معجم النّحو

عبد الغني الدقر

معجم النّحو

المؤلف:

عبد الغني الدقر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٣٩

اللغات الست (١) ، فعلى لغة من قال «يا غلام» بالكسر ، أو «يا غلام» بالضم أو «يا غلاما» بالألف ، أو «يا غلامي» بالإسكان يقال : «وا غلاما» وعلى لغة من قال : «يا غلامي» بالفتح ، أو «يا غلامي» بالإسكان بإبقاء الفتح على الأوّل : وباجتلابه على الثاني (٢).

وإذا قيل «يا غلام غلامي» لم يجز في الندبة حذف الياء ، لأنّ المضاف إلى الياء غير منادى ، ولمّا لم يحذف في النداء لم يحذف في النّدبة.

ندّك ـ المضافة لمعرفة ولا تفيد تعريفا» (ـ الإضافة ٥ تعليق)

النّسب ـ

١ ـ تعريفه :

هو إلحاق ياء مشدّدة في آخر الاسم لتدلّ على نسبته.

٢ ـ تغييراته :

يحدث بالنّسب ثلاث تغييرات : الأول : لفظي ، وهو ثلاثة أشياء : إلحاق ياء مشدّدة آخر المنسوب ، وكسر ما قبلها ، ونقل إعرابه إليها.

الثاني : معنويّ ، وهو صيرورته اسما للمنسوب بعد أن كان اسما للمنسوب إليه.

الثالث : حكمي ، وهو معاملته معاملة الصفة المشبّهة في رفعه المضمر والظّاهر باطّراد.

٣ ـ ما يحذف لياء النّسب :

يحذف لياء النّسب ستة أشياء :

(١) الياء المشدّدة بعد ثلاثة أحرف فصاعدا سواء أكانت ياءين زائدتين نحو «كرسيّ وشافعيّ» فتقول «كرسيّ وشافعيّ» باتحاد لفظ المنسوب والمنسوب إليه ولكن يختلف التّقدير (٣).

أم كانت إحداهما زائدة والأخرى أصلية نحو «مرميّ» أصله «مرموي» (٤) فإذا نسبت إليه قلت «مرميّ».

__________________

(١) انظر هذه اللغات الست في مبحث «النداء» رقم (٧ / ٣).

(٢) قد استبان أن لمن سكن الياء أن يحذفها أو يفتحها.

(٣) ثمرة هذا تظهر في نحو «بخاتي» (وهو نوع من الإبل) علما لرجل فإنه غير منصرف؟؟

منتهى الجموع ، فإذا نسب إليه انصرف؟؟

صيغة الجمع بياء النسب.

(٤) اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء وكسر ما قبلها.

٤٠١

وبعض العرب يقول : مرمويّ يحذف الأولى لزيادتها ، ويبقي الثانية لأصالتها ويقلبها ألفا ، ثمّ يقلب الألف واوا ، فإذا وقعت الياء المشدّدة بعد حرفين حذفت الأولى فقط ، وقلبت الثانية ألفا ، ثمّ الألف واوا فتقول في أميّة «أموي» وفي عدي وقصي «عدوي» و «قصويّ» وإذا وقعت الياء المشدّدة بعد حرف لم تحذف واحدة منهما ، بل تفتح الأولى ، وتردّ إلى الواو إن كان أصلها الواو ، وتقلب الثانية واوا فتقول في طيّ وحيّ «طوويّ وحيويّ».

(٢) تاء التّأنيث تقول في مكّة «مكيّ» والقاهرة «قاهري» وفاطمة «فاطمي».

(٣) الألف إن كانت متجاوزة الأربعة أو كانت رابعة في اسم ثانيه متحرّك ، فالأوّل : في ألف التأنيث ك «حبارى» وفي ألف الإلحاق ك «حبركى» (١) فإنّه ملحق «بسفرجل» وفي الألف المنقلبة عن أصل ك «مصطفى» تقول في نسبها : «حباريّ وحبركيّ ومصطفيّ».

والثاني : لا يقع إلّا في ألف التّأنيث ك «جمزى» (٢) تقول في نسبها «جمزيّ».

أمّا الألف الرابعة في اسم ساكن ثانيه فيجوز فيها القلب والحذف ، والأرجح الحذف ، في التي للتأنيث ك «حبلى».

تقول في نسبها «حبلي أو حبلوي» والأرجح القلب في التي للإلحاق ك «علقى» والمنقلبة عن أصل ك «ملهى» ، تقول في نسب «علقى» «علقويّ» و «علقيّ» وفي «ملهى» : «ملهيّ» و «ملهويّ» ويجوز زيادة ألف بين الّلام والواو نحو «حبلاويّ».

(٤) ياء المنقوص المتجاوزة أربعة : خامسة ك «معتد» أو سادسة ك «مستعل»

فأمّا الرّابعة فكألف المقصور الرابعة يجوز حذفها وقلبها واوا تقول

__________________

(١) الحبركى : القراد والطويل الظهر القصير الرجلين.

(٢) الجمزى : الحمار السريع.

٤٠٢

«ملهيّ» و «ملهويّ» كما تقول «قاضيّ أو قاضوي» والحذف أرجح.

أمّا في الثالث من ألف المقصور ك «فتى» و «عصى» وياء المنقوص ك «عم وشج» فليس إلا القلب واوا فقط وحيث قلبنا الياء واوا فلا بدّ من فتح ما قبلها فتقول «فتويّ وعصويّ» و «عمويّ وشجويّ».

(٥ و ٦) علامتا التثنية وجمع المذكّر فتقول في «حسنين» و «عابدين» علمين معربين بالحروف «حسني» و «عابدي».

ومن أجرى المثنى علما مجرى «سلمان» في المنع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون قال : «حسناني».

ومن أجرى الجمع مجرى «غسلين» في لزوم الياء والإعراب على النون منونة قال «عابديني».

ومن جعله ك «هارون» في المنع من الصرف للعلميّة وشبه العجمة مع لزوم الواو. أو ك «عربون» في لزومها منوّنة ، يقول في الجمع المسمّى «عابدوني».

أمّا جمع المؤنّث علما فمن حكى إعرابه نسب إليه على لفظه مفتوحا بعد حذف الألف والتّاء معا نحو «مسلمات» تقول في نسبها «مسلمي» ومن منع صرفه نزّل تاءه منزلة تاء «مكّة» وألفه منزلة ألف جمزى فحذفهما فيقول فيمن اسمه «تمرات» «تمرى» بالفتح.

وأمّا نحو «ضخمات وهندات» من كلّ ما كان ساكن الثّاني وألفه رابعة ، فألفه كألف «حبلى» ففيها القلب والحذف تقول : «ضخمي» أو «ضخموي» و «هندي» أو «هندوي».

ويجب الحذف في ألف هذا الجمع خامسة فصاعدا سواء أكان من الجموع القياسيّة ك «مسلمات» أو الشاذة ك «سرادقات» تقول فيهما «مسلمي» و «سرادقي».

٤ ـ ما يحذف لياء النّسب ممّا يتّصل بالآخر :

يحذف لياء النّسب ممّا يتّصل بالآخر ستّة أيضا :

(١) الياء المكسورة المدغمة فيها ياء أخرى ك «طيّب وهيّن» تقول

٤٠٣

في نسبها «طيبيّ» و «هيني» بحذف الياء الثّانية.

وكان القياس أن يقال في النّسب إلى «طيّبئ» «طييّ» ولكنّهم بعد الحذف قلبوا الياء الأولى ألفا على غير قياس ، فقالوا «طائي».

(٢) ياء فعلية بشرط صحّة العين ، وانتفاء التّضعيف ك «حنيفة ومدينة وصحيفة» تقول في النّسب إليها «حنفي ومدني وصحفي» وشذّ قولهم في «سليقة» (١) «سليقي» كما قال :

ولست بنحويّ يلوك لسانه

ولكن سليقيّ أقول فأعرب

كما شذّ في عميرة كلب وسليمة الأزد (٢) «عميريّ وسليميّ» فلا حذف في «طويلة» لاعتلال العين ولا في «حليلة» للتّضعيف لئلّا يلتقي المثلان فيحصل ثقل.

(٣) ياء «فعيلة» غير مضعّف العين ك «جهينة» و «قريظة» تقول في نسبها «جهني» و «قرظي» بحذف التاء ثمّ الياء ، كما تقول في «عيينة» «عينيّ» وشذّ «ردينيّ» في «ردينة» ولا حذف في «قليلة» للتّضعيف.

(٤) واو «فعولة» ك «شنوءة» (٣) صحيحة العين غير مضعّفتها تقول في نسبها «شنئي» بحذف التاء ثمّ الواو ، ثمّ قلب الضّمّة فتحة ، ولا يجوز ذلك في «قؤولة» لاعتلال العين ، ولا في ملولة للتّضعيف.

(٥) ياء «فعيل» المعتلّ الّلام ياء كانت أو واوا ، نحو «غنيّ عليّ» تقول في نسبها «غنويّ» و «علويّ» بحذف الياء الأولى ثمّ قلب الكسرة فتحة ، ثمّ قلب الياء الثّانية ألفا (٤) ، وقلب الألف واوا (٥).

(٦) ياء «فعيل» المعتلّ الّلام ك «قصي» تقول في نسبها «قصوي» بحذف الياء الأولى ، وقلب الثّانية ألفا (٦) ، وقلب الألف واوا (٧)

__________________

(١) السليقة : الطبيعة.

(٢) إنما شذت «عميرة كلب وسليمة الأزد» للفرق بينها وبين غيرها ، أما عميرة غير كلب وسليمة غير الأزد فعلى القياس.

(٣) شنوءة : حي من اليمن.

(٤) لتحركها وانفتاح ما قبلها.

(٥) كراهة اجتماع الياءات مع الكسرتين.

(٤) لتحركها وانفتاح ما قبلها.

(٥) كراهة اجتماع الياءات مع الكسرتين.

٤٠٤

فإن صحّت لام «فعيل» و «فعيل» لم يحذف منهما شيء نحو «عقيل» و «عقيل» تقول في الأولى «عقيلي» وفي الثانية «عقيلي» وشذّ قولهم في «ثقيف وقريش» «ثقفي وقرشي».

٥ ـ حكم همزة المدود في النّسب :

حكمها إن كانت للتّأنيث قلبت واوا ك «صحراء» تقول فيها «صحراوي» و «سوداء» تقول فيها «سوداوي».

وإن كانت أصلا سلمت ك «قراء» تقول فيها «قرّائي».

وإن كانت بدلا من أصل نحو «كساء» أو للإلحاق نحو «علباء» (١) فالوجهان : تقول : «كسائي» و «كساوي» و «علبائي» و «علباوي».

٦ ـ النّسب إلى المركّب :

إن كان التركيب إسناديّا ك «جاد المولى» و «برق نحره» أو مزجيّا ك «بختنصّر» و «حضر موت» ينسب فيهما إلى الصّدر (٢) ، تقول في الإسنادي «جاديّ» و «برقي» وتقول في المزجي «بختيّ» و «حضريّ» وإن كان إضافيّا نسبنا أيضا إلى الصدر ، تقول في «امرئ القيس» «امرئي» أو «مرئي» كما قال ذو الرمة :

إذا المرئي شبّ له بنات

عقدن برأسه إبة (٣) وعارا

إلّا إن كان كنية ك «أبي بكر» و «أم كلثوم» أو كان علما بالغلبة ك «ابن عمر» و «ابن الزّبير» فإنّك تنسب إلى عجزه فتقول «بكريّ» و «كلثوميّ» و «عمريّ» و «زبيري» ومثل ذلك : ما خيف

__________________

(١) العلباء : عصب العنق ، والهمزة فيه منقلبة عن ياء زيدت للإلحاق بقرطاس.

(٢) وقيل في المزجي ينسب إلى عجزه فتقول في «بختنصر» «نصري» وقيل إليهما مزالا منهما التركيب وعليه قول الشاعر في النسب إلى «رام هرمز» :

تزوجتها «رامية هرمزية»

بفضلة ما أعطى الأمير من الرزق

وقيل ينسب إليهما مع التركيب فتقول : «بختنصري» و «حضر موتي» والمشهور في النسبة إلى «حضر موت» «حضرمي» على غير قياس كما في معجم البلدان ومثله «أذربي» نسبة إلى «أذربيجان».

(٣) «الإبة» ك «عدة» : الخزي والعار.

٤٠٥

فيه اللّبس ك «عبد مناف» و «عبد الدّار» فتقول : «منافي» و «داري» (١) وشذّ المنتحت من المركب الإضافي فصار على بناء «فعلل» مثل «عبدري» نسبة إلى «عبد الدار» و «عبشمي» (٢) نسبة إلى «عبد شمس».

٧ ـ النّسب إلى محذوف الّلام :

إذا نسب إلى ما حذفت لامه ردّت وجوبا في مسألتين :

(إحداهما) أن تكون العين معتلّة ك «شاة» أصلها «شوهة» بدليل قولهم : «شياه» فتقول في نسبها «شاهي» (٣).

(الثانية) أن تكون الّلام المحذوفة قد ردّت في تثنية ك «أب» و «أبوان» أو في جمع تصحيح ك «سنة» وجمعها «سنوات» أو «سنهات» فتقول «أبويّ» و «سنوي» أو «سنهي».

وتقول في «ذو» و «ذات» «ذووي» لاعتلال العين ورد الّلام في تثنية «ذات» نحو («ذَواتا أَفْنانٍ)(٤) وتقول في النّسب إلى «أخت» «أخوي» وفي «بنت» «بنويّ» لأنهم ردّوها في الجمع فقالوا «أخوات» و «بنات» (٥) بعد حذف التاء.

ويجوز ردّ الّلام وتركها فيما عدا ذلك نحو «يد ودم وشفة» تقول : «يدويّ أو يديّ» «دمويّ أو دميّ» «شفيّ أو شفهيّ» وفي «ابن» و «اسم» «ابنيّ واسميّ» فإن رددنا الّلام أسقطنا الهمزة فقلنا «بنويّ وسمويّ» بإسقاط الهمزة.

__________________

(١) والخلاصة : أن المركب الإضافي ينسب إلى عجزه في ثلاثة مواضع : أحدها : ما كان كنية.

الثاني : ما تعرف صدره بعجزه. الثالث : ما يخاف اللبس من حذف عجزه ، وما سوى هذه المواضع ينسب فيه إلى الصدر.

(٢) والمحفوظ «تيملي» و «عبدري» و «مرقسي» و «عبقسي» و «عبشمي» في النسب إلى «تيم اللات» و «عبد الدار» و «امرئ القيس» و «عبد القيس» و «عبد شمس».

(٣) سيبويه لا يرد الكلمة بعد رد محذوفها إلى سكونها الأصلي ، بل يبقي العين مفتوحة أي «شوهي» ثم يقلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها والأخفش يقول «شوهي» بالرد فيمتنع القلب.

(٤) الآية «٤٨» الرحمن (٥٥).

(٥) إذ أصلها : بنوات ، لكن لما تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا فالتقى ساكنان ، حذفت هذه الألف ، ولم يفعل مثل ذلك مع أخوات لأن بنات أكثر استعمالا فخففوه بالحذف.

٤٠٦

٨ ـ النّسب إلى ما حذفت فاؤه أو عينه :

إذا نسب إلى ما حذفت فاؤه أو عينه ردّت وجوبا إذا كانت الّلام معتلّة ك «شية» أصلها «وشية» و «يرى» علما أصله «يرأى» فتقول في «شية» «وشويّ» لأننا لمّا رددنا الواو صارت الواو والشّين مكسورتين فقلبت الثانية فتحة كما نفعل في «إبل» و «إبلى» وقلبنا الياء ألفا ثمّ الألف واوا.

وتقول في «يرى» علما «يرئيّ» بفتحتين فكسرة ، بناء على إبقاء الحركة بعد الراء لأنه يصير «يرأى» بوزن جمزى ، فيجب حينئذ حذف الألف.

وعن أبي الحسن «يرئيّ» أو «يرأويّ» كما تقول «ملهيّ» أو «ملهويّ».

ويمتنع الرّدّ في غير ذلك فتقول في «سه» أصلها «سته» مما حذفت عينه «سهيّ» لا «ستهيّ».

وتقول في «عدة» أصلها «وعدة» «عديّ» لا «وعديّ» لأنّ لامهما صحيحة.

٩ ـ النّسب إلى ثنائي الوضع معتل الثاني :

ويسمّى بثنائي الوضع معتل الثاني ضعّف قبل النسب فتقول في «لو وكي» علمين «لوّ وكيّ» بالتشديد فيهما. وتقول في «لا» علما «لا» بالمد ، فإذا نسبت إليهنّ. قلت «لوّيّ» و «كيويّ» و «لائيّ» أو «لاويّ» كما تقول في النّسب إلى «الدوّ» و «الحىّ» والكساء «دوّيّ» و «حيويّ» و «كسائيّ أو «كساويّ.

١٠ ـ النّسب إلى كلمة تدلّ على جماعة أو جمع أو مثنّى :

ينسب إلى الكلمة الدّالّة على جماعة على لفظها إن أشبهت الواحد لكونها اسم جمع ك «قوميّ» و «رهطيّ» واسم جنس ك «شجريّ» أو جمع تكسير لا واحد له ك «أبابيليّ» أو جاريا مجرى العلم ك «أنصاريّ» إلى غير ذلك يردّ المكسّر إلى مفرده. ثم ينسب إليه فتقرب في النسب؟؟؟

١١ ـ النسب إلى جموع :

ينسب إلى جموع الصحيح لمذكره أو مؤنثه بالرجوع إلى مفرده.

٤٠٧

١٢ ـ النّسب إلى فعل وفعل وفعل :

يجب قلب الكسرة فتحة عند النّسب في «فعل» ك «ملك» تقول في نسبها «ملكيّ» وفي «فعل» ك «دئل» «دؤلي» وفي «فعل» ك «إبل» «إبلي».

١٣ ـ المنسوب على وزن «فعّال» أو «فاعل» أو «فعل» أو «مفعال» :

قد يستغنى عن ياء النّسب بصوغ اسم من المنسوب إليه على وزن «فعّال» ك «نجّار» و «خبّاز» وهذا غالب في الحرف وشذّ قول امرئ القيس :

وليس بذي رمح فيطعنني به

وليس بذي سيف وليس بنبّال

ونبّال : أي ذو نبل وهو ليس بحرفة.

وتأتي على وزن فاعل ك «تامر» و «لابن» و «كاس» والمقصود : صاحب تمر ولبن وكسوة.

أو على «فعل» ك «طعم» و «لبن» أي ذي طعام ولبن.

وندر صوغها على «مفعال» ك «معطار» أي ذي عطر و «مفعيل» ك «فرس محضير» أي ذي حضر (١).

وما خرج عن هذا الباب فشاذّ كقولهم «أمويّ» (٢) بالفتح في «أميّة» و «بصري» بالكسر في البصرة و «دهري» بالضم في الدّهر ، و «مروزي» في مرو ، و «بدوي» بحذف الألف في البادية ، و «حروريّ» و «جلوليّ» بحذف الألف والهمزة في «جلولاء» و «حروراء» و «رقباني» و «شعراني» و «لحياني» لعظيم الرقبة والشعر واللحية.

النّعت ـ (ـ الصّفة).

نعم وبئس وما في معناهما ـ

١ ـ تعريفها :

هي أفعال لإنشاء المدح والذّمّ على سبيل المبالغة.

٢ ـ فاعلهما :

فاعلهما نوعان :

(أحدهما) اسم ظاهر معرّف ب «أل» الجنسيّة نحو (نِعْمَ الْعَبْدُ)(٣) و (بِئْسَ الشَّرابُ)(٤) أو معرّف

__________________

(١) الحضر : الجري.

(٢) والقياس «أموي» بضم الهمزة وقد مر.

(٣) الآية «٤٤» ص (٣٨).

(٤) الآية «٢٩» الكهف (١٨).

٤٠٨

بالإضافة إلى ما قارنها نحو (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ)(١)(فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)(٢) أو بالإضافة إلى المضاف لما قارنها كقول أبي طالب :

فنعم ابن أخت القوم غير مكذّب

زهير حسام مفرد من حمائل

(الثاني) ضمير مستتر وجوبا مميّز إمّا بلفظ «ما» (٣) بمعنى شيء أو «من» بمعنى شخص نحو (فَنِعِمَّا هِيَ)(٤) أي نعم شيئا هي ، وقوله : «ونعم من هو في سرّ وإعلان» أي شخصا ، وإمّا مميّز بنكرة عامّة واجبة الذّكر والتّأخير عن الفعل ، والتّقديم على المخصوص ، قابلة ل «أل» مطابقة للمخصوص نحو «نعم رجلا عليّ» «نعم امرأتين الهندان» ومنه قوله :

نعم امرأ هرم لم تعر نائبة

إلّا وكان لمرتاع بها وزرا

وقوله :

نعم امرأين حاتم وكعب

كلاهما غيث وسيف عضب

وإذا كان فاعل هذا الباب اسما ظاهرا فلا يؤتى بالتّمييز غالبا لأنّه لرفع الإبهام ، ولا إبهام مع الظاهر ، وقد يؤتى به لمجرّد التّوكيد كقوله :

نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت

ردّ التّحيّة نطقا أو بإيماء

فقد جاء التّمييز حيث لا إبهام لمجرّد التّوكيد كما جاء في غير هذا الباب كقول أبي طالب :

ولقد علمت بأنّ دين محمّد

من خير أديان البريّة دينا

٣ ـ المخصوص بالذّمّ أو المدح :

يذكر المخصوص المقصود بالمدح

__________________

(١) الآية «٣٠» النحل (١٦).

(٢) الآية «٢٩» النحل (١٦).

(٣) «ما» الواقعة بعد «نعم» على ثلاثة أقسام :

«أ» مفردة أي غير متلوة بشيء ، نحو دققته دقا نعما ، وهي معرفة تامة فاعل. والمخصوص محذوف ، أي نعم الشيء الدق.

«ب» متلوة بمفرد نحو «فنعما هي» «وبئسما تزويج ولا مهر» وهي معرفة تامة فاعل ، وما بعدها هو المخصوص ، أي نعم الشيء هو ، وبئس هذا الشيء تزويج ولا مهر.

«ج» متلوة بجملة فعلية نحو (نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) و (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) ف «ما» نكرة في موضع نصب على التمييز موصوفة بالفعل بعدها ، والمخصوص محذوف أي نعم شيئا يعظكم به ذلك القول.

(٤) الآية «٢٧١» البقرة (٢).

٤٠٩

أو الذّمّ بعد فاعل «نعم وبئس» فيقال «نعم الخليفة عثمان» و «بئس الرّجل أبو جهل» وهذا المخصوص مبتدأ ، والجملة قبله خبر ، ويجوز أن يكون خبرا لمبتدأ واجب الحذف ، أي : الممدوح :

عثمان ، والمذموم : أبو جهل ، وقد يتقدّم المخصوص على الفعل فيتعيّن كونه مبتدأ. وما بعده خبر ، نحو «العلم نعم الذّخر».

وقد يحذف إذا دلّ عليه دليل ممّا تقدّمه نحو (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ)(١) أي أيّوب. وجواز حذف المخصوص أو تقديمه إنما هو في مخصوص الفاعل الظّاهر ، دون مخصوص الضّمير.

٤ ـ استعمال وزن «فعل» استعمال نعم وبئس» :

كلّ فعل ثلاثيّ صالح للتّعجّب منه (٢) يجوز استعماله على «فعل» بضم العين ، إمّا بالأصالة ك «صرف وشرف» أو بالتحويل ك «فهم» و «ضرب» لإفادة المدح أو الذّمّ ، فيجري حينئذ مجرى «نعم وبئس» في حكم الفاعل والمخصوص ، تقول في المدح «فهم الرجل عليّ» وفي الذّمّ «خبث الرجل عمرو» فإن كان الفعل معتلّ العين بقيت على قلبها ألفا مع تقدير تحويله إلى «فعل» بالضم نحو «قال الرّجل عليّ» «باع رجلا عمرو» (ساءَتْ مُرْتَفَقاً)(٣) أي ما أقوله وأبيعه وأسوأها أي النّار.

وإن كان معتلّ الّلام ردّت الواو إلى أصلها إن كان واويّا. وقلبت الياء واوا إن كان يائيا فتقول في غزا ورمى : غزو ورمو.

وهذه الأفعال المحولة تخالف نعم وبئس في ستة أشياء :

اثنان في معناها : وهما إفادتها التّعجّب ، وكونها للمدح الخاص واثنان في فاعلها المضمر. وهما جواز عوده. ومطابقته لما قبله بخلاف نعم فإنّه يتعيّن في فاعلها المضمر عوده على التمييز بعده.

__________________

(١) الآية «٤٤» ص (٣٨)

(٢)؟؟؟

(٣) الآية «٣٠» الكهف (١٨).

٤١٠

ولزومه حالة واحدة ، فنحو «محمّد كرم رجلا» يجوز فيه عود ضمير «كرم» إلى محمّد ، وإلى رجل ، فعلى الأوّل تقول : «المحمّدون كرموا رجالا ، وعلى الثّاني «المحمّدون كرم رجالا.

واثنان في فاعلها الظاهر ، وهما جواز خلوّه من «أل» نحو (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)(١) وكثرة جرّه بالباء الزّائدة ، تشبيها ب «أسمع بهم» نحو :

حبّ بالزّور الذي لا يرى

منه إلّا صفحة أو لمام (٢)

نعم ـ حرف جواب للتصديق ، والوعد ، والإعلام.

فالأول : بعد الخبر ك «قدم خالد» أو «لم يأت عليّ».

والثاني : بعد «افعل» و «لا تفعل» وما في معناهما نحو «هلّا تفعل» و «هلّا لم تفعل».

والثالث : بعد الاستفهام في نحو (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا : نَعَمْ)(٣).

النّكرة ـ

١ ـ الاسم ضربان : نكرة.

ومعرفة (ـ المعرفة).

٢ ـ تعريف النّكرة :

النّكرة : هي ما لا يفهم منه معيّن ك «إنسان وقلم».

٣ ـ النّكرة نوعان :

(١) ما يقبل «أل» المفيدة للتعريف ك «رجل وفرس وكتاب».

(٢) ما يقع موقع ما يقبل «أن المؤثرة للتعريف نحو «ذي» بمعنى صاحب ، و «من» بمعنى إنسان و «ما» بمعنى شيء ، في قولك «اشكر لذي مال عطاءه» «لا يسرني من معجب بنفسه» و «نظرت إلى ما معجب لك» «فذو ومن وما» نكرات ، وهي لا تقبل «أل» ولكنها واقعة موقع ما يقبلها ، «فذو» واقعة موقع «صاحب» وهو يقبل أل و «من» نكرة موصوفة واقعة

__________________

(١) الآية «٦٨» النساء (٤).

(٢) الزور : الزائر ، ويكون للواحد والجمع مذكرا أو مؤنثا. وصفحة : جانب ، واللمام : جمع لمة ، وهو الشعر يجاوز شحمة الأذن ، المعنى : ما أجمل الزائر سريع الترحل.

(٣) الآية «٤٣» الأعراف (٧).

٤١١

موقع «إنسان» وإنسان يقبل أل و «ما» نكرة موصوفة أيضا ، واقعة موقع «شيء» وشيء يقبل أل ، وكذا اسم الفعل نحو «صه» منونا ، فإنه يحل محلّ قولك «سكوتا» وسكوتا تدخل عليه أل.

نواسخ المبتدأ والخبر ـ

١ ـ أقسامها :

النواسخ ثلاثة أقسام :

(أ) أفعال ترفع المبتدأ وتنصب الخبر ويلتحق بها بعض حروف وهي «كان وأخواتها ، وأفعال المقاربة».

(ب) أفعال تنصب الجزأين على أنهما مفعولان لها وهي «ظنّ وأخواتها».

(ج) حروف تنصب أولهما وترفع ثانيهما وهي «إنّ وأخواتها». (ـ كلّا في بابه).

نواصب المضارع ـ ينصب المضارع إذا تقدّمه أحد النواصب الأربعة وهي «أن ، لن ، كي ، إذن» ، (ـ في أحرفها).

نونا التّوكيد ـ

١ ـ نونا التّوكيد :

هما «نون التّوكيد» الثّقيلة ، و «نون التّوكيد» الخفيفة وقد اجتمعا في قوله تعالى (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً)(١).

٢ ـ ما يؤكّدان من الأفعال وما لا يؤكّدان :

يؤكّدان الأمر مطلقا نحو «أكرمنّ جارك» ومثله الدّعاء كقوله :

«فأنزلن سكينة علينا» ولا يؤكّدان الماضي مطلقا (٢).

أمّا المضارع فله ـ بالنسبة لتوكيديهما ـ ستّ حالات :

(الأولى) أن يكون توكيده بهما واجبا ، وذلك : إذا كان مثبتا مستقبلا ، جوابا لقسم غير مفصول من لامه بفاصل ، نحو «والله لأجاهدنّ غدا».

(الثانية) أن يكون توكيده بهما قريبا من الواجب ، وذلك إذا كان شرطا ل «إن» المؤكّدة ب «ما» الزّائدة ، نحو (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً)(٣)

__________________

(١) الآية «٣٢» يوسف (١٢).

(٢) لأنهما يخلصان مدخولهما للاستقبال ، وذلك ينافي الماضي.

(٣) الآية «٥٩» الأنفال (٨).

٤١٢

(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ)(١)(فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً)(٢).

وترك التّوكيد ـ في هذه الحالة ـ قليل في النثر ، وورد في الشعر كقوله :

يا صاح إمّا تجدني غير ذي جدة

فما التّخلّي عن الخلّان من شيمي

(الثالثة) أن يكون توكيده بهما كثيرا ، وذلك إذا وقع بعد أداة طلب : نهي ، أو دعاء ، أو عرض ، أو تمنّ ، أو استفهام ، فالأوّل : كقوله تعالى (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)(٣) والثاني : كقول الخرنق بنت هفّان :

لا يبعدن قومي الّذين هم

سمّ العداة وآفة الجزر

والثالث : كقول الشّاعر يخاطب امرأة :

هلّا تمنّن (٤) بوعد غير مخلفة

كما عهدتك في أيّام ذي سلم

والرابع : كقول آخر يخاطب امرأة :

فليتك يوم الملتقى ترينّني

لكي تعلمي أني امرؤ بك هائم

والخامس : نحو قوله :

«أفبعد كندة تمدحنّ قبيلا»

(الرابعة) أن يكون توكيده بهما قليلا ، وذلك بعد «لا» النّافية أو «ما» الزائدة التي لم تسبق ب «إن» الشّرطيّة ، فالأوّل كقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)(٥) فأكّد الفعل بعد «لا» النّافية تشبيها لها بالنّاهية صورة ، والثاني كقوله :

إذا مات منهم سيّد سرق ابنه

ومن عضة ما ينبتنّ شكيرها (٦)

وقول حاتم الطّائي :

قليلا به ما يحمدنّك وارث

إذا نال ممّا كنت تجمع مغنما

(الخامسة) أن يكون التّوكيد بهما أقلّ ، وذلك بعد «لم» وبعد «أداة

__________________

(١) الآية «٤١» الزخرف (٤٢).

(٢) الآية «٢٥» مريم (١٩).

(٣) الآية «٤٢» إبراهيم (١٤).

(٤) أصلها «تمنينن» بنون التوكيد الخفيفة ، حذفت نون الرفع لتوالي النونات حملا على حذفها مع الثقيلة ، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين.

(٥) الآية «٢٥» الأنفال (٨).

(٦) العضة : شجرة. وشكيرها : ما ينبت في أصلها من الفروع ، والشطر الثاني : مثل يضرب لمن نشأ كأصله. المعنى : إذا مات الأب أشبهه ابنه في جميع صفاته ، فمن رأى هذا ظنه هذا ، فكأنه مسروق.

٤١٣

جزاء» غير «إما» فالأوّل كقول أبي حيّان الفقعسي يصف وطب لبن :

يحسبه الجاهل ما لم يعلما

شيخا على كرسيّه معمّما

أراد الذي لم «يعلمن» بنون التوكيد الخفيفة المقلوبة في الوقف ألفا ، والثاني كقوله :

من تثقفن منهم فليس بآئب

أبدا وقتل بني قتيبة شافي

وتوكيد الشرط بهما كثير. أما الجواب فقد توكّد بهما على قلّة كقول الكميت بن ثعلبة الفقعسي :

فمهما تشأ منه فزارة تعطكم

ومهما تشأ منه فزارة تمنعا (١)

أي : تمنعن ، ولا يؤكّد بإحدى النّونين في غير ذلك إلّا ضرورة كقوله :

ربّما أوفيت في علم

ترفعن ثوبي شمالات (٢)

(السادسة) امتناع توكيده بهما ، إذا كان منفيّا لفظا أو تقديرا نحو «والله لا أقوم» (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ)(٣) إذ التقدير : لا تفتأ. أو كان المضارع للحال كقراءة ابن كثير : (لأقسم بيوم القيامة) (٤) وقول الشاعر :

يمينا لأبغض كلّ امرئ

يزخرف قولا ولا يفعل

أو كان مفصولا من الّلام بمعموله نحو (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ)(٥) ، أو بحرف تنفيس نحو (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)(٦).

٣ ـ حكم آخر الفعل المؤكّد بهما : إذا أكّد الفعل بأحد النّونين ، فإن كان مسندا إلى اسم ظاهر أو إلى ضمير الواحد المذكّر ، فتح آخره لمباشرة النون له ، ولم يحذف منه شيء سواء أكان صحيحا أم معتلا نحو (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ)(٧) و (ليخشينّ وليدعونّ وليرمينّ» برد لام الفعل إلى أصلها المعتلّ.

وكذلك الحكم في المسند إلى ألف

__________________

(١) الضمير في «منه» يعود إلى العقل وهو الدية.

(٢) أوفيت : نزلت. العلم : الجبل. وشمالات : ريح الشمال.

(٣) الآية «٨٥» يوسف (١٢).

(٤) الآية «١» القيامة (٧٥).

(٥) الآية «١٥٨» آل عمران (٣).

(٦) الآية «٥» الضحى (٩٣).

(٧) الآية «٤٠» الحج (٢٢).

٤١٤

الاثنين ، غير أنّ نون الرّفع تحذف للجازم أو للنّاصب ، أو لتوالي الأمثال ، وتكسر نون التّوكيد تشبيها بنون الرّفع ، نحو «لتنصرانّ ولتدعوانّ ولتسعيانّ ولترميانّ».

وإذا أسند الفعل المؤكّد لنون الإناث زيد «ألف» بينهما وبين نون التوكيد نحو «لتنصرنانّ يا نسوة» و «لترمينانّ ولتسعينانّ» بكسر «نون التّوكيد» فيها لوقوعها بعد الألف.

وإذا أسند الفعل المؤكّد إلى «واو الجماعة» أو «ياء لمخاطبة» فإمّا أن يكون صحيحا أو معتلا.

فإن كان صحيحا حذفت نون الرفع للنّاصب أو الجازم أو لتوالي الأمثال ، وحذفت «واو الجماعة» أو «ياء المخاطبة» لالتقاء السّاكنين نحو «لتنصرنّ يا قوم» و «لتجلسنّ يا هند».

وإن كان ناقصا ، وكانت عين المضارع مضمومة أو مكسورة حذفت لام الفعل زيادة على ما تقدّم ، وحرّك ما قبل النّون بحركة تدلّ على المحذوف نحو «لترمنّ يا قوم» و «لتدعنّ» و «لترمنّ يا دعد» و «لتدعنّ».

أمّا إذا كانت عينه مفتوحة فتحذف لام الفعل فقط ، ويبقى ما قبلها مفتوحا ، وتحرّك «واو الجماعة» بالضّمّة ، و «ياء المخاطبة» بالكسرة نحو «لتبلونّ» و «لتسعونّ» و «لتبلينّ» و «لتسعينّ».

والأمر كالمضارع في جميع ما تقدّم ، نحو «انصرنّ يا محمّد» و «ادعونّ» و «اسعينّ» ونحو «انصرانّ يا محمّدان» و «ارميانّ» و «ادعوانّ» و «اسعيانّ» ونحو «انصرنّ يا قوم» و «ارمنّ» و «ادعنّ» ونحو «اخشونّ» و «اسعونّ».

وهذه الأحكام عامّة في الخفيفة والثّقيلة.

٤ ـ تنفرد الخفيفة عن الثقيلة بأحكام أربعة :

(أحدها) أنها لا تقع بعد «الألف الفارقة» بينها وبين نون الإناث لالتقاء السّاكنين على غير حدّه ، فلا تقول «اسعينان» أمّا الثقيلة فتقع بعد الألف اتفاقا.

٤١٥

(الثاني) أنها لا تقع بعد «ألف الاثنين» لالتقاء السّاكنين أيضا.

(الثالث) أنها تحذف إذا وليها ساكن كقول الأضبط بن قريع :

لا تهين (١) الفقير علّك أن

تركع يوما والدّهر قد رفعه

(الرابع) أنّها تعطى في الوقف حكم التّنوين ، فإن وقعت بعد فتحة قلبت ألفا نحو (لَنَسْفَعاً)(٢) و (لَيَكُوناً)(٣) وقول الأعشى :

وإيّاك والميتات لا تقربنّها

ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا

والأصل فيهنّ : لنسفعن ، وليكونن ، فاعبدن.

وإن وقعت بعد ضمّة أو كسرة حذفت وردّ ما حذف في الوصل من واو أو ياء لأجلها. تقول في الوصل : «انصرن يا قوم» و «انصرن يا دعد» والأصل : «انصرون» و «انصرين» بسكون النون فيهما ، فإذا وقفت عليها حذفت النون لشبهها بالتّنوين ، فترجع الواو والياء لزوال التقاء السّاكنين فتقول «انصروا» و «انصري»

نون جمع المذكّر ـ (ـ جمع المذكّر السّالم ٩)

نون المثنّى (ـ المثنى ٧).

نون الوقاية ـ

(١) نون الوقاية لا تصحب من الضّمائر إلّا ياء المتكلم ، وياء المتكلّم من الضّمائر المشتركة بين محلّي النّصب والجر ، فتنصب بواحد من ثلاثة :

فعل ، واسم فعل ، وحرف. وتخفض بواحد من اثنين : حرف ، واسم.

وهذه العوامل على قسمين : (١) ما تمتنع معه نون الوقاية. (٢) وما تلحقه.

فالذي تلحقه نون الوقاية على أربعة أحوال : وجوب ، وجواز بتساو ، ورجحان الثبوت ، ورجحان الترك.

(٢) وجوب نون الوقاية :

تجب نون الوقاية قبل ياء المتكلم ، إذا نصبها «فعل ، أو اسم فعل ، أو ليت» فأمّا الفعل فنحو «دعاني»

__________________

(١) أصلها : لا تهينن بنونين. فحذفت النون الخفيفة ، وبقيت الفتحة دليلا عليها.

(٢) الآية «١٥» العلق (٩٦).

(٣) الآية «٣٢» يوسف (١٢).

٤١٦

في الماضي و «يكرمني» في المضارع و «اهدني» في الأمر ، وتقول : «ذهب القوم ما خلاني ، أو ما عداني ، أو ما حاشاني» بنون الوقاية ، إن دّرتهنّ أفعالا (١) ، فإن قدّرتهنّ أحرف جرّ ، و «ما» زائدة أسقطت النون ، وتقدير الفعلية هو الرّاجح فتثبت النون ، قال الشاعر :

تملّ النّدامى ما عداني فإنّني

بكلّ الذي يهوى نديمي مولع

وتقول : «ما أفقرني إلى عفو الله» «وما أحسنني إن اتّقيت الله» وهذان المثالان لفعل التّعجّب ، والأصحّ أنه فعل ، وتقول «عليه رجلا ليسني» (٢) أي ليلزم رجلا غيري والأصحّ في ليس أنها فعل ، وأمّا قول رؤبة :

عددت قومي كعديد الطّيس

إذ ذهب القوم الكرام ليسي (٣)

فضرورة.

وأمّا نحو (تَأْمُرُونِّي)(٤).

(أَتُحاجُّونِّي)(٥) بتخفيف النون في قراءة نافع ، فالمحذوف نون الرّفع ، وقيل نون الوقاية (٦).

وأمّا اسم الفعل فنحو «دراكني» بمعنى أدركني و «تراكني» بمعنى اتركني و «عليكني» بمعنى الزمني وأمّا «ليت» فقد وجبت فيها نون الوقاية أيضا لقوّة شبهها بالفعل ، نحو (يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي)(٧) وشذّ قول ورقة بن نوفل :

فيا ليتي إذا ما كان ذاكم

ولجت وكنت أوّلهم ولوجا

بإسقاط النون من «ليتي» وهو ضرورة عند سيبويه ، وأجاز الفرّاء اختيارا «ليتني وليتي».

وممّا تجب به نون الوقاية حرفا الجر «من وعن» إذا جرّا ياء المتكلم إلا في الضرورة كقول الشاعر :

أيّها السّائل عنهم وعني

لست من قيس ولا قيس مني

__________________

(١) هذا الشرط ظاهر في «حاشا» دون «ما خلاني» و «ما عداني» إذ أن «ما» فيهما مصدرية لا زائدة و «ما» المصدرية لا يليها إلا الفعل.

(٢) حكاه سيبويه عن بعض العرب. وفي قوله «عليه» إغراء الغائب وهو شاذ ، فأسماء الأفعال لا تكون نائبة عن فعل مقرون بحرف الأمر.

(٣) «العديد» : العدد. الطيس : الرمل الكثير.

(٤) الآية «٦٤» الزمر (٣٩).

(٥) الآية «٨٠» الأنعام (٦).

(٦) وهو مذهب الأخفش والمبرد وأكثر المتأخرين.

(٧) الآية «٢٤» الفجر (٨٩).

٤١٧

وإن كان غير هذين الحرفين امتنعت النون نحو «لي» (١) و «فيّ» (٢) و «خلاي وعداي وحاشاي» (٣) قال الأقيشر الأسدي :

في فتية جعلوا الصّليب إلههم

حاشاي إني مسلم معذور (٤)

(٣) جواز نون الوقاية بتساو :

يجوز إثبات نون الوقاية وحذفها فيما عدا «ليت ولعلّ» من أخوات إنّ وهي «إنّ ، وأنّ ، ولكنّ ، وكأنّ» كقول قيس بن الملوّح :

وإني على ليلى لزار وإنّني

على ذاك فيما بيننا مستديمها

(٤) رجحان ثبوت نون الوقاية :

الغالب إثبات نون الوقاية إذا كانت ياء المتكلّم مضافة إلى «لدن أو قط أو قد» (٥) ، ويجوز حذف النّون فيه قليلا ، ولا يختصّ بالضرورة خلافا لسيبويه ، مثال الحذف والإثبات قوله تعالى (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً)(٦) قرأ أكثر السبعة بتشديد النّون من «لدنّي» وقرأ نافع وأبو بكر بتخفيف النّون. وحديث البخاري في صفة النّار «قطني قطني» و «قطي قطي» بنون الوقاية وحذفها ، والنون أشهر.

وقال حميد بن مالك الأرقط :

قدني من نصر الخبيبين قدي

ليس الإمام بالشّحيح الملحد (٧)

بإثبات نون الوقاية في الأوّل ، وحذفها في الثاني ، وقد لا يكون في الثاني شاهد على ترك النون ، ويكون أصله «قد» بإسكان الدال ، ثمّ ألحق ياء القافية لا ياء الإضافة ، وإن كان المضاف غير ما ذكر امتنعت النون نحو «أبي وأخي».

__________________

(١) مما هو على حرف واحد.

(٢) بتشديد الياء مما هو على حرفين.

(٣) مما هو على ثلاثة أحرف فأكثر.

(٤) معذور بعين مهملة مقطوع العذرة أي القلفة وهو المختون.

(٥) لدن : بمعنى عند. وقط وقد : بمعنى حسب.

(٦) الآية «٧٧» الكهف (١٨).

(٧) الخبيبين : تثنية خبيب ، وأراد بهما : عبد الله ابن الزبير المكنى بأبي خبيب وأخاه مصعبا على التغليب.

٤١٨

(٥) رجحان ترك نون الوقاية :

في «لعلّ» إذا نصبت ياء المتكلم ، فحذف نون الوقاية أكثر نحو (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ)(١) وشاهد إثباتها قول عديّ بن حاتم يخاطب امرأته وقد عذلته على إنفاق ماله :

أريني جوادا مات هزلا لعلّني

أرى ما ترين أو بخيلا مخلّدا

النّيّف ـ من الواحد إلى الثلاثة ، فإذا جاوز ذلك إلى التسع فهو البضع.

ولا يقال : نيّف إلّا بعد عقد يقال : «عشرة ونيّف ، ومائة ونيّف ، وألف ونيّف».

__________________

(١) الآية «٣٦» المؤمن (٤٠).

٤١٩

باب الهاء

ها ـ اسم فعل بمعنى خذ نحو «ها كتابا» أي خذه ، ويجوز مدّ ألفها ، وتستعمل ممدودة ومقصورة بكاف الخطاب وبدونها ، ويجوز في الممدودة أن تستغني عن الكاف بتصريف همزتها تصاريف الكاف ، فيقال : «هاء» للمذكر و «هاء» للمؤنث و «هاؤما» و «هاؤم» و «هاؤنّ» ومنه قوله تعالى (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)(١)

ها ـ حرف تنبيه وتدخل على ثلاثة :

(أحدها) الإشارة لغير البعيد نحو «هذا».

(الثاني) ضمير الرّفع المخبر عنه باسم الإشارة نحو (ها أَنْتُمْ أُولاءِ)(٢).

(الثالث) «أيّ» في النداء نحو «يا أيّها الرّجل» وهي في هذا واجبة للتنبيه على أنه المقصود بالنداء.

ها أنا ذا وفروعه ـ كثر استعمال «ها» للتنبيه مع ضمير رفع منفصل بشرط أن يكون مرفوعا بالابتداء ، وأن يكون خبره اسم إشارة نحو (ها أَنْتُمْ أُولاءِ)(٣) فلا يجوز دخولها على الضّمير من قولك «ما قام إلّا أنا» ولا من قولك «أنت قائم».

تقول «ها أنا ذا» و «ها نحن ذان» و «ها نحن أولاء» و «ها أنت ذي» و «ها أنتما تان» و «ها أنتنّ أولاء» وهكذا.

هاء السّكت ـ من خصائص الوقف اجتلاب هاء السّكت ، ولها ثلاثة مواضع :

(أحدها) : الفعل المعلّ بحذف آخره ، سواء أكان الحذف للجزم نحو «لم يغزه» و «لم يرمه» و «لم يخشه» ومنه (لَمْ يَتَسَنَّهْ)(٤) أو لأجل البناء نحو «اغزه» و «اخشه» و «ارمه» ومنه (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ)(٥)

__________________

(١) الآية «١٩» الحاقة (٦٩).

(٢) الآية «١١٩» آل عمران (٣).

(٢) الآية «١١٩» آل عمران (٣).

(٣) الآية «٢٥٩» البقرة (٢) ومعنى : لم يتسنه : لم تغيره السنون.

(٤) الآية «٩٠» الأنعام (٦).

٤٢٠