علم اليقين في أصول الدين - ج ١

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

علم اليقين في أصول الدين - ج ١

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


المحقق: محسن بيدارفر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: انتشارات بيدار
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ١
ISBN: 964-90800-2-3
ISBN الدورة:
964-90800-1-5

الصفحات: ٧١٦

لوجوده ، ويكون شرطا في وجوده ، فلا يكون قائما بنفسه ، لأنّه يحتاج في قوامه إلى وجود غيره. وإن لم يحتج إلى محلّ ، فإن كان في الوجود موجود تكتفي ذاته بذاته ولا قوام له بغيره ولا يشترط في دوام وجوده وجود غيره : فهو القائم بنفسه مطلقا ؛ فإن كان مع ذلك يقوم به كلّ موجود ، حتّى لا يتصوّر للأشياء وجود ولا دوام وجود إلّا به فهو «القيّوم» ، لأنّ قوامه بذاته ، وقوام كلّ شيء به ؛

وليس ذلك إلّا الله ـ تعالى ـ.

ومدخل العبد في هذا الوصف بقدر استغنائه عمّا سوى الله.

الواجد

هو الذي لا يعوزه شيء ، وهو في مقابلة «الفاقد» ؛ فلعلّ من فاته ما لا حاجة به إلى وجوده لا يسمّى فاقدا ؛ والذي يحضره ما لا تعلّق له بذاته ولا بكمال ذاته لا يسمّى واجدا ؛ بل الواجد ما لا يعوزه شيء ممّا لا بدّ منه ، وكلّ ما لا بدّ له منه من صفات الإلهيّة وكمالها فهو موجود لله ـ تعالى ـ فهو بهذا الاعتبار واجد ، وهو الواجد المطلق.

ومن عداه إن كان واجدا لشيء من صفات الكمال وأسبابه ، فهو فاقد لأشياء ، فلا يكون واجدا إلّا بالإضافة.

الماجد

بمعنى «المجيد» ، كالعالم بمعنى العليم ، لكنّ الفعيل أكثر مبالغة ؛ وقد سبق معناه.

٢٠١

الواحد

هو الذي لا يتجزّء ولا يتثنّى.

أمّا الذي لا يتجزّء فكالجوهر الواحد الذي لا ينقسم ، فيقال أنّه واحد ، بمعنى أنّه لا جزء له ، وكذا النقطة طرف لا جزء له ؛ والله تعالى واحد بمعنى أنّه يستحيل تقدير الانقسام في ذاته.

وأمّا الذي لا يتثنّى فهو الذي لا نظير له ، كالشمس ـ مثلا ـ فإنّها وإن كانت قابلة للقسمة بالوهم ، متجزّئة في ذاتها ـ لأنّها من قبيل الأجسام ـ فهي لا نظير لها ، إلّا أنّه يمكن أن يكون لها نظير.

فإن كان في الوجود موجود يتفرّد بخصوص وجوده ـ تفرّدا لا يتصوّر أن يشاركه فيه غيره أصلا ـ فهو الواحد المطلق أزلا وأبدا.

والعبد إنّما يكون واحدا إذا لم يكن له في أبناء جنسه نظير في خصلة من خصال الخير ، وذلك بالإضافة إلى أبناء جنسه وبالإضافة إلى الوقت ـ إذ يمكن أن يظهر في وقت آخر مثله ـ وبالإضافة إلى بعض الخصال دون الجميع ؛ فلا وحدة على الإطلاق إلّا لله ـ تعالى ـ.

الصمد

هو الذي يصمد إليه في الحوائج ، ويقصد إليه في الرغائب ، إذ ينتهي إليه منتهى السؤدد.

ومن جعله الله تعالى مقصد عباده في مهمّات دينهم ودنياهم ، وأجرى على لسانه ويده حوائج خلقه ، فقد أنعم عليه بحظّ من معنى

٢٠٢

هذا الوصف ؛ لكنّ الصمد المطلق هو الذي يقصد إليه في جميع الحوائج ، وهو الله ـ تعالى ـ.

أقول : وللصمد معنى آخر ، وهو الذي لا جوف له ، وهو بهذا المعنى لا يجوز إطلاقه على الله تعالى إلّا مجازا ، لأنّه صفة للأجسام ، والله يتعالى عنها.

قال بعض المحقّقين (١) : «لمّا كان كلّ ممكن فوجوده أمر زائد على أصل ذاته ومقتضى ذاته ، وباطنه العدم واللاشيء ، فهو يشبه الأجوف ، كالحقّة الخالية عن شيء ، والكرة المفرّغة (٢) ، لأنّ باطنه ـ الذي هو ذاته ـ لا شيء محض ، والوجود الذي يحيط به ويحدّده هو غيره ؛ وأمّا الذي ذاته الوجود والوجوب من غير شائبة عدم وفرجة خلل فيستعار له الصمد».

أقول : وحظّ العبد من هذا الوصف أن يقوّي وجوده ويحصّل من صفات الوجود ـ بما هو وجود ـ حظّا وافرا ، حتّى يقرب منه ويبعد عن العدم.

القادر المقتدر

معناهما ذو القدرة ؛ ولكنّ المقتدر أكثر مبالغة ،

والقدرة عبارة عن المعنى الذي به يوجد الشيء متقدّرا بتقدير الإرادة والعلم ، واقفا على وفقهما.

__________________

(١) ـ صدر المتألهين ـ قدس‌سره ـ : شرح الاصول من الكافي : باب النسبة ، الحديث الثاني.

(٢) ـ حلقة مفرّغة : مصمتة الجوانب ، فارغ جوفها.

٢٠٣

والقادر المطلق هو الذي يخترع كلّ موجود اختراعا يتفرّد به ، ويستغني فيه عن معاونة غيره وهو الله ـ تعالى ـ.

فأمّا العبد فله قدرة على الجملة ، ولكنّها ناقصة ، إذ لا يتناول إلّا بعض الممكنات ، ولا يصلح للاختراع.

المقدّم المؤخّر

هو الذي يقرّب ويبعّد ، ومن قرّبه فقد قدّمه ، أي جعله قدّام غيره في الرتبة بالإضافة إلى نفسه ؛ ومن أبعده فقد أخّره وجعله متأخّرا عن غيره ؛ وقد قدّم أنبياءه وأولياءه بتقرّبهم وهدايتهم وحملهم على التوقير بالعبادة والعلم بإثارة دواعيهم ، وأخّر آخرين بصرف دواعيهم عن ذلك ، كما قال : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) [٣٢ / ١٣].

وقال : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) [٢١ / ١٠١].

وحظّ العبد من صفات الأفعال ظاهر ، فلذلك قد لا نشتغل بإعادة كلّ اسم حذرا من التطويل.

الأوّل الآخر

هما مضافان متناقضان ، فلا يتصوّر أن يكون الشيء الواحد من وجه بالإضافة إلى شيء واحد أوّلا وآخرا جميعا.

بل إذا نظرت إلى ترتيب الوجود ، ولاحظت سلسلة الموجودات

٢٠٤

المترتّبة ، فالله تعالى بالإضافة إليها أوّل ؛ إذ الموجودات كلّها استفادت الوجود منه ، وأمّا هو فموجود بذاته ، وما استفاد الوجود من غيره.

ومهما نظرت إلى ترتيب السلوك ، ولاحظت مراتب منازل السائرين إليه ، فهو آخر بالإضافة ، إذ هو آخر ما يرتقي إليه درجات العارفين ، وكلّ معرفة تحصل قبل معرفته فهو مرقاة إلى معرفته ، والمنزل الأقصى هو معرفة الله ـ تعالى ـ.

فهو آخر بالإضافة إلى السلوك ، أوّل بالإضافة إلى الموجود ؛ فمنه المبدأ أوّلا ، وإليه المرجع والمصير آخرا.

الظاهر الباطن

هما أيضا مضافتان متناقضان لا يجتمعان من وجه واحد ، وإنّما يكون بالإضافة إلى الإدراكات ؛ فالله ـ تعالى ـ باطن إن طلب من إدراك الحواسّ وخزانة الخيال ، ظاهر إن طلب من خزانة العقل بطريق الاستدلال ؛ وإنّما خفي على أكثر العقول مع ظهوره لشدّة ظهوره ، فإنّ ظهوره سبب بطونه ، ونوره هو حجاب نوره ، وكلّ ما جاوز حدّه ، انعكس إلى ضدّه.

ـ أقول : وقد مضى بيان ذلك وشرحه فيما سبق ، فلا نعيده ـ.

ولا تتعجّبنّ من هذا في صفات الله ـ تعالى ـ فإنّ المعنى الذي به الإنسان إنسان ظاهر باطن ؛ فإنّه ظاهر إن استدلّ عليه بأفعاله المرئيّة المحكمة ، باطن إن طلب من إدراك الحسّ ؛ فإنّ الحسّ إنّما يتعلّق بظاهر بشرته ، وليس الإنسان إنسانا بالبشرة المرئيّة منه ؛ بل لو تبدّلت تلك

٢٠٥

البشرة ـ بل سائر أجزائه ـ فهو هو ، والأجزاء متبدّلة ؛ ولعلّ أجزاء كلّ إنسان بعد كبره غير الأجزاء التي كانت فيه عند صغره ، فإنّها تحلّلت بطول الزمان ، وتبدّلت بأمثالها بطريق الاغتذاء ، وهويّته لم تتبدّل ؛ فتلك الهويّة باطنة عن الحواسّ ، ظاهرة للعقل بطريق الاستدلال بآثارها وأفعالها.

الوالي

هو الذي دبّر امور الخلق وولّاها (١) ـ أي تولّاها ـ وكان مليّا بولايتها ؛ وكأنّ الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل ، وما لم يجتمع جميع ذلك لم يطلق اسم الوالي ؛ ولا والي للامور إلّا الله ـ تعالى ـ فإنّه المتفرّد بتدبيرها أوّلا ، والمنفّذ للتدبير ـ بالتحقيق ـ ثانيا ، والقائم عليها بالإدامة والإبقاء ثالثا.

المتعالي

بمعنى العليّ مع نوع من المبالغة ؛ وقد سبق معناه.

البرّ

هو المحسن ؛ والبرّ المطلق هو الذي منه كلّ مبرّة وإحسان.

والعبد إنّما يكون برّا بقدر ما يتعاطاه من البرّ ، لا سيّما بوالديه واستاده وشيوخه.

__________________

(١) ـ المصدر : وليها.

٢٠٦

التوّاب

هو الذي يرجع إلى تيسير أسباب التوبة لعباده مرّة بعد اخرى بما يظهر لهم من آياته ويسوق إليهم من تنبيهاته ويطلعهم عليها من تخويفاته وتحذيراته ، حتّى إذا اطّلعوا بتعريفه على غوائل الذنوب ، استشعروا الخوف بتخويفه ، فرجعوا إلى التوبة ، فرجع إليهم فضل الله ـ تعالى ـ بالقبول. ومن العباد : من قبل معاذير المجرمين من رعاياه وأصدقائه ومعارفه مرّة بعد اخرى ، فقد تخلّق بهذا الخلق وأخذ منه نصيبا.

المنتقم

هو الذي يقصم ظهوره العتاة ، وينكل بالجناة ، ويشدّد العقاب على الطغاة ؛ وذلك بعد الإعذار والإنذار ، وبعد التمكين والإمهال ؛ وهو أشدّ من المعاجلة بالعقوبة ، فإنّه إذا عوجل بالعقوبة لم يمعن في المعصية ، فلم يستوجب عليه النكال في العقوبة.

والمحمود من انتقام العبد أن ينتقم من أعداء الله ، وأعدى الأعداء نفسه ، وحقّه أن ينتقم منها ، مهما قارف معصية أو أخلّ بعبادة.

العفوّ

هو الذي يمحو السيّئات ، ويتجاوز عن المعاصي ، وهو قريب من «الغفور» ولكنّه أبلغ منه ، فإنّ الغفران ينبئ عن الستر ، والعفو ينبئ عن المحو ، والمحو أبلغ من الستر.

٢٠٧

وحظّ العبد منه : أن يعفو عن كلّ من ظلمه ، بل يحسن إليه كما يحسن الله إلى العصاة والكفرة ويتوب عليهم بمحو سيّئاتهم ، إذ «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»(١).

الرءوف

ذو الرأفة ؛ والرأفة شدّة الرحمة ، فهو بمعنى الرحيم مع المبالغة فيه.

مالك الملك

هو الذي ينفذ مشيّته في مملكته كيف شاء وكما شاء ، إيجادا وإعداما ، وإبقاء وإفناء ؛ و «الملك» هنا بمعنى المملكة ، و «المالك» بمعنى القادر التامّ القدرة ، والموجودات كأنّها مملكة واحدة هو مالكها وقادر عليها لارتباط بعضها ببعض ، كارتباط أجزاء بدن الإنسان وتعاونها على مقصود واحد ، وهو إتمام غاية الخير الممكن وجوده على ما اقتضاه الجود الإلهي.

ومملكة كلّ عبد بدنه خاصّة ، فإذا نفّذت مشيّته في صفات قلبه وجوارحه فهو مالك مملكة نفسه بقدر ما اعطي من القدرة عليها.

__________________

(١) ـ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ابن ماجة : كتاب الزهد ، باب ذكر التوبة ، ٢ / ١٤٢٠ ، ح ٤٢٥٠.

حلية الأولياء : ترجمة أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، ٤ / ٢١٠. كنز العمال : ٤ / ٢٠٧ و ٢٦١ ، ح ١٠١٧٤ ـ ١٠١٧٦. و ١٠٤٢٨. الرسالة القشيرية : باب التوبة ، ١٦٨. الجامع الصغير : باب التاء : ١ / ١٣٤. الجامع الكبير : ٤ / ١٣٦ ـ ١٣٧ ، ح ١٠٦٦٨ ـ ١٠٦٦٩. وروي عن الباقر عليه‌السلام أيضا في الكافي : كتاب الإيمان والكفر ، باب التوبة : ٢ / ٤٣٥ ، ح ١٠.

٢٠٨

ذو الجلال والإكرام

هو الذي لا جلال ولا كمال إلّا وهو له ، ولا كرامة ولا مكرمة إلّا وهي صادرة منه ، والجلال له في ذاته ، والكرامة فائضة منه على خلقه ، وفنون إكرامه خلقه لا تكاد تنحصر وتتناهى ، وعليه دلّ قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) [١٧ / ٧٠].

المقسط

هو الذي ينتصف للمظلوم من الظالم ، وكماله أن يضيف إلى إرضاء المظلوم إرضاء الظالم ، بإثابة المظلوم ـ بعفوه عن الظالم ـ ما يصغّر في جنبه العفو عنه ، ـ كما ورد في الخبر (١) ـ وذلك غاية العدل والإنصاف ؛ ولا يقدر عليه إلّا الله ـ تعالى ـ.

__________________

(١) ـ المستدرك للحاكم (كتاب الأهوال : ٤ / ٥٧٦) : «... بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس إذ رأيناه ضحك حتّى بدت ثناياه ؛ فقال له عمر : «ما أضحك يا رسول الله بأبي أنت وأمّي»؟ قال : رجلان من أمّتي جثيا بين يدي ربّ العزّة ؛ فقال أحدهما : «يا ربّ خذلي مظلمتي من أخي». فقال الله تبارك وتعالى للطالب : «فكيف تصنع بأخيك ، ولم يبق من حسناته شيء»؟ قال : «يا ربّ ـ فليحمل من أوزاري». ـ قال : ـ وفاضت عينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالبكاء ، ثمّ قال : إنّ ذلك يوم عظيم ، يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم. فقال الله تعالى للطالب : «ارفع بصرك ، فانظر في الجنان». فرفع رأسه ، فقال : «يا ربّ ـ أرى مدائن من ذهب وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ ، لأيّ نبيّ هذا أو لأيّ صدّيق هذا أو لأيّ شهيد هذا»؟ قال : «هذا لمن أعطى الثمن». قال : «يا ربّ ـ ومن يملك ذلك»؟ قال : «أنت تملكه». قال : «بما ذا»؟ قال : «بعفوك عن أخيك». قال : «يا ربّ ـ فإنّي قد عفوت عنه». قال الله ـ عزوجل ـ : «فخذ بيد أخيك ، فادخله الجنّة» ...

٢٠٩

وأوفر العبيد حظّا من هذا الاسم من ينتصف أوّلا من نفسه ، ثمّ لغيره من غيره ، ولا ينتصف لنفسه من غيره.

الجامع

هو المؤلّف بين المتماثلات والمتباينات والمتضادّات ، كجمعه الخلق الكثير من الإنس على ظهر الأرض ، وجمعه أجناس الموجودات في العالم ، وجمعه الكيفيّات المتضادّة في أمزجة الحيوانات ـ إلى غير ذلك ممّا يطول شرحه.

ومن العباد من جمع بين الآداب الظاهرة في الجوارح والحقائق الباطنة في القلوب ، فمن كملت معرفته وحسنت سيرته فهو الجامع. ولذلك قيل : «الكامل من لا يطفئ نور معرفته نور ورعه». وذلك لتعسّر الجمع بين الصبر والبصيرة ، فكم من صبور على الزهد والورع لا بصيرة له ، وبالعكس.

الغنيّ المغني

الغنيّ هو الذي لا تعلّق له بغيره ـ لا في ذاته ولا في صفات ذاته ـ بل يكون منزّها عن العلاقة مع الأغيار ؛ ولا يتصوّر ذلك إلّا لله تعالى.

وهو المغني أيضا ، ولكنّ الذي أغناه لا يتصوّر أن يصير بإغنائه غنيّا مطلقا ، فإنّه في أقلّ اموره محتاج إلى المغني ؛ فلا يكون غنيّا ، بل يستغني عن غير الله بأن يمدّه [ب] ما يحتاج إليه ، لا بأن يقطع عنه أصل الحاجة.

٢١٠

وهو غاية ما يدخل في الإمكان في حقّ غير الله ، بأن لم يبق له حاجة إلّا إلى الله ـ تعالى ـ.

المانع

هو الذي يردّ أسباب الهلاك والنقصان في الأبدان والأديان بما يخلقه من الأسباب المعدّة للحفظ ، وقد سبق معنى «الحفيظ» ، وكلّ حفظ فمن ضرورته منع ودفع ، فمن فهم معنى «الحفيظ» فهم معنى «المانع».

والمنع إضافة إلى سبب (١) المهلك ، والحفظ إضافة إلى المحروس عن الهلاك ، وهو مقصود المنع وغايته ، إذ المنع يراد للحفظ ، والحفظ لا يراد للمنع ؛ وكلّ حافظ دافع مانع (٢) ، وليس كلّ مانع حافظا إلّا إذا كان مانعا مطلقا لجميع أسباب الهلاك والنقص ، حتّى يحصل الحفظ من ضرورته.

الضارّ النافع

هو الذي يصدر منه الخير والشرّ ، والنفع والضرّ ، وإن كان أحدهما بالعرض ، سواء كان بواسطة أو بغير واسطة ؛ والوسائط كلّها مسخّرات بأمره ، كالقلم في يد الكاتب.

__________________

(١) ـ كذا. والمصدر : السبب.

(٢) ـ المصدر : وكل حافظ مانع.

٢١١

النور

هو الظاهر الذي به كلّ ظهور ، ومهما قوبل الوجود بالعدم كان الظهور لا محالة للوجود ، ولا ظلام أظلم من العدم ، فالبريء عن ظلمة العدم ـ بل عن إمكان العدم ـ المخرج كلّ الأشياء من ظلمة العدم إلى ظهور الوجود ، جدير بأن يسمّى «نورا». والوجود نور فائز على الأشياء كلّها من نور ذاته ، فهو (نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [٢٤ / ٣٥]. وكما أنّه لا ذرّة من نور الشمس إلّا وهي دالّة على وجود الشمس المنوّرة ، فلا ذرّة من موجودات السماوات والأرض وما بينهما إلّا وهي بجواز وجودها دالّة على وجوب وجود موجدها.

الهادي

هو الذي هدى خوّاص عباده أوّلا إلى معرفة ذاته ، حتّى استشهدوا على الأشياء به ؛ وهدى عوامّ عباده إلى مخلوقاته ، حتّى استشهدوا بها على ذاته ؛ وهدى كلّ مخلوق إلى ما لا بدّ له منه في قضاء حاجته ، فهدى الطفل إلى التقام الثدي عند انفصاله ، والفرخ إلى التقاط الحبّ وقت خروجه ، والنحل إلى بناء بيته على شكل التسديس ـ لكونه أوفق الأشكال إلى بدنه وأحواها وأبعدها عن أن تتخلّلها فرج ضايعة ـ وشرح ذلك ممّا يطول.

وعنه عبّر قوله تعالى : (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) [٢٠ / ٥٠]. وقوله : (الَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) [٨٧ / ٣].

٢١٢

والهداة من العباد الأنبياء والعلماء ، الذين أرشدوا الخلق إلى السعادة الاخرويّة ، وهدوهم إلى صراط الله المستقيم ؛ بل الله الهادي بهم وعلى ألسنتهم ، وهم مسخّرون تحت قدرته وتدبيره.

البديع

هو الذي لا عهد بمثله ، فإن لم يكن بمثله عهد ـ لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في كلّ أمر راجع إليه ـ فهو البديع المطلق ، وإن كان شيء من ذلك معهودا فليس ببديع مطلق ، ولا يليق هذا الاسم مطلقا إلّا بالله تعالى ، فإنّه ليس له قبل ـ فيكون مثله معهودا قبله ـ وكلّ موجود بعده فحاصل بإيجاده ، وهو غير مناسب لوجوده (١) ؛ فهو بديع أزلا وأبدا.

وكلّ عبد اختصّ بخاصيّة في النبوّة والولاية والعلم ، لم يعهد مثلها ـ إمّا في سائر الأوقات ، أو في عصره ـ فهو بديع بالإضافة إلى ما هو متفرّد به وفي الوقت الذي هو متفرّد به (٢).

الباقي

هو الموجود الواجب وجوده بذاته ، ولكنّه إذا اضيف في الذهن إلى الماضي سمّي «قديما» ، وإذا اضيف إلى الاستقبال سمّي «باقيا».

__________________

(١) ـ المصدر : لموجده.

(٢) ـ المصدر : منفرد فيه.

٢١٣

والباقي المطلق هو الذي لا ينتهي تقدير وجوده في الاستقبال إلى آخر ، ويعبّر عنه بأنّه «أبديّ» ؛ والقديم المطلق هو الذي لا ينتهي تمادي وجوده في الماضي إلى أوّل ، ويعبّر عنه بأنّه «أزليّ».

وقولك : «واجب الوجود بذاته» متضمّن لجميع ذلك ، وإنّما هذه الأسامي بحسب إضافة هذا الوجود في الذهن إلى الماضي والمستقبل ، وإنّما يدخل في الماضي والمستقبل المتغيّرات ، لأنّهما عبارتان عن الزمان ، ولا يدخل في الزمان إلّا التغيّر والحركة ، إذ الحركة بذاتها تنقسم إلى ماض ومستقبل ؛ والمتغيّر يدخل في الزمان بواسطة التغيّر ؛ فما جلّ عن التغيّر بالحركة فليس في زمان ، فليس فيه ماض ومستقبل.

والحقّ تعالى قبل الزمان ، وحيث خلق الزمان لم يتغيّر من ذاته شيء ؛ وقبل خلق الزمان لم يكن للزمان عليه جريان ، وبقي بعد خلق الزمان على ما عليه كان.

الوارث

هو الذي إليه ترجع الأملاك بعد فناء الملّاك ، وذلك هو الله ـ سبحانه ـ إذ هو الباقي بعد فناء خلقه ، وإليه مرجع كلّ شيء ومصيره ، وهو القائل إذ ذاك (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) [٤٠ / ١٦].

وهذا بحسب ظنّ الأكثرين ، إذ يظنّون لأنفسهم ملكا وملكا (١) ، فتنكشف لهم ذلك اليوم حقيقة الحال ؛ وهذا النداء عبارة عن حقيقة ما ينكشف لهم في ذلك الوقت.

__________________

(١) ـ الملك : السلطة. والملك : ما يملك.

٢١٤

وأمّا أرباب البصائر ، فإنّهم أبدا شاهدون بمعنى هذا النداء ، سامعون له من غير صوت ولا حرف ، موقنون بأنّ الملك لله الواحد القهّار ـ في كلّ يوم وفي كلّ ساعة وفي كلّ لحظة ؛ وكذلك كان أزلا وأبدا.

وهذا إنّما يدركه من أدرك حقيقة التوحيد في الفعل ، وعلم أنّ المتفرّد (١) في الملك والملكوت واحد.

الرشيد

هو الذي تنساق تدبيراته إلى غاياتها ، على سنن السداد ، من غير إشارة مشير وتسديد مسدّد وإرشاد مرشد ، وهو الله ـ سبحانه ـ.

ورشد كلّ عبد بقدر هدايته في تدابيره إلى إصابة شاكلة الصواب من مقاصده في دينه ودنياه.

الصبور

هو الذي لا تحمله العجلة على المسارعة إلى الفعل قبل أوانه ، بل ينزّل الامور بقدر معلوم ، ويجريها على سنن محدودة ، لا يؤخّرها عن آجالها المقدّرة لها ـ تأخير متكاسل ـ ولا يقدّمها على أوقاتها ـ تقديم مستعجل ـ بل يودع كلّ شيء في أوانه ، على الوجه الذي يجب أن يكون ، وكما ينبغي ، وكلّ ذلك من غير مقاساة داع على مضادّة الإرادة.

__________________

(١) ـ المصدر : المتفرّد بالفعل.

٢١٥

وصبر العبد لا يخلو من مقاساة ، لأنّه دفع لداعي الشهوة والغضب في مقابلة داعي الدين أو العقل ، وميل إلى باعث التأخير.

* * *

هذا آخر كلام شارح الأسماء (١) مع اقتصار وتلخيص.

وكلّ ما يوهم نقصا فلا يجوز إطلاقه على الله ـ سبحانه ـ مثل «العارف» و «العاقل» و «الفطن» و «الذكيّ» ؛ لأنّ المعرفة تشعر بسبق فكر ، والعقل هو المنع عمّا لا يليق ، والفطنة والذكاء تشعران بسرعة الإدراك لما غاب عن المدرك ؛ وكذا «المستهزئ» و «الماكر» ـ وإن وردا في الشرع ـ ولكن على نحو آخر غير موهم للنقص ، فلا يجوز التعدّي عن مورده.

وقد يقال لا ينبغي لمن وفّق بحسن الأدب بين يدى الله ـ سبحانه ـ أن يفرد أحد الاسمين المتقابلين عن الآخر ـ كالقابض والباسط ، والمعزّ والمذلّ ، والخافض والرافع ، ونظائر ذلك ـ لأنّ مقارنتهما أدلّ على الحكمة ، وأنبأ عن القدرة ؛ فالإفراد مفوّت للغرض.

* * *

__________________

(١) ـ الغزالي في المقصد.

٢١٦

فصل [٤]

[الموجودات مظاهر الأسماء الحسنى ، بل عينها] (١)

لكلّ اسم من الأسماء الإلهيّة مظهر من الموجودات ، باعتبار غلبة ظهور الصفة التي اشتمل عليها ذلك الاسم فيه ، فإنّ الله ـ سبحانه ـ إنّما يخلق ويدبّر كلّ نوع من أنواع الخلائق باسم من أسمائه ، وذلك الاسم هو ربّ ذلك النوع ، والله ـ سبحانه ـ ربّ الأرباب.

وأعني بالاسم هنا إطلاقه الثاني من اطلاقيه المشار إليهما فيما سبق (٢).

وإلى هذا اشير في كلام أهل البيت عليهم‌السلام في أدعيتهم بقولهم (٣) : «وبالاسم الذي خلقت به العرش ، وبالاسم الذي خلقت به الكرسيّ ، وبالاسم الذي خلقت به الأرواح» ـ إلى غير ذلك من هذا النمط ـ.

وعن مولانا الصادق عليه‌السلام (٤) : «نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملا إلّا بمعرفتنا».

__________________

(١) ـ ورد ما في هذا الفصل مع تفصيل أكثر في عين اليقين : ٣١٢.

(٢) ـ راجع الصفحة : ١٤٤.

(٣) ـ راجع ما نقله المجلسي ـ قدس‌سره ـ عن مصباح السيد علي بن الحسين بن باقي ـ ره ـ (البحار : كتاب الصلاة ، باب صلاة النبي والأئمة عليهم‌السلام ، ٩١ / ١٨٢ ، ح ٨).

البلد الأمين : الأسماء الحسنى : ٤١٢. دلائل الإمامة : ذكر دعاء علمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليها‌السلام ، ٦.

(٤) ـ الكافي : باب النوادر من كتاب التوحيد : ١ / ١٤٤ ، ح ٤.

العياشي : سورة الأعراف ، ٢ / ٤٢ ، ح ١١٩. البحار : ٩٤ / ٥ ـ ٦ ، ح ٧.

٢١٧

وذلك لأنّهم عليهم‌السلام وسائل معرفة ذاته ووسائط ظهور صفاته ، وأرباب أنواع مخلوقاته(١).

ولك أن تقول : إنّ حقائق الموجودات بأسرها هي بعينها أسماء الله ـ تعالى ـ لأنها تدلّ على الله ـ سبحانه ـ دلالة الاسم على المسمّى ـ فإنّ الدلالة كما تكون بالألفاظ ، كذلك تكون بالذوات ، من غير فرق بينهما فيما يئول إلى المعنى ؛

بل كلّ موجود بمنزلة كلام صادر عنه تعالى دالّ على توحيده ، وتمجيده ؛

بل كلّ منها عند اولي البصائر لسان ناطق بوحدانيّته ، يسبّح بحمده ويقدّسه عمّا لا يليق بجنابه (٢) ، كما قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [١٧ / ٤٤] ؛

بل كلّ من الموجودات ذكر وتسبيح له تعالى ، إذ يفهم منه وحدانيّته وعلمه ، واتّصافه بسائر صفات الكمال ، وتقدّسه عن صفات النقص والزوال ؛ فإنّ البراهين قائمة ـ بل العقول السليمة قاضية ـ بوجوب انتهاء كلّ طلب إلى مطلوب ، وكلّ فقر إلى غناء ، وكلّ نقصان إلى تمام ؛ كما أنّها قاضية بوجوب رجوع كل مخلوق إلى خالق ، وكلّ مصنوع إلى صانع ، وكلّ مربوب إلى ربّ ؛ فنقصانات الخلائق

__________________

(١) ـ كتب المؤلف هنا الحديث الأول من باب حدوث الأسماء من كتاب التوحيد من الكافي : ١ / ١١٢ ؛ ثم شطب عليه ؛ وقد أعرضنا لأن المصدر سهل الوصول. المراجعين.

(٢) ـ كتب في هامش النسخة :

برگ درختان سبز در نظر هوشيار

هر ورقى دفتريست معرفت كردگار

٢١٨

دلائل كمالات الخالق ـ جلّ ذكره ـ وكثراتها واختلافاتها شواهد وحدانيّته ونفي الشريك عنه والضدّ والندّ ـ جلّ جلاله ـ.

كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام (١) : «بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له ، وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له ، وبمضادّته بين الأشياء عرف أن لا ضدّ له ، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له»

ـ إلى أن قال ـ : «ففرّق بين قبل وبعد ، ليعلم أن لا قبل له ولا بعد ؛ شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرّزها ، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقّتها ، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه ...» ـ الحديث ـ

وقال بعض الحكماء (٢) في هذا المعنى ـ وهو يصف النرجس ـ :

عيون في جفون في فنون

بدت فأجاد صنعتها المليك

بأبصار التغنّج طامحات

كأنّ حداقها ذهب سبيك

على قصب (٣) الزمرّد مخبرات

بأنّ الله ليس له شريك

__________________

(١) ـ الكافي : باب جوامع التوحيد : ١ / ١٣٩ ، ح ٤. وقد روي مثله عن مولانا الرضا عليه‌السلام أيضا في التوحيد : باب التوحيد ونفي التشبيه ، ٣٧ ـ ٣٨ ، ح ٢.

عنه البحار : ٤ / ٢٢٩ ، ح ٣.

(٢) ـ الأشعار لأبي نواس ، وقد أوردها الفخر الرازى في تفسيره (٢ / ٩٩ ، تفسير الآية : ٢ / ٢١) برواية تختلف عما ذكره المؤلف :

تأمل في نبات الأرض وانظر

إلى آثار ما صنع المليك

عيون من لجين شاخصات

وأزهار كما الذهب السبيك

على قضب الزبرجد شاهدات

بأن الله ليس له شريك

صدر المتألهين ـ قدس‌سره ـ في تفسير الآية أيضا ، تفسيره : ٢ / ٨٦.

(٣) ـ في هامش النسخة : «نسخة : قضب».

٢١٩

فصل [٥]

[يسأله سبحانه من في السماوات والأرض] (١)

كلّ موجود من الموجودات يطلب من الله ـ سبحانه ـ بلسان استعداده الكمال الذي يستعدّ له ؛ واستعداده لذلك الكمال ـ أيضا ـ من نعمه سبحانه ، وإليه اشير في الأدعية المأثورة بقولهم (٢) : «يا مبتدأ بالنعم قبل استحقاقها».

وإعطاؤه ـ سبحانه ـ الاستعداد دعاء منه إلى الطلب ، فالطلب بهذا الاعتبار إجابة لدعوة الحقّ (أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) [٤٦ / ٣١]. وهو باعتبار آخر سؤال منه سبحانه : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [٥٥ / ٢٩].

وهذا السؤال إنّما هو بلسان الحاجة والافتقار ، وعلى وجه الذلّ والاضطرار ، وإنّما هو باسم من أسمائه ـ جلّ جلاله ـ مناسب لحاجة السائل ، فالفقير ـ مثلا ـ إنّما يدعوه بالاسم «المغني» ، والمريض بالاسم

__________________

(١) ـ راجع عين اليقين : ٣١٢.

(٢) ـ التوحيد : باب أسماء الله تعالى ، ٢٢٢ ، ح ١٤. البلد الأمين : ١٨. دلائل الإمامة للطبري : باب معرفة من شاهد صاحب الزمان عليه‌السلام في حال الغيبة وعرفه ، الرواية الأخيرة : ٥٥٢. مصباح المتهجد : أعمال يوم الجمعة ، ٢٩٣. البحار : ٨٦ / ٧٥ ، ح ١٠. ٥١ / ٣٠٥ ، ح ١٩. ٩٠ / ٣٧ ، ح ٥. الدعوات للراوندي: فصل في ألحّ الدعاء وأوجزه ، من دعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ٦٠ ، ح ١٤٨. البحار : (كتاب الصلاة ، باب الأدعية والأذكار عند الصباح والمساء : ٨٦ / ٣١٦ ، ح ٦٧) نقلا عن مجموع الدعوات للتلعكبري ، دعاء الصادق عليه‌السلام عند الصباح : «... يا من بدء بالنعمة قبل استحقاقها ...».

٢٢٠