مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين

أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري

مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين

المؤلف:

أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار النشر : فرانز اشتاينر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٤

(١) واختلفوا فى الّذي يقدر على حمل خمسين رطلا ولا يقدر على حمل مائة رطل على مقالتين

فقال قائلون : لا بدّ من ان (٢) يكون فيه عجز عن حمل الخمسين الفاضلة على ما يقدر على (٣) حمله ، وقال قائلون : لا عجز فيه وانما عدم القوة على ذلك فقط

واختلفوا (٤) هل يجوز ان يقوى الانسان على حمل جزءين بجزء من القوة أم لا على مقالتين :

فقال قائلون : قد يقدر بجزء من القدرة (٥) (؟) ان يحمل جزءين واكثر (٦) من جزءين

وقال قائلون : لا يقدر على حمل جزء الا بجزء واحد من القوّة ، ولو جاز ان يقوى على جزءين بجزء من القوة لجاز ان يقوى على حمل السموات والارضين (٧) بجزء من القوة ، والقائل بهذا القول «الجبّائى» ، وزعم ان الانسان يحمل جزءين من الاجزاء بجزءين من القوّة وانه اذا حمل (٨) جزءين (٩) من الاجزاء بجزءين من القوّة ففيه أربعة اجزاء من الحمل

__________________

(٢) من ان : ان [ق]

(٣) يقدر على : تقدم ح

(٥) القدرة : لعله القوة

(٦) فاكثر س

(٧) والارضين : والارض [ق]

(٨) جزءين ... حمل : ساقطة من ح

(٩) جزءين : جز د

(١) (١ ـ ٥) راجع شرح المواقف ٦ ص ١١٦ و ١٢١

(٤) (٦ ـ ١٤) راجع شرح المواقف ٦ ص ١١٩ ١٦ مقالات الاسلاميين ـ ١٦

٢٤١

واختلفت المعتزلة فى العجز على ثلث مقالات :

فقال «الاصمّ» : انما (١) هو العاجز وليس له عجز غيره يعجز به ،

وقال اكثر المعتزلة : العجز غير العاجز

وقال [«عبّاد»] : العجز غير الانسان ولا اقول (٢) غير العاجز لان قولى عاجز خبر عن انسان وعجز

واختلفوا هل العجز عجز عن شيء أم لا على مقالتين :

فزعم «عبّاد» ان العجز لا يقال انه عجز عن شيء وان القوة لا تكون قوّة لا على شيء ، وقال اكثر المعتزلة : العجز عجز عن الفعل

واختلف الذين اثبتوا العجز عجزا عن الفعل هل هو عجز عنه فى حاله او فى حال (٣) ثانية على ثلاثة اقاويل :

فقال قائلون : (٤) الانسان يعجز عن الفعل فى الثانى (٥) و [العجز] لا ينفى (٦) الفعل فى حال حدوثه بل قد يكون مجامعا له وهو عجز عن غيره

وقال آخرون : العجز وان كان عجزا عن الفعل فى الثانية (٧) فان (٨) الفعل ينتفى فى حال العجز لا للعجز ولكن للضرورة (٩) المجامعة له

وقال آخرون : العجز ينفى الفعل فى حاله ومحال وجود الفعل مع العجز واجمع القائلون انّ العجز عجز عن شيء من المعتزلة ان العجز يكون عجزا عن افعال كثيرة

__________________

(١) انما [ق] انه د س ح

(٢) غير العاجز ... ولا اقول : ساقطة من د س ح

(٣) حال [ق] حاله د س ح

(٤) قائلون : بعضهم ح

(٥) الثانى : لعله الثانية

(٦) ينفى : ينفى س ح يبقا د [ق]

(٧) الثانية : فى الاصول ثانية

(٨) فان : وان س ح

(٩) للضرورة : لعله لضرورة (؟)

٢٤٢

واجمع اكثر المعتزلة على ان الامر بالفعل قبله وانه لا معنى للامر به فى حاله لأنه موجود واختلفوا هل يبقى الامر الى حال الفعل على مقالتين

فقال بعضهم انه يبقى الى اجل الفعل وانه يكون فى حال الفعل ولا يكون امرا به ، واحال بعضهم ان يبقى الامر

واختلفوا هل يجوز ان يؤمر بالصلاة قبل دخول وقتها أم لا على مقالتين : فأجاز ذلك بعضهم وانكره بعضهم

واختلفوا هل يجوز ان يأمر الله سبحانه بالفعل فى الوقت الثانى وهو يعلم انه يحول بين الانسان وبين الفعل على ثلاثة اقاويل :

فقال بعضهم : يجوز ان يأمر الله بذلك وان كان يعلم انه يحول بين العباد وبينه فى الثانى لأنه انما يقول له : افعل ان لم نحل (١) بينك وبين الفعل ويجوز ان يقدر على الفعل فى الثانى وان كان يحال (٢) بينه وبينه فى الثانى

وقال بعضهم : لن (٣) يجوز ذلك فى الامر ولا فى القدرة

واختلفوا فيمن علم الله انه لا يؤمن :

فقالت المعتزلة الا «عليّا (٤) الاسوارى» انه مأمور بالايمان قادر عليه وقال «على الاسوارى» : (٥) اذا قرن الايمان الى العلم بأنه لا يكون

__________________

(١) محل : فى الاصول بدون تعجيم اصلا ذلك ان تقرأ يحل ببناء المجهول

(٢) يحال : يحول [ق]

(٣) لن : لا ح ، وسقط القول الثالث من الترتيب

(٤) عليا : فى الاصول على

(٥) (١٦ ـ ص ٢٣٤ ص : ٣) راجع ص ٢٠٣ : ١ ـ ١٣

٢٤٣

احلت القول بأن الانسان مأمور به او قادر عليه ، واذا أفرد (١) كل قول من صاحبه فقلت هل امر الله سبحانه الكافر بالايمان واقدره (٢) عليه ونهى المؤمن عن الكفر قلت نعم

واجمعت المعتزلة على ان الشيء اذا وجد فوجود ضدّه فى تلك الحال محال ، وقال اكثرهم ان (٣) الكافر تارك للايمان فى حال ما هو كافر

واحالوا جميعا البدل (٤) فى الموجود واختلفوا هل يقال : لو كان الشيء فى حال كون ضدّه أم لا يقال

فقال «جعفر بن حرب» و «الاسكافى» : قد يقال : لو كان الكفّار آمنوا فى حال كفرهم بدلا من كفرهم الواقع لكان خيرا لهم ولا نقول انه يجوز ان يؤمنوا فى حال كفرهم على وجه من الوجوه كما نقول فى الكفر الماضى : لو كان هذا الكافر آمن امس بدلا من كفره لكان خيرا له ولا يجوز (٥) الايمان بدلا من الكفر الماضى واحال غيرهم من المعتزلة ان يقال : لو كان الشّيء على معنى لو كان وقد كان ضدّه

فقالوا جميعا الا «الجبّائى» انه قد (٦) يجوز ان يكون الشيء فى الوقت الثانى بدلا (٧) من ضدّه وان كان ضدّه مما يكون فى الثانى ، واذا اجزنا

__________________

(١) افرد : لعله افردت

(٢) فاقدره د [ق]

(٣) ان : بان س ح

(٥) يجوز : فى الاصول بدون تعجيم الاول فلك ان تقرأ تجوز بالنون وتشديد الواو

(٦) انه قد : انه س

(٧) بدلا : ساقطة من س

(٤) البدل : راجع الفصل ٣ ص ٥٢

٢٤٤

ذلك فانما نجيز (١) البدل مما (٢) لم يكن ، وقالوا : جائز ان يترك فى الوقت الثانى قبل مجىء الوقت ما علم الله سبحانه انه يكون فى الوقت (٣) ولو كان ذلك مما يترك لم يكن كان سابقا فى العلم انه يكون ولم يكن تاركا لما يكون ، وهذا قول «الجبّائى» (٤) و (؟) «عبّاد»

وقال «الجبّائى» : ما علم الله انه يكون فى الوقت الثانى او فى وقت من الاوقات وجاءنا الخبر بأنه يكون فلسنا نجيز تركه على وجه من الوجوه لان التجويز لذلك هو الشكّ والشكّ فى اخبار الله كفر ، وقال : ما علم الله سبحانه انه يكون فمستحيل قول القائل لو كان مما يترك لم يكن العلم سابقا بأنه يكون ، وقد شرحنا (٥) قوله فى ذلك قبل هذا الموضع

واجاز اكثر المعتزلة ان (٦) لا يكون ما (٧) اخبر الله انه يكون وعلم (٨) انه يكون بأن لا يكون كان علم واخبر (٩) انه يكون

واختلفت المعتزلة (١٠) هل يقال ان الله خلق الشرّ والسيّئات أم لا على مقالتين :

فقالت المعتزلة كلها الا «عبّادا» ان الله يخلق الشرّ الّذي هو مرض والسيّئات التى هى عقوبات وهو شرّ فى المجاز وسيّئات فى المجاز

__________________

(١) نجير : يجوز [ق]

(٢) مما : ما [ق]

(٣) فى الوقت : لعله : فى الوقت الثانى

(٤) الجبائى و : لعلها زائدة

(٦) ان : او د [ق]

(٧) ما : فى الاصول لما

(٨) وعلم : علم س ح

(٩) واخبر : فى الاصول واجاز

(٥) وقد شرحنا : راجع ص ٢٠٦ : ٦ ـ ١٠ و ٢٠٤ ـ ٢٠٥

(١٠) راجع كتاب الانتصار ص ٨٤ ٨٦

٢٤٥

وانكر «عبّاد» ان يخلق الله سبحانه شيئا نسميه (١) شرّا او سيّئة فى الحقيقة

واختلفوا فى اللطف على أربعة اقاويل : (٢)

فقال «بشر بن المعتمر» ومن قال بقوله : عند الله سبحانه لطف لو فعله بمن (٣) يعلم انه لا يؤمن لآمن وليس يجب على الله سبحانه فعل ذلك ولو فعل الله سبحانه ذلك اللطف فآمنوا عنده لكانوا يستحقّون من الثواب على الايمان الّذي يفعلونه عند وجوده ما يستحقّونه لو فعلوه مع عدمه ، وليس على الله سبحانه ان يفعل بعباده (٤) اصلح الاشياء بل ذلك محال لأنه لا غاية ولا نهاية لما يقدر عليه من الصلاح وانما عليه ان يفعل بهم ما هو اصلح لهم فى دينهم وان يزيح عللهم فيما يحتاجون إليه لأداء ما كلّفهم وما تيسّر (٥) عليهم مع (٦) وجوده العمل بما ليس هم به (٧) (؟) وقد فعل ذلك بهم وقطع منهم (٨)

وكان (٩) «جعفر بن حرب» يقول ان (١٠) عند الله لطفا لو اتى به الكافرين (١١) لآمنوا اختيارا ايمانا لا يستحقّون عليه من الثواب ما يستحقّونه مع عدم اللطف اذا آمنوا ، والاصلح لهم ما فعل الله بهم لأن الله لا يعرّض

__________________

(١) نسميه : يسميه [ق] ح وفى د س بدون تعجيم اصلا

(٣) بمن : لمن س ح

(٤) بعباده : لعباده [ق]

(٥) تيسر : يسر س ح

(٦) مع : من ح

(٧) ليس هم به : كذا فى د [ق] وفى س ح يسرهم له ، ولعله : امرهم به

(٨) منهم : فى ح منتهم وفى س بدون تعجيم اصلا

(١٠) ان : انه د [ق]

(١١) الكافرين ح المؤمنين د [ق] س

(٢) (٢ ـ ١١) راجع كتاب الانتصار ص ٦٤ ـ ٦٥ والفرق ص ١٤١ والملل ص ٤٥ والفصل ٣ ص ١٦٤ ـ ١٦٥

(٩) (١٢ ـ ص ٢٤٧ : ١) راجع الفصل ٣ ص ١٨٦ : ٩ ـ ١٢

٢٤٦

عباده الا لأعلى المنازل واشرفها وافضل الثواب واكثره ،

وذكر عنه (١) انه رجع عن هذا القول الى قول اكثر اصحابه

وقال جمهور المعتزلة : (٢) ليس فى مقدور الله سبحانه لطف لو فعله بمن (٣) علم انه لا يؤمن آمن عنده وانه لا لطف عنده لو فعله بهم لآمنوا فيقال يقدر على ذلك ولا يقدر عليه وانه (٤) لا يفعل بالعباد كلهم الا ما هو اصلح لهم فى دينهم وادعى لهم الى العمل بما امرهم به وانه لا يدّخر عنهم شيئا يعلم انهم يحتاجون إليه فى اداء ما كلّفهم اداءه اذا فعل بهم اتوا بالطاعة التى يستحقّون عليها ثوابه الّذي وعدهم ، وقالوا فى الجواب عن مسئلة من سألهم (٥) هل يقدر الله سبحانه ان يفعل بعباده اصلح مما فعله بهم : ان اردت انه يقدر على امثال الّذي هو اصلح فالله يقدر على امثاله على ما لا غاية له ولا نهاية وان اردت يقدر على شيء اصلح من هذا اى يفوقه فى الصلاح قد ادّخره عن عباده فلم يفعله بهم مع علمه بحاجتهم إليه فى اداء ما كلّفهم فان اصلح الاشياء هو الغاية ولا شيء يتوهّم وراء الغاية فيقدر عليه او يعجز عنه

وقال «محمد (٦) بن عبد الوهّاب الجبّائى» : لا لطف عند الله سبحانه يوصف

__________________

(١) عنه : يعنى بشرا راجع كتاب الانتصار ص ٦٥

(٣) بمن : لمن [ق]

(٤) وانه : لانه حءانه س

(٥) سألهم : مسايلهم [ق]

(٢) (٣ ـ ١٤) راجع كشف المراد ص ١٨١ ـ ١٨٤

(٦) وقال محمد الخ : راجع الملل ص ٥٥ و ٥٧ ـ ٥٨

٢٤٧

بالقدرة على ان يفعله بمن علم انه لا يؤمن فيؤمن عنده ، وقد فعل الله بعباده ما هو اصلح (١) لهم فى دينهم ولو كان فى معلومه شيء يؤمنون عنده او يصلحون به ثم لم يفعله بهم لكان مريدا لفسادهم غير انه يقدر ان يفعل بالعباد ما لو فعله بهم ازدادوا طاعة فيزيدهم ثوابا وليس فعل ذلك واجبا عليه ولا اذا تركه كان عابثا فى الاستدعاء لهم الى (٢) الايمان

واختلفوا (٣) فى الألم واللذّة على مقالتين :

فقال قوم : لن يجوز ان يؤلم الله سبحانه احدا بألم تقوم اللذّة فى الصلاح مقامه ، وقال قوم : يجوز ذلك

واختلفوا (٤) هل كان يجوز ان يبتدئ الله الخلق فى الجنّة ويتفضّل عليهم باللذّات (٥) دون الاذوات (٦) ولا يكلّفهم شيئا على مقالتين :

فقال (٧) اكثر المعتزلة لن (٨) يجوز ذلك لأن الله سبحانه لا يجوز عليه فى حكمته ان يعرّض عباده الا لأعلى المنازل واعلى المنازل منزلة الثواب وقال : (٩) لا يجوز ان [لا] يكلّفهم الله المعرفة ويستحيل ان يكونوا إليها مضطرّين فلو لم يكونوا [بها] مأمورين (١٠) لكان الله قد اباح لهم الجهل به وذلك خروج من الحكمة

__________________

(١) اصلح : الاصلح [ق]

(٢) فى الاستدعاء لهم الى : فى د س : والاستدعاء لهم الى وفى [ق] ولا حاد (؟) لهم عن

(٥) باللذات : ساقطة من د س ح

(٦) الاذوات : الادوات د س الاداوات [ق] الادراك ح

(٨) لن : لان [ق]

(٩) وقال : لعله وقالوا :

(١٠) مأمورين : ساقطة من [ق]

(٣) (٦ ـ ٨) راجع كشف المراد ص ١٨٤

(٤) (٩ ـ ١٠) راجع الفرق ص ١٤١ : ١٥ ـ ١٧ وكتاب الانتصار ص ٦٤

(٧) (١١ ـ ١٥) راجع كشف المراد ص ١٧٧

٢٤٨

وقال قائلون : كان جائزا (١) ان يبتدئ الله سبحانه الخلق فى الجنّة ويبتدئهم بالتفضّل ولا يعرّضهم لمنزلة الثواب ولا يكلّفهم شيئا من المعرفة ويضطرّهم الى معرفته ، وهذا قول «الجبّائى» وغيره

واختلفت المعتزلة فى لعن الله (٢) الكفّار فى الدنيا على مقالتين : فقال اكثرهم : ذلك عدل وحكمة وخير وصلاح للكفّار لأن فيه (٣) زجرا لهم عن المعصية وغلوا فى ذلك حتى زعموا ان عذاب جهنّم فى الآخرة نظر للكافرين (٤) فى الدنيا ورحمة (٥) لهم بمعنى ان ذلك نظر لهم اذ كان قد زجرهم بكون ذلك فى الآخرة عن معاصيه فى الدنيا واستدعاء لهم الى طاعته ، وهذا قول «الاسكافى»

وقال قائلون منهم : ذلك عدل وحكمة ولا نقول هو خير وصلاح ونعمة ورحمة

واختلفت المعتزلة فى الصلاح الّذي يقدر الله عليه هل له كل أم (٦) لا كل له على ثلاثة اقاويل :

فقال «ابو الهذيل» : (٧) لما يقدر الله من (٨) الصلاح والخير كلّ وجميع وكذلك سائر مقدوراته لها كلّ ولا صلاح (٩) اصلح مما فعل

__________________

(١) جائزا : جائز د [ق]

(٢) لعن الله : لعن ح

(٣) فيه : فيهم س

(٤) نظر للكافرين د نظرا للكافرين [ق] س ح

(٥) ورحمة : ورجعة د [ق]

(٦) أم : او [ق]

(٨) من : كذا صحح فى ح وفى سائر الاصول فى

(٩) صلاح : فى الاصول صلاحا

(٧) فقال ابو الهذيل الخ : راجع كتاب الانتصار ص ٨ ـ ١٠

٢٤٩

وقال غيره : لا غاية لما يقدر الله عليه من الصلاح ولا كلّ لذلك وقالوا ان الله يقدر على صلاح لم يفعله الا انه مثل ما فعله

وقال قائلون : كل ما يفعله يجوز ولا يجوز ان يكون صلاح لا يفعله ، وهذا قول «عبّاد»

وقال قائلون : فيما يقدر الله ان يفعله بعباده شيء اصلح من شيء وقد يجوز ان يترك فعلا هو صلاح الى فعل آخر وهو صلاح يقوم مقامه

واختلفت (١) المعتزلة فيمن علم الله انه يؤمن من الاطفال والكفّار (٢) او يتوب من الفسّاق هل يجوز ان يميته قبل ذلك على مقالتين :

فقال قائلون : لا يجوز ذلك بل واجب فى حكمة الله ان لا يميتهم حتى يؤمنوا او يتوبوا واجاز «بشر بن المعتمر (٣)» وغيره ان يميتهم قبل ان يؤمنوا او يتوبوا

واختلفوا فيمن علم الله سبحانه انه يزداد ايمانا هل يجوز ان يخترمه على مقالتين :

فقال قوم (٤) من اصحاب الاصلح : لا يجوز ذلك وقالوا فى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ان الله امتحنه (٥) قبل موته بما بلغ ثوابه على طاعته اياه

__________________

(٢) من الكفار والاطفال [ق]

(٤) قوم : قائلون ح

(٥) امتحنه : سبحانه [ق]

(١) (٧ ـ ١١) راجع اصول الدين ص ١٥١ والفصل ٣ ص ١٧١ و ٤ ص ٢٠٢

(٣) واجاز بشر الخ : راجع الفرق ص ١٤١ : ١٧ ـ ١٨ وكتاب الانتصار ص ٦٤

٢٥٠

قبل مبلغ (١) ثوابه على طاعاته (٢) اياه (٣) لو ابقاه الى يوم القيامة وجعل فى هذه المحنة اعلامه انه يموت فى الوقت الّذي مات فيه

وقال قوم منهم ان ذلك جائز

واجمعت المعتزلة (٤) على ان الله سبحانه خلق عباده لينفعهم لا ليضرّهم وان ما كان من الخلق غير مكلّف فانما خلقه لينتفع (٥) به المكلّف ممن خلق وليكون عبرة لمن يخلقه (٦) ودليلا ، (٧) واختلفوا فى خلق الشيء لا ليعتبر به على مقالتين :

فقال اكثرهم : لن يجوز ان يخلق الله سبحانه الاشياء الا ليعتبر بها العباد وينتفعوا (٨) بها ولا يجوز ان يخلق شيئا (٩) لا يراه احد ولا يحسّ به احد من المكلّفين

وقال بعضهم ممن ذهب الى ان الله عزوجل لم يأمر بالمعرفة ان جميع ما خلقه الله فلم يخلقه ليعتبر به احد ويستدلّ به احد ، وهذا قول «ثمامة بن اشرس» فيما اظنّ

__________________

(١) مبلغ [ق] يبلغ د س ح

(٢) طاعاته : طاعته [ق] ، قال فى الفصل ٣ ص ١٧٢ :

واجاب بعضهم فى هذا السؤال بان قال ان النبي صلعم امتحنه الله عزوجل قبل موته بما بلغ ثوابه على طاعته فيه مبلغ ثوابه على كل طاعة تكون منه لو عاش الى يوم القيمة

(٣) اياه : انه [ق]

(٥) لينتفع : لينفع د س

(٦) يخلقه : خلقه س ح

(٧) ودليلا : ساقطة من ح

(٩) الا ... شيئا : ساقطة من س

(٨) وينتفعوا : فى الاصول وينتفعون

(٤) (٤ ـ ١٣) راجع بحار الانوار ٣ ص ٨٥ ـ ٨٨ وكتاب الانتصار ص ٢٤ ـ ٢٥ واصول الدين ص ١٥٢ والفصل ٣ ص ١٢٥

٢٥١

واختلفوا (١) فيمن قطعت يده وهو مؤمن ثم كفر ومن قطعت يده وهو كافر (٢) ثم آمن على ثلاثة اقاويل :

فقال قوم انه يبدّل يدا اخرى لا يجوز غير ذلك

وقال قائلون (٣) لو ان مؤمنا قطعت يده فادخل النار لبدّلت يده المقطوعة فى حال ايمانه وكذلك الكافر اذا قطعت يده ثم آمن لأن الكافر والمؤمن ليس هما (٤) اليد والرجل

وقال قائلون : توصل يد المؤمن الّذي (٥) كفر ومات على الكفر بكافر قطعت يده وهو كافر (٦) ثم آمن (٧) ثم مات على ايمانه وتوصل يد الكافر الّذي (٨) قطعت يده وهو كافر [ثم آمن] ثم مات على ايمانه بالمؤمن الّذي قطعت يده وهو مؤمن ثم مات على الكفر

واختلفت المعتزلة (٩) هل خلق الله سبحانه الخلق لعلّة أم لا على أربعة اقاويل : فقال «ابو الهذيل» : خلق الله عزوجل خلقه لعلّة والعلّة (١٠) هى الخلق والخلق هو الإرادة والقول ، وانه انما خلق الخلق لمنفعتهم ولو لا ذلك كان لا وجه لخلقهم لأن من خلق ما لا ينتفع به ولا يزيل بخلقه عنه ضررا (١١) ولا ينتفع به غيره ولا يضرّ به غيره فهو عابث

وقال «النظّام» : خلق الله الخلق لعلّة تكون وهى (١٢) المنفعة والعلّة

__________________

(٢) وهو كافر : كافر س كافرا ح

(٣) قائلون : قوم س ح

(٤) هما : هو س

(٥) الّذي : من الّذي س

(٨) (٨ ـ ٩) قطعت ... الّذي : ساقطة من [ق]

(٦) وهو كافر : محذوفة فى د س

(٧) ثم آمن : محذوفة فى ح

(١٠) والعلة : محذوفة فى س

(١١) (١٤ ـ ١٥) ضررا عنه ح

(١٢) وهى : هى س ح

(١) (١ ـ ١٠) راجع اصول الدين ص ٢٦١ ـ ٢٦٢

(٩) (١١ ـ ص ٢٥٣ : ٤) راجع شرح المواقف ٨ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٦

٢٥٢

هى الغرض فى (١) خلقه لهم وما اراد من منفعتهم ولم يثبت علّة معه لها (٢) كان مخلوقا كما قال ابو الهذيل [بل] قال : هى علّة تكون وهى الغرض

وقال «معمّر» : خلق الله الخلق لعلّة والعلّة لعلّة وليس للعلل غاية ولا كلّ

وقال «عبّاد» خلق الله سبحانه الخلق لا لعلّة

واختلفت المعتزلة (٣) فى ايلام الاطفال على ثلاثة اقاويل : (٤)

فقال قائلون : الله يؤلمهم (٥) لا لعلّة ولم يقولوا انه يعوّضهم (٦) من ايلامه اياهم وانكروا ذلك وانكروا ان يعذّبهم فى الآخرة

وقال اكثر المعتزلة ان الله سبحانه يؤلمهم عبرة للبالغين ثم يعوّضهم ولو لا انه يعوّضهم لكان ايلامه اياهم ظلما

وقال اصحاب اللطف انه آلمهم ليعوّضهم (٧) وقد يجوز ان يكون اعطاؤه اياهم ذلك العوض من غير الم اصلح وليس عليه ان يفعل الاصلح

واختلفوا هل يجوز ان يبتدئ الله سبحانه [الاطفال] بمثل العوض من غير الم أم لا (٨) على مقالتين :

فاجاز ذلك بعض المعتزلة وانكره بعضهم

__________________

(١) فى : لعله من

(٢) لها : فى الاصول له

(٤) على ثلاثة اقاويل : محذوفة فى ح

(٥) الله يؤلمهم : يؤلمهم ح

(٦) يعوضهم : يعوضون د [ق]

(٧) يعوضهم : ساقطة من [ق]

(٨) (١٤ ـ ص ٢٥٤ : ١) أم لا ... دائم : ساقطة من س ح

(٣) (٦ ـ ١٢) راجع الفصل ٣ ص ١١٨ ـ ١١٩ وراجع فى مسئلة العوض كشف المراد ص ١٨٦ ـ ١٩٠ وشرح المواقف ٨ ص ١٩٨ ـ ٢٠٠

٢٥٣

واختلفوا فى العوض الّذي يستحقّه الاطفال هل هو عوض دائم (١) أم لا على مقالتين:

فقال قائلون : الّذي يستحقّونه من العوض دائم

وقال قائلون ادامة العوض تفضّل وليس (٢) باستحقاق

واجمعت المعتزلة على انه لا يجوز ان يؤلم الله سبحانه الاطفال فى الآخرة ولا يجوز ان يعذّبهم

واختلفوا فى عوض البهائم (٣) على خمسة اقاويل :

فقال قوم ان الله سبحانه يعوّضها فى المعاد وانها تنعّم فى الجنّة وتصوّر فى احسن الصور (٤) فيكون نعيمها لا انقطاع له

وقال قوم : يجوز ان يعوّضها الله سبحانه فى دار الدنيا ويجوز ان يعوّضها فى الموقف ويجوز ان يكون فى الجنّة على ما حكينا (٥) عن المتقدّمين

وقال «جعفر بن حرب» و «الاسكافى» : قد يجوز ان تكون الحيّات والعقارب وما اشبهها من الهوام والسباع (٦) تعوّض فى الدنيا او فى الموقف ثم تدخل جهنّم فتكون عذابا على الكافرين والفجّار ولا ينالهم من الم جهنّم شيء كما لا ينال خزنة جهنّم

__________________

(١) دائم : ساقطة من [ق]

(٢) وليس : ولا ح

(٤) الصورة د

(٥) حكيناه ح

(٦) السباع والهوام [ق]

(٣) عوض البهائم : راجع كتاب الحيوان للجاحظ (طبع مصر ١٣٢٣) ١ ص ٧٤ واصول الدين ص ٢٣٦ والفصل ٣ ص ١١٣ و ١١٨ ومفاتيح الغيب للرازى فى تفسير الآية الاولى من المائدة (٥ : ١)

٢٥٤

وقال قوم : قد نعلم ان لهم عوضا ولا ندرى كيف هو

وقال «عبّاد» انها تحشر وتبطل

واختلف الذين قالوا بادامة عوضها على مقالتين :

فقال قوم ان الله يكمّل (١) عقولهم حتى يعطوا دوام عوضهم (٢) لا يؤلم بعضهم بعضا ، وقال قوم : بل تكون على حالها فى الدنيا

واختلفوا فى الاقتصاص لبعضها من بعض على ثلاثة اقاويل :

فقال قائلون : يقتصّ لبعضها من بعض فى الموقف وانه لا يجوز الا ذلك وليس يجوز الاقتصاص والعقوبة بالنار ولا بالتخليد فى العذاب لانهم ليسوا بمكلّفين ، وقال قوم : لا قصاص بينهم

وقال قوم ان الله سبحانه يعوّض البهيمة لتمكينه البهيمة (٣) التى جنت عليها ليكون ذلك العوض عوضا لتمكينه (٤) اياها منها ، هذا قول «الجبّائى»

واختلفوا فيمن دخل زرعا لغيره على مقالتين :

فقال (٥) «ابو شمر (٦)» وهو يوافقهم فى التوحيد والقدر : اذا دخل الرجل زرعا لغيره فحرام (٧) عليه ان يقف فيه او يتقدّم او يتأخّر فان تاب وندم (٨) فليس يمكنه الا ان يكون عاصيا لله عزوجل وانه ملوم على ذلك ، وقال غيره : الواجب عليه اذا ندم ان يخرج منه ويضمّن جميع ما استهلك

__________________

(١) يكمل : يكفل د س

(٢) عوضهم : بعضهم د نعيمهم [ق]

(٣) لتمكينه البهيمة : ساقطة من س ح

(٤) لتمكينها [ق]

(٦) ابو شمر : ابو هاشم [ق]

(٧) فحرام : جزاؤه ح

(٨) تاب وندم : قبل س بعد ذلك ح

(٥) (١٣ ـ ١٥) قابل به ما حكى المصنف من الاباضية فى ص ١٠٨ ـ ١٠٩

٢٥٥

واختلفوا فى نعيم الجنّة هل هو تفضل او (١) ثواب على مقالتين : فقال قائلون : كل ما فى الجنّة ثواب ليس (٢) بتفضّل

وقال بعضهم : بل [ما] فيها تفضّل ليس بثواب (٣)

اختلفت (٤) المعتزلة فى ذلك على قولين :

فقال اكثر المعتزلة : (٥) الاجل هو (٦) الوقت الّذي فى معلوم الله سبحانه ان الانسان يموت فيه او يقتل فاذا قتل قتل بأجله واذا مات مات بأجله

وشذّ قوم من جهّالهم فزعموا ان الوقت الّذي فى معلوم الله سبحانه ان الانسان لو لم يقتل لبقى إليه هو اجله دون الوقت الّذي قتل فيه (٧)

واختلف الذين زعموا ان الاجل هو الوقت [الّذي فى معلوم الله سبحانه ان الانسان يموت فيه او يقتل] فى (٨) المقتول الّذي (٩) لو لم يقتل هل كان يموت أم لا على ثلاثة اقاويل:

__________________

(١) او : لعله أم

(٢) ليس : وليس [ق]

(٤) اختلفت : فى الاصول واختلفت

(٥) اكثر المعتزلة : اكثرهم س ح

(٦) هو : قبلها فى الاصول «الّذي» ثم ضرب عليها فى س

(٧) فيه : موته س

(٨) فى : ساقطة من د

(٩) الّذي :

كذا فى الاصول كلها وزاد مصحح على هامش س : «قتل انه» ، ولعل الكلمة زائدة

(٣) القول فى الآجال : راجع اصول الدين ص ١٤٢ ـ ١٤٣ وكشف المراد فى شرح تجريد الاعتقاد ص ١٩٠ والفصل ٣ ص ٨٤ وشرح المواقف ٨ ص ١٧٠ ـ ١٧١ وبحار الانوار ٣ ص ٣٩ ـ ٤٠

٢٥٦

فقال بعضهم : (١) [ان الرجل لو لم يقتل مات فى ذلك الوقت ، وهذا قول «ابى الهذيل»

وقال بعضهم :] يجوز لو لم يقتله القاتل ان يموت ويجوز ان يعيش ، واحال منهم محيلون هذا القول

القول فى الارزاق (٢)

قالت المعتزلة ان الاجسام الله خالقها وكذلك الارزاق وهى ارزاق الله سبحانه فمن غصب انسانا مالا او طعاما فأكله اكل ما رزق الله غيره ولم يرزقه اياه ، وزعموا باجمعهم ان الله سبحانه لا يرزق الحرام كما لا يملّك الله (٣) الحرام وان (٤) الله سبحانه انما رزق (٥) الّذي (٦) ملّكه اياهم دون الّذي غصبه (٧)

وقال اهل الاثبات : الارزاق على ضربين : منها ما ملّكه الله الانسان ومنها ما جعله غذاء له وقواما لجسمه وان كان حراما عليه فهو رزقه اذ جعله الله سبحانه غذاء له لأنه قوام لجسمه

__________________

(١) (١ ـ ٣) استدركنا هذه الجملة من الملل ص ٣٦ وقد اراد المصحح فى س تصحيح ذلك السقط واستدرك على الهامش بعد واو العطف من قوله «ويجوز» (فى السطر ثالث) : «قال بعضهم» ولم يصب فى تصحيحه ذلك لان القول قول فرقة واحدة كما قال فى كشف المراد ص ١٩٠ : اختلف الناس فى المقتول لو لم يقتل فقالت المجبرة انه كان يموت قطعا وهو قول ابى الهذيل العلاف وقال بعض البغداديين انه كان يعيش قطعا وقال اكثر المحققين انه كان يجوز ان يعيش ويجوز له ان يموت

(٣) يملك الله : يملك ح

(٤) وان : وكف [ق]

(٥) رزق : يرزق ح

(٦) الّذي : الذين ح

(٧) غصبه : لعله غصبوه

(٢) القول فى الارزاق : راجع اصول الدين ص ١٤٤ ـ ١٤٥ والفصل ٣ ص ٨٦ وكشف المراد ص ١٩١ وشرح المواقف ٨ ص ١٧٢ والملل ص ٣٦ وبحار الانوار ٣ ص ٤٠ ـ ٤٢ ١٧ مقالات الاسلاميين ـ ١٧

٢٥٧

القول فى الشهادة (١)

اختلفت المعتزلة فى ذلك على أربعة اقاويل :

فقال قائلون : هو الصبر على ما ينال الانسان من الم الجراح المؤدّى الى القتل والعزم على (٢) ذلك وعلى التقدّم (٣) الى الحرب وعلى الصبر على ما يصيبه وكذلك قالوا فى المبطون والغريق ومن مات تحت الهدم ، قالوا : وان غوفص انسان من المسلمين بشيء مما ذكرنا فكان عزمه على التسليم (٤) والصبر قد كان تقدّم ودخل فى جملة اعتقاده

وقال قائلون : الشهادة هى الحكم من الله سبحانه لمن قتل من المؤمنين فى المعركة بأنه شهيد وتسميته (٥) بذلك

وقال قائلون : الشهادة هى الحضور لقتال العدوّ اذا (٦) قتل سمّى شهادة وقال قائلون : الشهداء هم العدول قتلوا او (٧) لم يقتلوا وزعموا ان الله سبحانه قال : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) (٢ : ١٤٣) فالشهداء (٨) هم المشاهدون لهم ولاعمالهم وهم العدول المرضيّون (٩)

__________________

(٢) والعزم على : كذا صححنا وفاقا لعبارة كتاب اصول الدين ص ١٤٣ والفصل ٣ ص ١٦٣ وفى الاصول كلها : والغرق مثل

(٣) وعلى التقدم : كذا صحح فى ح وفى سائر الاصول : على التقدم

(٤) عزمه على التسليم : ساقطة من ح وفى س مستدركة فى الهامش

(٥) وتسميته : فى الاصول وتسميه

(٦) وقال ... اذا : ساقطة من ح

(٧) او : لعله أم

(٨) فالشهداء : فالشهيد د [ق]

(٩) المرضون س ح

(١) القول فى الشهادة : راجع فى مادة «شهيد» واصول الدين ص ١٤٣ ـ ١٤٤ والفصل ٣ ص ١٦٣ ـ ١٦٤ و ٤ ص ٢٠٢

٢٥٨

القول فى الختم والطبع (١)

اختلفت المعتزلة فى ذلك على مقالتين :

فزعم بعضهم ان الختم من الله سبحانه والطبع على قلوب الكفّار هو الشهادة والحكم انهم (٢) لا يؤمنون وليس ذلك بمانع لهم من الايمان

وقال قائلون : الختم والطبع هو السواد فى القلب كما يقال طبع السيف اذا صدئ من غير ان يكون ذلك مانعا لهم عما امرهم به ، وقالوا : جعل الله ذلك سمة لهم تعرف (٣) الملئكة بتلك السمة فى القلب اهل ولاية الله سبحانه (٤) من اهل (٥) عداوته

وقال اهل الاثبات : قوّة الكفر طبع ، وقال بعضهم : معنى ان الله طبع على قلوب الكافرين اى خلق فيها الكفر ، وقالت «البكرية» ما سنذكره (٦) بعد هذا الموضع ان شاء الله (٧)

القول فى الهدى (٨)

اختلفت (٩) المعتزلة هل يقال ان الله سبحانه هدى الكافرين أم لا على مقالتين

__________________

(٢) انهم : لعله بانهم

(٣) تعرف : فى الاصول كلها تعرفه ، قال فى شرح المواقف ٨ ص ١٦٨ : (الثانى) وهو للجبائى وابنه ومن تابعهما (وسمها بسمات تعرفها الملائكة فيتميز بها الكافر عن المؤمن)

(٤) ولاية الله سبحانه : ولايته ح

(٥) من اهل : من د [ق]

(٦) سنذكره : ستذكر به ح

(٧) ان شاء الله : محذوفة فى س ح

(٩) اختلفت : فى الاصول واختلفت

(١) القول فى الحتم والطبع : راجع كتاب الانتصار ص ١٢١ والفصل ٣ ص ٤٩ وشرح المواقف ٨ ص ١٦٨

(٨) القول فى الهدى : راجع اصول الدين ص ١٤١ والفصل ٣ ص ٤٣ وكشف المراد ص ١٧٦ وشرح المواقف ٨ ص ١٦٩ ـ ١٧٠ وبحار الانوار ٣ ص ٤٥ ـ ٥٨

٢٥٩

فقال اكثر المعتزلة ان الله هدى الكافرين فلم يهندوا ونفعهم بأن قوّاهم على الطاعة فلم ينتفعوا واصلحهم فلم يصلحوا

وقال قائلون : لا نقول ان الله هدى الكافرين على وجه من الوجوه بأن بيّن لهم ودلّهم (١) لان بيان الله ودعاءه (٢) هدى لمن قبل دون من لم يقبل كما ان دعاء ابليس (٣) [اضلال] لمن قبل دون من لم يقبل

وقال اهل الاثبات : لو هدى الله الكافرين لاهتدوا فلما لم يهدهم لم يهتدوا وقد يهديهم بان يقوّيهم على الهدى فتسمّى القدرة على الهدى هدى وقد يهديهم بأن يخلق هداهم

واختلف الذين قالوا ان الله هدى الكافرين بان بيّن لهم ودلّهم وان هذا هو الهدى العامّ فى الهدى الّذي (٤) يفعله بالمؤمنين دون الكافرين على مقالتين : (٥)

فقال قائلون : قد نقول ان الله هدى المؤمنين بان سمّاهم مهتدين وحكم لهم بذلك وقالوا : ما (٦) يزيد الله [المؤمنين] بايمانهم من الفوائد والالطاف هو هدى كما قال : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) (٤٧ : ١٧) وقال قائلون : لا نقول ان (٧) الله هدى بان سمّى وحكم ولكن

__________________

(١) ودلهم : لو كانت (ودعاهم) لكانت اوفق لما يأتى من قوله ودعاءه ولكن العبارة وقعت هكذا ثلاث مرات س ٩ وص ٢٦١ : ١ وقال فى اصول الدين ص ١٤١ : على معنى الارشاد والدعاء وابانة الحق

(٢) ودعاءه ح دعاه د [ق] س

(٣) لمن ... ابليس :

ساقطة من د

(٤) الّذي : لمن د

(٥) مقالتين : كذا فى الاصول فليتأمل العدد

(٦) ما : فى الاصول من

(٧) ان : بان س ح

٢٦٠