وهو مختصر في اللغة مشهور ، مستعمل جيد ، وكتاب الأنواء وغير ذلك.
أَجْدادُ : بلفظ جمع الجدّ أبي الأب ، وهو في الأصل جمع جدّ بضم الجيم وهو البئر ، وهو اسم موضع بنجد في بلاد غطفان فيه روضة ، قال النابغة :
أرسما جديدا من سعاد تجنّب |
|
عفت روضة الأجداد منها فيثقب |
وقال أبو زياد : الأجداد مياه بالسماوة لكلب ، وأنشد يقول :
نحن جلبنا الخيل من مرادها |
|
من جانبي لبنى إلى أنضادها |
يفري لها الأخماس من مزادها |
|
فصبّحت كلبا على أجدادها |
طحمة ورد ليس من أورادها |
أَجْدُثُ : بالفتح ، ثم السكون ، وضم الدال المهملة ، والثاء مثلثة ، جمع جدث ، جمع قلّة ، وهو القبر ، قال السّكّري : أحدث وأجدث بالحاء والجيم موضعان ، قال المنخّل :
عرفت ، بأجدث فنعاف عرق ، |
|
علامات كتحبير النّماط |
الأَجْدَلان : بالدال المهملة : أبرقان من ديار عوف بن كعب بن سعد من أطراف الستار ، وهو واد لامرئ القيس بن زيد مناة بن تميم حيث التقى هو وبيضاء الخطّ.
أَجْذال : بالفتح ، ثم السكون ، والذال معجمة ، وألف ولام ، كأنه جمع جذل النخلة : وهو البريد الخامس من المدينة لمن يريد بدرا.
أَجْوَاد : بالدال المهملة ، جمع جرد وهي الأرض التي لا نبات بها : وهو موضع بعينه ، قال الراجز :
لا ريّ للعيس بذي الأجراد
أَجْرَاذ : مثل الذي قبله ، إلا أن ذاله معجمة : موضع بنجد ، قال الراجز :
أتعرف الدار بذي أجراذ ، |
|
دارا لسعدى وابنتي معاذ |
لم تبق منهم رهم الرّذاذ ، |
|
غير أثافي مرجل جواذ |
وأمّ أجراذ : بئر قديمة في مكة ، وقيل : هي بالدال المهملة.
أَجْرَاف : كأنه جمع جرف وهو جانب الوادي المنتصب : موضع ، قال الفضل بن العبّاس اللهبي :
يا دار أقوت بالجزع ذي الأخياف ، |
|
بين حزم الجزيز والأجراف |
أَجْرَبُ : بالفتح ، ثم السكون ، يقال : رجل جرب وأجرب ، وليس من باب أفعل من كذا أي إن هذا الموضع أشدّ جربا من غيره ، لأنه من العيوب ، ولكنه مثل أحمر : وهو اسم موضع يذكر مع الأشعر من منازل جهينة بناحية المدينة. وأجرب : موضع آخر بنجد ، قال أوس بن قتادة بن عمرو ابن الأخوص :
أفدي ابن فاختة المقيم بأجرب ، |
|
بعد الظّعان وكثرة التّرحال |
خفيت منيّته ، ولو ظهرت له |
|
لوجدت صاحب جرأة وقتال |
الأَجْرَدُ : بوزن الذي قبله ، وهو الموضع الذي لا نبات فيه : اسم جبل من جبال القبلية عن أبي القاسم محمود ، عن السيّد عليّ العلوي ، له ذكر في حديث الهجرة
عن محمد بن إسحاق. وقال نصر : الأشعر والأجرد جبلا جهينة بين المدينة والشام.
أَجَرُ : بالتحريك. قال أبو عبيد : يخرج القاصد من القيروان إلى بونة ، فيأخذ من القيروان إلى جلولاء ومنها إلى أجر : وهي قرية لها حصن وقنطرة ، وهي موضع وعر كثير الحجارة ، صعب المسلك ، لا يكاد يخلو من الأسد ، دائم الريح العاصفة ، ولذلك يقال : إذا جئت أجر فعجّل فإن فيه حجرا يبري ، وأسدا يفري ، وريحا تذري. وحول أجر قبائل من العرب والبربر.
الأَجْرَعَيْن : بلفظ التثنية : علم لموضع باليمامة ، عن محمد ابن إدريس بن أبي حفصة ، هكذا حكاه مبتدئا به.
أجزل : بالزاي واللام ، قال قيس بن الصّرّاع العجليّ :
سقى جدثا ، بالأجزل الفرد فالنّقا ، |
|
رهام الغوادي مزنة فاستهلّت |
أَجْشُدُ : بالفتح ، ثم السكون ، وضم الشين المعجمة ، ودال مهملة ، وهو علم مرتجل ، لم تجيء ، فيما علمت ، هذه الثلاثة الأحرف مجتمعة في كلمة واحدة على وجوهها الستة في شيء من كلام العرب : وهو اسم جبل في بلاد قيس عيلان ، وهو في كتاب نصر : أجشر ، بالراء ، والله أعلم بالصواب.
أَجشَّ : بالتحريك ، وتشديد الشين المعجمة ، وهو في اللغة الغليظ الصوت ، قال أبو ذؤيب الهذلي :
وتميمة من قانص متلبّب ، |
|
في كفّه جشّ أجشّ وأقطع |
الجشّ : القوس الخفيفة ، يصف صائدا. وأجشّ : اسم أطم من آطام المدينة ، والأطم والأجم القصر كان لبني أنيف البلويين عند البئر التي يقال لها لاوة.
الأَجْفُر : بضم الفاء ، جمع جفر ، وهو البئر الواسعة لم تطو : موضع بين فيد والخزيمية ، بينه وبين فيد ستة وثلاثون فرسخا نحو مكة. وقال الزمخشري : الأجفر ماء لبني يربوع ، انتزعته منهم بنو جذيمة.
إِجْلَةُ : بالكسر ثم السكون : من قرى اليمامة عن الحفصي.
أَجَلَى : بفتح أوله وثانيه وثالثه ، بوزن جمزى محرّك ، وآخره ممال ، وهذا البناء يختصّ بالمؤنث اسما وصفة ، فالاسم نحو أجلى ودقرى وبردى ، والصفة بشكي ومرطي وجمزى : وهو اسم جبل في شرقي ذات الأصاد ، أرض من الشّربة. وقال ابن السكّيت : أجلى هضبات ثلاث على مبدأة النعم من الثّعل بشاطئ الجريب الذي يلقى الثّعل ، وهو مرعى لهم معروف ، قال :
حلّت سليمى جانب الجريب |
|
بأجلى ، محلّة الغريب ، |
محلّ لا دان ، ولا قريب |
وقال الأصمعي : أجلى بلاد طيبة مريئة ، تنبت الجليّ والصّليّان ، وأنشد : حلّت سليمى. وقال السكّري في شرح قول القتّال الكلابي :
عفت أجلى من أهلها فقليبها |
|
إلى الدّوم ، فالرّنقاء قفرا كثيبها |
أجلى : هضبة بأعلى نجد. وقال محمد بن زياد الأعرابي : سئلت بنت الحسن : أيّ البلاد أفضل مرعى وأسمن؟ فقالت : خياشيم الحزم أو جواء الصّمّان. قيل لها : ثم ما ذا؟ فقالت : أراها أجلى أنّى شئت ، أي متى شئت بعد هذا. قال ويقال : إن أجلى موضع في طريق البصرة إلى مكة.
أَجَمٌ : بالتحريك : موضع بالشام قرب الفراديس من نواحي حلب ، قال المتنبي :
الراجع الخيل محفاة مقوّدة ، |
|
من كل مثل وبار ، شكلها إرم |
كتلّ بطريق ، المغرور ساكنها |
|
بأنّ دارك قنّسرين والأجم |
أُجُم : بضم أوله وثانيه : وهو واحد آجام المدينة ، وهو بمعنى الأطم ، وآجام المدينة وآطامها حصونها وقصورها ، وهي كثيرة ، لها ذكر في الأخبار. وقال ابن السكّيت : أجم حصن بناه أهل المدينة من حجارة ، وقال : كل بيت مربع مسطح فهو أجم ، قال امرؤ القيس :
وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ، |
|
ولا أجما إلا مشيدا بجندل |
أَجَمَةُ بُرس : بالفتح والتحريك ، وبرس ، بضم الباء الموحدة ، وسكون الراء ، والسين مهملة : ناحية بأرض بابل. قال البلاذري في كتاب الفتوح : يقال إن عليّا ، رضي الله عنه ، ألزم أهل أجمة برس أربعة آلاف درهم ، وكتب لهم بذلك كتابا في قطعة أدم. وأجمة برس بحضرة الصّرح ، صرح نمروذ بن كنعان بأرض بابل ، وفي هذه الأجمة هوّة بعيدة القعر ، يقال إن منها عمل آجرّ الصرح ، ويقال إنها خسفت ، والله أعلم.
أَجْنَادُ الشام : جمع جند ، وهي خمسة : جند فلسطين ، وجند الأردنّ ، وجند دمشق ، وجند حمص ، وجند قنّسرين. قال احمد بن يحيى بن جابر : اختلفوا في الأجناد ، فقيل سمّى المسلمون فلسطين جندا ، لأنه جمع كورا ، والتجنّد : التجمّع ، وجنّدت جندا أي جمعت جمعا ، وكذلك بقية الأجناد. وقيل : سمّيت كل ناحية بجند كانوا يقبضون أعطياتهم فيه. وذكروا أن الجزيرة كانت مع قنّسرين جندا واحدا ، فأفردها عبد الملك بن مروان وجعلها جندا برأسه ، ولم تزل قنّسرين وكورها مضمومة إلى حمص حتى كان ليزيد بن معاوية ، فجعل قنسرين وأنطاكية ومنبج جندا برأسه ، فلما استخلف الرشيد ، أفرد قنسرين بكورها ، فجعلها جندا ، وأفرد العواصم ، كما نذكره في العواصم إن شاء الله ، وقال الفرزدق :
فقلت : ما هو إلا الشام تركبه ، |
|
كأنما الموت في أجناده البغر |
والبغر : داء يصيب الإبل ، تشرب الماء فلا تروى.
أَجْنَادَيْن : بالفتح ، ثم السكون ، ونون وألف ، وتفتح الدال فتكسر معها النون ، فيصير بلفظ التثنية ، وتكسر الدال ، وتفتح النون بلفظ الجمع ، وأكثر أصحاب الحديث يقولون إنه بلفظ التثنية ، ومن المحصّلين من يقوله بلفظ الجمع : وهو موضع معروف بالشام من نواحي فلسطين. وفي كتاب أبي حذيفة إسحاق ابن بشير بخط أبي عامر العبدري : أن أجنادين من الرملة من كورة بيت جبرين ، كانت به وقعة ، بين المسلمين والروم ، مشهورة. وقالت العلماء بأخبار الفتوح : شهد يوم أجنادين مائة ألف من الروم ، سرّب هرقل أكثرهم ، وتجمّع الباقي من النواحي ، وهرقل يومئذ بحمص ، فقاتلوا المسلمين قتالا شديدا ، ثم إن الله تعالى هزمهم وفرّقهم ، وقتل المسلمون منهم خلقا ، واستشهد من المسلمين طائفة ، منهم عبد الله بن الزبير بن عبد المطّلب ابن هاشم بن عبد مناف ، وعكرمة بن أبي جهل ، والحارث بن هشام ، وأبلى خالد بن الوليد يومئذ بلاء مشهورا ، وانتهى خبر الوقعة إلى هرقل فنخب
قلبه وملئ رعبا ، فهرب من حمص إلى أنطاكية. وكانت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة قبل وفاة أبي بكر ، رضي الله عنه ، بنحو شهر ، فقال زياد بن حنظلة :
ونحن تركنا أرطبون مطرّدا ، |
|
إلى المسجد الأقصى ، وفيه حسور |
عشيّة أجنادين لما تتابعوا ، |
|
وقامت عليهم بالعراء نسور |
عطفنا له تحت العجاج بطعنة ، |
|
لها نشج نائي الشهيق غزير |
فطمنا به الروم العريضة ، بعده |
|
عن الشام أدنى ما هناك شطير |
تولّت جموع الروم تتبع إثره ، |
|
تكاد من الذعر الشديد تطير |
وغودر صرعى في المكرّ كثيره ، |
|
وعاد إليه الفلّ ، وهو حسير |
وقال كثيّر بن عبد الرحمن :
إلى خير أحياء البريّة كلّها ، |
|
لذي رحم أو خلّة متأسّن |
له عهد ودّ لم يكدّر بريبة ، |
|
وناقول معروف حديث ومزمن |
وليس امرؤ من لم ينل ذاك ، كامرئ |
|
بدا نصحه فاستوجب الرّفد محسن |
فإن لم تكن بالشام داري مقيمة ، |
|
فإن بأجنادين كنّي ومسكني |
منازل صدق ، لم تغيّر رسومها ، |
|
وأخرى بميّافارقين فموزن |
أَجْنِقانُ : بالفتح ، ثم السّكون ، وكسر النّون ، وقاف وألف ونون ، ويروى بمدّ أوله ، وقد ذكر قبل ، وهي من قرى سرخس. ويقال له : أجنكان ، بلسانهم أيضا.
أَجْوَلُ : يجوز أن يكون أفعل من جال يجول ، وأن يكون منقولا من الفرس الأجوليّ ، وهو السريع ، والأصل أن الأجول واحد الأجاول : وهي هضبات متجاورات بحذاء هضبة من سلمى وأجإ فيها ماء. وقيل : أجول واد أو جبل في ديار غطفان ، عن نصر.
أَجْوِيَةُ : كأنّه جمع جواء ، وقد ذكر الجواء في موضعه من هذا الكتاب : هو ماء لبني نمير بناحية اليمامة.
أَجْيَادٌ : بفتح أوله وسكون ثانيه ، كأنه جمع جيد ، وهو العنق. وأجياد أيضا جمع جواد من الخيل ، يقال للذكر والأنثى ، وجياد وأجاويد ، حكاه أبو نصر إسماعيل بن حمّاد ، وقد قيل في اسم هذا الموضع جياد ، أيضا ، وقد ذكر في موضعه ، وقال الأعشى ميمون بن قيس :
فما أنت من أهل الحجون ولا الصّفا ، |
|
ولا لك حقّ الشّرب من ماء زمزم |
ولا جعل الرحمن بيتك ، في العلا ، |
|
بأجياد غربيّ الصفا والمحرّم |
وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة :
هيهات من أمّة الوهّاب منزلنا ، |
|
لما نزلنا بسيف البحر من عدن |
وجاورت أهل أجياد ، فليس لنا |
|
منها ، سوى الشّوق أو حظّ من الحزن |
وذكره في الشعر كثير. واختلف في سبب تسميته بهذا الاسم ، فقيل : سمّي بذلك لأن تبّعا لما قدم مكّة ربط خيله فيه ، فسمّي بذلك ، وهما أجيادان : أجياد الكبير وأجياد الصغير. وقال أبو القاسم الخوارزمي : أجياد موضع بمكة يلي الصفا. وقال أبو سعيد السّيرافي في كتاب جزيرة العرب ، من تأليفه : هو موضع خروج دابّة الأرض. وقرأت فيما أملاه أبو الحسين أحمد بن فارس ، على بديع بن عبد الله الهمذاني باسناد له : إن الخيل العتاق كانت محرّمة كسائر الوحش ، لا يطمع في ركوبها طامع ، ولا يخطر ارتباطها للناس على بال ، ولم تكن ترى إلا في أرض العرب ، وكانت مكرمة ادّخرها الله لنبيه وابن خليله إسماعيل بن إبراهيم ، عليهم السلام ، وكان إسماعيل أول من ذلّلت له الخيل العتاق ، وأول من ركبها وارتبطها ، فذكر أهل العلم أن الله ، عزّ وجلّ ، أوحى إلى إسماعيل ، عليه السلام : إني ادّخرت لك كنزا لم أعطه أحدا قبلك ، فاخرج فناد بالكنز ، فأتى أجيادا ، فألهمه الله تعالى الدّعاء بالخيل ، فلم يبق في بلاد الله فرس إلا أتاه ، فارتبطها بأجياد ، فبذلك سمّي المكان أجيادا ، ويؤيد هذا ما قاله الأصمعي ، في تفسير قول بشر بن أبي خازم :
حلفت بربّ الداميات نحورها ، |
|
وما ضمّ أجياد المصلّى ومذهب |
لئن شبّت الحرب العوان التي أرى ، |
|
وقد طال إبعاد بها وترهّب |
لتحتملن بالليل منكم ظعينة ، |
|
إلى غير موثوق من العزّ تهرب |
قال أبو عبيدة المصلّى : المسجد. والمذهب : بيت الله الحرام. وأجياد ، قال الأصمعي : هو الموضع الذي كانت به الخيل التي سخرها الله لإسماعيل ، عليه السلام. وقال ابن إسحاق : لما وقعت الحرب بين الحارث بن مضاض الجرهمي وبين السّميدع بن حوثر ، بالثاء المثلثة ، خرج ابن مضاض من قعيقعان فتقعقع سلاحه فسمي قعيقعان. وخرج السميدع ومعه الخيل+ الرجال من أجياد. فيقال إنه ما سمي أجياد أجيادا إلا بخروج الخيل الجياد منه مع السميدع. وقال السّهيلي : وأما أجياد فلم يسمّ بأجياد الخيل كما ذكر ابن إسحاق ، لأن جياد الخيل لا يقال فيها : أجياد ، وإنما أجياد جمع جيد. وذكر أصحاب الأخبار أن مضاضا ضرب في ذلك الموضع أجياد مائة رجل من العمالقة ، فسمي ذلك الموضع بأجياد ، لذلك قال : وكذا ذكر ابن إسحاق في غير كتاب السيرة. قلت أنا : وقد قدمنا أن الجوهري حكى أن العرب تجمع الجواد من الخيل على أجياد ، ولا شكّ أن ذلك لم يبلغ السّهيليّ فأنكره ، ومما يؤيد أن هذا الموضع مسمى بالخيل ، أنه يقال فيه : أجواد وجياد ، ثم اتفاق الرّواة أنها سميت بجياد الخيل ، لا تدفعه الرواية المحمولة من جهة السهيلي. وحدّث أبو المنذر قال : كثرت إياد بتهامة وبنو معدّ بها حلول ، ولم يتفرّقوا عنها ، فبغوا على بني نزار ، وكانت منازلهم بأجياد من مكة ، وذلك قول الأعشى :
وبيداء تحسب آرامها |
|
رجال إياد بأجيادها |
الأَجْيَادَان : تثنية الذي قبله ، وهما أجياد الكبير ، وأجياد الصغير ، وهما محلّتان بمكة. وربما قيل لهما أجيادين اسما واحدا بالياء في جميع أحواله.
الأُجَيْرافُ : كأنه تصغير أجراف : واد لطي فيه
تين ونخل ، عن نصر.
أُجَيْرَةُ : كأنه تصغير أجرة. روي عن أعشى همدان أنه قال : خرج مالك بن حريم الهمداني في الجاهلية ومعه نفر من قومه ، يريد عكاظ ، فاصطادوا ظبيا في طريقهم ، وكان قد أصابهم عطش كثير ، فانتهوا إلى مكان يقال له أجيرة ، فجعلوا يفصدون دم الظبي ويشربونه من العطش ، حتى أنفد دمه ، فذبحوه ، ثم تفرّقوا في طلب الحطب ، ونام مالك في الخباء ، فأثار أصحابه شجاعا ، فانساب حتى دخل خباء مالك ، فأقبلوا فقالوا : يا مالك ، عندك الشجاع فاقتله ، فاستيقظ مالك وقال : أقسمت عليكم إلّا كففتم عنه! فكفّوا. فانساب الشجاع فذهب ، فأنشأ مالك يقول :
وأوصاني الحريم بعزّ جاري ، |
|
وأمنعه ، وليس به امتناع |
وأدفع ضيمه ، وأذود عنه |
|
وأمنعه ، إذا امتنع المناع |
فدى لكم أبي ، عنه تنحّوا |
|
لأمر ما استجار بي الشّجاع |
ولا تتحمّلوا دم مستجير |
|
تضمّنه أجيرة ، فالتّلاع |
فإنّ لما ترون خفيّ أمر |
|
له ، من دون أمركم ، قناع |
ثم ارتحلوا ، وقد أجهدهم العطش ، فإذا هاتف يهتف بهم ، يقول :
يا أيّها القوم! لا ماء أمامكم ، |
|
حتى تسوموا المطايا يومها التّعبا |
ثم اعدلوا شامة ، فالماء عن كثب ، |
|
عين رواء ، وماء يذهب اللّغبا |
حتى إذا ما أصبتم منه ريّكم ، |
|
فاسقوا المطايا ، ومنه فاملأوا القربا |
قال : فعدلوا شامة فإذا هم بعين خرّارة ، فشربوا وسقوا إبلهم ، وحملوا منه في قربهم. ثم أتوا عكاظا ، فقضوا إربهم ، ورجعوا فانتهوا إلى موضع العين ، فلم يروا شيئا ، وإذا بهاتف يقول :
يا مال عنّي ، جزاك الله صالحة ، |
|
هذا وداع لكم منّي ، وتسليم |
لا تزهدن في اصطناع العرف عن أحد ، |
|
إن الذي يحرم المعروف محروم |
أنا الشجاع ، الذي أنجيت من رهق |
|
شكرت ذلك ، إنّ الشّكر مقسوم |
من يفعل الخير لا يعدم مغبّته |
|
ما عاش ، والكفر بعد العرف مذموم |
الأُجَيْفِرُ : هو جمع أجفر ، لأن جمع القلة يشبه الواحد ، فيصغّر على بنائه ، فيقال في أكلب أكيلب ، وفي أجربة أجيربة ، وفي أحمال أحيمال : وهو موضع في أسفل السّبعان من بلاد قيس ، والأصمعي يقول : هو لبني أسد. وأنشد لمرّة بن عيّاش ابن عم معاوية بن خليل النّصري ، ينوح بني جذيمة بن مالك ابن نصر بن قعين ، يقول :
ولقد أرى الثّلبوت يألف بينه ، |
|
حتى كأنهم أولو سلطان |
ولهم بلاد ، طال ما عرفت لهم : |
|
صحن الملا ، ومدافع السّبعان |
ومن الحوادث ، لا أبا لأبيكم : |
|
إن الأجيفر ، ماؤه شطران |
قال : كان الأجيفر كله لهم ، فصار نصفه لبني سواءة من بني أسد.
باب الهمزة والحاء وما يليهما
أَحَارِبُ : كأنه جمع أحرب ، اسم نحو أجدل وأجادل. أو جمع الجمع نحو أكلب وأكالب : موضع في شعر الجعدي :
وكيف أرجّي قرب من لا أزوره ، |
|
وقد بعدت عني صرار أحارب |
الأَحاسِبُ : بفتح أوله وكسر السين المهملة ، وآخره باء موحدة ، وهو جمع أحسب ، وهو من البعران الذي فيه بياض وحمزة. والأحسب من الناس الذي في شعر رأسه شقرة. قال امرؤ القيس بن عابس الكندي :
فيا هند! لا تنكحي بوهة ، |
|
عليه عقيقته أحسبا |
يقول : كأنه لم تحلق عقيقته في صغره حتى شاخ. فإن قيل : إنما يجمع أفعل على أفاعل في الصفات إذا كان مؤنثه فعلى ، مثل صغير وأصغر وصغرى وأصاغر ، وهذا فمؤنثه حسباء ، فيجب أن يجمع على فعل أو فعلان ، فالجواب أن أفعل يجمع على أفاعل إذا كان اسما على كلّ حال ، وههنا فكأنهم سموا مواضع ، كل واحد منها أحسب ، فزالت الصفة بنقلهم إياه إلى العلمية ، فتنزّل منزلة الاسم المحض ، فجمعوه على أحاسب ، كما فعلوا بأحامر ، وبأحاسن ، في اسم موضع يأتي عقيب هذا ، إن شاء الله تعالى ، وكما جمعوا الأحوص ، وهو الضّيّق العين عند العلمية ، على أحاوص ، وهو في الأصل صفة ، قال الشاعر :
أتاني وعيد الحوص من آل جعفر ، |
|
فيا عبد عمرو لو نهيت الأحاوصا |
فقال : الحوص نظرا إلى الوصفية ، والأحاوص نظرا إلى الاسمية ، والأحاسب هي مسائل أودية تنصبّ من السراة في أرض تهامة.
الأَحَاسِنُ : كأنه جمع أحسن ، والكلام فيه كالكلام في أحاسب المذكور قبله : وهي جبال قرب الأحسن ، بين ضريّة واليمامة ، وقال أبو زياد : الأحاسن من جبال بني عمرو بن كلاب ، قال السري بن حاتم :
كأن لم يكن من أهل علياء باللّوى |
|
حلول ، ولم يصبح سوام مبرّح |
لوى برقة الخرجاء ثم تيامنت |
|
بهم نيّة عنّا ، تشبّ فتنزح |
تبصّرتهم ، حتى إذا حال دونهم |
|
يحاميم ، من سود الأحاسن ، جنّح |
يسوق بهم رأد الضّحى متبذّل |
|
بعيد المدى ، عاري الذراعين ، شحشح |
سبتك بمصقول ترقّ غروبه ، |
|
وأسحم ، زانته ترائب وضّح |
من الخفرات البيض ، لا يستفيدها |
|
دنيّ ، ولا ذاك الهجين المطرّح |
أَحَالِيلُ : يظهر أنه جمع الجمع ، لأن الحلّة هم القوم النزول ، وفيهم كثرة ، وجمعهم حلال ، وجمع
حلال أحاليل ، على غير قياس ، لأن قياسه أحلال ، وقد يوصف بحلال المفرد فيقال حيّ حلال : وهو موضع في شرقي ذات الإصاد ، ومنه كان مرسل داحس والغبراء.
أُحَامِرُ البُغيبغَةِ : بضم الهمزة ، كأنه من حامر يحامر ، فأنا أحامر من المفاعلة ، ينظر أيّهما أشدّ حمرة. والبغيبغة ، بضم الباء الموحدة ، والغينان معجمتان مفتوحتان ، يذكر في موضعه ، إن شاء الله تعالى ، وأحامر : اسم جبل أحمر من جبال حمى ضريّة ، وأنشد ابن الأعرابي للراعي :
كهداهد كسر الرّماة جناحه ، |
|
يدعو ، بقارعة الطريق ، هديلا |
فقال : ليس قول الناس إن الهداهد ، ههنا ، الهدهد بشيء ، إنما الهداهد الحمام الكثير الهداهد ، كما قالوا : قراقر لكثير القراقر ، وجلاجل لكثير الجلاجل. يقال : حاد جلاجل إذا كان حسن الصوت ، فأحامر ، على هذا ، الكثير الحمرة ، قال جميل :
دعوت أبا عمرو فصدّق نظرتي ، |
|
وما إن يراهنّ البصير لحين |
وأعرض ركن من أحامر دونهم ، |
|
كأنّ ذراه لفّعت بسدين |
أُحَامِرُ قُرَى : قال الأصمعي : ومبدأ الحمّتين من ديار أبي بكر بن كلاب ، عن يسارهما جبل أحمر يسمّى أحامر قرى. وقرى : ماء نزلته الناس قديما ، وكان لبني سعد من بني أبي بكر بن كلاب.
أُحامِرَةُ : بزيادة الهاء : ردهة بحمى ضريّة معروفة.
والردهة نقرة في صخرة يستنقع فيها الماء.
أَحامِرَةُ : جمع أحمر ، كما ذكرنا في أحاسب ، وألحقت به هاء التأنيث بعد التسمية : ماءة لبني نصر ابن معاوية ، وقيل : أحامرة بلدة لبني شاس. وبالبصرة مسجد تسميه العامة مسجد الأحامرة ، وهو غلط ، إنما هو مسجد الحامرة ، وقد ذكر في موضعه.
أَحْباب : جمع حبيب : وهو بلد في جنب السوارقية من نواحي المدينة ، ثم من ديار بني سليم ، له ذكر في الشعر.
أَحْثَالُ : بعد الحاء الساكنة ثاء مثلثة وألف ولام.
قال أبو أحمد العسكري : يوم ذي أحثال ، بين تميم وبكر بن وائل ، وهو الذي أسر فيه الحوفزان بن شريك قاتل الملوك وسالبها أنفسها ، أسره حنظلة بن بشر بن عمرو بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم ، وقيل فيه :
ونحن حفزنا الحوفزان مكبّلا ، |
|
يساق كما ساق الأجير الركائبا |
الأَحَثُّ : بالثاء المثلثة : من بلاد هذيل ، ولهم فيه يوم مشهور ، قال أبو قلابة الهذلي :
يا دار أعرفها ، وحشا منازلها |
|
بين القوائم ، من رهط فألبان |
فدمنة ، برحيّات الأحثّ إلى |
|
ضوجي دفاق ، كسحق الملبس الفاني |
وقال أبو قلابة أيضا :
يئست من الحذيّة أمّ عمرو ، |
|
غداة إذ انتحوني بالجناب |
فيأسك من صديقك ، ثم يأسا |
|
ضحى ، يوم الأحثّ من الإياب |
أَحْجَارُ الثُّمَام : أحجار ، جمع حجر ، والثّمام نبت بالثاء المثلثة : وهي صخيرات الثمام ، نزل بها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في طريقه الى بدر قرب الفرش وملل ، قال محمد بن بشير يرثي سليمان بن الحصين :
ألا أيّها الباكي أخاه ، وإنما |
|
تفرّق يوم الفدفد الأخوان |
أخي ، يوم أحجار الثمام بكيته ، |
|
ولو حمّ يومي قبله لبكاني |
تداعت به أيّامه فاختر منه ، |
|
وأبقين لي شجوا بكلّ مكان |
فليت الذي ينعى سليمان غدوة |
|
دعا ، عند قبري مثلها ، فنعاني |
أَحْجَارُ الزَّيْت : موضع بالمدينة قريب من الزّوراء ، وهو موضع صلاة الاستسقاء ، وقال العمراني : أحجار الزّيت موضع بالمدينة داخلها.
الأَحْدَبُ : بفتح الدال والباء الموحدة : جبل في ديار بني فزارة. وقيل : هو أحد الأثبرة ، والذي يقتضيه ذكره في أشعار بني فزارة ، أنه في ديارهم ، ولعلّهما جبلان يسمّى كلّ واحد منهما بأحدب.
أَحْدَثُ : مثل الذي قبله في الوزن ، الا أن الثاء مثلثة : بلد قريب من نجد.
أُحُدٌ : بضم أوله وثانيه معا : اسم الجبل الذي كانت عنده غزوة أحد ، وهو مرتجل لهذا الجبل ، وهو جبل أحمر ، ليس بذي شناخيب ، وبينه وبين المدينة قرابة ميل في شماليّها ، وعنده كانت الوقعة الفظيعة التي قتل فيها حمزة عمّ النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وسبعون من المسلمين ، وكسرت رباعية النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وشجّ وجهه الشريف ، وكلمت شفته ، وكان يوم بلاء وتمحيص ، وذلك لسنتين وتسعة أشهر وسبعة أيام من مهاجرة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو في سنة ثلاث ، وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات :
يا سيّد الظاعنين من أحد! |
|
حيّيت من منزل ، ومن سند |
ما إن بمثواك غير راكدة |
|
سفع ، وهاب ، كالفرخ ملتبد |
وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : أحد جبل يحبّنا ونحبّه ، وهو على باب من أبواب الجنة. وعير جبل يبغضنا ونبغضه ، وهو على باب من أبواب النار. وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أنه قال : خير الجبال أحد والأشعر وورقان. وورد محمد بن عبد الملك الفقعسي إلى بغداد ، فحنّ إلى وطنه وذكر أحدا وغيره من نواحي المدينة ، فقال :
نفى النوم عنّي ، فالفؤاد كئيب ، |
|
نوائب همّ ، ما تزال تنوب |
وأحراض أمراض ببغداد جمّعت |
|
عليّ ، وأنهار لهنّ قسيب |
وظلّت دموع العين تمرى غروبها ، |
|
من الماء ، دارأت لهنّ شعوب |
وما جزع من خشية الموت أخضلت |
|
دموعي ، ولكنّ الغريب غريب |
ألا ليت شعري ، هل أبيتنّ ليلة |
|
بسلع ، ولم تغلق عليّ دروب؟ |
وهل أحد باد لنا وكأنّه |
|
حصان ، أمام المقربات ، جنيب! |
يخبّ السّراب الضّحل بيني وبينه ، |
|
فيبدو لعيني تارة ، ويغيب |
فإن شفائي نظرة ، إن نظرتها |
|
إلى أحد ، والحرّتان قريب |
وإني لأرعى النّجم ، حتى كأنني ، |
|
على كل نجم في السماء ، رقيب |
وأشتاق للبرق اليمانيّ ، إن بدا ، |
|
وأزداد شوقا أن تهبّ جنوب |
وقال ابن أبي عاصية السّلمي ، وهو عند معن بن زائدة باليمن ، يتشوّق المدينة :
أهل ناظر من خلف غمدان مبصر |
|
ذرى أحد ، رمت المدى المتراخيا |
فلو أنّ داء اليأس بي ، وأعانني |
|
طبيب بأرواح العقيق شفانيا |
وكان الياس بن مضر قد أصابه السّلّ ، وكانت العرب تسمّي السّل داء اليأس.
أَحَدٌ : بالتحريك ، يجوز أن يكون بمعنى أحد الذي هو أوّل العدد ، وأن يكون بمعنى أحد الذي هو بمعنى كتيع وأرم وعريب ، فتقول : ما بالدار أحد ، كما تقول : ما بالدار كتيع ، ولا بالدار عريب. قيل : هو موضع بنجد ، وقيل الأحدّ ، بتشديد الدال : جبل له ذكر في شعرهم.
أَحْوَاد : جمع حريد ، وهو المنفرد عن محلّة القوم ، وقيل : أحراد جمع حرد ، وهي القطعة من السّنام ، وكان هذا الموضع ، إن كان سمّي بذلك ، فلأنه ينبت الشحم ، ويسمّن الإبل. والحرد : القطا الواردة للماء ، فيكون سمّي بذلك ، لأن القطا ترده ، فيكون به أحراد ، جمع حرد بالضم : وهي بئر بمكة قديمة. روى الزبير بن بكار عن أبي عبيدة في ذكر آبار مكة ، قال : احتفرت كل قبيلة من قريش في رباعهم بئرا ، فاحتفرت بنو عبد العزّى شفيّة ، وبنو عبد الدار أمّ أحراد ، وبنو جمح السّنبلة ، وبنو تميم بن مرة الجفر ، وبنو زهرة الغمر ، قالت أميمة بنت عميلة ، امرأة العوّام بن خويلد :
نحن حفرنا البحر أمّ أحراد ، |
|
ليست كبذّر النّزور الجمّاد |
فأجابتها ضرّتها صفيّة :
نحن حفرنا بذّر ، |
|
نسقي الحجيج الأكبر ، |
وأمّ أحراد شر |
أَحْرَاصُ : بصاد مهملة ، ورواه بعضهم بالضاد المعجمة ، في قول أمية بن أبي عائذ الهذلي :
لمن الديار بعلي فالأحراص ، |
|
فالسّودتين فمجمع الأبواص |
قال السكري : يروى الأخراص ، بالخاء المعجمة ، والأحراص ، بالحاء المهملة ، والقصيدة صادية مهملة.
أَحْرَاضُ : هذا بالضاد المعجمة ، كذا وجدته بخط أبي عبد الله محمد بن المعلّى الأزدي البصري في شرحه لقول تميم بن أبي بن مقبل :
عفا ، من سليمى ، ذو كلاف فمنكف |
|
مبادي الجميع ، القيظ والمتصيف |
وأقفر منها ، بعد ما قد تحلّه ، |
|
مدافع أحراض ، وما كان يخلف |
قال صاحب العين : يقال رجل حرض لا خير فيه ، وجمعه أحراض ، وقال الزّجّاج : يقال رجل حرض أي ذو حرض ، ولذلك لا يثنى ولا يجمع ، كقولهم رجل دنف أي ذو دنف ، ويجوز أن يكون أحراض جمع حرض وهو الأشنان.
أَحْرُضُ : بالفتح ، ثم السكون ، وضم الراء ، والضاد معجمة ، واشتقاقه مثل الذي قبله : وهو موضع في جبال هذيل ، سمي بذلك لأن من شرب من مائه حرض أي فسدت معدته.
أَحْزَاب : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وزاي وألف وباء موحدة : مسجد الأحزاب ، من المساجد المعروفة بالمدينة التي بنيت في عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، والأصل في الأحزاب ، كل قوم تشاكلت قلوبهم وأعمالهم ، فهم أحزاب ، وإن لم يلق بعضهم بعضا بمنزلة عاد وثمود ، أولئك الأحزاب ، والآية الكريمة : كلّ حزب بما لديهم فرحون ، أي كل طائفة هو أهم واحد. وحزّب فلان أحزابا أي جمعهم ، قال رؤبة :
لقد وجدت مصعبا مستصعبا ، |
|
حين رمى الأحزاب والمحزّبا |
وحدث الزبير بن بكّار قال : لما ولّي الحسن بن زيد المدينة ، منع عبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي أن يؤمّ بالناس في مسجد الأحزاب ، فقال له : أصلح الله الأمير ، لم منعتني مقامي ، ومقام آبائي وأجدادي قبلي؟ قال : ما منعك منه إلا يوم الأربعاء ، يريد قوله :
يا للرجال ليوم الأربعاء! أما |
|
ينفكّ بحدث لي ، بعد النّهى ، طربا؟ |
إذ لا يزال غزال فيه يفتني ، |
|
يأتي ، إلى مسجد الأحزاب ، منتقبا |
يخبّر الناس أنّ الأجر همّته ، |
|
وما أتى طالبا أجرا ومحتسبا |
لو كان يطلب أجرا ما ما أتى ظهرا ، |
|
مضمّخا بفتيت المسك مختضبا |
لكنّه ساقه أن قيل ذا رجب ، |
|
يا ليت عدّة حولي كلّه رجبا |
فإنّ فيه ، لمن يبغي فواضله ، |
|
فضلا ، وللطالب المرتاد مطّلبا |
كم حرّة درّة قد كنت آلفها ، |
|
تسدّ ، من دونها ، الأبواب والحجبا |
قد ساغ فيه لها مشي النهار ، كما |
|
ساغ الشراب لعطشان إذا شربا |
أخرجن فيه ، ولا ترهبن ذا كذب ، |
|
قد أبطل الله فيه قول من كذبا |
الأَحْسَاءُ : بالفتح والمدّ ، جمع حسي ، بكسر الحاء ، وسكون السين : وهو الماء الذي تنشفه الأرض من الرمل ، فإذا صار إلى صلابة أمسكته ، فتحفر العرب عنه الرمل فتستخرجه ، قال أبو منصور : سمعت غير واحد من تميم يقول : احتسينا حسيا أي أنبطنا ماء حسي ، والحسي الرمل المتراكم ، أسفله جبل صلّد ، فإذا مطر الرمل نشف ماء المطر ، فإذا انتهى إلى الجبل الذي تحته ، أمسك الماء ، ومنع الرمل وحرّ الشمس أن ينشفا الماء. فإذا اشتدّ الحرّ نبث وجه الرمل عن الماء فنبع باردا عذبا يتبرّض تبرّضا. وقد رأيت في البادية أحساء
كثيرة على هذه الصفة ، منها أحساء بني سعد بحذاء هجر ، والأحساء ماء لجديلة طيء بأجإ ، وأحساء خرشاف ، وقد ذكر خرشاف في موضعه ، وأحساء القطيف ، وبحذاء الحاجر في طريق مكة أحساء في واد متطامن ذي رمل ، إذا رويت في الشتاء من السيول ، لم ينقطع ماء أحسائها في القيظ ، وقال الغطريف لرجل كان لصّا ، ثم أصاب سلطانا :
جرى لك بالأحساء ، بعد بؤوسها ، |
|
غداة القشيريّين بالملك تغلب |
عليك بضرب الناس ما دمت واليا ، |
|
كما كنت في دهر الملصّة تضرب |
والأحساء : مدينة بالبحرين ، معروفة مشهورة ، كان أول من عمرها وحصنها وجعلها قصبة هجر أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنّاني القرمطي ، وهي إلى الآن ، مدينة مشهورة عامرة. وأحساء بني وهب ، على خمسة أميال من المرتمى ، بين القرعاء وواقصة ، على طريق الحاجّ ، فيه بركة وتسع آبار كبار وصغار. والأحساء ماء لغنيّ ، قال الحسين بن مطير الأسدي :
أين جيراننا على الأحساء؟ |
|
أين جيراننا على الأطواء؟ |
فارقونا ، والأرض ملبسة نو |
|
ر الأقاحي تجاد بالأنواء |
كلّ يوم بأقحوان ونور ، |
|
تضحك الأرض من بكاء السماء |
أَحْسَنُ : بوزن أفعل ، من الحسن ضدّ القبح : اسم قرية بين اليمامة وحمى ضرية ، يقال لها معدن الأحسن ، لبني أبي بكر بن كلاب ، بها حصن ومعدن ذهب ، وهي طريق أيمن اليمامة ، وهناك جبال تسمّى الأحاسن ، قال النّوفلي : يكتنف ضريّة جبلان ، يقال لأحدهما وسط ، وللآخر الأحسن ، وبه معدن فضّة.
الأَحْسِيَةُ : بالفتح ، ثم السكون ، وكسر السين المهملة ، وياء خفيفة ، وهاء بوزن أفعلة ، وهو من صيغ جمع القلّة ، كأنه جمع حساء ، نحو حمار وأحمرة ، وسوار وأسورة. وحساء جمع حسي ، نحو ذئب وذئاب ، وزقّ وزقاق ، وقد تقدم تفسيره في الأحساء ، وقال ثعلب : الحساء الماء القليل ، وهو موضع باليمن ، له ذكر في حديث الرّدّة ، أنّ الأسود العنسي طرد عمّال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وكان فروة بن مسيك على مراد ، فنزل بالأحسية ، فانضمّ إليه من أقام على إسلامه.
الأَحْصَبَان : تثنية الأحصب ، من الأرض الحصباء ، وهي الحصى الصغار ، ومنه المحصّب ، موضع الجمار بمنّى ، قال أبو سعد : هو اسم موضع باليمن ، ينسب إليه أبو الفتح أحمد بن عبد الرحمن بن الحسين الأحصبي الورّاق نزل الأحصبين.
الأَحَصُّ : بالفتح ، وتشديد الصاد المهملة ، يقال : رجل أحصّ ، بيّن الحصص أي قليل شعر الرأس ، وقد حصّت البيضة رأسي إذا أذهبت شعره ، وطائر أحصّ الجناح ، ورجل احصّ اللّحية ، ورحم حصّاء كله بمعنى القطع ، وقال أبو زيد : رجل أحصّ إذا كان نكدا مشؤوما ، فكأنّ هذا الموضع ، لقلة خيره ، وعدم نباته ، سمّي بذلك. وبنجد موضعان يقال لهما : الأحصّ وشبيث. وبالشام من نواحي حلب موضعان يقال لهما : الأحصّ وشبيث. فأمّا الذي بنجد ، فكانت منازل ربيعة ،
ثم منازل ابني وائل بكر وتغلب. وقال أبو المنذر هشام بن محمد في كتابه في افتراق العرب : ودخلت قبائل ربيعة ظواهر بلاد نجد والحجاز ، وأطراف تهامة ، وما والاها من البلاد ، وانقطعوا إليها ، وانتثروا فيها ، فكانوا بالذنائب ، وواردات ، والأحصّ ، وشبيث ، وبطن الجريب ، والتّغلمين ، وما بينها وما حولها من المنازل. وروت العلماء الأئمة ، كأبي عبيدة وغيره : أن كليبا ، واسمه وائل بن ربيعة بن الحارث بن مرّة بن زهير بن جشم ابن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل ، قال يوما لامرأته ، وهي جليلة بنت مرّة أخت جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، وأمّ جساس هبلة بنت منقذ بن سلمان بن كعب بن عمرو ابن سعد بن زيد مناة بن تميم ، وكانت أختها البسوس نازلة على ابن أختها جسّاس بن مرّة ، قال لها : هل تعرفين في العرب من هو أعزّ مني؟ قالت : نعم ، أخواي جسّاس وهمّام ، وقيل : قالت نعم ، أخي جسّاس وندمانه عمرو المزدلف بن أبي ربيعة الحارث بن ذهل بن شيبان. فأخذ قوسه وخرج فمرّ بفصيل لناقة البسوس فعقره ، وضرب ضرع ناقتها حتى اختلط لبنها ودمها ، وكانا قد قاربا حماه ، فأغمضوا له على ذلك ، واستغاثت البسوس ، ونادت بويلها. فقال جسّاس : كفّي ، فسأعقر غدا جملا هو أعظم من عقر ناقة. فبلغ ذلك كليبا ، فقال : دون عليّان خرط القتاد. فذهبت مثلا ، وعليّان فحل إبل كليب. ثم أصابتهم سماء فمرّوا بنهر يقال له شبيث ، فأراد جساس نزوله ، فامتنع كليب قصدا للمخالفة. ثم مرّوا على الأحصّ ، فأراد جساس وقومه النزول عليه ، فامتنع كليب قصدا للمخالفة. ثم مرّوا ببطن الجريب ، فجرى أمره على ذلك ، حتى نزلوا الذنائب ، وقد كلّوا وأعيوا وعطشوا ، فأغضب ذلك جسّاسا ، فجاء وعمرو المزدلف معه ، فقال له : يا وائل ، أطردت أهلنا من المياه حتى كدت تقتلهم؟ فقال كليب : ما منعناهم من ماء إلّا ونحن له شاغلون ، فقال له : هذا كفعلك بناقة خالتي ، فقال له : أو ذكرتها؟ أما إني لو وجدتها في غير إبل مرّة ، يعني أبا جساس ، لاستحللت تلك الإبل. فعطف عليه جساس فرسه وطعنه بالرمح فأنفذه فيه. فلما أحسّ بالموت ، قال : يا عمرو اسقني ماء ، يقول ذلك لعمرو المزدلف ، فقال له : تجاوزت بالماء الأحصّ ، وبطن شبيث. ثم كانت حرب ابني وائل ، وهي حرب البسوس ، أربعين سنة ، وهي حروب يضرب بشدتها المثل. قالوا : والذنائب عن يسار ولجة للمصعد إلى مكة ، وبه قبر كليب. وقد حكى هذه القصة بعينها النابغة الجعدي ، يخاطب عقال بن خويلد ، وقد أجار بني وائل ابن معن ، وكانوا قتلوا رجلا من بني جعدة ، فحذّرهم مثل حرب البسوس وحرب داحس والغبراء ، فقال في ذلك :
فأبلغ عقالا ، إنّ غاية داحس |
|
بكفّيك ، فاستأخر لها ، أو تقدّم |
تجير علينا وائلا بدمائنا ، |
|
كأنّك ، عمّا ناب أشياعنا ، عم |
كليب لعمري كان أكثر ناصرا ، |
|
وأيسر جرما منك ، ضرّج بالدم |
رمى ضرع ناب ، فاستمرّ بطعنة |
|
كحاشية البرد اليماني المسهّم |
وقال لجسّاس : أغثني بشربة ، |
|
تفضّل بها ، طولا عليّ ، وأنعم |
فقال : تجاوزت الأحصّ وماءه ، |
|
وبطن شبيث ، وهو ذو مترسّم |
فهذا كما تراه ، ليس في الشعر والخبر ما يدلّ على أنها بالشام. وأما الأحصّ وشبيث بنواحي حلب ، وقد تحقق أمرهما ، فلا ريب فيهما ، أما الأحصّ فكورة كبيرة مشهورة ، ذات قرّى ومزارع ، بين القبلة وبين الشمال من مدينة حلب ، قصبتها خناصرة ، مدينة كان ينزلها عمر بن عبد العزيز ، وهي صغيرة ، وقد خربت الآن إلّا اليسير منها. وأما شبيث ، فجبل في هذه الكورة أسود ، في رأسه فضاء ، فيه أربع قرى ، وقد خربت جميعها. ومن هذا الجبل يقطع أهل حلب وجميع نواحيها حجارة رحيّهم ، وهي سود خشنة ، وإياها عنى عدي بن الرقاع بقوله :
وإذا الربيع تتابعت أنواؤه ، |
|
فسقى خناصرة الأحصّ وزادها |
فأضاف خناصرة الى هذا الموضع ، وإياها عنى جرير أيضا بقوله :
عادت همومي بالأحصّ وسادي ، |
|
هيهات من بلد الأحصّ بلادي |
لي خمس عشرة من جمادى ليلة ، |
|
ما أستطيع على الفراش رقادي |
ونعود سيّدنا وسيّد غيرنا ، |
|
ليت التّشكي كان بالعوّاد |
وأنشد الأصمعي ، في كتاب جزيرة العرب ، لرجل من طيّء ، يقال له الخليل بن قردة ، وكان له ابن واسمه زافر ، وكان قد مات بالشام في مدينة دمشق ، فقال :
ولا آب ركب من دمشق وأهله |
|
ولا حمص ، إذ لم يأت ، في الركب ، زافر |
ولا من شبيث والأحصّ ومنتهى ال |
|
مطايا بقنّسرين ، أو بخناصر |
وإياه عنى ابن أبي حصينة المعرّي بقوله :
لجّ برق الأحصّ في لمعانه ، |
|
فتذكّرت من وراء رعانه |
فسقى الغيث حيث ينقطع الأو |
|
عس من رنده ومنبت بانه |
أو ترى النّور مثل ما نشر البر |
|
د ، حوالي هضابه وقنانه |
تجلب الريح منه أذكى من المس |
|
ك ، إذا مرّت الصّبا بمكانه |
وهذا ، كما تراه ، ليس فيه ما يدل على أنه إلا بالشام. فإن كان قد اتفق ترادف هذين الاسمين بمكانين بالشام ، ومكانين بنجد ، من غير قصد ، فهو عجب. وإن كان جرى الأمر فيهما ، كما جرى لأهل نجران ودومة ، في بعض الروايات ، حيث أخرج عمر أهلهما منهما ، فقدموا العراق ، وبنوا لهم بها أبنية ، وسموها باسم ما أخرجوا منه ، فجائز أن تكون ربيعة فارقت منازلها ، وقدمت الشام ، فأقاموا بها ، وسموا هذه بتلك ، والله أعلم. وينسب إلى أحصّ حلب ، شاعر يعرف بالناشي الأحصّي ، كان في أيام سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان ، له خبر ظريف ، أنا مورده ههنا ، وإن لم أكن على ثقة منه ، وهو
أن هذا الشاعر الأحصّي دخل على سيف الدولة ، فأنشده قصيدة له فيه ، فاعتذر سيف الدولة بضيق اليد يومئذ ، وقال له : أعذر فما يتأخر عنا حمل المال إلينا ، فإذا بلغك ذلك فأتنا لنضاعف جائزتك ، ونحسن إليك. فخرج من عنده فوجد على باب سيف الدولة كلابا تذبح لها السّخال وتطعم لحومها ، فعاد إلى سيف الدولة فأنشده هذه الأبيات :
رأيت بباب داركم كلابا ، |
|
تغذّيها وتطعمها السّخالا |
فما في الأرض أدبر من أديب ، |
|
يكون الكلب أحسن منه حالا |
ثم اتفق أن حمل إلى سيف الدولة أموال من بعض الجهات على بغال ، فضاع منها بغل بما عليه ، وهو عشرة آلاف دينار ، وجاء هذا البغل حتى وقف على باب الناشي الشاعر بالأحصّ ، فسمع حسّه ، فظنّه لصّا ، فخرج إليه بالسلاح ، فوجده بغلا موقرا بالمال ، فأخذ ما عليه من المال وأطلقه. ثم دخل حلب ودخل على سيف الدولة وأنشده قصيدة له يقول فيها :
ومن ظنّ أن الرّزق يأتي بحيلة ، |
|
فقد كذّبته نفسه ، وهو آثم |
يفوت الغنى من لا ينام عن السّرى ، |
|
وآخر يأتي رزقه وهو نائم |
فقال له سيف الدولة : بحياتي! وصل إليك المال الذي كان على البغل؟ فقال : نعم. فقال : خذه بجائزتك مباركا لك فيه. فقيل لسيف الدولة : كيف عرفت ذلك؟ قال عرفته من قوله :
وآخر يأتي رزقه وهو نائم
بعد قوله :
يكون الكلب أحسن منه حالا
الأَحْفَارُ : جمع حفر ، والحفر في الأصل ، اسم المكان الذي حفر ، نحو الخندق ، والبئر إذا وسّعت فوق قدرها ، سمّيت حفيرا وحفرا وحفيرة. والأحفار : علم لموضع من بادية العرب ، قال حاجب بن ذبيان المازني :
هل رام نهي حمامتين مكانه ، |
|
أم هل تغيّر بعدنا الأحفار؟ |
يا ليت شعري غير منية باطل ، |
|
والدهر فيه عواطف أطوار |
هل ترسمنّ بي المطيّة بعدها |
|
يحدي القطين ، وترفع الأخدار! |
الأَحْقَافُ : جمع حقف من الرمل. والعرب تسمّي الرمل المعوجّ حقافا وأحقافا ، واحقوقف الهلال والرمل إذا اعوجّ ، فهذا هو الظاهر في لغتهم ، وقد تعسّف غيره. والأحقاف المذكور في الكتاب العزيز : واد بين عمان وأرض مهرة ، عن ابن عباس ، قال ابن إسحاق : الأحقاف رمل فيما بين عمان إلى حضرموت ، وقال قتادة : الأحقاف رمال مشرفة على البحر بالشّحر من أرض اليمن ، وهذه ثلاثة أقوال غير مختلفة في المعنى. وقال الضحاك : الأحقاف جبل بالشام. وفي كتاب العين : الأحقاف جبل محيط بالدنيا ، من زبرجدة خضراء تلهب يوم القيامة ، فيحشر الناس عليه من كل أفق ، وهذا وصف جبل قاف. والصحيح ما رويناه عن ابن عباس وابن إسحاق وقتادة : أنها رمال بأرض اليمن ، كانت عاد تنزلها ، ويشهد بصحة ذلك ما رواه أبو المنذر
هشام بن محمد ، عن أبي يحيى السجستاني ، عن مرّة ابن عمر الأبلي ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : إنّا لجلوس عند عليّ بن أبي طالب ذات يوم في خلافة أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، إذا أقبل رجل من حضرموت ، لم أرقط رجلا أنكر منه ، فاستشرفه الناس ، وراعهم منظره ، وأقبل مسرعا جوادا حتى وقف علينا ، وسلم وجثا وكلم أدنى القوم منه مجلسا ، وقال : من عميدكم؟ فأشاروا إلى عليّ ، رضي الله عنه ، وقالوا : هذا ابن عمّ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وعالم الناس ، والمأخوذ عنه ، فقام وقال :
اسمع كلامي ، هداك الله من هاد ، |
|
وافرج بعلمك عن ذي غلّة صاد |
جاب التنائف من وادي سكاك إلى |
|
ذات الأماحل في بطحاء أجنياد |
تلفّه الدّمنة البوغاء ، معتمدا |
|
إلى السّداد وتعليم بإرشاد |
سمعت بالدين ، دين الحقّ جاء به |
|
محمد ، وهو قرم الحاضر البادي |
فجئت منتقلا من دين باغية ، |
|
ومن عبادة أوثان وأنداد |
ومن ذبائح أعياد مضلّلة ، |
|
نسيكها غائب ذو لوثة عاد |
فادلل على القصد ، واجل الرّيب عن خلدي |
|
بشرعة ذات إيضاح وإرشاد |
والمم بفضل ، هداك الله عن شعثي ، |
|
وأهدني إنّك المشهور في النادي |
إنّ الهداية للإسلام نائبة |
|
عن العمى ، والتّقى من خير أزواد |
وليس يفرج ريب الكفر عن خلد |
|
أفظّه الجهل ، إلا حيّة الوادي |
قال : فأعجب عليّا ، رضي الله عنه ، والجلساء شعره ، وقال له عليّ : لله درّك من رجل ، ما أرصن شعرك! ممن أنت؟ قال : من حضرموت. فسرّ به عليّ وشرح له الإسلام ، فأسلم على يديه ، ثم أتى به إلى أبي بكر ، رضي الله عنه ، فأسمعه الشعر ، فأعجبه ، ثم إنّ عليّا ، رضي الله عنه ، سأله ذات يوم ، ونحن مجتمعون للحديث : أعالم أنت بحضرموت؟ قال : إذا جهلتها لم أعرف غيرها. قال له عليّ ، رضي الله عنه : أتعرف الأحقاف؟ قال الرجل : كأنك تسأل عن قبر هود ، عليه السلام. قال عليّ ، رضي الله عنه : لله درّك ما أخطأت! قال : نعم ، خرجت وأنا في عنفوان شبيبتي ، في أغيلمة من الحيّ ، ونحن نريد أن نأتي قبره لبعد صيته فينا وكثرة من يذكره منا ، فسرنا في بلاد الأحقاف أياما ، ومعنا رجل قد عرف الموضع ، فانتهينا إلى كثيب أحمر ، فيه كهوف كثيرة ، فمضى بنا الرجل إلى كهف منها ، فدخلناه فأمعنّا فيه طويلا ، فانتهينا إلى حجرين ، قد أطبق أحدهما دون الآخر ، وفيه خلل يدخل منه الرجل النحيف متجانفا ، فدخلته ، فرأيت رجلا على سرير شديد الأدمة ، طويل الوجه ، كثّ اللحية ، وقد يبس على سريره ، فإذا مسست شيئا من بدنه أصبته صليبا ، لم يتغيّر ، ورأيت عند رأسه كتابا بالعربية : أنا هود النبيّ الذي أسفت على عاد بكفرها ، وما كان لأمر الله من مردّ. فقال لنا عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه : كذلك سمعته من أبي القاسم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم.
أَحْلَى : بالفتح بوزن فعلى : وهو حصن باليمن.
إِحْلِيلَى : بالكسر ثم السكون وكسر اللام وياء ساكنة ولام أخرى مقصور ممال : اسم شعب لبني أسد ، فيه نخل لهم ، وأنشد عرّام بن الأصبغ يقول :
ظللنا بإحليلى ، بيوم تلفّنا ، |
|
إلى نخلات قد صوين ، سموم |
إِحْلِيلاءُ : مثل الذي قبله ، إلا أنه بالمد : جبل ، وهو غير الذي قبله ، قاله أبو القاسم الزمخشري ، وأنشد غيره لرجل من عكل :
إذا ما سقى الله البلاد ، فلا سقى |
|
شناخيب إحليلاء من سبل القطر |
قالوا : والشناخيب جمع سنخوب وشنخاب ، وهو القطعة من الجبل العالية.
إِحْلِيلُ : مثل الذي قبله ، لكنه ليس في آخره ألف مقصورة ولا ممدودة : اسم واد في بلاد كنانة ، ثم لبني نفاثة منهم ، قال كانف الفهمي :
فلو تسألي عنّا ، لنبّئت أننا |
|
بإحليل ، لا نزوى ولا نتخشّع |
وأن قد كسونا بطن ضيم عجاجة ، |
|
تصعّد فيه مرّة وتفرّع |
وقال نصر : إحليل واد تهاميّ قرب مكة ، وقد قال بعض الشعراء : ظللنا بإحليلاء ، للضرورة ، كذا رواه ممدودا وجعلهما واحدا.
أحمدآبَاذُ : معناه عمارة أحمد ، كما قدمنا : قرية من قرى ريوند ، من نواحي نيسابور قرب بيهق ، وهي آخر حدود ريوند. وأحمدآباذ أيضا : قرية من قرى قزوين ، على ثلاثة فراسخ منها ، بناها أبو عبد الله أحمد بن هبة الله الكموني القزويني.
الأَحمَدِيُّ : اسم قصر كان بسامرّاء ، عمّره أبو العباس أحمد المعتمد على الله بن المتوكل على الله فسمي به ، وقال بعض أهل الأدب : اجتزت بسامرّاء فرأيت على جدار من جدران القصر المعروف بالأحمديّ مكتوبا :
في الأحمديّ لمن يأتيه معتبر ، |
|
لم يبق من حسنه عين ولا أثر |
غارت كواكبه وانهدّ جانبه ، |
|
ومات صاحبه واستفظع الخبر |
والأحمديّ أيضا : اسم موضع بظاهر مدينة سنجار.
الأَحمَرُ : بلفظ الأحمر من الأَلوان : اسم جبل مشرف على قعيقعان بمكة ، كان يسمّى في الجاهلية الأعرف. والأحمر أيضا : حصن بظاهر بحر الشام ، وكان يعرف بعثليث. والأحمر : ناحية بالأندلس ، ثم من عمل سرقسطة ، يقال له الوادي الأحمر.
الأَحوَازُ : بالزاي ، من نواحي بغداد ، من جهة النهروان.
الأَحوَاضُ : آخره ضاد معجمة ، جمع حوض : أمكنة تسكنها بنو عبد شمس بن سعد بن زيد مناة ابن تميم.
الأَحوَرَانِ : تثنية الأحور ، وهو سواد العين : موضع في قول زيد الخيل :
أرى ناقتي قد اجتوت كلّ منهل |
|
من الجوف ، ترعاه الركاب ومصدر |
فإن كرهت أرضا فإني اجتويتها ، |
|
وإنّ عليّ الذّنب ، إن لم أغيّر |
وتقطع رمل الأحورين براكب |
|
صبور على طول السّرى والتّهجّر |
الأَحْوَرُ : واحد الذي قبله : مخلاف باليمن.
أَحوَسُ : بوزن أفعل ، بالسين المهملة : موضع في بلاد مزينة ، فيه نخل كثير ، وفي كتاب نصر أخوس ، معجم الخاء : موضع بالمدينة به زرع ، قال معن بن أوس :
رأت نخلها من بطن أحوس ، حفّها |
|
حجاب بماشيها ، ومن دونها لصب |
يشنّ عليها الماء جون مدرّب ، |
|
ومحتجر يدعو ، إذا ظهر الغرب |
تكلّفني أدما لدى ابن مغفّل ، |
|
حواها له الجدّ المدافع والكسب |
وقال أيضا :
وقالوا : رجال! فاستمعت لقيلهم ، |
|
أبينوا لمن مال بأحوس ضائع؟ |
ومنّيت في تلك الأمانيّ ، إنني |
|
لها غارس ، حتى أملّ ، وزارع |
الأَحياءُ : جمع حيّ من أحياء العرب ، أو حيّ ضد الميت ، قال ابن إسحاق : غزا عبيدة بن الحارث بن المطّلب الأحياء ، وهو ماء أسفل من ثنية المرة. والأحياء أيضا : قرى على نيل مصر من جهة الصعيد ، يقال لها أحياء بني الخزرج ، وهو الحيّ الكبير ، والحيّ الصغير ، وبينها وبين الفسطاط نحو عشرة فراسخ.
الأُحَيْدِبُ : تصغير الأحدب : اسم جبل مشرف على الحدث ، بالثغور الرومية ، ذكره أبو فراس بن حمدان ، فقال في ذلك هذه الأبيات :
ويوم على ظهر الأحيدب مظلم ، |
|
جلاه ببيض الهند ، بيض أزاهر |
أتت أمم الكفّار فيه يؤمّها ، |
|
إلى الحين ، ممدود المطالب كافر |
فحسبي بها يوم الأحيدب وقعة ، |
|
على مثلها في العزّ تثنى الخناصر |
وقال أبو الطيب المتنبي :
نثرتهم يوم الأحيدب نثرة ، |
|
كما نثرت فوق العروس الدراهم |
الأَحِيسي : بفتح أوله وكسر ثانيه وياء ساكنة وسين مهملة والقصر ، ثنية الأحيسى : موضع قرب العارض باليمامة ، قال :
وبالجزع من وادي الأحيسى عصابة |
|
سحيمية الأنساب ، شتى المواسم |
ومنها طلع خالد بن الوليد على مسيلمة الكذاب.
باب الهمزة والخاء وما يليهما
أُخَّا : بالضم ، وتشديد الخاء ، والقصر ، كلمة نبطية : ناحية من نواحي البصرة ، في شرقي دجلة ، ذات أنهار وقرى.
الأَخادِيدُ : جمع أخدود ، وهو الشق المستطيل في الأرض : اسم المنزل الثالث من واسط للمصعد إلى مكة ، وهي ركايا في طريق البر ، وفيها قباب ، وماؤها عذب ، ثم منها إلى لينة ، وهو المنزل الرابع ، وبين الأخاديد والغضاض يوم.
الأَخابِثُ : كأنه جمع أخبث ، آخره ثاء مثلثة : كانت بنو عكّ بن عدنان قد ارتدّت بعد وفاة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بالأعلاب من أرضهم ، بين الطائف
والساحل ، فخرج إليهم بأمر أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، الطاهر بن أبي هالة ، فواقعهم بالأعلاب ، فقتلهم شرّ قتلة. وكتب أبو بكر ، رضي الله عنه ، إلى الطاهر بن أبي هالة قبل أن يأتيه بالفتح : بلغني كتابك تخبرني فيه مسيرك واستنفارك مسروقا وقومه إلى الأخابث بالأعلاب ، فقد أصبت ، فعاجلوا هذا الضرب ، ولا ترفّهوا عنهم ، وأقيموا بالأعلاب حتى تأمن طريق الأخابث ، ويأتيكم أمري. فسميت تلك الجموع من عكّ ومن تأشّب إليهم ، الأخابث ، إلى اليوم ، وسميت تلك الطريق إلى اليوم ، طريق الأخابث ، وقال الطاهر بن أبي هالة :
فو الله لولا الله ، لا شيء غيره ، |
|
لما فضّ بالأجراع جمع العثاعث |
فلم تر عيني مثل جمع رأيته ، |
|
بجنب مجاز ، في جموع الأخابث |
قتلناهم ما بين قنّة خامر ، |
|
إلى القيعة البيضاء ذات النبائث |
وفينا بأموال الأخابث عنوة ، |
|
جهارا ، ولم نحفل بتلك الهثاهث |
الأَخارِجُ : يجوز أن يكون في الأصل جمع خراج ، وهو الإتاوة ، ويقال : خراج وأخراج وأخاريج وأخارج : هو جبل لبني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، وقال موهوب بن رشيد القريظي يرثي رجلا :
مقيم ما أقام ذرى سواج ، |
|
وما بقي الأخارج والبتيل |
الأَخاشِب : بالشين المعجمة ، والباء الموحدة ، والأخشب من الجبال ، الخشن الغليظ ، ويقال : هو الذي لا يرتقى فيه. وأرض خشباء وهي التي كانت حجارتها منثورة متدانية ، قال أبو النجم :
إذا علون الأخشب المنطوحا
يريد كأنه نطح. والخشب : الغليظ الخشن من كل شيء ، ورجل خشب : عاري العظم. والأخشاب : جبال بالصّمّان ، ليس بقربها جبال ولا آكام. والأخاشب : جبال مكة وجبال منى. والأخاشب : جبال سود قريبة من أجإ ، بينهما رملة ليست بالطويلة ، عن نصر.
الأَخْبَابُ : بلفظ جمع الخبّ أو الخبب : موضع قرب مكة ، وقيل : بلد بجنب السوارقية من ديار بني سليم ، في شعر عمر بن أبي ربيعة ، كذا نقلته من خط ابن نباتة الشاعر الذي نقله من خط اليزيدي ، قال :
ومن أجل ذات الخال ، يوم لقيتها ، |
|
بمندفع الأخباب ، أخضلني دمعي |
وأخرى لدى البيت العتيق نظرتها ، |
|
إليها تمشّت في عظامي ومسمعي |
أَخْثَالُ : بالثاء المثلثة كأنه جمع خثلة البطن : وهي ما بين السّرّة والعانة ، وقال عرّام : الخثلة ، بالتحريك ، مستقرّ الطعام ، تكون للإنسان كالكرش للشاة. وقال الزمخشري : هو واد لبني أسد يقال له ذو أخثال ، يزرع فيه على طريق السافرة إلى البصرة ، ومن أقبل منها إلى الثعلبية ، وذكر في شعر عنترة العبسي ، وضبطه أبو أحمد العسكري بالحاء المهملة ، وقد ذكرته قبل.
الأَخْرَابُ : جمع خرب ، بالضم ، وهو منقطع الرمل. قال ابن حبيب : الأخراب أقيرن حمر بين
السّجا والثّعل ، وحولهما ، وهي لبني الأضبط ، وبني قوالة ، فما يلي الثّعل لبني قوالة بن أبي ربيعة ، وما يلي السّجا لبني الأضبط بن كلاب ، وهما من أكرم مياه نجد ، وأجمعه لبني كلاب. وسجا بعيدة القعر ، عذبة الماء ، والثّعل أكثرهما ماء ، وهو شروب ، وأجلى هضاب ثلاث على مبدأة من الثعل ، قال طهمان بن عمرو الكلابي :
لن تجد الأخراب أيمن من سجا |
|
إلى الثعل ، إلّا ألأم الناس عامرة |
وروي أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قال للراشد بن عبد ربّ السّلمي : لا تسكن الأخراب ، فقال : ضيعتي لا بدّ لي منها ، فقال : لكأني أنظر إليك تعي أمثال الذآنين حتى تموت ، فكان كذلك. وقيل : الأخراب في هذا الموضع اسم للثغور ، وأخراب عزور موضع في شعر جميل حين قال :
حلفت برب الواقصات إلى منى ، |
|
وما سلك الأخراب أخراب عزور |
أَخْرَبُ : بفتح الراء ، ويروى بضمها ، فيكون أيضا جمعا للخرب المذكور قبل : وهو موضع في أرض بني عامر بن
صعصعة ، وفيه كانت وقعة بني نهد وبني عامر ، قال امرؤ القيس :
خرجنا نريغ الوحش ، بين ثعالة |
|
وبين رحيّات ، إلى فجّ أخرب |
إذا ما ركبنا ، قال ولدان أهلنا : |
|
تعالوا ، إلى أن يأتنا الصيد ، نحطب |
الأَخْرَجَانِ : تثنية الأخرج ، من الخرج ، وهو لونان ، أبيض واسود ، يقال : كبش أخرج ، وظليم أخرج : وهما جبلان في بلاد بني عامر ، قال حميد بن ثور :
عفا الرّبع بين الأخرجين ، وأوزعت |
|
به حرجف تدني الحصى وتسوق |
وقال أبو بكر : وممّا يذكر في بلاد أبي بكر مما فيه جبال ومياه المردمة ، وهي بلاد واسعة ، وفيها جبلان يسميان الأخرجين ، قال فيهما ابن شبل :
لقد أحميت ، بين جبال حوضي |
|
وبين الأخرجين ، حمى عريضا |
لحيّ الجعفريّ فما جزاني ، |
|
ولكن ظلّ يأتل أو مريضا |
الآتل : الخانس ، وقال حميد بن ثور :
على طللي جمل وقفت ابن عامر ، |
|
وقد كنت تعلى والمزار قريب |
بعلياء من روض الغضار ، كأنما |
|
لها الريم من طول الخلاء نسيب |
أربّت رياح الأخرجين عليهما ، |
|
ومستجلب من غيرهنّ غريب |
الأَخرَجُ : جبل لبني شرقيّ ، وكانوا لصوصا شياطين.
الأَخرِجَةُ : جمع قلة للخرج المذكور قبله : وهو ماء على متن الطريق الأولى ، عن يسار سميراء.
الأَخْرَجِيَّةُ : الياء مشددة للنسبة : موضع بالشام ، قال جرير :
يقول ، بوادي الأخرجيّة ، صاحبي : |
|
متى يرعوي قلب النوى المتقاذف؟ |