معجم البلدان - ج ١

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ١

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٠

إذا مرّ بالعقيق تزوّد من ماء بئر عروة ، وكانوا يهدونه إلى أهاليهم ، ويشربونه في منازلهم ، قال الزبير : ورأيت أبي يأمر به فيغلي ثم يجعله في القوارير ويهديه إلى الرشيد وهو بالرّقّة ، قال السري بن عبد الرحمن الأنصاري :

كفّنوني ، إن متّ ، في درع أروى ،

واجعلوا لي من بئر عروة مائي

سخنة في الشتاء باردة الصي

ف ، سراج في الليلة الظلماء

بئر عِكْرِمَةَ : بمكة ، تنسب إلى عكرمة بن خالد ابن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.

بئرُ عَمْروٍ : بمكة ، منسوبة إلى عمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي ، وإليه أيضا ينسب شعب عمرو بمكة.

بئرُ أَبي عِنَبَةَ : بلفظ واحدة العنب : بئر بينها وبين مدينة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، مقدار ميل ، وهناك اعترض رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أصحابه عند مسيره إلى بدر ، وفي حديث : لقد ربّيته حتى سقاني من بئر أبي عنبة أو لفظ هذا معناه ، وقد جاء ذكرها في غير حديث.

بئر غَدَقٍ : بالتحريك ، أوله غين معجمة ، وآخره قاف ، غدقت العين والبئر فهي غدقة أي عذبة ، وماء غدق أي عذب : وهي بئر بالمدينة وعندها أطم البلويّين الذي يقال له القاع.

بئرُ غَرْس : بسكون الراء ، وسين مهملة : بئر بالمدينة ذكرت في غرس.

بئرُ مَرْقٍ : بفتح الميم وسكون الراء ، وقاف ، ويروى بفتح الراء : بئر بالمدينة ذكرها في حديث الهجرة.

بئرُ مُطّلِب : بضم الميم ، وفتح الطاء ، وكسر اللام ، قال أحمد بن يحيى بن جابر : بئر المطلب على طريق العراق ، وهي منسوبة إلى المطلب بن عبد الله بن حنظب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم ، هكذا يقول النّسّابون ، حنظب ، بضم الحاء المهملة والظاء المعجمة ، والمحدثون يفتحون الحاء ويهملون الطاء ، والحنطب : الذكر من الجدي ، والحنظب لا أدري ما هو ، قيل : قدم صخر بن الجعد الحضري المحاربي إلى المدينة فأتى تاجرا يقال له سيّار فابتاع منه بزّا وعطرا ، وقال له : تأتيني غدوة فأقضيك ، وركب من تحت ليلته وخرج إلى البادية فلما أصبح سيّار سأل عنه فعرّف خبره ، فركب في جماعة من أصحابه في طلبه حتى أتوا بئر مطّلب ، وهي على سبعة أميال من المدينة ، وقد جهدوا من الحرّ فنزلوا عليها وأكلوا تمرا كان معهم ، وأراحوا دوابّهم وسقوها ، حتى إذا أراحوا انصرفوا راجعين ، وبلغ الخبر صخرا فقال :

أهون عليّ بسيّار وصفوته ،

إذا جعلت صرارا دون سيّار

إن القضاء سيأتي بعده زمن ،

فاطو الصحيفة واحفظها من الفار

يسائل الناس : هل أحسستم أحدا

محاربيّا أتى من دون أظفار؟

وما جلبت إليهم غير راحلة ،

وغير قوس وسيف جفنه عار

٣٠١

وما أريتهم ، إلا ليدفعهم

عنّي ويخرجني نقضي وإمراري

حتى استغاثوا بألوى بئر مطّلب ،

وقد تحرّق منهم كلّ تمّار

وقال أوّلهم نصحا لآخرهم :

ألا ارجعوا واتركوا الأعراب في النار

بئرُ مُعاوِيَةَ : بين عسفان ومكة ، منسوبة إلى أبي عبيد الله معاوية بن عبد الله وزير المهدي ، كان المهدي أقطعه هذا الموضع فيما أقطعه لما استوزره ، فسميت به.

بئرُ مَعُونَةَ : بالنون ، قال ابن إسحاق : بئر معونة بين أرض بني عامر وحرّة بني سليم ، وقال : كلا البلدين منها قريب إلا أنها إلى حرّة بني سليم أقرب ، وقيل : بئر معونة بين جبال يقال لها أبلى في طريق المصعد من المدينة إلى مكة وهي لبني سليم ، قاله عرّام. وقال أبو عبيدة في كتاب مقاتل الفرسان : بئر معونة ماء لبني عامر بن صعصعة ، وقال الواقدي : بئر معونة في أرض بني سليم وأرض بني كلاب ، وعندها كانت قصة الرجيع ، والله أعلم.

بئرُ المَلك : بالمدينة ، منسوبة إلى تبع ، وقد ذكرت في بئر رومة.

بئرُ أَبي مُوسَى : هو الأشعري ، قال أبو عبد الله محمد ابن إسحاق الفاكهي في كتاب مكة من تصنيفه : سلقان وكيل بغا مولى المتوكل هو الذي بنى بئر أبي موسى الأشعري بالمعلاة في سنة ٢٤٢ ، بعد أن كانت مدكوكة ، وهي قائمة إلى اليوم على باب شعب أبي دبّ بالحجون.

بئرُ مَيْمُون : بمكة ، منسوبة إلى ميمون بن خالد بن عامر بن الحضرمي ، كذا وجدته بخط الحافظ أبي الفضل بن ناصر على ظهر كتاب ، ووجدت في موضع آخر أن ميمونا صاحب البئر هو أخو العلاء بن الحضرمي والي البحرين ، حفرها بأعلى مكة في الجاهلية ، وعندها قبر أبي جعفر المنصور ، وكان ميمون حليفا لحرب بن أميّة بن عبد شمس ، واسم الحضرمي عبد الله بن عماد ، قال الشاعر :

تأمل خليلي هل ترى قصر صالح ،

وهل تعرف الأطلال من شعب واضح؟

إلى بئر ميمون إلى العيرة ، التي

بها ازدحم الحجّاج بين الأباطح

بئرُ يَقَظَانَ : بالظاء المعجمة ، أوله ياء : ماء لبني نمير ، وأكثر ما يقال لها : البئر ، غير مضافة ، قال أبو زياد : وكان يقظان قد أهتر أي ذهب عقله.

باب الباء والألف وما يليهما

با أَيُّوبَ : هو تخفيف أبي أيّوب ، هكذا جاء : قرية كبيرة بين قرميسين وهمذان عن يمين الطريق للقاصد من بغداد إلى همذان ، منسوب فيما قيل إلى رجل من جرهم يقال له أبو أيوب ، وكانت بها أبنية نقضت ، وتعرف هذه القرية بالدّكّان ، وبالقرب منها بحيرة صغيرة في رأي العين ، يقال إنه غرق فيها بعض الملوك فبذلت أمه لمن يخرجه الرغائب ، فلما أعياها إخراجه عزمت على طمّها ، فحشرت الناس وجاءوا بالتراب وألقوه فيها فلم يؤثر شيئا ، فأيست من ذلك فجاءت أخيرا بحملة من التراب واحدة ، فأمرت بصبها على شفير البحيرة فكانت تلّا عظيما ، فهو إلى الآن باق ، وأرادت أن تعرّف الناس أنها لم تعجز عن شيء ممكن ، وماء هذه البحيرة يصبّ في واد وحياض تحتها.

٣٠٢

بابانُ : باءان ، وألف ، ونون ، بأي بابان : محلة بأسفل مرو ، ينسب إليها أبو سعيد عبدة بن عبد الرحيم ابن حبّان الباباني المروزي ، سمع الكثير وسافر إلى الشام والعراق ومصر ، ومات بدمشق سنة ٢٤٤.

البابُ : ويعرف بباب بزاعة : بليدة في طرف وادي بطنان من أعمال حلب ، بينها وبين منبج نحو ميلين ، وإلى حلب عشرة أميال ، وهي ذات أسواق يعمل فيها كرباس كثير ، ويحمل إلى مصر ودمشق ، وينسب إليها.

بابٌ : جبل قرب هجر من أرض البحرين. وباب أيضا : من قرى بخارى ، حدث من أهلها أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إسحاق الأسدي البابي ، روى عنه خلف الخيّام ، ونسبه قاله ابن طاهر ، وقال أبو سعد : بابة بالهاء ، وستذكر إن شاء الله تعالى.

بابُ الأَبْواب : ويقال له الباب ، غير مضاف ، والباب والأبواب : وهو الدّربند دربند شروان ، قال الإصطخري : وأما باب الأبواب فإنها مدينة ربما أصاب ماء البحر حائطها ، وفي وسطها مرسى السّفن ، وهذا المرسى من البحر قد بني على حافتي البحر سدّين ، وجعل المدخل ملتويا ، وعلى هذا الفم سلسلة ممدودة فلا مخرج للمركب ولا مدخل إلا بإذن ، وهذان السّدّان من صخر ورصاص ، وباب الأبواب على بحر طبرستان ، وهو بحر الخزر ، وهي مدينة تكون أكبر من أردبيل نحو ميلين في ميلين ، ولهم زروع كثيرة وثمار قليلة إلا ما يحمل إليهم من النواحي ، وعلى المدينة سور من الحجارة ممتدّ من الجبل طولا في غير ذي عرض ، لا مسلك على جبلها إلى بلاد المسلمين لدروس الطرق وصعوبة المسالك من بلاد الكفر إلى بلاد المسلمين ، ومع طول السور فقد مدّ قطعة من السور في البحر شبه أنف طولانيّ ليمنع من تقارب السّفن من السور ، وهي محكمة البناء موثّقة الأساس من بناء أنوشروان ، وهي أحد الثغور الجليلة العظيمة لأنها كثيرة الأعداء الذين حفّوا بها من أمم شتّى وألسنة مختلفة وعدد كثير ، وإلى جنبها جبل عظيم يعرف بالذئب ، يجمع في رأسه في كلّ عام حطب كثير ليشعلوا فيه النار ، إن احتاجوا إليه ، ينذرون أهل أذربيجان وأرّان وأرمينية بالعدوّ إن دهمهم ، وقيل : إن في أعلى جبلها الممتدّ المتصل بباب الأبواب نيفا وسبعين أمة لكلّ أمة لغة لا يعرفها مجاورهم ، وكانت الأكاسرة كثيرة الاهتمام بهذا الثغر لا يفترون عن النظر في مصالحه لعظم خطره وشدة خوفه ، وأقيمت لهذا المكان حفظة من ناقلة البلدان وأهل الثقة عندهم لحفظه ، وأطلق لهم عمارة ما قدروا عليه بلا كلفة للسلطان ولا مؤامرة فيه ولا مراجعة حرصا على صيانته من أصناف الترك والكفر والأعداء ، فممن رتبوا هناك من الحفظة أمة يقال لهم طبرسران ، وأمة إلى جنبهم تعرف بفيلان ، وأمة يعرفون باللكز كثير عددهم عظيمة شوكتهم ، والليران وشروان وغيرهم ، وجعل لكل صنف من هؤلاء مركز يحفظه ، وهم أولو عدد وشدّة رجالة وفرسان ، وباب الأبواب فرضة لذلك البحر ، يجتمع إليه الخزر والسرير وشنذان وخيزان وكرج ورقلان وزريكران وغميك ، هذه من جهة شماليها ، ويجتمع إليه أيضا من جرجان وطبرستان والدّيلم والجبل ، وقد يقع بها شغل ثياب كتّان ، وليس بأرّان وأرمينية وأذربيجان كتّان إلا بها وبرساتيقها ، وبها زعفران ، ويقع بها من الرقيق من كل نوع ، وبجنبها مما يلي بلاد الإسلام رستاق يقال له مسقط ، ويليه بلد اللكز ،

٣٠٣

وهم أمم كثيرة ذوو خلق وأجسام وضياع عامرة وكور مأهولة فيها أحرار يعرفون بالخماشرة ، وفوقهم الملوك ودونهم المشاق ، وبينهم وبين باب الأبواب بلد طبرستان شاه ، وهم بهذه الصفة من البأس والشدة والعمارة الكثيرة ، إلا أن اللكز أكثر عددا وأوسع بلدا وفوق ذلك فيلان وليس بكورة كبيرة ، وعلى ساحل هذا البحر دون المسقط مدينة الشابران ، صغيره حصينة كثيرة الرساتيق ، وأما المسافات فمن إتل مدينة الخزر إلى باب الأبواب اثنا عشر يوما ، ومن سمندر إلى باب الأبواب أربعة أيام ، وبين مملكة السرير إلى باب الأبواب ثلاثة أيام ، وقال أبو بكر أحمد بن محمد الهمداني : وباب الأبواب أفواه شعاب في جبل القبق فيها حصون كثيرة ، منها : باب صول وباب اللان وباب الشابران وباب لازقة وباب بارقة وباب سمسجن وباب صاحب السرير وباب فيلانشاه وباب طارونان وباب طبرسران شاه وباب إيران شاه ، وكان السبب في بناء باب الأبواب على ما حدّث به أبو العباس الطوسي ، قال : هاجت الخزر مرّة في أيام المنصور فقال لنا : أتدرون كيف كان بناء أنوشروان الحائط الذي يقال له الباب؟ قلنا : لا ، قال : كانت الخزر تغير في سلطان فارس حتى تبلغ همذان والموصل ، فلما ملك أنوشروان بعث إلى ملكهم فخطب إليه ابنته على أن يزوّجه إياها ويعطيه هو أيضا ابنته ويتوادعا ثم يتفرّغا لأعدائهما ، فلما أجابه إلى ذلك عمد أنوشروان إلى جارية من جواريه نفيسة فوجه بها إلى ملك الخزر على أنها ابنته وحمّل معها ما يحمل مع بنات الملوك ، وأهدى خاقان إلى أنوشروان ابنته ، فلما وصلت إليه كتب إلى ملك الخزر : لو التقينا فأوجبنا المودّة بيننا ، فأجابه إلى ذلك وواعده إلى موضع سماه ثم التقيا فأقاما أياما ، ثم إن أنو شروان أمر قائدا من قوّاده أن يختار ثلاثمائة رجل من أشدّاء أصحابه فإذا هدأت العيون أغار في عسكر الخزر فحرق وعقر ورجع إلى العسكر في خفاء ، ففعل ، فلما أصبح بعث إليه خاقان : ما هذا؟ بيّتّ عسكري البارحة! فبعث إليه أنوشروان : لم تؤت من قبلنا فابحث وانظر ، ففعل فلم يقف على شيء ، ثم أمهله أياما وعاد لمثلها حتى فعل ثلاث مرات وفي كلها يعتذر ويسأله البحث ، فيبحث فلا يقف على شيء ، فلما أثقل ذلك على خاقان دعا قائدا من قوّاده وأمره بمثل ما أمر به أنوشروان ، فلما فعل أرسل إليه أنوشروان. ما هذا؟ استبيح عسكري الليلة وفعل بي وصنع! فأرسل إليه خاقان : ما أسرع ما ضجرت! قد فعل هذا بعسكري ثلاث مرات وإنما فعل بك أنت مرّة واحدة. فبعث إليه أنوشروان : هذا عمل قوم يريدون أن يفسدوا فيما بيننا ، وعندي رأي لو قبلته رأيت ما تحبّ ، قال : وما هو؟ قال : تدعني أن أبني حائطا بيني وبينك وأجعل عليه بابا فلا يدخل بلدك إلا من تحبّ ولا يدخل بلدي إلا من أحبّ ، فأجابه إلى ذلك ، وانصرف خاقان إلى مملكته ، وأقام أنوشروان يبني الحائط بالصخر والرصاص ، وجعل عرضه ثلاثمائة ذراع وعلّاه حتى ألحقه برءوس الجبال ثم قاده في البحر ، فيقال : إنه نفخ الزقاق وبنى عليها فأقبلت تنزل والبناء يصعد حتى استقرت الزقاق على الأرض ، ثم رفع البناء حتى استوى مع الذي على الأرض في عرضه وارتفاعه ، وجعل عليه بابا من حديد ، ووكّل به مائة رجل يحرسونه بعد أن كان يحتاج إلى مائة ألف رجل ، ثم نصب سريره على الفند الذي صنعه على البحر وسجد سرورا بما هيأه الله على

٣٠٤

يده ، ثم استلقى على ظهره وقال : الآن حين استرحت ، قال : ووصف بعضهم هذا السّدّ الذي بناه أنوشروان فقال : إنه جعل طرفا منه في البحر فأحكمه إلى حيث لا يتهيأ سلوكه ، وهو مبني بالحجارة المنقورة المربعة المهندمة لا يقلّ أصغرها خمسون رجلا ، وقد أحكمت بالمسامير والرصاص ، وجعل في هذه السبعة فراسخ سبعة مسالك على كلّ مسلك مدينة ، ورتّب فيها قوم من المقاتلة من الفرس يقال لهم الانشاستكين ، وكان على أرمينية وظائف رجال لحراسة ذلك السور مقدار ما يسير عليه عشرون رجلا بخيلهم لا يتزاحمون. وذكر أن بمدينة الباب على باب الجهاد فوق الحائط أسطوانتين من حجر ، على كل أسطوانة تمثال أسد من حجارة بيض ، وأسفل منهما حجرين على كل حجر تمثال لبوتين ، وبقرب الباب صورة رجل من حجر وبين رجليه صورة ثعلب في فمه عنقود عنب ، وإلى جانب المدينة صهريج معقود له درجة ينزل إلى الصهريج منها إذا قل ماؤه ، وعلى جنبي الدرجة أيضا صورتا أسد من حجارة يقولون إنهما طلسمان للسور. وأما حديثها أيام الفتوح فإن سلمان بن ربيعة الباهلي غزاها في أيام عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وتجاوز الحصنين وبلنجر ، ولقيه خاقان ملك الخزر في جيشه خلف نهر بلنجر ، فاستشهد سلمان بن ربيعة وأصحابه ، وكانوا أربعة آلاف ، فقال عبد الرحمن ابن جمانة الباهلي يذكر سلمان بن ربيعة وقتيبة بن مسلم الباهليّين يفتخر بهما :

وإن لنا قبرين : قبر بلنجر ،

وقبر بصين استان يا لك من قبر

فهذا الذي بالصين عمّت فتوحه ،

وهذا الذي يسقى به سبل القطر

يريد أن الترك أو الخزر لما قتلوا سلمان بن ربيعة وأصحابه ، كانوا يبصرون في كل ليلة نورا عظيما على موضع مصارعهم ، فيقال إنهم دفنوهم وأخذوا سلمان بن ربيعة وجعلوه في تابوت وسيروه إلى بيت عبادتهم ، فإذا أجدبوا أو أقحطوا أخرجوا التابوت وكشفوا عنه فيسقون. ووجدت في موضع آخر أن أبا موسى الأشعري لما فرغ من غزو أصبهان في أيام عمر ابن الخطاب في سنة ١٩ أنفذ سراقة بن عمرو وكان يدعى ذا النون إلى الباب ، وجعل في مقدمته عبد الرحمن بن ربيعة ، وكان أيضا يدعى ذا النون ، وسار في عسكره إلى الباب ففتحه بعد حروب جرت ، فقال سراقة بن عمرو في ذلك :

ومن يك سائلا عنّي ، فإني

بأرض لا يؤاتيها القرار

بباب الترك ذي الأبواب دار ،

لها في كلّ ناحية مغار

نذود جموعهم عما حوينا ،

ونقتلهم إذا باح السّرار

سددنا كل فرج كان فيها

مكابرة ، إذا سطع الغبار

وألحمنا الجبال جبال قبج ،

وجاور دورهم منا ديار

وبادرنا العدوّ بكل فجّ

نناهبهم ، وقد طار الشرار

على خيل تعادى ، كل يوم ،

عتادا ليس يتبعها المهار

وقال نصيب يذكر الباب ، ولا أدري أيّ باب أراد :

ذكرت مقامي ، ليلة الباب ، قابضا

على كفّ حوراء المدامع كالبدر

٣٠٥

وكدت ، ولم املك إليك صبابة ،

أطير وفاض الدمع مني على نحري

ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة

كليلتنا ، حتى أرى وضح الفجر!

أجود عليها بالحديث ، وتارة

تجود علينا بالرّضاب من الثّغر

فليت إلهي قد قضى ذاك مرّة ،

فيعلم ربي عند ذلك ما شكري

وينسب إلى باب الأبواب جماعة ، منهم : زهير بن نعيم البابي ، وإبراهيم بن جعفر البابي ، قال عبد الغني ابن سعيد : كان يفيد بمصر وقد أدركته وأظنّهما ، يعني زهيرا وإبراهيم ، ينسبان إلى باب الأبواب ، وهي مدينة دربند ، والحسن بن إبراهيم البابي ، حدّث عن حميد الطويل عن أنس عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : تختموا بالعقيق فإنه ينفي الفقر ،روى عنه عيسى بن محمد بن محمد البغدادي ، وهلال بن العلاء البابي ، روى عنه أبو نعيم الحافظ. وفي الفيصل :زهير بن محمد البابي ، ومحمد بن هشام بن الوليد بن عبد الحميد أبو الحسن المعروف بابن أبي عمران البابي ، روى عن أبي سعيد عبد الله بن سعيد الأشجّ الكندي ، روى عنه مسعر بن عليّ البرذعي ، وحبيب بن فهد ابن عبد العزيز أبو الحسن البابي ، حدث عن محمد بن دوستي عن سليمان الأصبهاني عن بختويه عن عاصم بن إسماعيل عن عاصم الأحول ، حدث عنه أبو بكر الإسماعيلي ، وذكر أنه سمع قبل السبعين ومائتين على باب محمد بن أبي عمران المقابري ، ومحمد بن أبي عمران البابي الثقفي ، واسم أبي عمران هشام ، أصله من باب الأبواب ، نزل ببرذعة ، روى عن إبراهيم بن مسلم الخوارزمي.

بَابُ البريد : بفتح الباء الموحدة ، وكسر الراء ، بلفظ البريد وهو الرسول : اسم لأحد أبواب جامع دمشق ، وهو من أنزه المواضع ، وقد أكثرت الشعراء من ذكره ووصفه والتشوق إليه ، فمن ذلك قول عليّ بن رضوان الساعاتي ، شاعر عصري :

ألّمت سليمى ، والنسيم عليل ،

فخيّل لي أنّ الشمال شمول

كأنّ الخزامى صفّقت منه قرقفا ،

فللسكر ، أعناق المطيّ ، تميل

تلاقت جفون ، ما تلاقى ، قصيرة

وليل مشوق بالغرام طويل

شديد إلى باب البريد حنينه ،

وليس إلى باب البريد سبيل

ديار : فأما ماؤها فمصفّق

زلال ، وأما ظلّها فظليل

نحلت ، وما قولي نحلت تعجبا ،

هل الحبّ إلّا لوعة ونحول؟!

بابُ التِّبْنِ : بلفظ التبن الذي تأكله الدوابّ : اسم محلة كبيرة كانت ببغداد على الخندق بإزاء قطيعة أم جعفر ، وهي الآن خراب صحراء يزرع فيها ، وبها قبر عبد الله بن أحمد بن حنبل ، رضي الله عنه ، دفن هناك بوصية منه ، وذاك أنه قال : قد صحّ عندي أنّ بالقطيعة نبيّا مدفونا ، ولأن أكون في جوار نبيّ أحب إليّ من أن أكون في جوار أبي ، وبلصق هذا الموضع مقابر قريش التي فيها قبر موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن عليّ زين العابدين ابن الإمام الحسين ابن الإمام عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنهم ، ويعرف قبره بمشهد باب التبن ، مضاف إلى هذا الموضع ، وهو الآن محلة

٣٠٦

عامرة ذات سور ، مفردة.

بابُ تُومَاءَ : بضم التاء : أحد أبواب مدينة دمشق ، لما حاصر المسلمون دمشق في أيام أبي بكر ، رضي الله عنه ، نزل أبو عبيدة من قبل باب الجابية ، ونزل خالد بن الوليد بدير يقال له دير خالد بالجانب الشرقي ، ونزل يزيد بن أبي سفيان بباب توماء ، فقال عبد الرحمن ابن أبي سرح ، وكان من أصحاب يزيد بن أبي سفيان :

ألا أبلغ أبا سفيان عنا بأننا

على خير حال كان جيش يكونها

وأنّا على باب لتوماء نرتمي ،

وقد حان من باب لتوما حيونها

بابُ الجِنَانِ : جمع جنة ، وهي البستان : باب من أبواب مدينة الرّقّة ، وباب من أبواب مدينة حلب ، ذكره عيسى بن سعدان الحلبي ، فلذلك ذكرناه ، فقال :

يا لبرق كلما لاح على

حلب مثّلها نصب عياني

بات كالمذبوب في شاطي قويق ،

ناشر الطرّة مسحوب الجران

كلما مرّت به ناسمة ،

موهنا ، جنّ على باب الجنان

ليت شعري من ترى أرسله ،

أنسيم البان أم رفع الدّخان

بابُ الحُجْرَة : بضم الحاء : موضع بدار الخلافة المعظّمة ببغداد ، حرسها الله تعالى ، وهي دار عظيمة الشأن عجيبة البنيان ، فيها يخلع على الوزراء ، وإليها يحضرون في أيام الموسم للهناء ، وأول من أنشأها الإمام المسترشد بالله أبو منصور الفضل ابن الإمام المستظهر بالله.

بابُ حَرْب : يذكر في الحربية إن شاء الله تعالى : وهو حرب بن عبد الملك ، أحد قوّاد أبي جعفر المنصور ، وفي مقبرة باب حرب أحمد بن حنبل وبشر الحافي وأبو بكر الخطيب ومن لا يحصى من العلماء والعباد والصالحين وأعلام المسلمين.

بابُ الخاصّة : كان أحد أبواب دار الخلافة المعظمة ببغداد ، أحدثه الطائع لله تجاه دار الفيل وباب كلواذا ، واتخذ عليه منظرة تشرف على دار الفيل وبراح واسع ، واتفق أن كان الطائع يوما في هذه المنظرة فجوّزت عليه جناة أبي بكر عبد العزيز بن جعفر الزاهد المعروف بغلام الخلّال ، فرأى الطائع منها ما أعجبه ، فتقدّم بدفنه في ذلك البراح الذي تجاه المنظرة ، وجعل دار الفيل وقفا عليه ، ووسّع به في تلك المقبرة ، وهي الآن على ذلك ، إلّا أنّ هذا الباب لا أثر له اليوم ، ويتلو هذا الباب من دار الخلافة باب المراتب ، ولهذه الأبواب ذكر في التواريخ.

بابُ دَسْتَان : بفتح الدال ، والسين مهملة ، والتاء فوقها نقطتان : موضع معروف بسمرقند ، ينسب إليه أبو الحسن علي بن الحسن بن نصر بن خراسان بن عبد الله البابدستاني : فقيه حنفيّ فاضل ثقة ، توفي بسمرقند في صفر سنة ٣٦٨.

بَابَرْتَى : بفتح الباء الثانية ، وسكون الراء ، والتاء فوقها نقطتان مقصورة : قرية من أعمال دجيل بغداد ، ينسب إليها أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحسن بن أبي الأصابع الحربي البابرتي ، ولد بقرية بابرتى ونشأ بالحربية من بغداد ، ذكره أبو سعد في شيوخه.

بَابِرْتُ : بكسر الباء الثانية : قرية كبيرة ومدينة حسنة من نواحي أرزن الروم ، من نواحي أرمينية ، خبّرني بها رجل من أهلها فقيه.

٣٠٧

بابَسِير : بفتح الباء الثانية ، وكسر السين المهملة ، وياء ساكنة ، وراء : بلدة من نواحي الأهواز ، منها : أبو الحسن عليّ بن بحر بن بريّ البابسيري ، روى عن ابن عيينة ، توفي سنة ٢٣٤ ، قال أبو سعد عقيب : هذا البابسيري نسبة إلى بابسير ، وهي قرية من قرى واسط ، وقيل من قرى الأهواز ، منها : أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن موسى البابسيري ومحمد بن كامل البابسيري ، روى عنه الحسن بن عليّ ابن محمود بن شيرويه القاضي الشيرازي.

بابُ الشام : محلة كانت بالجانب الغربي من بغداد ، منها : أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن كثير الصيرفي البابشامي ، روى عن أبي نواس الشاعر.

بَابِش : بكسر الباء ، والشين معجمة : من قرى بخارى في ظن أبي سعد ، ينسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إسحاق بن عبد الله بن جدير البابشي ، مات سنة ٣٠٣.

بابُ الشَّعِيرِ : محلة ببغداد فوق مدينة المنصور ، قالوا : كانت ترفأ إليها سفن الموصل والبصرة ، والمحلة التي ببغداد اليوم ، وتعرف بباب الشعير ، هي بعيدة من دجلة ، بينها وبين دجلة خراب كثير والحريم وسوق المارستان ، وقد نسب إليها بعض الرواة.

بابُ شُورِستان : بضم الشين المعجمة ، وسكون الواو ، وكسر الراء : محلة بمرو.

بابْشِير : الباء الثانية ساكنة ، والشين مكسورة ، وياء ساكنة ، وراء : قرية على مقدار فرسخ من مرو ، منها : إبراهيم بن أحمد بن عليّ البابشيري ، مات سنة ٣٠٦.

بابُ الطَّاق : محلة كبيرة ببغداد بالجانب الشرقي ، تعرف بطاق أسماء ، وقد ذكرت في موضعها ، واجتاز عبد الله بن طاهر بن فرأى قمرية تنوح فأمر بشرائها وإطلاقها ، فامتنع صاحبها أن يبيعها بأقلّ من خمسمائة درهم ، فاشتراها بذلك وأطلقها ، وأنشد يقول :

ناحت مطوّقة بباب الطاق ،

فجرت سوابق دمعي المهراق

كانت تغرّد بالأراك ، وربما

كانت تغرّد في فروع الساق

فرمى الفراق بها العراق ، فأصبحت

بعد الأراك تنوح في الأسواق

فجعت بأفرخها فأسبل دمعها ،

إن الدموع تبوح بالمشتاق

تعس الفراق وبتّ حبل وتينه ،

وسقاه من سمّ الأساود ساق

ما ذا أراد بقصده قمريّة ،

لم تدر ما بغداد في الآفاق؟

بي مثل ما بك يا حمامة ، فاسألي

من فكّ أمرك أن يحلّ وثاقي

وقد روي أن صاحب القصة في إطلاق القمرية هو اليمان بن أبي اليمان البندنيجي ، الشاعر الضرير مصنف كتاب التفقيه ، وقد ذكرته في كتاب معجم الأدباء.

بابَغيش : الغين معجمة ، وياء ساكنة ، والشين معجمة : ناحية بين أذربيجان وأردبيل يمرّ بها الزاب الأعلى.

بابْقَرَانُ : بفتح القاف والراء ، وألف ، ونون : من قرى مرو ، منها أبو الحسن أحمد بن محمد بن عيسى البابقراني ، سمع بالعراق الحسين بن إسماعيل المحاملي.

بابُ كِسّ : بكسر الكاف ، والسين مهملة : محلة كبيرة بسمرقند ، يقال لها بالفارسية دروازه كش ،

٣٠٨

ينسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر ابن داود الزاهد البابكسيّ السمرقندي ، توفي في رمضان سنة ٢٥٧.

بابُ كُوشْك : بضم الكاف ، وسكون الواو والشين ، وكاف أخرى : محلة كبيرة بأصبهان ، ينسب إليها أحمد بن إبراهيم البابكوشي ، توفي في سنة ٢٧٨.

بابِلَّا : بكسر الباء ، وتشديد اللام ، مقصور : قرية كبيرة بظاهر حلب ، بينهما نحو ميل ، وهي عامرة آهلة في أيامنا هذه ، وقد ذكرها البحتري فقال :

أقام كل ملثّ الودق رجّاس

على ديار ، بعلو الشام ، أدراس

فيها لعلوة مصطاف ومرتبع ،

من بانقوسا وبابلّا وبطياس

منازل أنكرتنا بعد معرفة ،

وأوحشت من هوانا بعد إيناس

وقال الوزير أبو القاسم بن المغربي :

حنّ قلبي ، إلى معالم بابل

لا ، حنين المولّه المشعوف

مطلب اللهو والهوى ، وكناس ال

خرّد العين والظباء الهيف

حيث شطّا قويق مسرح طرفي ،

والأسامي مؤانسي وأليفي

ليس من لم يسل حنينا إلى الأو

طان ، ان شتت النوى ، بظريف

ذاك من شيمة الكرام ، ومن عه

د الوفاء المحبب الموصوف

بابُ لُتّ : بضم اللام ، وتشديد التاء المثناة : قرية بالجزيرة بين حرّان والرّقة ، ينسب إليها أبو سعيد يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلُتّي مولى بني أمية ، وأصله من الري ، وهو ابن امرأة الأوزاعي ، سكن حرّان وحدث عن الأوزاعي وابن أبي مريم ومالك ابن أنس وجماعة كثيرة ، ومات فيما ذكره القاضي أبو بكر بن كامل ، سنة ٢١٨ ، وهو ابن تسعين سنة.

بابِلُ : بكسر الباء : اسم ناحية منها الكوفة والحلّة ، ينسب إليها السحر والخمر ، قال الأخفش : لا ينصرف لتأنيثه ، وذلك أن اسم كل شيء مؤنث إذا كان علما وكان على أكثر من ثلاثة أحرف فإنه لا ينصرف في المعرفة ، وقد ذكرت فيما يأتي في ترجمة بابليون معنى بابل عند أهل الكتاب ، وقال المفسرون في قوله تعالى : وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ، قيل بابل العراق ، وقيل بابل دنباوند ، وقال أبو الحسن : بابل الكوفة ، وقال أبو معشر : الكلدانيون هم الذين كانوا ينزلون بابل في الزمن الأول ، ويقال : إن أول من سكنها نوح ، عليه السلام ، وهو أول من عمرها ، وكان قد نزلها بعقب الطوفان ، فسار هو ومن خرج معه من السفينة إليها لطلب الدّفء ، فأقاموا بها وتناسلوا فيها وكثروا من بعد نوح ، وملّكوا عليهم ملوكا ، وابتنوا بها المدائن ، واتصلت مساكنهم بدجلة والفرات ، إلى أن بلغوا من دجلة إلى أسفل كسكر ، ومن الفرات إلى ما وراء الكوفة ، وموضعهم هو الذي يقال له السواد ، وكانت ملوكهم تنزل بابل ، وكان الكلدانيون جنودهم ، فلم تزل مملكتهم قائمة إلى أن قتل دارا آخر ملوكهم ، ثم قتل منهم خلق كثير فذلوا وانقطع ملكهم ، وقال يزدجرد بن مهبندار : تقول العجم : إن الضحاك الملك الذي كان له بزعمهم ثلاثة أفواه وستّ أعين ، بنى مدينة بابل العظيمة ، وكان ملكه ألف سنة إلا يوما واحدا

٣٠٩

ونصفا ، وهو الذي أسره أفريدون الملك وصيّره في جبل دنباوند ، واليوم الذي أسره فيه يعده المجوس عيدا ، وهو المهرجان ، قال : فأما الملوك الأوائل أعني ملوك النبط وفرعون إبراهيم فإنهم كانوا نزلا ببابل ، وكذلك بخت نصّر ، الذي يزعم أهل السير أنه ممّن ملك الأرض بأسرها ، انصرف بعد ما أحدث ببني إسرائيل ما أحدث إلى بابل فسكنها ، قال أبو المنذر هشام بن محمد : إن مدينة بابل كانت اثني عشر فرسخا في مثل ذلك ، وكان بابها مما يلي الكوفة ، وكان الفرات يجري ببابل حتى صرفه بخت نصّر إلى موضعه الآن مخافة أن يهدم عليه سور المدينة ، لأنه كان يجري معه ، قال : ومدينة بابل بناها بيوراسب الجبار واشتق اسمها من اسم المشتري ، لأن بابل باللسان البابلي الأول اسم للمشتري ، ولما استتمّ بناؤها جمع إليها كل من قدر عليه من العلماء وبنى لهم اثني عشر قصرا ، على عدد البروج ، وسماها بأسمائهم ، فلم تزل عامرة حتى كان الإسكندر ، وهو الذي خرّبها. وحدث أبو بكر أحمد بن مروان المالكي الدينوري في كتاب المجالس من تصنيفه : حدثنا إسماعيل بن يونس ومحمد بن مهران ، قالا : حدثنا عمرو بن ناجية حدثنا نعيم بن سالم بن قنبر مولى علي ابن أبي طالب عن أنس بن مالك ، قال : لما حشر الله الخلائق إلى بابل ، بعث إليهم ريحا شرقية وغربية وقبلية وبحرية ، فجمعهم إلى بابل ، فاجتمعوا يومئذ ينظرون لما حشروا له ، إذ نادى مناد : من جعل المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره فاقتصد البيت الحرام بوجهه فله كلام أهل السماء ، فقام يعرب ابن قحطان (١) فقيل له : يا يعرب بن قحطان بن هود أنت هو ، فكان أول من تكلم بالعربية ، ولم يزل المنادي ينادي : من فعل كذا وكذا فله كذا وكذا ، حتى افترقوا على اثنين وسبعين لسانا ، وانقطع الصوت وتبلبلت الألسن ، فسميت بابل ، وكان اللسان يومئذ بابليّا ، وهبطت ملائكة الخير والشر وملائكة الحياء والإيمان وملائكة الصحة والشقاء وملائكة الغنى وملائكة الشرف وملائكة المروءة وملائكة الجفاء وملائكة الجهل وملائكة السيف وملائكة البأس ، حتى انتهوا إلى العراق ، فقال بعضهم لبعض : افترقوا ، فقال ملك الإيمان : أنا أسكن المدينة ومكة ، فقال ملك الحياء : وأنا معك ، فاجتمعت الأمة على أن الإيمان والحياء ببلد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وقال ملك الشقاء : أنا أسكن البادية ، فقال ملك الصحة : وأنا معك ، فاجتمعت الأمة على أن الشقاء والصحة في الأعراب ، وقال ملك الجفاء : أنا أسكن المغرب ، فقال ملك الجهل : وأنا معك ، فاجتمعت الأمة على أن الجفاء والجهل في البربر ، وقال ملك السيف : أنا أسكن الشام ، فقال ملك البأس : وأنا معك ، وقال ملك الغنى : أنا أقيم ههنا ، فقال ملك المروءة : وأنا معك ، وقال ملك الشرف : وأنا معكما ، فاجتمع ملك الغنى والمروءة والشرف بالعراق. قلت : هذا خبر نقلته على ما وجدته ، والله المستعان عليه.

وقد روي أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، سأل دهقان الفلّوجة عن عجائب بلادهم ، فقال : كانت بابل سبع مدن ، في كل مدينة أعجوبة ليست في الأخرى ، فكان في المدينة التي نزلها الملك بيت فيه صورة الأرض كلها برساتيقها وقراها وأنهارها ، فمتى التوى أحد بحمل الخراج من جميع البلدان ، خرق أنهارهم فغرّقهم وأتلف زروعهم وجميع ما في بلدهم حتى يرجعوا عما هم به ، فيسد بإصبعه تلك الأنهار

__________________

(١) هكذا في الأصل.

٣١٠

فيستدّ في بلدهم. وفي المدينة الثانية حوض عظيم ، فإذا جمعهم الملك لحضور مائدته حمل كل رجل ممن يحضره من منزله شرابا يختاره ، ثم صبه في ذلك الحوض ، فإذا جلسوا للشراب شرب كل واحد شرابه الذي حمله من منزله. وفي المدينة الثالثة طبل معلق على بابها ، فإذا غاب من أهلها إنسان وخفي أمره على أهله وأحبوا أن يعلموا أحي صاحبهم أم ميت ، ضربوا ذلك الطبل ، فإن سمعوا له صوتا فإن الرجل حيّ ، وإن لم يسمعوا له صوتا فإن الرجل قد مات. وفي المدينة الرابعة مرآة من حديد ، فإذا غاب الرجل عن أهله وأحبوا أن يعرفوا خبره على صحته ، أتوا تلك المرآة فنظروا فيها فرأوه على الحال التي هو فيها. وفي المدينة الخامسة أوزّة من نحاس على عمود من نحاس منصوب على باب المدينة ، فإذا دخلها جاسوس صوّتت الأوزّة بصوت سمعه جميع أهل المدينة ، فيعلمون أنه قد دخلها جاسوس. وفي المدينة السادسة قاضيان جالسان على الماء ، فإذا تقدّم إليهما الخصمان وجلسا بين أيديهما غاص المبطل منهما في الماء. وفي المدينة السابعة شجرة من نحاس ضخمة كثيرة الغصون لا تظلّ ساقها ، فإن جلس تحتها واحد أظلّته إلى ألف نفس ، فإن زادوا على الألف ، ولو بواحد ، صاروا كلّهم في الشمس. قلت وهذه الحكاية كما ترى خارقة للعادات ، بعيدة من المعهودات ، ولو لم أجدها في كتب العلماء لما ذكرتها. وجميع أخبار الأمم القديمة مثله ، والله أعلم.

بابِلْيُونُ : الباء الثانية مكسورة ، واللام ساكنة ، وياء مضمومة ، وواو ساكنة ، ونون : وهو اسم عامّ لديار مصر بلغة القدماء. وقيل هو اسم لموضع الفسطاط خاصة ، فذكر أهل التوراة أن مقام آدم ، عليه السلام ، كان ببابل ، فلما قتل قابيل هابيل مقت آدم قابيل فهرب قابيل بأهله إلى الجبال عن أرض بابل فسمّيت بابل ، يعني به الفرقة ، فلما مات آدم ، عليه السلام ، ونبّئ إدريس ، عليه السلام ، وكثر ولد قابيل في تلك الأرض ، وأفسدوا ونزلوا من جبالهم ، وخالطوا أهل الصلاح ، وفسدوا بهم ، دعا إدريس ربّه أن ينقله إلى أرض ذات نهر مثل أرض بابل ، فأري الانتقال إلى أرض مصر ، فلما وردها وسكنها واستطابها اشتقّ لها اسما من معنى بابل ، وهو الفرقة ، فسماها بابليون ، ومعناها الفرقة الطيبة ، والله أعلم.

وذكر عبد الملك بن هشام صاحب السيرة في كتاب التيجان في النسب من تصنيفه : بابليون كان ملكا من سبأ ، ومن ولده عمرو بن امرئ القيس ، كان ملكا على مصر في زمن إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، وقال أبو صخر الهذلي :

وما ذا ترجّي بعد آل محرّق ،

عفا منهم وادي رهاط إلى رحب

خلوا من تهامي أرضنا ، وتبدّلوا

بمكة بابليون والرّبط بالعصب

وقال كثيّر بن عبد الرحمن يرثي عبد العزيز بن مروان :

فلست ، طوال الدهر ، ما عشت ناسيا

عظاما ، ولا هاما له قد أرمّت

جرى بين بابليون ، والهضب دونه ،

رياح أسفّت بالنّقا وأشمّت

سقتها الغوادي والروائح خلفة ،

تدلّين علوا والضريحة لمّت

وقد أسقط عمران بن حطّان منه الألف في قوله يذكر قوما من الأزد نفاهم زياد ابن أبيه من البصرة ،

٣١١

وكان قد اتّهمهم بممالأة عدوّه ، إلى مصر ، فنزلوا من الفسطاط بموضع يقال له الظاهر ، فقال :

فساروا بحمد الله ، حتى أحلّهم

ببليون منها الموجفات السوابق

فأمسوا ، بحمد الله ، قد حال دونهم

مهامه بيد والجبال الشواهق

وحلّوا ، ولم يرجوا سوى الله وحده ،

بدار لهم فيها غنّى ومرافق

فأمسوا بدار لا يفزّع أهلها ،

وجيرانهم فيها تجيب وغافق

بابُ مُحَوَّل : بضم الميم ، وفتح الحاء ، وتشديد الواو ، ولام : محلّة كبيرة من محالّ بغداد ، كانت متصلة بالكرخ ، وهي الآن منفردة كالقرية المنفردة ، ذات جامع وسوق مستغنية بنفسها في غربي الكرخ ، مشرفة على السّراة ، والله الموفق.

بابُ المَراتِبِ : هو أحد أبواب دار الخلافة ببغداد ، كان من أجلّ أبوابها وأشرفها ، وكان حاجبه عظيم القدر ونافذ الأمر ، فأما الآن فهو في طرف من البلد بعيد كالمهجور ، لم يبق فيه إلا دور قوم من أهل البيوتات القديمة ، وكانت الدور فيه غالية الأثمان عزيزة الوجود في أيام السلاطين ببغداد ، لأنه كان حرما لمن يأوي إليه ، فأما الآن فليس للمساكن فيه قيمة ، ورأيت به دورا كثيرة احتاج أهلها وأرادوا بيعها فلم تشتر منهم ، فباعوا أنقاضها وساحها ممن يعمر به موضعا آخر. والذي أوجب ذكر ذلك كثرة مجيء ذكرها في التواريخ والأخبار.

بابُونِيَا : بضم الباء الثانية ، وسكون الواو ، وكسر النون ، وياء ، وألف : من قرى بغداد ، منها : أبو الفضل موسى بن سلطان بن عليّ المقري الضرير البابوني ، دخل بغداد فسمع بها وقرأ القرآن بالروايات ، روى عن أبي الوقت السجزي وغيره ، مات سنة ٥٩٩

بَابَهُ : من قرى بخارى ، منها : إبراهيم بن محمد بن إسحاق الأسدي البخاري البابي ، حدث عن نصر بن الحسن ، حدث عنه خلف بن محمد الخيّام.

البَابَةُ : مثل الذي قبله ، قال الأزهري : البابة ثغر من ثغور الروم ، وما أظنّه أراد إلا البابة الذي هو عند النصارى بمنزلة الخليفة الإمام ، يجب عليهم طاعته ، ومقامه بمدينة رومية ، وحكمه سار في جميع بلاد الفرنج ومن يقاربهم.

بَابَيْنِ : تثنية باب : موضع بالبحرين ، وفيه قال قائلهم :

أنا ابن برد بين بابين وجم ،

والخيل تنحاه إلى قطر الأجم

وضبّة الدّعمان في روس الأكم ،

مخضرة أعينها مثل الرّخم

بَاتِكْرُو : قرأت بخطّ الحافظ أبي عبد الله محمد بن النّجّار صديقنا : قرأت بخطّ أبي الفوارس الحسن بن عبد الله بن بركات بن شافع الدمشقي ، قال : أخبرنا القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد بن الحسن بن عليّ بن عبد العزيز الباتكروي : الباتكرو قلعة حصينة على شطّ جيحون بقراءتي عليه في جامعها الإمام محمود ابن يوسف بن عطاء ، وذكر خبرا.

باجَاخُسْرُو : بالجيم ثم الخاء بعد الألف ، مضمومة : كورة من كور بغداد في شرقي دجلة ، منها النهروانات.

بَاجَبَّارَة : باء أخرى مشددة ، وألف ، وراء : قرية في شرقي مدينة الموصل على نحو ميل ، وهي كبيرة

٣١٢

عامرة ، فيها سوق ، وكان نهر الخوسر قديما يمرّ بها تحت قناطرها ، وهي باقية إلى هذه الغاية ، وجامعها مبنيّ على هذه القناطر ، رأيتها غير مرّة.

البَاجُ : بالجيم ، قال أحمد بن يحيى بن جابر : مرّ عليّ ابن أبي طالب ، عليه السلام ، بالأنبار فخرج إليه أهلها بالهدايا إلى معسكرة ، فقال : اجمعوا الهدايا واجعلوها باجا واحدا ، ففعلوا ، فسمّي موضع معسكره بالأنبار الباج إلى الآن.

باجَخُوستُ : بفتح الجيم ، وضم الخاء المعجمة ، وواو ساكنة ، وسين مهملة ساكنة أيضا ، وتاء مثناة : قرية كبيرة من قرى مرو ، على فرسخين من مرو ، منها : أبو سهل النّعمان الأكّار الباجخوستي ، كان صالحا عابدا ، ذكره أبو سعد في شيوخه وقال : إنه مات في رمضان سنة ٥٤٨.

باجَدّا : بفتح الجيم ، وتشديد الدال ، والقصر : قرية كبيرة بين رأس عين والرّقّة. قال أحمد بن الطيب : عليها سور ، وكان مسلمة بن عبد الملك أقطع موضعها رجلا من أصحابه يقال له أسيد السّلمي ، فبناها وسوّرها ، وفيها بساتين تسقيها عين تنبع من وسطها يشرب منها الناس ، وما فضل يسقي زروعها ، وهي قرب حصن مسلمة بن عبد الملك ، منها : محمد بن أبي القاسم الخضر بن محمد الحرّاني ، يعرف بابن تيميّة ، وهو اسم لجدّته ، وكانت واعظة البلد ، يعرف بالباجدّاي ، وكان شيخا معظّما بحرّان وخطيبها وواعظها ومفتيها ، ولأهل حرّان فيه اعتقاد طاهر صالح ، وكان نافذ الأمر فيهم مطاعا. سمع الحديث ورواه ، ولي منه إجازة ، ورأيته غير مرّة ، ومات سنة ٦٢١ وقد أسنّ.

وباجدّا أيضا من قرى بغداد ، ينسب إليها أبو الحسين سلامة بن سليمان بن أيوب بن هارون السّلمي الباجدّاي ، حدث ببغداد عن أبي يعلى الموصلي وعليّ بن عبد الحميد الغضائري وأبي عروبة الحرّاني ، روى عنه أبو الحسن بن رزقويه.

باجَرّا : بالراء : من قرى الجزيرة أيضا ، ينسب إليها أبو شهاب عبد القدّوس بن عبد القاهر الباجرّائي ، روى عن سفيان بن عيينة ، كذا ضبطه أبو سعد.

باجُرْبَقُ : بضم الجيم ، وسكون الراء ، وفتح الباء الموحدة ، وقاف : قرية من قرى بين النهرين ، كورة بين البقعاء ونصيبين.

باجَرْما : بفتح الجيم ، وسكون الراء ، وميم ، وألف مقصورة : قرية من أعمال البليخ قرب الرّقّة من أرض الجزيرة.

باجَرْمَقُ : بالقاف ، في كتاب الفتوح : باجرمق كورة قرب دقوقا.

باجَرْوَانُ : آخره نون : قرية من ديار مضر بالجزيرة ، من أعمال البليخ. وباجروان أيضا : مدينة من نواحي باب الأبواب قرب شروان ، عندها عين الحياة التي وجدها الخضر ، عليه السلام ، وقيل هي القرية التي استطعم موسى والخضر ، عليهما السلام ، أهلها.

باجِسْرى : بكسر الجيم ، وسكون السين ، وراء ، والقصر : بليدة في شرقي بغداد ، بينها وبين حلوان ، على عشرة فراسخ من بغداد ، وهي عامرة نزهة كثيرة النخل والأهل. خرج منها جماعة من أهل العلم والرواية ، منهم أبو القاسم عبد الغني بن محمد بن حنيفة الباجسراوي ، كان صالحا ، وله شعر حسن ورغبة في الأدب ، توفي سنة ٥٣١. وابنه أبو المعالي أحمد روى قطعة من كتب الأدب.

وقال عبيد الله بن الحرّ يذكرها :

٣١٣

ويوم بباجسرى هزمت ، وغودرت

جماعتهم صرعى لدى جانب الجسر

فولّوا سراعا هاربين ، كأنهم

رعيل نعام بالفلا شرّد ذعر

ووجد على حائط مكتوب :

أقول ، والنفس لهوف حسرى ،

والعين من طول البكاء عبرى ،

وقد أنارت في الظلام الشعرى ،

وانحدرت بنات نعش الكبرى :

يا ربّ خلّصني من باجسرى

وابدل بها ، يا ربّ ، دارا أخرى

بَاجُمَيرَى : بضم الجيم ، وفتح الميم ، وياء ساكنة ، وراء مقصورة : موضع دون تكريت. ذكر الأخباريون أن عبد الملك بن مروان كان إذا همّ بقصد مصعب بن الزبير بالعراق ، يخرج في كل سنة إلى بطنان حبيب ، وهي من أدنى قنّسرين إلى الجزيرة ، فيعسكر بها ، ويخرج مصعب بن الزبير إلى مسكن فيعسكر بباجميرى من أرض الموصل ، كل واحد منهما يرى صاحبه أنه يقصده ، ولا يتمّ كل واحد منهما قصده ، فإذا اشتدّ الشتاء وارتجّ الثلج ، انصرف عبد الملك إلى دمشق ومصعب إلى الكوفة ، فكان عبد الملك يقول : إن مصعبا قد أبى إلا جميراته ، والله موقدهنّ عليه ، فقال أبو الجهم الكناني :

أكلّ عام لك باجميرى؟!

تغزو بنا ولا تفيد خيرا

بَاجُنَيْسُ : بفتح النون ، والسين مهملة ، كذا وجدته بخط أبي الفضل العباس بن علي الصولي المعروف بابن برد الخيار مضبوطا : وهو بلد قديم يذكر مع أرجيش من أعمال خلاط وهو من أرمينية الرابعة ، فتحها عياض بن غنم ، وهي في الإقليم الخامس ، طولها سبعون درجة ونصف ، وعرضها أربعون درجة وسدس. وقال مسعر بن مهلهل : باجنيس بلد بني سليم ، بها معدن الملح الأندراني ومعدن مغنيسيا ومعدن نحاس ، وبها منبت الشيخ الذي يستخرج الدود والحيّات من الجوف ، إلّا أن التركي خير منه ، وبها أبسنتين وأستوخودوس.

بَاجَوَّا : موضع ببابل من أرض العراق في ناحية القفّ.

بَاجَةُ : في خمسة مواضع ، منها : باجة ، بلد بإفريقية تعرف بباجة القمح ، سمّيت بذلك لكثرة حنطتها ، بينها وبين تنس يومان. وحدثني من أثق به أن الحنطة تباع فيها كل أربعمائة رطل ، برطل بغداد ، بدرهم واحد فضة. قال أبو عبيد البكري : ومدينة باجة إفريقية مدينة كثيرة الأنهار ، وهي على جبل يقال له عين الشمس في هيئة الطيلسان يطّرد حواليها ، وفيها عيون الماء العذب ، ومن تلك العيون عين تعرف بعين الشمس ، هي تحت سور المدينة ، والباب هناك ينسب إليها ، ولها أبواب غير هذا. وفي داخل البلد عين أخرى عذبة ، وحصنها أزليّ مبنيّ بالصخر الجليل أتقن ، بناء ، يقال إنه من عهد عيسى ، عليه السلام ، وفيها حمّامات ماؤها من العيون ، وفنادق كثيرة ، وهي دائمة الدجن والغيم ، كثيرة الأمطار والأنداء ، قلما يصحى هواؤها ، وبها يضرب المثل في كثرة المطر ، ولها نهر من جهة المشرق يجيء من جهة الجنوب إلى القبلة على ثلاثة أميال منها ، وحولها بساتين عظيمة تطرّد فيها المياه ، وأرضها سوداء مشقّقة ، تجود فيها جميع الزروع ، وبها

٣١٤

حمص وفول قلما يوجد مثله. وتسمى باجة هذه هري إفريقية ، لريع زرعها وكثرة أنواعه فيها ، ورخصه فيها ، أمحلت البلاد أو أسرعت. وإذا كانت أسعار القيروان نازلة لم يكن للحنطة بها قيمة ، وربما اشتري وقر البعير بها من تمر بدرهمين ، ويردها في كل يوم من الدواب والإبل العدد العظيم ، الألف والأكثر ، لنقل الميرة منها ، فلا يزيد في سعرها ولا ينقص. وامتحن أهل باجة في أيام أبي يزيد مخلّد ابن يزيد بالقتل والسبي والحريق ، وقال الرّاجز في ذلك :

وبعدها باجة أيضا أفسدا ،

وأهلها أجلى ومنها شرّدا

وهدّم الأسوار والمعمورا ،

والدّور قد فتّش والقصورا

ولم يزل الناس يتنافسون في ولاية باجة. وكان المتداولون لذلك بني عليّ بن حميد الوزير ، فإذا عزل منهم أحد لم يزل يسعى ويتلطف ويهادي ويتاحف حتى يرجع إليها ، فقيل لبعضهم : لم ترغبون في ولايتها؟ فقال : لأربعة أشياء ، قمح عندة ، وسفرجل زانة ، وعنب بلطة ، وحوت درنة. وبها حوت بوريّ ليس في الآفاق له نظير ، يخرج من الحوت الواحد عشرة أرطال شحم ، وكان يحمل إلى عبيد الله ، يعني الملقّب بالمهدي جد ملوك مصر ، حوتها في العسل فيحفظه حتى يصل طريّا. وينسب إلى باجة هذه أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الباجي الأندلسي أصله من باجة إفريقية ، سكن إشبيلية ، كذا نسبه ونسب ابنه أبا عمر أحمد بن عبد الله ، أبو موسى محمد بن عمر الحافظ الأصبهاني وأبو بكر الحازمي في الفيصل ، ونسبه أبو الفضل محمد بن طاهر إلى باجة الأندلس ، كذا قال أبو سعد. وقد رد ذلك عليه أبو محمد عبد الله بن عيسى بن أبي حبيب الحافظ الإشبيلي ، وقال : إنه من باجة إفريقية ، فأما الحافظ عبد الغني بن سعيد فإنه قال في قرينة الناجي ، بالنون ، وأبو عمر أحمد بن عبد الله الباجي الأندلسي من أهل العلم ، كتبت عنه وكتب عني ، ووالد أبي عمر هذا من أجلة المحدثين ، كان يسكن إشبيلية ولم يزد. وقال غيره : روى عنه أبو عمر بن عبد البرّ وغيره ، مات قريبا من سنة أربعمائة. وأما أبو الوليد بن الفرضي فإنه قال : عبد الله بن عليّ بن شريعة اللخمي المعروف بالباجي من أهل إشبيلية يكنى أبا محمد سمع بإشبيلية من محمد بن عبد الله بن الفوق وحسن بن عبد الله الزبيدي وسيد أبيه الزاهد ، وسمع بقرطبة عن محمد ابن عمر بن لبانة وذكر غيره ، ورحل إلى البيرة فسمع بها من محمد بن فطيس كثيرا ، وكان ضابطا لروايته صدوقا حافظا للحديث بصيرا بمعانيه لم ألق فيمن لقيته بالأندلس أحدا أفضله عليه في الضبط ، وأكثر في وصفه ، ثم قال : وحدث أكثر من خمسين سنة ، وسمع منه الشيوخ إسماعيل بن إسحاق وأحمد ابن محمد الجزار الإشبيلي الزاهد وعبد الله بن إبراهيم الأصيلي وغيرهم ، قال : وسألته عن مولده فقال : ولدت في شهر رمضان سنة ٢٩١ ، ومات في السابع عشر من شهر رمضان سنة ٣٧٨ ، قال عبيد الله المستجير بعفوه : فهذا الإمام ابن الفرضي ذكر أبا محمد هذا ، وهذا الإمام عبد الغني ذكر ابنه أبا عمر ولم ينسب واحد من الإمامين واحدا من الرجلين إلى باجة إفريقية. وقد صرّحا بأنهما من الأندلس ، وفي هذا تقوية لقول ابن طاهر ، والله أعلم ، والذي صحّح لنا نسبته إلى باجة إفريقية فأبو حفص عمر بن محمود بن غلّاب المقري الباجي ، قال أبو طاهر السلفي : هو

٣١٥

من باجة إفريقية وكان رجلا من أهل القرآن صالحا ، قال : وسألته عن مولده فقال : في رجب سنة ٤٣٤ بباجة القمح بإفريقية لا باجة الأندلس ، وتوفي سنة ٥٢٠ في صفر ، قال : وكتبت عنه أشياء كثيرة ، وصحب عبد الحق بن محمد بن هارون السبتي وعبد الجليل بن مخلوق وغيرهما ، وباجة الزيت بإفريقية أيضا وقرأت بخط الحسن بن رشيق القيرواني الأزدي الشاعر الإفريقي ، قال محمد بن أبي معتوج : من أهل باجة الزيت بالساحل من كورة رصفة وبها نشأ وتأدب وكان من تلاميذ محمد بن سعيد الأبروطي ، وكان بديهيّا هجّاء لا يتقي دائرة ، وهو القائل في أبي حاتم الزبني وكان مولعا بهجائه :

أبا حاتم سدّ ، من أسفلك ،

بشيء هو الشطر من منزلك

باحَسِيثَّا : بكسر السين المهملة ، وياء ساكنة ، وثاء مثقّلة ، وألف : محلّة كبيرة من محالّ حلب في شماليها ، ينسب إليها قوم وأهلها على مذهب السّنة.

باحَمْشَا : بسكون الميم ، والشين معجمة : قرية بين أوانا والحظيرة ، وكانت بها وقعة للمطّلب في أيام الرشيد وهو المطلب بن عبد الله بن مالك الخزاعي ، ينسب إليها من المتأخرين أحمد بن علي الضرير المقري الباحمشي ، سمع أبا محمد عبد الله بن هزارمرد الصّريفيني ، وحدث عنه ومات في العشرين من ذي الحجة سنة ٥٢٥. وروى محمد بن الجهم السّمري عن الفرّاء أن أبا الحسن علي بن حمزة الكسائي المقري النحوي الإمام كان أصله من باحمشا هذه وأنه رحل إلى الكوفة وهو غلام.

بَاخُدَيْدا : بضم الخاء المعجمة ، وفتح الدال ، وياء ساكنة ، ودال أخرى مقصور : قرية كبيرة كالمدينة من أعمال نينوى في شرقي مدينة الموصل ، والغالب على أهلها النصرانية.

بَاخَرْز : بفتح الخاء ، وسكون الراء ، وزاي : كورة ذات قرى كبيرة ، وأصلها بادهرزه لأنها مهب الرياح وهي باللغة البهلوية ، تشتمل على مائة وثمان وستّين قرية قصبتها مالين ، خرج منها جماعة كثيرة من أهل الأدب والفقه والشعر ، منهم : علي بن الحسن الباخرزي صاحب كتاب دمية القصر ، وأبوه كان أديبا فاضلا ، وهي بين نيسابور وهراة.

بَاخَمْرَا : بالراء : موضع بين الكوفة وواسط وهو إلى الكوفة أقرب. قالوا : بين باخمرا والكوفة سبعة عشر فرسخا ، بها كانت الوقعة بين أصحاب أبي جعفر المنصور وإبراهيم بن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، فقتل إبراهيم هناك فقبره به إلى الآن يزار ، وإياها عنى دعبل بن عليّ بقوله :

وقبر بأرض الجوزجان محلّه ،

وقبر بباخمرا لدى الغربات

بَاخَوْخا : بخاءين : قلعة من أعمال زوزان لصاحب الموصل.

بَاخَة : من قرى مصر من ناحية الشرقية.

بَادَامَا : الدال مهملة : قرية من قرى حلب من ناحية إعزاز ، ذكرها في حديث آدم ، عليه السلام.

بادَرَان : بالراء ، وألف ، ونون : من قرى أصبهان ثم من أعمال نائين ، منها : أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله ابن محمد البادراني ، مات في ذي الحجة سنة ٥١٦.

بادَرَايَا : ياء بين الألفين : طسّوج بالنهروان ، وهي بليدة بقرب باكسايا بين البندنيجين ونواحي واسط ، منها يكون التمر القسب اليابس الغاية في الجودة

٣١٦

واليبس ، ويقال : إنها أول قرية جمع منها الحطب لنار إبراهيم ، عليه السلام ، وينسب إليها أبو المكارم المبارك بن محمد بن المعمّر البادرائي ، حدث عن أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبي الحسن علي بن محمد بن العلاف وغيرهما ، شيخ صالح صحيح السماع ، مات سنة ٥٢٢ ، ويوسف بن سهل البادرائي روى عنه أبو الفرج أحمد بن علي الحنوطي القاضي شيخ القاضي أبي يعلى الواسطي ، وجميل بن يوسف بن إسماعيل أبو علي البادرائي نزيل أكواخ بانياس من أرض دمشق ، سمع بدمشق أبا القاسم بن أبي العلاء وطاهر بن بركات الخشوعي ، وحدّث عن أبي الحسن محمد بن محمد بن حامد القاضي البادرائي وأبي بكر زكرياء بن عبد الرحيم بن أحمد البخاري ، سمع منه غيث بن علي ببانياس وقدم دمشق سنة ٤٦٥ ، ومات بالأكواخ في شهر ربيع الآخر سنة ٤٨٤ ، قال غيث : حدثنا جميل بن يوسف المادرابي ، حدثنا محمد بن محمد بن حامد بن بنبق بمادرايا ، كذا في كتاب الحافظ تارة بالباء وتارة بالميم ، وليست مادرايا وبادرايا واحدا فلم يتحقق إلى أيهما ينسب هذا.

بادِس : بكسر الدال المهملة ، وسين غير معجمة : اسم لموضعين بالمغرب ، قال أبو طاهر أحمد بن محمد : سمعت أبا الحجاج يوسف بن عبدون بن حفّاظ الزناتي بالإسكندرية يقول : سمعت أبا عبد الله البادسي الفقيه وهو من بادس فاس لا من بادس الزاب ، وبادس فاس على البحر قرب فاس ، قال : سألني أبو إسحاق الحبّال بمصر أن أسمع عليه الحديث ، وقال : إني كبير السن كثير السماع عالي الإسناد ، وعبد الله بن خالد أبو محمد البادسي روى عن أبي عبد الله محمد بن محمد بن بسطام المجالس التي أملاها عبد الله بن محمد ابن إبراهيم بن عبدوس ، حدث عنه أبو بكر أحمد ابن عبد الرحمن شيخ لأبي عبد الله محمد بن سعدون ابن علي القروي.

بادَن : بفتح الدال ، ونون : من قرى سمرقند ، وقيل : من قرى بخارى ، منها : أبو عبد الله محمد بن الحسن ابن جعفر بن غزوان البادني البخاري ، توفي في صفر سنة ٢٦٧.

بادُورَيَا : بالواو ، والراء ، وياء ، وألف : طسوج من كورة الاستان بالجانب الغربي من بغداد ، وهو اليوم محسوب من كورة نهر عيسى بن علي ، منها : النّحّاسيّة والحارثية ونهر أرما وفي طرفه بني بعض بغداد ، منه : القريّة والنّجمى والرّقّة ، قالوا : كل ما كان من شرقي السّراة فهو بادوريا وما كان في غربيها فهو قطربّل ، قال أبو العباس أحمد بن محمد ابن موسى بن الفرات : من استقلّ من الكتّاب ببادوريا استقلّ بديوان الخراج ومن استقلّ بديوان الخراج استقلّ بالوزارة ، وذاك لأن معاملاتها مختلفة وقصبتها الحضرة ، والمعاملة فيها مع الأمراء والوزراء والقوّاد والكتّاب والأشراف ووجوه الناس ، فإذا ضبط اختلاف المعاملات واستوفى على هذه الطبقات صلح للأمور الكبار ، وقال يذكر بادوريا فعرّبها بتغييرين : كسر الراء ومد الألف ، فقال :

فداء أبي إسحاق نفسي وأسرتي ،

وقلت له نفسي فداء ومعشري

أطبت وأكثرت العطاء مسمّحا ،

فطب ناميا في نضرة العيش وأكثر

وأدّيت ، في بادورياء ومسكن ،

خراجي وفي جنبي كنار ويعمر

وقد نسب المحدّثون إليها أبا الحسن علي بن أحمد بن سعيد البادوربي ، حدث عن مقاتل عن ذي النون

٣١٧

المصري ، روى عنه ابن جهضم ، وكان قد كتب عنه ببادوريا.

بادَوْلي : روي بفتح الدال ، وضمها : موضع في سواد بغداد ذكره الأعشى فقال :

حلّ أهلي ما بين درتا فبادو

لي ، وحلّت علويّة بالسّخال

وقيل : بادولي موضع ببطن فلج من أرض اليمامة ، فمن قال هذا روى بيت الأعشى : درنا ، بالنون ، لأنه موضع باليمامة.

البادِية : ضد الحاضرة : من قرى اليمامة ، ولتسميتها بذلك سبب ذكرته في حجر اليمامة ، وسميت البادية في أصل الوضع بادية لبروزها وظهورها ، وهو من بدا لي كذا بدوا إذا ظهر.

باذَان فَيْرُوز : بالذال المعجمة ، وألف ، ونون : وهو اسم أردبيل المدينة المشهورة بأذربيجان ، أنشأها فيروز أحد ملوك الفرس الأول.

باذِبِين : بكسر الباء الموحدة ، وياء ساكنة ، ونون : قرية كبيرة كالبلدة تحت واسط على ضفّة دجلة ، منها جماعة من التجار المثرين ، ومنها جماعة من رواة العلم ، منهم : أبو الرّضا أحمد بن مسعود بن الزقطرّ الباذبيني ، سمع من أبي البركات يحيى بن عبد الرحمن ابن حبيش الفارقي قاضي المارستان ، توفي سنة ٥٩٢ ، والزقطرّ : بالزاي ، والقاف ، والطاء المهملة ، والراء مشددة.

باذ : من قرى أصبهان ، وقيل : من قرى جرباذقان ، ينسب إليها الحسن بن أبي سعد بن الحسن الفقيه الباذي ، مات بعد سنة ثلاث وستمائة.

باذَغِيس : بفتح الذال ، وكسر الغين المعجمة ، وياء ساكنة ، وسين مهملة : ناحية تشتمل على قرى من أعمال هراة ومرو الروذ ، قصبتها بون وبامئين ، بلدتان متقاربتان رأيتهما غير مرة ، وهي ذات خير ورخص يكثر فيها شجر الفستق ، وقيل : إنها كانت دار مملكة الهياطلة ، وقيل : أصلها بالفارسية باذخيز ، معناه قيام الريح أو هبوب الريح ، لكثرة الرياح بها ، نسب إليها جماعة من أهل الذكر ، منهم : أحمد بن عمرو الباذغيسي قاضيها ، يروي عن ابن عيينة.

باذَن : بالنون : من قرى خابران من أعمال سرخس ، منها : أبو عبد الله الباذني شاعر مجوّد كان يمدح البلعمي الوزير وغيره ، وكان ضريرا ، ذكره الحاكم أبو عبد الله في تاريخ نيسابور.

البَاذَنْجانية : بلفظ الباذنجان الذي يطبخ : قرية من قرى مصر من كورة قوسنيّا ، وإليها ، فيما أحسب ، ينسب محمد بن الحسن الباذنجاني النحوي المصري ، كان في أيام كافور.

باذَوَرْد : بفتح الذال والواو ، وسكون الراء ، ودال مهملة : اسم مدينة كانت قرب واسط بينها وبين البصرة وقد خربت ، وإلى هذه الغاية يسمون دجلة البصرة العظمى باذورد تسمية بهذا الموضع ، والله أعلم.

بارَاب : بالراء ، وألف ، وباء موحدة : اسم لناحية كبيرة واسعة وراء نهر جيحون ، ويقال : فاراب أيضا ، بالفاء ، وقد ذكر في موضعه ، وإليها ينسب أبو نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري صاحب كتاب الصحاح في اللغة ، وخاله إسحاق بن ابراهيم صاحب ديوان الأدب اللغويان ، وأبو زكرياء يحيى بن أحمد الأديب البارابي أحد أئمة اللغة ، كذا قال أبو سعد ، ولا أعرفه أنا.

٣١٨

بارَان : بالنون : من قرى مرو ويقال لها : ذره باران ، منها : حاتم بن محمد بن حاتم الباراني.

بارْجَاخ : قيل : تلّ بينه وبين الشاش بما وراء النهر في أطراف بلاد الترك أربعون فرسخا ، حوله ألف عين تجيء من المشرق إلى المغرب ، وتسمى بركوب آب أي الماء المغلوب ، يصاد فيه الدّرّاج الأسود.

بارْجان : بسكون الراء : من قرى خانلنجان من أعمال أصبهان.

بارْدِيزَه : بكسر الدال المهملة ، وياء ساكنة ، وزاي : من قرى بخارى ، منها : أبو علي الحسن بن الضحاك بن مطر بن هنّاد البارديزي البخاري ، مات في شعبان سنة ٣٢٦.

بَار : من قرى نيسابور ، ينسب إليها الحسن بن نصر النيسابوري أبو علي الباري ، حدث عن الفضل بن أحمد الرازي ، حدث عنه أبو بكر بن أبي الحسين الحيري ، ومات بعد سنة ٣٣٠ ، وسوق البار : بلد باليمن بين صعدة وعثّر ، وهو ، على التحديد ، بين الخصوف والمينا ، وقيل : البار بلد قبلي توراب وشرقيها شامي ، يسكنه بنو رازح من خولان قضاعة ، وقال الأمير أبو نصر بن ماكولا : عبد الله بن محمد بن حباب بن الهيثم بن محمد بن الربيع ابن خالد بن سعدان ، يعرف بالباري ، وليس من بار نيسابور ، وهو قرابة قحطبة بن شبيب.

بارِسْكَث : بكسر الراء ، وسكون السين المهملة ، وفتح الكاف ، والثاء مثلثة : من مدن الشاش ، منها : أبو أحمد بن حمّاد الشاشي البارسكثي.

بارِق : بالقاف : ماء بالعراق ، وهو الحدّ بين القادسية والبصرة ، وهو من أعمال الكوفة ، وقد ذكره الشعراء فأكثروا ، قال الأسود بن يعفر :

أهل الخورنق والسدير وبارق

والقصر ذي الشّرفات من سنداد

وبارق أيضا في قول مؤرّج السّدوسي : جبل نزله سعد بن عدي بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن ابن الأزد ، وهم إخوة الأنصار وليسوا من غسان ، وهو بتهامة أو اليمن ، وقال ابن عبد البر : بارق ماء بالسراة فمن نزله أيام سيل العرم كان بارقيّا ، ونزله سعد بن عدي بن حارثة وابنا أخيه مالك وشبيب ابنا عمرو بن عدي فسموا بارقا ، وقال أبو المنذر : كان غزيّة بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن نديما لربيعة بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، فشربا يوما فعدا ربيعة على غزية فقتله ، فسألت قيس خندف الدية ، فأبت خندف فاقتتلوا فهزمت قيس فتفرّقت ، فقال فراس بن غنم ن ثعلبة بن مالك بن كنانة بن خزيمة :

أقمنا على قيس ، عشية بارق ،

ببيض حديثات الصقال بوأتك

ضربناهم حتى تولوا وخليّت

منازل حيزت ، يوم ذاك ، لمالك

قال : فظعنت قيس من تهامة طالعين إلى نجد ، فهذا دليل على أن بارق موضع بتهامة نصّ ، وقال هشام في موضع آخر : وأقامت خثعم بن أنمار في منازلهم من جبال السراة وما والاها أو قاربها من البلاد في جبل يقال له شنّ وجبل يقال له بارق وجبال معهما ، حتى مرّت بهم الأزد في مسيرها من أرض سبأ وتفرقهم في البلدان ، فقاتلوا خثعما فأنزلوهم من جبالهم وأجلوهم عن مساكنهم ، ونزلها أزد شنوءة غامد وبارق ودوس ، وتلك القبائل من الأزد ، فظهر

٣١٩

الإسلام وهم أهلها وسكانها.

وبارق الكوفة أراد أبو الطيب بقوله :

تذكرت ما بين العذيب وبارق ،

مجرّ عوالينا ومجرى السوابق

وبارق : ركن من أركان عرض اليمامة وهو جبل.

وبارق : نهر بباب الجنة في حديث ابن عباس ، رضي الله عنه ، ذكره أبو حاتم في التقاسيم والأنواع في حديث الشهداء.

بارْكَت : بسكون الراء ، وفتح الكاف ، والثاء مثلثة : قرية من قرى أشروسنة ، ثم حوّلت إلى سمرقند ، منها : أبو سعيد أحيد بن الحكم بن خدّاش بن عرفج المعلم الباركثي ، سمع موسى بن هارون القروي.

بارِمّا : بكسر الراء ، وتشديد الميم : جبل بين تكريت والموصل ، وهو الذي يعرف بجبل حمزين ، يزعمون أنه محيط بالدنيا ، قال أبو زيد : وجبل بارمّا تشقه دجلة عند السّنّ ، والسنّ في شرقي دجلة ، فتجري بحافتيه وفي الماء منه عيون للقار والنفط.

وجبل بارمّا يمتد على وسط الجزيرة مما يلي المغرب والمشرق حتى يتصل بكرمان ، وهو جبل ماسبذان.

وبارمّا أيضا : قرية في شرقي دجلة الموصل وإليها نسب السنّ فيقال : سن بارمّا.

بارْنَاباذ : بسكون الراء ، ونون ، وبين الألفين باء موحدة ، وذال معجمة في آخره : محلّة بمرو عند باب شورستان ، منها : أبو الهيثم ، وقيل : أبو القاسم بزيع بن الهيثم البارناباذي ، كان إمام محلّته وكان مولى الضحاك بن مزاحم يروي عن عكرمة وعمرو ابن دينار.

بَارَنْبار : الباء موحدة ، وألف ، وراء ، هكذا يتلفّظ به عوام مصر ، وتكتب في الدواوين بيورنبارة : وهي بليدة قرب دمياط على خليج أشموم والبسراط.

بارِنْجان : بكسر الراء ، وسكون النون ، وجيم ، وألف ، ونون : بلد بالبحرين فتحه العلاء بن الحضرمي سنة ١٣ أو ١٤ في أيام عمر بن الخطاب. وبارنجان : قرية ، وبها خان وعين قرب سنجار.

بارَوَّا : بفتح الراء ، وتشديد الواو : وهو اسم مدينة حلب بالسريانية ، وقد ذكر في حلب.

بارُوذ : بضم الراء ، وسكون الواو ، والذال معجمة : من قرى فلسطين عند الرملة ، منها أبو بكر أحمد ابن محمد بن محمد بن بكر الباروذي الأزدي.

بارُوس : بالسين المهملة : من قرى نيسابور على بابها ، ينسب إليها أبو الحسن سلم بن الحسن الباروسي ، ذكره أبو عبد الرحمن السّلمي في تاريخ الصوفية وقال : من قدماء الصوفية بنيسابور مجاب الدعوة أستاذ حمدون القصّاب.

بارُوسْما : الواو والسين ساكنتان : ناحيتان من سواد بغداد يقال لهما باروسما العليا وباروسما السفلى من كورة الاستان الأوسط.

بارُوشَة : الشين معجمة : مدينة من غربي سرقسطة من نواحي الأندلس شرقي قرطبة بقرب من أرض الفرنج ، وهي اليوم في أيديهم ولها بسيط وحصون.

البَارَة : بليدة وكورة من نواحي حلب ، وبها حصن ، وهي ذات بساتين ويسمونها زاوية البارة. والبارة أيضا : إقليم من أعمال الجزيرة الخضراء بالأندلس فيه جبال شامخة ، وثارت من أهله فتن قديما وحديثا ، وهو بلد ثمر لا بلد زرع.

بارِين : بكسر الراء ، وياء ساكنة ، والنون ، والعامّة

٣٢٠