كنوز الذّهب في تاريخ حلب - ج ١

سبط ابن العجمي الحلبي

كنوز الذّهب في تاريخ حلب - ج ١

المؤلف:

سبط ابن العجمي الحلبي


المحقق: الدكتور شوقي شعث و المهندس فالح البكّور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٥
الجزء ١ الجزء ٢

بدت في سما الحسن تزهر كالدر

منورة تروى الحديث عن الزهري (٩٨ و) ف

ومن جملتها :

تفآلت إذ وافت من ابن سلامة

غداة رحيلي بالسلامة والنصر

وقد سمعت هذه القصيدة على شيخنا الناظم.

قلت : أنشدني العلامة محب الدين بن الشحنة قال : أنشدنا الشيخ بدر الدين المشار إليه ، قال : أنشدنا سريجا لنفسه ، وأخبرني أيضا به الشيخ بدر الدين إجازة :

أما يزيد فإني لا أكفره

لكنه فاسق بالظلم مشتهر

وجوز أحمد رأس الدين لعنته

عن ابن جوزيهم نقلا كما ذكروا (٨٩ ظ) م

وأنشدنا بالسند إلى ابن سريجا يتحمس فيها :

وما جبت البلاد لكسب علم

وعلمي منه تكتسب البلاد (١)

وها أنا راقد بديار بكر

إلى أن يبلغ الأمل الرقاد

فأما والثرى وأموت حرا

وأما والثريا والمراد

انتهى.

وتوفي للشيخ بدر الدين ولد بماردين يقال له سيف الدين فأنشد :

يعز عليّ يا ولدي وعيني

ويا من فاق بالفضل النبيه

بأن ألج الديار ولست منها

وأن أطأ التراب وأنت فيه (٢)

وللشيخ بدر الدين أخت يقال لها دنيا ولها شعر رقيق فمنه في الشقيق : (٣)

مدورة على غصن دقيق

يحاكى لونها لون العقيق

كأن جماجم السودان فيها

يحير حسنها غادي الطريق

__________________

(١) م : في الأصل : «خرب».

(٢) م* : فيها

(٣) م* : أغفلها الناسخ.

٥٠١

وكان أبو الشيخ بدر الدين من أهل العلم والأدب شرع في نظم الكنز ، ومن نظمه وقد عرضت له حمى ليليه :

وزائرتي كأن بها حياء

فليس تزور إلا في الظلام (١)

ومن مبتكراته في الهجو (٢) :

مدحت الخسيس الندل ثم هجوته

لأني حرمت البر من جانب المدح

إذا انصب ماء الياس في مقلة الرجاء

فليس لها عند الحكيم سوى القدح

وللشيخ بدر الدين مؤلفات منها : «تفسير الفاتحة» ؛ وقد كتب له عليه شيخنا العلامة شيخ الدين الباعوني نظما ونثرا. وله مؤلف في صنعة الحديث انتزعه من كلام الطيبي(٣).

ومن قصائده الطنانة ما كتب به إلى المقر الأشرف الشهابي ابن السفاح من قصيدة :

يقبل الأرض محروم بلا سبب

سوى الفضائل والعلم الذي اكتسبا

ولو درى أن كسب العلم منقصة

ماجد في حفظه يوما ولا طلبا

ولو قضى العمر في لهو وفي لعب

لكان في عالم الجهال قد نجبا

فمن لأرض بها الجهال قد رأسوا

واستوعبوا الوقف مسروقا ومنتهبا (٩٨ ظ) ف

وخولوا صبية التدليس واعجبا

وظيفة الدرس أصبحت بينهم لعبا

__________________

(١) م* : غيّر ترتيبها مع الأبيات التالية.

(٢) انظر الحاشية السابقة.

(٣) الطيبي : شرف الدين الحسين بن محمد بن عبد الله المتوفى عام ٧٤٣ ه‍. له كتاب في تراجم رجال الحديث دعاه : «أسماء الرجال» لا زال مخطوطا. قام بتحقيقه فالح البكور معتمدا على نسختين فريدتين في العالم ، وهو قيد الطباعة.

٥٠٢

يا للرجال فهل للوقت من رجل

يقوم منتصرا لله محتسبا

ويخلص القصد من سر ومن علن

ويفقد الناس من قال قد اضطربا

كم روج الطاهر المعمور من رجل

على الغبي وأخفى الباطل الخربا

لكن لدى النقد ما يخفى على فطن

لا سيما الصارم البتار إن ذربا (٩٠ و) م

اعنى شهاب الدنا والدين ناظرنا

نجل الأكارم والسادات والنجبا

ومن إذا يمم الراجون ساحته

أضحى لهم جبريل المرتجى سببا

و (١) لما سكن الشيخ بدر الدين المذكور في هذا المسجد المتقدم كان جميع ما يحتاج إليه يأخذه من بيت شيخنا المذيل. وكان في لسانه سلطة على الأكابر. وكان الظاهر عيسى صاحب ماردين يقول : «يا الله السلامة من لسان ابن سلامة». وكان يحسن إليه ويكرمه. دخل مرة إليه فإذا هو في الطريق بالوزير الحاج فياض والأمير اصغا يأكلان لبنا وعسلا فما أطعماه فقال لهما : لا هناكم الله. ودخل إلى الظاهر وحكى له ما لقيه فأسر له بجائزة سنية.

وكان يقرأ بعض البخارى بالجاولية ويجتمع الناس عنده فيحكى لهم حكايات من الرقائق والعامة تميل إلى ذلك. وكان يكتب الشيء ثم يلصق فوقه. ثم يكتب ثم يكشط ثانيا ويكتب عليه.

وأصابه الفالج في آخر عمره فتوفى بعد العصر نهار الاثنين سابع عشري صفر سنة سبع وثلاثين وثمانمائة. وكان شيخنا الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين قد قدم حلب للأخذ عن والدي فخرج في جنازته وصلى عليه ودفن (٢) بجبانة خارج باب الفرج (٣). [انتهى].

__________________

(١) م : أغفلها الناسخ. واستدركت ضمن المتن بخط مغاير في (ف).

(٢) م : أغفلت حتى نهاية الفقرة.

(٣) انظر ما كتبه المؤلف عن الموقع المذكور في موضع آخر.

٥٠٣

رجع (١) : وبالقرب من المسجد المذكور (٢) زاوية أنشأها شيخ والدي شهاب الدين أحمد بن عشائر فلما توفي غيرها ولده تاج الدين وجعلها قاعة وفي تمر خربت فباعها ولده بدر الدين وهي خراب لبعض العدول بحلب فجددها قاعة وكل أيام تهدم حيطانها (٣)(٢).

«درب الخابوري» :

على باب الجامع الشمالي ، وهو غير نافذ (٣).

[الشيخ أحمد بن عبد الله الخابوري] والخابوري هو خطيب الجامع (٣).

__________________

(١) سقطت من (م*).

أ ـ م : حاشية في الأصل : «أي المسجد الذي نزل به بدر الدين محمد بن سلامة».

ب ـ حاشية في الأصل : «قال في الذيل : لعماد الدين إسماعيل الحنبلي».

(٢) م* : وأضيف : «فهي لا تزال تنهدم في كل الأيام».

ج ـ ف : حاشية في الأصل ، وفي (م*): «قال في الذيل : منسوب إلى شمس الدين أحمد بن عبد الله ابن الزبير بن أحمد بن سليمان الخابوري الشيباني الشافعي ، خطيب الجامع توفي بحلب في سنة تسعين وستمائة عن تسعين سنة. وبه كان سكن ابن منير الاطرابلسي وخربت داره فجددها الشيخ سعيد المؤدب ، وبه آدر الخواجا علاء الدين شبانوا واسمه علي بن حسام الدين محمود بن كوكب ـ نزيل حلب جده ـ وكان انسانا حسنا ذا مال كثير ، وكان بمسكنة قبان للذهب وشرى في هذه الدور كل ذراع بألف ، وتوفي في مدة إقامة التتار بحلب ، ودفن بجامعها مع القتلى وهم بيت حشمة أصلهم (قوالسه) منهم الخواجا عز الدين وكان مسكنه عند الصاحبية بالقرب من المصبغة عند بيوت الظاهر غازي وهي قاعة عظيمة.».

(٣) لترجمته انظر الحاشية السابقة.

٥٠٤

«درب الديلم» :

وهو الآخذ من باب الجامع الشرقي إلى عقبة الياسمين. وبه المدرسة الشرفية وعند القطيعة مسجد الشيخ الشهيد بن العجمي (١) ، وإلى جانبه حوض ماء. وسيأتي الكلام عليه.

وبرأسه مسجد يعرف بابن الزراد وله وقف.

وبرأسه درب لا ينفذ وبه كان سكن صاحب الشرفية (٢).

__________________

أ ـ ف : حاشية في الأصل. وفي (م*): «وقف عليه الظاهر غازي حانوتا بسوقة حلب.».

ب ـ ف : حاشية في الأصل. وفي (م*): «وأخيه مجد الدين وجميعه وقف على بني العجمي والديلم كانوا سكانه في أيام سيف الدولة فنسب إليهم.

واعلم أن الديلم أفخاذ وعشائر ، ومنهم ملوك بنى بويه وباسل بن ضبة بن اد بن طانجة بن الياس ابن الياس بن مضر تزوج امرأة فولدت له ديلم بن باسل ، وبويه المذكور كان فقيرا. وله ثلاثة أولاد علي وهو أكبرهم والحسن أوسطهم وأحمد أصغرهم ، فرأى في منامه كأنه يبول فخرج من ذكره نار عظيمة استطالت وعلت حتى كادت تبلغ السماء ثم انفرجت فصارت ثلاث شعب وتولد من تلك الشعب عدة شعب وأضاءت الدنيا بتلك النيران ورأى البلاد والعباد خاضعين لتلك النيران فقصه على منجم فقال له : يكون لك ثلاثة أولاد ويملكون الأرض ومن عليها ويولد لهم جماعة ملوك بقدر ما رأيت من تلك الشعب. فقال له بويه : تسخر بي ، فقال له : المنجم أخبرني بوقت ميلادهم. فأخبره فحسب. ثم قبض على يد علي الذي لقب عماد الدولة فقبلها وقال : هذا يملك البلاد. ثم هذا من بعده وقبض على يد أخيه الحسن الذي لقب ركن الدولة. ثم هذا وقبض على يد أخيهما أحمد الذي لقب معز الدولة فغضب وقال لأولاده : اصفعوه. فقال لهم اذكروا لي هذا إذا قصدتكم وأنتم ملوك. فأعطاه بويه عشرة دراهم وانصرفوا فكان الأمر كما ذكر وصاروا إلى ما اشتهر ؛ قاله في الذيل.».

٥٠٥

«درب البازيار (١)» : وهو الدرب الذي لا ينفذ. وفي أوله الرباط الشمسي.

[أحمد بن نصر البازياراني] :

وهو منسوب إلى أحمد بن نصر بن الحسين البازياراني أبي عليّ الكاتب. كان أبوه من أهل سامراء (٢). وانتقل هو وأهله إلى حلب وسكنها. واتصل بخدمة سيف الدولة ، وحظي عنده ، ونادمه. وكان فاضلا. أديبا. كاتبا.

توفي سنه إحدى وخمسين وثلاثمائة. وحمل تابوته إلى بغداد. وفي كلام ابن شهاب توفي سنة اثنين وخمسين.

وهذا الدرب هو سكن سليمان بن عبد الملك. وعمر بن عبد العزيز. وفي أوله تحت الأرض أزج عظيم وبه طرق مصارف الماء.

درب الخطيب هاشم (٣) :

وهو الذي يفتح إليه باب سر الشرفية. وكان على رأس الدرب حوض ماء.

وبهذا الدرب مسجد. وبه أيضا بناء عظيم وقد جعل قاسارية (٤). والظاهر أنها كانت كنيسة ثم صار غالب هذا الدرب لعماد الدين ابن الترجمان. ولهذه الدور باب يفتح قبلي

__________________

(١) م : استدركت على الهامش وبخط مغاير لكامل الفقرة.

أ ـ ف : حاشية في الأصل. وفي (م*): «قال في الذيل : وأصله من خراسان واتصل بخدمة المعتضد وخدمه ، وخف على قلبه. وكان يتعاطى لعب الجوارح ، فرد إليه المعتضد نوعا من جوارحه.».

ب ـ ف : حاشية في الأصل. وفي (م*): «ويعرف قديما بدرب التميمين.».

ج ـ ف : حاشية في الأصل وفي (م*): «قال في الذيل : وبهذه القاسارية حصة وقف على الشرفية ثم اتخذت داراّ في سنة ثمان وسبعين ورأيت في بعض التواريخ أنه كان على باب الجامع دير ولا أدري محله الآن.».

٥٠٦

الشرفية إلى ناحية بيوت أقاربه فإن غالب بيوتهم كانت بدرب الديلم. وكان لبني الترجمان ثروة. وانقرضوا.

[الخطيب هاشم] :

وأما الخطيب هاشم فهو ابن أحمد بن عبد الواحد ـ خطيب حلب ـ وابنه محمد خطيبها أيضا. وهم أسديون. ولد ابنه في حدود الستين وخمسمائة (١) (١٠٠ و) ف ونيف على الثمانين. وحدث عن أبيه. ولأبيه ديوان خطب. وكانا شافعيين روى عن محمد مجد الدين

__________________

أ ـ ف : حاشية في الأصل : «قال في الذيل : درب الخطيب هاشم منسوب إلى الخطيب أبي طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم بن محمد بن هاشم بن علي بن هاشم الأسدي خطيب حلب وابن خطيبها ، وهم أسديون ، أصلهم من الرقة وانتقلوا إلى حلب أيام الملك رضوان. وأول من انتقل منهم علي بن هاشم ، وتوفي أبو طاهر المذكور سنة سبع وسبعين وخمسمائة عن إحدى وثمانين سنة ونصف وله تصانيف منها : (اللحن الخفي) ، وكتاب : «مناجاة العارفين) وكتاب خطب وغير ذلك.

وورد إلى بغداد حاجا. وسمع عليه بها خطبة وغيرها. وخلع عليه ببغداد في الأيام المستنجدية ، وشرف بسيف مكتوب عليه :

شرفي على كل السيوف لأنني

قد ما سكنت خزانة المستنجد.

ولما ولي الخطابة وخطب ونزل وصلى وأتم الصلاة وانفتل من المحراب تقدم إليه أبو عبد الله محمد بن نصر العيراني واعتنقه وقال :

شرح المنبر اصدرا

لتلقيك رحيبا

أترى ضم خطيبا

أم ترى ضم طبيبا

وأيضا ذكرت في (م*) لكن بعد العنوان الرئيسي مباشرة.

٥٠٧

العديمي حديثا واهيا وتوفي في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وستمائة (١). وتقدم شيء من أخباره في الجامع.

[سعيد بن الخطيب هاشم] :

وكان له ولد آخر يسمى سعيدا. خطب بحلب أيضا. سمع عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي. سمع أباه وعبد الواحد بن عبد الماجد بن القشيري ، وأبا بكر بن علي بن ياسر الجياني مولده في رجب سنة ست وأربعين وخمسمائة بحلب.

وتوفي يوم الجمعة خامس ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وستمائة.

[سعيد بن عبد الواحد عم الخطيب] :

وللخطيب عم يقال له : سعيد بن عبد الواحد روى عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان شيئا من شعره. وروى عنه أخوه أحمد. ولأبي محمد بن سنان إليه أبيات يعرض فيها بذكر روشن (١) عملهأبو طاهر بحلب. وكان من ظرفاء الحلبيين. والأبيات :

بحياة زينب يا ابن عبد الواحد

وبحق كل نبية في ياقد

__________________

أ ـ ف : حاشية في الأصل ، وفي (م*): «قال في الذيل : ومن الغرائب أنه كان يخطب بجامع حلب بالحاضر في ورقة بيده. ومن نظمه :

إن غربت حلب الشآم وغربت

سكنى المقيم بها عن الأمصار

فلنعم عوني دمع عيني إذ تفا

نت أسرتي وتخاذلت أنصاري

(١) الروشن : فارسية بالأصل : الفتحة أو النافذة أو الكوّه (معجم الألفاظ التاريخية : ٨٤) (المنجد في اللغة وموسوعة العمارة الاسلامية)

ولها وظيفة دفاعية توجد في أعلى الأسوار (العمارة العربية الاسلامية (١٩٧٩) ص ٢٧٣ ؛ قلعة دمشق (١٩٧٦) ص ٢٥٩

٥٠٨

وزينب هذه التي أقسم عليه بحياتها هي بنت الشيخ أبي نصر بن هاشم والقسم عليه بالنبية هو أن أبا نصر كان له ملك بقرية ياقد من قرى حلب (١). وكان له فلاح فيها له بنت تدعى أنها نبية تبصر في المنام الوحي. وكان الفلاح أقل عقلا من ابنته. وكان يقسم بحق النبية. وكان أبو نصر يحكي عن خرافات هذا الفلاح فلذلك أقسم عليه بها وقلة العقل في أهل هذه القرية باق الآن وقد ادعى رجل منهم النبوة يقال له : ابن الدربي وأخته أيضا تدعي النبوة. وقد أنشد أبو الفتيان بن حيوس في أبي نصر بن هاشم لما مات :

وتربة المرحوم والحاء جيم

لقد ثوى في النار منه رجيم

تبكى لظى إن حل في قعرها

وتستقيل الله منه الجحيم

مضى وفعل السوء اضماره

فما أتى الله بقلب سليم [١] ب (٩١ و) م

__________________

أ ـ ف : حاشية في الأصل ، وفي (م*): «قال في الذيل : ومن الغرائب أنه كان يخطب بجامع حلب بالحاضر في ورقة بيده. ومن نظمه :

ب ـ م* : حاشية في الأصل : «قلت : وأذكرني دعوى هذه المرأة النبوة ما ادعت به سجاح من النبوة في إيام الصديق الأكبر أبو بكر رضي الله تعالى عنه وكذلك ادعى مسيلمة الكذاب ـ لعنه الله ـ وجرى بينهما وبين مسيلمة المذكور أمور. وآخر الأمر أن مسيلمة أرسل إليها يقول : إنك تدعى النبوة وأنا أدعيها فهيا نجتمع واتل عليك ما نزل عليّ من القرآن. وتتلين عليّ ما نزل عليك. فمن كان الحق معه يتبعه الآخر.

فاستشارت قومها في ذلك ، فاشاروا بما قال. فتواعدوا إلى مكان ، وسار مسيلمة بقومه. وسارت سجاح بقومها. ثم اتفقا على الاجتماع في ليلة عينوها فأفرد مسيلمة لها خيمة وفرشها بأنواع الزنبق. وأوقد فيها شموعا كثيرة. وأمر بإطلاق العود. وأنواع البخور ، وقال : إن المرأة إذا شمت الرائحة الطيبة قامت إلى ملامسة الرجال. فجاءت سجاح ودخلت الخيمة. ودخل مسيلمة فسلم عليها ، وسلمت عليه وقال : هاتي قراّنك. فقالت : بل هات قرآنك. فابتدر يقول : «ألم تر أن الله خلق لكم أزواجا ، يولجوا فيكن ايلاجا. وتخرجن من بطونكن إخراجا». ثم قال : ـ

٥٠٩

__________________

 ـ ألا قومي إلى المخدع

فقد هيئ لك المضجع

فإن شئت سلقناك

وإن شئت على أربع

وإن شئت بثلثيه

وان شئت به أجمع

فقالت : لا والله بل به أجمع ، فذلك أوحيّ إليّ. فنهض إليها. ورفع ساقيها فلم تتكلم. فلما فرغ منها قالت له : إني راجعة إلى قومي فأخبرهم أني رأيت الحق معك ، وإني قد صدقتك ، وآمنت بك. فان قومي يبايعوني على ذلك. ثم ابعث إلى قومي واخطبني منهم فإني أتزوجك ، فوافقها على ذلك. فرجعت إلى قومها وأخبرتهم بقصتها معه. فتبعوه على ذلك. وبعث مسيلمة وخطبها ، وتزوجها. وإليها أشار الحريري بقوله : «إنها ومرسل الرياح لا كذب من سجاح». انتهى.

وسجاح كقطام. واما مسيلمة فأرسل إليه أبو بكر رضى الله عنه جيشا وأميرهم خالد رضي الله عنه فقتل على يد وحشي وأبو دجانة وعبد الله بن زيد المارذي «١» وابن سهل ، وزيد بن الخطاب وهو أول من أدخل البيضة في القارورة وأول من وصل جناح الطائر المقصوص. وكان يدعي أن ظبية تأتيه من الجبل فيحلب لبنها ، ورثاه بعض الكفار فقال :

لهفي عليك أبا ثمامة

لهفي على ركني بشمامة

كم آية لك منهم

كالشمس تطلع في غمامة

وكذب لعنة الله عليهما بل آياته كانت أكاذيبه. تفل في بئر تبركا فملح ماؤها. ومسح رأس صبي فقرع ، ودعى لرجل في ابني له بالبركة فرجع إلى منزله فوجد أحدهما قد سقط في البئر والآخر قد أكله الذئب. ومسح على عين رجل استشفى بمسحه فابيضت عيناه. ووقعته كانت في ربيع الأول سنة اثنى عشر. قتل فيها أربع مائة وخمسون من الصحابة وقيل ستمائة. منهم سبعون من الأنصار. وكان بيد سالم مولى أبي حذيفة لواء المسلمين فقطعت يمينه. فأخذ اللواء بيساره فقطعت. فاغتبق اللواء ثم صرع. وقتل في هذا اليوم ثابت بن قيس بن شماس. وأجيزت وصيته بعد الموت. انتهى. [الأسود العنسي] :

قلت : وادعاها أيضا الأسود العنسي ويقال له : «ذو الخمار» باسم شيطانه ، أو لأنه يخمر ـ

__________________

(١) كذا في الأصل.

٥١٠

__________________

ـ وجهه. وقيل ذو الخمار اسمه «عيهلة». وقيل له الأسود لخلاط كان في عنقه. وكان يدعى أن سحيقا و (سعسا) «١» يأتيان بالوحي. ويقول هما ملكان يتكلمان على لساني. قتله فيروز الديلمي. وقيس بن مكشاح وداذويه دخلوا عليه من سرب صنعته لهم امرأة كان قد غلب عليها فوجدوه سكران لا يعقل. وفي كلام بعضهم أن مرزمامه زوجه دلتهم على السرب وسقته البنج وحمل رأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال عليه السلام قتله الرجل الصالح فيروز «٢». وفي رواية قتله رجل مبارك من أهل بيت مبارك وقتل إنما قتل فى خلافة أبي بكر رضى الله عنه.

وفيروز هو ابن أخت النجاشي رضي الله عنهما.

رجعنا إلى المقصود : وهذا الدرب كان يعرف قديما بدرب التميمين وهو الذي يفتح إليه بابا الشرفية وكان على رأس الدرب حوض ماء وبه مسجد ولهذا الدرب مكان عظيم النبأ. والظاهر أنه كان كنيسة. وقد جعل قاسارية ولهذه القاسارية حصة وقف على الشرفية ثم اتخذت دارا في سنة ثمان وسبعين.

ورأيت في بعض التواريخ أنه كان على باب الجامع ديرا ولا أدرى محله الآن. ثم صار غالب الدرب المذكور لعماد الدين ابن الترجمان ، وبه دار الحاج سالم الحلاوي وكان من أهل الخير والصلاح لم يدخل بيته دنس أبدا. انتهى

وكان لبني الترجمان ثروة وانقرضوا. ولهم مساكن بدرب الديلم اتجاه أمكنتهم التي هي شرقي المدرسة. انتهى. والله أعلم.

__________________

(١) كذا رسمها.

(٢) كذا في الأصل. وعند ابن الأثير : آزاد. (الكامل : ٢ / ٢٢٩)

٥١١

«درب الحبيشي» :

وهو الآخذ من عقبة الياسمين إلى جهة المدبغة.

وبه مسجد قديم وجدده الشيخ شرف الدين حمزة الحبيشي وكان من أهل العلم. شافعي المذهب (١).

وكان بهذا الدرب حمام يسمى حمام السرور لبني العجمي فباعها بعض بني العجمي في أيامنا وعمرت جنينة ومساكن.

«درب الشيخ إسماعيل» :

(١) وكان من الصالحين من زقاق الشيخ نبهان.

وبهذا الدرب مسجد الشيخ إسماعيل المذكور (٢).

وكان بهذا الدرب كنيسة لليهود فيما يزعمون فاتخذت دورا بمربع شريف. وكان هذا الدرب يسكنه اليهود قديما فلذلك لا نورانية علمية (٢). (١٠٠ و) ف

«سويقة علي» :

هكذا ذكر القدماء من المؤرخين (٣) هذه المحلة ، ولا أعرف لعلى ترجمة وتقدم الكلام على حماميها (٤).

__________________

أ ـ ف : حاشية بالأصل ، وفي (م*): «أدركته وكان فيه شح. وخلف ولدا يقال له علي بعكس والده كريم النفس ، فاخر البزة ، نزها. منقطعا عن الناس».

(١) م* : الشيخ الصالح .....

ب ـ م* : أضيف : «وكان به مسجد جدده إسماعيل المذكور».

(٢) م* : «واتخذت دور المسلمين بمربع شريف ولله الحمد والمنه».

(٣) م* : «حلب».

(٤) م* : «وسيأتى الكلام على حمامه».

٥١٢

«درب (١) الفرافرة» (٢) :

نسبة إلى بني فرفور (٢). وكانوا (٣) رؤساء. وكان بهذا الدرب مسكن نقباء الجيش الأمير شهاب الدين أحمد وشعبان أولاد كيكلدي وكانا من أهل الخير والصلاح يميلون إلى العدل ، ويحبون أهل الخير. وكانا محبين لوالدي وغيره من أهل الخير ، وكان شعبان المذكور يجلس عند حانوت الذي يبيع الشمع. والذي يبيع الفاكهة. شخصين يخبران بمن يشتري الفاكهة والشمع فيرسل إليه بكرة النهار ويقول له : بلغ النائب عنك أنك تفعل وتفعل وأراد إخراج اقطاعك. فارجع عما أنت فيه وإلا أخرج اقطاعك وإنما يفعل ذلك شفقة عليه لأنه إذا فعل المحرم احتاج إلى بيع الاقطاع. انتهى.

وبهذا الدرب قسطل (٤) من أيام الظاهر غازي وكان عليه قبو فاندثر ولما قدم الأشرف برسباى الى حلب نزل بهذا الدرب العلامة بدر الدين العيني.

...... (٤)

كان به ... (٥)

__________________

(١) م* : «درب بني الفرافرة».

أ ـ ف : «يأتي ذكر هذه الأبواب في أواخر الكتاب». وفي (م) أضيف «صحيفة ٣٤».

(٢) م : في الأصل (منهم). وأيضا في (ف) ثم شطبت.

(٣) حتى آخر الترجمة سقطت من (م). وترك مكانها بياضا.

ب ـ م* : حاشية في الأصل : «هو القسطل الذي بقرب الخانكاه».

(٤) بياض في الأصل.

(٥) بياض في الأصل.

٥١٣

«درب الدقصلارية (١)» :

كانوا تجارا قبل فتنة تمر (٢) وكانوا تسعة أخوه. ونزل عندهم السخومي «شارح المصابيح» (٣). وارتحلوا من حلب قبل تمر ؛ وسبب رحلتهم أن واحدا منهم لبس تفصيلة جاءته من العجم فحبسها شخص من السوق وسأله عن ثمنها. فقال عند ذلك : هذا بلد لا يسكن وارتحل إلى القدس هو وأخوته.

وهذه الدار عظيمة واسعة الأرجاء. وبهذا الدرب مسجد قديم وبه منارة. وبه (١) المدرسة الكاملية. (١٠٠ ظ) ف.

«درب بني الريان» :

هو الآخذ من هذا الدرب إلى جهة القرناصية. وتقدم الكلام على بني الريان ، وهناك مساكن بني الاستاذ. والخانكاه العادلية. وخانكاه أخرى. (٩١ ظ) م

«درب بني كسرى» :

هو الذي فيه المدرسة الصلاحية ، وكان به دور بني العديم (٢). وبهذا الدرب مسجد لهم. وهناك مساكن عز الدين (٣).

__________________

أ ـ ف : حاشية في الأصل. وفي (م*): «الدقزلارية».

ب ـ ف : حاشية في الأصل. وفي (م*): «ينجرون بسوق العصرونية وربما نسب السوق إليهم».

ج ـ ف : حاشية في الأصل. وفي (م*) «وكان عالما دينا ، منقطعا عن الناس توفي قبل تيمور.».

(١) حتى نهاية العبارة سقطت من (م).

د ـ ف : حاشية في الأصل وفي (م*): «خربت في تيمور».

ه ـ ف : حاشية في الأصل وفي (م*): «نقيب الأشراف شيخ والدي. وكان هذا الدرب يمر فيه إلى المدرسة السيفية».

٥١٤

[كسرى بن عبد الكريم السلمي] :

وكسرى هو ابن عبد الكريم بن كسرى بن كسور السلمي. قاضي حلب. مات سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة. وولي قضاء حلب في سنة خمس وأربعين وأربعمائة. انتهى.

وحيث انتهينا إلى تحت القلعة فنرجع إلى ما وعدنا في أول القطيعة التي برأس قصبة باب الجنان :

«درب الصبانة (١)» :

به مطابخ للصابون عديدة تزيد على عشرين. وذلك لكثرة أشجار الزيتون بمعاملة حلب ، وقد كان الأخص كثير أشجار الزيتون لأنك كنت إذا خرجت منه إلى قرية بابلى ثم أخذت في الرابية المطلة على بابلى تدخل في أشجار الزيتون والتين ولذلك قل قرية من قرى الأحص إلا وبها معصرة للزيتون ؛ وسيأتي الكلام في المعاملات مفصلا إن شاء الله تعالى.

وبحلب سوق يباع فيه الصابون يحمل منه كل يوم أحمال عديدة إلى ناحية الروم والعجم وغيرهما. وفي معاملة حلب في قراها عدة مطابخ للصابون أيضا (٢) والجميع يجلب إلى هذا السوق ويباع. انتهى.

وبهذه الحارة مسجد يقال له مسجد بدران ، وله وقف على الصدقات برحاحاسين وغيرها ، وهو مدفون بهذا المسجد. وكان يخدم هذا المسجد شخص يقال له : البعير من

__________________

(١) م* درب المصابن.

أ ـ ف : حاشية في الأصل ، وفي (م*): «ببلد سرمين وغيرها».

٥١٥

فقهاء الحنفية ، وكان شيخا مسنا ، وكان يذكر أنه يجد في هذا المكان دراهم من وقف هذا المسجد بعض رحا الحربلي.

وبرأس التل مسجد. وعند أسفله مسجد ؛ قاله ابن شداد.

وهذه الناحية الآن كثيرة المساجد (١).

«سويقة الحجارين» :

كان يسكن هناك الحجارون ويجتمعوا.

بأول الدرب مسجد ، وبئر (٢). وبأوسطه : مسجد. وبآخره مسجد وبئر (٣).

وكان قديما يسمى بدرب القرابين.

«درب المدابغ» :

تقدم الكلام على الجامع الذي به.

«ناحية باحسيتا» :

فنبدأ منها بباب الفرج :

__________________

أ ـ ف : حاشية في الأصل ، وفي (م*): «منها مسجد له منارة آلت الى الانهدام فاستؤذن شيخنا المذيل في فكها فلم يأذن وهناك مسجد معلق الى جانب المصبنة المهدمة وقسطل.»

ب ـ ف : حاشية بالأصل. وفي (م*): «على الجادة».

ج ـ ف : حاشية بالأصل : «تدعى بئر عثمان».

٥١٦

على يسار الداخل منه إلى حلب مسجد ، وبه مزار والناس يعتقدون فيه ويقولون أنه مسجد سيتا المنسوب إليه المحلة. وأنه باح بسره ؛ فسميت تلك المحلة (١٠١ و) ف باح سيتا.

وهذا الباب يدخل منه إلى قصبة تنتهي إلى قطيعة باب النصر وسيأتي الكلام عليه.

وبهذه القصبة عدة مساجد منها مسجدان لابن حرب ، أحدهما يعرف بمسجد القادوس الآن وعلى بابه منارة.

ومنها : مسجد الشيخ سوار وتقدم ذكره في المزارات ، وعلى بابه منارة. أيضا. وسكن به الشيخ قاسم الرملي نزيل حلب. وسيأتي ذكره في الحوادث ووسع في هذا المسجد.

«درب اليهود» :

بأوله مسجد لطيف محكم البناء بناه شخص من مباشري (١) حلب. وبقربه دار الشيخ شمس الدين بن الشماع. وستأتي ترجمته في الحوادث. وبهذا المسجد شبابيك على الطريق.

وبوسط هذا الدرب مسجد معلق ، له منارة مطلة على الكنيسة التي هي اليوم بأيديهم يذكرهم أنها لهم. وسيأتي الكلام عليها. (٩٢ و) م

«درب الحرانيين» :

هو الدرب الآخذ من درب اليهود إلى ناحية سويقة علي.

وبأوله مسجد. وبقربه مسجد آخر يعرف بالشيخ محمد الحراني. وقد قرأت فيه الحديث على عبد الواحد الحراني.

__________________

أ ـ ف : حاشية في الأصل ، وفي (م*): «وعليه مكتوب إنما يعمر مساجد الله .. الآية .. وله شبابيك على الشارع».

٥١٧

وفي أوسط هذا الدرب حوض ماء وبرأسه في القطيعة حوض آخر. انتهى.

وفي الدرب الآخذ إلى قصبة باب النصر مسجد قديم له منارة.

«باب النصر» :

في دركاته مزار (١) ، ومنفعة (١) ، ومسجد. وتنتهي قصبة هذا الباب إلى قطيعة جامع المهمندار ، وبتشعب في هذه القصبة درب آخذ إللى المعقلية (٢).

وكانت المعقلية (٣) أولا يعقل بها خيل اللمجاهدين وأبلهم ، وكانت رحبة متسعة. وبها بوايك ، ونصب في بعض الحروب القلعة بها منجنيق ورمى به على القلعة فرموا من القلعة حجرا من منجنيقها فكسرت رجل الرامي بالمنجنيق الذي في المعقلية ، وقتل معه جماعة. وقد جعلت الآن دورا ومزروعا. انتهى.

__________________

أ ـ ف : حاشية في الأصل ، وفي (م*): «والمزار يوقد عليه النور ليلا ونهارا ولا أدري قبر من هو.».

(١) م* : وكتابة تقدمت.

ب ـ ف : حاشية في الأصل ، وفي (م*): «قال في الذيل : وإذا خرجت من دركات الباب تجد مسجدا معلقا أنشأه الماس الدوادار قسطلا أنشأه أيضا وبأوسطه قسطل كبير أيضا ومسجد كان له منارة.».

ج ـ م* : حاشية في الأصل ، «قف على المعقلية وهي الآن بستان وراء دارنا والزينية بحي الفرافرة.».

٥١٨

وقد ولد بهذه المحلة شيخ الإسلام جمال الدين يوسف المزي ؛ خاتمة السماط (١).

«العونية (٢)» :

محلتها كانت خندق البلدة قديما الآخذ إلى باب الأربعين. وآثار السور باقية هناك.

__________________

أ ـ ف : حاشية في الأصل ، وفي (م*): [جمال الدين بن عبد الرحمن المزي] «قال في الذيل : خاتمة الحفاظ جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك بن يوسف بن علي بن أبي الزهر المزي ؛ قال الذهبي : وهو خاتمة سماط أهل الحديث الإمام أعجوبة الزمان شيخنا العلامة الحافظ الناقد المحقق المفيد محدث الشام أبو الحجاج بن الزكي أبي محمد القضاعي الكلبي الحلبي ثم الدمشقي.

مولده في ربيع الآخر أربع وخمسين وستمائة. برع في طلب الحديث وله عشرون سنة. وسمع ، ورحل. وعني بهذا الشأن فصار نسيج وحده وفريد دهره. وإليه المفزع والمهرع. وأقر له الحفاظ بذلك. وبالتقدم على أبناء عصره. وسمع منه الحفاظ. وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية ثلاثا وعشرين سنة ونصفا. ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية : لما باشرها لم يلها من حين بنيت إلى الواقف فإن احتج من فيه الرواية ومن فيه الدراية قدم من فيه الرواية. انتهى.

وكان خطه مليحا. وهو الذي قرر سنن ابن ماجه بحلب لانتفاع الناس به ، ومن نظر في كتاب تهذيب الكمال علم محله من الحفظ. وبالجملة فما رأى أحد مثله. ولا رأى مثل نفسه ، وكان صالحا سليم الباطن متواضعا ، قليل الكلام وقد بالغ في الثناء عليه ابن حبان ، ابن سيد الناس وغيرهما من العلماء. وإذا نظرت في كتابه الأطراف عرفت علمه وقضيت بالعجب العجاب. ـ توفي رحمه الله تعالى في صفر سنة اثنين وأربعين وسبعمائة وقد زرت قبره عند ابن تيمية ـ قدس الله سره ـ ولما توفي أراد أن يلي دار الحديث الأشرفية الحافظ الذهبي فلم يكن من ذلك لفقد شرط الواقف في اعتقاد الشيخ فيه.».

ب ف : حاشية في الأصل. وفي (م*): «تصغير عن».

٥١٩

وأهل حلب يقصدون هذه العين للحما بكرة السبت ويغتسلون منها.

وبالقرب منها حوض ماء ومطهرة.

وفوقهما مسجد أنشأه الحاج عبد الله الزموطي.

«درب الجبيل» :

تقدم بعض الكلام على الجبيل (١). وسيأتي (١) بقية الكلام عليه. (١٠١ ظ) ف.

وجدد بهذا الدرب بالقرب من مدرسة الجبيل (٢).

قصبة بانقوسا :

جدد في أيامنا سوق وخان. وكان أولا للكتاوي وبه اصطبله. وداره فآل إلى الانهدام. فاتخذه الفقراء مساكن لهم فجاء شخص من التجار الغرباء يقال له : ابن الاكنجي (٣) فتوصل إليه وعمره سوقا وخانا ، وكان قبل ذلك كافل حلب الحاج اينال همّ أن يجعله سوقا

__________________

أ ـ ف : حاشية في الأصل ، و (م*): «لم يكن دورا إنما كان مقابر».

(١) م : سقطت عبارة : «وسيأتي بقية الكلام عليه».

ج ـ ف : حاشية في الأصل ، و (م*): «عمره أولا الحاج محمد بن الشكيزان أدركته وكان ذا مال كثير غرق أكثره في البحر وبنى دارا على الخندق عظيمة فقطع ثم أعاده ثانيا وأنفق عليه كما أخبرني بعض الناس ثلاثة آلاف (أشرفي) ثم جدد المسجد بعد انهدامه الخواجا منصور التاجر وإلى جانبه مكتب وقعت الصاعقة عليه فاحترق ثم خرجت من الشباك إلى خندق البلد ورأى الناس في الخندق نارا عظيمة ؛ قاله في الذيل.».

ب ـ ف : حاشية في الأصل ، و (م*): «وتوفي بحلب سنة ست وتسعين ، وكان تاجرا في المماليك ، أودعه بعض التجار أموالا فاخرجها في عمارة الخان المذكور. انتهى ؛ من الذيل».

__________________

(١*) كذا قرأناها.

٥٢٠