معجم البلدان - ج ١

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ١

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٠

دمشق. حدث عن الفضل بن جعفر ، ويوسف بن القاسم الميانجي ، وأبي العباس احمد بن محمد البرذعي ، روى عنه أبو علي الأهوازي وهو من أقرانه وغيره ، مات سنة ٤٣٩ ، وفي تاريخ دمشق عليّ بن عبد الواحد بن الحسن بن عليّ بن الحسن بن شوّاس أبو الحسن بن أبي الفضل بن أبي عليّ المعدّل أصلهم من أرتاح. سمع أبا العباس بن قبيس وأبا القاسم بن أبي العلاء والفقيه أبا الفتح نصر بن ابراهيم ، وكان أمينا على المواريث ووقف الأشراف ، وكان ذا مروءة ، قال : سمعت منه وكان ثقة لم يكن الحديث من صناعته ، توفي في ثالث عشر ربيع الآخر سنة ٥٢٣ ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن حامد بن مفرّج بن غياث الأرتاحي من أرتاح الشام ، وكان يقول : نحن من أرتاح البصر لأن يعقوب ، عليه السلام ، بها ردّ عليه بصره ، روى بالإجازة عن أبي الحسن عليّ بن الحسين بن عمر الفرّاء وهو آخر من حدّث بها في الدنيا ، مات سنة ٦٠١.

أَرْتامَةُ : بالتاء فوقها نقطتان : من مياه غني بن أعصر ، عن أبي زياد.

أَرْتُلُ : بضم التاء فوقها نقطتان ولام : حصن أو قرية باليمن من حازّة بني شهاب.

أَرْتِيانُ : بالفتح ثم السكون ، وتاء فوقها نقطتان مكسورة ، وياء وألف ونون : قرية من نواحي أستوا من أعمال نيسابور ، منها أبو عبد الله الحسن بن اسماعيل بن عليّ الأرتياني النيسابوري ، مات بعد العشر والثلاثمائة.

الأُرْتِيقُ : بالضم ، والذي سمعته من أفواه أهل حلب ، الأرتيق بالفتح : كورة من أعمال حلب من جهة القبلة.

ارْثَخُشْمِيثَنُ : بالفتح ثم السكون ، وثاء مثلثة مفتوحة ، وخاء معجمة مضمومة ، وشين ساكنة معجمة ، وميم مكسورة ، وثاء مثلثة مفتوحة ، ونون ، وربما أسقطت الهمزة من أوله : مدينة كبيرة ذات أسواق عامرة ونعمة وافرة ، ولأهلها ظاهرة وهي في قدر نصيبين ، إلا أنها أعمر وآهل منها. وهي من أعمال خوارزم من أعاليها ، بينها وبين الجرجانية ، مدينة خوارزم ، ثلاثة أيام ، قدمت إليها في شوال سنة ٦١٦ ، قبل ورود التتر إلى خوارزم بأكثر من عام ، وخلّفتها على ما وصفت ، ولا أدري ما كان من أمرها بعد ذلك. وكنت قد وصلتها من ناحية مرو بعد أن لقيت من ألم البرد ، وجمود نهر جيحون على السفينة التي كنت بها ، وقد أيقنت أنا ومن في صحبتي بالعطب ، إلى أن فرج الله علينا بالصعود إلى البر ، فكان من البرد والثلوج في البر ، ما لا يبلغ القول إلى وصف حقيقته ، وعدم الظهر الذي يركب ، فوصلت إلى هذه المدينة بعد شدائد ، فكتبت على حائط خان سكنته إلى أن تيسر المضيّ إلى الجرجانية ، واختصرت بعض الاسم ليستقيم الوزن :

ذممنا رخشميثن ، إذ حللنا

بساحتها ، لشدة ما لقينا

أتيناها ، ونحن ذوو يسار

فعدنا ، للشقاوة ، مفلسينا

فكم بردا لقيت بلا سلام ،

وكم ذلا ، وخسرانا مبينا

رأيت النار ترعد فيه بردا ،

وشمس الأفق تحذر أن تبينا

وثلجا تقطر العينان منه ،

ووحلا يعجز الفيل المتينا

١٤١

وكالأنعام أهلا ، في كلام

وفي سمت ، وأفعالا ودينا

إذا خاطبتهم قالوا : بفسّا ،

وكم من غصة قد جرّعونا

فأخرجنا ، أيا ربّاه! منها ،

فإن عدنا ، فإنّا ظالمونا

وليس الشأن في هذا ، ولكن

عجيبب أن نجونا سالمينا

ولست بيائس ، والله أرجو ،

بعيد العسر ، من يسر يلينا

قال هذه الأبيات وسطرها على ركاكتها وغثائتها ، لأن الخاطر لصداه ، لم يسمح بغيرها ، من نسبته صحيحة الطّرفين ، سقيمة العين ، أحد صحيحيها ذلقيّ يمنع الإمالة ، والآخر سفهيّ محتمل الاستحالة ، وقد لاقى العبر في وعثاء السفر ، يخفي نفسه عفافا ولينال الناس كفافا ، وكتب في شؤال سنة ٦١٦ ، قلت : وأما ذمي لذلك البلد وأهله إنما كان نفثة مصدور اقتضاها ذلك الحادث المذكور ، وإلّا فالبلد وأهله بالمدح أولى ، وبالتقريظ أحقّ وأحرى.

أَرْثَدُ : بالفتح ثم السكون ، وثاء مثلثة ، ودال مهملة ، والرّثد المتاع المنضود بعضه على بعض ، والرّثدة ، بالكسر ، الجماعة من الناس يقيمون ولا يظعنون ، أرثد القوم أي أقاموا ، واحتفر القوم حتى أرثدوا أي بلغوا الثّرى ، وأرثد : اسم واد بين مكة والمدينة في وادي الأبواء ، وفي قصة لمعاوية رواه جابر في يوم بدر ، قال : فأين مقيلك؟ قال بالهضبات من أرثد ، وقال الشاعر :

محلّ أولي الخيمات من بطن أرثدا

وقال كثيّر :

وإنّ شفائي نظرة ، إن نظرتها

إلى ثافل يوما ، وخلفي شنائك

وأن تبرز الخيمات من بطن أرثد

لنا ، وجبال المرختين الدكائك

وقال بعضهم في الخيمات :

ألم تسأل الخيمات ، من بطن أرثد

إلى النخل من ودّان ، ما فعلت نعم؟

تشوّقني بالعرج منها منازل ،

وبالخبت من أعلى منازلها رسم

فإن يك حرب بين قومي وقومها ،

فإنّي لها في كل ثائرة سلم

أسائل عنها كلّ ركب لقيته ،

وما لي بها من بعد مكتبنا علم

الأَرْجامُ : بالفتح ثم السكون ، وجيم وألف وميم : جبل ، قال جبيهاء الأشجعي :

إنّ المدينة لا مدينة ، فالزمي

أرض الستار وقنّة الأرجام

أَرَّجَانُ : بفتح أوله وتشديد الراء ، وجيم وألف ونون ، وعامّة العجم يسمّونها أرغان ، وقد خفّف المتنبي الراء فقال:

أرجان أيّتها الجياد ، فإنه

عزمي الذي يدع الوشيج مكسّرا

وقال أبو عليّ : أرّجان وزنه فعلان ، ولا تجعله أفعلان ، لأنك إن جعلت الهمزة زائدة ، جعلت الفاء والعين من موضع واحد ، وهذا لا ينبغي أن يحمل على شيء لقلّته. ألا ترى أنه لا يجيء منه إلا حروف

١٤٢

قليلة ، فإن قلت إن فعلان بناء نادر ، لم يجيء في شيء من كلامهم ، وأفعلان قد جاء نحو أنبخان وأرونان ، قيل : هذا البناء وإن لم يجيء في الأبنية العربية ، فقد جاء في العجمي بكم اسما ، ففعلان مثله إذا لم يقيّد بالألف والنون ، ولا ينكر أن يجيء العجمي على ما لا تكون عليه أمثلة العربي. ألا ترى أنه قد جاء فيه نحو سراويل في أبنية الآحاد ، وإبريسم وآجرّ ولم يجيء على ذلك شيء من أبنية كلام العرب؟ فكذلك أرجان ، ويدلّك على أنه لا يستقيم أن يحمل على أفعلان ، أن سيبويه جعل إمّعة فعّلة ، ولم يجعله إفعلة ، بناء لم يجيء في الصفات وإن كان قد جاء في الأسماء نحو إشفى وإنفحة وإبين ، وكذلك قال أبو عثمان في أمّا ، في قولك : أما زيد فمنطلق ، إنك لو سمّيت بها لجعلتها فعّلا ولم تجعلها أفعل لما ذكرنا ، وكذلك يكون على قياس قول سيبويه وأبي عثمان : الإجّاص والإجّانة والإجّار فعّالا ، ولا يكون إفعالا. والهمزة فيها فاء الفعل ، وحكى أبو عثمان : في همزة إجّانة الفتح والكسر ، وأنشدني محمد بن السري :

أراد الله أن يخزي بجيرا ،

فسلّطني عليه بأرّجان

وقال الإصطخري : أرّجان مدينة كبيرة كثيرة الخير ، بها نخيل كثيرة وزيتون وفواكه الجروم والصّرود ، وهي بريّة بحرية ، سهليّة جبليّة ، ماؤها يسيح بينها وبين البحر مرحلة ، وبينها وبين شيراز ستون فرسخا ، وبينها وبين سوق الأهواز ستون فرسخا ، وكان أول من أنشأها ، فيما حكته الفرس ، قباذ بن فيروز والد أنوشروان العادل ، لما استرجع الملك من أخيه جاماسب وغزا الروم ، افتتح من ديار بكر مدينتين : ميّافارقين وآمد وكانتا في أيدي الروم ، وأمر فبني فيما بين حدّ فارس والأهواز مدينة سماها أبزقباذ ، وهي التي تدعى أرّجان ، وأسكن فيها سبي هاتين المدينتين ، وكوّرها كورة ، وضمّ إليها رساتيق من رامهرمز وكورة سابور وكورة أردشير خرّه وكورة أصبهان ، هكذا قيل. وإن أرجان لها ذكر في الفتوح ، ولا أدري أهي غيرها أم إحدى الروايتين غلط ، وقيل : كانت كورة أرجان بعضها إلى أصبهان ، وبعضها إلى إصطخر ، وبعضها إلى رامهرمز ، فصيرت في الإسلام كورة واحدة من كور فارس. وحدّث أحمد بن محمد بن الفقيه ، قال : حدثني محمد بن أحمد الأصبهاني ، قال : بأرّجان كهف في جبل ينبع منه ماء شبيه بالعرق من حجارة ، فيكون منه هذا الموميا الأبيض الجيد ، وعلى هذا الكهف باب من حديد وحفظة ، ويغلق ويختم بخاتم السلطان إلى يوم من السنة يفتح فيه ، ويجتمع القاضي وشيوخ البلد حتى يفتح بحضرتهم ، ويدخل إليه رجل ثقة عريان ، فيجمع ما قد اجتمع من الموميا ، ويجعله في قارورة ، فيصير ذلك مقدار مائة مثقال أو دونها ، ثم يخرج ويختم الباب بعد قفله إلى قابل ، ويوجه بما اجتمع منه إلى السلطان ، وخاصيّته لكل صدع أو كسر في العظم يسقى الإنسان الذي قد انكسر شيء من عظامه مثل العدسة ، فينزل أول ما يشربه إلى الكسر فيجبره ويصلحه لوقته ، وقد ذكر البشّاري والإصطخري : إن هذا الكهف بكورة دارابجرد. وأنا أذكره إن شاء الله هناك. ومن أرجان إلى النّوبندجان نحو شيراز ستة وعشرون فرسخا ، وبينهما شعب بوّان الموصوف بكثرة الأشجار والنزهة ، وسنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى. وينسب إلى أرجان جماعة كثيرة من

١٤٣

أهل العلم ، منهم أبو سهل أحمد بن سهل الأرجاني ، حدّث عن أبي محمد زهير بن محمد البغدادي ، حدّث عنه أبو محمد عبد الله بن محمد الإصطخري ، وأبو عبد الله محمد بن الحسن الأرجاني ، حدّث عن أبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ، حدّث عنه محمد بن عبد الله بن باكويه الشيرازي ، وأبو سعد أحمد بن محمد ابن أبي نصر الضرير الأرجاني الجلكي الأصبهاني ، سمع من فاطمة الجوزدانية ، ومات في شهر ربيع الأول سنة ٦٠٦ ، والقاضي أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين الأرجاني الشاعر المشهور ، كان قاضي تستر ، ولد في حدود سنة ٤٦٠ ومات في سنة ٥٤٤ ، وغيرهم.

أُرْجُذُونَة : بالضم ثم السكون ، وضم الجيم والذال المعجمة ، وسكون الواو ، وفتح النون ، وهاء : مدينة بالأندلس ، قال ابن حوقل : ريّة كورة عظيمة بالأندلس مدينتها أرجذونة ، منها كان عمرو بن حفصويه الخارج على بني أميّة.

أَرْجَكُوكُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الجيم ، وكاف مضمومة ، وواو ساكنة ، وكاف : مدينة قرب ساحل إفريقية ، لها مرسى في جزيرة ذات مياه ، وهي مسكونة ، وأرجكوك على واد يعرف بتافنّا ، بينها وبين البحر ميلان.

إِرْجَنَّوْسُ : بالكسر ثم السكون ، وفتح الجيم ، وتشديد النون وفتحها ، وسكون الواو ، وسين مهملة :قرية بالصعيد من كورة البهنسا.

أَرجُونَة : بالفتح ثم السكون ، وجيم مضمومة ، وواو ساكنة ، ونون : بلد من ناحية جيّان بالأندلس ، منها شعيب بن سهيل بن شعيب الأرجوني ، يكنى أبا محمد ، عني بالحديث والرأي ، ورحل إلى المشرق ، فلقي جماعة من أئمة العلماء ، وكان من أهل الفهم بالفقه والرأي.

أَرْجِيشُ : بالفتح ثم السكون ، وكسر الجيم ، وياء ساكنة ، وشين معجمة : مدينة قديمة من نواحي إرمينية الكبرى قرب خلاط ، وأكثر أهلها أرمن نصارى. طولها ست وستون درجة وثلث وربع ، وعرضها أربعون درجة وثلث وربع ، ينسب إليها الفقيه الصالح أبو الحسن عليّ بن محمد بن منصور بن داود الأرجيشي ، مولده في خانقاه أبي إسحاق من أعمال أرجيش ، تفقه للشافعي وأقام بحلب متعبدا بمدرسة الزّجاجين ، قانعا باليسير من الرزق ، فإذا زادوه عليه شيئا لم يقبله ، ويقول : في الواصل إليّ كفاية ، وكان مقداره اثني عشر درهما ، لقيته وأقمت معه في المدرسة فوجدته كثير العبادة ، ملازما للصمت ، وقد ذكرته لما أعجبني من حسن طريقته.

الأَرْحَاء : جمع رحى التي يطحن بها : اسم قرية قرب واسط العراق ، ينسب إليها أبو السعادات علي ابن ابي الكرم بن علي الأرحائي الضرير ، سمع صحيح البخاري ببغداد من أبي الوقت عبد الأوّل وروى ، ومات في سلخ جمادى الآخرة سنة ٦٠٩ ، وسماعه صحيح.

أَرْحَبُ : بالفتح ثم السكون ، وحاء مهملة مفتوحة ، وباء موحدة ، وزن أفعل ، من قولهم : بلد رحب أي واسع ، وأرض رحبة ، وهذا أرحب من هذا أي أوسع. وأرحب : مخلاف باليمن سمّي بقبيلة كبيرة من همدان ، واسم أرحب مرّة بن دعام ابن مالك بن معاوية بن صعب بن دومان بن بكيل ابن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان ، وإليه تنسب الإبل الأرحبية ، وقيل : أرحب بلد على ساحل البحر ، بينه وبين ظفار نحو عشرة فراسخ.

الأَرْحَضِيَّةُ : بالضاد المعجمة ، وياء مشددة : موضع قرب أبلى وبئر معونة ، بين مكة والمدينة.

١٤٤

الأَرَخُ : بفتح أوله وثانيه ، والخاء معجمة : قرية في أجإ أحد جبلي طيء لبني رهم.

أُرُخْسُ : بضم أوله وثانيه ، وسكون الخاء المعجمة ، وسين مهملة : قرية من ناحية شاوذار من نواحي سمرقند عند الجبال ، بينها وبين سمرقند أربعة فراسخ ، ينسب إليها العباس بن عبد الله الأرخسي ، ويقال الرّخسي.

أَرْخُمَانُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الخاء المعجمة ، وميم ، وألف ، ونون : بليدة من نواحي فارس من كورة إصطخر.

أُرْدُ : بالضم ثم السكون ودال مهملة : كورة بفارس قصبتها تيمارستان.

أَرْدُ : بالفتح ثم السكون ، ودال مهملة : من قرى فوشنج.

أَرْدَبِيلُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الدال ، وكسر الباء ، وياء ساكنة ، ولام : من أشهر مدن أذربيجان ، وكانت قبل الإسلام قصبة الناحية ، طولها ثمانون درجة ، وعرضها ست وثلاثون درجة وثلاث وثلاثون دقيقة ، طالعها السماك ، بيت حياتها أول درجة من الحمل ، تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان ، يقابلها مثلها من الجدي ، بيت ملكها مثلها من الحمل ، عاقبتها مثلها من الميزان ، وهي في الإقليم الرابع ، وقال أبو عون في زيجه : طولها ثلاث وسبعون درجة ونصف ، وعرضها ثمان وثلاثون درجة ، وهي مدينة كبيرة جدا ، رأيتها في سنة سبع عشرة وستمائة ، فوجدتها في فضاء من الأرض فسيح ، يتسرّب في ظاهرها وباطنها عدّة أنهار كثيرة المياه ، ومع ذلك فليس فيها شجرة واحدة من شجر جميع الفواكه ، لا في ظاهرها ولا في باطنها ، ولا في جميع الفضاء الذي هي فيه ، وإذا زرع أو غرس فيها شيء من ذلك لا يفلح ، هذا مع صحة هوائها وعذوبة مائها وجودة أرضها ، وهو من أعجب ما رأيته ، فإنه خفيّ السّبب ، وإنما تجلب إليها الفواكه من وراء الجبل من كل ناحية مسيرة يوم وأكثر وأقلّ ، وبينها وبين بحر الخزر مسيرة يومين ، بينهما غيضة أشبة ، إذا دهمهم أمر التجأوا إليها ، فتمنعهم وتعصمهم ممن يريد أذاهم ، فهي معقلهم ، ومنها يقطعون الخشب الذي يصنعون منه قصاع الخلنج والصّواني ، وفي المدينة صنّاع كثيرة برسم إصلاحه وعمله ، وليس المجلوب منه من هذا البلد بالجيّد ، فإنه لا توجد منه قط قطعة خالية من عيب مصلحة ، وقد حضرت عند صنّاعه والتمست منهم قطعة خالية من العيب فعرّفوني أن ذلك معدوم ، إنما الفاضل من هذا المجلوب من الريّ ، فإنّي حضرت عند صنّاعه أيضا فوجدت السليم كثيرا ، ثم نزل عليها التتر وأبادوهم بعد انفصالي عنها ، وجرت بينهم وبين أهلها حروب ، ومانعوا عن أنفسهم أحسن ممانعة ، حتى صرفوهم عنهم مرّتين ، ثم عادوا إليهم في الثالثة فضعفوا عنهم فغلبوا أهلها عليها وفتحوها عنوة ، وأوقعوا بالمسلمين وقتلوهم ، ولم يتركوا منهم أحدا وقعت عينهم عليه ، ولم ينج منهم إلا من أخفى نفسه عنهم ، وخرّبوها خرابا فاحشا ثم انصرفوا عنها ، وهي على صورة قبيحة من الخراب وقلّة الأهل ، والآن عادت إلى حالتها الأولى وأحسن منها ، وهي في يد التتر ، قيل : إن أول من أنشأها فيروز الملك ، وسمّاها باذان فيروز ، وقال أبو سعد : لعلّها منسوبة إلى أردبيل بن أرميني بن لنطي بن يونان ، ورطلها كبير ، وزنه ألف درهم وأربعون درهما ، وبينها وبين سراو يومان ، وبينها وبين تبريز سبعة أيام ، وبينها

١٤٥

وبين خلخال يومان ، ينسب إليها خلق كثير من أهل العلم في كل فنّ.

أَرْدِسْتَانُ : بالفتح ثم السكون ، وكسر الدال المهملة ، وسكون السين المهملة ، وتاء مثناة من فوقها ، وألف ، ونون ، قال الإصطخري : أردستان مدينة بين قاشان وأصبهان ، بينها وبين أصبهان ثمانية عشر فرسخا ، وهي على فرسخين من أزوارة ، وهي على طرف مفازة كركسكوه ، وبناؤها آزاج ، ولها دور وبساتين نزهات كبار ، وهي مدينة عليها سور ، ولها حصن في كل محلّة ، وفي وسط حصن منها بيت نار ، يقال إنّ أنوشروان ولد بها ، وبها أبنية من بناء أنوشروان بن قباذ ، وأهلها كلّهم أصحاب الرأي ، ولهم رساتيق كثيرة كبار ، وترفع منها الثياب الحسنة تحمل إلى الآفاق ، وينسب إليها طائفة كثيرة من أهل العلم في كلّ فنّ ، منهم القاضي أبو طاهر زيد بن عبد الوهّاب بن محمد الأردستاني الأديب الشاعر ، قدم نيسابور وسمع من أصحاب الأصمّ ، روى عنه عبد الغافر الفارسي ، وذكره في صلة تاريخ نيسابور. وأبو جعفر محمد بن ابراهيم بن داود ابن سليمان الأردستاني الأديب ، حدث عن محمد ابن عبيد النهرديري وغيره ، وكتب عنه أحمد بن محمد الجرّاد بأصبهان ، ومات في ذي القعدة سنة ٤١٥. وأبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بابويه الأردستاني نزيل نيسابور ، توفي سنة ٤٠٩.

أَرْدَشَاطُ : في كتاب الفتوح : وسار حبيب بن مسلمة من أرجيش فأتى أردشاط ، وهي قرية القرمز ، فأجاز نهر الأكراد ، ونزل مرج دبيل.

أرْدشِيرخرّه : بالفتح ثم السكون ، وفتح الدال المهملة ، وكسر الشين المعجمة ، وياء ساكنة ، وراء ، وخاء معجمة مضمومة ، وراء مفتوحة مشددة ، وهاء : وهو اسم مركب معناه بهاء أردشير ، وأردشير ملك من ملوك الفرس ، وهي من أجلّ كور فارس ، ومنها مدينة شيراز وجور وخبر وميمند والصيمكان والبرجان والخوار وسيراف وكام فيروز وكازرون ، وغير ذلك من أعيان مدن فارس ، قال البشّاري : أردشير خرّه كورة قديمة ، رسمها نمرود بن كنعان ثم عمرها بعده سيراف بن فارس ، وأكثرها ممتد على البحر ، شديدة الحر كثيرة الثمار ، قصبتها سيراف. ومن مدنها : جور وميمند ونائن والصيمكان وخبر وخوزستان والغندجان وكران وشميران وزيرباذ ونجيرم ، وقال الاصطخري : أردشير خرّه تلي كورة إصطخر في العظم ، ومدينتها جور ، وتدخل في هذه الكورة كورة فناخرّه ، وبأردشير خرّه مدن هي أكبر من جور ، مثل شيراز وسيراف ، وإنما كانت جور مدينة أردشير خرّه ، لأن جور مدينة بناها أردشير ، وكانت دار مملكته ، وشيراز وإن كانت قصبة فارس ، وبها الدواوين ودار الإمارة ، فإنها مدينة محدثة ، بنيت في الإسلام.

أَرْدُمُشْت : بضم الدال المهملة والميم ، وسكون الشين المعجمة ، وتاء فوقها نقطتان : اسم قلعة حصينة قرب جزيرة ابن عمر ، في شرقي دجلة الموصل ، على جبل الجوديّ. وهو الآن لصاحب الموصل ، وتحتها دير الزعفران ، وهي قلعة أيضا ، وكان أهل أردمشت قد عصوا على المعتضد بالله وتحصنوا بها ، حتى قصدها بنفسه ونزل عليها ، فسلمها أهلها إليه فخرّبها ، وعاد راجعا. وهي التي تعرف الآن بكواشي ، وليس لها كبير رستاق ، إنما لها ثلاث ضياع ، فيقال : إن المعتضد لما افتتحها بعد أن أعيت أصحابه ، وشاهد قلة دخلها ، أمر بخرابها ، وأنشد فيها :

١٤٦

إنّ أبا الوبر لصعب المقتنص

وهو إذا حصّل ريح في قفص

ثم أعاد بناءها بعد أن خربها المعتضد ناصر الدولة أبو تغلب أحمد بن حمدان ، وهي في عصرنا عامرة في مملكة صاحب الموصل ، وهو بدر الدين لولو ، مملوك نور الدين (أرسلان شاه) بن مسعود عز الدين بن قطب الدين بن زنكي.

الأُرْدُنُّ : بالضم ثم السكون ، وضم الدال المهملة ، وتشديد النون ، قال أبو علي : وحكم الهمزة إذا لحقت بنات الثلاثة من العربي أن تكون زائدة حتى تقوم دلالة تخرجها عن ذلك ، وكذلك الهمزة في أسكفّة والأسربّ ، والأردن : اسم البلد وإن كنّ معرّبات ، قال أبو دهلب أحد بني ربيعة ابن قريع بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم :

حنّت قلوصي أمس بالأردنّ ،

حنّي فما ظلمت ان تحنّي ،

حنّت بأعلى صوتها المرنّ ،

في خرعب أجشّ مستجنّ ،

فيه كتهزيم نواحي الشّنّ

قال أبو علي : وإن شئت جعلت الأردنّ مثل الأبلم ، وجعلت التثقيل فيه من باب سبسبّ ، حتى إنك تجري الوصل مجرى الوقف ، ويقوّي هذا انه يكثر مجيئه في القافية غير مشدّد ، نحو قول عدي بن الرقاع العاملي :

لولا الإله وأهل الأردن اقتسمت

نار الجماعة ، يوم المرج ، نيرانا

قالوا : والأردنّ في لغة العرب النّعاس ، قال أبّاق الزبيري :

وقد علتني نعسة الأردنّ ،

وموهب مبر بها ، مصنّ

هكذا يقول اللغويون : إن الأردن النعاس ، ويستشهدون بهذا الرجز ، والظاهر ان الأردن الشدّة والغلبة فإنه لا معنى لقوله وقد علتني نعسة الأردن ، قال ابن السكّيت : ولم يسمع منه فعل ، قال : ومنه سمي الأردن اسم كورة ، وأهل السير يقولون : إن الأردن وفلسطين ابنا سام بن ارم بن سام بن نوح ، عليه السلام ، وهي أحد أجناد الشام الخمسة ، وهي كورة واسعة منها الغور وطبرية وصور وعكّا وما بين ذلك ، قال احمد بن الطيّب السرخسي الفيلسوف : هما أردنّان ، أردنّ الكبير وأردن الصغير ، فأما الكبير فهو نهر يصب إلى بحيرة طبرية ، بينه وبين طبرية ، لمن عبر البحيرة في زورق ، اثنا عشر ميلا ، تجتمع فيه المياه من جبال وعيون فتجري في هذا النهر ، فتسقي اكثر ضياع جند الأردن مما يلي ساحل الشام وطريق صور ، ثم تنصب تلك المياه إلى البحيرة التي عند طبرية ، وطبرية على طرف جبل يشرف على هذه البحيرة ، فهذا النهر أعني الأردن الكبير ، بينه وبين طبرية البحيرة ، وأما الأردن الصغير فهو نهر يأخذ من بحيرة طبرية ويمر نحو الجنوب في وسط الغور ، فيسقي ضياع الغور ، وأكثر مستغلّتهم السكر ، ومنها يحمل إلى سائر بلاد الشرق ، وعليه قرى كثيرة ، منها : بيسان وقراوا وأريحا والعوجاء ، وغير ذلك ، وعلى هذا النهر قرب طبرية قنطرة عظيمة ذات طاقات كثيرة تزيد على العشرين ، ويجتمع هذا النهر ونهر اليرموك فيصيران نهرا واحدا ، فيسقى ضياع الغور وضياع

١٤٧

البثنية ، ثم يمرّ حتى يصبّ في البحيرة المنتنة في طرف الغور الغربي. وللأردن عدة كور ، منها : كورة طبرية وكورة بيسان وكورة بيت رأس وكورة جدر وكورة صفّورية وكورة صور وكورة عكا وغير ذلك مما ذكر في مواضعه. وللأردن ذكر كثير في كتب الفتوح ، ونذكر ههنا ما لا بدّ منه ، قالوا : افتتح شرحبيل بن حسنة الأردنّ عنوة ما خلا طبرية ، فإن أهلها صالحوه على أنصاف منازلهم وكنائسهم ، وكان فتحه طبرية بعد أن حاصر أهلها أياما ، فآمنهم على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم الا ما جلوا عنه وخلّوه ، واستثنى لمسجد المسلمين موضعا ، ثم إنهم نقضوا في خلافة عمر ، رضي الله عنه ، أيضا واجتمع إليهم قوم من سواد الروم وغيرهم ، فسيّر إليهم أبو عبيدة عمرو بن العاص في أربعة آلاف ففتحها على مثل صلح شرحبيل ، وكذلك جميع مدن الأردن وحصونها على هذا الصلح فتحا يسيرا بغير قتال ، ففتح بيسان وأفيق وجرش وبيت رأس وقدس والجولان وعكا وصور وصفورية ، وغلب على سواد الأردن وجميع أرضها ، إلا أنه لما انتهى إلى سواحل الروم ، كثرت الروم فكتب إلى أبي عبيدة يستمده ، فوجه اليه أبو عبيدة يزيد بن أبي سفيان ، وعلى مقدمته معاوية أخوه ، ففتح يزيد وعمرو سواحل الروم ، فكتب أبو عبيدة إلى عمر ، رضي الله عنه ، بفتحها لهما ، وكان لمعاوية في ذلك بلاء حسن وأثر جميل ، ولم تزل الصناعة من الأردن بعكا الى أن نقلها هشام بن عبد الملك إلى صور ، وبقيت على ذلك إلى صدر مديد من أيام بني العباس ، حتى اختلف باختلاف المتغلبين على الثغور الشامية ، وقال المتنبي يمدح بدر بن عمّار ، وكان قد ولي ثغور الأردن والساحل من قبل أبي بكر محمد بن رائق : تهنّا بصور ، أم نهنئها بكا ،

وقلّ الذي صور ، وأنت له لكا

وما صغر الأردنّ والساحل الذي

حبيت به ، إلا إلى جنب قدركا

تحاسدت البلدان ، حتى لو انها

نفوس ، لسار الشرق والغرب نحوكا

وأصبح مصر ، لا تكون أميره ،

ولو انه ذو مقلة وفم ، بكى

وحدث اليزيدي قال : خرجنا مع المأمون في خرجته إلى بلاد الروم ، فرأيت جارية عربية في هودج ، فلما رأتني قالت : يا يزيدي أنشدني شعرا قلته حتى أصنع فيه لحنا ، فأنشدت :

ما ذا بقلبي من دوام الخفق ،

إذا رأيت لمعان البرق

من قبل الأردن أو دمشق ،

لأن من أهوى بذاك الأفق ،

ذاك الذي يملك مني رقّي ،

ولست أبغي ما حييت عتقي

قال : فتنفّست تنفسا ظننت أن ضلوعها قد تقصفت منه ، فقلت : هذا والله تنفّس عاشق ، فقالت : اسكت ويلك أنا أعشق؟ والله لقد نظرت نظرة مريبة ، فادّعاها من أهل المجلس عشرون رئيسا ظريفا ، وقد نسبت العرب إلى الأردن حسان بن مالك بن بحدل ابن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن حارثة بن جناب بن هبل الكلبي ، لأنه كان واليا عليها وعلى فلسطين ، وبه مهّد لمروان بن الحكم امره وهزم الزبيرية ، وقتل الضحاك بن قيس الفهري

١٤٨

في يوم مرج راهط ، وكانت ابنته ميسون بنت حسان أمّ يزيد بن معاوية وإياه عنى عدي بن الرقاع بقوله :

لولا الإله وأهل الأردن اقتسمت

نار الجماعة ، يوم المرج ، نيرانا

وإياه عنى كثيّر بقوله :

إذا قيل : خيل الله يوما ألا اركبي ،

رضيت ، بكفّ الأردنيّ ، انسحالها

ونسب إلى الأردن جماعة من العلماء وافرة ، منهم : الوليد بن مسلمة الأردني ، حدّث عن يزيد بن حسان ومسلمة بن عدي ، حدث عنه العباس بن الفضل الدمشقي ، ومحمد بن هرون الرازي ، وعبد الله بن نعيم الأردني ، روى عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب ، روى عنه يحيى بن عبد العزيز الأردني ، وابو سلمة الحكم بن عبد الله بن خطّاف الأردني ، والعباس بن محمد الأردني المرادي ، روى عن مالك ابن أنس وخليد بن دعلج ذكره ابن أبي حاتم في كتابه ، وعبادة بن نسيّ الأردني ، ومحمد بن سعيد المصلوب الأردني مشهور وله عدّة ألقاب يدلّس بها ، وعلي بن إسحاق الأردني حدث عن محمد بن يزيد المستملي ، حدث أبو عبد الله بن مندة في ترجمة خشب من معرفة الصحابة عن محمد بن يعقوب المقري عنه ، ونعيم بن سلامة السبّائي ، وقيل الشيباني ، وقيل الغساني ، وقيل الحميري مولاهم الأردني ، سمع ابن عمر وسأله وروى عن رجل من الصحابة من بني سليم ، وكان على خاتم سليمان بن عبد الملك ، وعمر بن عبد العزيز ، وروى عنه ابو عبيد صاحب سليمان بن عبد الملك ، ورجاء بن حياة ، والأوزاعي ، وعطاء الخراساني ، ومحمد بن يحيى بن حبّان ، وعتبة بن حكيم ابو العباس الهمداني الأردني ، ثم الطبراني سمع مكحولا ، وسليمان بن موسى ، وعطاء الخراساني ، وعباس بن نسي ، وقتادة بن دعامة ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وابنه عيسى بن عبد الرحمن ، وابن جريج وغيرهم ، روى عنه يحيى بن حمزة الدمشقي ، ومسلمة بن علي ، ومحمد بن شعيب بن شابور ، وإسماعيل بن عباس ، وبقية بن الوليد ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الله ابن لهيعة وغيرهم ، وقال ابن معين : هو ثقة ، وكذلك أبو زرعة الدمشقي. ومات بصور سنة ١٤٧.

أَرْدُوَال : بالفتح ثم السكون ، وضم الدال المهملة ، وواو ، وألف ، ولام : بليدة صغيرة بين واسط والجبل وبلاد خوزستان ، وفيها مزارع كثيرة وخيرات ، وقد يقال أردوان بالنون.

أَرْدَهْن : بالفتح ثم السكون ، وفتح الدال المهملة ، وهاء ، ونون : قلعة حصينة من أعمال الري ، ثم من ناحية دنباوند ، بين دنباوند وطبرستان ، بينها وبين الري مسيرة ثلاثة أيام.

أَرْزُ : بالفتح ثم السكون ، وزاي : بليدة من أول جبال طبرستان من ناحية الديلم ، وبها قلعة حصينة ، قال أبو سعد منصور بن الحسين الآبيّ في تاريخه : الأرز قلعة بطبرستان لا يوصف في الأرض حصن يشبهها ، أو يقاربها حصانة وامتناعا وانفساحا واتساعا ، وبها بساتين وارحية دائرة وماء يزيد على الحاجة ، ينصبّ الفضل منه إلى أودية.

أَرْزَكانُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الزاي ، وكاف وألف ، ونون : من قرى فارس على ساحل البحر فيما أحسب ، ينسب إليها أبو عبد الرحمن عبد الله بن جعفر بن أبي جعفر الأرزكاني ، سمع يعقوب بن

١٤٩

سفيان وشاذان والزيادآباذي ، وكان من الثقات الزهاد ، مات سنة ٣١٤.

أَرْزُنَان : بالفتح ثم السكون ، وضم الزاي ، ونون وألف ، ونون أخرى : من قرى أصبهان ، قال أبو سعد : هكذا سمعت شيخنا أبا سعد أحمد بن محمد الحافظ بأصبهان ، والمنتسب إليها أبو القاسم الحسن ابن أحمد بن محمد الأرزناني المعلم الأعمى ، مات سنة ٤٥٣ ، وأبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن زياد الأصبهاني الأرزناني الحافظ الثبت ، توفي سنة ٣١٧ ، وجده سمع بالشام ، ورأس عين ، سليمان بن المعافى ، وبصور أبا ميمون محمد بن أبي نصر ، وبمصر يحيى بن عثمان بن صالح ، وبكر بن صالح الدمياطي ، وبأصبهان أحمد بن مهران بن خالد ، وبالري الحسن بن عليّ ابن زياد السّري ، وبخوزستان عبد الوارث بن ابراهيم ، وبمكة عليّ بن عبد العزيز ، وبالعراق هشام بن عليّ وغيره ، وبدامغان أبا بكر محمد بن ابراهيم بن احمد ابن ناصح ، وبطرسوس أبا الدّرداء عبد الله بن محمد ابن الأشعث. وروى عنه أبو الشيخ عبد الله بن محمد ابن جعفر ، وأبو بكر احمد بن الحسين بن مهران المقري وجماعة كثيرة ، وكان موصوفا بالعلم والثقة والإتقان والزهد والورع ، رحمه الله تعالى.

أَرْزَنْجانُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الزاي ، وسكون النون ، وجيم وألف ونون ، وأهله يقولون : أرزنكان ، بالكاف : وهي بلدة طيبا مشهورة نزهة كثيرة الخيرات والأهل ، من بلا إرمينية بين بلاد الروم وخلاط ، قريبة من أرزن الروم ، وغالب أهلها أرمن ، وفيها مسلمون وهم أعيان أهلها ، وشرب الخمر والفسق بها ظاهر شائع ولا أعرف أحدا نسب إليها.

أَرْزَنْقَابَاذُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الزاي ، وسكون النون ، وقاف ، وبين الألفين باء موحدة ، وذال معجمة في آخره : من قرى مرو الشاهجان.

أَرْزَنُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الزاي ، ونون ، قال أبو علي : وأما أرزن وأورم ، فلا تكون الهمزة فيهما إلّا زائدة في قياس العربية ، ويجوز في اعرابهما ضربان ، أحدهما أن يجرّد الفعل من الفاعل فيعرب ولا يصرف ، والآخر أن يبقى فيهما ضمير الفاعل فيحكى : وهي مدينة مشهورة قرب خلاط ، ولها قلعة حصينة ، وكانت من أعمر نواحي إرمينية ، وأمّا الآن فبلغني أنّ الخراب ظاهر فيها ، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم ، منهم : أبو غسّان عيّاش ابن ابراهيم الأرزني ، حدث عن الهيثم بن عدي وغيره ، ويحيى بن محمد الأرزني الأديب صاحب الخط المليح والضبط الصحيح والشعر الفصيح ، وله مقدمة في النحو ، وهو الذي ذكره ابن الحجّاج في شعره فقال :

مثبتة في دفتري

بخطّ يحيى الأرزني

وقد فتحت على يد عياض بن غنم بعد فراغه من الجزيرة سنة عشرين صلحا على مثل صلح الرّها ، وطولها ست وثلاثون درجة ، وعرضها أربع وثلاثون درجة وربع.

وأرزن الرّوم : بلدة أخرى من بلاد إرمينية أيضا ، أهلها أر من ، وهي الآن أكبر وأعظم من الأولى ، ولها سلطان مستقلّ بها مقيم فيها ، وولاية ونواح واسعة كثيرة الخيرات ، وإحسان صاحبها إلى رعيته بالعدل فيهم ظاهر ، إلّا أن الفسق وشرب الخمور وارتكاب المحظور فيها شائع لا

١٥٠

ينكره منكر ، ولا يستوحش منه مبصر. وأرزن أيضا : موضع بأرض فارس قرب شيراز ينبت ، فيما ذكر لي ، هذه العصيّ التي تعمل نصبا للدبابيس والمقارع ، وهو نزه أشب بالشجر ، خرج إليه عضد الدولة للتنزّه والصيد ، وفي صحبته أبو الطّيب المتنبّي ، فقال عند ذلك يصفه :

سقيا لدشت الأرزن الطّوال ،

بين المروج الفيح والأغيال

فأدخل عليه الألف واللام ، ولا يجوز دخولهما على اللواتي قبل. وقد عدّ قوم الأرزن الأولى من أطراف ديار بكر مما يلي الرّوم ، وقوم يعدّونها من نواحي الجزيرة ، قال أبو فراس الحارث بن حمدان يمدح سيف الدولة :

ونازل منه الديلميّ بأرزن

لجوج ، إذا ناوى ، مطول مغاور

والصحيح أنها من إرمينية ، وقال ابن الفقيه : بين نصيبين وأرزن ذات اليمين للمغرب سبعة وثلاثون فرسخا.

أَرْزُونَا : من قرى دمشق ، خرج منها أحمد بن يحيى بن أحمد بن زيد بن الحكم الحجوري الأرزوني ، حكى عن أهل بيته حكاية ، حكى عنه ابنه أبو بكر محمد ، قاله الحافظ أبو القاسم.

أرْسَابَنْدُ : بالفتح ثم السكون ، وسين مهملة ، وألف ، وباء موحدة مفتوحة ، ونون ساكنة ، ودال مهملة : قرية بينها وبين مرو فرسخان ، خرج منها طائفة من أئمة العلماء ، منهم : محمد بن عمران الأرسابندي ، وأبو الفضل محمد بن الفضل الأرسابندي ، والقاضي محمد بن الحسين الأرسابندي الحنفي القاضي مرو ، وكان من أجلّاء الرجال ملكا في صورة عالم.

أَرُسَّ : بالفتح ثم الضم ، والسين المهملة مشددة : موضع في قول مطير بن الأشيم :

تطاول ليلي بالأرسّ ، فلم أنم ،

كأني أسوم العين نوما محرّما

تذكّر ذكري لابن عمّ رزئته ،

كأني أراني بعده عشت أجذما

فإن تكّ بالدّهنا صرمت إقامة ،

فبالله ما كنّا مللناك علقما

أَرْسَنَاسُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح السين المهملة ، ونون ، وألف ، وسين أخرى : اسم نهر في بلاد الروم ، يوصف ببرودة مائه ، عبره سيف الدولة ليغزو ، فقال المتنبي يمدح سيف الدولة ويصف خيله :

حتى عبرن بأرسناس سوابحا ،

ينشرن فيه عمائم الفرسان

يقمصن ، في مثل المدى ، من بارد

يذر الفحول ، وهنّ كالخصيان

والماء ، بين عجاجتين ، مخلّص

تتفرّقان ، به ، وتلتقيان

أَرْسُوفُ : بالفتح ثم السكون ، وضم السين المهملة ، وسكون الواو ، وفاء : مدينة على ساحل بحر الشام بين قيسارية ويافا ، كان بها خلق من المرابطين ، منهم : أبو يحيى زكرياء بن نافع الأرسوفي وغيره ، وهي في الإقليم الثالث ، طولها ست وخمسون درجة وخمسون دقيقة ، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة ونصف وربع ، ولم تزل بأيدي المسلمين إلى أن فتحها كندفرى صاحب القدس في سنة ٤٩٤ ، وهي

١٥١

في أيديهم إلى الآن.

أُرْشُذُونَةُ : بالضم ثم السكون ، وضم الشين المعجمة ، والذال المعجمة ، وواو ساكنة ، ونون ، وهاء : مدينة بالأندلس معدودة في أعمال ريّة قبلي قرطبة ، بينها وبين قرطبة عشرون فرسخا.

أَرْشَقُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الشين المعجمة ، وقاف : جبل بأرض موقان من نواحي أذربيجان عند البذّ مدينة بابك الخرّمي ، قال أبو تمام يمدح أبا سعيد محمد بن يوسف الثغري :

فتى هزّ القنا ، فحوى سناء ،

بها ، لا بالأحاظي والجدود

إذا سفك الحياء الرّوع يوما ،

وقى دم وجهه بدم الوريد

قضى من سند بايا كلّ نحب

وأرشق ، والسّيوف من الشّهود

وأرسلها إلى موقان رهوا ،

تثير النّقع أكدر بالكديد

أَرْضُ عَاتِكَةَ : خارج باب الجابية من دمشق ، منسوبة إلى عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب أمّ البنين ، وهي زوجة عبد الملك بن مروان ، وأمّ يزيد بن عبد الملك ، وكان لعاتكة بهذه الأرض قصر ، وبها مات عبد الملك بن مروان. قال ابن حبيب : كانت عاتكة بنت يزيد بن معاوية تضع خمارها بين يدي اثني عشر خليفة ، كلّهم لها محرم ، أبوها يزيد بن معاوية ، وأخوها معاوية بن يزيد ، وجدّها معاوية بن أبي سفيان ، وزوجها عبد الملك بن مروان ، وأبو زوجها مروان بن الحكم ، وابنها يزيد بن عبد الملك ، وبنو زوجها الوليد وسليمان وهشام ، وابن ابنها الوليد بن يزيد ، وابن ابن زوجها يزيد بن الوليد بن عبد الملك ، وابراهيم بن الوليد المخلوع ، وهو ابن ابن زوجها أيضا ، وعاشت إلى أن أدركت مقتل ابن ابنها الوليد بن يزيد.

أَرْضُ نُوح : الأرض معروفة ، ونوح اسم النبيّ نوح ، عليه السلام : من قرى البحرين.

أَرْضِيطُ : بالفتح ثم السكون ، والضاد معجمة مكسورة ، وياء ساكنة ، وطاء ، كذا وجدته بخطّ الأندلسيين ، وأنا من الضاد في ريب ، لأنها ليست في لغة غير العرب : وهي من قرى مالقة ، ولد بها أبو الحسن سليمان بن محمد بن الطّراوة السّبائي النحوي المالقي الأرضيطي ، شيخ الأندلسيين في زمانه.

أَرْطَاةُ : واحدة الأرطى : وهو شجر من شجر الرمل ، وهو فعلى ، تقول : أديم مأروط إذا دبغ به ، وألفه للإلحاق لا للتأنيث ، لأنّ الواحدة أرطاة ، وقيل : هو أفعل ، لقولهم أديم مرطيّ ، فإن جعلت ألفه أصليّة نوّنته في المعرفة والنكرة جميعا ، وإن جعلتها للإلحاق نوّنته في النكرة دون المعرفة : وهو ماء للضّباب يصدر في دارة الخنزرين ، قال أبو زيد : تخرج من الحمى ، حمى ضرية ، فتسير ثلاثة ليال مستقبلا مهبّ الجنوب من خارج الحمى ، ثم ترد مياه الضباب ، فمن مياههم الأرطاة.

أَرْطَةُ اللّيْث : حصن من أعمال ريّة بالأندلس.

أَرْعَبُ : بالفتح ثم السكون ، وعين مهملة ، والباء موحدة : موضع في قول الشاعر :

أتعرف أطلالا بميسرة اللّوى

إلى أرعب ، قد خالفتك به الصّبا

١٥٢

فأهلا وسهلا بالتي حلّ حبّها

فؤادي ، وحلّت دار شحط من النّوى

أَرْعَنْزُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح العين المهملة ، ونون ساكنة ، وزاي : أظنّه موضعا بديار بكر ، ينسب إليه أحمد بن أحمد بن أحمد أبو العباس أحد طلّاب الحديث ، سمع ببغداد مع أبي الحسن عليّ بن أحمد العلوي الزيدي صاحب وقف الكتب بدار دينار ببغداد من جماعة وافرة ، وخرج من بغداد وغاب خبره.

أَرْغِيَانُ : بالفتح ، ثم السكون ، وكسر الغين المعجمة ، وياء ، وألف ، ونون : كورة من نواحي نيسابور ، قيل إنها تشتمل على إحدى وسبعين قرية ، قصبتها الرّوانير ، ينسب إليها جماعة من أهل العلم والأدب ، منهم : الحاكم أبو الفتح سهل بن أحمد بن عليّ الأرغياني ، توفي في مستهل المحرم سنة ٤٩٩ ، وغيره.

أَرْفَادُ : بالفتح ثم السكون ، وفاء ، وألف ، ودال مهملة ، كأنه جمع رفد : قرية كبيرة من نواحي حلب ثم من نواحي عزاز ، ينسب إليها قوم ، منهم في عصرنا أبو الحسن عليّ بن الحسن الأرفادي أحد فقهاء الشيعة ، في زعمه ، مقيم بمصر.

الأَرْفَغُ : بالفتح ، ثم السكون ، وفتح الفاء ، والغين معجمة : موضع ، عن ابن دريد.

الأَرْفُودُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الفاء ، وسكون الواو ، ودال مهملة : من قرى كرمينية من أعمال سمرقند على طريق بخارى ، ينسب إليها أبو أحمد محمد بن محفوظ الأرفودي ، توفي قرابة سنة ٣٨٠.

ارْقَانِيَا : هو اسم لبحر الخزر ، وله أسماء غير ذلك ذكرت في بحر الخزر ، وأرسطاطاليس يسميه ارقانيا ، كذا قال أبو الريحان.

أَرْقَنِينُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح القاف ، وكسر النون ، وياء ساكنة ، ونون : بلد بالروم غزاه سيف الدولة بن حمدان ، وذكره أبو فراس فقال :

إلى أن وردنا أرقنين نسوقها ،

وقد نكلت أعقابنا والمخاصر

ورواه بعضهم بالفاء ، والأول أكثر.

أَرْكانٌ : جمع ركن : ماء بأجإ أحد جبلي طيّء لبني سنبس.

أَرْكُ : بالفتح ثم السكون ، وكاف : اسم لأبنية عظيمة بزرنج مدينة سجستان ، بين باب كركويه وباب نيشك ، وكانت خزانة بناها عمرو بن الليث ثم صارت دار الإمارة والقلعة ، وهي الآن تسمّى بهذا الاسم.

أُرُكٌ : بضم أوله وثانيه ، وكاف : جبل ، وقيل : أرك اسم مدينة سلمى أحد جبلي طيّء. وقيل : جبل لغطفان ، ويوم ذي أرك من أيام العرب ، وهو واد من أودية العلاة بأرض اليمامة.

أَرَكٌ : بفتحتين ، وضمّ ابن دريد همزته : مدينة صغيرة في طرف برية حلب قرب تدمر ، وهي ذات نخل وزيتون ، وهي من فتوح خالد بن الوليد في اجتيازه من العراق إلى الشام ، وأرك أيضا طريق في قفا حضن : جبل بين نجد والحجاز.

أَرْكُو : بالفتح ، ثم السكون ، وكاف ، وواو بلفظ مضارع ركوت الشيء أركوه إذا أصلحته : قرية بافريقية ، بينها وبين قصر الإفريقيّ مرحلة.

١٥٣

أَرْكُونُ : بالفتح ، ثم السكون ، وضم الكاف ، وواو ساكنة ، ونون : حصن منيع بالأندلس من أعمال شنتمريّة بيد المسلمين إلى الآن ، فيما بلغني.

أُرُلٌ : بضمتين ، ولام ، قال أبو عبيدة : أرل جبل بأرض غطفان ، بينها وبين عذرة ، وأنشد للنابغة الذبياني :

وهبّت الريح من تلقاء ذي أرل ،

تزجي مع الصّبح ، من صرّادها ، صرما

وقال نصر : أرل من بلاد فزارة بين الغوطة وجبل صبح ، على مهبّ الشمال من حرّة ليلى ، قال : وذو أرل مصنع في ديار طيّء يجمل ماء المطر ، وعنده الشّريفات والغرفات هي أيضا مصانع ، وقال غيره : والراء بعدها لام لم تجتمعا في كلمة واحدة إلّا في أربع كلمات : وهي أرل وورل وغرلة وأرض جرلة ، فيها حجارة وغلظ ، ورواه بعضهم أرل بفتحتين.

أَرْماثٌ : كأنه جمع رمث : اسم نبت بالبادية ، آخره ثاء مثلثة. كان أول يوم من أيام القادسيّة ، يسمونه يوم أرماث ، وذلك في أيام عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وإمارة سعد بن أبي وقّاص ، ولا أدري أهو موضع أم أرادوا النبت المذكور ، قال عمرو بن شاس الأسدي :

تذكّرت إخوان الصفاء تيمّموا

فوارس سعد ، واستبدّ بهم جهلا

ودارت رحى الملحاء فيها عليهم ،

فعادوا خيالا لم يطيقوا لها ثقلا

عشيّة أرماث ، ونحن نذودهم

ذياد الهوافي ، عن مشاربها ، عكلا وقال عاصم بن عمرو التميمي :

حمينا ، يوم أرماث ، حمانا ،

وبعض القوم أولى بالجمال

أَرْمامٌ : اسم جبل في ديار باهلة بن أعصر ، وقيل : أرمام واد يصب في الثّلبوت من ديار بني أسد ، وقيل : أرمام واد بين الحاجر وفيد. ويوم أرمام من أيام العرب ، قال الراعي :

تبصّر خليلي! هل ترى من ظعائن

تجاوزن ملحوبا ، فقلن متالعا

جواعل أرمام شمالا ، وتارة

يمينا ، فقطّعن الوهاد الدّوافعا

وفي كتاب متعة الأديب : أرمام موضع وراء فيد ، بين الحاجر وفيد ، وهو واد ، وقال نصر : أزمام ، بالزاي المعجمة ، واد بين فيد والمدينة على طريق الجادة ، بينه وبين فيد دون أربعين ميلا.

أَرمائِيلُ : ذكر في أرمئيل ، لأنه لغة فيه.

أُرَمُ خَاسْت : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، ورواه بعضهم بسكون ثانيه ، وخاست بالخاء المعجمة ، وسين مهملة ساكنة ، يلتقي معها ساكنان ، والتاء فوقها نقطتان : أرم خاست الأعلى ، وأرم خاست الأسفل : كورتان بطبرستان ، وقال أبو سعد أبو الفتح خسرو بن حمزة ابن وندرين بن أبي جعفر الأرمي القزويني سكن أرم : بلدة عند سارية مازندران له معرفة بالأدب.

إِرَمٌ : بالكسر ، ثم الفتح ، والإرم في أصل اللغة حجارة تنصب في المفازة علما ، والجمع آرام وأروم مثل ضلع وأضلاع وضلوع : وهو اسم علم لجبل من جبال حسمى من ديار جذام ،

١٥٤

بين أيلة وتيه بني إسرائيل ، وهو جبل عال عظيم العلو ، يزعم أهل البادية أنّ فيه كروما وصنوبرا. وكان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قد كتب لبني جعال بن ربيعة بن زيد الجذاميين ، أنّ لهم إرما ، لا يحلها أحد عليهم لغلبهم عليها ، ولا يحاقّهم ، فمن حاقّهم فلا حقّ له ، وحقّهم حقّ.

إِرَمُ ذَاتُ العِمَادِ : وهي إرم عاد ، يضاف ولا يضاف ، أعني في قوله ، عز وجل : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ). فمن أضاف لم يصرف إرم ، لأنه يجعله اسم أمّهم ، أو اسم بلدة ، ومن لم يضف جعل إرم اسمه ولم يصرفه ، لأنه جعل عادا اسم أبيهم. وإرم اسم القبيلة ، وجعله بدلا منه. وقال بعضهم : إرم لا ينصرف للتعريف والتأنيث ، لأنه اسم قبيلة ، فعلى هذا يكون التقدير : إرم صاحب ذات العماد ، لأن ذات العماد مدينة. وقيل : ذات العماد وصف ، كما تقول المدينة ذات الملك. وقيل : إرم مدينة ، فعلى هذا يكون التقدير بعاد صاحب إرم. ويقرأ بعاد إرم ذات العماد ، الجرّ على الإضافة ، فهذا إعرابها. ثم اختلف فيها من جعلها مدينة ، فمنهم من قال : هي أرض كانت واندرست ، فهي لا تعرف. ومنهم من قال : هي الاسكندرية ، وأكثرهم يقولون : هي دمشق ، وكذلك قال شبيب بن يزيد بن النعمان بن بشير :

لولا التي علقتني من علائقها ،

لم تمس لي إرم دارا ولا وطنا

قالوا : أراد دمشق ، وإياها أراد البحتري بقوله :

إليك رحلنا العيس من أرض بابل ،

نجوز بها سمت الدّبور ونهتدي

فكم جزعت من وهدة بعد وهدة ،

وكم قطعت من فدفد بعد فدفد

طلبنك من أمّ العراق نوازعا

بنا ، وقصور الشام منك بمرصد

إلى إرم ذات العماد ، وإنّها

لموضع قصدي ، موجفا ، وتعمّدي

وحكى الزمخشري أنّ إرم بلد منه الإسكندرية. وروى آخرون أنّ إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ، باليمن بين حضرموت وصنعاء ، من بناء شدّاد بن عاد ، ورووا أن شداد بن عاد كان جبّارا ، ولما سمع بالجنة وما أعدّ الله فيها لأوليائه من قصور الذهب والفضة والمساكن التي تجري من تحتها الأنهار ، والغرف التي من فوقها غرف ، قال لكبرائه : إني متخذ في الأرض مدينة على صفة الجنة ، فوكل بذلك مائة رجل من وكلائه وقهارمته ، تحت يد كل رجل منهم ألف من الأعوان ، وأمرهم أن يطلبوا فضاء فلاة من أرض اليمن ، ويختاروا أطيبها تربة ، ومكنهم من الأموال ، ومثّل لهم كيف يعملون ، وكتب إلى عمّاله الثلاثة : غانم بن علوان ، والضحّاك ابن علوان ، والوليد بن الريّان ، يأمرهم أن يكتبوا إلى عمّالهم في آفاق بلدانهم أن يجمعوا جميع ما في أرضهم من الذهب ، والفضة ، والدرّ ، والياقوت ، والمسك ، والعنبر ، والزعفران ، فيوجهوا به إليه. ثم وجّه إلى جميع المعادن ، فاستخرج ما فيها من الذهب والفضة. ثم وجه عمّاله الثلاثة الى الغواصين إلى البحار ، فاستخرجوا الجواهر ، فجمعوا منها أمثال الجبال ، وحمل جميع ذلك إلى شدّاد. ثم وجهوا الحفّارين إلى معادن الياقوت ، والزبرجد ، وسائر الجواهر ، فاستخرجوا منها أمرا عظيما. فأمر

١٥٥

بالذهب ، فضرب أمثال اللبن. ثم بنى بذلك تلك المدينة ، وأمر بالدرّ ، والياقوت ، والجزع ، والزبرجد ، والعقيق ، ففصّص به حيطانها ، وجعل لها غرفا من فوقها غرف ، معمّد جميع ذلك بأساطين الزبرجد ، والجزع ، والياقوت. ثم أجرى تحت المدينة واديا ، ساقه إليها من تحت الأرض أربعين فرسخا ، كهيئة القناة العظيمة. ثم أمر فأجري من ذلك الوادي سواق في تلك السكك ، والشوارع ، والأزقّة ، تجري بالماء الصافي. وأمر بحافتي ذلك النهر وجميع السواقي ، فطليت بالذهب الأحمر ، وجعل حصاه أنواع الجواهر : الأحمر ، والأصفر ، والأخضر ، فنصب على حافتي النهر والسواقي أشجارا ، من الذهب ، مثمرة. وجعل ثمرها من تلك اليواقيت ، والجواهر ، وجعل طول المدينة اثني عشر فرسخا ، وعرضها مثل ذلك. وصيّر صورها عاليا مشرفا ، وبنى فيها ثلاثمائة ألف قصر ، مفصّصا بواطنها وظواهرها بأصناف الجواهر. ثم بنى لنفسه في وسط المدينة ، على شاطئ ذلك النهر ، قصرا منيفا عاليا يشرف على تلك القصور كلها. وجعل بابها يشرع إلى الوادي ، بمكان رحيب واسع. ونصب عليه مصراعين من ذهب ، مفصّصين بأنواع اليواقيت. وأمر باتخاذ بنادق من مسك وزعفران ، فألقيت في تلك الشوارع والطرقات. وجعل ارتفاع تلك البيوت ، في جميع المدينة ، ثلاثمائة ذراع في الهواء. وجعل السور مرتفعا ثلاثمائة ذراع مفصّصا خارجه وداخله بأنواع اليواقيت وظرائف الجواهر. ثم بنى خارج سور المدينة أكما يدور ثلاثمائة ألف منظرة بلبن الذهب والفضة عالية مرتفعة في السماء ، محدقة بسور المدينة ، لينزلها جنوده ، ومكث في بنائها خمسمائة عام. وإن الله تعالى أحب أن يتّخذ الحجّة عليه ، وعلى جنوده ، بالرسالة والدّعاء إلى التوبة والإنابة ، فانتجب لرسالته إليه هودا ، عليه السلام ، وكان من صميم قومه وأشرافهم. وهو في رواية بعض أهل الأثر هود بن خالد بن الخلود بن العاص بن عمليق بن عاد ابن إرم بن سام بن نوح ، عليه السلام. وقال أبو المنذر : هو هود بن الخلود بن عاد بن إرم بن سام بن نوح ، عليه السلام ، وقيل غير ذلك ولسنا بصدده. ثم إن هودا ، عليه السلام ، أتاه فدعاه إلى الله تعالى وأمره بالإيمان ، والإقرار بربوبية الله ، عز وجل ، ووحدانيته ، فتمادى في الكفر والطّغيان ، وذلك حين تمّ لملكه سبعمائة سنة. فأنذره هود بالعذاب ، وحذّره وخوّفه زوال ملكه ، فلم يرتدع عما كان عليه ، ولم يجب هودا إلى ما دعاه إليه. ووافاه الموكلون ببناء المدينة ، وأخبروه بالفراغ منها. فعزم على الخروج إليها في جنوده ، فخرج في ثلاثمائة ألف من حرسه وشاكريّته ومواليه ، وسار نحوها ، وخلّف على ملكه بحضرموت وسائر أرض العرب ابنه مرثد بن شدّاد. وكان مرثد ، فيما يقال ، مؤمنا بهود ، عليه السلام ، فلما قرب شداد من المدينة ، وانتهى إلى مرحلة منها ، جاءت صيحة من السماء ، فمات هو وأصحابه أجمعون ، حتى لم يبق منهم مخبر ، ومات جميع من كان بالمدينة من الفعلة ، والصّناع ، والوكلاء ، والقهارمة ، وبقيت خلاء ، لا أنيس بها. وساخت المدينة في الأرض ، فلم يدخلها بعد ذلك أحد ، إلا رجل واحد في ايام معاوية ، يقال له : عبد الله بن قلابة ، فإنه ذكر في قصة طويلة تلخيصها : أنّه خرج من صنعاء في بغاء إبل له ضلّت ، فأفضى به السّير إلى مدينة صفتها كما ذكرنا ، وأخذ منها شيئا من بنادق المسك ، والكافور ، وشيئا من الياقوت. وقصد إلى معاوية بالشام ، وأخبره

١٥٦

بذلك ، وأراه الجواهر والبنادق. وكان قد اصفرّ وغيّرته الأزمنة ، فأرسل معاوية إلى كعب الأحبار ، وسأله عن ذلك ، فقال : هذه إرم ذات العماد التي ذكرها الله ، عز وجل ، في كتابه. بناها شداد ابن عاد ، وقيل : شداد بن عمليق بن عويج بن عامر ابن إرم ، وقيل في نسبه غير ذلك. ولا سبيل إلى دخولها ، ولا يدخلها إلا رجل واحد صفته كذا. ووصف صفة عبد الله بن قلابة ، فقال معاوية : يا عبد الله! أما أنت فقد أحسنت في نصحنا ، ولكن ما لا سبيل إليه ، لا حيلة فيه. وأمر له بجائزة فانصرف. ويقال : إنهم وقعوا على حفيرة شداد بحضرموت ، فإذا بيت في الجبل منقور ، مائة ذراع في أربعين ذراعا ، وفي صدره سريران عظيمان من ذهب ، على أحدهما رجل عظيم الجسم ، وعند رأسه لوح فيه مكتوب :

اعتبر يا أيها المغ

رور بالعمر المديد

أنا شداد بن عاد ،

صاحب الحصن المشيد

وأخو القوّة والبأ

ساء والملك الحشيد

دان أهل الأرض طرّا

لي من خوف وعيدي

فأتى هود ، وكنّا

في ضلال ، قبل هود

فدعانا ، لو أجبنا

ه ، إلى الأمر الرشيد

فعصيناه ونادى

ما لكم ، هل من محيد؟

فأتتنا صيحة ، ته

وي من الأفق البعيد

قلت : هذه القصّة مما قدمنا البراءة من صحّتها وظننا أنها من أخبار القصّاص المنمّقة وأوضاعها المزوّقة.

إِرَمُ الكَلْبَةِ : بلفظ الأنثى من الكلاب ، وإرم مثل الذي قبله : موضع قريب من النّباج بين البصرة والحجاز. والكلبة اسم امرأة ماتت ودفنت هناك ، فنسب إليها الإرم ، وهو العلم. ويوم إرم الكلبة من أيام العرب ، قتل فيه بجير بن عبد الله بن سلمة بن قشير القشيري ، قتله قعنب الرياحي في هذا المكان ، قال أبو عبيدة : هذا اليوم يعرف بأمكنة قرب بعضها من بعض ، فإذا لم يستقم الشعر بذكر موضع ، ذكروا موضعا آخر قريبا منه يقوم به الشّعر.

أُرَمُ : بالضم ثم الفتح ، بوزن جرذ وزفر ، ويروى بسكون ثانيه : بلدة قرب سارية من نواحي طبرستان ، أهلها شيعة ، قال الإصطخري : وجبال قاذوسيان من بلاد الديلم ، وهي مملكة ، رئيسهم يسكن قرية تسمّى أرم. وليس بجبال قاذوسيان منبر ، بينها وبين سارية مرحلة ، ينسب إليها أبو الفتح خسرو بن حمزة بن وندرين بن أبي جعفر بن الحسين بن المحسن بن قيس بن مسعود بن معن بن الحارث بن ذهل بن شيبان الشيباني المؤدّب القزويني. ذكره أبو سعد في التحبير ، وقال : سكن أرم وكان له معرفة بالأدب ، وقد ذكرناه في أرم خاست ، وأظنّ الموضعين واحدا ، والله أعلم ، ورأيت في بعض النّسخ عن أبي سعد آرم بزنة أفعل ، بضم العين ، في معجم البلدان ، وقال : آرم بليدة من سارية مازندران ، وآرم برات : من قرى سواحل بحر آبسكون.

١٥٧

أُرْمُ : بالضم ثم السكون : صقع بأذربيجان ، اجتمع فيه خلق من الأرمن وغيرهم لقتال سعيد بن العاصي لما غزاها ، فبعث إليهم سعيد جرير بن عبد الله البجلي ، فهزمهم وصلب زعيمهم.

أَرَمُّ : بالتحريك وتشديد الميم ، قيل : موضع ، عن نصر.

أَرمَلُولُ : بلامين بينهما واو : مدينة في طرف إفريقية ، من جهة المغرب ، قرب طبنة.

أَرْمَنَازُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الميم والنون ، وألف ، وزاي : بليدة قديمة من نواحي حلب ، بينهما نحو خمسة فراسخ ، يعمل بها قدور وشربات جيدة حمر طينيّة.

وقال أبو سعد : أرمناز من قرى بلدة صور ، وصور من بلاد ساحل الشام ، ومن هذه القرية أبو الحسن علي ابن عبد السلام الأرمنازي ، كان من الفضلاء المشهورين والشعراء ، وابنه أبو الفرج غيث بن علي كان ممن سمع الحديث الكثير ، وأنس به وجمع فيه ، وسمع من أبي الحسن الأرمنازي أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي الحافظ ، قال أبو سعد : وروى لنا عن ابنه غيث ، صاحبنا أبو الحسن علي بن الحسن الدمشقي الحافظ ، قال عبيد الله المستجير به : لا شكّ في أرمناز التي من نواحي حلب ، فإن لم يكن أبو سعد ، رحمه الله ، اغترّ بسماع محمد بن طاهر من أبي الحسن بصور ولم ينعم النظر ، وإلا فأرمناز قرية أخرى بصور ، والله أعلم ، على أن الحافظ أبا القاسم ذكر في ترجمة علي بن عبد السلام بن محمد بن جعفر الأرمنازي أبي الحسن ، فقال : والد غيث الصّوري الكاتب ، أصله من أرمناز قرية من ناحية أنطاكية بالشام وله شعر مطبوع ، قال : قرأت بخط غيث الصوري سألت والدي عن مولده ، فقال في جمادى الأولى سنة ٣٩٦ وتوفي في ثامن شهر ربيع الآخر سنة ٤٧٨ ، وقال الحافظ أبو القاسم : غيث بن علي بن عبد السلام بن محمد بن جعفر أبو الفرج بن أبي الحسن المعروف بابن الأرمنازي الكاتب خطيب صور ، قدم دمشق قديما في طلب الحديث ، فسمع بها أبا الحسن أحمد وأبا أحمد عبيد الله ابني أبي الحديد وأبا نصر بن طلاب وأبا عبد الله ابن الرضا وأبا العباس بن قبيس وأبا إسحاق إبراهيم بن عقيل الكبري وأبا الحسين الأكفاني ونجا بن أحمد العطّار وأبا عبد الله بن أبي الحديد وأبا القاسم بن أبي العلاء ، سمع بصور أبا بكر الخطيب وأبا الحسن علي ابن عبيد الله الهاشمي ونصر بن إبراهيم المقدسي وسهل ابن بشر الإسفرايني ، وبتنيّس رمضان بن علي ، وسمع بمصر والإسكندرية وغيرهما من البلاد ، وسمع الكثير وكتب الكثير بخطه الحسن ، وجمع تاريخا لصور إلا أنه لم يتمّه ، وكان ثقة ثبتا ، روى عنه شيخه أبو بكر الخطيب بيتين من شعره ، وقدم علينا بآخره فأقام عندنا إلى أن مات ، سمعت منه ، ومن جملة شعره :

عجبت وقد حان توديعنا ،

وحادي الركائب في إثرها

ونار توقّد في أضلعي ،

ودمع تصعّد من قعرها

فلا النار تطفئها أدمعي ،

ولا الدّمع ينشف من حرّها

وكان مولده في تاسع عشر شعبان سنة ٤٤٣ ، وتوفي يوم الأحد الثالث والعشرين من صفر سنة ٥٠٩ ، ودفن بالباب الصغير.

أَرْمَنْتُ : بالفتح ، والسكون ، وفتح الميم ، وسكون

١٥٨

النون ، وتاء فوقها نقطتان : كورة بصعيد مصر بينها وبين قوص في سمت الجنوب مرحلتان ، ومنها إلى مدينة أسوان مرحلتان.

أَرْمَئِيلُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الميم ، وهمزة مكسورة ، وياء خالصة ساكنة ، ولام : مدينة كبيرة بين مكران والدّيبل من أرض السّند ، بينها وبين البحر نصف فرسخ في الإقليم الثاني ، طولها اثنتان وتسعون درجة وخمس عشرة دقيقة ، وعرضها من جهة الجنوب خمس وعشرون درجة وست وأربعون دقيقة.

إِرْمِيمُ : بالكسر ثم السكون ، وياء ساكنة بين الميمين ، الأولى مكسورة : موضع.

أُرْمِيَةُ : بالضم ثم السكون ، وياء مفتوحة خفيفة ، وهاء ، قال الفارسي : أمّا قولهم في اسم بلدة أرمية فيجوز في قياس العربية تخفيف الياء وتشديدها ، فمن خفّفها كانت الهمزة على قوله أصلا وكان حكم الياء أن تكون واوا للإلحاق بيبرين ونحوه ، إلا أن الكلمة لما لم تجيء على التأنيث كعنصوة أبدلت ياء كما أبدلت في جمع عرقوة إذا قالوا عرق ، وقال:

حتى تقضّى عرقي الدّليّ

ويجوز في الشعر أن تكون الياء للنسبة ، وتخفف ، كما قال ابن الخواري العالي الذكر. ومن شدّد الياء احتملت الهمزة وجهين : أحدهما أن تكون زائدة إذا جعلتها أفعولة من رميت ، والآخر أن تكون فعليّة إذا جعلتها من أرم وأروم فتكون الهمزة فاء ، وأما قولهم في اسم الرجل إرميا فلا يكون في قياس العربية إفعلا ، ولا يتجه فيه ما يتجه في أرمية من كون الياء منقلبة عن الواو ، ألا ترى أنّ ما جاء وفيه الألف من المؤنث لا يكون إلا مبنيّا عليها وليست مثل الياء التي تبنى مرّة على التأنيث ومرّة على التذكير.

وأرمية : اسم مدينة عظيمة قديمة بأذربيجان بينها وبين البحيرة نحو ثلاثة أميال أو أربعة ، وهي فيما يزعمون مدينة زرادشت نبي المجوس ، رأيتها في سنة ٦١٧ ، وهي مدينة حسنة كثيرة الخيرات ، واسعة الفواكه والبساتين ، صحيحة الهواء كثيرة الماء إلا أنها غير مرعيّة من جهة السلطان لضعفه ، وهو أزبك بن البهلوان بن إلدكز ، وبينها وبين تبريز ثلاثة أيام وبينها وبين إربل سبعة أيام ، وأما بحيرة أرمية فتذكر ، إن شاء الله ، في بحيرة أرمية ، والنسبة إلى أرمية أرمويّ وأرميّ ، وينسب إليها جماعة منهم : أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد بن الشّويخ الأرمويّ ، نزل مصر وتوفي بها سنة ٤٦٠ ، وأبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي البغدادي ، سمع أبا الحسين محمد بن علي بن المهتدي القاضي وأحمد بن محمد بن أحمد بن النّفور البزّاز وأبا الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون وأبا القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري وأبا بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ وأبا القاسم يوسف بن محمد المهرواني وغيرهم ، وكان قد تفقّه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي ، وولي القضاء بمدينة العاقول ، ومات في رجب سنة ٥٤٧ ، ومولده في سنة ٤٥٩ ، وكان شافعيّ المذهب ، ومظفر بن يوسف الأرموي المؤدّب ، حدّث عن أبي القاسم بن الحصين وأمثاله ، وابنه يونس كان كاتبا فاضلا من حذّاق كتّاب الديوان وولي اشراف الديوان ببغداد للناصر لدين الله.

إِرْمِينِيَةُ : بكسر أوله ويفتح ، وسكون ثانيه ، وكسر الميم ، وياء ساكنة ، وكسر النون ، وياء

١٥٩

خفيفة مفتوحة : اسم لصقع عظيم واسع في جهة الشمال ، والنسبة إليها أرمنيّ على غير قياس ، بفتح الهمزة وكسر الميم ، وينشد بعضهم :

ولو شهدت أمّ القديد طعاننا ،

بمرعش ، خيل الأرمنيّ أرنّت

وحكى إسماعيل بن حمّاد فتحهما معا ، قال أبو عليّ : أرمينية إذا أجرينا عليها حكم العربي كان القياس في همزتها أن تكون زائدة ، وحكمها أن تكسر لتكون مثل إجفيل وإخريط وإطريح ونحو ذلك ، ثم ألحقت ياء النسبة ، ثم ألحق بعدها تاء التأنيث ، وكان القياس في النسبة إليها أرمينيّ ، إلا أنها لما وافق ما بعد الراء منها ما بعد الحاء في حنيفة حذفت الياء كما حذفت من حنيفة في النسب وأجريت ياء النسبة مجرى تاء التأنيث في حنيفة كما أجرينا مجراها في روميّ وروم ، وسنديّ وسند ، أو يكون مثل بدويّ ونحوه مما غيّر في النسب ، قال أهل السّير : سمّيت أرمينية بأرمينا بن لنطا بن أومر بن يافث ابن نوح ، عليه السلام ، وكان أول من نزلها وسكنها ، وقيل : هما أرمينيتان الكبرى والصّغرى ، وحدّهما من برذعة إلى باب الأبواب ، ومن الجهة الأخرى إلى بلاد الروم وجبل القبق وصاحب السرير ، وقيل : إرمينية الكبرى خلاط ونواحيها وإرمينية الصغرى تفليس ونواحيها ، وقيل : هي ثلاث أرمينيات ، وقيل : أربع ، فالأولى : بيلقان وقبلة وشروان وما انضمّ إليها عدّ منها ، والثانية : جرزان وصغدبيل وباب فيروز قباذ واللّكز ، والثالثة : البسفرجان ودبيل وسراج طير وبغروند والنّشوى ، والرابعة وبها قبر صفوان بن المعطّل صاحب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهو قرب حصن زياد عليه شجرة نابتة لا يعرف أحد من الناس ما هي ، ولها حمل يشبه اللوز يؤكل بقشره وهو طيّب جدّا ، فمن الرابعة : شمشاط وقاليقلا وأرجيش وباجنيس ، وكانت كور أرّان والسيسجان ودبيل والنّشوى وسراج طير وبغروند وخلاط وباجنيس في مملكة الروم ، فافتتحها الفرس وضمّوها إلى ملك شروان التي فيها صخرة موسى ، عليه السلام ، التي بقرب عين الحيوان ، ووجدت في كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس : طول أرمينية العظمى ثمان وسبعون درجة ، وعرضها ثمان وثلاثون درجة وعشرون دقيقة ، داخلة في الإقليم الخامس ، طالعها تسع عشرة درجة من السرطان ، يقابلها خمس عشرة درجة من الجدي ، ووسط سمائها خمس عشرة درجة من الحمل ، بيت حياتها خمس عشرة درجة من الميزان ، قال : ومدينة أرمينية الصغرى طولها خمس وسبعون درجة وخمسون دقيقة ، وعرضها خمس وأربعون درجة ، طالعها عشرون درجة من السرطان ، يقابلها مثلها من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل بيت عاقبتها مثلها من الميزان ، ولها شركة في العوّاء وفي الدّبّ الأكبر ولها شركة في كوكب هوز ، وهو كوكب الحكماء ، وما يولد مولود قط وكان طالعه كوكب هوز الا وكان حكيما ، وبه ولد بطليموس وبقراط وأوقليدس ، وهذه المدينة مقابلة لمدينة الحكماء ، يدور عليها من كل بنات نعش أربعة أجزاء ، وهي صحيحة الهواء ، وكل من سكنها طال عمره ، بإذن الله تعالى ، هذا كله من كتاب الملحمة. وفي كتب الفرس : أن جرزان وأرّان كانتا في أيدي الخزر ، وسائر ارمينية في ايدي الروم يتولّاها صاحبها أرميناقس وسمّته العرب أرميناق ، فكانت الخزر تخرج فتغير ، فربما بلغت الدينور ، فوجّه قباذ بن فيروز الملك قائدا من عظماء

١٦٠