إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٥

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحديث الحادي والخمسون

«ان النبي وعليا كانا نورين بين يدي الله» «قول النبي على منى وانا منه» «ولحمه لحمى ودمه دمى» «ومن أبغضه ابغضنى ومن أحبه أحبني»

ما رواه القوم.

منهم موفق بن أحمد أبو المؤيد في مقتل الحسين (ص ٥٠ ط الغرى):

وأخبرنى سيد الحفاظ هذا فيما كتب إلى من همدان أخبرنى أبو الفتح كتابة أخبرنى الشريف أبو طالب أخبرنى الحافظ ابن مردويه أخبرنى إسحاق بن محمّد أخبرنى أحمد ابن زكريا أخبرنى ابن طهمان أخبرنى محمّد بن خالد أخبرنى الحسن بن إسماعيل عن أبيه عن زيد بن المنذر عن محمّد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعليّ نورا بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام فلما خلق الله آدم سلك ذلك النّور في صلبه فلم يزل الله ينقله من صلب إلى صلب حتّى أقرّه في صلب عبد المطلب ثمّ أخرجه من صلب عبد المطلب وقسّمه قسمين قسما في صلب عبد الله وقسما في صلب أبي طالب فعليّ منّى وأنا منه لحمه لحمى ودمه دمي فمن أحبّه فبحبي أحبه ومن أبغضه فببغضي أبغضه.

ومنهم الحافظ المذكور في كتابه «المناقب» (ص ٨٧ ط تبريز) قال : وأخبرنى شهردار هذا إجازة : فذكر بعين ما تقدّم عن «مقتل الحسين» سندا ومتنا.

ومنهم العلامة الشيخ ابراهيم بن محمد بن أبى بكر بن حمويه الحموينى المتوفى سنة ٧٢٢ في «فرائد السمطين» (مخطوط) قال :

انبأني ابو طالب بن أنجب بن الخازن عن ناصر بن أبي المكارم إجازة أخبرنا أبو المؤيد الموفق بن أحمد إجازة ان لم يكن سماعا ح أنبأني العزيز بن محمّد عن والده أبى

١

القاسم بن أبي الفضل بن عبد الكريم إجازة أخبرنا شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي إجازة فذكر الحديث بعين ما تقدم عن «مقتل الحسين» سندا ومتنا.

وقال : أخبرنى الشيخ ابو طالب بن أنجب بن عبد الله عن مجد الدين محمّد بن محمود ابن الحسن النّجار إجازة عن برهان الدين أبي الفتح ناصر بن أبي المكارم المطرزي إجازة أخبرنا أبو المؤيد الموفق بن احمد المكي فذكر الحديث بعين ما تقدم عن «مقتل الحسين» سندا ومتنا.

ومنهم العلامة جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي الحنفي المتوفى سنة ٧٥٠ في «نظم درر السمطين» (ص ٧٩ ط مطبعة القضاء بمصر).

روى الحديث عن ابن عباس بعين ما تقدم عن «المناقب».

ومنهم العلامة المحدث الواعظ السيد جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الحسيني الشيرازي الهروي المتوفى سنة ١٠٠٠ في كتابه «الأربعين حديثا» (مخطوط).

روى الحديث بعين ما تقدم عن «درر السّمطين» لكنّه أسقط قوله : لحمه لحمى ودمه دمى.

ومنهم العلامة المير محمد صالح الكشفى الحنفي الترمذي المتوفى سنة ١٠٢٥ في «المناقب المرتضوية» (ص ٧١ ط بمبئى).

روى الحديث بعين ما تقدم عن «مقتل الحسين» وزاد في آخره قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعلي منّى وأنا منه.

ومنهم العلامة الدامغاني في «الأربعين» (على ما في مناقب الكاشي).

روى الحديث بعين ما تقدم عن «المناقب المرتضوية»

ومنهم العلامة الشيخ سليمان القندوزى المتوفى سنة ١٣٩٢ في «ينابيع المودة» (ص ١٠ ط الآستانه)

٢

روى الحديث بعين ما تقدم عن «فرائد السمطين».

ومنهم العلامة المولوى السيد ابو محمد الحسيني البصري الهندي المتوفى في أوائل القرن الرابع عشر في كتابه «انتهاء الافهام» (ص ٢٢٣ ط الهند).

روى الحديث بعين ما تقدم عن «مقتل الحسين»

وقد تقدم صدر هذا الحديث بطرق أخرى في (ج ٤ ص ٩١).

الحديث الثاني والخمسون

«خلق النبي وعلى من نور واحد» «يسبحان الله ويقدسانه عن يمين العرش قبل خلق آدم» «انتصف نورهما في صلب عبد المطلب» «ان الله اشتق اسماء الخمسة الطاهرة عن أسمائه» «أن لعلى الشجاعة والخلافة كما ان للنبي الرسالة والنبوة»

«على ولى الله»

ما رواه القوم.

منهم العلامة الشيخ ابراهيم بن محمد بن ابى بكر بن حمويه الحموينى المتوفى سنة ٧٢٢ في كتابه «فرائد السمطين» (مخطوط) قال :

أخبرنى السيد النسابة عبد الحميد بن فخار الموسوي رحمه‌الله كتابة أخبرنا النقيب ابو طالب عبد الرّحمن بن عبد السميع الواسطي إجازة أنا شاذان بن جبريل بن إسماعيل القمي بقراءتي عليه أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد العزيز القمي انا الامام حاكم الدين أبو عبد الله محمّد بن احمد بن علي بن احمد بن محمّد بن إبراهيم النظري قال أخبرنا ابو علي الحسن بن احمد بن الحسن الحدادي قال أخبرنا أبو نعيم احمد بن عبد الله بن احمد الحافظ قال حدثنا احمد بن يوسف بن خلاد النصيبي ببغداد قال حدثنا الحرث بن أبي أسامة التميمي قال حدثنا

٣

داود بن محبر بن محذم قال حدثنا قيس بن الربيع عن عبادة بن كثير عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي «ابن عباس خ ل» رضى الله تعالى قال سمعت رسول الله يقول خلقت انا وعلى بن أبي طالب من نور عن يمين العرش نسبّح الله ونقدسه من قبل ان يخلق الله تعالى آدم باربعة عشر ألف سنة فلما خلق الله آدم نقلنا الى أصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات ثم نقلنا الى صلب عبد المطلب وقسمنا نصفين فجعل النصف في صلب أبي عبد الله وجعل النصف في صلب عمى أبي طالب فخلقت من ذلك النصف وخلق علىّ من النصف واشتق الله تعالى لنا من أسمائه اسماء فالله عزوجل محمود وانا محمّد والله الاعلى وأخي علىّ والله فاطر وابنتي فاطمة والله محسن وابناي الحسن والحسين وكان اسمى في الرسالة والنبوة وكان اسمه في الشجاعة والخلافة وأنا رسول الله وعليّ ولىّ الله «سيف الله ح ل».

الحديث الثالث والخمسون

«على مثل آدم في علمه» «ومثل نوح في عزمه» «ومثل ابراهيم في حلمه» «ومثل موسى في فطنته» «ومثل عيسى في زهده»

ما رواه القوم.

منهم العلامة عز الدين عبد الحميد بن هبة الله الشهير بابن ابى الحديد المدائني المتوفى سنة ٦٥٥ في «شرح نهج البلاغة» (ج ٢ ص ٤٤٩ ط القاهرة) قال :

الخبر الرّابع من أراد ان ينظر إلى نوح في عزمه وإلى آدم في علمه والى إبراهيم في حلمه وإلى موسى في فطنته وإلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام رواه احمد بن حنبل في المسند ورواه احمد البيهقي في صحيحه.

وقال في (ج ٢ ص ٢٣٦ ؛ الطبع المذكور أيضا)

وروى المحدّثون أيضا عنه عليه‌السلام إنّه قال : من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه

٤

وموسى في علمه وعيسى في ورعه فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

ومنهم العلامة الشيخ سليمان الحنفي البلخي القندوزى المتوفى ١٢٩٣ في «ينابيع المودة» (ص ١٢١ ط اسلامبول).

روى الحديث عن أحمد في المسند وعن البيهقي في صحيحه بعين ما تقدم عن «شرح النهج» إلّا أنّه قدّم قوله إلى آدم في علمه وذكر بدل قوله في فطنته : في هيبته.

الحديث الرابع والخمسون

«على مثل آدم في علمه» «ومثل يوسف في حسنه» «ومثل موسى في صلاته» «ومثل عيسى في زهده» «ومثل محمد (ص) في خلقه»

ما رواه القوم.

منهم العلامة العارف الشيخ أبو مدين شعيب بن عبد الله بن سعد بن عبد الكافي المصري المكي المالكي المتوفى سنة ٨٠١ في «الروض الفائق في المواعظ والرقائق» (ص ٣٨٩ ط القاهرة) قال :

قال أبو بكر (رض): أنا لا أتقدم على رجل قال في حقّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أراد أن ينظر إلى آدم عليه‌السلام وإلى يوسف وحسنه وإلى موسى وصلاته وإلى عيسى وزهده وإلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في خلقه فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

الحديث الخامس والخمسون

«على مثل آدم في علمه» «ومثل نوح في حكمته» «ومثل ابراهيم في حلمه» ما رواه القوم

منهم العلامة المعاصر السيد احمد بن محمد بن الصديق الحسنى المغربي المالكي من مشايخنا في الرواية في «فتح الملك العلى بصحة حديث باب مدينة العلم على» (ص ٣٤ ط القاهرة).

٥

(حديث آخر) قال ابن بطة : ثنا أبو ذر أحمد بن الباغنديّ أنا أبي عن مسعر بن يحيى ثنا شريك عن أبي إسحاق عن أبيه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في حكمته وإلى إبراهيم في حلمه فلينظر إلى عليّ.

الحديث السادس والخمسون

«على بين يدي النبي يوم القيامة» «ومعه لواء الحمد» «على أعطى صبرا كصبر النبي» «وأعطى حسنا كحسن يوسف» «وقوة كقوة جبرئيل»

ما رواه جماعة من أعلام القوم.

منهم العلامة العارف الشيخ أبو مدين شعيب بن عبد الله بن سعد بن عبد الكافي المصري المكي المالكي المتوفى سنة ٨٠١ في «الروض الفائق في المواعظ والرقائق» (ص ٣٨٥ ط القاهرة).

روى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أجيء يوم القيامة وعلىّ بين يدي ومعه لواء الحمد وعليه شقّتان شقة من السندس وشقة من الإستبرق فقام إليه أعرابى فقال فداك أبي وأمي يا رسول الله علىّ يستطيع أن يحمل لواء الحمد؟ قال : كيف لا يستطيع حمله وقد اعطى خصالا صبري كصبرى وحسنا كحسن يوسف وقوة كقوة جبريل وأن لواء الحمد بيد عليّ بن أبي طالب وجميع الخلائق يومئذ تحت لوائى.

ومنهم العلامة أبو اليقظان الشيخ ابو الحسن الكازروني في «شرف النبي» (على ما في مناقب الكاشي المخطوط ص ١٢٧)

روى الحديث بعين ما تقدم عن «الروض الفائق»

٦

الحديث السابع والخمسون

«لو لم يؤمن على لم يؤمن غيره» «سمى على بالمختار لان الله اختاره» «سمى على بالمرتضى لان الله ارتضاه» «لم يسم أحد بعلى قبله» «سميت فاطمة بالبتول لأنها تبتلت عن معتاد العورات»

ما رواه القوم

منهم المولى محمد صالح الكشفى الحنفي الترمذي المتوفى بعد سنة ١٠٢٥ في «المناقب المرتضوية» (ص ١١٩ ط بمبئى) قال :

قال النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمّى الناس مؤمنين من اجل علىّ ولو لم يؤمن عليّ لم يكن مؤمن في امّتى وسمى مختارا لان الله تعالى اختاره ، وسمى المرتضى لان الله تعالى ارتضاه وسمّى عليا لأنه لم يسمّ أحدا قبله باسمه ، وسمّيت فاطمة بتولا لأنها تبتلت وتقطعت عمّا هو معتاد العورات في كل شهر ولأنها ترجع كل ليلة بكرا ، وسمّيت مريم بتولا لأنها ولدت عيسى بكرا ـ عن امّ سلمة رضى الله عنها.

الحديث الثامن والخمسون

«علي أحد الثقلين» «سبق بالشهادتين» «صلّى القبلتين» «بايع البيعتين»

«اعطى السبطين» «ردت عليه الشمس»

ما رواه القوم :

منهم العلامة أبو المؤيد الموفق بن أحمد أخطب خوارزم المتوفى ٥٦٨ في كتابه «مقتل الحسين» (ص ٤٧ ط الغرى) قال :

وذكر ابن شاذان هذا ، أخبرنا عبد الله بن يوسف ، عن حامد بن محمّد الهروي ، عن علي بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عكاشة ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن سلمة ، عن خصيف ، عن مجاهد ، قال : قيل لابن عباس : ما تقول في علي بن أبي طالب؟ فقال ذكرت والله أحد الثقلين ،

٧

سبق بالشهادتين ، وصلّى القبلتين ، وبايع البيعتين ، واعطى السبطين ، الحسن والحسين ، وردّت عليه الشمس مرّتين بعد ما غابت عن المقلتين ، وجرّد السيف تارتين ، وهو صاحب الكرّتين ، فمثله في الامّة مثل ذى القرنين ، ذلك مولاي علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

ومنهم العلامة المذكور في كتابه «المناقب» قال :

وأنبأني الامام الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطارد الهمداني ، والامام الاجلّ نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين البغدادي قالا : ونبأني الشريف الامام الاجلّ نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمّد بن على الزينبي ، عن الامام محمّد بن أحمد بن الحسن بن علي بن شاذان ، فذكر الحديث بعين ما تقدم عن «مقتل الحسين» سندا ومتنا إلّا أنه ذكر بدل قوله : جرّد السيف (جلّد).

ومنهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزى المتوفى سنة ١٢٩٣ في «ينابيع المودة»

روى الحديث بعين ما تقدم عن «مقتل الحسين» بتلخيص في الجملة.

الحديث التاسع والخمسون

«ان الله خلق النبي وعليا من نور واحد يسبحانه في بطون الأمهات» «ثم قسم نورهما وجعلهما في صلب عبد الله وأبي طالب» «ان عبد الله وأبا طالب إذا جلسا ناغى نور النبي وعلى من جبينهما» «تهنئة جبرئيل للنبي من عند الله في ولادة على» «وانه يقول قد أمرتك بأخيك ووزيرك ووصيك» «أمر جبرئيل النبي بتسجيفه بين ام على والنساء» «أذان على عند ولادته واضعا يده على اذنه» «ثم ابتدأ بقراءة صحف آدم وشيث ونوح وابراهيم وزبور داود والتوراة والإنجيل» «على افضل الوصيين» «أسماء الخمسة الطاهرة مكتوبة على ساق

٨

العرش بالنور» «أوحى الله الى آدم لو لا هذه الأسماء لما خلقت السماء والأرض والملائكة والأنبياء» «الكلمات التي تلقاها آدم هي أسماء الخمسة الطاهرة»

ما رواه القوم :

منهم العلامة المحدث العارف الشيخ جمال الدين محمد بن احمد الحنفي الموصلي الشهير بابن حسنويه المتوفى سنة ٦٨٠ في كتابه «در بحر المناقب» (ص ٢٦٥ مخطوط) قال :

وممّا رواه سلمان وعمّار بن ياسر العبسي وأبو ذر الغفاري وحذيفة بن اليمان وأبو هيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأبو الطفيل عامر بن واثلة «رض» دخلوا على النّبي عليه‌السلام فجلسوا بين يديه والحزن ظاهر في وجوههم ، فقالوا : فديناك يا رسول الله بأموالنا وأولادنا وبالآباء والأمهات ، إنّا نسمع في أخيك عليّ ابن أبي طالب ما يحزننا ، أتأذن لنا بالرّد عليهم؟ فقال عليه‌السلام : وما عساهم أن يقولوا في أخى ، فقالوا : يا رسول الله يقولون : أيّ فضل لعلي ومنقبة وإنّما أدركه طفلا ونحو من ذلك وهذا يحزننا فقال النّبي عليه‌السلام : هذا يحزنكم؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، فقال : بالله عليكم هل علمتم من الكتب المتقدمة انّ إبراهيم الخليل ذهب أبواه وهو حمل في بطن أمّه مخافة عليه من النمرود بن كنعان لعنه الله ؛ لأنّه كان يبقر بطون الحوامل فجاءت به فوضعته بين أثلاث بشاطئ نهر يتدفق يقال : له جرزان ما بين غروب الشمس إلى إقبال اللّيل ، فلما وضعته واستقر على وجه الأرض قام من تحتها يمسح وجهه ورأسه ويكثر من الشهادة بالوحدانية ، ثمّ أخذ ثوبا فاتشح به وامّه ترى ما يصنع وقد ذعرت منه ذعرا شديدا فهرول من بين يديها مادّا عينيه إلى السماء ، فكان من قوله ما قصّه الله تعالى لمّا رأى الكوكب ثمّ القمر ثمّ الشمس وعلمتم أنّ موسى عليه‌السلام كان فرعون لعنه الله في طلبه يبقر بطون النساء ويذبح الأطفال طلبا لموسى ليقتله ، فلما ولدته امّه أوحى الله تعالى إليها : (أَنْ أَرْضِعِيهِ ، فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ) ، بقيت

٩

حيرانة لا تدرى كيف تلقيه في اليم حتى كلّمها موسى عليه‌السلام فقال : يا امّه انبذينى في التابوت وألقينى في اليم فقالت وهي ذعرة من كلامه : يا بنى أخاف عليك الغرق ، فقال : لها : لا تحزني إنّ الله تعالى يردّنى إليك ، ففعلت ذلك فبقى التابوت في اليمّ مدّة لا يطعم ولا يشرب إلى أن أقدمه الله تعالى إلى الساحل ، وكان من أمره ما كان ، وعلمتم قصّة عيسى عليه‌السلام وقوله تعالى : (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي) الآية ، فكلّم امّه وقت ولادته وقال لها : (وَهُزِّي إِلَيْكِ) الآيتين ، وقال حين أشارت إليه فقال قومها (كَيْفَ نُكَلِّمُ) الآية ، فقال (إِنِّي عَبْدُ اللهِ) الآية ، فتكلم عليه‌السلام وقت ولادته واعطى الكتاب والحكم والنّبوة وأوصى بالصلاة والزّكاة في ثلاثة أيام من ولده ، وكلّم القوم في اليوم الثاني منه وقد علمتم جميعا ان الله تعالى خلقني وعليا نورا واحدا وأودعنا صلب آدم عليه‌السلام نسبّح الله تعالى ثم لم يزل نورنا ينقل في أصلاب الطاهرين وأرحام الطاهرات يسمع تسبيحنا في البطون والظهور في كل عصر إلى ان أودعنا عبد المطلب ، فان نورنا كان يظهر في وجوه آبائنا وامّهاتنا ، فلما قسم الله نورنا نصفين نصفا في عبد الله ونصفا في أبي طالب كان يسمع تسبيحنا في ظهورهما ، وكان عمى وأبي إذا جلسا في ملاء من الناس ناغى نوري نور علىّ في أصلاب آبائنا إلى أن أخرجنا من الأصلاب والبطون ، ولقد هبط علىّ جبرئيل عليه‌السلام في وقت ولادة علىّ وقال لي : يا حبيب الله إن الله يقرأ عليك السلام ويهنيك بولادة علىّ ويقول لك : قد قرب ظهور نبوتك وكشف رسالتك ؛ وقد أيدتك بأخيك ووزيرك وخليلك وشددت به عضدك (أزرك) وأعلنت به ذكرك ، فقمت مبادرا فوجدت فاطمة ام علىّ عليه‌السلام بين النساء والقوابل حولها ؛ فقال لي جبرئيل عليه‌السلام : سجف بينهما وبين النساء سجفا فإذا وضعت فتلقه بيدك ، ففعلت ما أمرنى به ، ثم قال : امدد يدك اليمنى فخذ بها عليا فانه صاحب اليمين فمددت يدي اليمنى نحو امّه وإذا بعلى مايلا على يدي واضعا يده اليمنى في اذنه اليمنى يؤذن ، ثم (أثنى) إلىّ وسلّم عليّ وقال : يا رسول الله أقرأ؟ فقلت : وما تقرأ؟ فو الذي نفسي بيده لقد ابتدأ بالصحف التي أنزلها الله تعالى

١٠

على آدم وحفظها شيث فتلاها حتّى لو حضر شيث لأقرّ له بأنّه لها أحفظ ، ثم تلى صحف نوح وصحف إبراهيم وزبور داود وتوراة موسى وإنجيل عيسى حتّى لو حضر أصحابها لأقرّوا بأنّه أحفظ لهم منهم ، ثم إنّه خاطبني وخاطبته بما يخاطب به الأنبياء الأولياء ، ثم سكت وحصل في طفولية وهكذا من ولده أن يفعل كلّ واحد منهم في حال ولادته مثل ما فعل علىّ رضى الله عنه ، فما ذا تحزنون وما عليكم من قول أهل الشك والشرك؟ فانّى أفضل النّبيين ، ووصيي أفضل الوصيين ، وإنّ آدم عليه‌السلام لمّا رأى اسمى واسم أخي علي واسم فاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام مكتوبا على ساق العرش بالنّور قال : إلهى خلقت خلقا وهو أكرم عليك منّى ، قال : يا آدم لو لا هذه الأسماء لما خلقت سماء مبنيّة ولا أرضا مدحية ولا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا خلقتك يا آدم. فقال : إلهى وسيدي فبحقهم عليك إلّا غفرت لي خطيئتي فكنا نحن الكلمات التي قال الله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ) ، ثمّ قال تعالى : أبشر يا آدم فانّ هذه الأسماء من ذريتك ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه وسبحه وهلل وافتخر على الملائكة بنا ، فهذا من فضلنا عند الله تعالى ، ومن فضل الله تعالى علينا كان يعطى إبراهيم وموسى وعيسى من الفضل والكرامة ما لم يعطوه إلّا بنا ، فقام سلمان ومن معه وقالوا : يا رسول الله نحن الفائزون فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنتم والله الفائزون ولكم خلقت الجنة ولأعدائنا وأعدائكم خلقت النار ، صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

الحديث الستون

«كثرة فضائل على» «الحسنان فاضلان في الدنيا والآخرة» «قول النبي من أحبكما فقد أحب الله» «ومن أبغضكما فقد أبغض الله» «دعاء النبي للحسنين» «محافظة الملائكة على الحسنين عند منا مهما» «على يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» «قول النبي من أحب ابني على فهو معنا في الجنة» «من أحبهما ففي

١١

الجنة ومن أبغضهما ففي النار» «ان الله زوج فاطمة لعلى» «شرح تزويج فاطمة من على» «على وصيّي» «على منى وأنا منه» «على أشجع الناس وأعلمهم» «وأقدمهم سلما» «بيده لواء الحمد» «وبيده مفاتيح الجنة» «الحسنان سيدا شباب اهل الجنة» «شيعة على هم الفائزون» «أول من يلحق بى في القيامة الخمسة الطاهرة» «مسخ الرجل بسب على» «تسمية الحسنين في التوراة» ما رواه القوم :

منهم الحافظ أبو المؤيد الموفق بن أحمد أخطب خوارزم المتوفى ٦٥٨ في «المناقب» (ص ١٩١ ط تبريز) قال :

أخبرنا الشيخ الامام برهان الدين أبو الحسن علي بن الحسين الغزنوي بمدينة السلام في داره سلخ ربيع الأول من سنة ٥٤٤ ؛ أخبرنى الشيخ الامام أبو القاسم إسماعيل بن عمر بن أحمد بن أبي الأشعث السمرقندي ، أخبرنى أبو القاسم سعد الإسماعيلي في شعبان من سنة ٤٩٢ ، أخبرنى أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي الرجل الصالح ، أخبرنى أبو أحمد عبد الله بن عدى بن عبد الله بن محمّد الحافظ ، أخبرنى أبو علي الحسين بن عفير ابن حمّاد بن زياد العطار بمصر ، حدثني أبو يعقوب يوسف بن عدى بن زريق بن إسماعيل الكوفي التيمي ، حدثني جرير بن عبد الحميد الضبي ، حدثني سليمان بن مهران الأعمش ، قال : بينا أنا نائم في الليل إذا انتبهت بالجرس على بابي ، فقلت : من هذا؟ قال : رسول أبي جعفر أمير المؤمنين ، وكان إذ ذاك خليفة ، قال : فنهضت من نومى فزعا مرعوبا فقلت للرسول : ما وراك؟ هل علمت لم بعث إلى أمير المؤمنين في هذا الوقت؟ قال : لا أعلم : فقمت متفكرا لا أدرى على ما ذا أنزل الأمر أفكر بيني وبين نفسي إلى ما ذا أصير إليه ، وأقول لم بعث إلىّ في هذا الوقت وقد نامت العيون وغارت النجوم ، ففكرت ساعة. فقلت إنّما بعث إلىّ في هذا الساعة ليسألني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فان أنا أخبرته فيه بالحق أمر بقتلي وصلبي

١٢

فآيست والله من نفسي وكتبت وصيتي ، والرسل يزعجوني ولبست كفني وتحنطت بحنوطى ، وودّعت أهلي وصبيتي ، فنهضت إليه وما اعقل ، فلما دخلت عليه سلمت عليه سلام مخاف وجل ، فأومى إلى أن اجلس فلما جلست رعبا فإذا عنده عمرو بن عبيد وزيره وكاتبه ، فحمدت الله عزوجل إذ رأيت من رأيت عنده ، فرجع إلىّ ذهني وأنا قائم فسلمت سلاما ثانيا ، فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ثم جلست ، فعلم أنى دهشت ورعبت منه ، فلم يقل لي شيئا ، فكان أول كلمة قالها أن قال : يا سليمان قلت : لبيك يا أمير المؤمنين ، قال : يا بن مهران ادن منى ، فدنوت منه فشم مني رائحة الحنوط فقال : يا أعمش والله لتصدقني أمرك وإلّا صلبتك حيا ، فقلت : سلني يا أمير المؤمنين عن حاجتك وما بدا لك أصدقك ولا أكذبك ، فو الله إن كان الكذب ينجيني انّ الصدق لأنجى لي منه ، فقال لي : ويحك يا سليمان انى أجد منك رائحة الحنوط فأخبرني عمّا حدثتك به نفسك ولم فعلت ذلك؟ فقلت : أنا أخبرك يا أمير المؤمنين وأصدقك ، أتانى رسلك في بعض اللّيل فقالوا : أجب أمير المؤمنين فقمت متفكرا خائفا وجلا مرعوبا ، فقلت بيني وبين نفسي ، ما بعث إلىّ أمير المؤمنين في هذه الساعة وقد غارت النجوم ونامت العيون إلّا ليسألني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فان أنا أخبرته بالحق أمر بصلبي حيا فصليت ركعتين وكتبت وصيتي والرّسل يزعجونني ، ولبست كفني وتحنطت بحنوطى وودّعت أهلى وصبيتي ، وجئتك يا أمير المؤمنين سامعا مطيعا آيسا عن الحياة راجيا أن يسعني عفوك ، قال : فلما سمع مقالتي علم أنى صادق وكان متكئا فاستوى جالسا وقال : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، فلما سمعته قالها سكن قلبي وذهب عنّى بعض ما كنت أجد من رعبى ، وما كنت أخاف من سطوته علىّ ، فقال الثانية لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم ، ثم قال ما اسمى؟ قلت : عبد الله المنصور محمّد بن علي بن عبد الله بن العباس ، قال : صدقت ؛ فأخبرنى بالله وبقرابتي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كم رويت في عليعليه‌السلام

١٣

فضيلة عن جميع الفقهاء وكم يكون؟ قلت : يسيرا نحو عشرة آلاف حديث وما يزداد. قال: يا سليمان لأحدثك في فضائل علي عليه‌السلام حديثين أكمل من كل حديث رويت عن جميع الفقهاء ، فان حلفت الآن أن لا تردّ لأحد من الشيعة حدثتك بهما قلت : لا أحلف ولا اخبر بهما أحدا منهم ، فقال : كنت هاربا أسألك بالله يا سليمان الا أخبرتني كم حديث ترويه في فضائل علي بن أبي طالب ابن عم النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصهره وأخيه وزوج حبيبته ، قلت : يسيرا يا أمير المؤمنين ، قال : كم؟ قلت : يسيرا يا امير المؤمنين ، قال : كم ويحك يا سليمان؟ قلت : عشرة آلاف حديثا أو ألف حديث ، فقال : ويحك يا سليمان بل هي عشرة آلاف حديث كما زعمت اوّلا وما زاد ، قال فجثا أبو جعفر على ركبتيه فرحا مسرورا وكان جالسا ثم قال والله يا سليمان لأحدثك بحديثين في فضائل على بن أبي طالب عليه‌السلام وان يكونا مما سمعت ووعيت فعرفني ، وإن يكونا ممّا لم تسمع فاسمع وافهم ، قال : قلت : نعم يا امير المؤمنين فأخبرني ، قال : نعم أنا أخبرك ، أنى مكثت أياما وليالي هاربا من بني مروان لا يسعني منهم دار ولا بلد ولا قرار ، أدور في البلدان فكلّما دخلت بلدا خالفت أهل ذلك البلد فيما يحبون وأتقرب إلى جميع الناس بفضائل علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فكانوا يطعمونني ويسقونني ويكسونني ويزودونني إذا خرجت من عندهم من بلد إلى بلد حتّى قدمت بلاد الشّام ، وكانوا إذا أصبحوا لعنوا عليا في مساجدهم لأنّهم كلّهم خوارج وأصحاب معاوية ، فدخلت مسجدا وفي نفسي منهم شيء ، فأقيمت الصلاة فصلّيت الظهر وعلىّ كساء لي خلق (١) ما يوارى عورتي ، قال : فبينا أنا كذلك إذ سمعت

__________________

(١) وفي بعض النسخ : فلما سلم الامام اتكأ على الحائط وأهل المسجد حضور فجلست فلم أر أحدا منهم يتكلم توقيرا لامامهم وإذا بصبيين قد دخلا المسجد فلما نظر إليهما الامام قال : ادخلا مرحبا بكما وسميكما ، والله ما سميتكما باسمهما الا لحب محمد وآل محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فإذا أحدهما يقال له الحسن ، والآخر يقال له الحسين ، فقلت فيما بيني وبين نفسي قد أجيبت اليوم حاجتي ولا قوة الا بالله ، وكان شاب الى يميني فسألته

١٤

الأذان فدخلت المسجد ، فإذا سجادة ومتوضّاة ، فتوضأت للصلاة ودخلت المسجد وركعت فيه ركعتين ، وأقيمت الصلاة فقمت فصلّيت معهم الظهر والعصر ، وفي نفسي إذا أنا طلبت من القوم عشاء أتعشى به ليلتي تلك ، فلما سلّم الشيخ الامام من صلاة العصر وجلس وإذا هو شيخ له وقار وسمت حسن ونعت ظاهر إذا قبل صبيان فدخلا المسجد وهما بيضان نبلان وخنشان ، لهما جمال ونور بين أعينهما

__________________

من هذا الشيخ ومن هذان الصبيان؟ فقال الشيخ جدهما وليس في هذه المدينة أحد يحب عليا غيره ، ولذلك سماهما الحسن والحسين ، فقمت فرحا وانى يومئذ مكرم لا أخاف الرجال ، فدنوت من الشيخ فقلت هل لك في حديث أقربه عينك؟ قال : ما أحوجنى الى ذلك ، ان أقررت عيني أقررت عينك ، فقلت حدثني أبى عن جدي عن أبيه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال. من والدك وجدك ، قلت : محمد بن على بن عبد الله بن العباس ، قال : كنا ذات يوم جلوسا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أقبلت فاطمة (ع) فدخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قالت : يا أبه ان الحسن والحسين قد غدوا وذهبا منذ اليوم ؛ وقد طلبتهما فلا أدرى أين ذهبا ، وان عليا يسقى الدالية خمسة أيام يسقى البستان وانى طلبتهما في منازلك فما أحسست لهما أثرا ، وإذا أبو بكر فقال : يا أبا بكر قم فاطلب قرتي عيني ؛ ثم قال يا عمر : قم فاطلبهما يا سلمان يا أبا ذر يا فلان ، قال : فأحصينا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سبعين رجلا في طلبهما وحثهما فرجعوا ولم يصيبوهما ، فاغتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غما شديدا ووقف على باب المسجد وهو يقول : بحق ابراهيم خليلك ؛ وبحق آدم صفيك ان كان قرتا عيني وثمرتا فؤادي أخذا برا أو بحرا فاحفظهما وسلمهما قال : فإذا جبرئيل قد هبط فقال : يا رسول الله ان الله يقرؤك السلام أو يقول لك : لا تحزن ولا تغتم فاضلان في الدنيا ، فاضلان في الآخرة ، وهما في الجنة وقد وكلت بهما ملكا يحفظهما ،

١٥

ساطع يتلألأ فدخلا المسجد ، فلما نظر إليهما الشيخ إمام المسجد وقال لهما مرحبا بكما ومرحبا بمن سمّيتكما على اسمهما قال : وكنت جالسا وكان إلى جنبي فتى شابّ فقلت له : يا شاب ما هذان الصبيان ومن هذا الشيخ الامام؟ فقال : هو جدهما وليس في هذا المدينة رجل يحبّ علي بن أبي طالب عليه‌السلام غير هذا الشيخ ، فقلت : الله أكبر ومن أين علمت؟ قال : ان علمت من حبّه لعلي عليه‌السلام سمّى ولدي

__________________

إذا ناما.

ففرح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فرحا شديدا وسعى وجبرئيل عن يمينه والمسلمون حوله حتى دخل حظيرة بنى النجار ، فسلم على الملك الموكل بهما ، ثم جلس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على ركبته وإذا الحسن معانق الحسين وهما نائمان وذلك الملك قد جعل أحد جناحيه تحتهما والآخر فوقهما على كل واحد منهما دراعة صوف أو شعر والمداد على شبهما ، فما زال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يشمهما حتى استيقظا ، فحمل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وجبرئيل الحسن والحسين ، وخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الحظيرة ، قال ابن عباس : وجدنا الحسن عن يمين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والحسين عن يساره وهو يقبلهما ويقول : من أحبكما فقد أحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن أبغضكما فقد أبغض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال أبو بكر : يا رسول الله أعطنى أحدهما ، فقال رسول الله : نعم الحمولة ونعم المطية تحتهما ، فلما أن صار الى باب الحظيرة لقيه عمر بن الخطاب فقال له : مثل مقالة أبى بكر فرد عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما رد على أبى بكر ، ورأينا متلبسا بثوب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووجدنا يد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على رأسه ، فدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المسجد فقال : لأشرفن اليوم ابني كما شرفهما الله تعالى ، فقال : يا بلال على بالناس. فنادى فيهم فاجتمعوا ، فقال : معاشر أصحابى بلغوا عن محمد نبيكم سمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة الى آخر المذكور في المتن.

١٦

ولده باسم ولدي علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، سمّى أحدهما الحسن والآخر الحسين ، فقمت فرحا مسرورا حتّى أتيت إلى الشيخ فقلت : هل لك أن أحدثك بحديث حسن يقرّ الله به عينك؟ فقال : نعم ما أكره ذلك حدثني رحمك الله ، فان أقررت عيني أقررت عينك ، قلت : أخبرني والدي ، عن أبيه عن جده ، قال : كنا ذات يوم جلوسا عند النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أقبلت فاطمة بنته عليهما الصلاة والسلام ، فدخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت له : يا أبة إنّ الحسن والحسين خرجا من عندي أنفا وما أدرى أين هما ، فقد طار عقلي وقلق فؤادي وقل صبري ، وبكت وشهقت حتّى علا بكاؤها ، فلما رآها رحمها ورق لها فقال : لا تبكين يا فاطمة فو الذي نفسي بيده إن الذي خالقهما هو ألطف بهما منك وأرحم بصغرهما منك ، قال : فقام النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ساعته فرفع يديه إلى السماء وقال : اللهم إنهما ولداي قرّة عيني وثمرة فؤادي وأنت أرحم بهما منّى وأعلم بموضعهما ، يا لطيف بلطفك الخفي أنت عالم الغيب والشهادة ؛ اللهم إن كانا أخذا برا أو بحرا فارحمهما وسلمهما حيث كانوا وحيثما توجها ، قال : فلما دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فما استتم الدعاء إلّا وجبرئيل عليه‌السلام قد هبط من السماء ومعه عظماء الملائكة وهم يؤمنون على دعاء النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال جبرئيل : يا حبيبي يا محمّد لا تحزن ولا تغتم وابشر ، فانّ ولديك فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة وأبوهما أفضل منهما. وهما نائمان في حظيرة بني النّجار ، وقد وكّل الله بهما ملكا يحفظهما ، قال : فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو وأصحابه فرحا مسرورا حتى أتى حظيرة بني النجار وإذا الحسن والحسين عليهما‌السلام نائمان ، والحسن معانق للحسين عليهما‌السلام ، وإذا ذلك الملك الموكل بهما قد وضع أحد جناحيه في الأرض فوطا به تحتهما يقيهما من حرّ الأرض ، والجناح الآخر قد جللهما به يقيهما حرّ الشمس ، قال : فانكب النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبلهما واحدا فواحدا ويمسحهما بيده حتى أيقظهما من نومهما ، قال : فلما انتبها من يومهما حمل النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسن على عاتقه ، وحمل الحسين جبرئيل عليهم‌السلام

١٧

على ريشته من جناحه الأيمن حتّى خرج بهما من الحظيرة وهو يقول : والله لأشرفنكما اليوم كما شر فكما الله عزوجل في سماواته فبينا هو وجبرئيل عليهما‌السلام يمشيان وقد تمثل جبرئيل عليه‌السلام دحية الكلبي وقد حملاهما إذ أقبل أبو بكر فقال له : يا رسول الله ناولني أحد الصبيين أخفف عنك أو عن صاحبك وأنا أحفظه حتى اؤديه إليك ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : جزاك الله خيرا ، دعهما يا أبا بكر فنعم الحاملان نحن ونعم الراكبان هما ، وأبوهما خير منهما ، فحملاهما وأبو بكر معهما حتى أتيا بهما المسجد ، ثم أقبل بلال فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بلال هلمّ على بالناس فناد فيهم فاجمعهم لي في المسجد ، فقام النّبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قدميه خطيبا فخطب الناس بخطبة أبلغ فيها ، فحمد الله عزوجل وأثنى عليه بما هو أهله ومستحقه ، ثم قال : يا معاشر المسلمين هل أدلكم على خير الناس بعدي جدا وجدة؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : عليكم بالحسن والحسين ، فانّ جدهما محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجدتهما خديجة بنت خويلد سيدة نساء أهل الجنة ، واول من سارعت إلى تصديق ما أنزل الله على نبيه وإلى الايمان بالله وبرسوله ، ثم قال : يا معاشر المسلمين هل أدلكم على خير الناس أبا واما؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : عليكم بالحسن والحسين ، فانّ أباهما علي عليهم‌السلام يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، وأمّهما فاطمه بنت رسول الله وقد شرفها الله في سماواته وأرضه ، ثم قال : يا معاشر المسلمين هل أدلكم على خير الناس عمّا وعمّة؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال عليكم بالحسن والحسين فانّ عمهما جعفر ذو الجناحين الطيار مع الملائكة في الجنة. وعمتهما امّ هاني بنت أبي طالب ، ثم قال : يا معاشر المسلمين هل أدلكم على خير الناس خالا وخالة؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال عليكم بالحسن والحسين ، فانّ خالهما إبراهيم بن محمّد وخالتهما زينب بنت محمد ؛ ثم قال : الا يا معاشر الناس أعلمكم ان جدهما في الجنة وجدتهما في الجنة وأباهما في الجنة وأمهما في الجنة وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة وهما في الجنة ، ومن أحب

١٨

ابني علي عليهم‌السلام فهو معنا في الجنة ، ومن أبغضهما فهو في النار ، وإنّ من كرامتهما على الله أن سماهما في التوراة شبرا وشبيرا ، اللهم إنك تعلم أنّ الحسن والحسين في الجنة وجدهما في الجنة وجدتهما في الجنة وأباهما في الجنة وأمهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة ومن يحبهما في الجنة ومن يبغضهما في النار قال فلما قلت وسمع الشيخ الامام هذا منى قال هذان لك وأنت تروى في علىّ هذا.

فكساني خلعتين خلعهما على وحملني على بغلة وثمن البغلة في ذلك الزمان في تلك البلدة مائة دينار ذهب ، قال لي : يا فتى أقررت عيني اقرّ الله عينك ، فو الله لأرشدتك إلى فتى يقرّ الله به عينك ، قال : قلت : فأرشدنى رحمك الله ، قال : فأرشدنى إلى باب دار فأتيت الدار التي وصف لي وأنا راكب على البغلة وعلىّ الخلعتان ، فقرعت الباب وناديت بالخادم ، فإذن لي بالدخول فدخلت عليه وإذا أنا بفتى قاعد على سرير منجد صبيح الوجه حسن الجسم ، فسلّمت عليه بأحسن سلام فردّ السلام بأحسن جواب ، ثم أخذ بيدي مكرما حتّى أجلسنى إلى جانبه ، فلما نظر إلىّ قال : والله يا فتى إني لأعرف هذا الكسوة التي خلعت عليك واعرف هذه البغلة ، والله ما كان أبو محمّد وكان اسمه الحسن ليكسوك خلعته هذه وحملك على بغلته هذه الّا انّك تحبّ الله ورسوله وذريته وجميع عترته فأحب رحمك الله ان تحدثني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقلت له نعم بالحبّ والكرامة ، حدثني والدي عن أبيه عن جده قال : كنّا يوما جلوسا عند النّبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قبلت فاطمة (ع) وقد حملت الحسن والحسين عليهم‌السلام على كتفيها وهي تبكى بكاء شديدا قد شهقت في بكائها ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يبكيك يا فاطمة لا ابكى الله عينيك؟ فقالت : يا رسول الله وما لي لا ابكى ونساء قريش قد عيرتني فقلن لي إنّ أباك زوجك من رجل معدم لا مال له ، قال : فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا تبكى يا فاطمة فو الله ما زوجتك أنا بل الله زوجك به من

١٩

فوق سبع سماواته وشهد على ذلك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، ثم إنّ الله عزوجل اطلع إلى اهل الأرض فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيا ، ثم اطلع إلى الأرض ثانية فاختار من الخلائق عليا عليه‌السلام فزوجك الله إياه واتخذته وصيا ، فعليّ مني وأنا منه فعليّ أشجع الناس قلبا وأعلم الناس علما وأحلم الناس حلما وأقدم الناس سلما وأسمحهم كفا وأحسنهم خلقا ، يا فاطمة إنى آخذ لواء الحمد ومفاتيح الجنة بيدي ، ثم ادفعها إلى علىّ فيكون آدم ومن ولده تحت لوائه ، يا فاطمة انى مقيم غدا عليا على حوضي يسقى من عرف من أمتي والحسن والحسين ابناه عليهم‌السلام سيدا شباب اهل الجنة من الأولين والآخرين ، وقد سبق اسمهما في التوراة وكان اسمهما في التوراة شبرا وشبيرا سماهما الحسن والحسين لكرامة محمّد ولكرامتهما عليه ، يا فاطمة يكسى أبوك حلّتين من حلل الجنة ويكسى علي عليه‌السلام حلّتين من حلل الجنة ولواء الحمد في يدي وامّتى تحت لوائي فأناوله عليا لكرامة علىّ على الله ، وينادى مناد يا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نعم الجد جدك إبراهيم ونعم الأخ أخوك علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وإذا دعاني ربّ العالمين دعا عليا معى وإذا حييت حيي عليّ معى ، وإذا شفعت شفع عليّ معى ، وإذا أجبت أجيب عليّ معى ، وانه في المقام المحمود معى ، عوني على مفاتيح الجنة ، قومي يا فاطمة إنّ عليا وشيعته هم الفائزون غدا ، قال : وبينا فاطمة جالسة إذ أقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى جلس إليها وقال : يا فاطمة لا تبكى ولا تحزني ، فلا بدّ من مفارقتك فاشتد بكاؤها ، ثم قالت يا أبة أين ألقاك؟ قال تلقيني تحت لواء الحمد أشفع لامّتى ، قالت يا أبة. فان لم أجدك؟ قال : تلقيني على الصراط وجبرئيل بيميني وميكائيل عن شمالي وإسرافيل بحجزتي والملائكة خلفي وأنا أنادي يا رب امّتى امّتى ، هوّن عليهم الحساب ، ثم انظر يمينا وشمالا إلى أمتي وكلّ نبىّ يومئذ يشتغل بنفسه يقول : يا ربّ نفسي نفسي ، وأنا أقول : يا رب أمتي أمتي ، وأوّل من يلحق بى من امّتى أنت وعلي والحسن والحسين عليهم‌السلام يقول : يا محمّد إنّ أمتك لو

٢٠