معجم النّحو

عبد الغني الدقر

معجم النّحو

المؤلف:

عبد الغني الدقر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٣٩

عن الواحد فما فوقه نحو (لَيْسُوا سَواءً)(١).

(٥) سواء للتّسوية : ويأتي بعدها همزة التّسوية ، ولا بدّ مع همزة التّسوية من «أم» نحو (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)(٢) ويؤوّل ما بعد هذه الهمزة بمصدر وتقديره هنا : إنذارك وعدمه سواء عليهم على أنها مبتدأ وسواء خبر مقدّم.

سوى ـ من الظّروف اللّازمة المكانية ولا تخرج عن الظّرفيّة إلّا في الشعر (٣) كقول الفند الزّمّاني :

ولم يبق سوى العدوا

ن دنّاهم كما دانوا (٤)

والشّائع (٥) : أنّ «سوى» «كغير» معنى وإعرابا ، فتخرج عن النصب إلى الرّفع والجرّ.

وقيل : (٦) تستعمل ظرفا غالبا وك «غير» قليلا ـ وهذا القول أعدل (٧).

الفرق بين «سوى» و «غير» :

تفارق «سوى» «غير» في ثلاثة أمور :

(أحدها) إعرابهما على رأي جمهور البصريين.

(الثاني) أن المستثنى ب «غير» قد يحذف إذا فهم المعنى نحو «ليس غير» (٨).

(الثالث) أن «سوى» تقع صلة الموصول في فصيح الكلام بخلاف «غير» نحو «جاء الذي سواك» وهذا دليل الجمهور على أنها من الظروف اللّازمة.

سوف ـ هي حرف استقبال مثل السين (ـ السين) ، أو أوسع منها استقبالا ، وتنفرد عن السين بدخول اللّام عليها نحو (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)(٩) ويجب أن تلتصق بفعلها وقد تفصل بالفعل الملغى

__________________

(١) الآية «١١٣» آل عمران (٣).

(٢) الآية «٦» البقرة (٢).

(٣) وهذا مذهب الخليل وسيبويه وجمهور البصريين.

(٤) الشاهد : وقوع «سوى» فاعلا ، مثل غير.

(٥) وهو مذهب ابن مالك ومن تبعه.

(٦) هو قول الرماني والعكبري.

(٧) كما يقول الصبان.

(٨) بضم الراء وبفتحها وبالتنوين انظر «ليس غير»

(٩) الآية «٥» الضحى (٩٣).

٢٠١

كقوله :

وما أدري وسوف إخال أدري

أقوم آل حصن أم نساء

سيّ ـ اسم بمنزلة «مثل» وزنا ومعنى ، وتثنيته «سيّان» وتستغني بالتّثنية عن الإضافة بل استغنوا بتثنيته عن تثنية سواء ، فلم يقولوا سواءان إلّا شاذّا كقول الشاعر :

فيا ربّ إن لم تقسم الحبّ بيننا

سواءين فاجعلني على حبّها جلدا

و «سيّ» جزء من «ولا سيما».

سيّما ـ (ـ ولا سيّما).

السين ـ حرف يختصّ بالمضارع ، ويخلّصه للاستقبال ، وهي حرف «تنفيس» ومعناه : التوسيع وأوضح من ذلك قول الزّمخشري بأنها «حرف استقبال».

٢٠٢

باب الشين

شبهك ـ المضاف لمعرفة ولا تفيد تعريفا (ـ الإضافة ٥ تعليق).

شتّان ـ اسم فعل ماض مبني على الفتح وقد تكسر النّون بمعنى بعد وافترق تقول : «شتّان ما بينهما» ، «شتّان ما هما» ، «شتّان ما زيد وأخوه» ، «شتّان بينهما» بضم نون بينهما على رفعه فاعلا ، وفتحها على نصبه ظرفا ، والاسم بعدها مرفوع على أنه فاعل بها ، ولا تدخل على فعل.

شذر مذر ـ تقول «تفرّقوا شذر مذر» أي ذهبوا في كلّ وجه ، وهما اسمان مركبان مبنيان على الفتح في محلّ نصب على الحال.

الشّرط ـ (ـ جوازم المضارع).

الشّرط والقسم وجوابهما (ـ جوازم المضارع ١١).

شرعك ـ بمعنى حسبك المضافة لمعرفة ولا تفيد تعريفا ـ (ـ الإضافة ٥ تعليق).

شطر ـ بمعنى نحو أو قصد ومنه (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(١) أي تلقاءه ، وهو منصوب على الظّرفيّة المكانيّة.

شمال ـ من أسماء الجهات ، وهو ظرف مكان مبهم وله أحكام (ـ أول ودون وأسماء الجهات).

__________________

(١) الآية «١٥٠» البقرة (٢).

٢٠٣

باب الصاد

صار ـ

(١) تأتي ناقصة بمعنى : رجع وتحوّل وهي : من أخوات «كان» نحو قول المتنبي :

ولمّا صار ودّ النّاس خبّا

جزيت على ابتسام بابتسام

وهي تامّة التّصرّف ، وتستعمل ماضيا ومضارعا وأمرا ومصدرا ، وتشترك مع «كان» بأحكام ـ (كان وأخواتها).

(٢) وقد تكون تامّة فتحتاج إلى فاعل وذلك إذا كانت بمعنى انتقل نحو «صار الأمر إليك» أي انتقل ، أو كانت بمعنى رجع نحو (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ)(١) أي ترجع.

صباح مساء ـ ظرف زمان مبني على فتح الجزءين في محل نصب تقول : «جئته صباح مساء» أي لازمته.

الصحيح من الأفعال ـ

١ ـ تعريفه :

الصّحيح ما خلت أصوله من أحرف العلّة التي هي «الواو والألف والياء».

٢ ـ أقسامه :

الصحيح ثلاثة أقسام :

(١) سالم.

(٢) مضعّف.

(٣) مهموز.

ولكلّ منها تعريف وأحكام (ـ في حروفها).

الصّدارة ـ الأسماء التي لها الصّدارة (ـ خبر المبتدأ ١١).

الصّفة ـ

١ ـ تعريفها :

هي التّابع الذي يكمل متبوعه بدلالته على معنى فيه ، أو فيما له تعلّق به.

٢ ـ أغراض الصّفة :

الأصل في الصّفة أن تكمل متبوعها بتوضيح معرفته ك «حضر الصّانع الماهر» أو «الماهر أبوه» أو تخصيص نكرته ك «جاءني

__________________

(١) الآية «٥٣» الشورى (٤٢).

٢٠٤

طالب نجيب» أو «نجيب أخوه» وقد تخرج الصّفة عن معناها الأصلي إلى :

مجرّد المدح ، نحو (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(١).

أو الذّمّ ، نحو (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)(٢).

أو للتّرحّم ، نحو «اللهمّ أنا عبدك المسكين».

أو للتّوكيد ، نحو «أمس الدّابر لا يعود» (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)(٣).

أو للإبهام ، نحو «تصدّقت بصدقة كثيرة».

أو للتّفصيل ، نحو «نظرت إلى رجلين مصريّ وشاميّ».

٣ ـ قسما الصّفة :

الصّفة قسمان : حقيقيّة ، وسببيّة ، وقد أشار إليهما التعريف بقوله : «بدلالته على معنى فيه» وهو الحقيقي ، «أو فيما له تعلّق به» وهو السببي.

ولكل منهما شرط :

فشرط الصّفة الحقيقيّة : أن تتبع موصوفها في أربعة من عشرة :

واحد من التعريف والتنكير.

وواحد من التّذكير والتأنيث.

وواحد من الإفراد والتثنية والجمع.

وواحد من الرّفع والنّصب والجرّ ، تقول «يعجبني الرّجل الشّهم» و «رأيت فتى فصيحا» «تقرّ عين المرأة الصّالحة» «الرّجال الشجعان ذخيرة الوطن» وهكذا الباقي.

إلّا إن كانت الصفة ممّا يستوي فيه المذكّر والمؤنّث ، ك «المصدر» غير الميمي ، وصيغتي «فعول» و «فعيل» و «أفعل» التّفضيل ، فهذه لا تطابق منعوتها في التأنيث والتّثنية والجمع ، بل تلزم الإفراد والتذكير ، تقول «جاءني رجل أو امرأة أو امرأتان أو رجلان أو نساء أو رجال عدل أو صبور أو جريح أو أفضل من كذا».

وكذلك صفة جمع ما لا يعقل ، فإنها تعامل معاملة المؤنّثة المفردة

__________________

(١) الآية «١» الفاتحة (١).

(٢) الآية «٩٨» النحل (١٦).

(٣) الآية «١٣» الحاقة (٦٩).

٢٠٥

أو الجمع نحو «إلّا أيّاما معدودة» (١) أو «في أيّام معدودات» (٢).

وشرط الصّفة السّببيّة : أن تتبع موصوفها في اثنين من خمسة :

واحد من الرّفع والنّصب والجرّ.

وواحد من التعريف والتنكير.

وتكون مفردا دائما (٣).

ويراعى في تذكيرها وتأنيثها ما بعدها فهي كالفعل مع الاسم الظاهر. وإن كان موصوفها على خلاف ذلك نحو «أعجبتني عائشة النّيّر عقلها» ، و «رأيت خالدا الثابتة خطواته» .. وهكذا

٤ ـ الأشياء التي ينعت بها :

الأشياء التي ينعت بها أربعة :

(١) المشتقّ وهو : ما دلّ على حدث وصاحبه ك «رام» و «منصور» و «جميل» و «أفضل».

(٢) الجامد المشبه للمشتق في المعنى «كاسم الإشارة» و «ذي» بمعنى صاحب ، و «أسماء النّسب» تقول : «سرّني كتابك هذا» و «صادفت رجلا ذا مروءة» و «حضر رجل دمشقيّ» لأنّ معناها : الحاضر ، وصاحب المروءة ، ومنسوب إلى دمشق.

(٣) الجملة ، وللوصف بها ثلاثة شروط :

واحد في الموصوف ، وهو أن يكون «نكرة» إمّا لفظا ومعنى نحو (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ)(٤) أو معنى فقط وهو المعرف ب «أل» الجنسيّة ، كقول رجل من بني سلول :

ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني

فأعفّ ثم أقول لا يعنيني

وشرطان في الجملة :

(أحدهما) أن تكون مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف إما ملفوظ به كما تقدّم في الآية ، أو مقدّر ، كقوله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً)(٥) أي

__________________

(١) الآية «٨٠» البقرة (٢).

(٢) الآية «٢٠٣» البقرة (٢).

(٣) أي ولو كان موصوفهما مثنى أو جمعا ، إلا جمع التكسير ، فيجوز معه جمع الصفة تكسيرا نحو «زرت معلما نشطاء تلاميذه» أو «نشيطا».

(٤) الآية «٢٨١» البقرة (٢).

(٥) الآية «٤٨» البقرة (٢).

٢٠٦

لا تجزي فيه ، أو مشتملة على بدل كقول الشنفرى :

كأنّ حفيف النّبل من فوق عجسها

عوازب نحل أخطأ الغار مطنف (١)

أي أخطأ غارها ف «أل» بدل من الضّمير.

(الثاني) أن تكون خبريّة أي محتملة للصدق والكذب ، فلا يجوز : مررت برجل كلّمه ولا «اشتريت فرسا بعتكه» قاصدا إنشاء البيع ، فإن جاء ما ظاهره ذلك يؤوّل على إضمار القول ، كقول العجّاج :

حتى إذا جنّ الظلام واختلط

جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قط

أي جاؤوا بلبن مخلوط بالماء مقول عند رؤيته : هل رأيت الذئب قط ، والمعنى : جاؤوا بلبن لونه كلون الذئب

(٤) المصدر بشرط أن يكون غير ميمي ك «مزار» و «مسير» وأن يكون مصدرا ثلاثيا ، أو بزنة مصدره وألّا يؤنّث ولا يثنى ولا يجمع.

وهو مع كثرته لا يطرد النعت به.

سمع «هذا رجل عدل» و «رضا» و «زور» و «فطر» وذلك على التأويل بالمشتق أي : عادل ومرضي وزائر ومفطر ، أو على تقدير مضاف أي ذو عدل وذو رضا.

٥ ـ تعدّد الصّفات :

إذا تعدّدت الصّفات فإمّا أن تكون لموصوف واحد ، وإمّا أن تكون لموصوفات متعددة.

فإذا تعدّدت لموصوف واحد.

فإن تعيّن مسمّاه بدونها جاز إتباعها ، وقطعها ، والجمع بينهما ، بشرط تقديم المتبع ، كقول خرنق أخت طرفة :

لا يبعدن قومي الذين هم

سمّ العداة وآفة الجزر

النازلون بكلّ معترك

والطّيّبون معاقد الأزر

فيجوز فيه رفع النازلين والطيبين على الاتباع لقومي ، أو على القطع بإضمار «هم» ونصبها بإضمار

__________________

(١) حفيف النبل : دوي ذهاب السهام «العجس» مقبض القوس ، وضمير عجسها : للقوس ، وعوازب : جمع عازبة : من عزبت الإبل : بعدت عن المرعى ، المطنف : هو الذي يعلو الطنف وهو ما نتأ من الجبل ، يشبه دوي السهام بطنين طائفة من النحل ضل دليلها ـ وهو المطنف ـ فلم يهتد إلى الغار.

٢٠٧

«أمدح» أو «أذكر» ورفع الأوّل ، ونصب الثاني ، وعكسه على القطع فيهما.

وإن لم يعرف المسمّى أو الموصوف إلّا بمجموعها ، وجب اتباعها كلها لتنزيلها منه منزلة الشيء الواحد ، وذلك كقولك : «سمعت أخبار ابراهيم الكاتب الشاعر الخطيب» إذا كان هذا الموصوف يشاركه في اسمه ثلاثة أحدهم كاتب شاعر ، وثانيهم كاتب خطيب ، وثالثهم شاعر خطيب وإن تعين ببعضها ، جاز فيما عدا ذلك البعض : الأوجه الثلاثة.

فإن كان المنعوت نكرة تعين في الأول من نعوته الإتباع ، وجاز في الباقي القطع ، كقول أبي أمية الهذلي يصف صائدا :

ويأوي إلى نسوة عطّل

وشعثا مراضيع مثل السّعالى (١)

وحقيقة القطع : أن تجعل الصفة خبرا لمبتدأ ، أو مفعولا لفعل ، فإن كانت الصفة المقطوعة لمجرد المدح أو الذّمّ أو الترحّم» وجب حذف المبتدأ والفعل ، كقولهم في المدح «الحمد لله الحميد بالرفع ، بإضمار «هو» وقوله تعالى (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) بالنصب بإضمار «أذمّ» وإن كان لغير ذلك جاز ذكره تقول «مررت بأحمد الشّاعر» بالأوجه الثلاثة ، ولك أن تقول : «هو الشاعر» و «أعني الشاعر».

وإذا تعددت الصفات لموصوفات متعدّدة فهي على نوعين :

(الأول) أن يكون المنعوت مثنى أو مجموعا من غير تفريق ، وحينئذ إن اتحد معنى الصفة ولفظها استغني بالتّثنية والجمع عن تفريقه بالعطف نحو «جاءني رجلان فاضلان» و «رجال فضلاء».

وإن اختلف معنى الصفة ولفظها ك «العاقل» و «الكريم» أو لفظه دون معناه ك «الذاهب» و «المنطلق»

__________________

(١) عطل : جمع عاطل أي خال جيدها من القلائد ، وشعثا : جمع شعثاء ، وهي المغبرة الرأس ، منصوب ب «أخص» والمراضيع أصله المراضع ، والسعالى : جمع سعلاة ، وهي أخبث الغيلان ، يصف صائدا للوحش يغيب عن نسائه لأجل الصيد ، ثم يأوي إليهن ، فيجدهن في أسوأ الأحوال.

٢٠٨

وجب التفريق فيها بالعطف ب «الواو» خاصة ، كقوله :

بكيت وما بكا رجل حزين

على ربعين مسلوب وبال

وكقولك : «مررت برجال شاعر وكاتب وفقيه».

(الثاني) أن يكون الموصوف مفرّقا ، وتتعدّد الصفات مع اتحاد لفظها ، وحينئذ إن اتحد معنى العامل وعمله جاز الإتباع مطلقا ، أي في جميع أوجه الإعراب ك «جاء عليّ وأتى عمرو الكريمان» و «هذا أحمد وذاك محمود الأديبان». و «رأيت بكرا وأبصرت محمّدا العالمين».

وإن اختلف العامل وعمله في المعنى والعمل ك «سافر محمّد ونظرت حامدا الفاضلين».

أو اختلفا في المعنى فقط ك «جاء زيد ومضى عمرو» الشجاعان.

أو اختلفا في العمل فقط ك «هذا مؤلم عليّ وموجع عمرا» الذكيان ـ وجب القطع.

٦ ـ حذف ما علم من صفة وموصوف :

تحذف الصفة بقلة والموصوف بكثرة وهما معا ، جوازا إذا دلّت قرينة.

فحذف الصفة مثل قوله تعالى (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً)(١)

أي كلّ سفينة صالحة ، وقول العباس بن مرداس :

وقد كنت في الحرب ذا تدرإ

فلم أعط شيئا ولم أمنع (٢)

أي شيئا طائلا.

وأمّا حذف الموصوف فمشروط بكون الصفة صالحة لمباشرة العامل نحو (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ)(٣) أي دروعا سابغات.

أو بكونه بعض اسم مقدّم مخفوض ب «من» أو «في» كقولهم «منّا ظعن ومنّا أقام» أي منّا فريق ظعن ، ومنّا فريق أقام.

وأمّا حذف الصّفة والموصوف معا فنحو قوله تعالى (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى)(٤) أي حياة نافعة.

__________________

(١) الآية «٨٠» الكهف (١٨).

(٢) التدرأ : القوة والعدة ، وسبب ذلك : أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) أعطى المؤلفة قلوبهم من نفل حنين مائة مائة ، وأعطاه أباعر فسخطها.

(٣) الآية «١١» سبأ (٣٤).

(٤) الآية «٧٤» طه (٢٠).

٢٠٩

٧ ـ فوائد تتعلّق بالصّفة :

(١) إذا صلحت الصفة لمباشرة العامل جاز تقديمه ، وحينئذ يكون الموصوف بدلا منه نحو (صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللهِ)(١).

(٢) إذا وصف بمفرد وظرف وجملة فالغالب تأخير الجملة نحو (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ)(٢).

ويقلّ تقديمها ، نحو (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ)(٣).

(٣) قد يلي الصفة «لا» أو «إمّا» فيجب تكررهما مقرونين ب «الواو» نحو «اشتريت صوفا لا جيّدا ولا رديئا» ونحو «أعطني قطنا إمّا مصريّا وإمّا سوريّا».

(٤) يجوز عطف بعض الصّفات المختلفة المعاني على بعض نحو «لبست ثوبا جميلا ومتين الصّنع».

٨ ـ ما يوصف ، وما يوصف به من الأسماء ، وما ليس كذلك :

من الأسماء : ما يوصف ويوصف به كاسم الإشارة نحو «مررت بزيد هذا» و «بهذا العالم» وصفته مصحوب «أل» خاصة (٤) ، فإن كان جامدا محضا نحو «بهذا الرجل» فهو عطف بيان على الأصح.

ومنها : ما لا يوصف ولا يوصف به كالمضمر مطلقا (٥).

ومنها : ما يوصف ولا يوصف به كالعلم.

ومنها ما يوصف به ولا يوصف ك «أيّ» نحو «مررت بفارس أيّ فارس» ، ولا يقال : «جاءني أيّ فارس».

٩ ـ الصفة بعد المركب الإضافي :

الصفة بعد المركب الإضافي ـ للمضاف لأنه المقصود بالحكم ، وإنما جيء بالمضاف إليه لغرض التخصيص ، فلا تكون الصفة له إلّا بدليل ، ما لم

__________________

(١) الآية «١ و ٢» إبراهيم (١٤).

(٢) الآية «٢٨» المؤمن (٤٠).

(٣) الآية «٥٧» المائدة (٥). قدم الجملة الصفة وهي جملة : يحبهم على المفرد الصفة وهو : أذلة وأعزة وهذا قليل.

(٤) وهذا شامل للموصول ذي «أل» كالذي والتي.

(٥) خلافا للكسائي.

٢١٠

يكن المضاف لفظ «كل» فالصفة للمضاف إليه لا له ، لأن المضاف إنما جيء به لقصد التعميم.

الصّفة المشبّهة (١) ـ وإعمالها ـ

١ ـ تعريفها :

هي الصفة التي استحسن فيها أن تضاف لما هو فاعل في المعنى (٢) ك «طاهر الدخلة» و «حسن الطّويّة».

فخرج اسم الفاعل المتعدّي الذي يقع على الذّوات نحو «محمّد قاتل أبوه» ، فإنّ إضافة الوصف فيه إلى الفاعل ممتنعة لئلّا توهم الإضافة إلى المفعول. وأن الأصل محمد قاتل أباه.

٢ ـ مشاركة الصفة المشبّهة اسم الفاعل :

تشارك الصفة المشبهة اسم الفاعل في الدّلالة على الحدث وفاعله والتذكير والتأنيث والتّثنية والجمع ، وشرط الاعتماد إذا تجرّد من «أل».

(ـ اسم الفاعل)

٣ ـ اختصاص الصّفة المشبّهة عن اسم الفاعل :

تختصّ الصّفة المشبّهة بخمسة أمور :

(١) أنها تصاغ من اللّازم دون المتعدّي ك «حسن» و «جميل» واسم الفاعل يصاغ منهما ك «قائم» و «فاهم».

(٢) أنها للزّمن الماضي المتّصل بالحاضر الدائم ، دون الماضي المنقطع والمستقبل ، واسم الفاعل لأحد الأزمنة الثلاثة.

(٣) أنها تكون مجارية للمضارع في حركاته وسكناته ك «طاهر القلب» و «مستقيم الرّأي» و «معتدل القامة» وتكون غير مجارية له وهو الغالب في المبنيّة من الثّلاثي ك «جميل» و «ضخم»

__________________

(١) إنما سميت صفة مشبهة ، لشبهها باسم الفاعل ، ووجه الشبه أنها تدل على حدث ومن قام به وأنها تؤنث وتجمع مثله ، ولذلك نصب ما بعدها على التشبيه بالمفعول به ، وكان حقها ألا تعمل.

لدلالتها على الثبوت ولكونها مأخوذة من فعل قاصر.

(٢) إنما سمي فاعلا بالمعنى لأن الصفة لا تضاف إليه إلا بعد تحويل الإسناد عنه إلى ضمير الموصوف ، فإذا قلت : «علي طاهر الدخلة» ففاعل طاهر ضمير يعود إلى علي ، وأضيف إلى الدخلة وإن كانت الدخلة في الأصل هي الفاعل فبقي لها أنها فاعل في المعنى ولكنها مضاف إليه في اللفظ.

٢١١

و «ملآن» ولا يكون اسم الفاعل إلّا مجاريا له.

(٤) أنّ منصوبها لا يتقدّم عليها ، بخلاف منصوب اسم الفاعل.

(٥) أنّه يلزم كون معمولها سببيّا أي اسما ظاهرا متّصلا بضمير موصوفها ، إمّا لفظا نحو «إبراهيم كبير عقله» وإمّا معنى نحو «أحمد حسن العقل» أي منه ، وقيل : إنّ «أل» خلف من المضاف إليه (١)

٤ ـ معمول الصّفة المشبّهة :

لمعمول الصّفة المشبّهة ثلاث حالات :

(أ) الرفع على الفاعليّة ، أو على الإبدال من ضمير مستتر في الصّفة بدل بعض من كلّ.

(ب) الخفض بالإضافة.

(ج) النصب على التشبيه بالمفعول به إن كان معرفة ، وعلى التمييز إن كان نكرة ، والصفة مع كل من الثلاثة إمّا نكرة أو معرفة مقرونة ب «أل».

وكل من هذه الستة للمعمول معه ست حالات ، لأنه إمّا ب «أل» كالوجه ، أو مضاف لما فيه «أل» ك «وجه الأب» ، أو مضاف للضمير ك «وجهه» أو مضاف لمضاف للضمير ك «وجه أبيه» أو مجرد من أل والإضافة ك «وجه» أو مضاف إلى مجرد ك «وجه أب».

فالصّور ستّ وثلاثون ، الممتنع منها أربعة ، وهي أن تكون الصفة ب «أل» والمعمول مجرّدا منها ، ومن الإضافة إلى تاليها ، وهو مخفوض ، ك «الحسن وجهه» أو «وجه أبيه» أو «وجه» أو «وجه أب».

لأنه يلزم عليه إضافة ما فيه «أل» إلى الخالي منها ، ومن الإضافة لتاليها أو لضمير تاليها ، ودونك التفصيل.

٥ ـ الجائز في عمل الصّفة المشبهة : الصّور الجائزة الاستعمال في الصّفة المشبّهة : منها ما هو قبيح ، وما هو ضعيف ، وما هو حسن :

(١) فالقبيح : أن ترفع الصفة مجرّدة ، أو مع «أل» : المعمول المجرّد من الضمير ، والمعمول المضاف إلى المجرد منه ، لما فيه من خلوّ الصفة من ضمير يعود على الموصوف ، وذلك أربع صور : «خالد حسن وجه» و «علي حسن وجه أب» و «بكر

__________________

(١) وهو رأي الكوفيين.

٢١٢

الحسن وجه» و «زيد الحسن وجه أب» (١).

(٢) والضعيف : أن تنصب الصفة المنكّرة : المعارف مطلقا ، وأن تجرها بالإضافة ، سوى المعرّف ب «أل» والمضاف إلى المعرف بها ، وجرّ المقرونة ب «أل» المضاف إلى المقرون بها ، وذلك ست صور وهي : «حسن الوجه» و «حسن وجه الأب» و «حسن وجهه» و «حسن وجه أبيه» بالنصب فيهنّ و «حسن وجهه» و «حسن وجه أبيه» بالجر فيهما ، لأنه من إجراء وصف القاصر مجرى وصف المتعدي وجر الصفة المضاف إلى ضمير الموصوف أو إلى مضاف إلى ضميره.

(٣) والحسن ما عدا ذلك.

٦ ـ اسم الفاعل أو المفعول اللذان يعاملان معاملة الصفة المشبهة :

إذا كان اسم الفاعل غير متعد.

وقصد ثبوت معناه. عومل معاملة الصفة المشبّهة ، وساغت إضافته إلى مرفوعه ، بعد تحويل الإسناد كما ذكر ذلك في : اسم الفاعل.

وكذا إن كان متعديا لواحد ، وأمن اللبس ، فلو قلت : «زيد راحم الأبناء وظالم العبيد» بمعنى : ابناؤه راحمون ، وعبيده ظالمون ، وكان في سياق مدح الأبناء وذم العبيد جازت الإضافة للمرفوع لدلالة الكلام على أنّ الإضافة للفاعل. وإلّا لم يجز.

وإن كان متعديا لأكثر من واحد لم يجز إلحاقه بالصفة المشبّهة لبعد المشابهة حينئذ ، لأن منصوبها لا يزيد على واحد.

ومثله اسم المفعول القاصر ، وهو المصوغ من المتعدّي لواحد عند إرادة الثبوت نحو «الورع محمودة مقاصده» فيحول إلى «الورع محمود المقاصد» بالنصب ، ثم إلى «محمود المقاصد» بالجر ، وإنما يجوز إلحاقه بها إذا بقي على صيغته الأصلية ، ولم

__________________

(١) الصورة الأولى : صفة مشبهة رفعت اسما ظاهرا ليس فيه ضمير ، والثانية : الصفة رفعت اسما ظاهرا مضافا خاليا من الضمير والثالثة : الصفة فيها «أل» رفعت اسما ظاهرا ليس فيه ضمير. والرابعة : الصفة فيها أل رفعت اسما مضافا خاليا من الضمير ، وهذه كلها صور قبيحة.

٢١٣

يحول إلى فعيل ، فلا يقال : «مررت برجل كحيل عينه» ولا «قتيل أبيه».

صلة الموصول ـ (ـ الموصول الاسمي ٥ و ٨).

صه ـ اسم فعل أمر بمعنى اسكت أو بالغ في السكوت وتستعمل للزّجر وهي بلفظ واحد للجميع في المذكّر والمؤنّث فإن لفظت بالتّنوين فمعناها : اسكت سكوتا ما في وقت ما ، وبغير تنوين فمعناها :

اسكت سكوتك.

صياغة اسم التّفضيل ـ (ـ اسم التفضيل وعمله ٣).

صيّر ـ من أفعال التّصيير ، ومن أخوات «ظنّ» تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، نحو قول رؤبة بن العجاج :

ولعبت طير بهم أبابيل

فصيّروا مثل كعصف مأكول (١)

وتشترك مع «ظن» بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

صيغ مبالغة اسم الفاعل ـ (ـ مبالغة اسم الفاعل ٢)

__________________

(١) الواو من صيروا نائب فاعل وهي المفعول الأول «مثل» مفعول ثاني (كعصف) مضاف إليه والكاف زائدة ، والعصف : ما يبس من ورق الشجر أو نبات الأرض.

٢١٤

باب الضاد

الضّحوة والضّحى والضّحاء ـ فالضّحوة : ارتفاع أوّل النّهار ، والضّحى : بالضم والقصر فوقه ، والضّحاء : إذا امتدّ النّهار وقرب أن ينتصف وكلها تعرب مفعولا فيه ظرف زمان تقول : «لقيته ضحوة أو ضحى أو ضحاء».

ضمائر الأفعال لذات واحدة ـ لا يجوز للفعل مطلقا أن يكون فاعله ومفعوله ضميرين لذات واحدة فلا يقال : «أكرمتني» أي أكرمت ذاتي بل يعبّر عن المفعول ب «النّفس» أو ب «الذّات» نحو «أكرمت نفسي».

إلّا «أفعال القلوب» فإنّه يجوز فيها ذلك نحو «ظننتني» أي ظننت ذاتي.

الضّمير ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما وضع لمتكلم ، أو مخاطب ، أو غائب ، ك «أنا ، وأنت ، وهو» أو لمخاطب تارة ، ولغائب أخرى وهو «الألف والواو والنّون».

٢ ـ أقسامه :

ينقسم الضمير إلى قسمين :

بارز. ومستتر.

(١) الضمير البارز وقسماه :

الضمير البارز : هو ما له صورة في اللفظ كتاء «قمت» ، وينقسم إلى :

منفصل. ومتّصل.

(أ) فالضمير المنفصل :

هو ما يبتدأ به في النّطق ، ويقع بعد «إلّا» تقول «أنا مؤمن» وتقول : «ما نهض إلّا أنت».

وينقسم المنفصل بحسب مواقع الإعراب إلى قسمين :

(أحدهما) ما يختصّ بالرفع وهو «أنا» للمتكلم و «أنت» للمخاطب و «هو» للغائب وفروعهنّ ،

٢١٥

ففرع أنا «نحن» ، وفرع أنت : «أنت ، أنتما ، أنتم ، أنتنّ» وفرع هو : «هي ، هما ، هم ، هنّ».

(الثاني) ما يختصّ بمحلّ النّصب ، وهي «إيّاي» للمتكلّم و «إيّاك» للمخاطب و «إيّاه» للغائب ، وفروعهنّ ، ففرع إيّاي «إيّانا» وفرع إيّاك «إيّاك ، إيّاكما ، إيّاكم ، إيّاكنّ» وفرع إيّاه «إيّاها ، إيّاهما ، إيّاهم ، إيّاهنّ».

(ب) والضمير المتّصل :

هو ما لا يبتدأ به في النّطق ، ولا يقع بعد «إلّا» كياء «ابني» وكاف «أكرمك» وهاء «سلنيه» ويائه ، أمّا قول الشّاعر :

وما نبالي إذا ما كنت جارتنا

أن لا يجاورنا إلّاك ديّار

فضرورة ، والقياس إلّا إيّاك.

ينقسم المتّصل بحسب مواقع الإعراب إلى ثلاثة أقسام :

(الأول) ما يختصّ بمحل الرّفع فقط وهي خمسة :

(١) «التاء» ك «قمت» بالحركات الثلاث ، أو متّصلة بما ك «قمتما» أو بالميم ك «قمتم» أو النون المشدّدة ك «قمتنّ».

(٢) «الألف» الدالّة على اثنين أو اثنتين ك «قاما» و «قامتا».

(٣) «الواو» لجمع المذكّر ك «قاموا».

(٤) «النون» لجمع النسوة ك «قمن».

(٥) «ياء المخاطبة» ك «قومي».

(الثاني) ما هو مشترك بين محل النّصب والجرّ فقط وهو ثلاثة :

(١) «ياء المتكلم» نحو «ربي أكرمني» فياء ربي في محلّ جر بالإضافة ، وياء أكرمني في محلّ نصب مفعول به.

(٢) «كاف المخاطب» نحو (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ)(١) فالكاف في ودّعك في محلّ نصب مفعول به والكاف من ربّك في محلّ جر بالإضافة.

(٣) «هاء الغائب» نحو (قالَ لَهُ

__________________

(١) الآية «٣» الضحى (٩٣).

٢١٦

صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ)(١) فالهاء من له في محلّ جر باللام ، والهاء من صاحبه في محلّ جرّ بالإضافة ، والهاء من يحاوره في محلّ نصب على المفعوليّة.

(الثالث) ما هو مشترك بين الرّفع والنّصب والجرّ وهو «نا» خاصة نحو (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا)(٢) فنا في «ربّنا» في محلّ جرّ ، وفي «إنّنا» في محلّ نصب وفي «سمعنا» في محلّ رفع.

(٢) الضّمير المستتر وقسماه :

الضّمير المستتر : هو ما ليس له صورة في اللفظ ويختصّ بضمير الرّفع وينقسم إلى قسمين :

(الأوّل) «المستتر وجوبا» وهو ما لا يخلفه ظاهر ، ولا ضمير منفصل ، ومواضعه :

(١) «مرفوع أمر الواحد» ك «قم ، وافهم ، واستخرج».

(٢) «مرفوع المضارع المبدوء بتاء خطاب الواحد» نحو «أنت تفهم وتستخرج» أو «المبدوء بهمزة المتكلم» ك «أذهب» أو «المبدوء بالنون» ك «نسافر».

(٣) «مرفوع فعل الاستثناء» ك «خلا ، وعدا ، وليس ، ولا يكون» في نحو قولك «فاز القوم ما عدا خالدا أو ما خلاه» أو «نجحوا ليس بكرا» أو «لا يكون زيدا».

(٤) «مرفوع أفعل في التعجّب» كقولك «ما أحسن الصدق».

(٥) «مرفوع أفعل في التّفضيل» نحو (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً)(٣).

(٦) «مرفوع اسم الفعل غير الماضي» ك «أوّه» بمعنى أتوجّع و «نزال» بمعنى انزل.

(٧) «مرفوع المصدر النائب عن فعله نحو (فَضَرْبَ الرِّقابِ)(٤).

(الثاني) «المستتر جوازا» وهو ما يخلفه الظاهر ، أو الضمير المنفصل ، ومواضعه :

(١) مرفوع فعل الغائب ك «عليّ

__________________

(١) الآية «٣٨» الكهف (١٨).

(٢) الآية «١٩٣» آل عمران (٣).

(٣) الآية «٧٤» مريم (١٩).

(٤) الآية «٤» محمد (٤٧).

٢١٧

اجتهد» أو الغائبة ك «فاطمة فهمت».

(٢) مرفوع الصفات المحضة ك «بكر فاهم» و «الكتاب مفهوم».

(٣) مرفوع اسم الفعل الماضي ك «شتّان وهيهات».

ويرى بعضهم أنّ التقسيم القويم في وجوب الاستتار أو جوازه أن يقال : العامل إمّا أن يرفع الضمير المستتر فقط ك «أقوم» وهذا هو واجب الاستتار ، وإمّا أن يرفعه ويرفع الظّاهر ، وهذا هو جائز الاستتار ك «قام وهيهات»

٣ ـ إذا تأتّى أن يجيء المتّصل لا يعدل إلى المنفصل :

متى تأتّى اتصال الضمير لا يعدل إلى انفصاله فنحو «قمت» و «أكرمتك» لا يقال فيهما : «قام أنا ، ولا أكرمت إيّاك» فأمّا قول زياد بن حمل التميمي :

وما أصاحب من قوم فأذكرهم

إلّا يزيدهم حبّا إليّ هم (١)

وقول الفرزدق :

بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت

إياهم الأرض في دهر الدهارير (٢)

فضرورة فيهما.

ويستثنى من هذه القاعدة مسألتان ، يجوز فيهما الانفصال مع إمكان الاتصال (إحداهما) أن يكون عامل الضمير عاملا في ضمير آخر أعرف (٣) منه مقدّما عليه ، وليس المقدّم مرفوعا ، فيجوز حينئذ في الضمير الثاني الاتصال والانفصال.

ثمّ إن كان العامل في الضّميرين فعلا غير ناسخ كباب «أعطى» فالوصل أرجح كقولك «الكتاب أعطنيه ، أو سلنيه» ف «أعطنيه» فعل غير ناسخ عامل في ضميرين «الياء والهاء» والياء أعرف من الهاء. فجاز في مثل

__________________

(١) معنى البيت : ما صحبت قوما بعد قومي فذكرت لهم قومي إلا بالغوا في الثناء عليهم حتى يزيدوا قومي حبّا إلي ، وإعراب هم الأولى مفعول أول ليزيد وحبّا مفعوله الثاني ، وهم الثانية آخر البيت فاعل يزيد ، والأصل يزيدون ، فعدل عن الواو إلى هم للضرورة.

(٢) قوله : بالباعث متعلقة بحلفت في بيت قبله ، والباعث : هو الذي يبعث الأموات ، والوارث هو الذي ترجع إليه الأملاك ، وضمنت : اشتملت ، والدهر : الزمن ، والدهارير : الشدائد ، والشاهد هنا قوله : «ضمنت إياهم» فإياهم مفعول ضمنت ، والأصل أن يقول : ضمنتهم.

(٣) ضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب.

٢١٨

هذا وصل الضّمير الثاني وفصله ، تقول «سلنيه» و «سلني إيّاه» فمن الوصل قوله تعالى (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ)(١)(أَنُلْزِمُكُمُوها)(٢).

ومن الفصل قول النبيّ (ص) «إنّ الله ملّككم إيّاهم» ولو وصل لقال «ملّككموهم» ولكنّه فرّ من الثّقل الحاصل من اجتماع الواو مع ثلاث ضمّات.

وإن كان العامل فعلا ناسخا من باب ظنّ نحو «خلتنيه» فالأرجح الفصل (٣) كقول الشاعر :

أخي (٤) حسبتك إيّاه وقد ملئت

أرجاء صدرك بالأضغان والإحن

وإن كان العامل في الضّميرين اسما ، وكان أوّل الضّميرين مجرورا فالفصل أرجح نحو «عجبت من حبي إيّاه» فحبّ مصدر مضاف إلى فاعله وهو ياء المتكلم ، وإيّاه مفعوله ، ومن الوصل قول الحماسيّ :

لئن كان حبّك لي كاذبا

لقد كان حبيك حقّا يقينا

فإن كان الضّمير الأوّل غير أعرف ، وجب الفصل نحو «الكتاب أعطاه إيّاك أو إيّاي».

ومن ثمّ وجب الفصل إذا اتّحدت رتبة الضّميرين نحو قول الأسير لمن أطلقه «ملّكتني إيّاي» وقول السيد لعبده «ملّكتك إيّاك» وإذا أخبر «ملّكته إيّاه».

وقد يباح الوصل إن كان الاتحاد في ضميري الغيبة ، واختلف لفظ الضميرين كقوله :

لوجهك في الإحسان بسط وبهجة

أنا لهماه قفو أكرم والد

وشرطنا في أوّل هذه المسألة : ألّا يكون المقدّم مرفوعا ، فإن كان الضّمير المقدّم مرفوعا وجب الوصل نحو أكرمتك.

(المسألة الثانية) أن يكون الضّمير منصوبا بكان أو إحدى أخواتها ،

__________________

(١) الآية «١٣٧» البقرة (٢).

(٢) الآية «٢٨» هود (١١).

(٣) وعند ابن مالك والرماني وابن الطراوة : الوصل أرجح ، وجاء على هذا المذهب قوله تعالى : ((إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ)).

(٤) أخي : مفعول بفعل محذوف يفسره حسبتك ، أو مبتدأ وما بعده خبره على الوجهين في الاشتغال ، لا منادى سقط منه حرف النداء كما أعربه العيني لفساد المعنى.

٢١٩

سواء أكان قبله ضمير أم لا (١) نحو «الصديق كنته أو كانه زيد» فيجوز في الهاء الاتصال والانفصال (٢) ، وكلاهما ورد ، فمن الوصل : الحديث «إن يكنه فلن تسلّط عليه» ومن الفصل قول عمر بن أبي ربيعة :

لئن كان إيّاه لقد حال بعدنا

عن العهد والإنسان لا يتغيّر

٤ ـ متى يجب انفصال الضّمير :

يجب انفصال الضمير في مواضع كثيرة أشهرها :

(أ) عند إرادة الحصر كما إذا تقدّم الضّمير على عامله نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)(٣) أو تأخّر ووقع بعد إلّا نحو (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)(٤) أو وقع بعد إنّما ، ومنه قول الفرزدق :

أنا الذّائد الحامي الذّمار وإنما

يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي (٥)

(ب) أن يكون عامله محذوفا كما في التحذير نحو «إيّاك والكذب».

(ج) أن يكون عامله معنويّا نحو «أنا مؤمن».

(د) أن يكون عامله حرف نفي نحو (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ)(٦).

(ه) أن يفصل من عامله بمتبوع له نحو (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ)(٧).

(و) أن يضاف المصدر إلى مفعوله ، ويرفع الضمير نحو قوله :

«بنصركم نحن كنتم ظافرين» سواء كان مفعوله المضاف إليه ضميرا كما مثّل أو اسما ظاهرا نحو «عجبت من ضرب زيد أنت».

(ز) أن يضاف المصدر إلى فاعله ، وينصب الضمير نحو «سرّني إكرام الأمير إيّاك».

ضمير الفصل الذي لا محلّ له من الإعراب ـ

قد يقع الضّمير المنفصل المرفوع في موقع لا يقصد به إلّا الفصل

__________________

(١) وبذلك فارقت المسألة الأولى.

(٢) والأرجح عند الجمهور الفصل ، وعند ابن مالك والرماني وابن الطراوة الوصل كما هو الخلاف في أفعال الظن.

(٣) الآية «٤» الفاتحة (١).

(٤) الآية «٤٠» يوسف (١٢).

(٥) المعنى : ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا. والذائد : ما يدفع ، والذمار ، ما لزم الشخص حفظه.

(٦) الآية «٢» المجادلة (٥٨).

(٧) الآية «١» الممتحنة (٦٠).

٢٢٠