويومئ فى الركوع والسجود.

* * *

١٨٨٠ ـ صلاة النافلة هى صلاة التطوّع

كصلاة السنّة الراتبة ، وصلاة الضحى ، وصلاة قيام الليل ، وصلاة الوتر. والنافلة المعينة : كصلاة الكسوف ، والاستسقاء ، والتراويح ، والوتر. والسنن الرواتب : شرطها نية التعيين ، والنافلة المطلقة : كصلاة الليل ، يجزئ فيها نية الصلاة لا غير.

* * *

١٨٨١ ـ صلاة التراويح

التراويح جمع ترويحة ، وهى فى الأصل اسم للجلسة مطلقا ، ثم سميت بها الجلسة التى بعد أربع ركعات فى ليالى رمضان لاستراحة الناس بها ، ثم سمّى كل أربع ركعات ترويحة. والتراويح اسم لعشرين ركعة فى ليالى رمضان ، وحكمها قيام رمضان ، وهى سنة مؤكدة استنها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ونسبت إلى عمر لأنه جمع الناس على أبىّ بن كعب. والأفضل أن تصلّى التراويح جماعة ، ويختلف عدد ركعاتها ، والمختار أنها عشرون ركعة ، والأمر فى العدد على ما يحتمله الناس ، ويقرأ فيها القرآن ، والمستحب أن يختم ، ليسمع

٩٠٦

كله ولو مرة فى السنة لأكبر عدد من الناس ، فإذا ختم رفع الإمام يديه قبل أن يركع ودعا وأطال القيام ، ويدعو بما يشاء. (انظر أيضا باب الصيام).

* * *

١٨٨٢ ـ صلاة الكسوف

قيل : الكسوف والخسوف واحد ، تقول كسف الله الشمس أو القمر أى حجبهما ، وكسوف الشمس احتجابها بالنهار لحلول القمر بينها وبين الأرض. ويقال خسف القمر أى ذهب ضوؤه ، والمشهور بين أهل العلم والفقهاء أن الكسوف للشمس ، والخسوف للقمر ، وفى التنزيل : (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ) (٨) (القيامة). ومدلول الكسوف غير مدلول الخسوف ، لأن الكسوف : التغير إلى سواد ؛ والخسوف : النقصان ؛ فإذا قيل فى الشمس كسفت أو خسفت ، فذلك لأنها تتغير ويلحقها النقص ، وكذلك القمر ، ولا يلزم من ذلك أن الكسوف والخسوف مترادفان. وفى التنزيل إشعار بأن الخسوف للقمر ، فيكون الكسوف للشمس. وصلاة الكسوف لكسوف الشمس والقمر ، والنبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى وجماعة المسلمين فى كسوف الشمس ، وفى قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فإذا انكسف أحدهما» ، وقوله : «أيهما انكسف» : أن صلاة الكسوف مندوبة فى كسوف القمر كما هى مندوبة فى كسوف الشمس ، وقيل : إن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى فى كسوف الشمس والقمر ركعتين ، وقيل : لم ينقل أنه صلى فى كسوف القمر فى جماعة ، وفى الرواية أن القمر خسف فى السنة الخامسة ، فصلّى النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأصحابه صلاة الكسوف ، وكانت أول صلاة كسوف فى الإسلام. وأما كسوف الشمس فكان فى السنة العاشرة من الهجرة ، وقيل : وقع ذلك فى ربيع الأول فى عاشر الشهر أو رابع عشرة لمّا مات ابنه إبراهيم. وصلاة كسوف الشمس جهرية ، ولا وقت لها ، وهى بطبيعة الحال بالنهار ، وتؤدّى قبل انجلاء الشمس ، بينما صلاة كسوف القمر بالليل ، وكانوا قد قالوا إن الشمس كسفت حزنا على موت إبراهيم ابن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلمّا انجلت خطب النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «إن الناس يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء ، وليس كذلك» ، ونزلت الآية : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) (٣٧) (فصلت) ، فنبّه التنزيل ونبّهت السنّة ، إلى بطلان هذا الاعتقاد ، وهو كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى صلاة الاستسقاء : «يقولون مطرنا بنوء كذا» ، يعنى أن ينسبوا المطر للرياح وليس لله ، وكانوا فى الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغيّر فى الأرض من موت أو ضرر ، فأعلمهم النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن الشمس والقمر مسخّران لله ليس لأحد سلطان عليهما ، ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما ، وفى الحديث : «ولكن الله

٩٠٧

تعالى يخوّف بهما عباده» ، وهذه العبارة وردت زائدة لا أصل لها ، لأنه بحسب كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وباعتبار ما جاء فى التنزيل ، فإن الكسوف أمر عادى لا يتأخر ولا يتقدم ، وهو ظاهرة كظاهرة المدّ والجزر ، ولا يعقل والنبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعرف ذلك أن يقوم فزعا كما تقول الرواية ، مخافة أن تكون الساعة ، فإذا كان الكسوف يقع كظاهرة فلم الفزع؟ ولم الأمر بالصلاة والدعاء والصدقة والذكر؟ والشمس لا تنكسف فى الحقيقة ، ولا القمر ينخسف ، وإنما فى الكسوف يحول القمر بينها وبين أهل الأرض. والغزالى استشكل صلاة الكسوف ، وقال : إنها لم تثبت ، فيجب تكذيب ناقلها. والذى يؤكده علماء الفلك أن قوله فى الحديث : «يخوّف الله بهما عباده» أى كسوف الشمس والقمر ، ليس بشيء ، لأن الكسوف والخسوف من أفعال الله فى الكون مثل تغاير الليل والنهار. وعلى أى الأحوال فإن صلاة الكسوف ـ كما هو شائع ـ ركعتان مثل الصبح ، والمشهور أنه لا خطبة لها ، وما قاله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيها ـ كما قيل ـ لم يقصد به خطبة بخصوصها ، وإنما أراد أن يبين لهم الردّ على من يعتقد أن الكسوف إنما لموت بعض الناس. والصلاة فيها جامعة. وفى التنزيل والأحاديث إشارة إلى تقبيح من يعبد الشمس أو القمر. وقد أطال النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى القراءة والركوع والسجود ـ كما قيل ـ حتى تنجلى هذه الظاهرة ، وليتأكد أنها انجلت ، وإذا انتهت الركعات يصلّى غيرهما إلى أن تنجلى. والجمهور على أن هذه الصلاة سنّة مؤكدة ، وقيل بوجوبها ، وإذا وقع الانجلاء أثناء الركعة الأولى تكمل الثانية. وفى دعاء هذه الصلاة يستعيذ المصلى من عذاب القبر ، ومناسبة ذلك أن الكسوف ظلمة النهار وتشابه ظلمة القبر وإن كان نهارا ، والشيء بالشىء يذكر ، فيخاف من هذا كما يخاف من هذا ، فيحصل الاتّعاظ ، وتشارك النساء فى الصلاة وكانت عائشة من المشاركات ، والسنّة فى هذه الصلاة أن تصلّى بالمسجد ، وإلا لكانت صلاتها فى الصحراء أجدر برؤية الانجلاء. غير أن المهم أن نعرف أن صلاة الكسوف لم تثبت ، وأن الكسوف والخسوف ظاهرة كونية لا ينبغى أن نحفل بها كسواد ولكنها تهم العلماء.

* * *

١٨٨٣ ـ صلاة الآيات

المراد بالآيات : كسوف الشمس ، وخسوف القمر ، والزلازل ، وكلّ مخوّف سماوى ، كالريح العاتية ، والظلمة فى أول النهار. وقيل : هى بدعة ولا بأس بها.

* * *

١٨٨٤ ـ صلاة الاستسقاء

الاستسقاء لغة : طلب سقى الماء من الغير للنفس أو للغير ؛ وشرعا : طلبه من الله عند

٩٠٨

حصول الجدب على وجه مخصوص. والمطر ظاهرة مناخية تحدث بحسب اعتبارات مناخية مضبوطة هيّأها الله تعالى أسبابا. والظواهر الكونية لا يتحكم فيها أحد بالدعاء. وصلاة الاستسقاء لم تثبت فى حقّ النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومع ذلك قال بها البعض ، ونسبوا للنبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشأنها الأحاديث. والشائع أنه يستحب الخروج لهذه الصلاة ، وقيل : إن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم شرع الدعاء بالاستسقاء للمؤمنين ، وكذلك شرع الدعاء بالقحط على الكافرين لصالح المؤمنين. والمصلّى ليس بشرط فى الاستسقاء ، لاجتماع عدد غفير من الناس لا يستوعبهم. وبنزول المطر قد تكون هناك رياح وعواصف ، وقد تصحبه الزلازل ، فيستحسن الدعاء فى صلاة الاستسقاء : «اللهم إنى أسألك خير ما أمرت به ، وأعوذ بك من شرّ ما أمرت به». ولمّا نزل المطر عقب الصلاة قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هل تدرون ما ذا قال ربّكم»؟ قال : «أصبح من عبادى مؤمن بى وكافر ، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بى كافر بالكوكب ، وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بى مؤمن بالكوكب». وقيل : مطر الناس على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأنزلت هذه الآية : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٨٢) (الواقعة) ، والمعنى تجعلون الرزق الذى وجب عليكم به الشكر تكذيبكم بالله ، وتنسبون المطر إلى النّوء ؛ وكانوا لا يقولون «أمطرنا الله» وإنما قالوا : «مطرنا بنوء الشعرى. والمطر لا يفعله ويعلم بمجيئه إلا الله ، وفى الحديث : «خمس لا يعلمهن إلا الله ...» منها «وما يدرى أحد متى يجيء المطر». وقيل : صلاة الاستسقاء سنّة مؤكدة ثابتة ، والاستسقاء ثلاثة أنواع : استسقاء بأن يدعو الناس الله لإنزال المطر فى أعقاب كل صلاة وفى الخلوات ؛ واستسقاء بأن يدعو الإمام يوم الجمعة على المنبر ويؤمّن الناس ؛ واستسقاء بالصلاة. وليس لصلاة الاستسقاء وقت معين ، ولا تفعل فى الأوقات المنهى عنها ، ولا أذان لها ولا قيام ، وإنما ينادى لها : «الصلاة جامعة». وتكون الصلاة فى وقت الجدب واحتباس المطر ، ويستحب أن يخرج لها كافة الناس ، إلا غير المسلمين ، فإن خرجوا فلا بأس. وإن تأهبوا للخروج فسقط المطر قبل خروجهم ، لم يخرجوا وشكروا لله ، وإن خرجوا فمطروا قبل الصلاة شكروا وحمدوا ودعوا. وهى ركعتان ، ويكبّر فيها كتكبير العيد سبعا فى الأولى ، وخمسا فى الثانية. وقيل لا يكبّر ، ويجوز كل ذلك ، ويسن الجهر بالقراءة ، وتعقبها خطبة أو أن الخطبة قبل الصلاة ، أو أنه لا خطبة بل دعاء وتضرّع. ويستحب الدعاء فى الخطبة وأن يؤمّن الناس ، ويستحب للإمام أن يبدأها : اللهم أمرتنا بدعائك ، ووعدتنا إجابتك ، فقد دعوناك كما أمرتنا ، فاستجب لنا كما وعدتنا. اللهم فامنن علينا بمغفرة ذنوبنا وإجابتنا فى سقيانا وسعة أرزاقنا ـ ثم يدعو بما يشاء. ويستحب له أن يحوّل رداءه ، أى يقلبه فيجعل ما على اليمين على اليسار

٩٠٩

وبالعكس ، ويفعل ذلك المأمومون طلبا لتغيير الحال. وإن تأخر المطر مع ذلك فتعاد الصلاة فى اليوم الثانى ، والثالث وهكذا. فإن سقط المطر غزيرا يضرّهم دعا الناس : اللهم حوالينا ولا علينا.

* * *

١٨٨٥ ـ صلاة الاستخارة

فى الحديث : «إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إنى أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علّام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى ـ أو قال : فى عاجل أمرى وآجله ـ فاقدره لى ، ويسّره لى ، ثم بارك لى فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرّ لى فى دينى ومعيشتى وعاقبة أمرى ـ أو قال : فى عاجل أمرى وآجله ـ فاصرفه عنى واصرفنى عنه ، وقدر لى الخير حيث كان ، ثم رضّنى به» ، ويسمّى حاجته.

* * *

١٨٨٦ ـ صلاة التوبة

عن علىّ بن أبى طالب ، عن أبى بكر قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهّر ، ثم يصلّى ركعتين ، ثم يستغفر الله تعالى ، إلا غفر له» ، ثم قرأ : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (١٣٥) (آل عمران).

* * *

١٨٨٧ ـ صلاة الخوف

القصر فى الصلاة بحسب القرآن لا يحل إلا أن تخاف : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ) (١٠١) (النساء) ، فهذه الآية تبيح أن تصلى ركعة لا تزيد عليها شيئا ، وقد صلّى النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الغزوات ركعة لكل طائفة ولم يقضوا بعدها ، وروى ذلك النسائى والبخارى وأبو داود. وقيل : المراد بالقصر فى صفة الصلاة ترك الركوع والسجود إلى الإيماء ، وترك القيام إلى الركوع. وقيل : الآية تبيح فى حالة الحرب والخطر القصر من حدود الصلاة وهيئتها ، فيصلى المصلى إيماء برأسه ، ويصلى ركعة واحدة حيث توجّه ، وهذا يعادل قوله : (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (١٠٣) (النساء) ، أى أقيموها بحدودها وهيئتها كاملة. والقصر فى غير الحرب سنّة إذا أمن الناس بقول النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه : «صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا الصدقة» أخرجه مسلم. وقيل : ليس شرطا الضرب فى الأرض والسفر ، فإذا جاء الغزاة وحورب المسلمون فى ديارهم ، فتجوز صلاة الخوف ، فليس شرطا السفر والخوف معا. وقيل : الآية تبيح القصر للخائف من العدو ، فمن كان

٩١٠

آمنا وعلى سفر فلا قصر له. وعن عائشة أنها كانت تقول فى السفر : أتموا صلاتكم. فقالوا لها : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يقصر ، فقالت : إنه كان فى حرب ، وكان يخاف. وهل أنتم تخافون؟

* * *

١٨٨٨ ـ كيفية صلاة الخوف

آية صلاة الخوف هى الآية : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (١٠٢) (النساء) ، وكانت سببا فى إسلام خالد بن الوليد ، وتتصل بما قبلها عن الجهاد ، وفيها بيان أن الصلاة لا تسقط أبدا بعذر السفر ، ولا بعذر الجهاد وقتال العدو ، وهى خطاب للنبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم لأمته من بعده إلى يوم القيامة ، وفيها : أن صلاة الخوف لكل جماعة ركعة واحدة ، وقد صلّاها النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى عشرة مواضع ، وقيل : صلّاها أربعا وعشرين مرة ، وكيفيتها : أن يقوم الإمام ومعه جماعة من الجند تحرسها جماعة أخرى فى مواجهة العدو ، فيركع الإمام ركعة ويسجد بالذين معه ثم يقوم ، فتحلّ جماعة المواجهة محل جماعة المصلين ، فيكبّرون وراءه ، ويركع بهم ويسجد ثم يسلّم ، وهكذا مع الجماعات كلها. فإذا كان الخوف أكبر من ذلك ، صلّى كل جندى راكبا أو قائما يومئ إيماءة. ولا يهم إن استدبر القبلة أو صلّى قبالتها. وفى قول آخر : أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا حانت الصلاة ، أمرهم أن يأخذوا السلاح ، وصفّهم خلفه صفين ، وركع فركع الصف الأول ، ورفع فرفعوا ، ثم سجد بالصف الثانى والآخرون قيام يحرسونهم ، فكانت صلاة الخوف لهم ركعة ، وفى صلاة المغرب ثلاث ركعات كما هى ، وعند التحام الحرب وشدّة القتال والخوف ، تكون إيماء الصلاة كيفما أمكن ، وكل امرئ لنفسه ، وأينما كانت القبلة ، فإن لم يقدروا على الإيماء أخّروا الصلاة حتى ينكشف القتال ويأمنوا فيصلّوا ركعتين ، فإن لم يقدروا صلّوا ركعة وسجدتين ، فإن لم يقدروا يجزئهم التكبير ويؤخرونها حتى يأمنوا. ويظل المصلون شاكو السلاح مع المصلين وذلك أهيب للعدو ، وحمل السلاح واجب فى صلاة الخوف لأنه أمر من الله ، إلا لمن كان به أذى ، وهذا الأذى قديما كان المطر ، وتغيّر الآن ، والأذى المنصوص عليه هو الذى لا يمكّنهم أن يحملوا السلاح. وفى هذه الآية أول دليل على تعاطى الأسباب.

* * *

٩١١

١٨٨٩ ـ من لا تجب عليه الصلاة

لا تجب الصلاة على الصحيح : على الصبىّ ، والكافر ، والحائض ، والمجنون ، والمرتد عن الإسلام ، وإذا عاد المرتد إلى الإسلام ، لم يلزمه أن يقضى ما فاته أثناء ردّته.

١٨٩٠ ـ قضاء الصلوات الفوائت

الفوائت المعنية فى الصلاة : هى ما فات المسلم أن يؤديه منها فى وقتها. والفوت من فات أى مضى وانقضى ، تقول : فاته الأمر : يعنى أعوزه وذهب عنه ؛ وفات الشيء : جاوزه. وتقضى الصلاة الفائتة فى ترتيب ، فمن فاتته صلاة الظهر ثم صلاة العصر ، صلّاهما إذا ذكرهما فيقضى الظهر أولا ثم يقضى العصر. ومن دخل فى صلاة ، ثم ذكر أن عليه فائتة ، وخشى خروج وقت الصلاة قبل انقضاء الفائتة وإعادة الصلاة التى هو فيها ، سقط عنه الترتيب بين الفائتة والحاضرة ، ويتم صلاته الحاضرة ثم يقضى الفائتة. والترتيب واجب مع سعة الوقت ، والمصلّى عليه حينئذ أن يصلّى الفائتة أولا ثم الحاضرة. ومن يجهل وجوب الترتيب لا يعذر فى تركه. ومن كانت عليه فوائت وخشى أن تفوته صلاة الجماعة ، فإنه يصلى معهم ويحتسبها فائتة ، ثم يصلى الحاضرة. فإذا كانت الصلاة الحاضرة جمعة بدأ بها ولا يعيدها ، لأنها صلاة يخاف فوتها ، ويصلى الظهر بدلا عنها. والترتيب فى الفوائت شرط فى قضائها. ومن دخل فى صلاة حاضرة ، ثم ذكر أن عليه فائتة ، أكمل الحاضرة نفلا ، ثم يقضى الفائتة ، ثم يعيد الصلاة التى كان فيها. وإذا صلى خلف إمام فإنه يمضى معه فى صلاته ، ثم يعيد الصلاتين ، الفائتة ثم الحاضرة ، وما صلّاه مع الإمام يعدّ نفلا. وإذا كان الذى فاتته صلاة إماما ، وذكر أثناء صلاته أن عليه فائتة ، عليه أن يتم صلاته ثم يقضى الفائتة ، ويعيد الحاضرة ، وتجوز صلاة المأمومين خلفه ، لأن صلاة المفترض تجوز خلف المتنفّل. ولا تجوز صلاة فائتة دون تعيين الصلاة : هل هى ظهر أم عصر؟ ولو نسى صلاة لا يدرى هل هى ظهر أم عصر لزمته صلاتان. ومن كثرت الفوائت عليه يشتغل بقضائها ما لم تلحقه مشقة ، فإن لم يعلم قدر ما عليه فإنه يعيد حتى يتحصّل له اليقين أنه قد أبرأ ذمته. ويجوز قضاء الفرائض الفوائت فى أوقات النهى. ولا يجوز فيها قضاء النوافل والسنن الرواتب ، باستثناء ركعتى الفجر والركعتين بعد الظهر كما كان يفعل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ويستحب قضاء التهجد إذا فات ، ولا يجب القضاء على المرتد ، ويجب على من تفوته الصلاة بإغماء أو نوم أو نحوهما.

* * *

١٨٩١ ـ صلاة الاحتياط

٩١٢

من شك فى صلاته ، أو فى عدد ركعاتها أو غير ذلك ، يمكنه أن يصلى صلاة الاحتياط ، وفيها كل ما يجب فى الصلاة المستقلة ، ولا بد فيها من النّية وتكبيرة الإحرام.

* * *

١٨٩٢ ـ القنوت

يتكرر عن القنوت فى القرآن ثلاث عشرة مرة. والقنوت فى اللغة : الدوام على الشيء ، فجاز أن يسمى مديم الطاعة قانتا ، وكذلك من أطال القيام والقراءة والدعاء فى الصلاة ، أو أطال الخشوع والسكون ، فكل هؤلاء يفعلون القنوت ، كقوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) (٢٣٨) (البقرة) ، قيل طائعين وخاشعين يطول قيامهم ، كقوله تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً) (٩) (الزمر) ، والآية تفيد أن القنوت من صفاته الطول ، ولمّا سئل النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أى الصلاة أفضل؟ قال : «طول القنوت». وروى افتراء أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قنت شهرا يدعو على رعل وذكوان. وقيل : كان المسلمون الأوائل فى بداياتهم يكلمون بعضهم البعض فى الصلاة ، ويردّون السلام إذا حيّوا وهم يصلون ، فنهوا عن ذلك ، وقال النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) (٢٣٨) (البقرة) فأمروا بالسكون ، ونهوا عن الكلام. وهناك من ينكر القنوت بدعوى أنهم صلوا خلف النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم خلف أبى بكر ، ثم خلف عمر ، فلم يشاهدوا أحدهم يقنت بالطريقة التى صوّروا القنوت بها ، ولم يقنت عثمان. وقيل : القنوت بهذه الطريقة بدعة. وقيل القنوت مستحب إذا نزلت بالمسلمين نازلة ، ويكون فى صلاة الفجر ، وفى سائر الصلوات إذا استدعى الأمر. وقيل : القنوت سنّة. وروى الدارقطنى عن أنس قال : ما زال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقنت فى صلاة الغداة حتى فارق الدنيا. وروى أن جبريل علّم النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذا القنوت ـ يقول : «اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخنع (نخضع) لك ، ونخلع ونترك من يكفرك. اللهم إياك نعبد ، ولك نصلى ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد (نسرع) ، ونرجو رحمتك ، ونخاف عذابك الجدّ ، إن عذابك بالكافرين ملحق». وفى هذا الدعاء المعنى الحقيقى للقنوت وليس ما قالوه عن فعله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إزاء رعلة وزكوان!

* * *

١٨٩٣ ـ صلاة العيدين

العيدان هما عيد الفطر وعيد الأضحى ، وفيهما يحسن التجمّل ، والتجمّل فيهما سنّة ، وكذلك الغناء ، وغنّت لعائشة مغنيتان فى حضور النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولهما مزمار ، وفى ذلك إظهار السرور فى الأعياد وهو من شعار الدين ، وفيه قال النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لتعلم يهود أن فى

٩١٣

ديننا فسحة. إنى بعثت بحنيفية سمحاء» ، وأطلع النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عائشة على الأحباش يلعبون بالحراب. وكان أول ما بدأ به يوم العيد الصلاة ، ثم عاد لينحر ، وكان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل ثمرات قبل أن يخرج من البيت إلى المسجد ، ونهى عن الذبح قبل الصلاة ، وقال فى يوم النحر : «هذا يوم يشتهى فيه اللحم ، إن اليوم أكل وشرب». ومن السنّة أن لا يخرج المسلم يوم الفطر حتى يخرج الصدقة ويطعم شيئا قبل أن يخرج ، ووقع أكل النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى العيدين فى الوقت المشروع لإخراج صدقتهما الخاصة بهما ، وإخراج صدقة الفطر يكون قبل الغدو إلى المصلى ، وإخراج صدقة الأضحية بعد ذبحها. وكان النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلى فى الأضحى والفطر ثم يخطب بعد الصلاة ، ولم يكن يؤذن بالصلاة يوم الفطر ولا يوم الأضحى. ويستحب التبكير إلى العيد. ويخرج المسلمون فى أيام العشر يكبّرون ، ولا يكون الذبح إلا بعد أن تشرق الشمس ، ولذلك سميت هذه الأيام بأيام التشريق ، فكانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحى ، أى يقدّدونها ويبرزونها للشمس ، والأيام المعدودات فى الآية : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) (٢٠٣) (البقرة) هى أيام التشريق ؛ والأيام المعلومات فى الآية : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) (٢٨) (الحج) هى أيام العشر. وقيل : المعلومات : الأيام قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة ، والمعدودات : أيام التشريق. وقيل : المعلومات : يوم النحر وثلاثة أيام بعده. والأيام العشر أيام تكبير ، وأيام التشريق أيام أكل وشرب ، ولم يمنع فيها إلا الصيام ، وفيها وقعت محنة الخليل بولده إسماعيل ، ثم منّ عليه الله بالفداء ، فثبت لها الفضل بذلك. وبقية أيام الحج تقع فى أيام التشريق ، كالرمى والطواف وغير ذلك من تتماته. وبعض أيام التشريق هى بعض أيام العشر ، وهو يوم العيد ، وكما أنه خاتمة أيام العشر فهو مفتتح أيام التشريق ، فمهما ثبت لأيام العشر من الفضل شاركتها فيه أيام التشريق. وفى أيام منى كان المسلمون يكبّرون حتى ترتج بتكبيرهم الأسواق ، وكانت النساء يكبّرن فى ليالى التشريق مع الرجال فى المساجد. وكانت بعض النساء يتولين دعوة أخريات للخروج إلى المصلى ، ويخرج الصبيان ، وكان النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب فى الرجال ، ثم يعظ النساء ويأمرهن بالصدقة ، ولم تكن الحيّض يدخلن المساجد. ويستحب للناس جميعا التكبير فى ليلة العيدين ، فى المساجد والمنازل والشوارع والمركبات ، ويبتدئ التكبير يوم عرفة من صلاة الفجر إلى العصر من آخر أيام التشريق ، وصفة التكبير : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد». والتكبير جماعى وليس منفردا. والأصل فى صلاة العيد الكتاب والسنّة والإجماع ، وهى فرض كفاية ، وتكون فى المصلّى ، وتصحّ فى الطرق عند الزحام ، ووقتها : من ارتفاع الشمس إلى قائم الظهر ، ويسن تقديم صلاة عيد

٩١٤

الأضحى ليتسع وقت التضحية ، وتأخير صلاة الفطر ليتسع وقت إخراج صدقة الفطر. ويستحب التطهّر بالغسل للعيد ، والوضوء يجزئ ، ولبس أحسن الثياب ، والتطيّب والتسوّك ، وتخرج النساء إلى المصلى يوم العيد ، ولا أذان ولا إقامة لصلاة العيدين ، وعددها ركعتان ، ويدعى بدعاء الاستفتاح عقب التكبيرة الأولى ، ثم يحمد الله ويثنى عليه ، ويصلّى على النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين كل تكبيرتين ، ويقرأ فى كل ركعة بالفاتحة وسورة ، ويجهر بالقراءة ، ويكبّر سبعا فى الأولى منها تكبيرة الإحرام ، وخمسا فى الثانية ، ورفع اليدين مع التكبير ، ولا قضاء لصلاة العيد. ووقت الخطبة : بعد الصلاة ، وهى كخطبة الجمعة ، إلا أن الخطيب يستفتح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات متواليات ، والثانية بسبع متواليات. ويحضّ الخطيب الناس على صدقة الفطر ويبين أحكامها. والخطبتان سنة.

* * *

١٨٩٤ ـ الصلاة رجالا أو ركبانا

القيام فى الصلاة ـ كما فى القنوت ـ يغلب عليه الوقار والسكينة وهدوء الجوارح ، مع الشعور بالأمن والطمأنينة ، فأما فى حالة الخوف فتختلف الصلاة كما فى الآية : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (٢٣٩) (البقرة) ، فالصلاة لا تسقط بالخوف ، ولا تسقط فى أى حال ، والمصلّى يستطيع الصلاة راجلا على قدميه ، أو راكبا ، إيماء ، أو إشارة بالرأس حيثما توجّه ، وهذه هى صلاة الفذّ ، أى الصلاة الاستثنائية يلجأ إليها المسلم كشكل من أشكال الصلاة إذا ألمّ به الخوف ، أو عجز عن أن يصلى كما يصلى عادة بسبب ظروف طارئة ، كأن يكون فى طائرة ، أو قطار ، أو سيارة عامة ، فيباح له ما تضمنته الآية ، مستقبلا القبلة أو غير مستقبلها ، وتنقص عدد الركعات ، وقيل إن صلاة الخوف لذلك ركعة وليست ركعتين كصلاة المسافر. فإذا ذهب الخوف ، وأمن المصلى ، فليرجع إلى ما أمر به من إتمام أركان الصلاة. وقيل : استشعار الأمان الموجب لإكمال الصلاة لا يكون إلا بالخروج من «دار السفر» إلى «دار الإقامة». وقيل : إن الخائف إذا صلى ركعة آمنا ، ثم استشعر الخوف ، ركب وأكمل الصلاة راكبا ، وإن صلى ركعة راكبا وهو خائف ، ثم أمن أكمل الصلاة. وذكر الله كما فى الآية إنما لشكره على هذه الرخصة ، فالصلاة أصلها الدعاء ، وحالة الخوف الأولى يستعين المصلى فيها بالدعاء ، فلهذا لم تسقط الصلاة بالخوف ، فإذا لم تسقط بالخوف فأحرى ألا تسقط بغيره من مرض أو نحوه ، فالصلاة لا تسقط أبدا على المكلف ، ولا اختلال فى فرضيتها ، والمقصود أن تؤدّى الصلاة كيفما أمكن ، ولا تسقط بحال حتى لو لم يتفق أداؤها إلا بالإشارة بالعين ، وبهذا تميزت صلاة الخوف عن سائر الصلوات والعبادات ، وعن الصلوات والعبادات فى سائر الديانات ، فكل العبادات تسقط بالأعذار وخاصة الخوف ، ويترخص فيها بالرّخص ، إلا

٩١٥

الصلاة ، وصلاة المسلمين بالذات. والصلاة مسألة عظمى فى الإسلام ، وهى إحدى دعائمه ، ولا تجوز النيابة عنها ببدن ولا مال.

* * *

١٨٩٥ ـ القيام فى الصلاة

القيام : أحد أقسام القنوت بقوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) (٢٣٨) (البقرة) ، والمسلمون على القيام فى صلاة الفرض لكل صحيح قادر عليه ، منفردا كان أو إماما. وفى الحديث : «إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا صلى قائما فصلّوا قياما» ، وهو بيان للآية يشرحها ، ويجوز للمأموم الصحيح أن يصلى قاعدا خلف إمام مريض يصلى قاعدا ولا يستطيع القيام ، وفى الحديث : «وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون» ، فإن كلا من الإمام والمأموم يؤدى فرضه على قدر طاقته ، تأسّيا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا صلى فى مرضه الذى توفى فيه قاعدا ، وكان أبو بكر إلى جنبه قائما يصلى بصلاته ، والناس قيام خلفه ، فلم يشر إلى أبى بكر ولا إلى الناس بالجلوس ، وأكمل صلاته بهم جالسا وهم قيام ، فلما انتهى من صلاته ، نبّه كما سبق إلى أن يصلوا جالسين إذا صلى الإمام جالسا ، إلا أن البعض خالف ذلك ، رغم أن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى حديث قد ذكر أن من طاعة الله أن يطيعوا الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومن طاعة الرسول أن يطيعوا الإمام ويتابعوه ، فإذا صلى جالسا يصلون جالسين ؛ وكان أول من أبطل فى هذه الأمة صلاة المأموم قاعدا إذا صلى إمامه جالسا ، المغيرة بن مقسم ، صاحب النخعى ، وأخذ عنه حماد بن أبى سليمان ، ثم أخذ عن حماد أبو حنيفة ، وتابعه أصحابه على ذلك ، وحجّتهم الحديث : «لا يؤمّن أحد بعدى جالسا» ، والحديث مرسل ، وينقضه الحديث الآخر الصحيح : «كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم ، يقومون على ملوكهم وهم قعود ، فلا تفعلوا. ائتموا بأئمتكم ، إن صلّى قائما فصلّوا قياما ، وإن صلّى قاعدا فصلّوا قعودا» أخرجه أبو داود. وقد صحّ أن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم اعتلّ ثلاث مرات ، فمرة حين سقط عن فرسه فجحش شقّه الأيمن ، وكان ذلك فى ذى الحجة آخر سنة خمس من الهجرة ، فصلى بالناس قاعدا وأبو بكر يرفع صوته بالتكبير ليقتدى به الناس ؛ ومرة فى مرضه الذى توفى فيه ، وفى ذلك روايتان ، فرواية تذكر أنه خرج إلى المسجد بين بريرة وثوبة ، وصلى قاعدا خلف أبى بكر ، ورواية تذكر أنه خرج بين رجلين هما العباس وعلىّ ، وصلى أبو بكر بالناس ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خلفه يصلى قاعدا ، غير أن تلك المرة بخلاف السابقة ، وبذلك تكون المرات التى صلى فيها قاعدا ثلاث مرات ، فمن يأخذ بالحديث : «لا يؤمّنّ أحد بعدى جالسا» قد آثر

٩١٦

حديثا منفردا لم يعدّ أن يكون خبرا ، والأصحّ منه الحديث : «وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون».

* * *

١٨٩٦ ـ رخصة الصلاة فى الرحل عند المطر أو المرض

عن ابن عمر : أنه أذّن بالصلاة فى ليلة ذات برد وريح ، ثم قال : ألا صلّوا فى الرحال ، ثم قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يأمر المؤذّن ـ إذا كانت ليلة ذات برد ومطر ، يقول : «ألا صلّوا فى الرحال». والرّحل هو البيت. وصلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى بيت عتبان بن مالك وكان عتبان هذا يؤم قومه وهو أعمى ، فصلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى بيته ليكون بيته مصلّى له لمضرّة الخروج إلى المسجد فى الظلمة وأثناء السيل وهو الضرير البصر.

* * *

١٨٩٧ ـ صلاة الغفلة

هى الخلوة التى بين المغرب والعشاء ، يثوب الناس فيها إلى الصلاة ، وكانوا يصلون فى تلك الساعة ويقولون : «صلاة الغفلة» بين المغرب والعشاء ، والغفلة من غفل أى سها عنه وتركه ، وهى صلاة الغفلة لأنها تكون فى هذا الوقت ، وقت الغفلة.

* * *

١٨٩٨ ـ صلاة المنافقين

النفاق : مشتق من نفقاء اليربوع لأن صاحبه يكتم خلاف ما يظهر ، والمنافق من ستر الكفر بقلبه ، وأظهر الإيمان بلسانه ، وفى الصلاة ينكشف نفاقه ، كقوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) (١٤٢) (النساء) ، وعلامة المنافق فى الصلاة أنه لا يقوم إليها إلا وهو متكاسل متثاقل ، لأنه لا يرجو ثوابا ، ولا يعتقد على تركها عقابا ، وفى الحديث : «إن أثقل صلاة على المنافقين العتمة والصبح» ، لأن العتمة تأتى وقد أتعب المنافقين عمل النهار ، فيثقل عليهم القيام إليها ، وصلاة الصبح تأتى والنوم أحبّ إليهم. ومراءاتهم يتوجهون بها للناس ، يظهرون أنهم يصلون وليسوا يصلون. والدليل الثانى عليهم : عدم ذكرهم لله إلا قليلا ، وفى الحديث : «تلك صلاة المنافقين ، يجلس أحدهم يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرنى الشيطان ، قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا». والنقر يعنى أداء الصلاة فى عجلة كأنه ينقر الأرض نقرا ، وعلى العكس «صلاة المؤمنين» ، فعلامتها الخشوع ، كقوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (١) (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) (٢) (المؤمنون) ، والصلاة التى فيها الخشوع هى التى يشهد لها بالإيمان. والرياء يدخل صلاة الفرض كما يدخل صلاة النفل ،

٩١٧

لأنه تعالى قال : (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى) فعمّ. ووصفهم أكثر فقال : (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) (١٤٣) (النساء) ، والتذبذب التردد ، وترددهم بين الإيمان والكفر ، فلا هم أخلصوا الإيمان ، ولا هم صرّحوا بالكفر ، ومثلهم كما قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مثل المنافق كمثل الشاة العائرة (أى المترددة) بين الغنمين (القطيعين من الغنم) ، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه أخرى».

* * *

١٨٩٩ ـ الصلاة إذا حضر الطعام

فى الحديث : «إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء» ، والحديث : إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضى حاجته منه وإن أقيمت الصلاة» ، وهذا الأمر على الندب عموما فى كل طعام ، لمن كان محتاجا إلى الأكل ، أو كان صائما. وفى هذين الحديثين وغيرهما كراهة الصلاة بحضرة الطعام للجائع ، لما فيه من ذهاب كمال الخشوع ، ويلتحق به فى معناه مما يشغل القلب ، وهذا إذا كان فى الوقت سعة ، فإن ضاق صلّى على جوعه محافظة على حرمة الوقت. وفى مثل ذلك فى حق النائم والناسى. والعلّة فى ذلك تشوّف النفس إلى الطعام ، فينبغى أن يدار الحكم مع علّته وجودا وعدما ، صيانة لحق الحق ، ليدخل الخلق فى عبادته بقلوب مقبلة. ولا ينبغى أن ننسى أن طعام القوم كان شيئا يسيرا لا يقطع عن لحاق الجماعة غالبا.

* * *

١٩٠٠ ـ ليؤمّ الصلاة أكبر المصلّين

فى الحديث عمّن يؤم الصلاة ، قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانت قراءته سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة ، فإن كانوا فى الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سنا» أخرجه مسلم ، والقاعدة أن الأفقه مقدّم على الأقرأ. ويقدّم الأقرأ من حيث كان عارفا بأحوال الصلاة ، فإن كان جاهلا فلا يقدّم. والإمام ليؤتم به ، ويقتضى متابعة المأموم له فى أحوال الصلاة.

* * *

١٩٠١ ـ الصلاة الواحدة تجوز بإمامين

صلى أبو بكر فى مرض الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وحضر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم أثناء الصلاة فاستأخر أبو بكر وتقدّم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان الناس قد صفّقوا وأكثروا التصفيق ليلفتوا سمع أبى بكر وينبّهوه لحضور الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما انتهت الصلاة نبّه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم الناس إلى

٩١٨

أنهم أكثروا التصفيق فقال : من رابه شىء فى الصلاة فليسبّح ، فإنه إذا سبّح التفت إليه ، فإنما التصفيق للنساء» ، وقال : «إذا نابكم أمر فليسبّح الرجال وليصفّح النساء» يعنى يصفّقن. والواقعة فيها جواز الصلاة الواحدة بإمامين أحدهما بعد الآخر ، وأنه إذا غاب الإمام الراتب يستخلف غيره ، وإذا حضر بعد أن دخل نائبه فى الصلاة له أن يتم أو يصير النائب مأموما من غير قطع الصلاة ، ولا يبطل شىء من ذلك صلاة أحد من المأمومين.

* * *

١٩٠٢ ـ إمام العامّة وإمام الفتنة

الإمامة : هى إمامة الصلاة ، وهى أيضا رئاسة الدولة ؛ والصبى فى الإسلام لا إمامة له ولا رئاسة ، وفى حديث ابن عباس : «لا يؤم الغلام حتى يحتلم» ، وفى التنزيل : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) (٥٩) (النور) ، يعنى لا يكلّف الأطفال حتى يبلغوا الحلم ، وبالتبعية لا إمامة لهم فإنما يؤم من له الأمر من البالغين ، والصبى لا يؤم لأن القلم رفع عنه. وكذلك لا رئاسة لإمام العامة ، ولا لإمام الفتنة ، والأول هو الذى يعقد له العامة الرئاسة ، وليس فى الغالب ممن يفقهون ، فيغلب عليه الجهل ، والثانى هو رئيس الفتنة ، أو رئيس «وقت فتنة» ، وهو فى الغالب «خارجى» أى متمرد منشق ، ولا تنعقد الإمامة أو الرئاسة إلا لأحد العالمين أو العاملين من أهل الذكر ، وفى الحديث يقول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا كانوا ثلاثة فليؤمّهم أحدهم ، وأحقّهم بالإمامة أقرؤهم» ، وفى رواية : «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» ، وفى رواية : «ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله» ، والمقصود أن الإمامة والرئاسة لأتقى الناس وأخشاهم لله ، وقارئ كتاب الله هو العالم به ، وكتاب الله المقروء هو القرآن ، والمنظور هو الكون بآياته ، والعلماء أعلم الناس بهذا وبذاك ، وهم لذلك أخشى الناس لله ، وأحقّهم بالإمامة والرئاسة. وطاعة الإمام لا تكون إلا فيما وافق الحق ، فهى ليست طاعة مطلقة ، وقد يؤم الناس البرّ والفاجر. فيجوز الطاعة للفاجر إذا كان صاحب شوكة وترأّس الدولة أو أمّ الصلاة ، وخاف منه الناس ، فلا تعطّل الجماعة بسببه ، ولا تنقسم الأمة بفتنته ، وفى الحديث : «لعلكم تدركون أقواما يصلّون الصلاة لغير وقتها ، فإذا أدركتموهم فصلّوا فى بيوتكم فى الوقت ، ثم صلّوا معهم واجعلوها سبحة» أخرجه النسائى وغيره ، والسّبحة : الصلاة النافلة. وصلاة إمام الفتنة ، وإمام العامة ، ورئاستهما ، غير صحيحة ، لأنهما فاسقان ويتوخيان غير الله ، ولا يحكمان بكتابه ـ يعنى لا علم لهما. وقيل تجوز الطاعة لهما والصلاة خلفهما ، حضّا على تماسك الجماعة ، ولا سيما فى زمن الفتنة ، لئلا يزداد تفرّق الكلمة. ومن أقوال عثمان بن عفان ـ عند ما تحرّج الناس أن يتّبعوا «أئمة الغوغاء

٩١٩

والفتنة» : الصلاة أحسن ما يعمل الناس ، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم ، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم» ، يعنى بذلك جواز إمامة البرّ والفاجر كما فى الحديث : «يصلون لكم ، فإن أصابوا فلكم ، وإن أخطئوا فلكم وعليهم» ، وعلى ذلك تجوز إمامة أو رئاسة صاحب البدعة طالما له شوكة ، كما قيل : صلّوا خلفه وعليه بدعته. وليس ذلك من باب النفاق ولكنه الحرص على الأمة ، وفى زمن ينبغى فيه التحرّز والاحتراس والحذر.

* * *

٩ ـ صلاة الجمعة

* * *

١٩٠٣ ـ فريضة الجمعة وآدابها

من خطبة النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى صلاة أول جمعة فى الإسلام : «واعلموا أن الله قد فرض عليكم الجمعة ، فى مقامى هذا ، فى شهرى هذا ، فى عامى هذا ، إلى يوم القيامة ، فمن تركها فى حياتى أو بعد مماتى وله إمام عادل أو جائر ، استخفافا بها ، أو جحودا لها ، فلا جمع الله شمله ، ولا بارك له فى أمره. ألا ولا صلاة له ، ولا زكاة له ، ولا حجّ له. ألا ولا صوم له ، ولا برّ له ، حتى يتوب ، فمن تاب تاب الله عليه. ألا لا تؤمنّ امرأة رجلا ، ولا يؤم أعرابىّ مهاجرا ، ولا يؤم فاجر مؤمنا ، إلا أن يقهره سلطان يخاف سيفه أو سوطه» أخرجه ابن ماجة.

* * *

١٩٠٤ ـ يوم الجمعة يوم المزيد

فى الحديث عن أنس : أن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبطأ علينا ذات يوم ، فلما خرج قلنا : احتبست! قال : «ذلك أن جبريل أتانى بهيئة المرآة البيضاء ، فيها نكتة سوداء ، فقلت ما هذه يا جبريل؟ قال : هذه الجمعة ، فيها خير لك ولأمّتك ، وقد أرادها اليهود والنصارى فأخطئوها ، وهداكم الله لها ، قلت : يا جبريل ، ما هذه النكتة السوداء؟ قال : هذه الساعة التى فى يوم الجمعة ، لا يواقعها عبد مسلم ، يسأل الله فيها خيرا ، إلا أعطاه إياه ، أو ادّخر له مثله يوم القيامة ، أو صرف عنه من السوء مثله ، وإنه خير الأيام عند الله ، وإن أهل الجنة يسمونه يوم المزيد» ، فذلك قول الله تعالى : (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) (٣٥) (ق). والحديث ضعيف وغالبا موضوع.

* * *

١٩٠٥ ـ الجمعة عيد المسلمين

فى الحديث : «إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين» يقصد الجمعة ، فهو عيد ولكنه يختلف عن الفطر والأضحى ، فلم يلزم من تسمية يوم الجمعة عيدا أن يشتمل على أحكام العيد ، فيوم العيد مثلا يحرم صومه مطلقا ، سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة ،

٩٢٠