مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين

أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري

مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين

المؤلف:

أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار النشر : فرانز اشتاينر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٤

فهجّنهم بذلك وما كان تهجينا فى نصّ القرآن فهو اغلظ مما كان تهجينا فى استعمال العامّة

وسمعت «احمد بن سلمة الكوشانى (١)» وكان من اصحاب «الحسين النجّار» يقول لا ازعم ان البارئ يفعل الجور لأن هذا القول يوهم انه جائر ، وهذا القول منه غلط عندى

ومن «اهل الاثبات» من يقول ان الله يفعل فى الحقيقة بمعنى يخلق وان الانسان لا يفعل فى الحقيقة وانما يكتسب فى التحقيق لأنه لا يفعل الا من يخلق اذ (٢) كان معنى فاعل فى اللغة معنى خالق ولو جاز ان يخلق الانسان بعض كسبه لجاز ان يخلق كل كسبه كما ان القديم لما خلق بعض فعله خلق كل فعله

واتفق «اهل الاثبات» على ان معنى مخلوق معنى محدث ومعنى محدث معنى مخلوق ، وهذا هو الحقّ عندى وإليه اذهب وبه اقول

وقال «زهير الاثرى» و «ابو معاذ التومنى» : معنى مخلوق انه وقع (٣) عن إرادة من الله (٤) وقول (٥) له كن ، وقال كثير من المعتزلة بذلك منهم «ابو الهذيل»

وقد قال قائلون : معنى المخلوق ان له خلقا ولم يجعلوا الخلق قولا على وجه من الوجوه ، منهم «ابو موسى» و «بشر بن المعتمر»

__________________

(١) الكوشانى : فى الاصول بالسين المهملة

(٢) اذ : اذا د

(٤) إرادة من الله : إرادة لله س

(٥) وقولى د

(٣) (١٤ ـ ١٥) راجع ص ١٨٩ ـ ١٩٠ و ٣٦٣ و ٥١٠ مقالات الاسلاميين ـ ٣٥

٥٤١

واختلف الناس فى معنى مكتسب

فقال قوم من المعتزلة : معناه ان الفاعل فعل (١) بآلة وبجارحة وبقوّة مخترعة

وقال «الجبّائى» : معنى المكتسب هو الّذي يكتسب نفعا او ضررا (٢) او خيرا او شرّا (٣) او يكون اكتسابه للمكتسب غيره كاكتسابه للاموال وما اشبه ذلك واكتسابه للمال غيره والمال هو الكسب له فى الحقيقة وان لم يكن له فعلا

والحقّ عندي ان معنى الاكتساب هو ان (٤) يقع الشيء بقدرة محدثة فيكون كسبا لمن وقع بقدرته

واختلف الناس فى معنى قول الله عزوجل : (الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) (٥٧ : ٣) فزعم اكثر الناس ان الآخر معناه ان يكون بعد فناء الدنيا وان الله بعد الخلق فيدخل اهل الجنّة الجنّة ويدخل الكفّار النار (٥) وان اهل الجنّة لا يزالون مثابين ولا يزال الكفّار معاقبين

وزعم (٦) «الجهم بن صفوان» ان معنى الآخر انه لا يزال كائنا موجودا ولا شيء سواه ولا موجود غيره وان الجنّة والنار تفنيان ويبيد من فيهما ويفنى

__________________

(١) فعل : لعله يفعل

(٢) او ضررا د وضررا ق س وضرا ح

(٣) وخيرا وشرا ح

(٤) هو ان : ان ح

(٥) النار ق فى النار د س ح

(٦) (١٤ ـ ١٦) راجع ص ١٤٨ ـ ١٤٩ و ١٦٤ و ٢٧٩ و ٤٧٤

٥٤٢

وزعمت (١) «البطيخية» ان اهل الجنّة فى الجنّة يتنعّمون وان اهل النار فى النار يتنعّمون بمنزلة دود الخلّ يتلذّذ بالخلّ ودود العسل يتلذّذ بالعسل

وقال «ابو الهذيل» (٢) ـ وقد حكينا قوله قبل هذا الموضع ـ ان اهل الجنّة تنقطع حركاتهم فيسكنون سكونا دائما ويكونون سكونا بسكون باق (٣) متلذّذين بلذّات باقية

وزعم بعض المعتزلة ان معنى ان الله هو الآخر انه الباقى

وقال من مال الى انه لا شيء الا موجود ان معنى الاول انه لم يزل كائنا ولا شيء سواه وان الاشياء لو كانت تعلم اشياء غير كائنة لم يصحّ ان البارئ هو الاول اذ كان لا يصحّ الوصف له بأنه موجود الا وهو عالم باشياء غير كائنة ، وقال من خالفهم ان حقيقة الاول انه لم يزل موجودا (٤) ولا شيء سواه موجود وان كانت الاشياء يعلمها اشياء غير كائنة

القول فى البارئ انه كامل

كان «الجبّائى» لا يزعم ان البارئ يوصف بأنه كامل لأن الكامل هو من (٥) تمّت خصاله وابعاضه ولأن الكامل فى بدنه هو الّذي قد تمّت ابعاضه وكذلك الكامل فى خصاله من تمّت خصاله منّا نحو كمال الرجل

__________________

(٣) بسكون باق : بسكون س

(٤) موجود موجودا د

(٥) هو من : من س

(١) (١ ـ ٣) راجع ص ٤٧٥ : ٣ ـ ٤

(٢) (٤ ـ ٦) راجع ص ١٦٣ وص ٤٧٥ : ١ ـ ٢

٥٤٣

فى علمه وعقله ورأيه وقوله (١) وفصاحته فلما كان الله عزوجل لا يوصف بالابعاض لم يجز ان يوصف بالكمال فى ذاته ولا بالنقصان ولما لم يجز ان يشرف بافعاله (٢) لم يجز ان يوصف بالكمال (٣) فى ذاته من جهة (٤) الافعال وكذلك لا يوصف بأنه وافر لأن معنى ذلك كمعنى الكامل وكذلك لا يقال تامّ لان تأويل التامّ والكامل واحد

وقال : لا يجوز ان يوصف بالشجاعة لأن الشجاعة هى (٥) الجرأة على المكاره وعلى الامور المخوفة

وكان يزعم ان الوصف لله سبحانه بأنه مختار معناه انه مريد اذ لم يكن ملجأ الى ما اراده ولا مكرها ولا مضطرّا إليه والإرادة هى الاختيار وكذلك القول فى ان الانسان مختار عنده وان الاختيار غير المختار كما ان الإرادة غير المراد وان اختيار الله للانبياء هو اختياره لارسالهم وهو ارادته لذلك ، وزعم ان معنى الاصطفاء من الله للانبياء برسالته هو اختصاصه اياهم بها وليس (٦) معنى الاصطفاء معنى الاختيار لأن كل ما يريده (٧) الانسان من غير ان يلجأ إليه فهو مختار [له] كما يكون مختارا (٨) للأكل والشرب ولا يكون مصطفيا (٩) لذلك ، وزعم ان الإرادة ليس هى الضمير وان الضمير محلّ الإرادة

__________________

(١) وقوله : وقوته د

(٢) لم يجز ان يوصف ... بافعاله : ساقطة من ح

(٣) بالكمال : كذا فى الاصول

(٤) من جهة د من ق س ح

(٥) هى : هو د ح

(٦) معنى الاصطفاء ... وليس : ساقطة من ح

(٧) يريده د يريد ق س ح

(٨) مختارا : مختار د ق

(٩) مصطفى ح

٥٤٤

وزعم ان معنى ان الله يمتحن عباده ويختبرهم هو انه (١) يكلّفهم وذلك توسّع وانما معنى ذلك انه يكلّفهم طاعته فلذلك لم يجز ان يقال يجرّبهم (٢) وكذلك معنى يبتلى انه يكلّفهم

فاما (٣) الترك فقد اختلف الناس فى ذلك

فجوّز قوم على الله سبحانه الترك وانه اذا فعل شيئا فقد ترك بفعل الشيء فعل ضدّه

وقد قال «الحسين» بالترك وان البارئ لم يزل تاركا

وقال قائلون : لا يجوز على البارئ الترك وليس للترك منه معنى كما لا يجوز عليه كفّ النفس ومنعها وكما لا يوصف بالامتناع والكفّ (٤)

القول (٥) ان البارئ لم يزل خالقا

قال اكثر اهل الكلام : لا يجوز اطلاق ذلك

وقال قائلون : قد يجوز ان يقال : لم يزل البارئ خالقا على ان سيخلق

وقال قائلون : (٦) لم يزل البارئ خالقا على اثباته لم يزل خالقا فى الحقيقة ، وهذا قول بعض «الرافضة»

__________________

(١) هو انه : انه د ق س

(٢) يجربهم ح يحزيهم ق يحريهم د س

(٤) والكف ح وبكف النفس د وبكف الناس ق س

(٥) والقول د س

(٦) لم يزل ... قائلون : ساقطة من س

(٣) راجع ص ٣٧٧ : ٤ ـ ٧

٥٤٥

شرح (١) (٢) قول «عبد الله بن كلّاب»

قال «عبد الله بن كلّاب» ان الله سبحانه لم يزل قديما باسمائه وصفاته وانه لم يزل عالما قادرا حيّا سميعا بصيرا عزيزا جليلا كبيرا عظيما جوادا متكبّرا واحدا احدا صمدا فردا (٣) باقيا أوّلا سيّدا مالكا ربّا رحمانا مريدا كارها محبّا مبغضا راضيا ساخطا (٤) مواليا معاديا قائلا متكلّما بعلم وقدرة وحياة وسمع وبصر وعزّة وجلال وعظمة وكبرياء وكرم وجود وبقاء وإلهيّة ورحمة وإرادة وكراهة وحبّ وبغض ورضى وسخط وولاية وعداوة وكلام ، وان ذلك من صفات الذات وان صفات الله سبحانه هى اسماؤه وانه لا يجوز ان توصف الصفات بصفة ولا تقوم بأنفسها وانها قائمة بالله ، وزعم انه موجود لا بوجود وانه شيء لا بمعنى له كان (٥) شيئا وان صفاته لا هى هو ولا غيره وكذلك القول فى (٦) الصفات انها لا تتغاير كما (٧) انها ليست بغيره وان العلم لا هو القدرة ولا غيرها وكذلك سائر الصفات وقال بعض اصحابه : الصفات لا يقال هى هو ولا يقال غيره وكذلك لا يقال كل صفة هى الاخرى ولا يقال غيرها ومنعوا العبارة الاولى

وقال قائلون ان البارئ سبحانه ليس بغير صفاته وصفاته متغايرة ، قول «حارث» (٨)

__________________

(١) وشرح ح س

(٣) فردا صمدا ح

(٤) ساخطا راضيا س

(٥) له كان د كان له ق س ح

(٦) القول فى : فى ح

(٧) كما : وكما ق س

(٨) قول حارث : قول حادث د ح

(٢) راجع ص ١٦٩ ـ ١٧١

٥٤٦

واختلف اصحاب عبد الله بن كلّاب فى القديم انه قديم

فقال بعضهم : هو قديم بقدم ، وقال بعضهم : هو قديم لا بقدم كما ان المحدث محدث لا باحداث

واختلفوا فى الصفات هل هى اشياء (١) أم لا

فاثبت بعضهم الصفات اشياء ، ومنع ذلك بعضهم وقال : اذا قلت شيء (٢) بصفاته استغنيت عن ذلك ، وكذلك قال بعض اصحابه ان الصفات قديمة ، ومنع بعضهم ان يقال قديمة او حديثة لأنّا (٣) اذا قلنا قديم استغنينا عن ذلك

وزعم (٤) انه لم يزل راضيا عمن يعلم انه يموت مؤمنا وان كان اكثر عمره كافرا ساخطا على من يعلم انه يموت كافرا وان كان اكثر عمره مؤمنا ، وإرادة الله سبحانه لكون (٥) الشيء هى الكراهة (٦) ان لا يكون

وقال (٧) «سليمان بن جرير» : علم الله سبحانه لا هو الله ولا هو غيره ووجهه هو هو وعلمه شيء وقدرته شيء ولا اقول : صفاته اشياء

__________________

(١) اشياء د شى ق س ح

(٢) شيئا ق س

(٣) لانا : لانها د

(٥) لكون : ليكون ح

(٦) الكراهية س ح

(٤) (٩ ـ ١١) راجع الفصل ٤ ص ٢١٩

(٧) (١٣ ـ ١٤) راجع ص ٧٠ وص ١٧١ : ٦ وص ٥٢٢ : ٥

٥٤٧

وقال (١) «ابن كلّاب» فى الوجه والعين واليدين (٢) انها صفات لله (٣) لا هى الله ولا هى (٤) غيره كما قال فى العلم والقدرة غير انه ثبّت (٥) هذا خبرا

القول فى ان الله سبحانه قادر

قد اختلف المتكلمون فى ذلك (٦) اختلافا كثيرا فمما اختلفوا فيه القول (٧) هل يوصف البارئ بأنه قادر على الاعراض

فقال المسلمون كلهم اجمعون الا «معمّرا» ان الله قادر على الاعراض والحركات (٨) والسكون والالوان والحياة والموت والصحّة والمرض والقدرة والعجز وسائر الاعراض (٩)

وقال «معمّر» بالتعجيز لله وانه لا يوصف القديم بأنه قادر الا على الجواهر واما الاعراض فلا يجوز ان يوصف بالقدرة عليها وانه ما خلق حياة ولا موتا ولا صحّة ولا سقما ولا قوّة ولا عجزا ولا لونا ولا طعما ولا ريحا وان ذلك اجمع فعل الجواهر بطبائعها (١٠) ، وان من قدر على الحركة قدر ان يتحرّك ومن قدر على السكون قدر ان يسكن كما ان من قدر على الإرادة قدر ان يريد ، وان البارئ قد يريد ويكره وذلك قائم به لا فى مكان وكذلك تحريكه (١١) وتسكينه (١٢) قائم به وهو

__________________

(٢) والعين واليدين ح

(٣) لله : الله د

(٤) ولا هى : ولا ح

(٥) ثبت : ثبت د

(٦) فقد اختلف فى ذلك المتكلمون فمما ح

(٨) وعلى الحركات د

(٩) الاعراض : الصفات ق س

(١٠) بطباعها ق

(١١) تحريكه ق يحركه د س ح

(١٢) وتسكينه ح وتسكينه د ق س

(١) (١ ـ ٢) راجع ص ٢١٧ ـ ٢١٨

(٧) (٥) راجع ص ١٩٨ ـ ١٩٩ واصول الدين ص ٨٣ ـ ٨٤

٥٤٨

ارادته ، فيقال له : اذا قلت ان البارئ قادر على التحريك (١) والتسكين فقل قادر على ان يتحرّك ويسكن فان كان من قدر (٢) على تحريك غيره وتسكينه لا (٣) يوصف بالقدرة ان يتحرّك فكذلك من وصف بالقدرة على حركة غيره لا يوصف بالقدرة على ان يتحرّك

وخالف «اهل الحقّ» اهل القدر و «معمّرا» فى ذلك فقالوا : قد يوصف القديم بالقدرة (٤) على إنشاء الحركة ولا يوصف بالقدرة على التحرّك (٥)

واختلف (٦) الناس أيضا فى القول هل يقدر القديم على ما اقدر عليه عباده او (٧) لا يجوز ذلك

فقال «إبراهيم» و «ابو الهذيل» وسائر المعتزلة والقدرية الا «الشحّام» : لا يوصف البارئ بالقدرة على شيء يقدر عليه عباده ومحال ان يكون مقدور واحد (٨) لقادرين

وقال «الشحام» ان الله يقدر على ما اقدر عليه عباده وان حركة واحدة مقدورة تكون مقدورة (٩) لقادرين لله وللانسان فان فعلها القديم كانت اضطرارا وان فعلها المحدث كانت اكتسابا وانّ كل واحد منهما يوصف بالقدرة على ان يفعل وحده لا (١٠) على ان القديم يوصف

__________________

(٢) على ... قدر : ساقطة من ق س ح

(١) التحريك : فى الاصل التحرك

(٣) لا : ولا ح والواو زادها المصحح

(٤) ومعمرا ... بالقدرة : ساقطة من ح

(٥) على التحرك : على التحرك ولا يوصف بالقدرة على إنشاء الحركة

(٧) او : أم ح

(٨) فى الاصول : مقدورا واحدا

(٩) مقدورة : مقدور س

(١٠) لا : ولا د

(٦) (٧ ـ ٨) هل يقدر الخ : راجع ص ١٩٩

٥٤٩

بالقدرة على ان تكون الحركة فعلا له وللانسان ولا يوصف الانسان بالقدرة على ان تكون الحركة فعلا له والقديم ولكن يوصف البارئ بأنه قادر ان يخلقها ويوصف الانسان (١) بأنه قادر ان يكتسبها

وقال «اهل الحقّ والاثبات» : لا مقدور الا والله سبحانه عليه قادر (٢) كما انه لا معلوم الا والله به عالم وما بين ان يكون مقدور (٣) لا يوصف الله سبحانه بالقدرة عليه وبين ان يكون معلوم (٤) لا يعلمه فرقان

واختلفت (٥) المعتزلة هل يجوز ان يقدر الله سبحانه على جنس ما اقدر عليه عباده او (٦) لا يوصف بالقدرة على ذلك

فقال «البغداذيون» من المعتزلة : لا يوصف البارئ بالقدرة على فعل عباده ولا على شيء هو من (٧) جنس ما اقدرهم عليه ولا يوصف بالقدرة على ان يخلق ايمانا لعباده يكونون به مؤمنين وكفرا لهم يكونون به كافرين وعصيانا لهم يكونون به عاصين وكسبا يكونون به مكتسبين ، وجوّزوا الوصف له بالقدرة على ان يخلق حركة يكونون بها متحرّكين وإرادة يكونون بها مريدين وشهوة يكونون بها مشتهين ، وزعموا ان الحركة التى يفعلها الله عزوجل مخالفة للحركة التى يفعلها الانسان (٨)

__________________

(١) بأنه ... الانسان : ساقطة من ح

(٢) قادر عليه ح

(٣) مقدور د مقدورا ق س ح

(٤) معلوم : فى الاصول معلوما

(٦) او د أم ق س ح

(٧) هو من د هو ق س ح

(٨) مخالفة ... الانسان : ساقطة من د ق س والجملة فى ح بالهامش

(٥) (٧ ـ ٨) راجع ص ١٩٩ ـ ٢٠٠

٥٥٠

وان الانسان لو اشبه فعله فعل الله لكان مشبها لله عزوجل ، ولم يصف كثير منهم البارئ بالقدرة على ان يخلق معرفة بنفسه يضطرّ عباده إليها

وقال «محمد بن عبد الوهّاب الجبّائى» وكثير من المعتزلة ان البارئ سبحانه قادر على ما هو من جنس ما اقدر عليه عباده من الحركات والسكون وسائر ما اقدر عليه العباد ، وانه قادر على ان يضطرّهم الى ما هو من جنس ما اقدرهم عليه والى المعرفة به سبحانه

وكان لا يصف ربّه بالقدرة على ان يخلق ايمانا يكونون به مؤمنين وكفرا يكونون به كافرين وعدلا يكونون به عادلين وكلاما يكونون به متكلّمين لأن معنى متكلّم انه فعل الكلام عنده وكذلك القول فى سائر ما ذكرناه من العدل والجور عنده وكذلك يحيل ذلك فى كل شيء يوصف به الانسان ، ومعنى ذلك انه فاعل ممّا اشتقّ له الاسم منه

وقال «ابو الهذيل» : لا تشبه افعال (١) الانسان فعل (٢) البارئ على وجه من الوجوه ، وكان لا يصف الاعراض بأنها تشتبه (٣)

وقال «اهل الحقّ والاثبات» ان البارئ قادر على ان يخلق ايمانا يكون عباده به مؤمنين وكفرا يكونون به كافرين وكسبا يكونون به مكتسبين وطاعة يكونون بها مطيعين ومعصية يكونون بها عاصين

__________________

(١) افعال : دين ق

(٢) فعل : افعال ح

(٣) تشبه ح

٥٥١

وانكر اكثر اهل (١) الاثبات ان يكون البارئ موصوفا بالقدرة على ان يضطرّ عباده الى ايمان يكونون به مؤمنين وكفر (٢) يكونون به كافرين وعدل (٣) يكونون به عادلين (٤) وجور (٥) يكونون به جائرين

وقال (٦) «ابو الهذيل» ان البارئ يضطرّ عباده فى الآخرة الى صدق يكونون به صادقين وكلام يكونون به متكلمين ، فيلزمه ان يجوّز القدرة ان يضطرّهم الى كفر يكونون به كافرين وجور يكونون به جائرين والا كان مناقضا

فاما انا فأقول ان كل ما وصف بالقدرة على ان يخلقه كسبا لعباده فهو قادر ان يضطرّهم إليه وجائز ان يضطرّهم الله سبحانه (٧) الى الجور و «المعتزلة» يصفون البارئ سبحانه بالقدرة على ان يلجئ العباد الى فعل ما اراده (٨) منهم

وانكر «محمد بن عيسى» ذلك وقال : لو الجأهم لم يكونوا مؤمنين وكذلك لو الجأهم الى العدل لم يكونوا عادلين (٩) وكذلك لو الجأهم الى الكفر لم يكونوا كافرين لأنهم امروا ان يأتوا بالايمان طوعا وان يتركوا الكفر طوعا فاذا اتوا به كرها وتركوا الكفر كرها لم يكونوا مؤمنين

__________________

(١) اكثر اهل د اهل ق س ح

(٢) وكفر : فى الاصول وكفرا

(٣) وعدل : فى الاصول وعدلا

(٤) به عادلين : عادلين د

(٥) وجور : فى الاصول وجورا

(٧) يضطرهم الله سبحانه : يضطرهم ح

(٨) اراده : اراد س

(٩) وكذلك ... عادلين : ساقطة من ق س ح

(٦) (٤ ـ ٥) قابل كتاب الانتصار ص ٧٠ والفرق ص ١٠٤ ـ ١٠٥ والملل ص ٣٥

٥٥٢

وكان يقول : اذا فعل الله سبحانه علما كان غيره به عالما وكذلك كل علم يفعله فغيره به عالم وكذلك القول فى كل شيء (١) يفعله فكان (٢) غيره موصوفا به ، وكذلك اذا فعل شهوة فغيره بها مشته وكل شهوة يفعلها فغيره بها (٣) مشته واذا فعل عدلا فهو (٤) به عادل وكل (٥) عدل يفعله فهو به عادل ولا يوصف البارئ بأنه قادر ان يخلق جورا لغيره ، وعن غيره (٦) (؟) ان البارئ قادر على جور غيره وايمان غيره وكفر غيره فقوله ان الله سبحانه قادر كلام صحيح وقوله : على جور غيره وايمان غيره (٧) وقول (٨) غيره خطأ ، وكذلك لا يجوز ان (٩) يقال ان البارئ قادر على خلق كسب غيره ولا يقال انه قادر (١٠) ان يخلق كسب غيره والقول فى هذه المسألة : قادر صواب والقول انه يخلق كسب غيره (١١) و : على كسب غيره خطأ

وكان (١٢) يقول ان البارئ قادر على الجور ولا اقول : قادر ان يجور ، ولم يزل قادرا على الفعل ولا اقول : لم يزل قادرا على ان يفعل لأن القول : قادر ان يفعل اخبار (١٣) انه قادر وانه يفعل كالقول عالم انه (١٤) يفعل وزعم ان العدل ما فعله الله سبحانه والجور هو ما لم يفعله (١٥) وانه

__________________

(١) كل شيء : شيء س

(٢) فكان د وكان ق س ح

(٣) مشته ... بها : محذوفة فى ق س ح

(٤) فهو : هو د

(٥) فكل د

(٦) وعن غيره : لعله : ومن زعم او : وزعم عباد ان من قال (؟؟)

(٧) وايمان غيره : وايمان س ق

(٨) وقول : لعله وقوله (؟)

(٩) لا يجوز ان د لا ق س ح

(١٠) انه قادر : قادر د ق س

(١١) كسبا لغيره ح

(١٣) اخبارا ق

(١٤) عالم انه ق عالم ان د س ح

(١٥) يفعله ح يفعل د ق س

(١٢) راجع ص ٢٠٠ : ٧ ـ ٩ وقابل ص ٢٠٣ ـ ٢٠٤

٥٥٣

لا يوصف البارئ سبحانه بأنه قادر على عدل لم يفعله ، واعتلّ بأنه لو جاز ان يفعل البارئ ما هو عدل لجاز ان يفعل ما هو جور ، وكان يعارض من قال ان القادر على الفعل قادر ان يفعل

وكان «معمّر» يقول (١) ان القادر على الحركة قادر (٢) ان يتحرّك ، وكان يقول : لما (٣) قلتم انه يقدر على الحبل من لا يقال انه قادر ان يحبل كذلك (٤) قادر على الجور من لا يقال انه قادر (٥) ان يجور ، وكان يعارض «أبا الهذيل» فيقول له : (٧) اذا قدر القديم على الصدق فيجب ان يكون قادرا على ان يصدق وهذا يوجب ان يكون قادرا على ان يصدق اهل الجنّة

وقال (٦) كل من ثبّت البارئ قادرا على الظلم والجور (٨) من المعتزلة ان البارئ قادر ان يظلم ويجور

وقال «اهل الاثبات» ان البارئ قادر على ظلم غيره وجوره وايمانه وكسبه ولا يوصف بالقدرة على ان يظلم ويجور ولا بالقدرة على ان يكتسب ، ولم يصفوا ربّهم بالقدرة على ظلم لا يكتسبه العباد الا طوائف منهم فانهم قالوا ان الله قادر ان يضطرّ العباد الى ظلم وجور (٩) ولا جور فى العالم ولا ظلم فيه الا والله سبحانه فاعل لذلك

__________________

(١) وكان يقول معمر د

(٢) قادر : استدرك ناسخ نسخة ح «غير» بين السطرين

(٣) لما : كذا فى الاصول ثم حك ناسخ نسخة ق الألف وكتب لم

(٤) كذلك : لعله فقولوا (؟)

(٥) انه قادر : قادر د ق

(٧) له : انه ح

(٨) والجور : محذوفة فى ح

(٩) جور وظلم د

(٦) (١٠ ـ ١١) راجع ص ٢٠٠ : ٥ ـ ٦

٥٥٤

وقال (١) «النظّام» واصحابه و «على الاسوارى» و «الجاحظ» وغيرهم : لا يوصف الله سبحانه بالقدرة على الظلم والكذب وعلى ترك الاصلح من الافعال الى ما ليس باصلح وقد يقدر على ترك ذلك الى امثال له لا نهاية لها مما يقوم مقامه ، واحالوا ان يوصف البارئ بالقدرة على عذاب المؤمنين والاطفال والقائم فى جهنّم

وقال (٢) «ابو الهذيل» ان الله سبحانه يقدر (٣) على الظلم والجور (٤) والكذب وعلى ان يجور ويظلم ويكذب فلم يفعل ذلك لحكمته ورحمته ومحال ان يفعل شيئا من ذلك

وقال «ابو موسى» وكثير من المعتزلة ان الله سبحانه يقدر على الظلم والكذب ولا يفعلهما ، فاذا قيل : فلو فعلهما؟ قالوا : لا يفعلهما اصلا وهذا الكلام قبيح لا يحسن اطلاقه فى رجل من صلحاء المسلمين فكذلك لا يطلق فى الله عزوجل وليس بجائز ان يقول قائل : لو زنى ابو بكر وكفر عليّ كيف يكون القول فيهما؟ وقد علمنا ان الله سبحانه لا يظلم بالدلائل فلذلك (٥) نستقبح القول : لو فعل الظلم ، وكان «ابو موسى» اذا جدّد القول عليه قال : (٦) لو ظلم مع وجود الدلائل على انه لا يظلم لكانت (٧) تدلّ دلائل على انه يظلم وكان يكون ربّا إلها

__________________

(٣) يقدر : كذا فى ح تصحيحا وفى سائر الاصول لا يقدر ولعله قد يقدر

(٤) الجور والظلم ح

(٥) فلذلك : فكذلك ح

(٦) عليه القول ح

(٧) لكانت : كانت ح

(١) (١ ـ ٥) راجع ص ٢٠٠ و ٢٥٠ : ١ ـ ٢ وكتاب الانتصار ص ١٧ ـ ١٨ و ٢٣ ـ ٢٤ و ٢٦ و ٤٣ و ٤٤ و ٤٩ و ١٢٩ والفرق ص ١١٥ ـ ١١٦ والفصل ٣ : ١٦٤ ـ ١٦٥ والملل ص ٣٧

(٢) (٦ ـ ٨) راجع ص ٢٠٠ : ١٢ ـ ١٥ وكتاب الانتصار ص ٩ : ١٣

٥٥٥

قادرا ظالما ، قالوا : فاما الجهل فالقول فيه على وجهين : ان اراد السائل بالجهل الافعال التى تسمّى جهلا فالقول فيه كالقول فى الظلم والكذب وان اراد جهل الذات بالاشياء على معنى (١) انها تخفى عليه فنحن لم نقل انه قادر على اضداده

وكان (٢) «بشر بن المعتمر» اذا سئل فقيل له : (٣) هل يقدر الله سبحانه ان يعذّب الطفل؟ قال : نعم ولو عذّبه لكان كافرا بالغا مستحقّا للعذاب

وكان (٤) (٥) «ابو الهذيل» اذا قيل له : فلو فعل الله الظلم؟ قال : محال ان يفعله

وكان (٦) «محمد بن شبيب» يقول : يقدر الله ان يظلم ويجور ويكذب ولكن الظلم والكذب لا يكونان الا ممن به آفة فعلمت انه لا يكون من الله عزوجل ، واعتلّ بان الله سبحانه لو خبّرنا انه لا يدخل هذه الدار الا حمار وكان الانسان قادرا على دخولها لم تكن قدرته على ذلك قدرة على ان يكون حمارا ، فكذلك الجور لا يكون الا من منقوص وليس قدرة البارئ على الجور قدرة على ان يكون منقوصا

وقال (٧) بعض المتكلمين : يقدر الله ان يفعل (٨) الظلم (٩) وخلافه والصدق وخلافه ، قال فان قائل قائل : أفمعكم امان من ان (١٠) يفعله؟ (١١)

__________________

(١) على معنى : معنى س

(٣) فقيل له : فقيل ح

(٤) وكان : فكان ق

(٨) ان يفعل : تفعل س

(٩) الظلم : لعله العدل كما مر ص ٢٠١ : ١٣

(١٠) ان : كذا فيما مر ص ٢٠١ : ١٥ وهنا فى الاصول : انه

(١١) يفعل ق

(٢) (٥ ـ ٦) راجع ص ٢٠١ : ٧ ـ ٩

(٥) (٧ ـ ٨) راجع ص ٢٠٠ : ١٢ ـ ١٥

(٦) (٩ ـ ١١) راجع ص ٢٠١ : ١٠ ـ ١٢

(٧) (١٥ ـ ص ٥٥٧ : ١٥) راجع ص ٢٠١ ـ ٢٠٢

٥٥٦

قلنا : (١) نعم هو ما اظهر من حكمته وادلّته على نفى الظلم والجور والكذب ، فان قيل : أفيقدر مع الدليل ان يفعل الظلم والكذب؟ قال : نعم يقدر (٢) مع الدليل ان يفعل مفردا من الدليل لا بأن نتوهّم الدليل دليلا والظلم واقعا لأن فى توهّمنا الدليل دليلا علما (٣) بأن الظلم لا يقع واذا قلت يفعل الظلم توهّمت (٤) الظلم واقعا وعلم [ت] ه كائنا مع علمك انه غير كائن ومحال ان يجتمع العلم والتوهّم بوقوعه [والعلم] والتوهّم بأنه غير واقع فلم يجز اجتماع هذين التوهّمين وهذين العلمين فى قلب واحد ، قال ونظير ذلك ان قائلا لو قال : يقدر من اخبر الله انه لا يؤمن على الايمان؟ قيل له : (٥) يقدر مع وجود الخبر ان يفعل الايمان ولا (٦) بأن نتوهّم وقوع الايمان ووجود الخبر ولكن على ان نتوهّم وقوع الايمان مفردا (٧) من وجود الخبر ، والى هذا القول كان يذهب «جعفر بن حرب»

وذهب الى هذا القول «البلخى» وزعم ان الظلم لو وقع لكانت العقول بحالها ولكن الاشياء التى يستدلّ بها (٨) العقول كانت تكون غير هذه الاشياء الدالّة يومنا هذا وكانت تكون هى هى ولكن على خلاف هيئاتها ونظمها واتّساقها التى هى عليه (٩) اليوم (١٠) وكان (١١) «الاسكافى» يقول : يقدر الله سبحانه على الظلم ولا يقع (١٢)

__________________

(١) قلنا ق قال د س ح

(٢) يقدر : هو يقدر ق

(٣) علما : فى الاصول علم

(٤) توهمت د توهمنا ق س ح

(٥) قيل له : قيل ح

(٦) ولا : لعل الواو زائدة

(٧) مفردا ح منفردا د ق س

(٨) بها : ساقطة من ح

(٩) التى هى عليه : كذا فى الاصول كلها

(١٠) اليوم : ساقطة من ح

(١٢) ولا يقع : ساقطة من د ق س

(١١) (١٦ ـ ص ٥٥٨ : ٦) راجع ص ٢٠٢ مقالات الاسلاميين ـ ٣٦

٥٥٧

لأن الاجسام تدلّ بما فيها من العقول والنعم التى انعم بها على خلقه ان الله لا يظلم والعقول تدلّ بانفسها (١) على ان الله سبحانه ليس بظالم وانه ليس يجوز ان يجامع [الظلم] ما دلّ لنفسه على ان الظلم لا يقع منه ، فاذا قيل له : فلو وقع الظلم منه كيف كانت تكون (٢) القصّة؟ (٣) قال : يقع والاجسام (٤) معرّاة من العقول التى دلّت بأنفسها وبعينها (٥) على انه لا يظلم

وكان (٦) «الفوطى» (٧) و «عبّاد» اذا قيل لهما : فلو فعل الظلم (٨) كيف كانت تكون القصّة؟ احالا هذا القول وقالا : ان (٩) اراد القائل بقوله لو الشكّ فليس عندنا شكّ فى انه لا يظلم وان اراد القائل بقوله او النفى فقد قال ان الله لا يظلم ولا يجور

القول (١٠) فى ان الله قادر على ما علم انه لا يكون

قال اكثر المنتحلين للتوحيد ان الله قادر على ما علم انه لا يكون واخبر انه لا يكون ، فاذا قيل لهم : فلو فعل ذلك؟ اختلفوا فى الجواب فقال اكثرهم : لو فعل ذلك لكان عالما انه يفعله فلم يكن الخبر بأنه لا يفعله سابقا ولكن (١١) الخبر بأنه يفعله سابقا

__________________

(١) بانفسها : بما فيها ح

(٢) كانت تكون : كان س

(٣) القصة : القضية ح

(٤) والاجسام : الاجسام ح

(٥) وبعينها : فى ص ٢٠٢ : ١٤ واعينها وهو اشبه بالصواب

(٧) القرطى د

(٨) فلو فعل الظلم : محذوفة فى ق س ح

(٩) احالا ... ان : قالا ليس عندنا شك فى انه لا يظلم وان ح

(١١) ولكن : لعله ولكن كان ، او : ولكان (؟)

(٦) (٧ ـ ١٠) راجع ص ٢٠٢ : ٢٠٣

(١٠) (١١ ـ ١٥) راجع ص ٢٠٣

٥٥٨

وكان (١) «على الاسوارى» يحيل [ان يقرن] القول (٢) ان الله يقدر (٣) على الشيء ان يفعله بالقول انه عالم انه لا يكون وانه قد اخبر انه لا يكون واذا افرد احد القولين من الآخر كان الكلام صحيحا وقيل ان الله سبحانه قادر على ذلك الشيء ان يفعله

وقال (٤) «سليمان بن جرير» : ان قال قائل : تقولون ان الله قادر على فعل ما علم انه لا يفعله؟ قلنا : هذا كلام له وجهان : ان كنتم تعنون ما جاء (٥) به الخبر انه (٦) لا يفعله فلا يجوز القول يقدر عليه [ولا لا يقدر عليه] لأن القول بذلك محال ، واما ما (٧) لم يجيء [به] خبر (٨) فان كان مثل ما فى العقول دفعه عن الله ان يوصف به وانّ من وصفه (٩) به محيل فالجواب فى ذلك مثل الجواب فيما جاء به الخبر من احالة القولين ، واما ما لم يجيء به (١٠) خبر وليس فى العقول ما يدفعه فان القول انه يقدر على ذلك جائز وانما جاز ذلك لجهلنا بالمغيب منه وانه (١١) ليس فى عقولنا ما يدفعه وانّا قد رأينا مثله مخلوقا ، فان قالوا فيعلم البارئ انه قادر على فعل ما علم انه لا يفعله؟ قيل : (١٢) لهذا وجهان ان كنتم تعنون انه يعلم انه لا يفعله وانه يقدر على فعل ما علم انه لا يفعله والعلم موجود بأنه لا يفعله فالسؤال فى هذا محال ، وان كنتم تعنون انه قادر على فعل ما علم انه لا يفعله

__________________

(٢) القول : ساقطة من د

(٣) الله يقدر س يقدر الله د ق ح

(٥) بما جاء د

(٦) انه : بانه ح

(٧) واما ما : واما د

(٨) خبر : خبرا س

(٩) وصفه : وصف ق

(١٠) يجيء به : يجيء فيه س

(١١) منه وانه : فى ص ٧٢ : ١٣ فيه ولانه

(١٢) قيل ح قيل له د ق س

(١) (١ ـ ٤) راجع ص ٢٠٣ : ١٠ ـ ١٣

(٤) (٥ ـ ١٣) راجع ص ٧١ ـ ٧٢

٥٥٩

على معنى انه لو فعله كان هو المعلوم وان القدرة عليه جائزة لو كان المعلوم انه كائن فقد نقول انه قادر على فعل ما علم انه لا يفعله على هذا المعنى

وقال (١) «عبّاد» : ما علم الله (٢) انه لا يكون لا اقول انه قادر على ان (٣) يكون ولكن اقول : قادر عليه كما اقول : الله عالم به ولا اقول : عالم بأن (٤) يكون لأنّ اخبارى بأن الله قادر على ان يكون ما علم (٥) انه لا يكون اخبار انه يقدر وانه يكون وكذلك (٦) الجواب فيما اخبر الله انه لا يكون عنده ، وكان اذا قيل له : فلو فعل ما علم انه لا يفعله؟ احال قول القائل

وكان (٧) «محمد بن عبد الوهّاب الجبّائى» اذا قيل له : فلو (٨) فعل القديم ما علم انه لا يكون واخبر انه لا يكون كيف كان يكون العلم والخبر؟ احال ذلك ، وكان يقول مع هذا : لو آمن من علم الله انه لا يؤمن لأدخله الله الجنّة ، وكان يزعم انه اذا وصل مقدور (٩) بمقدور صحّ الكلام كقوله : لو آمن الانسان ادخله الله الجنّة وكان الايمان خيرا له وكقوله الله عزوجل : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) (٦ ـ ٢٨) فالردّ مقدور فقال : لو كان الردّ المقدور لكان منهم عود مقدور

__________________

(٢) علم الله : علم ق ح

(٣) على ان : ان د على انه قد س ح

(٤) عالم بان : فى ص ٢٠٣ : ١٥ عالم بأنه

(٥) ما علم : ما اعلم ق ما علم الله ح

(٦) فكذلك ح

(٨) فلو : لو ح وكذا فى ص ٢٠٤ : ٣

(٩) مقدور ح مقدورا د ق س

(١) (٤ ـ ٨) راجع ص ٢٠٣ ـ ٢٠٤

(٧) (٩ ـ ص ٥٦١ : ١٤) راجع ص ٢٠٤ ـ ٢٠٥

٥٦٠