كنوز الذّهب في تاريخ حلب - ج ١

سبط ابن العجمي الحلبي

كنوز الذّهب في تاريخ حلب - ج ١

المؤلف:

سبط ابن العجمي الحلبي


المحقق: الدكتور شوقي شعث و المهندس فالح البكّور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٥
الجزء ١ الجزء ٢

حاكم حلب. فذكر له ما اتفق مع المغربي. فأخذ الحاكم منه الذهب وعمر به الحائط المذكور.

/ فصل (١) / :

ذكر ما يضرب فيها (٢) من النوبات :

أما النوبة التي تضرب عند ثلث الليل الأخير فهذا شيء أحدثته ضيفة خاتون أم العزيز لأجل قيام الليل. فإنها كانت تقوم ذلك الوقت للصلاة. وما كان أحد يستطيع ايقاظها.

وأما التي تضرب بعد العشا فللإعلام بانقضاء صلاة العشاء. ودق الطبل مرة بعد ذلك إلى ثلث الليل ثم يضرب مرتين ، ثم ثلاثة فأصل ذلك أنه كان بالقلعة جرس كالتنور العظيم معلق على برج من أبراجها التي من غريبها كانت الحراس تحركه ثلاث دفعات في الليل : دفعة في أوله لانقطاع الرجل عن السعي. وأخرى في وسطه للبديل. وأخرى في آخره للاعلام بالفجر.

وعلق هذا الجرس في سنة ست وتسعين وأربعمائة. والسبب في تعليقه ما حكاه منتخب الدين يحيى بن أبي طي النجار الحلبي في تاريخه : أن الفرنج لما ملكوا أنطاكية في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة طمعوا في بلاد حلب فخرجوا إليها وعاثوا في بلادها وملكوا معرة النعمان. وقتلوا من فيها. فخافهم الملك رضوان بن تاج الدولة تتش لعجزه عن دفعهم فاضطر إلى مصالحتهم فاقترحوا عليه أشياء من جملتها أن يحمل إليهم في كل سنة قطيعة من مال وخيل وأن يعلق بقلعة حلب هذا الجرس ويضع صليبا على

__________________

(١) إضافة عن (م*).

(٢) ف : فيه

٥٤١

منارة المسجد الجامع فأجابهم إلى ذلك فأنكر عليه القاضي أبو الحسن بن الخشاب وكان بيده زمام البلد وضع الصليب على منارة الجامع ، وقبّح ذلك. فراجع الفرنج في أمر الصليب إلى أن أذنوا له في وضعه على الكنيسة العظمى التي بنتها هيلانة. فلم يزل بها إلى أن حاصرت الفرنج حلب سنة ثمان عشرة وخمسمائة ونبشوا ما حولها من القبور فأخذ القاضي ابن الخشاب الكنائس كما تقدم ورمى الصليب.

وأما الجرس فإنه لم يزل معلقا إلى أن ورد حلب الشيخ الصالح أبو عبد الله بن حسان المعري فسمع حركة الجرس وهو مجتاز تحت القلعة فالتفت إلى من كان معه وقال ، ما هذا الذي قد سمعت من المنكر في بلدكم (!) هذا شعار الفرنج. فقيل له : هذه عادة البلد من قديم الزمان. فازداد إنكاره وجعل اصبعيه في أذنيه. وقعد في الأرض ، وقال : الله أكبر الله أكبر. وإذا بوجبة عظيمة قد وقعت في البلد فانجلت عن وقوع الجرس. إلى الخندق. وكسره وذلك في سنة سبع وثمانين (١٠٦ ظ) ف وخمسمائة.

فجدد بعد ذلك ، وعلق مرة ثانية فانقطع لوقته ، وانكسر ، وبطل من ذلك اليوم.

[محمد بن حسان الزاهد المغربي]

قال كمال الدين في ترجمة هذا الرجل : محمد بن حسان بن محمد أبو عبد (٩٦ و) م الله وأبو بكر بن المغربي ، الزاهد. رجل فاضل ، مقرئ ، محدث. ولي من أولياء الله تعالى قدم حلب ، ونزل بدار الضيافة ، بالقرب من تحت القلعة ، وكان من الموسرين المتمولين ببلاد المغرب ، فترك ذلك؟؟؟ بيعه ، وخرج على قدم التجريد ، وحج إلى بيت الله الحرام ، ثم قدم حلب ، ورحل منها إلى جبل لبنان ، وساح فيه ، وقيل إنه مات فيه ، ولم يذكر وقت وفاته. انتهى.

٥٤٢

ثم اتخذ هذا الضرب في القلاع عادة

وأما الضرب الذي يضرب وقت اصفرار الشمس فسببه أن الخليل عليه الصلاة والسلام كان يتخذ للفقراء طعاما يجمعهم ذاك الوقت لأكله (١).

وبقية ما يضرب فيها من الأوقات فهو من اصطلاح الملوك.

خاتمة (٢) :

أما مساجدها فقد تقدم الكلام عليها.

وأما بيعها فسيأتي.

وقد هرب من هذه القلعة الأمير هبة تدلى في الحبال. وكتب الأديب الكاتب عمر بن إسماعيل الفارقي إلى الناصر بن العزيز يعتذر عن ذلك.

عذري عن القلعة الشهباء أوضحه

لربها زاد ربي في سعادته

رأت تكرر اطلاق الهبات بها

فأطلقت هبة منها كعادته

وقد هرب (٣) من حبسها سالم بن بدران ومعه طاعة. وتدلى بجبال ...... (٤)

وقد ألقى نفسه منها نهارا في وقعة تغرى ورمش (فتيان) وسبب ذلك أن خطط نائب السلطنة أحسّ بأن طاعة من أهل القلعة واطئوا تغرى ورمش على تسليمها إليه وأخذوا منه ذهبا ، منهم من تسلم الذهب بالبلد ، ومنهم من أخرج إليه الذهب في

__________________

(١) انظر ما كتبه المؤلف عن ذلك في بداية حديثه عن القلعة.

(٢) م* : سقطت عبارة المساجد والبيعة.

(٣) م* : سقطت عباره هروب سالم بن بدران. ووضع : «وسيأتي في الذيل من هرب منها».

(٤) بياض في الأصل.

٥٤٣

علب اللبن وممن كان منهم الدبسي (١) ، وعثمان القلاب بالساتورة وغيرهما. فلما أحس بذلك طلبهم من أبراج القلعة متفرقين وقتلهم ، أحس فتيان المذكور بذلك فألقى نفسه من أعلى القلعة ، وخرج من النقب الذي نقبه تغري ورمش. وجاء إلى تغري ورمش وأعلمه بما اتفق. فخلع عليه. وأشهره في البلد وأما عثمان فإنهم ألقوه في المنجنيق. انتهى.

وسورها مساحته ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون ذراعا.

وعدد أبراجها تسعة وأربعون برجا.

وأبدانها ثمان وأربعون بدنة ؛ هذا ما كانت عليه قديما (١) وللسري الرفاء قصيدة يمدح سيف الدولة بها :

وشاهقة يحمي الحمام سهولها

وتمنع أسباب المنايا وعورها (٢)

إذا سترت غر السحاب وقد سرت

جوانبها خلت السحاب ستورها

مقيم تمر الطير دون مقامه

فليس ترى عيناه إلا ظهورها (٣)

وقال الخالديين من قصيدة يمدحا سيف الدولة ويهنئانه بفتح حلب ويصفا القلعة :

وقلعة عانق العيوق مسافلها

وجاز منطقة الجوزاء عاليها

لا تعرف القطر إذ كان الغمام لها

أرضا توطأ قطريه مواشيها (٤)

__________________

أ ـ ف : حاشية في الأصل وفي (م*): «الذي توفى بالجلح. وكان استاذا في رمي القصير وكان يرمي بغير إصابة قصدا ، ولما جاء تغرى ورمش ليشرف على مكحلته رماه فلم يصبه قصدا».

(١) إضافة عن (م*).

(٢) في الأصل : وعودها. وما أثبت من (ديوان السرى الرفاء : ١٠٨).

(٣) في الأصل : مقيما.

(٤) في الأصل : «عطا». والصواب عن (ديوان الخالديين : ١٦٥).

٥٤٤

إذا الغمامة راحت خاض مساكنها

حياضها قبل أن تهمي عزاليها

على ذرى شامخ وعرق امتلأت

كبرا به وهو مملوء بها تيها

له عقاب عقاب الجو حائمة

من دونها فهي تخفى في خوافيها

ردت مكايد أملاك مكايدها

وقصرت بدواهيهم دواهيها

أوطأت همتك العلياء هامتها

لما جعلت العوالي من مراقيها

وقال الفقيه الوزير أبو الحسن على بن ظافر المعروف بابن أبي المنصور يصف قلعة حلب من قصيدة مدح بها الظاهر غازي :

وفسيحة الأرجاء سامية الذرى

قلبت حسيرا عن علاها الناظرا

كادت لفرط سموها وعلوها

تستوقف الفلك المحيط الدائر

وردت قواطنها المجرة منهلا

ورعت سوابقها النجوم أزاهر

شماء تسخر بالزمان وطالما

بشواهق البنيان كان الساخرا

ويظل صرف الدهر منها خائفا

وجلا فما شيء لديها حاضرا (١)

ويشوق حسن روائها مع أنها

أفنت بصحتها الزمان الغابرا (٢)

فلأجلها قلب الزمان قد انثنى

قلقا وطرف الجو أمسى ساهرا (٣)

غلابة غلب الملوك فطالما

قهرت من اغتصب المماليك قاهرا

غنيت بجود مليكها وعلت به

حتى قد امتطت الغمام الماطرا

فترى وتسمع للغمام ببرقه

والرعد لمعا تحتها وزماجرا

__________________

(١) لدى ابن شداد : يمسي. (الأعلاق : ١ / ١ / ٤٠٤)

(٢) لدى ابن شداد : النادرا.

(٣) في الأصل : «قلنا».

٥٤٥

ذكر (١)

دار العدل

سبب بنائها أولا أن نور الدين لما طال مقامه بدمشق وأقام بها أمراؤه وفيهم أسد الدين شيركوه أكبر أمرائه. وكان الأمراء قد اقتنوا الأملاك وتعدى كل منهم على مجاوره (٢) في قرية أو غيرها فكثرت الشكاوى إلى القاضي كمال الدين فأنصف بعضهم من بعض ولم يقد ـ على الإنصاف من شيركوه فأنهى الحال إلى نور الدين فأمر ببناء دار العدل. فلما سمع شيركوه ذلك أحضر نوابه وقال : اعلموا أن نور الدين ما بنى هذه الدار الا بسببي وحدي إلا فمن هو الذي يمتنع على القاضي كمال الدين والله لئن أحضرت إلى دار العدل بسبب واحد منكم لأصلبنه. فامضوا إلى من كان بينكم وبينه منازعة فأعطوه ، وأرضوه بأي شيء ممكن ، ولو أتى ذلك على بيع ما بيدي. فقالوا إن الناس إذا علموا ذلك ألحوا في الطلب. فقال لهم : خروج أملاكي عن يدي أسهل عليّ من أن يظن نور الدين أني ظالم أو يساوى بيني وبين آحاد العالم في الحكومة. فخرجوا من عنده وفعلوا ما أمرهم به ، وأرضوا خصماهم ، وأشهدوا عليهم. فلما فرغت دار العدل جلس نور الدين فيها لفصل الخصومات والمحاكمات وكان يجلس في الأسبوع يومين وعنده القاضي والفقهاء وبقى ذلك مدة فلم يحضر إليه أحد يشتكي من أسد الدين. فقال : نور الدين للقاضي ما جاءنا أحد يشتكي من أسد الدين فعرفه القاضي الحال فسجد نور الدين شكرا لله تعالى. وقال (١٠٧ ظ) ف الحمد لله الذي أصحابنا ينصفون من أنفسهم قبل حضورهم عندنا. وكان إنما يعينه على ذلك صدقه. وحسن نيته. انتهى.

__________________

(١) م* : (الكلام على دار العدل).

(٢) في الأصل : «لحاوره»

٥٤٦

ثم سلك هذه السنة السلطان الملك (١) الظاهر غازي فبنى سورا على حلب وفتح له بابا من جهة القبلة اتجاه باب العراق. وبابا من جهة الشرق والشمال على حافة الخندق ، كما سيأتي في سورها. وكان إذا ركب يخرج منهما ،

ومن دار العدل بحلب لجلوسه العام فيهما بين السورين : السور العتيق الذي فيه الباب الصغير وفيه الفصيل الذي بناه نور الدين. وبين السور الذي جدده.

ومكتوب على بابها : أنشأ هذه الدار اقبال الظاهري العزيزي الناصري بتولي مملوكه ايدغدي صنعة المطوع. انتهى.

ولم تزل (٢) الملوك تجدد في هذه الدار سيما بعد فتنة تمر. فاينال الصصلاني وسع المقعد المعروف بالشباك.

ويشبك جدد البحرة.

وتغرى ورمش عمّر السقف الذي قدام الشباك ، ورخم الأرض تحته وجدد المكان الذي يجلس فيه المباشرون.

وقرقماش بنى قبة بأربعة أواوين فوق سطحها.

وقانباي البهلوان بنى قبة على الزدخانة. وفرع من ذلك في سنة خمسين وثمانمائة.

وجلبان جدد المطبخ (٣).

__________________

(١) سقطت من (م*).

(٢) م* : سبقه كتاب ابن الجلي. انظر ما سيلي

(٣) م* : وعمر جلبان المطبخ.

٥٤٧

(١) وتقدم في الجوامع مسجد السيدة. وجامع الناصري. ومن بناه. وكل نائب ينعزل من حلب تتركها أعوانه كالخربة فيأتي من بعده يصلحها (٢). (٩٧ و) م وبهذه الدار حمام لأجل حريم الملوك. وقاعة الحريم سقط منها مكان على جوارى جانم أخي الأشرف ـ كافل حلب ـ فمات منهم من مات فجدده المذكور.

ومن الغرائب أن البلدي كافل حلب وقع من اصطبله بها حجر على فرس له فمات الفرس فكتب السلطان إليه يخفض عنه في ذلك فشق عليه ذلك فقيل له : لأي شيء شق عليك. فقال فرس في اصطبلي تموت فما يخفى عليّ السلطان فكيف أحطامي. وهذه الدار قديما كانت تعرف بابن مجلى وهو الأمير نور الدين علي بن عمر بن مجلى ، نائب حلب عن السعيد بن الظاهر لأنه جددها بعد أن خربت. ورأيت قطعة من توقيعه انشاء تاج الدين أحمد ابن سعيد بن الأثير الحلبي :

«ولما كان الأمير نور الدين ممن أثرته الدول ، واستخلصته لأنفسها الملوك الأول ، وأشير إليه في الحل والعقد ، وثبت خلاص اخلاصه على النقد وامتاز بنفسه وسلفه ، وانحاز إلى فئة من عفافه وصلفه ، وأرسل الجياد إلى الجهاد مطلقة الأعنة ، وأبات المناوئين من كيدهم على وخز الأسنة. تعين علينا أن نفرده بكفالة المملكة الحلبية ونيابتها ، ونعول على هممه المتمكنة في أصالتها واصابتها فليصرف الأحوال (١٠٨ و) ف على أهل المصارف ويساو في الحق بين الباد والعاكف. ويتخذ العدل جنة وللرفق

__________________

أ ـ م* : أضيف : «وجدد جانبك المؤيدي بها أماكن.

ثم المقر الصيفي قانصوه نصره الله جدد فيها مقعدا عظيما ملاصقا لجنينة يشبك. وكان الناس يمرون من الشباك إلى الجنينة على باب الحريم فقطع ذلك آنفا وغيره. وجعل الجنينة ولما بناه مدخلا من عند الشباك وعزل طريقا كان خربا (سال) ، وبناه أحسن بناء فجاء حسنا. وجعل مقعدا للمباشرين يحلون به عند باب المقعد المذكور وذلك في سنة ست وسبعين.».

ب ـ م : حاشية في الأصل : «كل من جدد بعد سنة ثلاث وأربعين ......».

٥٤٨

سنة. ويأمر من عنده من الجند باكمال العدد والعدد. والتأهب إلى ما يدعون إليه من الخدمة التي لا تنتهي إلى آمد ، ويحفظ من في وديعته من الرعايا ، ويعمر البلاد التي هي أول الوصايا ، ويعلم أنه موقوف ومسئول. ومجازي حقيقه لا مجازا بما يفعل ويقول (١).

......... (١)

__________________

أ ـ م : حاشية في الأصل : «طالع فيه العبد الفقير الى الله سفيان (كذا) من الحاج يحيى بن الحلواني العلواني في سنة تسعا وخمسين وألف».

(١) بياض في الأصل.

٥٤٩

ذكر

السور

كان سور حلب مبنيا بالحجارة من بناء الروم. ولما وصل كسرى أنوشروان إلى حلب وحاصرها تشعثت أسوارها وكان ملك حلب إذ ذاك توسطينيانوس ملك الروم. ولما استولى عليها أنوشروان (١) وملكها رمّ ما كان هدم من أسوارها وبناءها بالآجر الفارسي وشاهدنا منه في الأسوار التي ما بين باب الجنان وباب انطاكية. قال (٢) الصاحب : أظن أن كسرى فتحها من هذه الجهة فإنها كانت أضعف (١٠٨ ظ) ف مكان في البلد فلهذا كانت المرمة فيه دون غيره.

وفي أسوارها أبرجة عديدة جددها ملوك الإسلام بعد الفتوح مثل بني أمية. وبني صالح لما كانوا ولاة عليها من قبل بني العباس وعلى الخصوص صالح بن علي وعبد الملك ولده.

ولما خربت بمحاصرة نقفور ملك الروم لها في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ، وخرج منها سيف الدولة هاربا واستولى عليها نقفور. وقتل جميع من كان فيها. ثم رجع إليها سيف الدولة جدد سورها سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة واسمه مكتوب على بعض الأبرجة. ولحقت منها برجا كان إلى جانب باب قنسرين من جهة الغرب (٣).

وكذلك جدد فيها سعد الدولة بن حمدان ولد سيف الدولة أبرجة واتفق سورها في سنة سبع وستين وثلاثمائة.

وبنى بنو مرداس لما ملكوها فإن معز الدولة أبا علوان ثمال بن صالح بن مرداس بنى فيها أبرجة بعد سني عشرين وأربعمائة.

__________________

(١) م* : كسرى.

(٢) حتى نهاية قول الصاحب استدرك على الهامش في (م)

(٣) م* : عزا القول إلى الصاحب.

٥٥٠

وبقيت إلى أن خربت بأيدي التتر. وكذلك غيرهم من الملوك الذين أسماؤهم مكتوبة عليها مثل :

قسيم الدولة آقسنقر

وولده عماد الدين زنكي الأتابك.

وبنى نور الدين فصيلا على مواضع من باب الصغير إلى باب العراق. ومن قلعة الشريف إلى باب قنسرين إلى باب انطاكية ، ومن باب الجنان إلى باب النصر إلى باب أربعين جعل ذلك السور ثانيا قصيرا بين يدي السور الكبير. وعمر أسوار باب العراق. وكان ابتداء العمارة في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. انتهى كلام الصاحب.

وقد دخل المختار بن الحسن بن بطلان (١) حلب في سنة أربعين وأربعمائة قال : ولها سور فيه سبعة أبواب.

ولما ملك الظاهر غازي حلب أمر بإنشاء سور من باب الجنان إلى برج الثعابين. وفتح الباب المستجد. وأمر بحفر الخنادق وذلك في سنة اثنين وتسعين وخمسمائة.

وفي هذه السنة أمر برفع الفصيل (٢) الذي بناه نور الدين. وجدد السور والأبرجة ، [و] عين لكل أمير من أمرائه برجا يتولى عمارته إلى أن انتهت وكتب كل أمير اسمه على برجه ، وبنى أبرجة من باب الجنان إلى باب النصر ، وبنى سورا من شرقي البلد على دار العدل ، وفتح له بابا من جهة (٣) القبلة. وبابا من جهة الشرق والشمال على حافة الخندق يسمى الباب الصغير. وكان يخرج منهما إذا ركب ، وبنى دار العدل ؛ كما تقدم ـ بين السورين الجديد الذي جدده إلى جانب الميدان

__________________

(١) سبق التعريف به. انظره.

(٢) سبق التعريف به. انظر : (معجم الألفاظ التاريخية : ١١٨).

(٣) انتهى ماورد في القسم المكرر (م*) في الصفحة ١٦١ (٥٠).

٥٥١

والسور العتيق الذي فيه الباب الصغير. وفيه الفصيل الذي بناه نور الدين. وكان الشروع في بنائها في سنة خمس وثمانين وخمسمائة (٩٨ و) م.

[خندق الروم] :

واهتم الملك الظاهر (١) أيضا بتحرير خندق الروم. وسمي بخندق الروم (١٠٩ و) ف لأن الروم حفروه لما نازلوا حلب أيام سيف الدولة. وهو من قلعة الشريف إلى الباب الذي يخرج منه إلى المقام ويعرف بباب نفيس. ثم يستمر خندق الروم من ذلك الباب المذكور شرقا إلى باب النيرب. ثم يأخذ شمالا إلى أن يصل إلى باب القناة خارج باب الأربعين. ثم يأخذ غربا من شمالي الجبل إلى أن يتصل بخندق المدينة.

وأمر الظاهر برفع التراب وإلقائه على شفير الخندق مما يلي المدينة فارتفع ذلك المكان.

وعلا. وسفح إلى الخندق.

وبنى عليه سور من اللبن في أيام العزيز.

وبنى الأتابك شهاب الدين طغربك برجا عظيما فيما بين باب النصر وبرج الثعابين مقابل أوتونات الكلس ، ومقابر اليهود من شمالي حلب. وذلك بعد العشرين وستمائة.

وأمر الأتابك طغربك (٢) المذكور الحجارين بقطع الأحجار من الحوارة من خندق الروم ، وقصدا في توسعته. فعمق. واتسع. وازداد البلد به حصانة.

وتقدم الكلام على قلعة الشريف.

ورأيت في تاريخ الإسلام : في سنة عشر وستمائة حفر خندق حلب فظهر قطع ذهب وفضة ، وكان الذهب نحو عشرة أرطال صورى والفضة بضعة وستين رطلا. وكان على هيئة اللبن. انتهى.

__________________

(١) سبق التعريف به. انظره.

(٢) سبق التعريف به. انظره.

٥٥٢

وكذلك في تاريخ ابن كثير ؛ لكنه قال : ظهر بلاطة وهم يحفرون فوجد تحتها من الذهب خمسة وسبعون رطلا ومن الفضة خمسة وعشرون رطل فضة بالرطل الحلبي.

وكذلك في تاريخ الكتبي ؛ لكنه قال : فوجد تحتها سبع عشرة قطعة من الذهب والفضة على هيئة اللبن. فاعتبرت. فكان منها ذهبا مصريا ثلاثة وستون رطلا بالحلبي. وعشرة أرطال. ونصف صوري. وأربعة وعشرون رطلا فضة. ثم وجدوا حلقة من ذهب وزنها رطلان ونصف فكمل الجميع قنطارا. انتهى.

وجدد الملك الناصر يوسف بسور حلب أبرجة كل واحد منها أيضا قلعة وذلك في سنة اثنين وأربعين وستمائة.

وسبب بنائه لها أن التتر لما نزلوا حلب ثم رحلوا عنها من غير حصول غرض أخذ في الاستعداد وتحصين البلد بالأبرجة من باب أربعين إلى باب قنسرين ، وذلك من شمال حلب إلى قبليها عدتها نيف وعشرون برجا. ارتفاع كل برج فوق الأربعين ذراعا وسعته ما بين الأربعين إلى الخمسين وكل برج له رواقات تستر المقاتل من حجارة المجانيق والنشاب. وكان السور يشتمل على مائة وثمانية وعشرين برجا وبدنة ، ومساحته خارجا عن دور القلعة ستة آلاف وستمائة وخمسة وعشرون ذراعا.

وسور القلعة تقدم.

هذا ما كانت عليه أسوار البلد قديما. ولما هجم هولاكو (١) أخربه كما سيأتي في التتار ، ودام كذلك إلى أن جاء كمشبغا وأخرب بانقوسا وذلك في سنة اثنين وتسعين وجعلها دكا ، وذلك لخروجهم على السلطان برقوق وقيامهم مع منكاش (٢) (١٠٩ ظ) و. وأمسك جماعة من أهل الهزازة وقتلهم. وقطع أصابع جماعة من الرماة منهم. وقتل ابن أبي الرضا بسبب هذه القضية فعند ذلك سأله أهل حلب أن يعمر سور حلب. وكان منذ خربه

__________________

(١) ف : ترك مكانها بياضا ثم استدركت بخط مغاير. وكذلك (م*).

(٢) في الأصل : منطاس.

٥٥٣

هولاكو (١) لم يبق له إلا الأساسات فجمع أهل حلب من بينهم ألف ألف درهم وعمر السور عمارة هائلة. وجعل له بابين. وفرغ من عمارته في دون ثلاثة أشهر وعمل أكثر أهل حلب فيه تبرعا بأنفسهم.

ودام كذلك حتى هجم تمرلنك حلب خرب أسوارها أيضا.

فجاء المؤيد ـ رحمه الله ـ إلى حلب واستشار عقلاء الناس على إعادة السور على ما كان عليه قديما إلى باب العراق. فأشار شيخنا المؤرخ بعدم ذلك فإن فيه تخريب المساجد وغيرها. فغضب المؤيد منه ومال جماعة إلى رأي (٩٨ ظ) م السلطان. واستصوبوه. ثم في اليوم الثاني اجتمع شيخنا بالسلطان فقال له السلطان : الرأى ما أشرت به. فأمر بعمارة الأسوار ، وجدد أبراجا عديدة من باب الجنان إلى باب قنسرين كل برج منها كالقلعة.

ثم إن الأشرف برسباي تمم ما كان قد بقى من عمارته. وهو الآن مستقر على بنائها(٢).

__________________

(١) في الأصل : هلاكو.

أ ـ م : حاشية بخط مغاير : «وقد جدد بعد سنة ثلاث وأربعين ذكر ذلك في الذيل».

٥٥٤

[أبواب حلب]

ذكر أبواب حلب قديما : ونذكر بعد ذلك أبوابها الآن.

فأولها مما يلي القبلة :

«باب قنسرين» :

وسمي بذلك لأنه يخرج منه إلى جهة قنسرين ، ويمكن أن يكون بناء سيف الدولة ، لأنه إلى جانبه برج كان عليه اسمه.

ثم جدده الملك الناصر يوسف في سنة أربع وخمسين وستمائة ونقل إلى بنائه الحجارة من قرية الناعورة (١) من برج كان بها من أبرجة القصر الذي بناه سليمان بن عبد الملك فيها ؛ وقد تقدم ، ونقل إليه باب الرافقة. وهذا الباب كان أولا على سور عمورية فلما فتحها المعتصم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين نقله إلى سر من رأى لما شرع في بنائها سنة احدى وعشرين. ثم نقل من سر من رأى لما خربت إلى الرافقة ، وبنى على هذا الباب أبرجة محصنة كالقلاع المرجلة ، وعمل فيها طواحين وأفران ، وجباب للزيت وصهاريج للماء وحمل إليها السلاح.

ومن عجائب الاتفاقات ما حكاه القاضيان الأجلان كمال الدين بن العديم ......(٢) قالا : قصدنا في بعض الأيام زيارة الشيخ الصالح العابد الزاهد العالم (١١٠ و) ف العامل شرف الدين أبا عبد الله محمد بن موسى الحوراني بظاهر حلب فاتفق عند اجتماعنا به وصول الباب ليركب على باب قنسرين فاجرينا ذكره فقال لنا : يوم فروغ هذا الباب ينزل على المدينة من يأخذها ، ويخرب هذا الباب وسائر البلد.».

فجرى الأمر على ما ذكر. ولما استولت التتر على حلب كان أول ما خرب منها.

__________________

(١) سبق التعريف بها.

(٢) بياض في الأصل.

٥٥٥

ثم لما أخرجت التتر عنها وملكها الملك الظاهر أبو الفتح بيبرس نقض حديده المصفح به ومساميره وحمل إلى دمشق ومصر. انتهى.

وهذا الباب دركاته عظيمة بها عدة أبواب كالقلعة.

ثم يتلو هذا الباب من جهة الشرق :

«باب العراق» :

وسمي بذلك لأنه يخرج منه إلى ناحية العراق ، وهو باب قديم. وكان مكتوب على بعض أبرجته : أبو علوان ثمال بن صالح بن مرداس. وكان ثمال بحلب بعد العشرين وأربعمائة.

وبين يدي الباب ميدان أنشأه الملك العادل نور الدين محمود في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. وله بابان (١).

كذا كان قديما وقد أزيل هذا السور وحول إلى قبلي البلد. ولم يبق لهذا الباب أثر.

وأما الخندق الذي كان فيه هذا الباب فإنه صار داخل هذا السور انتهى.

ويتلو هذا الباب شرقا :

«باب دار العدل» :

كان لا يركب منه إلا الملك الظاهر غازي ، وتقدم الكلام على هذا الباب.

ويلي هذا الباب شرقا :

«باب الصغير» :

وهو الباب الذي يخرج منه من تحت القلعة من جانب خندقها ، وخانقاه القصر إلى دار العدل ، وكان يسمى باب الفرج (٩٩ و) م.

ومن خارجه البابان اللذان جددهما الظاهر غازي في السور الذي جدده على دار العدل. أحدهما يدعى :

__________________

(١) ابن شداد : الأعلاق الخطيرة ١ / ١ / ٧١

٥٥٦

ـ الباب الصغير أيضا ، يفتح على شفير الخندق ، ويخرج منه إلى الميدان الآتي ذكره.

ـ والآخر : مغلق.

هكذا كان قديما. فإن السور كان يأخذ من البرج الذي على جانب قلعة الشريف إلى خندق القلعة ، ويأخذ من الخندق من جهة الشمال إلى العونية. وقد جدد الظاهر غازي السور الثاني الذي يأخذ من تم الخندق المذكور من القبلة ، ويأخذ شرقا وشمالا إلى العونية.

ثم أزيل هذا السور الوسطاني وسدت الفرجتان من القبلة والشمال. وصار البلد على ما تراه انتهى.

ويلي الباب الصغير الأول :

«باب الأربعين» :

وكان قد سد ، ثم فتح ، وله بابان ، واختلف في تسميته بهذا الاسم فقيل أنه خرج منة مرة أربعون ألفا فلم يعودوا هكذا قال ابن شداد (١) (١١٠ ظ) ف.

وفي كلام الصاحب عاد منهم واحد فرأته امرأة في طاق من علو وقالت له : يا دبير جئت. فقال : دبير من لم يج. فسمي بذلك.

وقيل إنما سمي بذلك لأنه كان بالمسجد الذي داخله أربعون من العباد يتعبدون فيه.

وكان الباب مسدود. وقيل : أربعون محدثا.

وقيل : كان به أربعين شريفا ، وإلى جانب أعلى مسجد الأشراف مقبرة.

وهذه الثلاثة ـ أعني باب العراق وباب الصغير وباب الأربعين ـ كان الظاهر غازي قد سفح بين يديها تلا من التراب الذي أخرجه من خندق الروم. سماه (التواتير) محيط بها من شرقي قلعة الشريف إلى باب القناة. وفتح فيه ثلاثة أبواب ولم يتمها فأتمها ولده العزيز ، وسمى القبلي منها.

__________________

(١) (الأعلاق الخطيرة : ١ / ١ / ٧٢)

٥٥٧

«باب المقام» :

ويعرف قديما بباب نفيس رجل كان به اسفاسلارا (١).

ويلي هذا الباب شرقا :

«باب النيرب» :

وسمي باب النيرب لأنه يخرج منه إلى قرية تسمى بهذا الاسم.

وكان يلي هذا الباب :

«باب القناة» :

وهو باب بانقوسا وسمي بهذا الاسم لأن القناة التي ساقها الملك الظاهر غازي من حيلان إلى المدينة تعبر منه (٢). انتهى.

خندق الروم : وقد كان على الخندق المذكور من الأبواب :

باب يسمى بباب الرابية التي يباع فيها التين والغلة ، خارج باب قنسرين وكان السور اللبن المجدد على خندق الروم من حد هذا الباب.

وقد صار على هذا الخندق أبواب مجددة بابان من جامع الطنبغا صغيران لا يدخل منهما إلا المار لا الدواب.

وباب بخندق بالوج :

رجعنا إلى ما يلي باب القناة. ويليه (٣) :

«باب النصر» :

وكان يعرف قديما بباب اليهود. لأن اليهود تجاوره بدورهم ومنه يخرجون إلى مقابرهم

__________________

(١) اسفاسلار : أو الاسفهسلار وهي وظيفة من وظائف أرباب السيوف وإلى صاحبها يرجع أمر الجند وهي نقطه المحمية يقابلها بالعربية «قائد الجيوش». (معجم الألفاظ التاريخية).

(٢) (الأعلاق الخطيرة : ١ / ١ / ٦٣).

(٣) (الأعلاق الخطيرة : ١ / ١ / ٧٤).

٥٥٨

واستقبح الملك الظاهر غازي وقوع هذا الاسم عليه فسماه باب النصر. وجعل عليه أربعة أبواب لكل بابين دركات يسلك من إحداهما إلى الأخرى حنية معقودة وبنى عليه أبراجا محكمة ، ويخرج منه على جسر معقود على الخندق. وبناء فنادق تباع فيها الغلات كان في مكانها تلال من التراب والرماد. وكان قبل بناء الظاهر لهذا الباب بابان يخرج منهما إلى باشورة يخرج منهما إلى ظاهر البلد.

ويلي هذا الباب :

«باب الفراديس» :

هو من غربي البلد. ويسمى الآن باب الفرج (١١١ و) ف.

وفي كلام الصاحب أنه إلى جانب برج الثعابين ، وأن الظاهر مات ولم يفتحه ، فتطيروا به. ولم يزل على ذلك إلى أن فتحه الناصر ابن ابنه. ورتب له أجناد.

ويلي هذا الباب :

«باب الجنان» :

وسمي بذلك لكونه يخرج منه إلى البساتين ، وله بابان.

ويلي هذا الباب :

«باب أنطاكية» :

وهو باب حلب الأعظم ، وسمي بذلك لكونه يخرج منه إلى جهة أنطاكية وهذا الباب كان قد خربه نقفور لما استولى على حلب في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. ثم لما عاد إليها سيف الدولة بناه. ولم يزل على ما أنشأه إلى أن هذه الملك الناصر يوسف ، وبناه فكان ابتداء عمارته في سنة ثلاث وأربعين وستمائة. وتم في سنة خمس وأربعين وبنى عليه برجين عظيمين. وعمل له دركاة. وحنايا بعضها على بعض. وله بابان.

ويلي هذا الباب :

«باب السعادة» :

ويخرج منه إلى ميدان الحصى. أنشأه الملك الناصر في سنة خمس وأربعين

٥٥٩

وبنى عليه أبرجة ، وله دركاة ، وبابان ، وهو الآن مسدود ، وما فتح إلا وتشاءم به أهل البلد. وهو إلى جانب برج كان يعرف ببرج الغنم. ويعرف الآن (ببرج المزنر) ومن هذا الباب إلى باب قنسرين المذكور.

وكان بحلب من الأبواب قديما باب يسمى :

باب الفرج :

وهو إلى جانب حمام القصر المشهور الذي يلي القلعة. أخربه الظاهر غازي ودرست معالمه.

وباب على الجسر الذي على نهر قويق :

خارج باب أنطاكية كان من بناء سيما الطويل. وسماه (باب السلامة) ودثرت معالمه ، وكانت الروم خربته أيام سيف الدولة.

خاتمة : من غرائب الاتفاقيات ما حكاه أبو عبد الله بن الاسكافي لغرس النعمة أبي الحسن في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة أن في خلافة المستنصر بالله صاحب مصر احترق برج من أبراج حلب فذكر ذلك للمستنصر خادم كان بحلب. فقال له : إن كنت صادقا يخطب لنا بالعراق. وعندنا في كتبنا دليل على ما قلناه. قال أبو عبد الله واتفق أن جئنا ، وأقمنا الخطبة في ذي القعدة سنة خمسين. انتهى.

واعلم أنه لما احرق تمر أسوار حلب جددت أبواب حلب في أوائل شهر رجب سنة أربع وإلى خامس رمضان دام العمل فيها بإشارة دقماق كافل حلب ؛ كذا رأيته بخط بن القرناص.

وسمعت المتقدمين يقولون أن الصفائح التي على الأبواب أخذت من (١١١ ظ) ف أبواب الناس بالبلد. ومن جملة الأبواب التي كانت مصفحة باب الخانقاه الشمسية. وباب سكنى.

٥٦٠