معجم النّحو

عبد الغني الدقر

معجم النّحو

المؤلف:

عبد الغني الدقر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٣٩

باب الهمزة

أـ الاستفهاميّة ـ همزة الاستفهام

أـ حرف نداء ينادى به القريب كقول امرئ القيس :

«أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل» وتسري عليه أحكام النداء. (ـ النداء)

آ ـ حرف لنداء البعيد ، وتسري عليه أحكام النداء (ـ النداء)

آض ـ تعمل عمل «كان وأخواتها» لأنّها قد تأتي بمعنى صار. (ـ كان وأخواتها ٢ تعليق)

أبدا ـ ظرف لاستغراق المستقبل ، منصوب منون دائما ، ويستعمل مع النّفي نحو (إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها)(١) ومع الإثبات نحو (فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً)(٢) ولا يدخل على ماض إلّا إذا كان الماضي ممتدا إلى المستقبل نحو (وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ)(٣).

ابن ـ

(١) يجوز بالعلم المنادى الموصوف ب «ابن» الضمّ والفتح والمختار الفتح نحو «يا خالد بن الوليد».

(٢) همزة «ابن» همزة وصل تحذف في الوصل وتبقى في الخط ، وقد تحذف لفظا وخطا وذلك : إذا جاء علم بعده «ابن» صفة له ومضاف لعلم هو أب له نحو «محمد ابن عبد الله بن عبد المطلب» إلّا إذا وقع في أول السّطر فتثبت الهمزة خطا.

الابنم ـ هي الابن ، والميم زائدة للمبالغة ، يقول حسان بن ثابت :

«فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما» وتتبع النون حركة الميم ، وعلى

__________________

(١) الآية «٢٧» من المائدة (٥).

(٢) الآية «٢٣» الجن (٧٢).

(٣) الآية «٤» الممتحنة (٦٠).

١

ذلك قالوا : هو معرب من مكانين.

وهمزته للوصل

ابنة ـ همزة الوصل.

أبنية المصادر ـ المصدر وأبنيته وإعماله ٢ و ٣

أبنية اسم الفاعل ـ اسم الفاعل ٢ و ٣ و ٤

أتّخذ ـ من أفعال التّصيير ، تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً)(١) (ـ ظن وأخواتها ٩).

الاثنان ـ ضعف الواحد والمؤنّث «اثنتان وثنتان» (٢) وهمزة «اثنان واثنتان» همزة وصل ، وتعربان إعراب الملحق بالمثنّى ، ويقال : «هو ثاني اثنين» أي هو أحدهما ، ويكون مضافا لا غير (ـ الملحق بالمثنى)

الاثنتان ـ الاثنان

الاثنين ـ إذا أردت به اسم اليوم لا يثنّى ولا يجمع لأنّه على صفة المثنى ، فإن أردت أن تجمعه أو تثنيه قلت : «أيّام الاثنين» أو «يوما الاثنين» وهناك من جمعه على «أثانين» أو «أثناء» ولم يثبت ذلك ، ولا يجمع ما كان على صفة الجمع أو المثنى.

أجدّكما ـ ترد كثيرا في شعر العرب.

وإعرابها : النصب على المصدر من فعل مضمر ، كأنّه قال : أتجدّان جدّكما ، ولا يستعمل إلا مضافا وأصلها : أجدّا منكما.

أجل ـ حرف جواب ، مثل «نعم» ، فيكون تصديقا للمخبر ، وإعلاما للمستخبر ، ووعدا للطّالب ، فتقع بعد نحو «حضر الغائب» ونحو «أزحف الجيش؟» ونحو «أكرم أخاك» وهي بعد الخبر أحسن من نعم ، و «نعم» بعد الاستفهام أحسن منها ، وقيل : تختصّ بالخبر.

أجمع ـ من ألفاظ التّوكيد ، يؤكّد به كلّ ما يصحّ افتراقه حسّا أو حكما تقول : «جاء القوم أجمع» و «جاؤوا بأجمعهم» والباء زائدة وجمعه «أجمعون» ولفظ «أجمع لا يقع في تراكيب الكلام إلا مؤكّدا ، فلا يجيء مبتدأ ولا خبرا ولا فاعلا بخلاف غيره من ألفاظ التوكيد

__________________

(١) الآية «١٢٤» من النساء (٤).

(٢) وهي لغة تميم.

٢

وهو ممنوع من الصّرف بالوزن والصّفة.

الأجوف من الأفعال ـ

١ ـ تعريفه : هو ما كانت عينه حرف علّة ك «قام» و «باع».

٢ ـ حكمه : تحذف عين الأجوف إذا سكّن آخره للجزم أو لبناء الأمر نحو «لم يقم» و «لم يبع» و «لم يخف» و «قم» و «بع» و «خف».

وكذلك تحذف إذا سكّن لاتّصاله بضمير رفع متحرّك ك «قمت» و «خفنا» و «بعتم» و «يقمن» و «يبعن» و «خفن» وتحرّك فاؤه بحركة تجانس العين نحو «قلت» و «بعت»

إلّا في نحو «خاف» (١) فتحرّك بالكسر من جنس حركة العين نحو «خفت» و «نمت»

هذا في المجرد ،

والمزيد مثله في حذف عينه إن سكنت لامه وأعلّت عينه بالقلب ك «أطلت» و» استقمت» و «اخترت» وانقدت» (٢) وإن لم تعلّ العين لم تحذف ك «قاومت» و «قوّمت» (٣)

الأحد ـ من أيام الأسبوع ، وجمعه للقلة «آحاد» تقول : ثلاثة آحاد ، وأصله : وحد ، فاستثقلوا الواو ، فأبدلوا منها الهمزة ، وجمعه للكثرة «أحود».

أحرف الجواب ـ هي : لا ـ نعم ـ بلى ـ إي ـ أجل ـ جلل ـ جير ـ إنّ. (وانظرها في أحرفها).

أخبر ـ تنصب ثلاثة مفاعيل ، (ـ أعلم وأرى وأخواتهما ١ و ٢)

الاختصاص ـ

١ ـ تعريفه : هو اسم ظاهر معمول ل «أخصّ» واجب الحذف.

__________________

(١) من كل واوي مكسور العين ، وأصل خاف :

خوف تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ، وهذا معنى «الإعلال بالقلب» الآتي ذكره

(٢) ظاهر أن أصلهن : أطال ، واستقام ، واختار ، وانقاد.

(٣) قالوا : وفيهما لم تقلب ألفا لعدم وجود سبب لذلك كما تقدم.

٣

والباعث عليه : إمّا فخر ك «عليّ ـ أيها الكريم ـ يعتمد» ، أو تواضع نحو «إني ـ أيّها الضعيف ـ فقير إلى عفو ربي» ، أو بيان المقصود بالضمير ك «نحن ـ العرب ـ أقرى الناس للضيف».

٢ ـ أنواع المخصوص

المخصوص ـ وهو الاسم الظاهر الواقع بعد ضمير يخصّه أو يشاركه فيه ـ على أربعة أنواع :

(١) «أيّها» أو «أيتها» ويضمّان لفظا كما في المنادى ، وينصبان محلا ، ويوصفان بما فيه «أل» مرفوعا نحو «اللهم اغفر لنا ـ أيّتها العصابة ـ و «أنا أفعل كذا ـ أيها الرجل ـ».

(٢) المعرّف ب «أل» نحو «نحن ـ العرب ـ أشجع الناس».

(٣) المعرّف بالإضافة كالحديث «نحن ـ معاشر الأنبياء ـ لا نورث ، ما تركناه صدقة».

(٤) العلم ، وهو قليل ، ومنه قول رؤبة : «بنا ـ تميما ـ يكشف الضّباب»

٣ ـ يفارق الاختصاص المنادى لفظا في أحكام :

(١) أنّه ليس معه حرف نداء ، لا لفظا ولا تقديرا.

(٢) أنّه لا يقع في أول الكلام ، بل في أثنائه ، كالواقع بعد «نحن» كما في الحديث المتقدم «نحن ـ معاشر الأنبياء ـ» ، أو بعد تمام الكلام كما في مثال «اللهم اغفر لنا ـ أيتها العصابة».

(٣) أنه يشترط فيه أن يكون المقدّم عليه اسما بمعناه ، والغالب كونه ضمير تكلّم ، وقد يكون ضمير خطاب كقول بعضهم «بك الله نرجو الفضل»

(٤) أنه يقلّ كونه علما ،

(٥) أنه ينتصب مع كونه مفردا.

(٦) أن يكون ب «أل» قياسا كقولهم «نحن العرب أقرى الناس للضيف» ويفارق الاختصاص المنادى معنى في أنّ الكلام معه «خبر» ومع النّداء «إنشاء» وأن الغرض منه تخصيص مدلوله من بين أمثاله بما نسب إليه (١).

__________________

(١) زاد عليها بعض النحاة : أنه لا يكون نكرة ، ولا اسم إشارة ، ولا موصولا ، ولا ضميرا ، وأنه لا يستغاث به ، ولا يندب ، ولا يرخم ، وأن العامل المحذوف هنا فعل الاختصاص وفي النداء فعل الدعاء ، وأنه لا يعوض عنه شيء هنا ، ويعوض عنه في النداء حرفه.

٤

أخذ ـ كلمة تدل على معنى الشروع في خبرها ، وهي من النواسخ ، تعمل عمل «كان» ، إلا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعلية من مضارع رافع لضمير الاسم ، ومجرد من «أن» المصدرية.

ولا تعمل إلّا في حالة المضي نحو «أخذ المعلم يفيد تلاميذه» أي أنشأ وشرع ، وفي «يفيد» ضمير الفاعل وهو يعود على المعلم وهو اسم «أخذ» وهذا معنى : رافع لضمير الاسم

اخلولق ـ كلمة وضعت للدّلالة على رجاء الخبر ، وهي من النّواسخ تعمل عمل «كان» ، إلا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة ، فعلية ، مشتملة على مضارع ، رافع لضمير اسمها ، مقترن ب «أن» المصدرية وجوبا ، نحو «اخلولق الشجر أن يثمر» ففي «يثمر» ضمير يعود إلى «الشّجر» وهو اسم اخلولق وهي ملازمة للماضي.

وتختص «اخلولق وعسى وأوشك» بجواز إسنادهن إلى «أن يفعل» ولا تحتاج إلى خبر منصوب ، وتكون تامة نحو «اخلولق أن تتعظ» وينبني على هذا حكمان.

(انظر التفصيل في : أفعال المقاربة)

إذ ـ تأتي ظرفية ، وفجائية ، وتعليليّة

١ ـ الظّرفيّة ـ ولها أربعة أحوال :

(١) أن تكون ظرفا للزّمن الماضي هو أغلب أحوالها ، ويجب إضافتها إلى الجمل (١)

(٢) أن تكون مفعولا به نحو (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ)(٢) والغالب على «إذ» المذكورة في أوائل القصص في القرآن الكريم ـ أن تكون مفعولا به بتقدير : واذكر

(٣) أن تكون بدلا من المفعول نحو (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ)(٣) ف «إذ» بدل اشتمال من مريم.

(٤) أن يكون مضافا إليها اسم زمان صالح للاستغناء عنه نحو «يومئذ وحينئذ» أو غير صالح للاستغناء عنه

__________________

(١) وقد يحذف المضاف إليه وهو الجملة أو الجمل ويعوض عنه التنوين وهذا التنوين هو ما يسمى تنوين العوض مثل حتى (إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ).

(٢) الآية «٨٥» من الأعراف (٧).

(٣) الآية «١٥» من مريم (١٩).

٥

نحو قوله تعالى (بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا)(١) وعند جمهور النحاة لا تقع «إذ» هذه إلّا ظرفا أو مضافا إليها.

٢ ـ الفجائية ـ وهي الواقعة بعد «بينا» أو «بينما «كقول بعض بني عذرة :

استقدر الله خيرا وارضينّ به

فبينما العسر إذ دارت مياسير

٣ ـ التّعليلية ـ وكأنّها بمعنى «لأنّ» نحو (قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً)(٢)(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ)(٣) وهل «إذ» هنا بمنزلة لام العلة أو ظرف والتعليل مستفاد من معنى الكلام؟ ، الجمهور لا يثبتون التعليلية ولا يقولون إلّا بظرفيتها.

إذا ـ تكون : تفسيريّة ، وظرفيّة ، وفجائيّة.

إذا التّفسيريّة : ـ تأتي في موضع «أي» التّفسيرية في الجمل ، وتختلف عنها في أنّ الفعل بعد «إذا» للمخاطب ، تقول «استكتمته الحديث إذا سألته كتمانه».

إذا الظّرفيّة ـ تكون غالبا ظرفا للمستقبل مضمّنة معنى الشّرط.

وتختصّ بالدّخول على الجملة الفعليّة ويكون الفعل بعدها ماضيا كثيرا ، ومضارعا دون ذلك وقد اجتمعا في قول أبي ذؤيب :

والنفس راغبة إذا رغّبتها

وإذا تردّ إلى قليل تقنع

وإن دخلت «إذا» الظرفية في الظاهر على الاسم في نحو (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)(٤) فإنّما دخلت حقيقة على الفعل لأن السماء فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده.

ولا تعمل «إذا» الجزم إلّا في الشعر للضرورة كقول عبد القيس بن خفاف :

استغن ما أغناك ربّك بالغنى

وإذا تصبك خصاصة فتجمّل (٥)

إذا الفجائية ـ تختص بالجمل الاسميّة ، ولا تحتاج إلى جواب ، ولا تقع في ابتداء الكلام ، ومعناها الحال ، والأرجح أنها حرف نحو قوله تعالى (فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى)(٦)

__________________

(١) الآية «٨» من آل عمران (٣).

(٢) الآية «٧١» من النساء (٤).

(٣) الآية «٣٩» من الزخرف (٤٣).

(٤) الآية «١» الانشقاق (٨٤).

(٥) الخصاصة : الحاجة.

(٦) الآية «٢٠» من طه (٢٠).

٦

إذا ـ حرف جواب وجزاء ، والصحيح أنها بسيطة غير مركبة من إذ وأن ، وهي بنفسها الناصبة للمضارع بشروط :

(١) تصديرها.

(٢) واستقبال المضارع.

(٣) واتصالها به ، أو انفصالها بالقسم ، أو بلا النافية ، يقال : آتيك ، فتقول :

«إذن أكرمك» فلو قلت «أنا إذن» لقلت «أكرمك» بالرفع لفوات التصدير أمّا كتابتها والوقف عليها فالجمهور يكتبونها بالألف ويقفون عليها بالألف ، وهناك من (١) يرى كتابتها بالنون والوقف عليها بالنون.

ويرى البعض (٢) أنها إن عملت كتبت بالألف وإلّا كتبت بالنون أقول : وهذا تفريق جيّد.

وقد تقع «إذن» لغوا وذلك إذا افتقر ما قبلها إلى ما وقع بعدها وذلك كقول الشاعر :

وما أنا بالسّاعي إلى أمّ عاصم

لأضربها إني إذن لجهول

إذ ما ـ أداة شرط تجزم فعلين ، وهي حرف عند أكثر النحاة وعند بعضهم : ظرف ، وعملها في الجزم قليل.

أرى ـ تنصب ثلاثة مفاعيل ـ أعلم وأرى وأخواتهما.

الأربعاء ـ اسم لليوم الرابع من الأسبوع يؤنّث على اللفظ فيقال : «أربعة أربعاوات» ويذكّر على اليوم ، فيقال «أربع أربعاوات» وتجمع أيضا على «أربعاوى».

ارتدّ ـ «تعمل عمل كان» ـ كان وأخواتها ٢ تعليق

أرضون ـ «ملحق بجمع المذكر السالم» ـ جمع المذكر السالم ٨

أست ـ «همزته للوصل» ـ همزة الوصل ٣

الاستثناء ـ المستثنى.

استحال ـ «تعمل عمل كان» ـ كان وأخواتها ٢ تعليق

الاستغاثة

١ ـ تعريف المستغاث :

هو ما طلب إقباله ليخلّص من شدة ، أو يعين على مشقّة.

٢ ـ ما يتعلق به من أحكام

يتعلّق بالمستغاث أحكام هي :

(١) اختصاصه ب «يا» من بين أدوات النّداء ، مذكورة وجوبا.

__________________

(١) المازني والمبرد.

(٢) هو الفراء وتبعه ابن خروف.

٧

(٢) غلبة جره ب «لام» مفتوحة في أوّله ، وإن اقترن ب «أل» وهي لام الجر ، فتحت للفرق بينها وبين لام «المستغاث من أجله» في نحو «يا لله لعلي».

(٣) ذكر مستغاث من أجله بعده جوازا ، إمّا مجرور باللام المكسورة ، سواء أكان منتصرا عليه ، نحو «يا لعليّ لظالم لا يخاف الله» أم منتصرا له نحو «يا لعمر للمسكين» وإمّا مجرور ب «من» نحو :

يا للرجال ذوي الألباب من نفر

لا يبرح السفه المردي لهم دينا

(٤) أنه إذا عطف على المستغاث ، فإن أعيدت «يا» معه فتحت لامه نحو

«يا لقومي ويا لأمثال قومي

لأناس عتوّهم في ازدياد

وإن لم تعد «يا» معه كسرت لامه نحو قول الشاعر :

يبكيك ناء بعيد الدّار مغترب

يا للكهول وللشبان للعجب

(٥) ويجوز أن لا يبتدأ المستغاث باللام ، فالأكثر حينئذ أن يختم بالألف عوضا عن اللام ، ولا يجتمعان ، كقوله :

يا يزيدا لآمل نيل عزّ

وغنى بعد فاقة وهوان (١)

وقد يخلو المستغاث من اللام والألف فيعطى ما يستحقه لو كان منادى غير مستغاث كقول الشاعر :

ألا يا قوم للعجب العجيب

وللغفلات تعرض للأريب (٢)

أمّا مع اللام ، فهو معرب مجرور باللام ، ومع الألف فهو مبني على الضم المقدر لمناسبة الألف في محل نصب.

٣ ـ المتعجب منه

هو المستغاث بعينه أشرب معنى التّعجّب من ذاته أو صفته نحو «يا للحرّ» تعجّبا من شدّته و «يا للدّواهي» عند استعظامها.

٤ ـ هاء السّكت

وفي حال وصله بالألف إذا وقف على كل منهما يجوز أن تلحقه «هاء السكت» نحو «يا زيداه» و «يا دواهياه»

٥ ـ حكم صفة المستغاث

إذا وصفت المستغاث جررت صفته ،

__________________

(١) ف «يزيدا» مستغاث والألف فيه عوض من اللام و «لآمل» مستغاث له وهو اسم فاعل و «نيل» مفعول له.

(٢) «يا قوم» مستغاث مضاف لياء المتكلم المحذوفة اجتزاء بالكسرة ، والأريب : العالم بالأمور.

٨

نحو «يا لأبراهيم الشجاع للمظلوم»

٦ ـ قد يكون المستغاث مستغاثا من أجله

كأن تقول : «يا للقاسم ، للقاسم» أي أدعوك لتنصف من نفسك.

٧ ـ حذف المستغاث

قد يحذف المستغاث فيلي «يا» المستغاث من أجله كقوله :

يا لأناس أبوا إلّا مثابرة

على التّوغل في بغي وعدوان

أي يا لقومي لأناس.

الاستفهام ـ

١ ـ تعريفه :

هو طلب الفهم بالأدوات المخصوصة

٢ ـ حرفا الاستفهام :

للاستفهام حرفان : «هل» و «الهمزة» (ـ في حرفهما)

٣ ـ أسماء الاستفهام :

تسعة وهي : «ما ، ومن ، وأيّ ، وكم ، وكيف ، وأين ، وأنّى ، ومتى ، وأيّان» (ـ في أحرفها).

٤ ـ أدوات الاستفهام من حيث التّصور والتّصديق

جميع أسماء الاستفهام لطلب التصور (١) لا غير. إلّا «هل» فإنها لطلب التصديق (٢) لا غير ، والهمزة مشتركة بينهما.

الاسم ـ

١ ـ تعريفه

هو ما يدل على معنى مستقلّ بالفهم ليس الزمن جزءا منه مثل «عليّ ، طائر ، أمن».

٢ ـ علاماته

يتميّز الاسم عن الفعل والحرف بخمس علامات :

(إحداها) الجر ، والمراد به الكسرة التي يحدثها عامل الجر ، سواء أكان العامل حرفا ، أم إضافة ، أم تبعية ، وقد اجتمعت كلّها في قوله تعالى «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».

(الثانية) التّنوين ، وهو نون ساكنة تلحق آخر الاسم لفظا لا خطا ، لغير توكيد. (ـ التنوين)

(الثالثة) النداء ، والمراد به كون الكلمة مناداة ، لا مجرد دخول حرف النداء مثل «يا أيها الناس» و «يا رجل».

__________________

(١) التصور : طلب إدراك المفرد ، فقولك «كيف أنت» استفهام عن مفرد وهو «أنت».

(٢) التصديق : طلب إدراك النسبة فقولك : «هل زيد قادم» تستفهم عن قدوم زيد وهذه هي النسبة ، لا عن زيد وحده.

٩

(الرابعة) : «أل» (١) غير الموصولة كالعاقل والمسجد والفرس وأمّا الموصولة فقد تدخل على المضارع وذلك كقول الفرزدق :

ما أنت بالحكم الترضى حكومته

ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل

وأراد : ما أنت بالحكم الذي ترضى (الخامسة) «الاسناد» وهو أن تنسب إلى المسند إليه ما تحصل به الفائدة ، وذلك بأن يكون فاعلا ، أو نائب فاعل أو مبتدأ مثل «فهمت» «عنيت» «أنت قرأت» وهذه أشمل علامات الاسم ، إذ بها تعرف اسمية ضمائر الرفع ، و «ما» الموصولة في مثل قوله تعالى (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ)(٢)

اسم ـ هذا اللفظ همزته للوصل ولحركة الهمزة حكم (ـ همزة الوصل ٣ و ٦)

اسم الإشارة ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما وضع لمشار إليه.

٢ ـ أسماء الإشارة :

هي : «ذا» للمفرد المذكّر ، و «ذي ، تي ، ذه ، ته (٣) ، ذه ، ته (٤) ، ذه ، ته (٥) ، ذات ، تا» وهذه العشرة للمفرد والمؤنث و «ذان» للمثنّى المذكّر رفعا ، و «تان» للمثنى المؤنث ، رفعا و «ذين تين» لتثنية المذكّر والمؤنّث نصبا وجرّا و «أولاء» (٦) لجمع العاقل مذكّرا أو مؤنّثا ، ويقل مجيئه لغير العاقل وذلك كقول جرير :

ذمّ المنازل بعد منزلة اللّوى

والعيش بعد أولئك الأيّام

(ـ أسماء الإشارة كلّا في حرفه) وتلحق اسم الإشارة «كاف الخطاب» و «لام البعد» (ـ كاف الخطاب ولام البعد كلا في حرفه).

٣ ـ ما يشار به إلى المكان القريب والبعيد :

يشار إلى المكان القريب ب «هنا» من غير «ها» أو «ههنا» مقرونة ب «ها» نحو (إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ)(٧)

__________________

(١) انظر بحثها في «أل».

(٢) الآية «٩٦» من النحل (١٦).

(٣) بإشباع الكسرة فيهما.

(٤) بغير إشباع فيهما.

(٥) بسكون الهاء فيهما.

(٦) وهو ممدود عند الحجازيين ، ومقصور عند تميم وقيس وربيعة وأسد.

(٧) الآية «٢٧» من المائدة (٥).

١٠

ويشار للبعيد ب «هناك» من غير «ها» أو «ههناك» مقرونة ب «ها» أو «هنالك» أو «هنّا» أو «هنّا» (١) أو «هنّت» (٢) أو «ثمّ» نحو (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ)(٣)

اسم التّفضيل وعمله ـ

١ ـ تعريفه :

هو اسم مصوغ للدّلالة عل أنّ شيئين اشتركا في صفة ، وزاد أحدهما على الآخر فيها :

٢ ـ قياسه :

قياسه : أفعل» للمذكّر ، نحو «أفضل» و «أكبر» و (فعلى) للمؤنّث نحو «فضلى» و «كبرى» يقال : «عليّ أكبر من أخيه» و «هند فضلى أخواتها».

وقد حذفت همزة «أفعل» من ثلاثة ألفاظ هي «خير وشرّ وحبّ» لكثرة الاستعمال نحو «هو خير منه» و» الظالم شرّ الناس» وقول الشاعر :

منعت شيئا فأكثرت الولوع به

وحبّ شيء إلى الإنسان ما منعا

وقد جاءت «خير وشر» على الأصل فقيل «أخير وأشر» قال رؤبة : «بلال خير الناس وابن الأخير» وقرأ أبو قلابة (سيعلمون غدا من الكذّاب الأشرّ» (٤)

وفي الحديث «أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قل»

٣ ـ صياغته :

لا يصاغ اسم التّفضيل إلّا من فعل استوفى شروط فعلي التّعجّب (٥) فلا يبنى من الفعل غير الثّلاثي ، وشذّ قولهم : «هو أعطى منك» ولا من المجهول ، وشذّ قولهم في المثل «العود أحمد» و «هذا الكتاب أخصر من ذاك» مشتق من «يحمد» و «يختصر» مع كون الثاني غير ثلاثي.

ولا من الجامد نحو «عسى» و «ليس»

ولا مما لا يقبل التّفاوت مثل «مات» و «فني» و «طلعت الشّمس» أو

__________________

(١) وكسر الهاء أردأ من فتحها.

(٢) أصلها «هنّا» زيدت عليها التاء الساكنة فحذفت ألفها لالتقاء الساكنين.

(٣) الآية «٦٥» من الشعراء (٢٦).

(٤) الآية «٢٦» من القمر (٥٤).

(٥) انظرها في التعجب.

١١

«غربت الشمس» فلا يقال : «هذا أموت من ذاك» ولا «أفنى منه» ولا «الشمس اليوم أطلع أو أغرب من أمس»

ولا من الناقص مثل «كان وأخواتها» ولا من المنفي ، ولو كان النفي لازما نحو «ما ضرب» و «ما عاج عليّ بالدواء» أي ما انتفع به

ولا ممّا الوصف منه على «أفعل» الذي مؤنثه «فعلاء» وذلك فيما دل على «لون أو عيب أو حلية» لأنّ الصفة المشبهة تبنى من هذه الأفعال على وزن «أفعل» ، فلو بني التّفضيل منها لالتبس بها ، وشذّ قولهم «هو أسود من مقلة الظبي»

ويتوصل إلى تفضيل ما فقد الشروط ب «أشدّ» أو «أكثر» أو مثل ذلك ، كما هو الحال في فعلي التعجب ، غير أنّ المصدر في التّفضيل ينصب على التمييز نحو «خالد أشدّ استنباطا للفوائد» و «هو أكثر حمرة من غيره»

٤ ـ لاسم التّفضيل باعتبار معناه ثلاثة استعمالات :

(أحدها) ما تقدّم في تعريفه ، وهو الأصل والأكثر

(ثانيها) أن يراد به أن شيئا زاد في صفة نفسه على شيء آخر في صفته قال في الكشاف : فمن وجيز كلامهم «الصّيف أحرّ من الشّتاء» (١) و «العسل أحلى من الخل» (٢) وحينئذ لا يكون بينهما وصف مشترك.

(ثالثها) أن يراد به ثبوت الوصف لمحلّه من غير نظر إلى تفضيل كقولهم : «الناقص والأشج أعدلا بني مروان» (٣) أي عادلاهم ، وقوله :

قبّحتم يا آل زيد نفرا

ألأم قوم أصغرا وأكبرا

أي صغيرا وكبيرا ، ومنه قولهم «نصيب أشعر الحبشة» أي شاعرهم ، إذ لا شاعر غيره فيهم ، وفي هذه الحالة تجب المطابقة ، ومن هذا النوع قول أبي نواس :

كأنّ صغرى وكبرى من فقاقعها

حصباء درّ على أرض من الذّهب

وقوله تعالى (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)(٤)

__________________

(١) أي : الصيف أبلغ في حره من الشتاء في برده.

(٢) أي : العسل في حلاوته زائد على الخل في حموضته.

(٣) الناقص : يزيد بن عبد الملك بن مروان ، سمي بذلك لنقصه أرزاق الجند ، والأشج : هو عمر ابن عبد العزيز.

(٤) الآية «٢٧» من الروم (٣٠).

١٢

(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ)(١)

٥ ـ لاسم التفضيل من جهة لفظه ثلاث حالات :

(١) أن يكون مجرّدا من «أل» و «الإضافة»

(٢) أن يكون فيه «أل».

(٣) أن يكون مضافا.

فالمجرّد من «أل والإضافة» يجب فيه أمران :

(أحدهما) أن يكون مفردا مذكرا دائما نحو (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا)(٢).

(ثانيهما) أن يؤتى بعده ب «من» جارة للمفضول كالآية المارة ، وقد تحذف «من» نحو (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى)(٣) وقد جاء إثبات «من» وحذفها في قوله تعالى (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً)(٤) أي منك.

وأكثر ما تحذف «من» مع مجرورها إذا كان أفعل خبرا ، كالآية ، ويقل إذا كان حالا كقوله :

دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا

فظلّ فؤادي في هواك مضلّلا

أي دنوت أجمل من البدر. أو صفة كقول أحيحة بن الجلاح :

تروّحي أجدر أن تقيلي

غدا بجنبي بارد ظليل (٥)

أي تروّحي وخذي مكانا أجدر من غيره بأن تقيلي فيه.

ويجب تقديم «من» ومجرورها عليه إن كان المجرور بمن استفهاما ، نحو «أنت ممّن أفضل؟» أو مضافا إلى الاستفهام نحو «أنت من غلام من أفضل؟» ، وقد تتقدّم في غير ذلك ضرورة كقول جرير :

إذا سايرت أسماء يوما ظعينة

فأسماء من تلك الظعينة أملح

وما فيه «أل» من اسم التّفضيل يجب فيه أمران :

(أحدهما) أن يكون مطابقا لموصوفه نحو «محمد الأفضل» و «هند الفضلى» و «المحمّدان الأفضلان» و «المحمّدون الأفضلون» و «الهندات الفضليات أو الفضّل»

(ثانيهما) ألّا يؤتى معه ب «من»

__________________

(١) الآية «٥٤» من الإسراء (١٧)

(٢) الآية «٨» من يوسف (١٢)

(٣) الآية «١٧» من الأعلى (٨٧)

(٤) الآية «٣٥» من الكهف (١٨)

(٥) الخطاب : لصغار النخل وهو الفسيل ، وتروح النبت : طال.

١٣

وأما قول الأعشى يخاطب علقمة :

ولست بالأكثر منهم حصى

وإنما العزة للكاثر (١)

فخرّج على زيادة «أل» ،

و «المضاف» من اسم التفضيل يلزمه أمران : التذكير ، والتوحيد كما يلزمان المجرد لاستوائهما في التّنكير ، ويلزم في المضاف إليه أن يطابق ، نحو «المحمدان أفضل رجلين» و «المحمّدون أفضل رجال» و «هند أفضل امرأة» فأما قوله تعالى (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ)(٢) فالتقدير على حذف الموصوف ، أي أول فريق كافر به.

وإن كانت الإضافة إلى معرفة جازت المطابقة كقوله تعالى (أَكابِرَ مُجْرِمِيها)(٣)(هُمْ أَراذِلُنا)(٤) وتركها ـ وهو الشّائع في الاستعمال ـ قال تعالى : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ)(٥) وقد اجتمع الاستعمالان في الحديث «ألا أخبركم بأحبّكم إليّ وأقربكم منى منازل يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون».

٦ ـ عمل اسم التّفضيل :

يرفع اسم التفضيل الضمير المستتر بكثرة نحو «أبو بكر أفضل» ويرفع الاسم الظاهر ، أو الضمير المنفصل في لغة قليلة نحو «نزلت برجل أكرم منه أبوه» أو «أكرم منه (٦) أنت» ويطّرد أن يرفع «أفعل التفضيل» الاسم الظاهر إذا جاز أن يقع موقعه الفعل الذي بني منه مفيدا فائدته ، وذلك إذا كان «أفعل» صفة لاسم جنس ، وسبقه «نفي أو شبهه» وكان مرفوعه أجنبيا مفضّلا على نفسه باعتبارين نحو «ما رأيت رجلا أحسن

__________________

(١) حصى : عددا ، والكاثر : الغالب في الكثرة ، خرجه ابن جني في الخصائص على أن «من» فيه مثلها في قولك «أنت من الناس حر» فكأنه قال : لست من بينهم الكثير الحصى.

(٢) الآية «٤١» من البقرة (٢) وعلى القاعدة بغير القرآن. يقال : ولا تكونوا أول كافرين به ،.

(٣) الآية «١٢٣» من الأنعام (٦).

(٤) الآية «٢٧» من هود (١١).

(٥) الآية «٩٦» من البقرة (٢).

(٦) قلة هذه اللغة على أساس إعراب «أكرم» صفة لرجل ممنوعة من الصرف ، وبرفع «الأب» و «أنت» على الفاعلية بأكرم ـ وأكثر العرب يوجب رفع «أكرم» في هذين المثالين على أنه خبر مقدم و «أبوه» أو «أنت» مبتدأ مؤخر ، وفاعل أكرم ضمير عائد على المبتدأ ، والجملة من المبتدأ والخبر نعت لرجل.

١٤

في عينه الكحل منه في عين زيد» (١) و «لم ألق إنسانا أسرع في يده القلم منه في يد علي» و «لا يكن غيرك أحبّ إليه الخير منه إليك» و «هل في الناس رجل أحقّ به الحمد منه بمحسن لا يمن»

وأما النصب به : فيمتنع منه المفعول به ، والمفعول معه ، والمفعول المطلق ، مطلقا ، ويمتنع التمييز ، إذا لم يكن فاعلا في المعنى فلفظ «حيث» في قوله تعالى (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ»)(٢) في موضع نصب مفعولا به بفعل مقدر يدل عليه أعلم ؛ أي يعلم الموضع والشخص الذي يصلح للرسالة ، ومنه قوله :

وأضرب منا بالسيوف القوانسا (٣) وأجاز بعضهم : أن يكون «أفعل» هو العامل لتجرده عن معنى التفضيل أمّا عمله الجرّ بالإضافة ، فيجوز إن كان المخفوض كلا ، و «أفعل» بعضه ، وذلك إذا أضيف إلى معرفة ، وعكسه إذا أضيف لنكرة

وكذا بالحرف فإن كان «أفعل» مصوغا من متعد بنفسه ، ودلّ على حب أو بغض عدّي ب «إلى» إلى ما هو فاعل في المعنى وعدّي ب «اللام» إلى ما هو مفعول في المعنى نحو «المؤمن أحبّ لله من نفسه ، وهو أحبّ إلى الله من غيره» أي يحب الله أكتثر من حبّه لنفسه ، ويحبّه الله أكثر من حبّه لغيره ، ونحو «الصالح أبغض للشّرّ من الفاسق. وهو أبغض إليه من غيره» أي يبغض الشر أكثر من بغضه للفاسق ، ويبغضه الفاسق أكثر من بغضه لغيره.

وإن كان من متعد لنفسه دالّ على علم عدّي بالباء نحو «محمد أعرف بي ، وأنا أعلم به» وإن كان غير ذلك عدي باللام نحو «هو أطلب للثار وأنفع للجار» وإن كان من متعدّ بحرف جرّ عدّي به لا بغيره نحو «هو أزهد في الدنيا» وأسرع إلى الخير» و «أبعد من الذنب» و «أحرص على المدح» و «أجدر بالحلم» و «أحيد عن الخنى» (٤) ولفعل

__________________

(١) معنى المثال : أن الكحل ـ باعتبار كونه في عين زيد ـ أحسن من نفسه باعتبار كونه في عين غيره من الرجال ، وهذان هما الاعتباران.

(٢) الآية «١٢٤» من الأنعام (٦).

(٣) القوانس : جمع قونس ، وهو أعلى البيضة (الخوذة).

(٤) الخنى : الفحش.

١٥

التعجب من هذا الاستعمال ما لأفعل التفضيل نحو «ما أحب المؤمن لله وما أحبه إلى الله» إلى آخر هذه الأمثلة.

اسم الجمع ـ هو ما ليس له واحد من لفظه ، وليس على وزن خاص بالجموع أو غالب فيها ك «قوم» و «رهط»

أوله واحد لكنه مخالف لأوزان الجموع ك «ركب» بالنسبة ل «راكب» و «صحب» بالنسبة ل «صاحب» أوله واحد موافق لأوزان الجموع لكنّه مساو للواحد في التّذكير ك «غزيّ» (١) اسم جمع «غاز» أو مساو للواحد في النّسب نحو» ركاب» اسم جمع «ركوبة» وقالوا : «ركابي» (٢) في النسب.

اسم الجنس الإفرادي ـ هو ما يصدق على القليل أو الكثير نحو «لبن وماء وعسل».

اسم الجنس الجمعي ـ هو الذي يفرّق بينه وبين واحده بالتاء غالبا ، وذلك بأن يكون الواحد بالتّاء واللفظ الدال على الجمع بغير تاء مثل «كلم ـ كلمة ، وشجر ـ شجرة» وقد يفرّق بينه وبين واحده بالياء نحو «روم ـ رومي» و «زنج ـ زنجي»

اسم الفاعل ـ وأبنيته ـ وعمله

١ ـ تعريف اسم الفاعل :

هو ما دلّ على الحدث والحدوث وفاعله ك «ذاهب» و «مسافر»

٢ ـ أبنية اسم الفاعل :

أبنية اسم الفاعل إمّا أن تأتي من الفعل الثلاثيّ المجرّد ، أو تأتي من غير الثلاثي.

٣ ـ بناء اسم الفاعل من الثلاثيّ المجرد :

إذا كان الفعل ثلاثيّا مجرّدا فاسم الفاعل منه على وزن «فاعل» بكثرة في «فعل» مفتوح العين ، متعديا كان ك «ضربه» فهو «ضارب» و «نصره» فهو «ناصر». أو لازما ك «ذهب» فهو «ذاهب» و «غذا» بمعنى سال فهو «غاذ».

وفي «فعل» بالكسر ، متعدّيا ك «أمنه فهو آمن» و «شربه فهو شارب» ويقل في اللازم ك «سلم فهو سالم» وفي «فعل» ك «فره فهو فاره».

__________________

(١) أما غزى : فهو جمع غاز.

(٢) يقولون : زيت ركابي : منسوب إلى الركاب أي الإبل لأنه يحمل من الشام عليها.

١٦

أمّا في «فعل» اللازم فقياس اسم الفاعل فيه «فعل» في الأعراض ك «فرح» و «أشر».

و «أفعل» في الألوان والخلق ك «أخضر وأسود وأكحل» و «أعمى وأعور» و «فعلان» فيما دلّ على الامتلاء ، وحرارة الباطن ك «شبعان وريّان» و «عطشان».

وقياس الوصف من «فعل» ـ بالضم ـ «فعيل» ك «ظريف وشريف» ودونه «فعل» ك «شهم وضخم» ، ودونهما «أفعل» ك «أخطب» إذا كان أحمر إلى الكدرة ، و «فعل» ك «بطل وحسن» و «فعال» ك «جبان» و «فعال» ك «شجاع» و «فعل» ك «جنب» و «فعل» ك «عفر» أي شجاع ماكر وهذه الصّفات كلّها إن قصد بها الحدوث فهي أسماء فاعل وإلا فهي كلّها صفات مشبّهة إن قصد بها الثّبوت والدّوام إلّا وزن «فاعل» (١) فإنه اسم فاعل إلا إذا أضيف إلى مرفوعه ودلّ على الثبوت ك «طاهر القلب» «شاحط الدار».

٤ ـ بناء اسم الفاعل من غير الثّلاثيّ :

صيغة اسم الفاعل من غير الثلاثيّ تكون بلفظ مضارعه بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة. وكسر ما قبل آخره ، سواء أكان مكسورا في المضارع ك «منطلق» و «مستخرج» أو مفتوحا ك «متعلّم» و «متدحرج»

٥ ـ عمل اسم الفاعل :

يعمل اسم الفاعل عمل فعله في التعدي واللزوم وهو قسمان :

(١) ما كان فيه «أل» (٢) الموصولة

(٢) والمجرد من «أل»

وهاك التفصيل :

أمّا ما كان فيه «أل» الموصولة من اسماء الفاعل فيعمل مطلقا ، ماضيا كان أو غيره ، معتمدا (٣) أو غير معتمد لأنه حالّ محلّ الفعل ، والفعل يعمل في جميع الأحوال نحو «حضر

__________________

(١) والفرق بين «فاعل» وغيره من تلك الصفات أن الأصل في «فاعل» قصد الحدوث ، وقصد الثبوت طارئ. أما غير «فاعل» فمشترك في الأصل بين الحدوث والثبوت.

(٢) «أل» في اسم الفاعل والمفعول العاملين : اسم موصول.

(٣) أي معتمدا على نفي أو استفهام الخ كما سيأتي قريبا.

١٧

المكرم أخاك أمس أو الآن أو غدا» وأمّا المجرّد من «أل» فيعمل بثلاثة شروط :

أحدها : كونه للحال أو الاستقبال لا للماضي (١)

الثاني : اعتماده على استفهام ، أو نفي ، أو مخبر عنه ، أو موصوف ومنه الحال.

فمثال الأول «أعارف أنت قدر الإنصاف» ومنه قول الشاعر :

«أمنجز أنتم وعدا وثقت به»

والثاني «ما طالب أخوك ضرّ غيره» والثالث «الحقّ قاطع سيفه الباطل» والرابع «اركن إلى علم زائن أثره من تعلّمه»

والخامس «أقبل أخوك مستبشرا وجهه».

والاعتماد على المقدّر منها كالاعتماد على الملفوظ به نحو «معط خالد ضيفه أم مانعه» أي أمعط (٢) ، ونحو قول الأعشى :

كناطح صخرة يوما ليوهنها

فلم يضرها ، وأوهى قرنه الوعل

أي كوعل ناطح

ويجب أن يذكر هنا أنّ شرط الاعتماد ، وعدم المضي ، إنما هو لعمل النّصب ، والاعتماد وحده لعمل الرفع في الظاهر ، أما رفع الضّمير المستتر فجائز بلا شرط.

الثّالث : من شروط إعمال اسم الفاعل المجرّد من «أل» ألّا يكون مصغّرا ولا موصوفا لأنهما يختصان بالاسم فيبعدان الوصف عن الفعلية.

وقيل في المصغّر إن لم يحفظ له مكبّر جاز كما في قوله :

ترقرق في الأيدي كميت عصيرها فقد رفع «عصيرها» بكميت فاعلا له.

وقيل في الموصوف يجوز إعماله قبل الصفة نحو «هذا ضارب زيدا متسلط»

٦ ـ عمل تثنية اسم الفاعل وجمعه :

لتثنية اسم الفاعل وجمعه ما لمفرده من العمل والشروط ، قال الله تعالى (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً)(٣)(هَلْ

__________________

(١) خلافا للكسائي ، ولا حجة له في قوله تعالى ((وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)) لأنه على إرادة حكاية الحال الماضية ، والمعنى : يبسط ذراعيه بدليل ونقلبهم ، ولم يقل وقلبناهم.

(٢) بدليل وجود «أم» المتصلة فإنها لا تأتي إلا بسياق النفي.

(٣) الآية «٣٥» من الأحزاب (٣٣)

١٨

هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ)(١)(خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ)(٢) ومثال التّثنية قول عنترة العبسي :

الشّاتمي عرضي ولم أشتمهما

والنّاذرين إذا لم القهما دمي

٧ ـ معمول اسم الفاعل :

يجوز في الاسم الفضلة الذي يتلو الوصف العامل أن ينصب به ، وأن يخفض بإضافته إليه ، فقد قرئ في السبع (إنّ الله بالغ أمره) (٣) (هل هنّ كاشفات ضرّه) (٤) بالخفض والنصب أمّا ما عدا التّالي للوصف ، وهو المفصول بمضاف إليه ، ك «هذا معطي محمد درهما» أو بغيره نحو (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)(٥) فيجب نصبه

أمّا التالي لغير اسم الفاعل العامل فيجب جرّه بالإضافة ، وينصب ما عداه بفعل محذوف نحو «هذا معطي خالد أمس كتابا» (٦)

٨ ـ حكم تابع معمول اسم الفاعل : يجوز في تابع معمول اسم الفاعل المجرور بالإضافة : الجرّ مراعاة للفظ ، والنصب مراعاة للمحل. أو بإضمار وصف منوّن ، أو فعل نحو «العاقل مبتغي دين ودنيا» أي ومبتغ. أو يبتغي دنيا ، ومنه قوله :

هل أنت باعث دينار لحاجتنا

أو عبد ربّ أخا عون بن مخراق

نصب عبد عطفا على محل دينار ، ولو جر «عبد رب» لجاز ، بل هو الأرجح فإن كان الوصف غير عامل تعيّن إضمار فعل للمنصوب نحو قوله تعالى :

(جاعِلِ)(٧) الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) (٨)

٩ ـ تقديم معمول اسم الفاعل عليه : يجوز تقديم معمول اسم الفاعل عليه ، نحو «الكتاب أنا قارئ» إلا إذا كان اسم الفاعل مقترنا ب «أل» أو مجرورا بإضافة ، أو بحرف جر غير زائد نحو «قدم المؤلف الكتاب» و «هذا

__________________

(١) الآية «٣٨» من الزمر (٣٩).

(٢) الآية «٧» من القمر (٥٤).

(٣) الآية «٣» من الطلاق (٦٥).

(١) الآية «٣٨» من الزمر (٣٩).

(٤) الآية «٣٠» من البقرة (٢).

(٥) لم يعمل اسم الفاعل «معطي» لأنه للزمن الماضي.

و «كتابا» منصوب ب «أعطى» مقدرة

(٦) إنما لم يعمل «جاعل» في الآية وهو اسم فاعل لأنه بمعنى الماضي و «رسلا» مفعول لجعل مقدرة.

(٧) الآية «١» من فاطر (٣٥).

١٩

كتاب معلم الأدب» و «وذهب أخي بمؤدّب ابني»

فإن كان الحرف زائدا جاز التقديم نحو «ليس محمد خليلا بمكرم»

اسم الفعل ـ

١ ـ تعريفه :

هو : ما ناب عن الفعل في العمل ولم يتأثر بالعوامل ك «شتّان» و «صه» و «أوّه» وهو نوعان : مرتجل ومنقول

٢ ـ اسم الفعل المرتجل :

هو : ما وضع من أول الأمر كذلك ك «هيهات» بمعنى بعد ، و «أوّه» بمعنى أتوجّع و «أفّ» بمعنى أتضجّر و «وي» بمعنى أعجب قال تعالى (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ)(١) أي أعجب لعدم فلاح الكافرين ومثلها واها» و «وا» قال أبو النجم :

واها لسلمى ثمّ واها واها

هي المنى لو أنّنا نلناها

وقال الراجز :

وا بأبي أنت وفوك الأشنب

كأنّما ذرّ عليه الزّرنب (٢)

و «صه» بمعنى اسكت ، و «مه» بمعنى انكفف ، و «هلمّ» بمعنى أقبل و «هيت» و «هيّا» بمعنى اسرع و «إيه» بمعنى امض في حديثك (وانظرها جميعا في حروفها) وورود اسم الفعل بمعنى الأمر كثير ، وبمعنى الماضي والمضارع قليل ،

ولا تتصل باسم الفعل المرتجل علامة للمضمر المرتفع بها فهي للمفرد المذكر وغيره بصيغة واحدة ،

وفائدة وضع أسماء الأفعال قصد المبالغة فكأنّ قائل هيهات» أو «أفّ» أو «صه» يقول : بعد كثيرا ، وأتضجّر كثيرا ، واسكت اسكت.

٣ ـ اسم الفعل المنقول :

هو ما نقل عن غيره ، وهو :

(أ) إما منقول عن : «ظرف» نحو «وراءك» بمعنى تأخّر ، و» أمامك» بمعنى تقدّم ، و «دونك» بمعنى خذ ، و «مكانك» بمعنى اثبت.

(ب) أو منقول عن «جارّ ومجرور» نحو «عليك» بمعنى الزم ، ومنه (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ)(٣) و «إليك» بمعنى تنحّ ، ولا يقاس على هذه الظروف غيرها ،

__________________

(١) الآية «٨٢» من القصص (٢٨).

(٢) الزّرنب ، ك «جعفر» : نبات طيب الرائحة.

الشنب : ماء ورقة يجري على الثغر.

(٣) الآية «١٠٨» من المائدة (٥).

٢٠