كتاب الأفعال - ج ١

أبي عثمان سعيد بن محمد المعافري السرقسطي

كتاب الأفعال - ج ١

المؤلف:

أبي عثمان سعيد بن محمد المعافري السرقسطي


المحقق: دكتور حسين محمد محمد شرف
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة دار الشعب للصحافة والطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٣

٤١

٤٢

٤٣

٤٤

٤٥

٤٦

٤٧
٤٨

٤٩
٥٠

مقدمة المؤلف

[٢ / ١] بسم الله الرحمن الرحيم

وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب (١)

الحمد لله بجميع محامده ، وصلّى الله على محمد خاتم أنبيائه ، وأمينه على وحيه وسلم تسليما.

ثم أما بعد حمد الله ، والصلاة على نبيه ، فإنى رأيت أحسن ما يقتنيه المقتنى العاقل ، ويشرّفه ذو الشرف الفاضل العلم الذى به عرف الرب الخالق وبه استقرّت (فى) (٢) سجايا المخلوقين طاعته ، وعذبت فى قلوب العلماء عبادته ، وبه فهم عن الله ، وعرف تأويل ما أتى به من (٣) الوحى على لسان نبيه المصطفى ، وخير (٤) خلقه المرتضى.

وأنّ أشرف ما عنى به الطالب بعد كتاب الله ـ عزوجل ـ لغات العرب وآدابها ، وطرائف حكمها ؛ لأن الله تبارك وتعالى : اختارها بين اللغات لخير عترة (٥) وأشرف أمة ، ثم جعلها لغة [أهل](٦) دار المقامة فى جواره ومحل كرامته ، فهى أفصح اللغات لسانا ، وأوضحها بيانا ، وأقومها مناهج ، وأثقفها أبنية ، وأحسنها بحسن الاختصار تألّفا ، وأكثرها بقياس أفعالها تصرّفا.

__________________

(١) عبارة ب : «بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يسر برحمتك».

(٢) «فى» تكملة يقتضيها المعنى.

(٣) «من» ساقطة من ب ، والمعنى يتم مع تركها.

(٤) «ب» و «خيرة».

(٥) أ «عثرة» بالثاء المثلثة ، سهو من الناسخ ، وعترة الرجل : رهطه الأدنون.

(٦) «أهل» تكملة من ب.

٥١

وأول ما يجب للناظر فى كلام العرب بعد إحكام قياس حركات الإعراب أن يحكم تثقيف الأفعال ، لما يدخلها من القياس بالتصرف ، ليتصل له قياس التصرف فى الأفعال بقياس تصرف الإعراب فى الأسماء. وأيضا فإن أكثر الكلام مشتق منها (١) ، وأكثر ما تسأل (٢) الطلبة ، والقراء ، والفقهاء (٣) فعن التصريف والاشتقاق فى القرآن والسنة وكلام العرب.

وإنى تأملت ما ألفه فى ذلك من عنى بلغات العرب [من العلماء المتقدمين](٤) كالزجاج (٥) ، وأبى حاتم (٦) ، وقطرب (٧) ، وغيرهم من أهل العناية والعلم ، فرأيت تواليفهم فى الأفعال غير موعبة (٨) ، ولا مقتضية لإتقان ما قصدوه بزعمهم حتى تلافأ (٩) ذلك ، وتولاه : محمد بن عمر بن القوطية (١٠) ـ رحمه‌الله ـ فألف فى الأفعال كتابا حاز به قصب السبق ، واستولى به على أمد الغاية ، لم يتقدمه إلى مثله فى هذا الفن أحد من العلماء الماضين.

__________________

(١) يوافق أبو عثمان فى هذا ـ شأن أستاذه ـ الكوفيين. الذين يقولون : إن الأفعال أصل المشتقات ، والبصريون يقولون : الأسماء أصل ، والأفعال مشتقة منها ، ولكل من الفريقين حججه التى تكفلت بتوضيحها الكتب المطولة.

(٢) ب «يسأل بياء فى أول الفعل : والحرفان جائزان.

(٣) أ «والطلبة» ، ولفظة ب أدق دفعا للتكرار.

(٤) ما بين المعقوفين تكملة من ب.

(٥) الزجاج : أبو إسحاق إبراهيم بن السرى عالم بالنحو واللغة أخذ عن المبرد وتوفى حوالى سنة ٣١٦ ه‍ ، له ترجمة فى : معجم الأدباء ١ ـ ١٣٩ ، وفيات الأعيان ١ ـ ٣١ ، بغية الوعاة ١٧٨.

(٦) السجستانى : أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان بن يزيد الجشمى ، السجستانى ، النحوى ، نزيل البصرة وعالمها ، توفى سنة ثمان وأربعين ومائتين «وفيات الأعيان ٢ ـ ١٥٥.

(٧) قطرب : أبو على محمد بن المستنير بن أحمد ، وقطرب : دويبة ليلية. كان يبكر عند «سيبويه» فقال له : أنت قطرب ليل ، فعرف بذلك. توفى سنة ٢٠٦ ه‍ له ترجمة ، فى الفهرست ٨٤ ، وفيات الأعيان ٣ ـ ٤٣٩.

(٨) أ «موعية» بياء مثناة تحتية من أوعى ، وما جاء عن ب أولى ، لأنه يريد بيان عدم استقصاء كتب المتقدمين.

(٩) «تلافأ» لفظة ب ومكانها غير واضح فى أ ، ولفأ تأتى بمعنى أعطاه أقل من حقه ، وأعطاه أكثر من حقة ، كما تفيد معنى استدراك شىء فات.

(١٠) به تعريف واف فى المقدمة ص ١٥.

٥٢

ولكنه ـ رحمه‌الله ـ قصد فى هذا الكتاب مقصد الغاية فى الاختصار ، حتى أخل ذلك بتبيّن (١) كثير مما جلب من الأفعال.

ونجتلب من (٢) ذلك مثالا مما وقع فى الكتاب نحو قوله :

عقل الرجل عقلا : راجعه عقله بعد شىء أذهبه ، والصبىّ عقلا : ذكا بعد الصبا ، والبعير : شددته بالعقال ، والظلّ : إذا قام قائم الظهيرة ، والشىء عقلة : حبسته (٣) ، والرجل عقلة : شغزبيّة (٤) فصرعته ، والأوعال والوحوش : صارت فى معاقل الجبال ، والقتيل عقلا غرمت ديته ، [وعن القاتل : غرمت عنه الدية ، والرجل أعقله : صرت أعقل منه](٥) ، والرجل على القوم : سعى فى صدقاتهم ، والطعام البطن : أمسكه ، والبطن : استمسك.

والكتاب (٦) كله مبنى على هذه الرتبة فتعسّر من هذه الجهة على الطالب وصعب على الدارس إلا من أفرغ فيه تدبيره ، وأجهد فكرته ، وأتعب استطاعته ، فأعمل الفكرة (٧) مع كل لفظ فى الرجوع إلى الأصل الأول (٨) ، فصار الكتاب بذلك مخالفا لما بين أيدينا من كتب اللغة ، وما عهدناه من التواليف القديمة.

وأيضا فإنه إنما كان غرضه ـ رحمه‌الله ـ فى هذا الكتاب : فعلت وأفعلت خاصة ، وترك ما جاوز ذلك من الأفعال الرباعية الأصلية مثل : دحرج ، وسلهب (٩)

__________________

(١) ب «بتبيين» والتبين والتبيين جائزان.

(٢) أ «فمن» ولفظة ب أدق.

(٣) ب «حسبته» سهو من الناسخ.

(٤) العقلة الشغزبية : ضرب من الصراع يلوى فيه أحد المتصارعين رجل الآخر برجله (اللسان ـ شغزب).

(٥) ما بين المعقوفين تكملة من ب.

(٦) «والكتاب» ساقطة من ب.

(٧) ب «فكرته» ولو قال «وأعمل الفكر «لأمن التكرار ، وأجاد التعبير.

(٨) سوف يتبين لنا خلال التحقيق أن كلا من العالمين خرج على منهجه فى القليل النادر.

(٩) سلهب : السلهب : الطويل عامة ، وقيل : هو الطويل من الرجال ، وقيل : هو الطويل من الحيل والناس. (اللسان ـ سلهب).

٥٣

وما جاوزها بالزيادة مثل : اقشعرّ ، واحرنجم (١) ، ومثل : احمارّ ، واشهابّ.

فلما رأيت الكتاب قد اختل من هذه الجهة مع ما رأيت من فضله ، وأنه قد بذّ فيه الأولين والآخرين.

أفردت له عنايتى ، وجعلت له حظا من نظرى بعد تصحيح روايتى إياه على مؤلفه ـ رحمه‌الله ـ (٢) فتلافيت ما اختل منه بإلحاقه ، وترداد ذكره ، وبسط تفسيره ، وألحقت فيه الأفعال التى ترك ذكرها من الرباعية ، وما جاوزها بالزيادة (٣) ، وألحقت فى كل باب منه ما لم يذكره ، إذ الإحاطة ممتنعة على البشر ، ولخّصت (٤) ما وقع منها فى غير موضعه بنقله إلى الموضع الذى هو أحق به ؛ ليخف على الدارس ، ويسهل فيه وجدان لفظه على الطالب ، وليكون الكتاب كاملا مقتضيا للمعنى الذى قصد (٥) به إليه.

ورتبته على مخارج الحروف على ما اجتلب ذكرها «سيبويه (٦)» ـ رحمه‌الله ـ (٧)

__________________

(١) احرنجم الرجل : أراد الأمر ثم رجع عنه ، واحرنجمت الإبل : اجتمع بعضها على بعض ، وازدحموا.

(القاموس ـ حرجم).

(٢) العبارة تبين أنه تلقى كتاب الأفعال لأبى بكر بن القوطية على صاحبه بالرواية والرواية صنو الإملاء.

(٣) أ «من الزيادة» وما أثبت عن ب أجود.

(٤) أ ، ب «ولخصت» ومن معانى لخصت : حبرت ، وشرحت ، وقربت.

(٥) عبارة أ «للمعنى الذى قصد الذى به» وتكرار الذى سهو من الناسخ.

(*) سيبويه : أبو بشر عمرو بن عثمان ، عرف بلقبه الفارسى ، وهو أعلم المتقدمين والمتأخرين بالنحو ، وصنف فيه الكتاب الذى لم يصنف فيه مثله ، أخذ علمه عن الخليل ، توفى سنة ١٨٠ ه‍ ، له ترجمة فى وفيات الأعيان ٣ ـ ١٣٢ ، مراتب النحويين ٦٥ ، تاريخ بغداد ١٢ ـ ١٩٥.

(٦) ورتب الخليل بن أحمد الحروف على أساس المخارج ، ووضعها على قدر مخرجها من الحلق ، وهذا ترتيبه : ع ح ه خ غ ـ ق ك ـ ج ش ض ـ ص س ز ـ ط د ت ـ ظ ث ذ ـ ر ل ن ـ ف ب م ـ وأى همزة (مقدمة كتاب العين ١ ـ ٥٣). وجاء تلميذه «سيبويه» فرتبها على النحو الآتى :

ء ـ ا ـ ه ـ ع ـ ح ـ غ ـ خ ـ ق ـ ك ـ ج ـ ش ـ ى ـ ض ـ ل ـ ر ـ ن ـ ط ـ د ـ ت ـ ص ـ ز س ـ ظ ـ ذ ـ ت ـ ف ـ ب ـ م ـ و ـ.

٥٤

وكان الذى دعانا إلى العناية بهذا الكتاب ما علمته من الحاجب المنصور أبى عامر محمد بن أبى عامر ـ وفقه الله (١) ـ من حسن اهتباله (٢) بالعلم والأدب ورسوخه فيه ، وبحثه عن غوامضه ، وتقديمه أهله ، وتشريفه حامليه ، وأهل العناية (به) (٣) ، فاعتمدته ـ أبقاه الله ـ ، بعنايتى تزلفا إليه ، وتقمّما (٤) لمسرته ؛ لعلمى أن الأدب أشرف البضائع عنده ، وأقرب الوسائل لديه ، أبقاه الله عزيزا مكرما مصونا ، مسلما ، وبالله [العون](٥) والتوفيق.

وصلّى الله على محمد نبى الرحمة ، وإمام الهدى ، وسلم تسليما.

هذا باب علم الأفعال وتلخيص أبنيتها ، وقياس تصرفها

اعلم أن الأفعال (٦) تنقسم قسمين : سالم ، ومعتل (٧) وأقل أصولها ثلاثة أحرف ، وما جاء منها على أقل من ثلاثة فلعلة دخلت الفعل أوجبت الحذف من الأصل ، أو لتضعيف دخله (٨) فصار لفظه ثنائيا.

وأقصى ما ينتهى إليه الفعل أصليا أربعة أحرف نحو : دحرج ، وسلهب ولا يتجاوز هذا العدد إلا مزيدا فيه ، وأقصى ما ينتهى إليه بالزيادة ستة أحرف ثلاثيا كان ، أو رباعيا.

__________________

(١) «وفقه الله» ، ساقطة من ب.

(٢) «اهتباله» اشتغاله به ، وطلبه إياه.

(٣) «به» إضافة يقتضيها المعنى.

(٥) تقمما لمسرته ، التقمم : الوصول إلى أعل شىء يحقق سروره.

(٦) العون ؛ تكملة من ب.

(٧) «اعلم أن الأفعال «نهج أبو عثمان ـ رحمه‌الله ـ منهج سيبويه ، وغيره من العلماء المتقدمين فى تآليفهم ، وقد رأينا سيبويه ـ رحمه‌الله ـ يبدأ بالأمر «اعلم» فى أغلب أبواب كتابه.

(٨) زاد المتأخرون هذا التقسيم إيضاحا ، فقسموا الفعل قسمين : صحيح ومعتل ، وقسموا الصحيح إلى سالم ، ومضعف ، ومهموز ، وقسموا المعتل إلى مثال ، وأجوف ، وناقص ، وكثير من ملامح هذا التقسيم موجودة عند المتقدمين كذلك.

(٩) أ «دخلت» ولفظة ب أجود.

٥٥

فالثلاثى نحو : احمارّ ، واشهابّ ، واستكبر.

والرباعى نحو : اقشعرّ ، واقمطرّ ، ونحو : احرنجم ، واعلنكس.

والزيادة فيه تكون من وجهين :

تكون من الحروف [٢ ـ ب] الزوائد العشرة المعروفة (١) التى يجمعها قولك : «اليوم تنساه» وذلك نحو : استفعل ، وافتعل ، وانفعل (٢) ، وما أشبه ذلك مما أصله الثلاثة.

وافعنلل نحو : احرنجم ، واصعنفر (٣).

وتكون من نفس الحرف فيلحقه التضعيف نحو : اشهابّ ، واقشعرّ (٤). والثلاثية منها على ثلاثة أبنية : فعل ، وفعل ، وفعل نحو : ضرب ، وسمع ، وظرف.

فأما فعل وفعل ، فقد يكونان لما يتعدى ، ولما لا يتعدى

فأما فعل ، فلا يكون لما يتعدى فى حال ألبتّة.

فمن الثلاثية ما لحقه التضعيف ، فصار ثنائيا فى اللفظ نحو : رد ، وكرّ (٥) ، وما أشبه ذلك.

__________________

(١) أ : «المعرفة» سهو من الناسخ.

(٢) ترك التمثيل مع أوزان مزيد الثلاثى التى ذكرها ، ومثل للرباعى بعد ذلك وأمثلة ما ذكر من أوزان على نسق ترتيبه : استخرج ، وانتصر ، وانكسر.

(٣) كان حقه أن يقول «مما أصله الأربعة» ليسير على نسق واحد فى التأليف وإن كان حذف ما يعلم جائزا.

(٤) المثالان يجمعان بين الزيادة بالتضعيف ، وبما هو من الحروف الزوائد.

(٥) سوف نرى أنه سيطلق على هذا النوع بعد ذلك «الثنائى المضاعف» أو «المضاعف» فى أبواب الكتاب بناء على اللفظ ، وهو يتبع فى ذلك أكثر العلماء المتقدمين ومنهم الخليل فى «العين» ، وأبو بكر بن دريد فى «الجمهرة» ، وأبو على القالى فى «البارع» ، وأبو بكر بن القوطية فى «الأفعال».

٥٦

وهذا المضاعف يأتى على وجهين : «فعل وفعل» لا غير ، ولم يأت منه على فعل إلا حرف واحد شاذ رواه يونس (١) وهو : لببت تلبّ لبّابة ولبّا ، وأجود اللغتين : لببت تلب (٢).

والضم يستثقل فى الفعل الماضى من المضاعف ، لثقل التضعيف ، وثقل الضم ، فلما اجتمعا فروا منهما.

وما كان من هذا النحو المضاعف متعديا (٣) ، فإن مستقبله يأتى على يفعل بالضم فى قول «الخليل (٤)» غير أفعال يسيرة جاءت باللغتين وهى : علّه بالشراب يعلّه ، ويعلّه ، ونمّ الحديث ينمه وينمه ، وهرّه يهره ويهره : كرهه (٥) ، وشدّه يشدّه ويشدّه ، وصدّ عنى يصدّ ويصدّ (٦).

وقد جاء من ذلك حرف (٧) شاذ بالكسر خاصة ، وهو حببته أحبه ، قال الشاعر :

١ ـ أحب أبا مروان من حب تمره

وأعلم أنّ الرّفق بالجار أرفق (٨)

وينشد أيضا «إحب أبا مروان» بكسر الهمزة.

__________________

(*) أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب ، أخذ الأدب عن أبى عمرو بن العلاء ، وحماد بن سلمة ، وكان النحو أغلب عليه ، توفى سنة اثنتين وثمانين ومائة ، وفيات الأعيان ٦ ـ ٢٤٢.

(١) فى اللسان ـ لبب : وقد لببت ألب ولببت تلب بالكسر لبا ولبا ولبابة : صرت ذا لب ، وفى التهذيب حكى : لببت بالضم ، وهو نادر لا نظير له فى المضاعف.

(٢) كان حقه أن يقول : على فعل متعديا ، لأن مستقبل فعل بكسر العين يأتى على يفعل بفتحها.

(**) الخليل بن أحمد الفراهيدى ، صاحب كتاب «العين» وواضع علم العروض ، توفى سنة سبعين ومائة. له ترجمة فى وفيات الأعيان ٢ ـ ١٥ ، ومعجم الأدباء ١١ ـ ٧٢ ، ومراتب النحويين ٢٧.

(٣) أ : «أكرهه» وما أثبت عن ب أجود.

(٤) وضع ابن القوطية فى مقدمته مادة : صد» تحت بناء «فعل» غير متعد وزاد فى موضعه نقلا عن الفراء : ونم الحديث ينمه وينمه ، وبت الشىء يبته ويبته ، بكسر العين وضمها فى المضارع وتوجد أفعال أخرى فى كتب المتأخرين من النحاة.

(٥) يعنى بالحرف : فعلا جاء بالكسر خاصة فى المضارع.

(٦) جاء الشاهد فى اللسان «حبب» أول بيتين منسوبين لعيلان بن شجاع النهشلى وفى التاج «حبب» غيلان ، بغين معجمة ، وهو أصوب وفى اللسان «من أجل تمره».

٥٧

وأما ما كان منه غير متعد ، فإن مستقبله ياتى على «يفغل» بالكسر غير أفعال [أيضا](١) أتت باللغتين ، وهى :

شج يشج ويشج ، وجدّ فى الأمر يجد ويجد ، وجمّ الفرس يجم ويجم ، وشبّ يشب ويشب ، وفحّت الأفعى تفح وتفح ، وترّت يده تتر وتتر (٢) ، وطرّت تطرّ وتطرّ ، وحدّت المرأة تحد وتحد ، وشذّ الشىء يشذ ويشذ ، ونسّ الشىء ينسّ وينس ، إذا يبس ، وشطّت الدّار تشط وتشط ، ودرّت الناقة وغيرها تدر وتدر.

وقد شذ منه حرف واحد أتى بالضم خاصة ، وهو : ألّ الشىء يؤل : إذا (٣) برق ، وألّ الرجل يؤلّ : رفع صوته ضارعا ، وأما قولهم : ذرّت الشمس تذر ، وهبّت الريح تهب ، فزعم الفراء (٤) أن الضم إنما جاء فيهما على القياس ؛ لأن فيهما معنى التعدى (٥)

وهذا الفصل الذى ذكرناه من أمر المضاعف هكذا رواه «يعقوب» (٦) عن الفراء ، وهكذا أيضا نقله «ابن قتيبة (٧)»

__________________

(١) «أيضا» تكملة من ب.

(٢) ب : «وثرت يده تثر وتثر» بالثاء المثلثة ، وجاء الفعلان بالضم والكسر ، قال صاحب التهذيب ١٤ ـ ٢٥٠ «وقال أبو عمرو : تر بضم عين المضارع بسلحه يتر ويتر : إذا قذف به ، وجاء فى التهذيب ١٥ ـ ٥٧ «ثعلب عن (ابن الأعرابى يثر : بكسر العين إذا اتسع ، وثر يثر : إذا بل سويقا أو غيره «وعلى هذا يكون ترك الفعل «ثر بالثاء المثلثة فى أ ، والفعل «تر» بالتاء المثناة فى ب من فعل النقلة توهم التكرار أحد احتمالين ، وثانيهما ترك أبى عثمان أحد الفعلين وحدث تصحيف من النقلة فى إحدى النسختين.

(٣) «إذا» ساقطة من ب.

(*) الفراء : أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء ، وقيل له الفراء ، لأنه كان يفرى الكلام ، والفراء أعلم الكوفيين بالنحو واللغة ، أخذ النحو عن الكسائى : توفى سنة ٢٠٧ ه‍ وفيات الأعيان ٥ ـ ٢٢٥.

(٤) هذا كله لما كان على بناء فعل ـ بفتح العين ـ متعديا وغير متعد ، أما ما كان على بناء «فعل» ـ بكسر العين ـ فإن مستقبله على يفعل بفتحها.

(**) ابن السكيت أبو يوسف يعقوب بن إسحاق ، روى عن الأصمعى ، وأبى عبيدة ، والفراء ، توفى سنة ٢٤٤ ه‍ وفيات الأعيان ٥ ـ ٤٣٨ ، وانظر فى هذا الفصل إصلاح المنطق ٢٤٠ ـ ٢٤١.

(***) ابن قتيبة : أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينورى أخذ عن أبى حاتم السجستانى ، وكان إماما فى اللغة والأدب ، والأخبار وأيام الناس توفى سنة ٢٨٦ ه‍ ، وفيات الأعيان ٢ ـ ٢٤٦. وانظر هذا الفصل فى أدب الكاتب ١٧٠ ط القاهرة ١٣٢٨ ه‍.

٥٨

وقال الفراء «فإن جاء غير ما ذكرنا من الشواذ فقليل.

وهذا مذهب الكوفيين.

فأما أهل البصرة : «سيبويه (١)» وأصحابه ، فإنهم إنما ذكروا ما ذكرناه من أمر المضاعف فى باب الخصال خاصة (٢).

فقال «سيبويه» : واعلم أن ما كان من التضعيف فى هذه الأفعال التى ليست بأعمال تعداك إلى غيرك ، فإنه لا يكاد يكون فيه «فعل ، وفعلت» يعنى من أفعال الخصال خاصة ؛ لأنهم يستثقلون الضم والتضعيف ، فلما اجتمعا حادوا عنهما (٣)».

والباب يجىء على جلس يجلس نحو : ذلّ يذل.

وقد قالوا أيضا : شححت : أشح ، كما قالوا بخلت أبخل ؛ لأن الكسرة أخف عليهم من الضمة ، ألا ترى أن فعل أكثر فى كلامهم من فعل ، والياء أخف من الواو وأكثر (٤) ، فدل بكلامه على أنه عدل «بفعل يفعل» فى هذه الخصال خاصة من المضاعف إلى «فعل يفعل» ، وقد ردوها أيضا فى القليل إلى «فعل يفعل» مثل : شححت تشح ، وبخلت تبخل ، فرارا من الضم إلى الفتح والكسر ، من نحو ما ذكره «يونس» (٥) من لببت تلبّ على أصل الباب مثل : ظرف يظرف ، وحسن يحسن.

__________________

(١) أ : «فسيبويه» ، وما أثبت عن ب أحود.

(٢) يعنى بالخصال : الصفات اللازمة.

(٣) العبارة منقولة عن الكتاب ٢ ـ ٢٢٦ بتصرف.

(٣) العبارة منقولة عن الكتاب ٢ ـ ٢٢٦ بتصرف.

(٤) سبقت الإشارة إلى هذا القول ص ٥٧ من هذا الجزء.

٥٩

وقول أهل البصرة أثقف ، لأنه لا يكاد يوجد غير ما ذكروا (١) ، والذى حده أيضا أهل الكوفة قليل ، ولو وجد منه مائة كلمة.

وقياس ما كان من جميع الثلاثية على «فعل» فمستقبله (٢) يأتى تارة بالضم ، وتارة بالكسر نحو : ضرب يضرب ، ودخل يدخل (٣).

وقد قال «أبو زيد» (٤) : إذا جاوزت المشاهير من الأفعال نحو : دخل ، وضرب (٥) ، وما أشبه ذلك من مشهور الكلام ، فقل إن شئت : «يفعل» ، وإن شئت «يفعل» إلا ما كانت عينه أو لامه من حروف الحلق ، فإنه يأتى على «فعل يفعل» وربما جاء على «يفعل ويفعل (٦)».

وما كان على «فعل» فمستقبله على يفعل ، إلا أفعالا يسيرة شذت عن الباب وهى :

حسب يحسب ، ونعم ينعم ، ويئس ييئس ، ويبس ييبس ، والفتح فيها (٧) جيد ، وهو أقيس.

__________________

(١) عرض أبو عثمان قول المدرستين ، واختار قول أهل البصرة معللا سبب اختياره.

(٢) يعنى بالمستقبل المضارع.

(٣) كان الأولى أن يقدم مثال دخل يدخل على مثال ضرب يضرب ، ليتفق مع نسق عبارته قبل ذلك.

(*) أبو زيد : سعيد بن أوس الأنصارى أحد كبار أئمة اللغة ، وإياه يعنى سيبويه حين يقول : «حدثنى الثقة» توفى سنة ٢١٥ وفيات الأعيان ٢ ـ ١٢٠. وقد نقل عنه أبو عثمان كثيرا فى كتاب الأفعال.

(٤) ب «نحو : ضرب ، ودخل ، وهما سواء.

(٥) مثال ما جاء بالفتح والضم : جنح يجنح ويجنح ، ودبغ يدبغ ويدبغ ومثال ما جاء بالفتح والكسر هنأ يهنأ ويهنىء ، ونزع ينزع وينزع ، أفعال ابن القوطية المطبوع ٢.

(٦) أ ـ ب «فيهما» وصوابه ما أثبت. ومن هذه الأفعال الشاذة كذلك : وغر ، بمعنى : امتلأ غيظا ، وحر ، بمعنى : امتلأ حقدا ، بئس بمعنى : ساءت حاله ، وله ، بمعنى : ذهب عقله لفقد حبيب ، وهل بمعنى : فزع.

٦٠