مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين

أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري

مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين

المؤلف:

أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار النشر : فرانز اشتاينر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٤

عند دفعة الدافع له وكنحو انحداره (١) الحادث عند طرحه وكنحو الألم الحادث عند الضرب وخروج الروح الحادث عند الوجبة والالوان الحادثة عند الضربة وما اشبهها من الاسباب والطعوم الحادثة والأراييح وما اشبه ذلك

فقال قائلون : (٢) ما تولّد عن فعلنا كنحو الاخر (٣) (؟) الحادث من البياض والخمرة وطعم (٤) الفالوذج عند جمع النشأ والسكّر وانضاجه وكنحو الرائحة الحادثة والألم الحادث عند الضرب واللذّة الحادثة عند اكل الشيء وخروج الروح الحادث عند الوجبة وخروج النطفة الحادث (٥) عند الحركة وذهاب الحجر عند الدفعة وذهاب السهم عند الارسال والادراك الحادث اذا فتحنا ابصارنا كل ذلك فعلنا حادث عن الاسباب الواقعة منّا ، وكذلك انكسار اليد والرجل الحادث عند (٦) السقوط فعل من اتى (٧) بسببه وكذلك صحّة اليد بالجبر وصحّة الرجل بالجبر فعل الانسان (٨) وكذلك زمانة الرجل اذا كسرها الانسان او اوهاها (٩) حتى تزمن ، وكذلك ادراك جميع الحواسّ فعل الانسان ، وزعم قائل هذا القول انه اذا ضرب الانسان غيره فعلم بضربه (١٠) فالعلم فعل الضارب وانه قد يفعل

__________________

(١) انحداره د انحدار ق س ح

(٣) الاخر :؟ فى د الاجر وفى س ح الاخر وفى ق الاخر ولعله الامر (؟)

(٤) وطعم : من طعم ح

(٥) النطفة الحادثة د ق س

(٦) عند : عن د

(٧) فعل من اتى : فعل لنا ح

(٨) اليد بالجبر ...

الانسان : اليد والرجل عند السقوط فعلى ح

(٩) او وهاها س اوهاها ق ح

(١٠) بضربه : مضربه س ق

(٢) (٥ ـ ص ٤٠٢ : ٧) راجع الفرق ص ١٤٣ واصول الدين ص ١٣٨ والملل ص ٤٤

٤٠١

فى غيره العلم ، واذا فتح بصر غيره بيده فادرك فالادراك زعم فعل فاتح البصر وكذلك اذا عمّى (١) الانسان غيره فانعمى فعله فى غيره ، وزعم قائل هذا القول (٢) ان الانسان يفعل فى غيره بسبب (٣) يحدثه فى نفسه ويفعل فى نفسه افعالا متولّدة وافعالا غير متولّدة ، وزعم قائل هذا القول ان الناس يفعلون لون الناطف وبياضه وحلاوة الفالوذج ورائحته والألم واللذّة والصحّة والزمانة والشهوة ، وهذا قول «بشر بن المعتمر» رئيس البغداذيين من المعتزلة

وقال «ابو الهذيل» ومن ذهب الى قوله ان كل ما تولّد عن فعله مما يعلم [كيفيّته] فهو فعله وذلك كالألم الحادث عن الضرب وذهاب الحجر عند دفعه له وكذلك انحداره عند زجّة الزاجّ به من يده وتصاعده عند رمية الرامى [به] صعدا وكالصوت الحادث عند اصطكاك الشيئين وخروج الروح ان كانت الروح (٤) جسما او بطلانها ان كانت عرضا فذلك كله فعله ، وزعم انه قد يفعل (٥) فى نفسه وفى غيره بسبب يحدثه فى نفسه ، فاما اللذّة والالوان والطعوم والأراييح والحرارة والبرودة والرطوبة (٦) واليبوسة والجبن والشجاعة والجوع والشبع والادراك والعلم الحادث فى غيره عند فعله فذلك اجمع عنده فعل الله سبحانه ، وكان

__________________

(١) اذا عمى : اذا اعمى س ح

(٢) قائل هذا القول : هذا القائل ح

(٣) بسبب د لسبب ق س ح

(٤) ان كانت الروح : ان كانت ق

(٥) يفعل :

فعل ح

(٦) والرطوبة : ساقطة من ق

٤٠٢

«بشر بن المعتمر» يجعل ذلك اجمع فعلا للانسان اذا كان سببه (١) منه ، وكان «ابو الهذيل» يزعم ان ذلك اجمع لا يتولّد عن فعله ولا يعلم كيفيّته وانما فعله فى نفسه الحركة والسكون والإرادة والعلم وما يعرف كيفيّته وما يتولّد عن الحركة والسكون فى نفسه او فى (٢) غيره وما يتولد عن ضربه والاصطكاك الّذي يفعله بين الشيئين ، وكان يزعم ان الانسان يفعل فى غيره الافعال بالاسباب التى يحدثها (٣) فى نفسه وانّ انسانا لو رمى انسانا بسهم ثم مات الرامى قبل وصول السهم الى المرمىّ ثم وصل السهم الى المرمىّ فآلمه وقتله انه يحدث الألم (٤) والقتل الحادث بعد حال موته بالسبب الّذي احدثه وهو حىّ وكذلك لو عدم لكان يفعل فى غيره وهو معدوم لسبب (٥) كان منه وهو حىّ ، وليس يجوز عنده ولا عند «بشر بن المعتمر» ان يفعل الانسان قوّة ولا حياة ولا جسما

وقال «إبراهيم النظّام» : لا فعل (٦) للانسان الا الحركة وانه لا يفعل الحركة الا فى نفسه وان الصلاة والصيام والارادات (٧) والكراهات والعلم والجهل والصدق والكذب وكلام الانسان وسكوته وسائر افعاله حركات وكذلك سكون الانسان فى المكان انما معناه انه كائن

__________________

(١) سببه : د

(٢) او فى : وفى د

(٣) يحدثها : س ق

(٤) الالم : فى الالم ح

(٥) لسبب : لعله بسبب

(٦) لا فعل : ولا فعل د س ق

(٧) والصيام والارادات : والصلاة الارادات ح

٤٠٣

فيه وقتين اى تحرّك فيه وقتين ، وكان يزعم ان الالوان والطعوم والأراييح والحرارات والبرودات والاصوات والآلام اجسام لطيفة ولا يجوز ان يفعل الانسان الاجسام ، واللذّة أيضا (١) ليست من فعل الانسان عنده ، وكان يقول ان ما حدث فى غيره حيّز الانسان (٢) فهو فعل الله سبحانه بايجاب خلقه للشىء (٣) كذهاب الحجر عند دفعة الدافع وانحداره عند رمية الرامى به وتصاعده عند زجة الزاجّ به صعدا (٤) وكذلك الادراك من فعل الله سبحانه بايجاب الخلقة ومعنى ذلك ان الله سبحانه طبع الحجر طبعا اذا دفعه دافع ان يذهب وكذلك سائر الاشياء المتولّدة

وكان (٥) يقول فيما حكى عنه ان الله سبحانه خلق الاجسام ضربة واحدة وان الجسم فى كل وقت يخلق

وكان يزعم ان الانسان هو الروح وانه يفعل فى نفسه ، واختلف عنه هل يفعل فى ظرفه وهيكله فالحكاية الصحيحة عنه انه يفعل فى ظرفه ، ومن الناس من يحكى عنه انه يفعل (٦) فى هيكله وظرفه

وقال غيره من المتكلّمين ان الارادات والكراهات والعلم والجهل

__________________

(١) أيضا د لانها ق س ح

(٢) حيز الانسان : حيز الانسان عنده ق

(٣) خلقه للشىء : الخلقة خلقة الشيء ح

(٤) وانحداره ... صعدا : قابل به ص ٤٠٢ : ١٠ ـ ١١

(٦) يفعل : استدرك فى ح قبلها «لا» ولعله الصواب

(٥) (١٠ ـ ١١) راجع كتاب الانتصار ص ٥١ ـ ٥٢ والفرق ص ١٢٦ ـ ١٢٧ والفصل ٥ ص ٥٤

٤٠٤

والصدق والكذب والكلام والسكوت غير الحركات والسكون ، (١) وهو «ابو الهذيل»

وقال «معمّر» : (٢) الانسان لا يفعل فى نفسه حركة ولا سكونا وانه يفعل فى نفسه الإرادة والعلم والكراهة والنظر والتمثيل وانه لا يفعل فى غيره شيئا وانه جزء لا يتجزّأ ومعنى لا ينقسم وانه فى هذا البدن على التدبير له لا على المماسّة والحلول ، وزعم ان المتولّدات وما يحلّ فى الاجسام من حركة وسكون ولون وطعم ورائحة وحرارة (٣) وبرودة ورطوبة ويبوسة فهو فعل للجسم الّذي حلّ فيه بطبعة (٤) وان الموات (٥) يفعل الاعراض التى حلّت فيه بطبعه وان الحياة فعل الحىّ وكذلك القدرة فعل القادر وكذلك الموت فعل الميّت ، وزعم ان الله سبحانه لا يفعل عرضا ولا يوصف بالقدرة على عرض ولا على حياة ولا على موت ولا على سمع ولا على بصر وان السمع فعل السميع وكذلك البصر فعل البصير وكذلك الادراك فعل المدرك وكذلك الحسّ فعل الحسّاس وكذلك القرآن فعل الشيء الّذي سمع منه ان كان ملكا او شجرة او حجرا وانه لا كلام لله عزوجل فى الحقيقة ـ تعالى ربّنا عن قوله علوّا كبيرا ، وزعم ان الله سبحانه انما يفعل التلوين والاحياء والاماتة وليس ذلك اعراضا (٦) لأن البارئ عزوجل اذا لوّن الجسم فلا يخلو

__________________

(١) والسكون : زاد فى ح بين السطرين : فعله

(٣) وحرارة : ساقطة من ق س ح

(٤) بطبعه د طبعه ق س ح

(٥) الموات د الاموات ق س ح

(٦) اعراضا : فى الاصول اعراض

(٢) معمر : راجع الفرق ص ١٣٦ : ١٥ وص ١٤٠ والملل ص ٤٦ والفصل ٤ ص ١٩٤

٤٠٥

ان يكون من شأنه ان يتلوّن أم لا فان كان من شأنه ان يتلوّن فيجب ان يكون اللون بطبعه (١) واذا كان اللون بطبع الجسم فهو فعله ولا يجوز (٢) ان يكون (٣) بطبعه ما يكون تبعا لغيره كما لا يجوز ان يكون كسب الشيء خلقا (٤) لغيره وان لم يكن طبع الجسم ان يتلوّن جاز ان يلوّنه البارئ فلا يتلوّن

وقال «صلح قبّة» ان الانسان لا يفعل الا فى نفسه وانّ ما حدث عند فعله كذهاب الحجر عند الدفعة واحتراق الحطب عند مجامعة النار والألم عند الضربة [فالله سبحانه الخالق له] وكذلك المبتدئ له ، وجائز (٥) ان يجامع الحجر الثقيل الجوّ الرقيق الف عام فلا يخلق الله فيه هبوطا ويخلق سكونا ، وجائز ان يجتمع النار والحطب اوقاتا كثيرة ولا يخلق الله احتراقا (٦) وان توضع الجبال على الانسان فلا يجد ثقلها ، وان يخلق سكون الحجر الصغير عند دفعة الدافع له ولا يخلق اذهابه (٧) ولو (٨) دفعه اهل الارض جميعا واعتمدوا عليه ، وجائز ان يحرق الله سبحانه انسانا بالنار ولا يألم بل يخلق فيه اللذّة ، وجائز ان يضع الله سبحانه الادراك مع العمى والعلم مع الموت ، وكان يجوز ان يرفع الله سبحانه ثقل السموات والارضين حتى يكون ذلك اجمع اخفّ من ريشة ولم ينقص ذلك

__________________

(٢) ان يكون ... يجوز : ساقطة من ق

(١) بطبعه : بطبيعه ح

(٣) بطبعه ... ان يكون : ساقطة من س ح

(٤) خلقا ح خلق د ق س

(٦) احتراقا : احراقا ق

(٨) دفعة ... ولو : ساقطة من ح

(٧) اذهابه : لعله ذهابه (؟)

(٥) وجائز الخ : راجع ص ٣١٠ ـ ٣١١

٤٠٦

من اجزائه شيئا (١) ، وبلغنى انه قيل له : (٢) فما تنكر ان تكون فى هذا الوقت بمكّة جالسا فى قبّة قد ضربت عليك وانت لا تعلم ذلك لان الله سبحانه لم يخلق فيك العلم به هذا وانت صحيح سليم غير مئوف؟ قال : لا انكر فلقّب بقبّة ، (٣) وبلغنى انه قيل له فى امر الرؤيا اذا كان بالبصرة فرأى كأنه بالصين انه قال : اكون فى الصين اذا رأيت انى فى الصين ، فقيل له فلو ربطت رجلك برجل انسان بالعراق (٤) (٥) فرأيت كأنك فى الصين؟ قال : (٦) اكون فى الصين وان كان كانت رجلى مربوطة برجل الانسان الّذي بالعراق

وقال «ثمامة» : (٧) لا فعل للانسان الا الإرادة وان ما سواها حدث لا من محدث (٨) كنحو ذهاب الحجر عند الدفعة وما اشبه ذلك ، وزعم ان ذلك يضاف الى الانسان على المجاز

وقال «الجاحظ» : (٩) ما بعد الإرادة فهو للانسان بطبعه وليس باختيار له وليس يقع منه فعل باختيار سوى الإرادة

وقال «ضرار» و «حفص الفرد (١٠)» : ما (١١) تولّد من فعلهم مما يمكنهم

__________________

(١) شيئا : شيء د ق س للشىء ح

(٢) قيل له : قيل ح

(٣) بقبة : بقية ق س نفسه ح

(٤) انسان بالعراق : ساقطة من ق

(٥) بالعراق : مستدركة بين السطرين فى ح ولا توجد فى سائر الاصول

(٦) قال : فى ح فقال (وهى مستدركة بين السطرين)

(٨) لا من محدث : لا محدث له ح

(١٠) الفرد : القرد س ق ح الفرد ه

(١١) ما : مما ق

(٧) ثمامة : راجع الفرق ص ١٥٧ واصول الدين ص ١٣٨

(٩) الجاحظ : راجع الفرق ص ١٦٠

٤٠٧

الامتناع منه متى ارادوا فهو فعلهم وما سوى ذلك مما لا يقدرون على الامتناع منه متى ارادوا فليس بفعلهم ولا وجب لسبب (١) وهو فعلهم

وكان «ضرار بن عمرو» يزعم ان الانسان يفعل فى غير حيّزه وان ما تولّد (٢) عن (٣) فعله فى غيره من حركة او سكون فهو كسب له خلق لله (٤) عزوجل ، وكل (٥) اهل الاثبات غير «ضرار» يقولون : لا فعل للانسان فى غيره ويحيلون ذلك

واختلفت المعتزلة هل المقتول ميّت أم لا

فقال قائلون : كل مقتول ميّت ، وكل نفس ذائقة الموت ، وقال قائلون : (٦) المقتول ليس بميّت

واختلفوا فى القتل اين يحلّ

فقال قائلون : يحلّ فى القاتل ، وقال قائل : حلّ (٧) فى المقتول

واختلفت المعتزلة فى المتولد ما هو

فقال بعضهم : هو الفعل الّذي يكون بسبب (٨) منّى ويحلّ فى غيرى ، وقال بعضهم : هو الفعل الّذي اوجبت سببه فخرج من ان يمكننى تركه وقد افعله فى نفسى وافعله فى غيرى

__________________

(١) بسبب د

(٢) ما تولد : تولد س ما يتولد ح

(٣) عن : من ح

(٤) لله د الله س ق ح

(٥) وكل : وكان ح

(٧) حل : لعله يحل (؟)

(٨) بسبب : سبب د لسبب س

(٦) حكى البغدادى هذا القول عن الكعبى : راجع الفرق ص ١٦٧ : ٣ واصول الدين ص ١٤٣

٤٠٨

وقال بعضهم : هو الفعل الثالث (١) الّذي يلى مرادى مثل الألم الّذي يلى الضربة ومثل الذهاب الّذي يلى الدفعة

وقال «الاسكافى» كل فعل يتهيّأ وقوعه على الخطإ دون القصد إليه والإرادة له فهو متولّد وكل فعل لا يتهيّأ الا بقصد ويحتاج كل جزء منه الى تجديد وعزم وقصد إليه وإرادة (٢) له فهو خارج من حدّ التولّد داخل فى حدّ المباشر

واختلفوا فى الشيء المتحرك اذا حرّكه اثنان

فقال من نفى التولّد : فيه (٣) حركة واحدة (٤) الله فاعلها الا «معمّرا (٥)» فانه يزعم ان الشيء المتحرّك يفعله فى نفسه (٦)

وقال من اثبت التولّد قولين : قال بعضهم : فيه حركة فعلها اثنان فهى حركة واحدة لفاعلين غيرين ، وقال بعضهم : هى حركتان فعلان للمحرّكين (٧) للشىء المحرّك (٨)

واختلفوا هل يجوز ان يترك المتولد اذا ترك سببه أم لا على مقالتين : (٩)

فقال قائلون : انما يترك السبب فاما المسبّب فمحال ان يكون الترك لسببه تركا له ، وهذا قول «عبّاد» و «الجبّائى»

وقال قائلون : قد نترك المسبّب بتركنا (١٠) للسبب

__________________

(١) الثالث د الثالث ق س ح

(٢) وإرادة : والإرادة ح

(٣) حركه ... فيه : ساقطة من ح

(٤) واحدة : واحد ح

(٥) معمرا : فى الاصول معمر

(٦) فى نفسه : بنفسه ح

(٧) للمتحركين س ق

(٨) المحرك : المتحرك ح

(٩) على مقالتين : محذوفة فى ح

(١٠) بتركنا د تركا ق س ح

٤٠٩

واختلف مثبتو التولّد هل يجوز ان يفعل الانسان فى غيره علما أم لا على مقالتين : (١)

فقال قائلون : لا يجوز ان يفعل الانسان فى غيره علما ولا يجوز ان يفعل فى نفسه ادراكا ولا فى غيره (٢) ادراكا ، وهذا قول «ابى الهذيل» و «الجبّائى»

وقال (٣) قائلون : قد يجوز ان يفعل الانسان فى غيره علما وذلك انّى اذا ضربت عبدى (٤) فعلمى بأنّى (٥) قد ضربته علم بالألم فعلمه بالألم (٦) فعلى كما ان الألم فعلى

واختلفوا هل يفعل الانسان [فى] الشيء من غير ان يماسّه او يماسّ (٧) ما يماسّه (٨) على مقالتين :

فقال قائلون : لا يجوز ان يفعل الانسان فى شيء الا بأن يماسّه او يماسّ ما يماسّه (٩)

وقال قائلون : قد يجوز ان يفعل الانسان فعلا متولّدا فى جسم من الاجسام من غير ان يماسّه (١٠) ولا يماسّ ما يماسّه كنحو الانسان الّذي يهجم على الرجل الفاتح بصره فيكون ادراكه فعلا للهاجم

__________________

(١) على مقالتين : محذوفة فى ح

(٢) ادراكا ولا فى غيره : محذوفة فى ق

(٤) عبدى : عبرى د

(٥) بأنى ح انى د س ق

(٦) فعلمه بالالم : فعلمه س ق

(٧) يماس : يماسه د

(٨) ما يماسه : ما ماسه ح

(٩) ما يماسه : ما ماسه ح

(١٠) ما يماسه : ما ماسه د ح

(٣) وقال الخ : راجع ص ٤٠١ ـ ٤٠٢

٤١٠

واختلفوا فى المتولد اذا بعد من السبب هل يكون هو المسبب الاول كالانسان يرمى نفسه فى نار اضرمها غيره او يطرح نفسه على حديدة نصبها غيره او يعترض سهما قد رمى به غيره بطفل حتى يدخل فيه

فقال كثير من المثبتين للتولّد : الاحراق فعل لمن رمى بنفسه فى النار والقتل لمن وقع على الحديدة المنصوبة والقتل فعل لمن اعترض (١) السهم بالطفل ، وعبّر بعض هؤلاء عن دخول السهم فى جسد الانسان فقال : اما حركة السهم فى نفسه ففعل الرامى واما الشقّ الحادث فى الصبىّ ففعل من اعترض السهم به (٢) الا ان يكون المعترض للسهم بالطفل ازال السهم عن جهته التى كانت يذهب فيها فى (٣) موضعه فذلك فعله ، وان لم يكن منه الا نصب الصبىّ فحركة السهم فعل الرامى ، قال : فان نفذ السهم الصبىّ فاصاب شيئا آخر كان الشيء الآخر قصّته كقصّة الصبىّ الّذي اعترض السهم به من غير قصد الرامى فحكمه حكم واحد ، وان كان السهم نفذ واصاب شيئا قد كان فى ذلك المكان قبل ارسال السهم فذلك فعل الرامى ، وهذا قول «الاسكافى»

وقال قائلون : ذلك فعل للرامى بالسهم والمضرم للنار والناصب للحديدة (٤) ، وافرط بعض هؤلاء فى القول حتى زعموا ان انسانا لو هجم

__________________

(١) فعل لمن اعترض : لمن اعترض ح

(٢) السهم به : به السهم ح

(٣) فى : لعله الى (؟)

(٤) (١٧ ـ ص ٤١٢ : ٢) راجع ص ٤١٠ : ١٤ ـ ١٥

٤١١

عليه انسان وهو فاتح لبصره (١) فادركه انّ الادراك فعل للهاجم عليه دون الفاتح لبصره

وقال قائلون : دخول السهم فى جسد المعترض (٢) له فعل للرامى (٣) فاما الاحراق فهو فعل لمن زجّ نفسه فى النار والقتل لمن رمى بنفسه على الحديدة المنصوبة

واختلف مثبتو التولّد من المعتزلة فى الاسباب التى تكون عنها المسبّبات هل هى متقدّمة لها او (٤) موجودة مع وجودها

فقال قائلون : السبب مع المسبّب لا يجوز ان يتقدّمه ، وقال قائلون : السبب الّذي يتولّد عنه المسبّب لا يكون الا قبله ، وقال قائلون : من الاسباب ما يكون مع مسبّباتها المتولّدة عنها ومنها ما يتقدّم المسبّبات بوقت فاما ما كان قبل المسبّب بوقتين فليس ذلك المسبّب متولّدا (٥) عنه ، وجوّز بعضهم ان يتقدّم السبب المسبّب (٦) اكثر من وقت واحد

واختلفوا فى السبب هل هو موجب للمسبّب أم لا على مقالتين : فقال اكثر المعتزلة المثبتين للتولّد : (٧) الاسباب موجبة لمسبّباتها ،

__________________

(١) فاتح لبصره : فاتح البصر ح

(٢) المعترض : المعرض ح

(٣) للرامى : الرامى ح

(٤) او : أم د

(٦) متولدا ... المسبب : ساقطة من ح وهى فى س على الهامش

(٥) متولدا د متولد ق س

(٧) التولد ح

٤١٢

وقال «الجبّائى» : السبب لا يجوز ان يكون موجبا للمسبّب وليس الموجب للشىء الا من فعله واوجده

واختلفوا فى التوجه (؟) مما (١) يتولّد من الفعل (٢) اذا حدث سببه (٣) ولمّا يقع المتولّد (٤)

فاوجب ذلك قوم ونفاه آخرون

واختلفوا فى توليد الحركة للسكون والطاعة للمعصية

فنفى ذلك قوم وان تولّد الحركة سكونا والسكون حركة وقالوا فى المعصية انها تولّد ما ليس بطاعة ولا معصية ولا تولّد الطاعة ، هذا قول «البغداذيين»

وحكى عن «بشر بن المعتمر» انه جوّز ان يولّد الحركة سكونا والسكون حركة والحركة حركة والسكون سكونا

وقال «الجبّائى» : لا يجوز ان يولّد السكون شيئا والحركة قد تولّد (٥) (٦) حركة وتولّد سكونا وزعم انّ فى الحجر اذا وقف فى الجوّ حركات خفيّة تولّد انحداره بعد ذلك وانّ فى القوس الموتّر حركات خفيّات تولّد قطع الوتر اذا انقطع وفى الحائط حركات خفيّة يتولد عنها وقوعه

__________________

(١) فى التوجه مما :؟ كذا فى د ق س وفى ح فى التوجه وما

(٢) الفعل : الافعال د

(٣) سببه : بسببه س ق

(٤) المتولد : التولد س

(٥) قد تولد : تولد ح

(٦) (١٣ ـ ١٥) راجع ص ٣٢٢ مقالات الاسلاميين ـ ٢٧

٤١٣

واختلفوا فى الافعال كلها سوى الارادات هل يجوز ان تقع (١) متولّدة

واجمعوا ان الارادات لا تقع متولّدة ، واختلفوا فيما بعدها

فقال قوم : قد يجوز ان تكون كلها متولّدة ، وقال قوم :

المتولّد منها ما حلّ فى الفاعل وما فعل فى نفسه فليس بمتولّد ، (٢) وقال قوم ان المتولّد هو ما جاز ان يقع على طريق السهو والخطإ وما سوى ذلك فليس بمتولّد ، وقال قوم : قد تحدث فى الانسان افعال (٣) غير الإرادة متولّدة وافعال غير متولّدة

واختلفوا فى القديم هل يجوز ان يقع الفعل منه (٤) متولّدا عن سبب على مقالتين :

فقال قائلون : لا يقع الفعل من القديم (٥) على طريق التولّد ولا يقع منه عن (٦) سبب ولا يقع منه الا على طريق الاختراع ، وقال قائلون : قد يفعل القديم على طريق التولّد فاما الاجسام فلا تقع منه متولّدة

واختلفوا فى الشيء المولّد للفعل ما هو على مقالتين :

فقال قائلون : المولّد للفعل المتولّد هو الفاعل للسبب ، وقال قائلون : المولّد للفعل المتولّد هو (٧) السبب دون الفاعل

__________________

(١) يجوز ان تقع : تقع س

(٢) بمتولد : بمولده ق س بمولد د ح

(٣) افعال : فعال س ق

(٤) الفعل منه : منه الفعل ح

(٥) القديم : القديم الا ق س وفى موضع الكلمة فى ح اثر حك

(٦) عن : على ح

(٧) هو د ثم ق س ح

٤١٤

واختلفوا فى القدرة (١) على الفعل المتولد على مقالتين :

فقال اكثر اهل النظر : هو مقدور عليه ما لم يقع سببه فاذا وقع سببه خرج من ان يكون مقدورا ، وقال قائلون : هو مقدور مع وجود سببه

واختلفت المعتزلة فى الإرادة هل تكون موجبة لمرادها أم لا فقال «ابو الهذيل» و «ابراهيم النظّام» و «معمّر» و «جعفر بن حرب» و «الاسكافى» و «الآدمي» و «الشحّام» و «عيسى الصوفى» : (٢) الإرادة التى يكون مرادها بعدها بلا فصل موجبة لمرادها ، وزعم «الاسكافى» انه قد تكون إرادة غير موجبة فاذا لم توجب وقع مرادها فى الثالث

وقال «بشر بن المعتمر» و «هشام بن عمرو الفوطى (٣)» و «عبّاد بن سليمان» و «جعفر بن مبشّر» و «محمد بن عبد الوهّاب الجبّائى» : الإرادة لا تكون موجبة

واجاز اكثر الذين قالوا بالارادة الموجبة ان يمنع الانسان من مرادها وحكى «الحسين بن محمد النجّار» ان قوما ممن قالوا بالارادة الموجبة قالوا : لن (٤) يجوز ان يمنعه الله من المراد وذلك ان الموت لا يكون الا عن معاينة فاذا اراد ان يفعل الانسان فى اقرب الاوقات إليه لم يجز

__________________

(١) القدرة : القديم س ق

(٢) الصوفى فى د

(٣) الفوطى : الفرطى د

(٤) لن : انه ح

٤١٥

ان يموت فى ثانية لأنه لا يموت الا بمعاينة وليس يجوز ان يريد فى حال المعاينة ان يفعل فى الثانى لأن حال المعاينة لا رجاء فيها لأن يبقى فيحدث الإرادة ان يفعل فى الثانى ، قال ولم يجيزوا فناء الجوارح فى الثانى اذا (١) احدث الإرادة فى الحال الاول

واختلفت المعتزلة فى الانسان فى حال ارادته الموجبة هل يقدر على خلاف المراد أم لا على خمسة اقاويل : (٢)

فقال بعضهم انه قد يقدر على خلاف المراد ولكنه لا يفعل الا (٣) المراد وشبّهوا ذلك بالفعل المعلوم من العبد انه يكون وهو يقدر على خلافه ولا يكون الا المعلوم لأنه لا يختار غيره وقالوا : ليس بمحال اذا اراد الانسان ان يتحرّك فى الثانى ان يسكن فى الثانى ولو سكن فى الثانى لم يسكن (٤) الا بإرادة (٥) متقدّمة ، فمثّلوا بالمعلوم انه لو كان ما (٦) علم انه يكون مما (٧) لا يكون لم يكن العلم سابقا بأنه يكون ولكان (٨) العلم سابقا بأنه لا يكون

وقال بعضهم ان المريد اذا اراد ان يتحرّك فى اقرب الاوقات إليه فهو قادر على الحركة وعلى السكون ولو سكن فى الثانى كان يسكن بعد إرادة

__________________

(١) اذا حدث ح

(٢) خمسة اقاويل : مقالات خمسه س

(٣) المراد ... الا : ساقطة من ق س ح

(٤) ولو سكن فى الثانى لم يسكن : كذا صححنا وفى الاصول : ولو كان فى الثانى لم يكن

(٥) الا بإرادة د بإرادة ق س ح

(٦) ما : ضرب عليها فى ح

(٧) مما : فى الاصول : ما ، راجع ص ٢٠٣ : ٩

(٨) ولكان : ولكن س ح ولعله : ولكن كان

٤١٦

وقال بعضهم ان الانسان اذا احدث الإرادة لأن يتحرّك الى (١) اقرب الاوقات إليه جاز ان يجيء الوقت الثانى فيكون ساكنا فيه ولا يكون ذلك السكون فعلا مكتسبا ولا تركا لتلك الحركة التى تقدّمت ارادتها ولكن يكون تركا للحركة (٢) فى الوقت الثالث ، ويجعلون السكون الّذي (٣) يكون فى الثانى سكون بنية كالاحراق الّذي يكون من بنية (٤) النار ، وزعم هؤلاء ان الافعال التى تكون بالبنية ليست خلقا لله عزوجل ، وهذا قول «معمّر» (٥)

وقال بعضهم : (٦) اذا احدث الإرادة الموجبة لاقلّ قليل الفعل وهو (٧) زعموا اقلّ من الف جزء من كلمة وذلك انهم قالوا ان الكلمة الواحدة تكون بإرادات كثيرة والخطوة الواحدة تكون بإرادات كثيرة وذلك ان الانسان يريد إرادة اجتماع ان يزول الى موضع فيأتى بجزء من الذهاب ثم يدع الإرادة فيقطع المراد (٨) فان ادام المرادات (٩) ادام المراد ، وقالوا : انما نحيل قول القائل يقدر على خلاف المراد اذا (١٠) كان قد جاء (١١) بعلّته (١٢) ولكنه يقدر على المراد لان فيه قدرة فى حال الإرادة لها يكون المراد

__________________

(١) الى : لعله فى (؟)

(٢) للحركة : للحركة التى تقدمت ح

(٣) السكون الّذي : السكون ح

(٤) بالبنية : للبنية ح

(٥) (٨ ـ ١٥) فى المتن حذف

(٧) وهو : وهم س ق

(٨) المراد : محذوفة فى ق س ح

(٩) المرادات : الذهاب ح

(١٠) اذ : اذا ح

(١١) قد جاء : فى د قد جا وفى ق س ح مرحا وفى هامش ح موجبا

(١٢) بعله : فى الاصول لعلنه

(٦) (٨ ـ ١٥) راجع شرح الواقف ٦ ص ٢٢٨

٤١٧

وقال بعضهم : محال قول القائل يقدر عليه او على خلافه لانّا فيه بمنزلة رجل ارسل نفسه من شاهق فى الهواء فلا يقال انه يقدر على الذهاب ولا على الكفّ عنه ، وان كانت فيه قدرة فهى لغير هذا الفعل الّذي اوجبه بادخاله نفسه فى علّته الموجبة له

واجمعت المعتزلة الا «الجبّائىّ» ان الانسان يريد ان يفعل ويقصد الى ان يفعل وانّ ارادته لأن يفعل لا تكون مع مراده ولا تكون الا متقدّمة (١) للمراد

وزعم «الجبّائى» ان الانسان انما يقصد الفعل فى حال كونه وانّ القصد لكون (٢) الفعل لا يتقدّم الفعل وان الانسان لا يوصف بأنه فى الحقيقة مريد ان يفعل ، (٣) وزعم ان إرادة البارئ مع مراده

وقال «ابو الهذيل» : ان إرادة البارئ مع مراده ومحال ان تكون إرادة الانسان لكون (٤) الفعل مع الفعل

واختلف الذين انكروا الإرادة الموجبة فى الإرادة للفعل هل تجامع المراد أم لا على مقالتين :

فمنهم من زعم ان الإرادة وان كانت غير موجبة فلا تكون الا قبل المراد ، وزعم «الجبّائى» ان الإرادة التى هى قصد للفعل مع الفعل لا قبله

__________________

(١) متقدمة : فى الاصول متقدما

(٢) لكون د وفى س ق ح يكون وفى موضعها فى ح اثر حك

(٣) يفعل : الفعل ق

(٤) لكون د يكون ق س ح

٤١٨

واختلفت المعتزلة فى الإرادة التى هى تقرّب بالفعل هل تكون قبل الفعل او (١) مع الفعل على مقالتين :

فمنهم من زعم (٢) انها قبل الفعل كما ان الإرادة لان يفعل الفعل قبله ، وقال «الاسكافى» : قد يجوز ان تكون مع الفعل

واختلفت المعتزلة فى إرادة العباد هل لها إرادة على مقالتين :

فقال بعضهم : لا يجوز ان تكون للارادة إرادة لانها اوّل الافعال

واجاز «الجبّائى» ان يريد الانسان ارادته فى بعض ما دار بينى وبينه من المناظرة

واختلفوا هل تدعو النفس الى الإرادة ويدعو إليها الخاطر على مقالتين :

فاجاز ذلك قوم واباه آخرون

واختلفوا فى الإرادة هل هى مختارة أم اختيار ليست بمختارة (٣) على مقالتين :

فقال قوم : هى مختارة كما انها اختيار ولم يجيزوا ان تكون مرادة (٤) كما انها مختارة ، وقال قائلون : هى (٥) اختيار وليست بمختارة

__________________

(١) او ق أم د س ح

(٢) زعم : يزعم ق رأى وزعم ح

(٣) مختارة ح بمختاره س ق

(٤) مرادة د مريدة ق س ح

(٥) اختيار : اجسام ح

٤١٩

واختلفوا فى افعال الله عزوجل هل هى كلها مختارة أم لا على أربعة اقاويل :

فقال قائلون : منها ما هو اختيار ومنها ما هو مختار

وقال بعضهم : كلها مختارة لا باختيار غيرها (١) بل هى اختيار كما كانت مرادة لا بإرادة غيرها ، وهذا قول «البغداذيين»

وقال قائلون : ما كان من افعال الله له ترك كالاعراض فهو مختار وما لا ترك له كالاجسام فهو اختيار وليس (٢) بمختار

وقال قائلون : ليس كل افعال (٣) العباد مختارة بل منها ما لا يقال انه مختار (٤) وجميعا لا يقال له اختيار (٥) (؟)

واختلفوا فى الايثار (٦)

فقال قوم : الايثار هو الاختيار والإرادة والمراد لا يكون ايثارا ولا اختيارا ، وقال قوم : الايثار هو الإرادة والاختيار قد يكون إرادة وقد يكون مرادا

واختلفت المعتزلة فى الثقل والخفّة هل هما الشيء او غيره

فقال قائلون : الثقل هو الثقيل وكذلك الخفّة هو الخفيف وانما

__________________

(١) غيرها : ساقطة من ق س ح

(٢) وليس : ليس ح

(٣) افعال العباد :؟ لعله افعال الله تعالى او ان شيئا سقط من المتن

(٤) انه مختار : انها مختارة ق

(٥) وجميعا لا يقال له اختيار : لعله ومنها ما يقال انه مختار

(٦) الايثار : كذا صححنا وفى الاصول : الاختيار

٤٢٠