مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين

أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري

مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين

المؤلف:

أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار النشر : فرانز اشتاينر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٤

(١) وقال «ابو موسى المردار (٢)» فى الجواب عن ذلك : اطلاق (٣) هذا الكلام على البارئ عزوجل قبيح لا يستحسن اطلاقه فى رجل من المسلمين فكيف يطلق فى الله فمنع ان يقال : لو فعل البارئ الظلم لقبح ذلك [لا] لاستحالته ، وكان «ابو موسى» اذا جدّد الكلام عليه (٤) قال : لو فعل الله (٥) الظلم لكان ظالما ربّا (٦) إلها قادرا ، ولو ظلم مع وجود الدلائل على انه لا يظلم (٧) لكان يدلّ بدلائل (٨) على انه يظلم (٩)

وكان «بشر بن المعتمر» يقول ان الله يقدر ان يعذّب الاطفال ، فاذا قيل له : فلو عذّب الطفل؟ قال : لو عذّبه لكان يكون بالغا كافرا مستحقّا للعذاب

وكان «محمد بن شبيب» يزعم ان الله يقدر ان يظلم ولكن الظلم لا يكون الا ممن به آفة فعلمت انه لا يكون من الله سبحانه فلا معنى لقول من قال : لو فعله

وكان بعضهم يزعم ان الله يقدر ان يفعل العدل وخلافه والصدق وخلافه ولا يقول : يقدر ان يظلم ويكذب ، قال صاحب هذا الجواب : ان قال قائل : هل معكم امان من ان يفعله؟ قال : نعم هو

__________________

(٢) المردار : الفردان د الهردان ق القدار س

(٣) ذلك اطلاق : اطلاقه ق

(٤) جدد الكلام عليه : جذب عليه الكلام ح حدث الكلام عليه ق س

(٥) فعل الله : فعل د

(٦) ربا : بارا ح

(٧) انه لا يظلم : انه يظلم د ق س

(٨) لكان يدل بدلائل : فيما بعد من الكتاب عند اعادة هذا البحث : لكانت تدل دلائل

(١) (١ ـ ٦) راجع كتاب الانتصار ص ٦٦ ـ ٦٧

(٩) (٧ ـ ٩) راجع كتاب الانتصار ص ٦٥ والفرق ص ١٤٣ ـ ١٤٤ والملل ص ٤٥

٢٠١

ما اظهر من ادلّته على انه لا يفعله ، فاذا قيل له : أفيقدر ان يفعله مع الدليل على ان لا يفعله؟ اجاب بأنه قادر على ان يفعله مع الدليل مفردا من الدليل لئلا يتوهّم الدليل دليلا (١) والظلم واقعا ، وكذلك اذا (٢) قيل له : لو فعله مع الدليل على انه لا يفعله وفعل الظلم ، وزعم (٣) ان الظلم لو وقع لكانت العقول بحالها وكانت الاشياء التى يستدلّ بها اهل العقول غير هذه الاشياء الدالّة فى يومنا هذا وكانت تكون هى هى ولكن على خلاف هيئاتها ونظمها واتّساقها التى هى اليوم عليه ، (٤) وهذا قول «جعفر بن حرب» (٥)

وكان «الاسكافى» يقول : يقدر الله على الظلم الا ان الاجسام تدلّ بما فيها من العقول والنعم التى انعم بها على خلقه على ان الله (٦) لا يظلم والعقول تدلّ بأنفسها على ان الله ليس بظالم وليس يجوز ان يجامع الظلم ما (٧) دلّ لنفسه على ان الظلم لا يقع من الله ، وكان اذا قيل له : فلو وقع الظلم منه كيف كانت تكون القصّة؟ (٨) قال : يقع [و] الاجسام معرّاة (٩) من العقول التى دلّت بأنفسها وأعينها (١٠) على ان الله لا يظلم

وكان «هشام الفوطى (١١)» و «عبّاد بن سليمان» اذا قيل لهما : لو فعل

__________________

(١) اجاب ... دليلا : فيما بعد عند اعادة ذكر هذا القول : قال نعم يقدر مع الدليل ان يفعل مفردا من الدليل لا بأن نتوهم الدليل دليلا

(٢) وكذلك اذا : واذا ح

(٣) وزعم د فزعم ق س ح

(٤) التى ـ عليه : لعله الّذي ـ عليه او التى ـ عليها

(٦) على ان الله د على ان ق س ان ح

(٧) ما : في الاصول بما

(٨) القصة د القضية ق س ح

(٩) معراة د متعراة ق س متعرية ح

(١٠) واعينها : وبعينها د

(١١) الفوطى : القرطى د

(٥) (٩ ـ ١٤) قابل كتاب الانتصار ص ٩٠

٢٠٢

الله سبحانه الظلم كيف كانت تكون القصّة؟ (١) احالا هذا القول وقالا : ان اراد القائل بقوله لو الشكّ فليس عندنا شكّ فى ان الله لا يظلم وان اراد بقوله لو النفى فقد قال ان الله لا يجور ولا (٢) يظلم فليس (٣) يسوغ ان يقال لو ظلم البارئ جل جلاله

القول فى ان الله قادر على ما علم انه لا يكون

اختلفت المعتزلة فى ذلك على أربعة اقاويل :

فقال «ابو الهذيل» ومن اتّبعه و «جعفر بن حرب» ومن وافقه : البارئ قادر على ما علم انه لا يكون واخبر انه لا يكون ، ولو كان ما علم انه لا يكون مما يكون كان عالما انه يفعله لكان الخبر بأنه يكون سابقا (٤)

وكان «على الاسوارى» يحيل ان يقرن القول ان الله يقدر على الشيء ان يفعله بالقول انه عالم انه لا يكون وانه قد اخبر انه لا يكون ، واذا افرد احد القولين من الآخر كان الكلام صحيحا وقيل ان الله سبحانه قادر على ذلك الشيء ان يفعله

وقال «عبّاد بن سليمان» : ما علم انه لا يكون لا اقول انه (٥) قادر [على] ان يكون ولكن اقول : قادر عليه كما اقول : الله عالم به ولا اقول انه عالم بأنه يكون لأنّ اخبارى بأن الله قادر على ان يكون

__________________

(١) القضية د القضية ق س ح

(٢) يظلم وان ... ولا : ساقطة من ح

(٣) فليس : فى الاصول وليس

(٥) اقول انه ح اقوله د ق س

(٤) (١٠ ـ ١٣) راجع كتاب الانتصار ص ٢٠ ـ ٢١

٢٠٣

ما علم انه لا يكون اخبار (١) انه يقدر وانه يكون ، وكان اذا قيل له : فهل يفعل الله ما علم انه لا يفعله؟ احال القول

وكان «الجبّائى» اذا قيل له : لو فعل القديم ما علم انه لا يكون واخبر انه لا يكون كيف كان يكون العلم والخبر؟ احال ذلك ، وكان يقول مع هذا انه لو آمن (٢) من علم الله انه لا يؤمن لأدخله (٣) الجنّة ، وكان يزعم انه اذا وصل مقدور بمقدور صحّ الكلام كقوله : لو آمن الانسان لأدخله الله الجنّة وانما الايمان خير له ، (٤) (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا) (٦ : ٢٨) فالردّ مقدور عليه فقال لو كان الردّ مقدورا منهم لكان عود مقدور (٥) ، وكان يزعم انه اذا وصل [محال] بمحال صحّ الكلام كقول القائل : لو كان الجسم متحرّكا ساكنا فى حال لجاز ان يكون حيا ميّتا فى حال وما اشبه ذلك ، وكان يزعم انه اذا وصل مقدور (٦) بما هو مستحيل استحال الكلام كقول القائل : لو آمن من علم الله واخبر انه لا يؤمن كيف كان [يكون] العلم والخبر؟ وذلك انه [ان] قال : كان لا يكون الخبر عن انه يؤمن سابقا بأن (٧) لا يكون كان الخبر الّذي قد كان بأنه لا يؤمن وبأن لا يكون لم يزل عالما (٨) استحال الكلام لأنه يستحيل ان لا يكون

__________________

(١) اخبار ح انه اخبار د ق س

(٢) انه لو آمن : ساقطة من د ق س

(٣) لادخله ح الادخله د ق س

(٤) وانما الايمان خير له : فى ما بعد من الكتاب عند اعادة حكاية هذا القول : وكان الايمان خيرا له

(٥) فى الموضع الّذي سيأتى :

لو كان الرد المقدور لكان منهم عود مقدور وهو اشبه

(٦) مقدورا د ق س

(٧) بأن : كان ق س

(٨) وبان لا يكون لم يزل عالما : فى ح وبأن لا يؤمن وبأن لا يكون لم يزل عالما

٢٠٤

ما قد كان بأن لا يكون كان ويستحيل ان لا يكون البارئ عالما بما لم يزل عالما به (١) بأن (٢) لا يكون لم يزل عالما ، وان قال : كان يكون الخبر عن انه لا يكون والعلم بأنه لا يكون ثابتا صحيحا وان كان الشيء الّذي علم واخبر انه لا يكون استحال الكلام ، وان قال : كان الصدق ينقلب كذبا والعلم ينقلب جهلا استحال الكلام ، فلما كان المجيب على هذه الوجوه على اىّ وجه (٣) اجاب عن السؤال استحال كلامه لم يكن الوجه فى الجواب الا نفس احالة سؤال السائل

واختلفت المعتزلة فى جواز كون ما علم الله (٤) انه لا يكون على أربعة قاويل :

فقال اكثر المعتزلة : ما علم الله سبحانه انه لا يكون لاستحالته او العجز عنه فلا يجوز كونه مع استحالته ولا مع العجز عنه ومن قال : يجوز ان يكون المعجوز عنه بأن يرتفع العجز (٥) عنه وتحدث القدرة عليه فيكون الله عالما بأنه يكون يذهب هذا (٦) القائل بقوله يجوز الى ان الله قادر على ذلك فقد صدق ، وما علم الله سبحانه انه (٧) لا يكون لترك فاعله له فمن قال : يجوز ان يكون بأن لا يتركه فاعله ويفعل اخذه (٨) بدلا من تركه ويكون (٩) الله عالما بأنه يفعله يريد بقوله يجوز يقدر فذلك صحيح

__________________

(١) عالما به : عالما ق

(٢) بأن : بأنه ح

(٣) على اى وجه : ساقطة من د ق س

(٤) علم الله ح علم د ق س

(٥) العجز : ساقطة من ح

(٦) هذا : اقطة من ح

(٧) انه : ان [ق] وهنا يعود الخط الجديد فى ق

(٨) اخذه : ضده ح

(٩) ويكون : لعله فيكون كما مر فى س ١٣

٢٠٥

وقال «عليّ الاسوارى» : ما علم الله سبحانه انه لا يكون لم نقل انه يجوز ان يكون (١) اذا قرّنا ذلك بالعلم بأنه لا يكون

وقال «عبّاد» : (٢) قول من قال يجوز ان يكون ما علم الله سبحانه انه لا يكون فهو كقوله : يكون ما علم الله انه لا يكون او من قال : يجوز ان يكون ما علم الله انه لا يكون لأن معنى يجوز عنده معنى الجواز

وقال «الجبّائى» : ما علم الله سبحانه انه لا يكون واخبر انه لا يكون فلا يجوز ان يكون عند من صدّق باخبار الله ، وما علم انه لا يكون ولم يخبر بأنه لا يكون فجائز (٣) عندنا ان يكون وتجويزنا لذلك هو الشكّ فى ان يكون او لا يكون لأنّ (٤) يجوز عنده فى اللغة على وجهين : بمعنى الشكّ وبمعنى يحلّ

واتفقت المعتزلة على ان البارئ سبحانه ليس بذى علم محدث يعلم به ، ولا يجوز ان تبدو له البدوات ، ولا يجوز على اخباره النسخ لأن النسخ لو جاز على الاخبار لكان اذا اخبرنا (٥) ان شيئا يكون ثم نسخ ذلك بأن اخبر انه لا يكون لكان لا بدّ من ان يكون احد الخبرين كذبا ، قالوا وانما الناسخ والمنسوخ فى الامر والنهى (٦)

واجمعت المعتزلة على انكار القول بالماهيّة وانّ للماهيّة لا يعلمها العباد وقالوا : اعتقاد ذلك فى الله سبحانه خطأ وباطل

__________________

(١) ان يكون : فى الاصول ان لا يكون

(٢) عباد بن سليمان [ق]

(٣) فجائز :

فى الاصول جائز

(٤) لان : ساقطة من ح

(٥) اخبرنا : اخبر ح

(٦) (١٦ ـ ١٧) راجع كتاب الانتصار ص ٨٧

٢٠٦

هذا (١) شرح اختلاف الناس فى التجسيم (٢)

قد اخبرنا عن المنكرين للتجسيم انهم يقولون ان البارئ جل ثناؤه ليس بجسم ولا محدود ولا ذى نهاية ، ونحن الآن نخبر اقاويل المجسّمة واختلافهم فى التجسيم

اختلفت المجسمة فيما بينهم (٣) فى التجسيم وهل للبارئ تعالى قدر من الاقدار وفى مقداره على ست عشرة مقالة : (٤)

فقال «هشام بن الحكم» ان الله جسم محدود عريض عميق طويل طوله مثل عرضه وعرضه مثل عمقه نور ساطع له قدر من الاقدار بمعنى ان له مقدارا فى طوله وعرضه وعمقه لا يتجاوزه ، (٥) فى مكان دون مكان كالسبيكة الصافية يتلألأ كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها ذو لون وطعم ورائحة ومجسّمة لونه هو طعمه وهو رائحته وهو مجسّمة وهو نفسه لون ولم يثبت لونا غيره وانه يتحرّك ويسكن ويقوم ويقعد ، وحكى عنه «ابو الهذيل» انه اجابه الى ان جبل ابى قبيس (٦) اعظم من معبوده ، وحكى عنه «ابن الراوندى» انه زعم (٧) ان الله سبحانه يشبه الاجسام التى خلقها من جهة من الجهات ولو لا

__________________

(١) هذا : محذوفة فى د

(٣) فى التجسيم ... بينهم : ساقطة من د

(٥) يتجاوزه : يتجاوز ح

(٦) جبل ابى قبيس : أبا قبيس ح

(٧) زعم : يزعم س ح

(٢) التجسيم : راجع بحار الانوار ج ٢ باب ١٣ ـ ١٥

(٤) (٧ ـ ص ١٩٨ : ٢) : راجع ص ٣١ ـ ٣٣

٢٠٧

ذلك ما دلّت عليه وحكى عنه انه قال : هو جسم لا كالاجسام ومعنى ذلك (١) انه شيء موجود

وقد ذكر عن بعض المجسّمة انه كان يثبت البارئ ملوّنا ويأبى ان يكون ذا طعم ورائحة ومجسّمة وان يكون طويلا وعريضا (٢) وعميقا (٣) وزعم انه فى مكان دون مكان متحرّك من وقت خلق الخلق

وقال قائلون ان البارئ (٤) جسم وانكروا ان يكون موصوفا بلون او طعم او رائحة او مجسّمة او شيء مما وصف به «هشام» غير انه على العرش مماسّ له دون ما سواه

واختلفوا فى مقدار البارئ بعد ان جعلوه جسما

فقال قائلون : هو جسم وهو فى كل مكان وفاضل عن جميع الاماكن وهو مع ذلك متناه غير ان مساحته اكثر من مساحة العالم لأنه اكبر من كل شيء

وقال بعضهم : مساحته على قدر العالم ، (٥) وقال بعضهم ان البارئ جسم له مقدار فى المساحة ولا ندرى كم ذلك القدر ،

وقال بعضهم : هو فى احسن الاقدار واحسن الاقدار ان يكون (٦) ليس بالعظيم الجافى ولا القليل القمىء ، وحكى عن «هشام بن الحكم» ان احسن الاقدار ان يكون سبعة اشبار بشبر نفسه

__________________

(١) ذلك : ساقطة من د س ح

(٢) او عريضا س ح

(٣) او عميقا د س ح

(٤) ان البارى : الباري [ق]

(٥) قدر العالم : بعض العالم ح

(٦) (١٦ ـ ١٧) راجع ص ٣٣ : ١٠

٢٠٨

وقال بعضهم : ليس لمساحة البارئ نهاية ولا غاية وانه ذاهب فى الجهات الستّ اليمين والشمال والامام والخلف والفوق والتحت قالوا : وما كان كذلك لا يقع عليه اسم جسم ولا طويل ولا عريض ولا عميق وليس بذى حدود ولا هيئة ولا قطب (١)

وقال قوم ان معبودهم هو الفضاء وهو جسم تحلّ الاشياء فيه ليس بذى غاية ولا نهاية ، وقال بعضهم : هو الفضاء وليس بجسم والاشياء قائمة به

وقال (٢) «داود الجواربى» (٣) و «مقاتل بن سليمان» ان الله جسم وانه جثّة (٤) على صورة الانسان لحم ودم وشعر وعظم له جوارح واعضاء من يد ورجل ولسان ورأس وعينين وهو مع هذا لا يشبه غيره ولا يشبهه ، وحكى عن «الجواربى» (٥) انه كان يقول : اجوف (٦) من فيه الى صدره ومصمت ما سوى ذلك ، وكثير من الناس يقولون : هو مصمت ويتأوّلون قول الله : الصمد (١١٢ : ٢) المصمت (٧) الّذي ليس باجوف (٨)

وقال «هشام بن سالم الجواليقى» ان الله على صورة الانسان وانكر ان يكون لحما ودما ، وانه نور ساطع يتلألأ بياضا وانه ذو حواسّ خمس كحواسّ الانسان سمعه غير بصره وكذلك سائر حواسّه له يد ورجل واذن وعين وانف وفم وان له وفرة سوداء

__________________

(١) قطب : قطب [ق]

(٣) الجواربى : فى الاصول الحوارى

(٥) الجواربى : فى الاصول الحوارى

(٤) وانه جثة : فى ص ١٥٣ : ١ : وان له جمة فتأمل

(٦) اجوف : انه اجوف [ق]

(٧) المصمت : محذوفة فى ح

(٢) (٧ ـ ١٢) قابل ص ١٥٢ ـ ١٥٣

(٨) (١٣ ـ ١٦) راجع ص ٣٤

٢٠٩

وممن قال بالصورة من ينكر ان يكون البارئ جسما ، وممن قال بالتجسيم من ينكر ان يكون (١) البارئ صورة

باب اختلافهم فى البارئ هل هو فى مكان دون مكان أم لا فى مكان (٢) أم فى كل مكان وهل تحمله الحملة أم يحمله العرش وهل هم ثمانية املاك أم ثمانية اصناف من الملئكة ، اختلفوا فى ذلك على سبع عشرة مقالة : (٣)

قد ذكرنا قول من امتنع من ذلك (٤) وقال انه فى كل مكان حالّ وقول من قال : لا نهاية له وان هاتين الفرقتين انكرتا القول انه (٥) فى مكان دون مكان

وقال قائلون : (٦) هو جسم خارج من جميع صفات الجسم ليس بطويل ولا عريض ولا عميق (٧) ولا يوصف بلون ولا طعم ولا مجسّمة ولا شيء من صفات الاجسام وانه ليس فى الاشياء ولا على العرش الا على معنى انه فوقه (٨) غير مماسّ له وانه فوق الاشياء وفوق العرش ليس بينه وبين الاشياء اكثر من انه فوقها

وقال «هشام بن الحكم» ان ربّه فى مكان دون مكان وان مكانه هو العرش وانه مماسّ للعرش وان العرش قد حواه وحدّه

__________________

(١) ان يكون : ان س

(٢) أم لا فى مكان : محذوفة فى ح

(٤) من ذلك : محذوفة فى س

(٥) انه : به [ق]

(٦) قائلون : ساقطة من ح

(٧) ولا عميق : ساقطة من ح

(٨) فوقه : فوقها د

(٣) (٧ ـ ٩) راجع ص ١٥٧

٢١٠

(١) وقال بعض اصحابه ان البارئ قد ملأ العرش وانه مماسّ (٢) له

وقال بعض من ينتحل الحديث ان العرش لم يمتلئ به وانه يقعد نبيّه عليه السلم معه على العرش

وقال اهل السنّة واصحاب الحديث : ليس بجسم ولا يشبه الاشياء وانه على العرش كما قال عزوجل : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٢٠ : ٥) ولا نقدم (٣) بين يدى الله فى القول بل نقول استوى (٤) بلا كيف وانه نور كما قال تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٢٤ : ٣٥) وانّ له وجها كما قال الله : (٥) (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) (٥٥ : ٢٧) وانّ له يدين كما قال : (خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (٣٨ : ٧٥) وانّ له عينين كما قال : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) (٥٤ : ١٤) وانه يجيء يوم القيامة هو وملائكته كما قال : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (٨٩ : ٢٢) وانه ينزل الى السماء الدنيا كما جاء فى الحديث ، ولم يقولوا شيئا الا ما وجدوه فى الكتاب او جاءت به الرواية عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وقالت المعتزلة ان الله استوى على عرشه بمعنى استولى

وقال بعض الناس : الاستواء القعود والتمكّن

واختلف الناس فى حملة العرش ما الّذي تحمل :

فقال قائلون : الحملة تحمل البارئ وانه اذا غضب ثقل على

__________________

(٢) مماس : ليس بمماس ح

(٤) ولا نقدم ... استوى : ساقطة من [ق]

(٣) نقدم ح تتقدم د س

(٥) تعالى ... قال الله : ساقطة من د س

(١) قابل ص ٣٣ : ١١ ـ ١٣

٢١١

كواهلهم واذا رضى خفّ فيتبيّنون غضبه من رضاه وان العرش له اطيط اذا ثقل عليه كأطيط الرحل ، وقال بعضهم : ليس يثقل البارئ ولا يخفّ ولا تحمله الحملة ولكن العرش هو الّذي يخفّ ويثقل وتحمله الحملة

وقال بعضهم : الحملة ثمانية املاك ، وقال بعضهم : ثمانية اصناف

وقال قائلون انه على العرش وانه بائن منه لا بعزلة واشغال (١) لمكان غيره بل ببينونة ليس على العزلة والبينونة من صفات الذات

القول فى المكان (٢)

اختلفت المعتزلة فى ذلك فقال قائلون : ان الله بكل مكان بمعنى انه مدبّر لكل مكان ، (٣) وقال قائلون : البارئ لا فى مكان بل هو على ما لم يزل عليه ، وقال قائلون : البارئ فى كل مكان بمعنى انه حافظ للاماكن وذاته مع ذلك موجودة بكل مكان (٤)

واختلفوا هل يقال ان البارئ لم يزل عالما قادرا حيّا أم لا يقال ذلك (٥) على مقالتين :

فقال قائلون : لم يزل الله عالما [قادرا] حيّا

وزعم كثير من المجسمة ان البارئ كان قبل ان يخلق الخلق ليس بعالم (٦) ولا قادر ولا سميع ولا بصير ولا مريد (٧) ثم اراد وارادته عندهم

__________________

(١) واشغال : وانتقال ح

(٣) بمعنى انه مدبر لكل مكان : محذوفة فى د س ح

(٥) يقال ذلك : محذوفة فى ح

(٧) ليس بعالم ... مريد : غير مريد ح

(٢) (٩ ـ ١٢) قابل ص ١٥٧ : ١ ـ ٦

(٤) (١٣ ـ ١٤) راجع ص ٣٦ ـ ٣٩

(٦) (١٧ ـ ص ٢١٣ : ٤) قابل ص ٤١ : ١٢ ـ ١٣

٢١٢

حركته فاذا اراد كون شيء (١) تحرّك فكان (٢) الشيء لأن معنى اراد تحرّك وليست الحركة غيره ، وكذلك قالوا فى قدرته وعلمه وسمعه وبصره انها معان وليست غيره وليست بشيء لأن الشيء هو الجسم وقال قائلون : حركة البارئ غيره

واختلف القائلون ان البارئ يتحرّك على مقالتين :

فزعم «هشام» ان حركة البارئ هى فعله الشيء ، (٣) وكان يأبى ان يكون البارئ يزول مع قوله يتحرّك

واجاز عليه «السكّاك» الزوال وقال : لا يجوز عليه الطفر (٤)

وحكى عن رجل كان يعرف «بابى شعيب» ان البارئ يسرّ بطاعة اوليائه (٥) وينتفع بها وبانابتهم (٦) ويلحقه العجز بمعاصيهم اياه تعالى عن ذلك علوّا كبيرا

واختلفوا فى رؤية البارئ (٧) بالابصار على تسع عشرة مقالة : (٨)

فقال قائلون : يجوز ان نرى الله بالابصار فى الدنيا ولسنا (٩) ننكر

__________________

(١) كون شيء : يكون شيء س ان يكون الشيء ح

(٢) فكان : فى الاصول مكان

(٣) للشىء [ق]

(٥) اوليائه ح اولياء الله د [ق] س

(٦) وبانابتهم : وباثابتهم د ح وبانابتهم [ق] وفى س بغير تعجيم اصلا

(٧) رؤية البارئ : رؤية الله س ح

(٩) ولسنا [ق] ولست د س ح وفى ح بين السطرين : وليس

(٤) (٩ ـ ١١) راجع الفصل ٤ ص ٢٢٧ واصول الدين ص ٧٩

(٨) (١٣ ـ ص ٢١٤ : ٥) هذه حكاية الكعبى : قال فى تلبيس ابليس ص ١٨٤ : وقد حكى ابو القاسم عبد الله بن احمد البلخى فى كتاب المقالات قال حكى [عن] قوم من المشبهة انهم يجيزون رؤية الله تعالى بالابصار فى الدنيا وانهم لا ينكرون ان يكون بعض من يلقاهم فى السكك وان قوما يجيزون مع ذلك مصافحته وملازمته وملامسته ويدعون انهم يزورونه ويزورهم وهم يسمون بالعراق اصحاب الباطن واصحاب الوسواس واصحاب الخطرات ، وقال فى الملل ص ٧٧ : وحكى الكعبى عن بعضهم انه كان يجوز الروية فى الدنيا ان يزوروه ويزورهم ، راجع أيضا الفصل ٤ ص ٢٢٧

٢١٣

ان يكون بعض من نلقاه فى الطرقات (١)

واجاز عليه بعضهم الحلول فى الاجسام ، واصحاب الحلول (٢) اذا رأوا انسانا (٣) يستحسنونه لم يدروا لعل إلههم فيه (٤)

واجاز كثير ممن اجاز رؤيته فى الدنيا مصافحته وملامسته ومزاورته اياهم ، وقالوا ان المخلصين يعانقونه فى الدنيا والآخرة اذا ارادوا ذلك ، حكى (٥) ذلك عن بعض (٦) اصحاب «مضر» (٧) و «كهمس»

وحكى عن اصحاب «عبد الواحد (٨) بن زيد» انهم كانوا يقولون ان الله سبحانه يرى على قدر الاعمال فمن كان عمله افضل رءاه احسن (٩)

وقد قال قائلون انّا نرى الله فى الدنيا فى النوم فاما فى (١٠) اليقظة فلا ، وروى [عن] «رقبة بن مصقلة» انه قال : رأيت ربّ العزّة فى النوم فقال : لاكرمنّ مثواه يعنى سليمان التيمى صلّى الفجر بطهر العشاء اربعين سنة

__________________

(٢) واصحاب الحلول : ساقطة من د

(٣) انسانا : اسبابا د

(٥) حكى : وحكى ح

(٦) حكى ذلك عن بعض : عن [ق]

(٧) مضر : معمر س ح مصمر د [ق]

(٨) عبد الواحد : الواحد [ق]

(٩) احسن : حسنا [ق]

(١٠) فاما فى : فاما [ق]

(١) (٢ ـ ٣) راجع فى مادة «حلمانية» و «حلول» والفرق ص ٢١٥ و ٢٤٥ ـ ٢٤٦ واصول الدين ص ٧٧ و ٣٢٢ وتلبيس ابليس ص ١٨١

(٤) (٤ ـ ٦) قال الشهرستانى فى الملل والنحل ص ٧٧ : فحكى الاشعرى عن محمد بن عيسى انه حكى عن مضر وكهمش واحمد الهجيمى انهم اجازوا على ربهم الملامسة والمصافحة وان المخلصين من المسلمين يعانقونه فى الدنيا والآخرة اذا بلغوا فى الرياضة والاجتهاد الى حد الاخلاص والاتحاد المحض

٢١٤

وامتنع كثير من القول انه يرى فى الدنيا ومن سائر ما اطلقوه وقالوا انه يرى فى الآخرة

واختلفوا أيضا فى ضرب آخر :

فقال قائلون نرى جسما محدودا مقابلا لنا فى مكان دون مكان

وقال «زهير الاثرى (١)» : ذات (٢) الله عزوجل فى كل مكان وهو مستو على عرشه ونحن نراه فى الآخرة على عرشه بلا كيف ، وكان يقول (٣) ان الله يجيء يوم القيامة الى مكان لم يكن خاليا منه وانه ينزل الى السماء الدنيا ولم تكن خالية (٤) منه

واختلفوا فى رؤية الله عزوجل بالابصار هل هى ادراك (٥) له بالابصار أم لا :

فقال قائلون : هى ادراك له بالابصار وهو يدرك بالابصار

وقال قائلون : يرى (٦) الله سبحانه بالابصار ولا (٧) يدرك بالابصار (٨)

واختلفوا فى ضرب آخر :

فقال قائلون : نرى الله جهرة ومعاينة ، وقال قائلون : لا نرى الله جهرة ولا معاينة

__________________

(١) الاثرى ح الاثرى د الابرى [ق] الاثيريرى س

(٢) ذات : ترى ذات [ق] س

(٣) وكان يقول : وقال [ق]

(٤) ولم تكن خالية : ولم يكن خاليا [ق]

(٥) هى ادراك : ادراك [ق]

(٨) وقال ... يدرك بالابصار : ساقطة من س

(٦) يرى : من [ق]

(٧) بالابصار ولا : ولا ح

٢١٥

ومنهم من يقول : احدّق إليه اذا رأيته ، ومنهم من يقول : لا يجوز التحديق إليه (١)

وقال قائلون منهم «ضرار» و «حفص الفرد (٢)» ان الله لا يرى بالابصار ولكن يخلق لنا (٣) يوم القيامة حاسّة سادسة غير حواسّنا هذه فندركه (٤) بها وندرك ما هو بتلك الحاسّة (٥)

وقالت «البكرية» ان الله يخلق صورة يوم القيامة يرى فيها ويكلّم (٦) خلقه منها

وقال «الحسين النجّار» انه يجوز ان يحوّل الله العين الى القلب ويجعل لها قوّة العلم فيعلم بها ويكون ذلك العلم رؤية له اى علما له (٧) (٨)

واجمعت المعتزلة على ان الله لا يرى بالابصار واختلفت (٩) هل يرى بالقلوب :

فقال «ابو الهذيل» واكثر المعتزلة ان الله يرى بقلوبنا (١٠) بمعنى انّا نعلمه بها ، وانكر ذلك «الفوطى» و «عبّاد»

وقالت المعتزلة والخوارج وطوائف من المرجئة وطوائف من الزيدية ان الله لا يرى بالابصار فى الدنيا والآخرة ولا يجوز ذلك عليه

__________________

(٢) الفرد : القرد ح

(٣) لنا : كذا صححنا نظرا الى ما مر فى ص ١٥٤ : ٢ وفى [ق] لهم والكلمة محذوفة فى د س ح

(٤) فندركه : فندرك [ق]

(٦) ويكلم : يكلم ح

(٧) علما له : علما به ح

(٩) واختلفوا ح

(١٠) ان الله يرى بقلوبنا : فيما مر فى ص ١٥٧ : ١٢ نرى الله بقلوبنا :

(١) (٣ ـ ٥) راجع ص ١٥٤ : ٢ ـ ٣ وكتاب الانتصار ص ١٣٣ والفرق ص ٢٠١ ـ ٢٠٢

(٥) (٦ ـ ٧) راجع كتاب الانتصار ص ١٤٤ والفرق ص ٢٠٠

(٨) (١٠ ـ ١٣) راجع ص ١٥٧ : ١١ ـ ١٣

٢١٦

واختلفوا فى الرؤية لله بالابصار هل يجوز ان تكون او هى كائنة لا محالة على مقالتين:

فقال قائلون : يجوز ان يرى الله سبحانه فى الآخرة بالابصار وقال (١) (؟) نقول انه بتاتا وقال (٢) (؟) نقول انه يرى بالابصار (٣)

وقال قائلون : (٤) نقول بالاخبار المرويّة وبما (٥) فى القرآن انه يرى بالابصار فى الآخرة بتاتا (٦) يراه المؤمنون

وكل المجسّمة الا نفرا يسيرا يقول باثبات الرؤية ، وقد يثبت الرؤية من لا يقول بالتجسيم

واختلفوا فى العين واليد والوجه على اربع مقالات :

فقالت المجسّمة : له يدان ورجلان ووجه وعينان وجنب يذهبون الى الجوارح والاعضاء

وقال «اصحاب الحديث» : لسنا نقول فى ذلك الا ما قاله (٧) الله عزوجل او جاءت به الرواية من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنقول : وجه بلا كيف ويدان وعينان بلا كيف (٨)

وقال «عبد الله بن كلّاب» اطلق اليد والعين والوجه (٩) خبرا

__________________

(١) وقال : كذا فى د س ح وفى [ق] وقائل ولعله ولا بتاتا د بيانا [ق] س باينا ح

(٢) وقال : وقائل [ق] ولعله ولا

(٣) انه يرى بالابصار : ساقطة من [ق]

(٤) قائلون : ساقطة من ح

(٥) وبما : ولما د [ق]

(٦) بتاتا د بيانا [ق] ح وفى س بغير تعجيم

(٧) قاله : قال [ق]

(٩) اليد والعين والوجه : العين واليد والوجه س الوجه واليد والعين ح

(٨) (١٥ ـ ص ٢١٨ : ٢) راجع ص ١٦٩ : ١٤ ـ ١٥

٢١٧

لأن الله اطلق ذلك ولا اطلق غيره فاقول : (١) هى صفات لله عزوجل كما قال فى العلم والقدرة والحياة انها صفات (٢)

قالت «المعتزلة» بانكار ذلك الا الوجه وتأوّلت اليد بمعنى النعمة وقوله : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) (٥٤ : ١٤) اى بعلمنا والجنب (٣) بمعنى الامر وقالوا فى قوله : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (٣٩ : ٥٦) اى فى امر الله ، وقالوا : نفس البارئ هى هو (٤) وكذلك ذاته هى هو (٥) وتأوّلوا قوله : (الصَّمَدُ) (١١٢ : ٢) على وجهين : احدهما انه السيّد والآخر انه المقصود إليه فى الحوائج (٦)

واما الوجه فان المعتزلة قالت فيه قولين :

قال بعضهم وهو «ابو الهذيل» : وجه الله هو الله ، وقال غيره : معنى قوله : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) (٥٥ : ٢٧) ويبقى ربّك من غير ان يكون يثبت وجها يقال (٧) انه هو الله [ا] ولا يقال ذلك فيه

حكايات (٨) اختلاف الناس فى الاسماء والصفات (٩)

قد ذكرنا قول من قال ان الله لم يزل لا عالما ولا قادرا ولا سميعا ولا بصيرا وقول من قال لم يزل الله عالما قادرا حيّا

__________________

(١) فاقول : واقول س ح والحرف الاول مأروض فى د

(٣) والجنب : والخبر [ق]

(٤) هى هو : هو هو د [ق]

(٥) هى هو : هى هى د [ق]

(٧) يقال : فقال [ق]

(٨) حكايات : لعله حكاية (؟)

(٢) (٣ ـ ٤) راجع ص ١٩٥ : ١٣ ـ ١٥

(٦) (٩ ـ ١٢) راجع ص ١٨٩

(٩) راجع ص ٣٦ ـ ٣٩ وص ١٨٣ ـ ١٨٥

٢١٨

فاما الذين (١) انكروا ان يكون الله [لم يزل] عالما وقالوا : لا يعلم ما يكون قبل ان يكون فانهم افترقوا فى القول لم يزل الله حيّا فرقتين (٢)

فرقة قالت : لم يزل الله حيّا (٣) وفرقة انكرت ذلك أيضا وانكرت ان يكون الله سبحانه لم يزل ربّا إليها

وافترق (٤) الذين قالوا ان الله لا يعلم الشيء حتى يكون على خمس عشرة مقالة :

فقالت «السكّاكية» ان الله عالم فى نفسه وان الوصف له بالعلم من صفات ذاته غير انه لا يوصف بأنه عالم حتى يكون الشيء فاذا كان قيل عالم به وما لم يكن الشيء لم يوصف بأنه عالم به لأن الشيء ليس وليس يصحّ (٥) العلم بما ليس

وقال فريق آخر (٦) ان الله لم يزل عالما والعلم صفة له فى ذاته ولا يوصف بأنه عالم (٧) بالشيء حتى يكون كما ان الانسان موصوف بالبصر والسمع ولا يقال انه بصير بالشيء حتى يلاقيه (٨) ولا سميع له (٩) حتى يرد على سمعه (١٠) وكما يقال : الانسان (١١) عاقل ولا يقال : عقل الشيء ما لم يرد عليه (١٢)

وقال «شيطان الطاق» ان الله لا يعلم شيئا حتى يؤثّر اثره ويقدّره

__________________

(١) فاما الذين : فاما الّذي د فالذين [ق]

(٣) حيا : ساقطة من [ق]

(٤) وافترقت [ق]

(٥) وليس يصح : فى ح ويصح ثم زاد الناسخ «ولا» بين السطرين

(٦) فريق آخرون ح

(٧) بأنه عالم : بالعلم [ق]

(٨) يلاقيه : يلاقيه بالبصر والسمع س

(٩) سميع له : سميع [ق]

(١٠) على سمعه : عليه س

(١١) الانسان : ان الانسان د [ق]

(٢) (٣ ـ ٤) راجع ص ٣٧ : ١ ـ ٢

(١٢) (١٥ ـ ص ٢٢٠ : ٤) راجع ص ٣٧ : ٣ ـ ٧ و ٣٨ : ٥ ـ ١٠ و ٢١٢ ـ ٢١٣

٢١٩

والتأثير عندهم [التقدير] والتقدير لارادة فاذا اراد الشيء فقد علمه واذا لم (١) يرده فلم يعلمه ، ومعنى اراده (٢) عندهم انه تحرّك حركة هى إرادة فاذا تحرّك تلك الحركة علم الشيء والا (٣) لم يجز الوصف له بأنه عالم به وزعموا انه لا يوصف بالعلم بما لا يكون

وقال قائلون : لا يعلم الشيء حتى يحدث الإرادة فان احدث الإرادة لأن يكون (٤) كان عالما بأنه بكون ، وان احدث الإرادة لأن لا (٥) يكون كان عالما بأنه لا يكون ، (٦) وان لم يحدث إرادة لأن يكون ولا إرادة لأن لا يكون لم يكن عالما بأنه يكون ولا عالما (٧) بأنه لا يكون

ومن الروافض من يقول : معنى ان الله يعلم معنى انه يفعل ، فان قيل لهم فلم يزل عالما بنفسه؟ قال بعضهم : لم يكن يعلم نفسه (٨) حتى فعل العلم لأنه قد كان (٩) ولمّا يفعل ، وقال بعضهم : لم يزل يعلم نفسه ، (١٠) فان قيل لهم : فلم (١١) يزل يفعل؟ قالوا : نعم ولم يقولوا بقدم (١٢) الفعل

__________________

(١) فلم : فلا [ق] فليس س

(٢) إرادة : لعل الصواب : اراد كما مر فى ص ٣٨ : ٨ وص ٢١٣ : ١

(٣) والا : كذا صحح فى ح وفى الاصول : وان

(٤) لان يكون : كذا فى موضع من الكتاب سيأتي فيما بعد وهنا فى الاصول كلها : لما

(٦) وان احدث الإرادة ... كان عالما بانه لا يكون : ساقطة من ح

(٥) لان لا : كذا فى الموضع الآتى وهنا فى الاصول كلها : ان

(٨) يعلم نفسه : عالما بنفسه س

(١٠) (١٠ و ١٢) نفسه : فيما مر فى ص ٣٨ بنفسه

(٩) قد كان : كان ح

(١١) فلم : لم [ق] ح

(١٢) بقدم : بعدم د س بقد [ق]

(٧) (٩ ـ ١٣) راجع ص ٣٨ : ١١ ـ ١٤

٢٢٠