معجم النّحو

عبد الغني الدقر

معجم النّحو

المؤلف:

عبد الغني الدقر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٣٩

ضمير يعود على الموصوف ، وفي نصبه : (١) قبح إجراء وصف اللّازم مجرى وصف المتعدي ، وفي الجرّ تخلّص منهما.

وتسمّى هذه الإضافة في هذا التنوع «لفظية» لأنها أفادت أمرا لفظيا وهو حذف التّنوين والنون ، و «غير محضة» لأنها في تقدير الانفصال.

٢ ـ دخول «أل» على المضاف :

الأصل ألّا تدخل «أل» على المضاف لما يلزم عليه من وجود معرّفين ، ولكن بالإضافة اللفظية جائز ذلك في خمس مسائل :

(أ) أن يكون المضاف إليه أيضا مقرونا ب «أل» كقول الفرزدق :

أبأنا بها قتلى وما في دمائها

شفاء ، وهنّ الشافيات الحوائم (٢)

(ب) أن يكون المضاف إليه مضافا لما فيه «أل» كقوله :

لقد ظفر الزّوّار أقفية العدا

بما جاوز الآمال ملأسر والقتل (٣)

(ج) أن يكون المضاف إليه مضافا لضمير ما فيه «أل» كقوله :

ألودّ أنت المستحقة صفوه

منّي وإن لم أرج منك نوالا (٤)

(د) أن يكون الوصف المضاف مثنى كقوله :

إن يغنيا عني المستوطنا عدن

فإنني لست يوما عنهما بغني (٥)

(ه) أن يكون الوصف جمع مذكر سالما ، كقوله :

ليس الأخلاء بالمصغي مسامعهم

إلى الوشاة ولو كانوا ذوي رحم (٦)

أضحى ـ

(١) تأتي ناقصة من أخوات «كان» ،

__________________

(١) على أنه مفعول للصفة المشبهة.

(٢) أبأنا : قتلنا ، والضمير في «ا» و «هن» للسيوف «الحوائم» العطاش التي تحوم حول الماء جمع حائمة.

(٣) ملأسر : أصله من الأسر. حذفت النون على لغة خثعم وزبيد.

(٤) المستحقة : اسم فاعل فيه «أل» أضيف إلى «صفوه» وفي صفوه ضمير يعود إلى ما فيه «أل» وهو «الود».

(٥) يغنيا : مضارع غني بمعنى يستغنيا ، والألف ليست فاعلا ، وإنما هي علامة التثنية ، والفاعل : المستوطنا.

(٦) «بالمصغي» اسم فاعل وهو جمع مذكر سالم وهو مضاف وفيه «أل» وهو الشاهد.

٤١

وهي تامة التصرف ، وتستعمل ماضيا ، ومضارعا ، وأمرا ، ومصدرا نحو قول ابن زيدون :

«أضحى التّنائي بديلا من تدانينا» ولها مع «كان» أحكام أخرى (ـ كان وأخواتها)

(٢) وتأتي تامّة ، فتكتفي بمرفوعها ، ويكون فاعلا لها ، وذلك حين يكون معنى «أضحى» دخل في الضّحى نحو «أضحيت وأنا في بلدي».

الإعراب ـ

١ ـ تعريفه :

أثر ظاهر أو مقدّر يجلبه العامل في آخر الكلمة ، فالأثر الظاهر كحركات لفظ «أرض» في قولك «هذه أرض خصبة» و «زرعت أرضا جيّدة» والأثر المقدر : هو ما لا يظهر إعرابه. كلفظ «الفتى» و «النّوى» في قولك «جدّ الفتى» و «ما أصعب النّوى».

٢ ـ المعربات :

(١) كلّ الأسماء معربة إلا ما استقصيناه في المبنيات.

(٢) الفعل المضارع الحالي عن نون الإناث وعن مباشرة نون التوكيد ثقيلة أو خفيفة.

٣ ـ علامات الإعراب الأصلية :

علامات الإعراب الأصليّة : الضمة للرفع ، والفتحة للنصب ، والكسرة للجر ، وحذف الحركة للجزم.

ويشترك في الرفع والنصب الاسم والفعل ، مثل قولك «العاقل يصون شرفه» و «إن العجول لن يتقن عملا» ويختصّ الجرّ بالاسم مثل «في ساحة العلم الخلود» ويختص الجزم بالفعل ، مثل «لم ينل الخير ملول».

٤ ـ تقدير الحركات الثلاث في المقصور والحركتين في المنقوص :

تقدّر الحركات الثلاث في الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمة لتعذّر ظهورها ك «الهدى» و «المصطفى» ويسمّى معتلّا مقصورا.

وتقدّر الضّمة والكسرة فقط في الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة مكسور ما قبلها ك «الداعي والمنادي

٤٢

ويسمى معتلا منقوصا ، أمّا الفتحة فتظهر في المنقوص لخفتها.

٥ ـ علامات الإعراب الفرعيّة :

قد ينوب عن الضمة غير الرفع ، وعن الفتحة غير النّصب ، وعن الكسرة غير الجرّ ، وعن الجزم غير السكون وذلك في سبعة أبواب : الأسماء الستة ، المثنى ، جمع المذكر السّالم ، الجمع بألف وتاء ، الممنوع من الصرف ، الأفعال الخمسة ، المضارع المعتل الآخر. (انظرها جميعا في حروفها) إعراب أسماء الشّرط ـ جوازم المضارع ٨

إعراب المضارع ـ

يعرب المضارع إذا لم تباشره إحدى نوني التّوكيد ، ولم تدخل عليه نون النسوة ، وأنواع إعرابه : رفع ، ونصب ، وجزم (ـ رفع المضارع ، نصب المضارع ، جزم المضارع).

أعطى وأخواتها ـ

١ ـ هي «أعطى ، سأل ، منح ، منع ، كسا ، ألبس».

٢ ـ حكمها :

تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، وأحدهما فاعل في المعنى فإذا قلت «كسوت الفقير قميصا» ف «الفقير» مفعول أوّل وهو فاعل في المعنى لأنّ الكساء قام به و «قميصا» مفعول ثان ، وظاهر أن المفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، لأنّه لا يقال : «الفقير قميص».

٣ ـ أحوال مفعولها في التّقديم والتأخير الأصل في هذه المفاعيل تقديم ما كان فاعلا في المعنى ، تقول : «ألبست عليّا معطفا» ويجوز «ألبست معطفا عليّا».

وقد يكون تقديمه واجبا أو ممتنعا.

فالواجب في ثلاثة مواضع :

(أحدها) عند حصول اللّبس ، نحو «أعطيت محمدا خالدا».

(الثاني) أن يكون المفعول الثاني محصورا فيه نحو «ما أعطيت خالدا إلّا درهما».

(الثالث) أن يكون الثاني اسما ظاهرا ، والأول ضميرا متصلا نحو (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ)(١).

__________________

(١) الآية «١» الكوثر (١٠٨).

٤٣

والممتنع في ثلاثة مواضع :

(الأوّل) أن يكون الفاعل في المعنى محصورا فيه نحو «ما أعطيت الدرهم إلّا سعيدا».

(الثاني) أن يكون الأول ظاهرا ، والثاني ضميرا متصلا نحو «الدرهم أعطيته سعيدا».

(الثالث) أن يكون مشتملا على ضمير يعود على الثّاني نحو (أعطيت القوس باريها).

أعلم وأرى وأخواتهما ـ

١ ـ تعدادها وحكمها :

هذه الأفعال تنصب ثلاثة مفاعيل وهي «أعلم ، أرى (١) ، نبّأ ، أنبأ ، خبّر ، أخبر ، حدّث» نحو (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ)(٢) ، (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً ، وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ)(٣).

وقول النابغة يهجو زرعة :

نبّئت زرعة ـ والسفاهة كاسمها ـ

يهدي إليّ غرائب الأشعار (٤)

وقول الأعشى ميمون بن قيس :

وأنبئت قيسا ولم أبله

 ـ كما زعموا ـ خير أهل اليمن (٥)

وقول العوّام بن عتبة بن كعب ابن زهير :

وخبرت سوداء الغميم مريضة

فأقبلت من أهلي بمصر أعودها (٦)

وقول رجل من بني كلاب :

وما عليك إذا أخبرتني دنفا

وغاب بعلك يوما أن تعوديني (٧)

وقول الحارث بن خلف اليشكري :

__________________

(١) أصل «أعلم وأرى» علم ورأى المتعديان لاثنين ، وتعديا لثالث بالهمزة ، أما الباقيات فقد ضمن معناهما.

(٢) الآية «١٦٧» البقرة (٢) والمفعول الأول في الآية : الهاء والميم من «يريهم» والثاني «أعمالهم» والثالث : حسرات.

(٣) الآية «٤٤» الأنفال (٨).

(٤) «نبئت» التاء نائب فاعل ، وهي المفعول الأول و «زرعة» المفعول الثاني ، وجملة «يهدي إلي» مفعول ثالث ، وقوله : «والسفاهة كاسمها» جملة معترضة.

(٥) «لم أبله» لم أختبره ، والجملة حال

(٦) الغميم : موضع من بلاد غطفان.

(٧) «أخبرتني» بالبناء للمجهول والتاء لنائب الفاعل هي المفعول الأول والياء مفعول ثان و «دنفا» مفعول ثالث. ومعناه المريض.

٤٤

أو منعتم ما تسألون فمن

حدّثتموه له علينا الولاء؟ (١)

٢ ـ حذف المفاعيل ل «أعلم وأرى وأخواتهما» :

يجوز حذف المفعول الأول نحو «أعلمت كبشك سمينا» والأصل :

أعلمتك أو أعلمته ، ويجوز الاقتصار عليه ، ك «أعلمت خالدا».

وللمفعول الثاني والثالث من جواز حذف أحدهما اختصارا لدليل ، ومنعه اقتصارا لغير دليل ، ومن الإلغاء والتعليق ـ ما كان لهما قبل النقل (٢) ، فمثال الإلغاء قول بعضهم :

«البركة ـ أعلمنا الله ـ مع الأكابر» (٣)

وقوله :

وأنت ـ أراني الله ـ أمنع عاصم

وأرأف مستكف وأسمح واهب (٤)

ومثال التعليق قوله تعالى (يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)(٥).

وقوله :

حذار فقد نبئت إنك للذي

ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى (٦)

٣ ـ أرى وأعلم البصريّة والعرفانية :

إذا كانت «أرى وأعلم» منقولتين من «رأى» البصرية ، وعلم العرفانية ، المتعدّي كلّ منهما لواحد ـ تعديا بالهمزة لاثنين نحو (أريت رفيقي الهلال) أي أبصرته إيّاه ، و (أعلمت أخي الخبر) أي عرّفته إياه ، قال الله

__________________

(١) المعنى : أو منعتم ما تسألون من النصفة فيما بيننا وبينكم ، ومن بلغكم أنه اعتلانا أو قهرنا في قديم الدهر فتطمعون في ذلك منا؟ و «ما» موصولة و «من» استفهام بمعنى النفي ، والشاهد : حدثتموه فالنائب الفاعل وهو الواو مفعول أول والهاء مفعول ثاني ، وجملة «له علينا الولاء» مفعول ثالث.

(٢) أي قبل دخول همزة النقل التي جعلت هذه الأفعال متعدية إلى ثلاثة مفاعيل (وانظر ظن وأخواتها)

(٣) «اعلمنا الله» ملغاة ، مبنية للفاعل لتوسطها بين المبتدأ والخبر.

(٤) «أراني الله» ملغاة أيضا لتوسطها مبنية للفاعل بين المبتدأ وخبره.

(٥) الآية «٧» سبأ (٣٤) والكاف والميم من (يُنَبِّئُكُمْ) مفعول أول وجملة («إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) في محل نصب سدت مسد المفعول الثاني والثالث والفعل معلق عن الجملة باللام.

(٦) التاء من «نبئت» نائب فاعل وهي المفعول الأول ، وجملة «إنك للذي» في موضع نصب سدت مسد المفعولين ، والفعل معلق عنها باللام ولذلك كسرت «إن»

٤٥

تعالى (وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ)(١)

وحكمهما حكم مفعولي «كسا» في الحذف لهما ، أو لأحدهما لدليل ، وغيره في منع الإلغاء والتّعليق.

أعني التّفسيرية ـ

الفرق بين «أعني» التّفسيرية و «أي» أن «أي» يفسّر بها للإيضاح والبيان و «أعني» لدفع السّؤال ، وإزالة الإبهام.

وإعراب «أعني» إعراب المضارع المجرّد وما بعده مفعول به.

الإغراء ـ

١ ـ تعريفه :

هو تنبيه المخاطب على أمر محمود ليفعله.

٢ ـ حكمه :

حكم الاسم فيه حكم التحذير (٢) الذي لم يذكر فيه «إيّا» فلا يلزم حذف عامله إلّا في عطف أو تكرار كقولك : «العلم والخلق» بتقدير إلزم ، وقول مسكين الدارمي :

أخاك أخاك إنّ من لا أخا له

كساع إلى الهيجا بغير سلاح

ويقال «الصلاة جامعة» فتنصب الصلاة بتقدير «احضروا» و «جامعة» على الحال ، ولو صرّح بالعامل لجاز.

أفعال التّصيير ـ ظنّ وأخواتها ٩

الأفعال الصّحيحة ـ الصحيح من الأفعال

أفعال القلوب ـ ظن وأخواتها ٢

الأفعال المعتلّة ـ المعتلّ من الأفعال

أفّ ـ

الأفّ لغة : الوسخ الذي حول الظّفر ، وقيل : وسخ الأذن ، وبالجملة فهي كلمة تكرّه وتضجّر تقال عند استقذار الشيء ، ثم استعمل عند كلّ شيء يضجر منه ، ويتأذّى به ، وهي اسم فعل مضارع بمعنى أتضجّر ، وهي من النوع المرتجل ، وهي للمفرد المذكر وغيره بصيغة واحدة ، وفائدة وضعها قصد المبالغة ، فقائل «أفّ» كأنه يقول : أتضجر كثيرا ، والتنوين فيها للتنكير. (ـ اسم الفعل).

__________________

(١) الآية «١٥٢» آل عمران (٣) ، فالكاف والميم مفعول أول و (ما تُحِبُّونَ) ما الموصولة :

مفعول ثان.

(٢) انظر «التحذير».

٤٦

الأفعال الخمسة ـ

١ ـ تعريفها :

هي كلّ فعل مضارع اتصل به ألف اثنين مثل «يفعلان تفعلان» أو واو جمع مثل «يفعلون تفعلون» أو ياء المخاطبة مثل «تفعلين».

٢ ـ إعرابها :

ترفع الأفعال الخمسة بثبوت النون نحو «العلماء يترفّعون عن الدّنايا» وتنصب وتجزم بحذفها نحو قوله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا)(١) فالأول جازم ومجزوم ، والثاني ناصب ومنصوب.

٣ ـ كلمة «يعفون» :

كلمة «يعفون» من قوله تعالى (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ)(٢) الواو فيها ليست ضمير الجماعة ، وإنما هي لام الكلمة ، والنون ضمير النسوة ، والفعل المضارع مبني على السكون مثل «يتربّصن» بخلاف قولك «الرجال يعفون» فالواو ضمير المذكرين ، والنون علامة الرفع ، فتحذف للناصب والجازم نحو (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)(٣)

أفعال المقاربة ـ

١ ـ أقسامها :

أفعال هذا الباب ثلاثة أنواع :

(أحدها) ما وضع للدّلالة على قرّب الخبر ، وهي ثلاثة «كاد ، كرب ، أوشك».

(الثاني) ما وضع للدّلالة على رجائه وهي ثلاثة أيضا «عسى ، حرى ، اخلولق».

(الثالث) ما وضع للدّلالة على الشروع فيه ، وهو كثير ، منه «أنشأ ، طفق ، جعل ، هبّ ، علق ، هلهل ، أخذ» و (انظرها مفصلة في حروفها).

٢ ـ حكم خاص ب «عسى» و «اخلولق» و «أوشك».

تختصّ «عسى واخلولق وأوشك بجواز إسنادهنّ إلى «أن يفعل» ولا تحتاج إلى خبر منصوب ، فتكون تامّة ، نحو (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا

__________________

(١) الآية «٢٤» البقرة (٢)

(٢) الآية «٢٣٧» البقرة (٢)

(٢) الآية «٢٣٧» البقرة (٢)

٤٧

شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)(١) وينبني على هذا فرعان :

(أحدهما) أنّه إذا تقدّم على إحداهنّ اسم ، هو الفاعل في المعنى ، وتأخر عنها «أن والفعل» مستغنى بهما عن الخبر ، فتكون تامة ، وهذه لغة أهل الحجاز ، وجاز تقديرها رافعة للضمير العائد إلى الاسم المتقدم ، وتكون «أن والفعل» في موضع نصب على الخبر ، فتكون ناقصة ، وهي لغة بني تميم نحو «المعلم عسى أن يحضر» فالمعلم : هو الاسم المتقدم ، وهو فاعل في المعنى و «أن يحضر» استغني بهما عن الخبر ، هذا عند أهل الحجاز ؛ ويجوز أن نعتبر أن اسم «عسى» ضمير يعود على «المعلم» و «أن يحضر» في موضع نصب على الخبر ، فتكون ناقصة على لغة بني تميم ، ويظهر أثر التّقديرين في حال التّأنيث والتثنية والجمع ، فتقول على التقدير الثاني وهو أنها ناقصة عاملة «هند عست أن تفلح» «العمران عسيا أن ينجحا» «الزّيدون عسوا أن يفلحوا» «الفاطمات عسين أن يفلحن».

ونقول على التقدير الأول ـ وهو استغناؤها بالفاعل عن الخبر «عسى» في الأمثلة جميعها من غير أن تتصل بها أداة تأنيث أو تثنية أو جمع ، وهو الأفصح ، وبه جاء التنزيل قال تعالى (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ، وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ)(٢).

(الفرع الثاني) أنه إذا ولي أحد هذه الأفعال الثّلاثة «أن والفعل» وتأخر عنهما اسم هو الفاعل في المعنى ، نحو.

«عسى أن يجاهد عليّ» جاز في الاسم وهو «علي» في المثال أن يكون فاعلا للفعل المقرون ب «أن» وهو «يجاهد» فتكون «عسى» تامة و «أن والفعل» في تأويل المصدر فاعل لعسى وجاز فيه أن يكون الاسم وهو «علي» الذي بعد «أن والفعل» في اسما ل «عسى» و «أن والفعل» في موضع نصب خبرا لها ، وفاعل الفعل المقترن بأن ضمير يعود على الاسم (٣).

ويظهر أثر الاحتمالين أيضا في التأنيث والتّثنية والجمع فنقول على الثاني وهو

__________________

(١) الآية «٢١٦» البقرة (٢)

(٢) الآية «١١» الحجرات (٤٩)

(٣) وعندئذ يعود الضمير على متأخر لفظا لا رتبة وهذا جائز.

٤٨

أن يكون الاسم المتأخر اسما ل «عسى» نحو «عسى أن يقوما أخواك» و «عسى أن يقوموا إخوتك» و «عسى أن تقمن نسوتك» و «عسى أن تطلع الشمس» لا غير.

وعلى الوجه الأول ـ وهو : أن يكون الاسم المتأخر فاعلا للفعل المقترن بأن ـ لا نحتاج إلى إلحاق ضمير ما في الفعل المقترن ب «أن» بل نوحّده في الجميع فنقول «يقوم» ونؤنث «تطلع» أو نذكره ، ومثل عسى في هذا : اخلولق ، وأوشك.

أل ـ تأتي : جنسيّة ، وزائدة ، وعهديّة ـ وهذه الثلاثة تصلح أن تكون علامة للاسم ـ ، وموصولة وهاك بيانها :

أل الجنسية ـ

ثلاثة أنواع :

(أ) التي لبيان الحقيقة والماهيّة ، وهي التي لا تخلفها «كل» نحو (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)(١) ونحو «الكلمة قول مفرد».

(ب) التي لاستغراق الجنس حقيقة ، فهي لشمول أفراد الجنس نحو (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً)(٢) ، وعلامتها أن تخلفها «كل» فلو قيل : وخلق كلّ إنسان ضعيفا لكان صحيحا.

(ج) التي لاستغراق الجنس مجازا لشمول صفات الجنس مبالغة نحو «أنت الرجل علما وأدبا» أي أنت جامع لخصائص جميع الرجال وكمالاتهم.

أل الزّائدة ـ

نوعان : لازمة ، وغير لازمة.

فاللّازمة : ثلاثة أنواع :

(أ) التي في علم قارنت وضعه في النّقل ك «اللّات والعزّى» أو في الارتجال ك «السّموأل».

(ب) كالتي في اسم للزّمن الحاضر وهو «الآن» (انظرها في حرفها).

(ج) كالتي في الأسماء الموصولة مثل (الّذي والتي وفروعهما) من التثنية والجمع ، وكانت زائدة في الثلاثة لأنه لا يجتمع على الكلمة الواحدة تعريفان

__________________

(١) الآية «٣٠» الأنبياء (٢١)

(٢) الآية «٢٧» النساء (٤)

٤٩

وغير اللازمة ـ وهي العارضة ـ نوعان :

(١) واقعة في الشعر للضّرورة ، وفي النثر شذوذا ، فالأولى كقول الرمّاح ابن ميّادة :

رأيت الوليد بن اليزيد مباركا

شديدا بأعباء الخلافة كاهله (١)

وقول اليشكري :

رأيتك لما أن عرفت وجوهنا

صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو (٢)

أما شذوذها في النثر فهي الواقعة في قولك :

«ادخلوا الأوّل فالأوّل» وقولهم «جاؤوا الجماء الغفير» (٣).

(٢) مجوزة للمح الأصل لأنّ العلم المنقول مما يقبل «أل» قد يلاحظ أصله فتدخل عليه «أل» وأكثر وقوع ذلك في المنقول عن صفة ك «حارث ، وقاسم (٤)» و «حسن وحسين» (٥) وقد تقع في المنقول عن مصدر ك «فضل» أو عن اسم عين ك «نعمان» فإنه في الأصل اسم للدم ، والعمدة في الباب على السماع فلا يجوز في نحو «محمد ومعروف»

ولم يسمع دخول «أل» في نحو «يزيد ويشكر» علمين لأنّ أصلهما الفعل وهو لا يقبل «أل».

أل العهديّة ـ

ثلاثة أنواع :

(١) للعهد الذكري ، وهي التي يتقدم لمصحوبها ذكر نحو (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)(٦)

(٢) للعهد العلمي ، وهو أن يتقدم لمصحوبها علم نحو (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)(٧)(إِذْ هُما فِي الْغارِ)(٨) لأن ذلك معلوم عندهم.

(٣) للعهد الحضوري : وهو أن يكون

__________________

(١) «أل» في الوليد زائدة للمح الأصل ، والشاهد في «اليزيد» ف «أل» فيه للضرورة ، لأنه لم يسمع دخول أل على يزيد ويشكر ، وسهل هذه الضرورة تقدم ذكر الوليد في البيت.

(٢) النفس : تمييز ولا يقبل التعريف لذلك كانت زائدة.

(٣) أي جاؤوا بجماعتهم وانظرها ب (الجماء الغفير)

(٤) من أسماء الفاعلين.

(٥) من الصفات المشبهة.

(٦) الآية «١٥ و ١٦» المزمل (٧٣)

(٧) الآية «١٢» طه (٢٠)

(٨) الآية «٤١» التوبة (٩)

٥٠

مصحوبها حاضرا نحو (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(١) أي اليوم الحاضر وهو يوم عرفة ونحو «افتح الباب للدّاخل».

ومنه صفة اسم الإشارة نحو «إنّ هذا الرجل نبيل» وصفة «أيّ» في النداء نحو «يا أيّها الإنسان».

أل الموصولة ـ

وهي التي بمعنى الذي وفروعه ، وتدخل على أسماء الفاعلين والمفعولين ، ولا تدخل على الصّفات المشبّهة لأنّ الصفة المشبّهة للثّبوت فلا تؤوّل بالفعل.

أل ونيابتها عن الإضافة ـ

قد تكون «أل» بدلا من الإضافة لأنهما جميعا دليلان من دلائل الأسماء قال الله عزوجل (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى)(٢) معناه عن هواها ، فأقام الألف واللام مقام الإضافة وقال (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ)(٣) أراد : وجلودهم.

قال النّابغة :

لهم شيم لم يعطها الله غيرهم

من النّاس والأحلام غير عوازب

معناه وأحلامهم.

ألا الاستفتاحيّة ـ ألا التّنبيهيّة

ألا التّنبيهيّة ـ ترد «ألا» (٤) للتّنبيه وهي الاستفتاحية فتدخل على الجملتين الاسميّة والفعليّة ولا تعمل شيئا ، فالاسميّة نحو (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)(٥) والفعليّة نحو (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)(٦)

ألا للعرض والتّحضيض ـ تأتي «ألا» للعرض والتّحضيض (٧) ، فتختصّ بالجملة الفعليّة ، مثال العرض (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ)(٨) ومثال التّحضيض (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ)(٩)

__________________

(١) الآية «٤» المائدة (٥)

(٢) الآية «٤٠» النازعات (٧٩)

(٣) الآية «٢٠» الحج (٢٢)

(٤) أي فتدل على تحقق ما بعدها وتقويه ، لتركبها في الأصل من همزة الإنكار الإبطالي و «لا» النافية ، ونفي النفي يستلزم الثبوت.

(٥) الآية «٦٢» يونس (١٠)

(٦) الآية «٨» هود (١١)

(٧) «العرض» الطلب برفق ، و «التحضيض الطلب بإزعاج.

(٨) الآية «٢٢» النور (٢٤)

(٩) الآية «١٤» التوبة (٩)

٥١

إلّا الاستثنائيّة ـ حرف دون غيرها من أدوات الاستثناء (ـ المستثنى) ولها ثلاث أحوال : وجوب نصب المستثنى بعدها ، جواز نصبه أو إتباعه ، إعراب ما بعدها حسب العوامل وهو المفرغ وهاك التفصيل :

(أ) وجوب نصب ما بعدها : له أحوال ثلاث :

الأولى : أن يكون المستثنى متّصلا (١) مؤخرا والكلام تاما (٢) موجبا (٣) نحو (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ)(٤) الثانية : أن يكون الاستثناء منقطعا سواء أكان موجبا نحو «اشتغل عمّالك إلّا عمّال خالد» أو منفيّا. وسواء أمكن تسلّط العامل عليه ، نحو (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ)(٥) أم لم يمكن نحو «ما نفع الأحمق إلّا ما ضرّ» إذ لا يقال : نفع الضر الثالثة : أن يتقدّم المستثنى على المستثنى منه سواء أكان الكلام منفيّا كقول الكميت :

وما لي إلّا آل أحمد شيعة

وما لي إلّا مذهب الحقّ مذهب

أم موجبا نحو «ينقص ـ إلّا العلم ـ كلّ شيء بالانفاق.

(ب) جواز النّصب ، والإتباع : وذلك إذا كان الكلام تامّا منفيا متصلا ، مقدّما فيه المستثنى منه (٦) ، والأرجح الإتباع على أنه بدل بعض نحو (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ)(٧)(وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ)(٨) «وما جنيت الثمر إلّا تفاحة».

والنصب على الاستثناء عربيّ جيد قرئ به في الآيتين (٩).

وإذا تعذّر البدل على اللفظ لمانع أبدل على الموضع نحو (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) *) ، ونحو «ما فيها من أحد إلّا خالد» برفعهما فلفظ الجلالة ،

__________________

(١) المتصل : ما كان المستثنى من جنس المستثنى منه ، والمنقطع بخلافه.

(٢) التام : ما ذكر فيه المستثنى منه.

(٣) الموجب : غير المنفي.

(٤) الآية «٢٤٩» البقرة (٢)

(٥) الآية «١٥٦» النساء (٤)

(٦) أي على الأصل.

(٧) الآية «٦٥» النساء (٤)

(٨) الآية «٨١» هود (١١)

(٩) وقراءة الفتح في الآية الثانية أجود وأشهر.

٥٢

بدل من محلّ «لا» مع اسمها (١) لا على اللفظ ، لأنّ «لا» الجنسية لا تعمل في معرفة ولا في موجب و «خالد» في المثال الثاني بدل على المحل من أحد ، لأن «من» لا تزاد في الإيجاب في المثال الثاني.

(ج) الاستثناء المفرّغ : وهو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه ، وحينئذ يكون المستثنى على حسب ما يقتضيه العامل الذي قبله في التركيب ، كما لو كانت «إلّا» غير موجودة ، نحو «لا يقع في السوء إلّا فاعله» «لا أتّبع إلّا الحقّ» و (لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)(٢) وشرطه كون الكلام منفيا كما مثّل ، أو واقعا بعد نهي نحو (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ)(٣) أو الاستفهام الإنكاري نحو (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)(٤)

حكم «إلّا» إذا تكررت :

إذا تكرّرت «إلّا» فهي على قسمين.

إمّا مؤكّدة ، وإمّا مؤسّسة (٥).

فالأولى حكمها الإلغاء عن العمل.

وذلك إذا كان ما بعد «إلّا» الثانية تابعا لما بعد «إلّا» قبلها وتعرب : بدلا ، أو عطف بيان. أو نسق نحو «جاء الغرباء إلّا محمّدا إلّا أبا عبد الله» ف «أبا عبد الله» بدل كل من محمد و «إلّا» الثانية زائدة لمجرّد التأكيد ، ونحو «حضر القوم إلا سعدا وإلّا سعيدا» ف «سعيدا» عطف على سعد و «إلّا» الثانية لغو ، ومن هذا قول أبي ذؤيب الهذلي :

هل الدهر إلّا ليلة ونهارها

وإلّا طلوع الشمس ثم غيارها (٦)

ونحو «ما قرأ إلّا محمّد إلّا أستاذك» «ما أصلحت إلّا البيت إلّا سقفه» «ما أعجبني إلّا خالد إلا علمه» وقد اجتمع العطف والبدل في قول الراجز :

ما لك من شيخك إلّا عمله

إلّا رسيمه وإلّا رمله (٧)

__________________

(١) وعند أبي حيان : لفظ الجلالة بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف العائد على اسم «لا» المقدر ب «موجود» ولعل هذا أصوب.

(٢) الآية «٤٣» فاطر (٣٥)

(٣) الآية «١٧٠» النساء (٤)

(٤) الآية «٣٥» الأحقاف (٤٦)

(٥) المؤسسة : التي لها معنى أصلي.

(٦) غيارها : من غارت الشمس إذا غربت.

(٧) الرسيم : نوع من السير سريع مؤثر في الأرض ، والرمل : سير فوق المشي ، ودون العدو ، فالرسيم والرمل : تفسير ان ل «عمله».

٥٣

والثّانية وهي المؤسّسة أي لقصد استثناء بعد استثناء ، وتكون في غير العطف والبدل ، فإن كان العامل الذي قبل «إلّا» مفرّغا شغلت العامل بواحد من المستثنيات ونصبت ما عداه نحو «ما سافر إلّا عليّ إلّا خالدا إلّا بكرا».

وإن كان العامل غير مفرّغ وتقدّمت المستثنيات وجب نصبها في الإيجاب والنفي نحو «نجح إلّا زيدا إلّا عمرا التلاميذ» و «ما فاز في المسابقة إلّا سعيدا إلّا صالحا أحد».

أمّا إذا تأخّرت المستثنيات فإن كان الكلام إيجابا وجب نصبها نحو «أقبل القوم إلّا عصاما إلّا هشاما» وإن كان غير إيجاب جاز في واحد مّا النصب على الاستثناء والإتباع على البدل ووجب نصب ما عداه نحو «ما عمل أحد إلّا أخوك إلّا أباك إلّا ابنك»

إلّا الاسمية بمعنى غير ـ قد تكون إلّا صفة بمنزلة «غير» فيوصف بها وبتاليها جمع منكّر أو شبهه.

فمثال الجمع المنكّر قوله تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(١) فلا يجوز في «إلّا» هذه أن تكون للاستثناء من جهة المعنى إذ التقدير حينئذ : لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا ، وذلك يقتضي : أن لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا ويستحيل أن يراد ذلك ألبتة ، هذا من جهة المعنى.

ولا يجوز من جهة اللفظ ، لأنّ آلهة جمع منكّر في الإثبات فلا عموم له فلا يصحّ الاستثناء منه فلو قلت «قام رجال إلّا زيدا» لم يصح اتفاقا.

ومثال المعرّف الشّبيه بالمنكّر قول ذي الرّمّة :

أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة

قليل بها الأصوات إلّا بغامها (٢)

فإنّ تعريف الأصوات تعريف الجنس ومثال شبه الجمع قول لبيد :

لو كان غيري سليمى الدهر غيّره

وقع الحوادث إلّا الصارم الذكر

ف «إلا الصّارم» صفة لغيري.

ألبس ـ تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر نحو «ألبست عليّا قميصا» (ـ أعطى وأخواتها).

__________________

(١) الآية «٢٢» الأنبياء (٢١)

(٢) بلدة ـ الأولى ـ : صدر الناقة ، وبلدة الثانية.

الأرض ، البغام : صوت الناقة.

٥٤

إلى ـ حرف جر ، تجرّ الظّاهر والمضمر ، نحو (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ)(١)(إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ)(٢).

ولها معان كثيرة منها :

انتهاء الغاية مكانيّة أو زمانيّة نحو (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)(٣) ونحو (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(٤).

وإن دلّت قرينة على دخول ما بعدها نحو «قرأت القرآن من أوّله إلى آخره» أو على خروجه نحو (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(٥) وإلّا فلا يدخل ما بعدها في الصحيح.

ومنها : المعيّة ، من ذلك قولهم في المثل «الذّود إلى الذّود إبل» (٦) ومنها : أن تأتي بمعنى اللام نحو (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ)(٧)

ومنها : المبيّنة لفاعليّة مجرورها بعد ما يفيد حبّا أو بغضا من فعل تعجّب أو اسم تفضيل نحو (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ)(٨)

ومنها موافقة «في» كقول النابغة :

فلا تتركنّي بالوعيد كأنني

إلى الناس مطليّ به لقار أجرب (٩)

ألف التّأنيث المقصورة ـ ألف التّأنيث تختصّ بالأسماء وتنقسم إلى قسمين : مقصورة ، وهي : ألف مفردة لازمة قبلها فتحة نحو «ليلى» و «سعدى» وممدودة ، وهي : ألف قبلها ألف ، فتقلب الثانية همزة ك «أسماء» و «حسناء» (ـ ألف التّأنيث الممدودة).

ولكل منهما أوزان نادرة لا نتعرّض لها ، وأوزان مشهورة ، وهي التي نتكلم عليها.

مشهور أوزان ألف التأنيث المقصورة اثنا عشر وزنا وهي :

(١) «فعلى» ، بضم ففتح ك «أربى»

__________________

(١) الآية «٤» هود (١١)

(٢) الآية «٤» يونس (١٠)

(٣) الآية «١» الإسراء (١٧)

(٤) الآية «١٨٧» البقرة (٢)

(٤) الآية «١٨٧» البقرة (٢)

(٥) معناه : إن القليل مع القليل كثير. والذود : من ثلاثة إلى عشرة من الإبل.

(٦) الآية «٣٢» النمل (٢٧)

(٧) الآية «٣٣» يوسف (١٢)

(٨) الوعيد : التهديد ، والقار هنا : القطران وهو نائب فاعل لمطلي ، ويرى ابن عصفور أن «إلى» هنا على أصلها لأن قوله «مطلي الخ» معناه مكروه مبغض وهو يتعدى بإلى.

٥٥

للدّاهية و «رحبى وجنفى وشعبى» لمواضع و «أرنى» لحبّ يجبن به اللبن و «جعبى» لكبار النمل.

(٢) «فعلى» بضم فسكون ، اسما ك «بهمى» لنبت ، أو صفة ك «حبلى» و «فضلى» ، أو مصدرا ك «رجعى» و «بشرى».

(٣) «فعلى» بفتحات ، اسما كان ك «بردى» لنهر دمشق ، أو مصدرا ك «مرطى وبشكى وجمزى» (١) أو صفة ك «حيدى» (٢)

(٤) «فعلى» بفتح فسكون بشرط أن يكون إمّا جمعا ك «قتلى وجرحى» أو مصدرا ك «دعوى ونجوى» أو صفة ك «سكرى وكسلى وسيفى» مؤنثات «سكران وكسلان وسيفان» (٣).

فإن كان اسما ك «أرطى» (٤) وعلقى» (٥) فهو صالح لأن تكون ألفه للتأنيث أو للإلحاق ، فمن نون اعتبرها للإلحاق ، ومن لم ينوّن جعلها للتأنيث.

(٥) «فعالى» بضم أوله ، سواء أكان اسما ك «حبارى وسمانى» لطائرين أم جمعا ك «سكارى» أو صفة ، ك «علادى» للشديد من الإبل.

(٦) «فعّلى» بضم الفاء وتشديد العين مفتوحة ك «سمّهى» اسم للباطل.

(٧) «فعلّى» بكسر أوّله وفتح ثانيه ، وتشديد ثالثه مفتوحا ك «سبطرى» و «دفقّى» لنوعين من السّير.

(٨) «فعلى» بكسر فسكون إمّا مصدرا ك «ذكرى» أو جمعا ك «حجلى» جمع حجل اسم لطائر و «ظربى» جمعا لظربان اسم لدويّبة كالهرة رائحتها كريهة ، ولا ثالث لهما في الجموع ، وإذا لم يكن جمعا ولا مصدرا فألفه إمّا أن تكون للتأنيث ، وذلك إذا لم ينوّن نحو (قِسْمَةٌ ضِيزى)(٦) أي جائزة أو للإلحاق إذا نوّن نحو «عزهى» اسم لمن لا يلهو.

__________________

(١) هذه الألفاظ الثلاثة : أنواع من السير يقال : مرطت الناقة مرطى ، وبشكت بشكى وجمزت جمزى : إذا أسرعت.

(٢) حمار حيدى : أي يحيد عن ظله لنشاطه ، قال الجوهري : ولم يجئ في نعوت الذكر على فعلى غيره.

(٣) سيفان : أي طويل.

(٤) أرطى : شجر يدبغ به.

(٥) علقى : نبت.

(٦) الآية «٢٢» النجم (٥٣).

٥٦

(٩) «فعّيلى» بكسر أوله وثانيه مشددا ، ولم يجئ إلّا مصدرا نحو «حثّيثى» و «خلّيفى» و «خصّيصى و «فخّيرى» وهي أسماء للحث والخلافة والاختصاص والفخر.

(١٠) «فعلّى» بضمّ أوّله وثانيه وتشديد ثالثه نحو «كفرّى» لوعاء الطّلع و «حذرّى» من الحذر و «بذرّى» من التبذير.

(١١) «فعّيلى» بضمّ أوّله ، وفتح ثانيه مشدّدا ك «خلّيطى» للاختلاط ، و «لغّيزى» للغز و «قبّيطى» لنوع من الحلوى يسمّى بالنّاطف.

(١٢) «فعّالى» بضمّ أوّله وتشديد ثانيه نحو «شقّارى» و «خبّازى» لنبتين و «خضّارى» لطائر.

ألف التّأنيث الممدودة ـ مشهور أوزان ألف التأنيث الممدودة سبعة عشر وزنا :

١ ـ «فعلاء» بفتح فسكون اسما

ك «صحراء» أو مصدرا ك «رغباء» أو صفة ك «حسناء» و «ديمة هطلاء».

٢ و ٣ و ٤ ـ «أفعلاء» بفتح الهمزة وتثليث العين ك «يوم الأربعاء» سمع فيه الأوزان الثلاثة.

٥ ـ فعللاء» بفتحتين بينهما سكون

ك «عقرباء» لأنثى العقارب ولموضع.

٦ ـ «فعالاء» بكسر الفاء

ك «قصاصاء» للقصاص.

٧ ـ فعللاء»

بضمّتين بينهما سكون ك «قرفصاء».

٨ ـ «فاعولاء»

كتاسوعاء وعاشوراء.

٩ ـ «فاعلاء»

* ك «قاصعاء» و «نافقاء» لبابي جحر اليربوع.

١٠ ـ فعلياء»

ك «كبرياء».

١١ ـ «مفعولاء»

ك «مشيوخاء» جمع شيخ.

١٢ و ١٣ و ١٤ ـ «فعالاء» بفتح أوله وتثليث ثانيه

ك «براساء» بمعنى النّاس يقال : ما أدري أيّ «البراساء» هو ، و «دبوقاء» للعذرة ، و «قريثاء» اسم لأطيب التمر.

١٥ و ١٦ و ١٧ ـ «فعلاء» مثلث الفاء ومفتوح العين

ك «جنفاء» لموضع و «سيراء» لثوب خزّ مخطّط و «خيلاء» للتكبر والعجب.

٥٧

ألفى ـ من أخوات «ظنّ» ومن أفعال القلوب ، وتفيد في الخبر يقينا ، تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ)(١) وتشترك مع «ظنّ وأخواتها» بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

إليك ـ اسم فعل أمر بمعنى «تنحّ» وهو منقول عن جارّ ومجرور ، ولا يستعمل إلّا متّصلا بضمير المخاطب ، لا الغائب ولا غير الضمير ، وموضع الكاف في محل جر ب «إلى» (ـ اسم الفعل ٥) وما يستعمله الناس بمعنى خذ فليس من العربية ويستعمل لمعنى «خذ» «دونك».

آمين وأمين ـ كلمة تقال في إثر الدّعاء ، ومعناها : اللهمّ استجب لي ، وفيها لغتان : آمين وأمين بالمد والقصر ، والمدّ أكثر وأشهر ، قال عمر بن أبي ربيعة في لغة المدّ :

يا ربّ لا تسلبنّي حبّها أبدا

ويرحم الله عبدا قال آمينا

وأنشد ابن برى في القصر :

أمين ورد الله ركبا إليهم

بخير ووقاهم حمام المقادر

وإعرابها : اسم فعل أمر أو دعاء بمعنى استجب وكان حقّها من الإعراب الوقف وهو السكون لأنها بمنزلة الأصوات وإنما بنيت على الفتح لالتقاء السّاكنين.

أم العاطفة ـ قسمان : متّصلة ، ومنقطعة.

فالمتّصلة : (٢) هي المسبوقة إمّا «بهمزة التّسوية» (٣) وإمّا «بهمزة» يطلب بها وب «أم» التعيين ، فهمزة التّسوية هي الداخلة على جملة في محل المصدر.

وتكون هي والمعطوفة عليها «فعليّتين نحو (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)(٤) أي سواء عليهم الإنذار وعدمه ، أو «اسميّتين» كقوله :

ولست أبالي بعد فقدي مالكا

أموتي ناء أم هو الآن واقع

أو «مختلفتين» نحو (سَواءٌ عَلَيْكُمْ

__________________

(١) الآية «٦٩» الصافات (٣٧)

(٢) إنما سميت متصلة لأن ما قبلها وما بعدها ، لا يستغنى بأحدهما عن الآخر.

(٣) لا يصح العطف ب «أو» بعد همزة التسوية ، سواء أذكرت أم حذفت فقولهم : «سواء كان كذا أو كذا» خطأ كما في المغني ، وأجاز بعضهم العطف ب «أو» عند عدم ذكر الهمزة.

(٤) الآية «٦» البقرة (٢)

٥٨

أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ)(١) وأمّا «الهمزة» التي يطلب بها وب «أم» التّعيين (٢) ، فهي التي تقع بين مفردين غالبا ، ويتوسط بينهما ما لا يسأل عنه ، نحو (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها)(٣) أو يتأخر عنهما نحو (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ)(٤) وتقع بين جملتين فعليّتين كقول زياد بن جمل

فقمت للطّيف مرتاعا فأرّقني

فقلت أهي سرت أم عادني حلم

التقدير : أسرت هي ، أو اسميّتين كقول الأسود بن يعفر التميمي :

لعمرك ما أدري وإن كنت داريا

شعيث ابن سهم أم شعيث ابن منقر

الأصل : أشعيث ، فحذفت الهمزة والتنوين منهما.

والثانية وهي «المنقطعة» لوقوعها بين جملتين مستقلّتين ، ولا يفارقها معنى الإضراب فهي ك «بل».

والأكثر أن تقتضي مع الإضراب استفهاما إمّا «حقيقيّا» نحو «إنّها لإبل أم شاء؟» أي «بل أهي شاء» وإنّما قدّرنا بعدها مبتدأ محذوفا لكونها لا تدخل على المفرد ، وإمّا «إنكاريا» كقوله تعالى (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ)(٥) أي بل أله البنات.

وقد لا تقتضي معه استفهاما ألبتّة ، نحو (هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ)(٦) أي بل هل تستوي ، إذ لا يدخل استفهام على استفهام ونحو (لا رَيْبَ

__________________

(١) الآية «١٩٢» الأعراف (٧)

(٢) الفرق بين أم الواقعة بعد همزة التسوية المار ذكرها وبين «أم» والهمزة التي للتعيين من أربعة وجوه : الأول : أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تستحق جوابا ، لأن المعنى معها ليس على الاستفهام بخلاف أم للتعيين.

الثاني : أن الكلام مع أم وهمزة التسوية خبر قابل للتصديق والتكذيب بخلاف أم للتعيين.

الثالث والرابع : أن أم الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلا بين جملتين ، ولا تكون الجملتان معها إلا في تأويل المفردين بخلاف «أم» التي يطلب بها التعيين

(٣) الآية «٢٧» النازعات (٧٩)

(٤) الآية «١٠٩» الأنبياء (٢١)

(٥) الآية «٣٩» الطور (٥٢)

(٦) الآية «١٧» الرعد (١٣)

٥٩

فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ)(١) وقول عمر بن أبي ربيعة :

فليت سليمى في المنام ضجيعتي

هنالك أم في جنّة أم جهنّم

إذ لا معنى للاستفهام هنا لأنّه للتمني

أما الاستفتاحيّة ـ هي التي تكثر قبل القسم وهي كلمة واحدة ، كقول أبي صخر الهذلي :

أما والذي أبكى وأضحك والذي

أمات وأحيا والذي أمره الأمر

أما بمعنى حقا ـ هما كلمتان : الهمزة للاستفهام و «ما» بمعنى شيء وذلك الشيء «حقّ» فمعنى «أما» : «أحقّا» ، و «أما» هذه تفتح «أنّ» بعدها ، كما تفتح بعد حقّا وإعرابها : الهمزة للاستفهام ، وموضع «ما» النصب على الظّرفية كما انتصب «حقّا» وتقديره عند سيبويه : أفي حقّ.

امرأة ـ همزتها للوصل (ـ همزة الوصل ٣)

أمّا ـ

١ ـ ماهيّتها :

هي حرف فيه معنى الشّرط والتّوكيد دائما ، والتفصيل غالبا ، يدل على الأوّل : لزوم الفاء بعدها نحو (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً)(٢) وهي نائبة عن أداة الشّرط وجملته ، ولهذا تؤوّل ب «مهما يكن من شيء»

ويدلّ على الثاني : أنّك إذا قصدت توكيد «زيد ذاهب» قلت «أمّا زيد فذاهب» أي لا محالة ذاهب.

ويدلّ على التّفصيل استقراء مواقعها نحو (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ... وَأَمَّا الْغُلامُ ... وَأَمَّا الْجِدارُ)(٣) الآيات ونحو (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)(٤)

وقد يترك تكرارها استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر ، أو بكلام يذكر بعدها. فالأوّل : كقوله تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي

__________________

(١) الآية «٣٧ و ٣٨» يونس (١٠)

(٢) الآية «٢٦» البقرة (٢)

(٣) الآية «٨٠ و ٨١ و ٨٣» الكهف (١٨)

(٤) الآية «٩ و ١٠» الضحى (٩٣)

٦٠