شواهد التنزيل لقواعد التفضيل - ج ١

عبيدالله بن عبدالله بن أحمد [ الحكام الحسكاني ]

شواهد التنزيل لقواعد التفضيل - ج ١

المؤلف:

عبيدالله بن عبدالله بن أحمد [ الحكام الحسكاني ]


المحقق: الشيخ محمّد باقر المحمودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤

١
٢

٣
٤

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

مقدمة الطبعة الثانية لكتاب شواهد التنزيل

وبعد فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : رحم الله امرءا عمل عملا فأتقنه.

ولقد كنّا قبل سنة (١٤٠٥) بخمسة عشر عاما ظفرنا بنسخة خطية من كتاب شواهد التنزيل والبال ضيق والحال مضطربة والفكر متشتت وذلك لأجل ثوران العفالقة وعمال الملاحدة لتشريد المؤمنين من أرضهم وديارهم وتفريق الصالحين عن أهلهم وأقاربهم ونهب أموالهم وضياعهم.

ومع هذه الاضطرابات المتنوعة وتشويش الحواس لما رأينا هذا الأثر الثمين الذي لم يقدّره المسلمون في خلال تسعة قرون أقدمنا على استنساخه وتحقيقه بأمل أن يمنّ الله علينا على طبعه ونشره بين المجتمع قبل أن يأتي عليه حوادث الدهر وتفنيه وتزيله عن ساحة الوجود كما أفنى وأزاح عن ساحة الوجود آلافا من أشكاله وما هو على سياقه ومنهاجه.

فحققناه على تلك البلبلة والقلقلة إلى أن منّ الله تعالى علينا بنشره في سنة (١٣٩٣) الهجرية وبعد مضي فترة يسيرة من نشره قد نفد نسخ الكتاب في الأسواق لكثرة الرغبة إلى اقتنائه وتحصيل نسخة منه لتفردّه في بابه ومضمونه ومحتوياته ، ولكن لاشتغالي بأعمال كثيرة من الواجبات الكفائية ما اهتممت بإعادة النظر فيه وطبعه ثانيا إلى أن اطلعت في سنة (١٣٩٧) عند ما زرت آية الله المرعشي أطال الله أيام بركاته في مدينة قم المقدسة على أنّه دام ظله الوارف اقتنى نسخة يمنية من هذا الكتاب فطلبنا من سماحته بأن يخولنا مصورة من الكتاب فجاد لنا بذلك ـ كما هو سجيته الكريمة حول التراث والكتب المخطوطة ـ ولكن بقيت تلك المصورة عندنا حدود سنتين بلا مقابلة إلى أن حصل لنا نشاط جديد حول تحقيق الكتاب وطبعه ثانيا فبمعونة ابني الشيخ محمد كاظم المحمودي قابلنا المخطوطة مع المطبوعة فرأينا أنّ المخطوطة اليمنية في أكثر محتوياتها أصحّ من المخطوطة الكرمانية التي كانت أصلا للطبعة الأولى ، وأيضا قل ما وجدنا في المخطوطة اليمنية حذفا أو بياضا ، ومع ذلك في مواضع قليلة وجدنا بالقرائن المتصلة أو المنفصلة أن المخطوطة الكرمانية أصحّ

٥

أصلها المخطوط ببركة النسخة اليمنية والقرائن الخارجية ولكن ما أدرجنا جميع زوائد النسخة اليمنية في النسخة التي صححناها عليها مثل قوله : «جلّ وعلا» أو «عزّ اسمه» ونحوهما المذكور قبيل الآية المبحوث عنها ، إذا كان في أصلنا الأول ما يغايره لفظا ، ومثل جملة : «صلى الله عليه وآله وسلم» بعد ذكر اسم النبي فإنّها كثيرة في الأصل اليمني قليلة في الأصل الكرماني.

ثمّ في الموارد التي أوردنا تلك الجملة أيضا ما أشرنا إلى أنّ هذه أي جملة : «صلى الله عليه وآله وسلم» من الأصل اليمني لأنّ ذلك ليس المقصود الأصلي وإنّما هو أمر عرضي لا سيما مع القرائن القاطعة على كون هذه الجملة عن غير المعصوم وإنّما أتى بها الراوي أو الكاتب من أجل استحباب تعقيب اسم النبي بهذه الجملة.

وأيضا قبل عنوان بعض الآيات لم تكن في الأصل الكرماني بعد ذكر جملة : «ومنها قوله» لفظة «تعالى» أو «جلّ جلاله» أو «عز اسمه» وكان بعض تلك الألفاظ موجودة في الأصل اليمني فزدناها في النسخة المحققة بلا إشارة إلى أنّها من الأصل اليمني وذلك لأن تمهيد هذه الأمور لم يكن هدفا أصليّا وإنّما أتي بها استحبابا أو تجويدا للكلام وكثيرا ما تتسبب العناية بالأمور الغير الأصيلة فوت الهدف الأصيل والمقاصد الأولية ، فالمحصل أنّ كلّ زيادة من هذا القبيل توجد في الطبعة الثانية بلا نصب قرينة على تعيين مصدرها فهي من النسخة اليمنية.

وليعلم أنّه مع بذل الجهد ـ بل التفادي ـ في تصحيح هذا الكتاب القيم والسفر العظيم ومع ذلك قد بقي فيه اختلال قليل لم يتيسر لنا حلّه من النسخة اليمنية أو القرائن الخارجية فعسى الله أن يمنّ علينا أو على غيرنا بأصل ثالث أصحّ من الأصل الكرماني واليمني (١) أو بقرائن منفصلة على إصلاح ما بقي من الأختلال القليل.

__________________

(١) وقد أطلعنا أخيرا عن مصدر موثوق أنّ نسخة من مخطوطة شواهد التنزيل موجودة في أوقاف السليمانية بالعراق فإن منّ الله علينا بالظفر بها فلعلّها تكون كفيلة بإصلاح الإختلال القليل الباقي الذي لم يتيّسر لنا تصحيحه إلى الآن.

وأيضا ذكر بعضهم أنّ القاضي إسماعيل بن الحسين جغمان الخولاني المتوّفى سنة : ««١٢٥٦» قد اختصر كتاب شواهد التنزيل كما في كتاب معجم المؤلّفات القرآنيّة نقلا عن كتاب نيل الأوطار : ج ١ ، صلي الله عليه وآله وسلم ٢٧١.

٦

وإني أنشد الله كل مسلم يحب العلم والدين وله عناية بصلاح المجتمع وعنده مخطوطة من هذا الكتاب ـ أو بقية كتب المؤلف ـ أن يساعدنا ببذل نسخته ولو عارية فإن هذا من أفضل أنحاء التعاون على البرّ والتقوى وإدّخار الزاد ليوم المعاد الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وورد على الله بصالح الأعمال والصدقات الجارية المقربة إلى الله تعالى ومن أعظم أنحاء الصدقات الجارية الكتب المتكفلة لبيان العقائد الحقة وشرح دعائم الصالحات وأسس الأعمال الصالحة المنجية من الهلكات وآخر دعوانا : أن الحمد لله رب العالمين.

محمد باقر المحمودي

٧
٨

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الطبعة الأولى من كتاب شواهد التنزيل پ

قال السيوطي في طبقات الحفاظ : الحسكاني القاضي المحدث أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حسكان القرشي العامري النيسابوري ـ ويعرف بابن الحذاء ـ شيخ متقن ذو عناية تامة بعلم الحديث ، عمّر وعلا أسناده ، وصنف في الأبواب وجمع.

حدث عن جده والحاكم وأبي طاهر بن محمش ، وتفقه بالقاضي أبي العلاء صاعد ، أملا مجلسا صحح فيه [حديث] ردّ الشمس لعلي ، وهو يدل على خبرته بالحديث وتشيع [كذا] مات بعد أربع مائة وسبعين. [كذا].

كذا رواه عنه صمصام الطائفة في عبقات الأنوار : ج ١ ، من حديث الغدير صلي الله عليه وآله وسلم ٣٧.

وقريبا منه ذكره أيضا أبو محمّد عبد القادر بن أبي الوفاء المتوفى (٧٧٥) في ترجمة الحسكاني في حرف العين تحت الرقم : (...) من كتاب الجواهر المضيئة ج ٢ صلي الله عليه وآله وسلم ٣٣٨ ، وقال في ختام الترجمة : روى عنه أبو الحسن الحافظ الدارقطني.

وقال الذهبي في آخر الطبقة (١٤) تحت الرقم (١٠٣٢) من كتاب تذكرة الحفاظ : آخر ج ٤ صلي الله عليه وآله وسلم ٣٩٠ ط الهند ؛ تحت الرقم : (٣) وفي ط مصر : ج ٣ صلي الله عليه وآله وسلم ١٢٠٠ :

__________________

(١) شرعنا في كتابة شواهد التنزيل في دار آية الله الحاج مرزا أحمد مدّ ظله ـ في أوائل صباح يوم السبت الموافق ل (١١) من شهر جمادى الثانية سنة ١٣٩٢.

المحمودي

٩

الحسكاني القاضي المحدث أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان القرشي العامري النيسابوري الحنفي الحاكم ، ويعرف بابن الحذاء (١) شيخ متقن ذو عناية تامة بعلم الحديث ، وهو من ذرية الأمير عبد الله بن عامر بن كريز الذي افتتح خراسان زمن عثمان.

وكان معمرا عالي الإسناد ؛ صنّف وجمع وحدث عن جده ، وابن أبي الحسن العلوي ، وأبي عبد الله الحاكم وأبي طاهر بن محمش وعبد الله ابن يوسف الإصبهاني وأبي الحسن بن عبدان ، وابن فتحويه الدينوري وأبي الحسن علي بن السقاء ، وأبي عبد الله بن باكويه وخلق.

و [كان] ينزل إلى أبي سعيد الكنجرودي ونحوه.

واختص بصحبة أبي بكر بن الحارث الإصبهاني النحوي وأخذ عنه ، وأخذ أيضا عن الحافظ أحمد بن علي بن منجويه [كذا] وتفقه على القاضي أبي العلاء صاعد بن محمد.

وما زال يسمع ويجمع ويفيد. وقد أكثر عنه المحدث عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي ، وذكره في تاريخه ، لكن لم أجده ذكر له وفاة ، وقد توفي بعد تسعين وأربع مائة (٢).

ووجدت له مجلسا يدل على تشيعه وخبرته بالحديث ، وهو تصحيح خبر ردّ الشمس وترغيم النواصب الشمس.

وأيضا عقد له الذهبي ترجمة قريبة ممّا تقدّم ـ تحت الرقم : (١٦٣) من كتاب سير أعلام النبلاء : ج ١٨ ، صلي الله عليه وآله وسلم ٢٦٨ ط بيروت.

__________________

(١) هذا هو الصواب ، وفي النسخة الأصلية (الحداد).

(٢) كذا في ط الهند ، وفي ط بيروت : «بعد السبعين وأربعمائة».

١٠

المؤلف وأسرته العلمية

ملخص ما كتبه تلميذ المؤلف عبد الغافر ابن إسماعيل النيسابوري.

قال عبد الغافر بن إسماعيل تلميذ المؤلف في كتاب السياق ذيل تاريخ نيسابور الورق ٣٨ :

عبيد الله بن عبد الله بن [أحمد بن] محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان (١) أبو القاسم الحذاء الحافظ المتقن من أصحاب أبي حنيفة ، شيخ فاضل مسنّ من بيت العلم والوعظ والحديث ينتسبون إلى عبد الله بن عامر بن كريز ، وهذا تميّز من بينهم بطلب الحديث وتحصيله ومعرفته حتى تخرّج عنه ، وسمع الكثير عاليا وانتخب عن الشيوخ وجمع الأبواب والكتب والطرق.

وتفقه على القاضي الإمام أبي العلاء صاعد [بن محمد] وحصل قدرا صالحا من العربية ، ومال إلى مذهب العدل ، وشيّد أشياء من الأصول فشرع في بعض المسائل في أثناء تصانيفه ، وخير رأس ماله [ظ] معرفة الحديث ورجاله ، ورأيت فهرست تصانيفه بخطه ، يبلغ الصغار والكبار منها قريبا من المائة ، وفيها فوائد ، ولم يكن في أصحابه في زمانه وبعده من يبلغ درجته في معرفة الحديث ومعرفة رجاله.

حدث عن أبيه وجده والسيد أبي الحسن وأهل بيته والحاكم أبي عبد الله الحافظ والزيادي وابن مامويه [كذا] وطبقتهم من الأئمة ، وبعدهم من أصحاب الأصم و [ابن] السقاء وابن فتحويه وأبي الحسن بن عبدان ،

__________________

(١) كذا في السياق ، وفي منتخبه الورق ٨٦ / أ : عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن أحمد بن محمد بن حسكان ... وكلاهما قد وقع فيه السقط ، أما السياق ، فقد سقط منه ما وضعناه بين المعقوفين ، وأما المنتخب فقد حذف منه بين الأحمد بن قوله «محمد بن» :

١١

ثم بعد تلك الطبقة اختص بأبي بكر بن الحرث الإصفهاني وأخذ منه العلم ، وكذلك عن أحمد بن علي بن منجويه الحافظ عن أبي عبد الله وطبقته ، والقاضي الإمام أبي العلاء صاعد وأولاده والحرميين [ظ] وأبي حفص بن مسرور ، والكنجرودي والصابوني وطبقتهم.

وسمّع أولاده وسافر إلى مرو ، واستفاد بها وأفاد (١).

وأمّا أبوه فهو ـ على ما في منتخب السياق الورق / ٣٢] ـ :

عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان أبو محمد الحاكم الواعظ الكريزي القرشي المعروف بالحذاء ، شيخ مشهور ، كان يعقد مجلس التذكير والوعظ في مسجد المربعة بنيسابور غدوات يوم الأحد ، وكان يشتغل بالتجارة ويتولى الحكومة بالأرباع أحيانا ثم ترك ذلك وأقبل على الإنزواء والعبادة سنين.

ولد سنة ثلاث وستين وثلاث مائة ، ولم يحمل إلى [تحصيل] الحديث في صباه حتى فاته [الطبقة] الأولى ، وأدرك [الطبقة] الثانية.

وحج به أبوه سنة ثلاث وثمانين فسمع في الطريق من مشايخ الري وبغداد ؛ بإفادة أبي حازم العبدوي الحافظ.

__________________

(١) قال ابن شيرويه في حرف الثاء في الحديث : «ثلاث أخافه على أمتي ...» من كتاب مسند الفردوس ج ٣٣ صلي الله عليه وآله وسلم ٦٨ :

أخبرنا والدي رحمه الله قال : أخبرنا أبو محمّد عبد السيّد بن عبد السلام بن علي الغياثي المروزي أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني الحافظ قدم مرو ، أخبرنا الحسن بن محمّد المفسر ...

١٢

وخرّج له [ابنه] الحاكم أبو القاسم الحافظ الحذاء الفوائد فسمع منه بخراسان والعراق والجبال.

وتوفي في شوال سنة خمسين وأربعمائة (١).

وأمّا جدّه فهو : [على ما في السياق ٢٤ / أ] :

أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان الحذاء الحنفي أبو نصر جدّ الحاكم شيخنا أبي القاسم ، ذكر حافده أنه ولد تخمينا سنة نيف وعشرين وثلاث مائة لأنه ذكر انه استقبل به أبوه لما انصرف من الغزو ؛ في صحبة الإمام أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي وكان تاريخ ذلك القفول سنة ثلاثين وثلاث ومائة وذكر أنه سمع جماعة قبل الأصم فمن دونه ، وضاعت كتبه في حجته الأولى مع أبي القاسم النصر آباذي سنة خمس وستين على أيدي العيارين فاقتصر في الرواية على الأصمّ فمن دونه.

وكان يروي عن أبي إسحاق البزاري وأبي عمرو بن مطر وأبي الحسن ابن بندار الصيرفي وأبي الحسن السراج (٢).

قال أبو صالح : سمعت منه في شهور سنة ست عشر وأربعمائة ، وكان يغلط في حديثه ويأتي بما لا يتابع عليه.

__________________

(١) كذا في السياق الورق ٣٢ عدا ما وضعناه بين المعقوفات ، وزاد عليه في منتخب السياق الورق ٨١ / أ/ قوله :

روى عنه قاضي القضاة أبو سعيد محمد بن أحمد بن محمد بن صاعد ، وابنه أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني.

(٢) وقال في الورق ٩٥ / أ : عبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ الزاهد ، أبو القاسم ابن أبي الحسين القصار ، ابن أخت أبي نصر أحمد بن محمد بن حسكان الحذاء ، فاضل سمع الكثير.

١٣

توفّي في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة (١).

أنبأنا عنه حافده أبو القاسم عبيد الله بن أحمد الحسكاني.

وأمّا عمّه فهو :

عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن حسكان الحذاء أبو سهل أخو الحاكم الواعظ أبي عبد الله الحذاء ، صالح عابد زاهد من أصحاب أبي حنيفة.

سمع بنيسابور والعراق والحجاز والشام وما كان يضبط سماعه ولا يعتني بالرواية ؛ فخرّج له ابن أخيه الحاكم أبو القاسم الفوائد ، وقرأها لأولاده.

توفّي ليلة الأحد ، الخامس والعشرين من شعبان سنة خمس وخمسين وأربعمائة.

وأمّا أخوه فهو ـ على ما في تلخيص السياق ـ :

مسعود بن عبد الله بن أحمد الحذاء الحسكاني أخو الحاكم أبي القاسم الحافظ. [شيخ] مستور سديد ، سمع مع أخيه عن أبي القاسم السراج وأبي زكريا ، والقاضي وطبقتهم. توفّي [كذا](٢).

وأمّا أبناؤه :

فقد ظفرنا على ترجمة ثلاثة منهم قد رووا الحديث وتحملوا العلم وهم : محمد بن عبيد الله وصاعد بن عبيد الله ووهب الله بن عبيد الله الآتي ترجمته في أول خطبة الكتاب وهو أصغرهم ، وأما محمد وصاعد فإليك ترجمتهما من منتخب السياق الورق ٢٠ ب و٧٥ / أقال :

__________________

(١) كذا في النسخة ، ورواه في ترجمته تحت الرقم : (٩٣١) من لسان الميزان : ج ١ ، صلي الله عليه وآله وسلم ٣٠٧ وقال : سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.

(٢) وله ابن هو أيضا من أهل العلم قال في المنتخب الورق ٧٠ / أ : سعيد بن مسعود بن عبد الله بن أحمد بن حسكان ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة.

١٤

محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحسكاني الحاكم أبو علي الحذاء ، رجل مستور متواضع من بيت الحديث.

سمع من أبيه وجده ومشايخ عصره.

توفي في شهر رمضان سنة أربع وخمسمائة.

وأيضا قال في الورق : / ٧٥ / أ/ من كتاب المنتخب وفي منتخب آخر منه الورق / ١٣ / ب / :

صاعد بن عبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحسكاني الحذاء ؛ أبو سعيد ، مستور من بيت العلم والحديث ، أبوه الحاكم محدث أصحاب الرأي في عصره ، والجامع للأبواب والمصنف في كل فن بحسان الكتب ، سمّع أولاده الكثير. وهذا سمع من الطبقة الثالثة.

وأمّا أقرباؤه القرشيون الكريزيون فقد ذكر جماعة منهم من أهل العلم مثل جمهور الكريزي في الورق ٥٠ ومنهم عبد الله الإصبهاني كما في الورق ٨٠ ، ومنهم عبد الرحمان بن محمد الكريزي القرشي كما في الورق ٨٧ / أ. ومنهم هبة الله بن عبد الله أبو السنابل القرشي الكريزي كما في الورق ١٤٠ / أ/.

ومنهم أحمد : قال في المنتخب الورق / ٢٤ / ب / :

أحمد بن علي (١) بن محمد بن عبدوس الحذاء أبو حامد ، [شيخ] مستور من أقارب الحاكم الحسكاني.

سمع من الإمام صاعد بن محمد ، وسمع مسند العشرة من أبي سعد النصروي والطبقة. وقرأ عليه بدلالة الوالد عليه.

__________________

(١) والظاهر أنه صهر الحسكاني وأبو جامع حفيده ، قال في المنتخب ٥١ ب :

جامع بن أحمد بن علي بن عبدوس أبو المظفر الحذاء حافد الحسكاني الحنيفي [كذا] سمع من جده أبي القاسم.

١٥

وتوفّي ليلة الجمعة العشرين من شوال سنة ست وخمسمائة.

وولد في الرابع عشر من شوال سنة ثماني عشر وأربعمائة.

فمما وجد (١) من مسموعاته [هو] كتاب فضائل الصحابة ، من تصنيف أحمد بن حنبل ـ رضي الله عنه فمن ذلك [قوله] :

أنبأنا أبو سعد النصروي ، أنبأنا أبو بكر القطيعي سنة سبع وستين وثلاث مائة ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا أبي.

وقد عقد له أيضا ترجمة العلّامة الميرزا عبد الله الإصفهاني رحمه الله في حرف العين من كتاب رياض العلماء : ج ٣ صلي الله عليه وآله وسلم ٢٥٦ ط ١ ، قال :

الشيخ الأجلّ الحاكم أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني :

[هو] العالم الكامل الراوية المتكلّم الفقيه المعروف بالحاكم الحسكاني.

قال بعض تلامذة الشيخ علي (١) في رسالته المعمولة في ذكر أسامي مشائخ أصحابنا : ومنهم الشيخ معزّ [الدين] العالم الملّقب بالحسكاني مؤلّف كتاب [شواهد] التنزيل وغيره. انتهى [كلامه].

وقد صرّح [السيّد عليّ] ابن طاووس في [كتاب] الإقبال صلي الله عليه وآله وسلم ... بأنّه من العامّة.

وقد أوردنا شطرا من أحواله في باب الألقاب فلاحظ (٢).

وقال ابن شهرآشوب في [كتاب] معالم العلماء [صلي الله عليه وآله وسلم ٧٨ ط ١] :

الحاكم أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني له كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفضيل [كتاب] حسن.

[وأيضا له كتاب] خصائص عليّ بن أبي طالب عليه السلام في القرآن.

[وأيضا له كتاب] مسألة تصحيح ردّ الشمس وترغيم أنف النواصب الشمس (٣).

__________________

(١) كلمة «وجد» رسم خطها غير واضح ، ويمكن أن تقرأ «يوجد» أو غيرها. ثم إن الكتاب رواه أيضا عن النصروي جامع بن عمر المطوّعي كما في الورق / ٥١ / ب /.

١٦

وأقول : و [كتاب] شواهد التنزيل له كتاب حسن جليل داخل في [كتاب] البحار (٥) للأستاد الاستناد وهو الآن موجود عنده بإصبهان ، و [يوجد أيضا] عند المولى بهاء الدين محمد المعروف بالفاضل الهندي.

والحسكاني بفتح الحاء المهملة وسكون السين المهملة وفتح الكاف ثمّ الف ليّنة وبعدها همزة ـ ويقال : نون ـ نسبة إلى حسن كا فلاحظ.

__________________

(١) كذا في الأصل المطبوع ، ولهم أقف بعد على معرفة الشيخ علي هذا ، ولا تلميذه ولا رسالته ، ولعل الصواب: «الشيخ أبي علي» وعلى هذا فيحتمل أن يراد منه أبو علي الطبرسي مؤلّف تفسير مجمع البيان ، وتلميذه هو السيد أبو الحمد.

(٢) والظاهر انّه ذكره في باب الألقاب في القسم الثاني من رياض العلماء الذي يخص تراجم علماء أهل السنّة وهو لا يزال مخطوط ولم أظفر به بعد.

(٣) والكتاب كان موجودا عند ابن تيميّة وكثير ، فلعبابه في كتابيهما المنهاج والبداية والنهاية.

١٧

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الذي يكرم من يشاء من أوليائه ـ بأنواع الكرامات ، وينعم عليه بالزيادة في المنزلة ورفع الدرجات (١) وعلى رسوله المصطفى وآله أفضل التحية والصلوات.

أخبرني الشيخ الأجل علي بن حمزة بن علي الرشكي (٢) مد الله عمره ، وقال : (٣) : أخبرنا ابن المصنف وهب الله بن علي (٤) الحسكاني الحذاء ، قال : قال الحاكم الإمام أبو القاسم الحسكاني (٥) رضي الله عنه :

__________________

(١) كذا في الكرمانية ، وفي النسخة اليمنية :

الحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله ، الحمد لله الذي يكرم من يشاء من أوليائه بأنواع الكرامات ، وينعم عليه بالزيادة في المنزلة ورفعة الدرجات ...

(٢) لم يتيسر لي الرجوع إلى ترجمته والتعريف بحاله.

(٣) بين الواو ، و «قال» كان بياض قدر كلمة ، والظاهر عدم سقوط شيء.

(٤) كذا في النسخة ، والتصحيف فيها جلي وإليك ترجمته تحت الرقم : (١٦١) من كتاب منتخب السياق تأليف تلميذ الحسكاني ، في حرف الهاء الورق ١٢٩ ـ أ ـ وفي ط ١ : صلي الله عليه وآله وسلم ٧٢٢ قال :

وهب الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحسكاني أبو الفضل ابن الحاكم أبي القاسم بن أبي محمد الحذاء ، من بيت الحديث والعلم والوعظ ، أبوه أبو القاسم [كان] محدث أصحاب أبي حنيفة في عصره المكثرين [وهو أستاذ] الحافظ المصنف ، وقد مضى ذكره ، و [أبو الفضل] هذا أصغر أولاده الذكور ، سمعه أبوه [الحديث] الكثير ، [و] انزوى في بعض الصوامع يقرأ عليه من أبيه وغيره وهو مقبل على العبادة. روى عن والده. وقريب منه في السياق الورق ٩٤ ـ أ ـ ولأجل وضوح خط المنتخب دون الأصل كتبنا منه دونه ، وهكذا في جميع ما نذكره عنه دون السياق.

وذكره أيضا السمعاني في معجم شيوخه وفي كتاب التحبير وقال : سمع أباه أبا القاسم وأحمد بن محمد بن الحسين الصيدلاني وإسحاق بن عبد الرحمن الصابوني وأبا صالح المؤذن. وكانت ولادته سنة : (٤٥٠) بنيسابور وتوفي بها يوم الجمعة (٧) شوال سنة : (٥٢٤)

(٥) الكلم الثلاث : «أبو القاسم الحسكاني» مأخوذة من النسخة اليمنية وقد سقطت عن النسخة الكرمانية ، كما أن قوله : «أخبرني الشيخ الأجل علي بن حمزة ـ إلى قوله : ـ الحذاء» قد سقط عن النسخة اليمنية.

١٨

أما بعد فإن بعض من ترأس على العوام ، وتقدم من أصحاب ابن كرام قعد في بعض هذه الأيام (١) في مجلسه ـ وقد حضره الجمع الكثير ، واحتوشه (٢) الجم الغفير ، وهو يستغويهم بالوقيعة في نقيب العلوية ـ حتى امتد في غلوائه وارتقى إلى نقص آبائه ـ فقال : لم يقل أحد من المفسرين ـ إنه نزل في علي وأهل بيته سورة : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) ولا شيء سواها من القرآن!! (٣) فأنكرت جرأته وأكبرت بهته وفريته ، وانتظرت الإنكار عليه من

__________________

(١) كذا في النسخة اليمنية غير أنه كان فيها : «ابن كرامة» والظاهر أنه تصحيف. وفي النسخة الكرمانية هاهنا بياض بقدر خمس كلمات. ثم إن المحتمل قويا أن مراد المصنف من قوله : «من أصحاب ابن كرام» هو أبو يعقوب إسحاق بن محمشاذ الزاهد الكرامي المتوفى في شهر رجب سنة : (٣٨٣) المترجم في عنوان : «الكرامي» من أنساب السمعاني ولبابه. وبعض مقالاتهم وعقائدهم ذكره ابن حجر في ترجمة محمد بن كرام من كتاب لسان الميزان : ج ٥ صلي الله عليه وآله وسلم ٣٥٣. ولا استبعاد في درك المصنف إسحاق بن محمشاذ المتوفى (٣٨٣) المترجم في لسان الميزان : ج ١ ، صلي الله عليه وآله وسلم ٣٧٥ بعد رواية المصنف عن جماعة في تاريخ سنة ٣٧٨ و٣٨٢ و٣٩٨ و٣٩٩ و٤٠٠ و٤٠١ ، كما في الحديث ٢٥ و١٢٠ و٤٩٥ ، و٩٩٠ و١٠٢٦ ، و١١١٠ ، وغيرها في هذا الكتاب ، وكثرة رواية المصنف في هذا الكتاب عن أبي الحسن الجار : علي بن أحمد بن علي العدل الحذاء المتوفى في المحرم من سنة : ٣٩٧.

(٢) هذا هو الصواب ، الموافق للنسخة اليمنية ، وفي النسخة الكرمانية : «واستوحشت» يقال : احتوش «القوم الرجل وعلى الرجل» : جعلوه في وسطهم وأحدقوا به ، ويحتمل قريبا أن الأصل كان «واستحوشت» ـ فصحفت بقوله : واستوحشت ـ من قولهم : «استحوش الصيد استحواشا» : جاء من حواليه وجانبه ليدفعه إلى الحبالة. ولا يخفى لطف الكلام واشتماله على الاستعارة التمثيلية.

(٣) وحذا حذو هذا الجاهل العنيد ، ألد النواصب ابن كثير فقال : في البداية والنهاية : ج ٧ صلي الله عليه وآله وسلم ٣٥٧ : ولم ينزل في علي شيء من القرآن بخصوصيته.

١٩

العلماء ـ والأخذ عليه من الكبراء (١) فلم يظهر من ذلك إلا ما كان من القاضي الإمام ـ عماد الإسلام أبي العلى صاعد بن محمد قدس روحه من معاتبة بعض خواصه ـ الحاضرين ذلك المجلس بإغضائه عن النكير ، مع ادعائه التشمر في الأمر بالمعروف ـ وإنكار المناكير ، فرأيت من الحسبة دفع هذه الشبهة ـ عن الأصحاب وبادرت إلى جمع هذا الكتاب ، وأوردت فيه كل ما قيل إنه نزل فيهم ـ أو فسر وحمل عليهم من الآيات ، وأعرضت عن نقد الأسانيد والروايات ـ تكثرا لا تهورا ـ وسميته بشواهد التنزيل لقواعد التفضيل (٢) ، و (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ) الْمُوَفِّقُ و (الْوَكِيلُ).

[وقبل إيراد الآيات النازلة فيهم عليم السلام نذكر فصولا لها كمال الارتباط بمقاصد الكتاب:]

__________________

(١) كذا في النسخة الكرمانية ، وفي النسخة اليمنية : والأخذ على يديه من الكبراء.

(٢) هذا هو الظاهر المذكور في النسخة اليمنية والجملتان التاليتان : «وحسبنا الله ونعم الموفق والوكيل» غير موجودتين فيها.

وفي النسخة الكرمانية : «ووسمته بشواهد التنزيل ..

٢٠