كنوز الذّهب في تاريخ حلب - ج ١

سبط ابن العجمي الحلبي

كنوز الذّهب في تاريخ حلب - ج ١

المؤلف:

سبط ابن العجمي الحلبي


المحقق: الدكتور شوقي شعث و المهندس فالح البكّور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٥
الجزء ١ الجزء ٢

ومن جملة أوقافها حصتان بقريتي جسرين والمحمدية (١) من عمل دمشق. وحصة بقرية كفتان (٢) من حواضر حلب ؛ قاله ابن شداد.

خانكاه :

أنشأها جمال الدولة اقبال الظاهري تحت القلعة في حدود الأربعين وستمائة.

قلت : هي برأس درب المبلط اتجاه تربة الظاهر بالسلطانية. ومن وقفها ريع حمام ببانقوسا المعروفة بحمام العتيق المتقدم ذكرها.

خانكاه :

أنشأها أتابك طغريل عند باب الأربعين. وتوفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة.

خانكاه :

أنشأها بيرم مولى ست حارم بنت اليعسباي خاله صلاح الدين في دهليز دار المعظم وتعرف بخانكاه (الشيخ حوشي) لا أعرفها. (٧٢ و) م

خانكاه البهائية (٣) :

أنشأها الشيخ الفقيه الإمام العالم بهاء الدين المعروف بابن شداد. المتقدم ذكره في المدارس ودور الحديث التي أنشأها إلى جانب مدرسته وتربته كانت دارا يسكنها.

«خانكاه» :

أنشأها سعد الدين مسعود بن عز الدين ايبك فطيس المتقدم ذكره في مدرسته التي أدخلت في دار العدل.

«خانكاه الدامغانية» :

هي داخل بيت ابن النفيس العجمي خارج باب الأربعين. كان اندثر بعضها فجددها ابن نفيس المذكور. وهي وقف على البسطامية.

وهي نسبة إلى حسن الدامغاني ، وهو مدفون بها. وكان مكتوب عليها وقفها أحمد ولا أعرفه.

__________________

(١) يقعان في الغوطة الشرقية ويبعدان عن دمشق ١٧ كم (التقسيمات الإدارية : ٢)

(٢) علّه يقصد : كفتين تتبع معرتمصرين وتبعد عنها ١٥ كم ، وعن ادلب ٢٥ كم. (التقسيمات الإدارية : ١٤٤)

(٣) في الأصل : البهايية.

٤٠١

الخوانك التي للنساء

خانكاه : أنشأتها الصاحبة فاطمة خاتون بنت الملك العادل ... (١) وتوفيت سنة ست وخمسين وستمائة.

قلت : وهذه الخانكاه بالقرب من البيمارستان النوري مكتوب عليها : وقفت هذه الخانكاه فاطمة بنت الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب على الفقراء المقيمات بها. وإظهار الصلوات الخمس بها. والمبيت بها. ووقفت عليها كفر تعال (٢) من جبل سمعان بنظر إدريس بن محمد. وهذه الخانكاه الآن بيد بني السفاح (٣).

خانكاه : أنشأها نور الدين محمود بن زنكي في سنة ثلاثين وخمسين وخمسمائة في غلبة ظني ؛ قاله ابن شداد.

قلت : أظنها التي إلى جانب مدرسة شاذبخت التي بدرب العدول ، وهو سوق النشابين ، وعلى بابها حوانيت كانت من مصالح هذه الخانكاه من داخلها فأخرجت ، وجعلت حوانيت.

خانكاه : أنشأتها بنت صاحب شيزر سابق الدين عثمان قبالة دورهم (٤).

قلت : هي برأس درب الأتابكية من جهة الشمال بالقرب من آدر بني الشحنة.

«خانكاه بدرب البنات» :

ودرب البنات شمالي البيمارستان الكاملي

__________________

(١) بياض في الأصل في (ف).

(٢) تتبع إداريا ناحية الزربة وتبعد عنها ١٢ كم. وعن حلب ٢٢ كم. (التقسيمات الإدارية : ١٩٦)

(٣) موقع هذه الخانكاه أمام مدفن بني الجلبي. وهي خراب الآن. قاله الطباخ وسماها «بالكاملية». (إعلام النبلاء : ٤١٧).

أ ـ ف : حاشية بالأصل : «هذه الخانكاه تعرف الآن بالشجرية».

٤٠٢

أنشأتها زمرد خاتون وأختها بنتا حسام الدين لاجين ؛ قاله ابن شداد.

قلت : وبهذا الدرب مكان مكتوب عليه : هذا ما وقفته (١) ست العراق ابنة نجم الدين أيوب بن شادي عن ولدها سيف الدين في سنة أربع وسبعين وخمسمائة فلينظر في هذا وفي كلام ابن شداد (٢) انتهى.

قلت : وبالدرب المذكور بيت كمال الدين المعري ـ قاضي حلب ـ وكان مدفونا به فنقل ، ودفن عند الفردوس. والخان الذي اتجاه هذا الدرب أسسه كمال الدين المذكور مدرسة فجاءت رسالة من النائب لشخص يقرره إماما فيها. فقال : إنما أسسه خانا. ورجع عن نيته. وانقرضوا.

«خانكاه» : أنشأتها بنت والي قوص (٣)

. «خانكاه» :

أنشأتها الملكة ضيفة خاتون بنت العادل سيف الدين أبي بكر أم الملك العزيز محمد داخل باب الأربعين. مكتوب على بابها بنيت سنة خمس وثلاثين وستمائة.

قلت : وإلى جانبها من جهة الشرق زاوية أخي باكي العجمي دخلتها مع ولده الخواجا احمد.

قلت : واتجاه هذه الخانكاه خانكاه القوامية أظنها نسبة لمن سكن بها لا لبانيها. وهي وقف على البسطامية.

«خانكاه الكاملية» :

قريبا من آدر بني الخشاب. (٧٥ و) ف

__________________

(١) ف : في الأصل : (وقفه).

(٢) (الأعلاق الخطيرة : ١ / ١ / ٢٣٦)

(٣) قال عنها ياقوت : «.. مدينة كبيرة عظيمة واسعة. قصبة صعيد مصر بينها وبين الفسطاط اثنا عشر يوما ... وهي محط للتجار القادمين من عدن ..» (معجم البلدان : قوص)

٤٠٣

الخوانك التي بظاهر حلب

«خانكاه» :

أنشأها الأمير مجد الدين أبو بكر محمد بن الداية بمقام إبراهيم.

«خانكاه» :

أنشأها الأمير شهاب الدين طغرل بك الأتابكي بالجبيل (١). وسيأتي في زاوية القلندرية شيء يتعلق بذلك.

«خانكاه» :

أنشأتها الكاملية زوجة علاء الدين بن أبي الرجاء.

خانكاه السحلولية :

هذه الخانكا على شاطئ نهر قويق شمالي حلب. أنشأها شخص يدعى الشقيرا من مباشري حلب جعلها متنزها له. ولم يقفها فوصلت إلى كافل حماة الأسعردي وكان عبد الرحمن بن سحلول (٢) صاحبا للاسعردي. وكان الريس عبد الرحمن قد أحسن للأسعردي عند دخوله حلب ، فكافأه ووقف عليه هذا المكان ، وبنى له محرابا. وجعل له خلاوي برسم الفقراء ؛ كذا قاله شيخنا (٣).

وكان به منارة فآلت للسقوط ، فأخربها الشيخ ناصر الدين محمد بن الشيخ ناصر الدين محمد بن الشيخ عبد الرحمن ، وجعل مكانها غرفة ، وذهبت الغرفة أيضا. وهذه الخانكاه مكان لطيف نزه ، فيه من الرخام الملون والشبابيك المطلة على نهر قويق والبساتين وإلى جانبها بحرة فأفردها وباعها الشيخ ناصر الدين المذكور. وبهذه الخانكاه مدرس على مذهب الشافعي بشرط واقفها. انتهى.

__________________

(١) الحي المعروف بحلب (الجبيله)

(٢) المتوفى عام ٧٨٢ ه‍. انظره.

(٣) م ـ استدركت على الهامش العبارة بكاملها.

٤٠٤

والأسعردي ترجمته في تاريخ شيخنا. وعبد الرحمن المذكور هو ابن يوسف بن سحلول. كان رئيسا. وتوفي السبت تاسع عشري المحرم سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة ، ودفن خارج الخانكاه.

ومن جملة أوقافها : حصة بقرية بنغلا ، وحصة بحمام انطاكية ، وعلى الفقهاء والمدرس حصة بخان خارج باب أنطاكية بحلب.

وعلى بابها مكتوب : أنشأ هذه الخانكاه عبد الرحمن بن يوسف في سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة. فلما توفي آل أمر هذا المكان إلى الشيخ ناصر الدين المذكور ولده فأقام بها أتم قيام على أكمل الوجوه من الرئاسة وإطعام الناس ، فكان الفقراء والرؤساء يحضرون إليه فيضع بين يدي كل شخص ما يليق به ، وكانت لم تزل البسط والفرش والأغطية موضوعة في مرجتها. وعلى الدكة التي في المرجة. وكانت هذه الدكة مرخمة بالرخام الأصفر لأجل من يبيت هناك.

أخبرني من أثق به أنه كان يضع بين يدي الناس النقل (١) بحيث أن الشخص لا يرى من اتجاهه من كثرته. وكان التين الأخضر إذ ذاك قليلا بحلب. فكان يحضره من تيزين لأجل من يحضر إلى عنده ، ولما قدم البلقيني حلب قبل فتنة تمر (٧٥ ظ) ف عمل البلقيني ميعادا بجامع منكلي بغا وخرج الناس في خدمته في ضيافة القاضي كمال الدين ابن العديم إلى هذا المكان فتأخر ابن العديم بمأ كوله فأحضر ناصر الدين المذكور من حواضر بيته ما قام بالحاضرين.

ولما ولد لوالدي أنس كان ذلك ليلا فأرسل له ناصر الدين بكرة النهار خلخالا من ذهب.

ولما أغصب دمرداش والدي بقضاء حلب أراد والدي أن يرحل من حلب

__________________

(١) النقل : من العربية : النقل : ما يتنقل به على الشراب : من فستق وتفاح ونحوهما. وقد يضم : النقل ... (موسوعة حلب : ٦ / ٣١٧)

٤٠٥

فجاء إليه ناصر الدين بالجمال ليرحله فلما غير دمرداش نيته ثبت والدي عن (٧٣ و) م الرحلة. ولم يزل ناصر الدين في رئاسة وحشمة حتى سرقه السراق ليلا.

ثم أنه خرج من حلب ، وقدم على جمال الدين الاستدار بالقاهرة فلم ينصفه وكانت أم جمال الدين الاستادار بنت عبد الله بن سحلول وكان عبد الله عم ناصر الدين وزير حلب ثم أنه حج من القاهرة فتوفي وهو متوجه سنة اثنتي عشرة وثمانمائة وخلف ثلاثة أولاد. وهم ناصر الدين المذكور والأمير أحمد والأمير عبد الرزاق فاستقل ناصر الدين بهذا المكان لأنه على طريقة الفقراء. وأقام بها دون والده. وكان شكلا حسنا ، كريم النفس ـ فلما أشرف على الموت أسند تدريسها إليّ ـ وتوفي يوم الجمعة سلخ جمادى الآخر سنة أربع وأربعين وصلى عليه بجامع حلب ، ودفن خارج الخانكاه.

فقام بها بعده ابن أخيه ناصر الدين محمد بن الأمير أحمد. وتوفي في الليلة المسفر صباحها عن يوم الخميس تاسع جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين وثمانمائة ، وصلي عليه بجامع حلب ، ودفن بالسحلولية. وهي وقف على القادرية وتقدمت ترجمة سيدي عبد القادر (١).

«زاوية الشيخ خضر» :

على شاطئ نهر قويق شمالي حلب. أنشأها الرئيس بدر الدين بن زهرة متنزها. وأخرج منها أمواتا منهم امرأة بنقشها لأنها كانت مقبرة فرفع فيه قصة منظومة وقصيدة على لسان الأموات إلى السلطان فصادره.

__________________

(١) الخانكاه لا أثر لها اليوم. ورد ذكرها في كتاب : (در الحبب : ١ / ١ / ٤٠٠) في ترجمة أبو بكر بن الترجمان المعروف بابن قمر. والمتوفى عام ٩٦١ ه‍. لعل الخانكاه المذكورة دثرت بعد القرن العاشر.

٤٠٦

ثم انتقلت بعد ذلك إلى شمس الدين محمد بن العجمي.

وزين الدين عمر بن النصيبي.

وهذه الزاوية بها بحرة عظيمة ليس في حلب مقدارها وبها إيوان وبه مناظر على نهر قويق ، والبساتين ، ولما انتقلت إلى جانب ابن العجمي وزين الدين بن النصيبي اغتصبها جلبان ـ كافل حلب ـ منهما. وأمر بنفيهما فابتاعها منهما قهرا ، وجعلها زاوية للأحمدية وللأدهمية ... (١) بشرط أن يضيف من نزلها من الطوائف الثلاثة ثلاثة أيام.

ثم إنها انشعثت في فتنة تمر فرمّها اقباى ـ مملوك المؤيد ـ ووقف عليها وقفا بانطاكية(٢).

وحيث ذكرنا الأحمدية فنذكر ترجمة سيدي أحمد :

[الشيخ أحمد الرفاعي المغربي] :

فهو ولي الله ؛ أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن (٨٦ و) ف رفاعة الشيخ الزاهد أبو العباس بن الرفاعي المغربي ؛ صاحب (الأحوال والكرامات).

توفي في جماد الأول سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وله تسع وسبعون سنة.

وفي تاريخ ابن خلكان : وكان أصله من العرب ، وسكن البطائح بقرية يقال أم عبيدة.

وتوفي يوم الخميس الثاني والعشرين من جمادى الأولى من السنة المذكورة ونسبته إلى رجل من المغرب يسمى رفاعه ، وهو شافعي المذهب ، وليس له عقب ، ولم يتزوج. ولذلك كان يلقب بالأعزب ، والعقب لأخيه الرفاعي ؛ هكذا نقلته من خط بعض أهل بيته. وأحواله وكراماته شهيرة (٣). انتهى.

__________________

(١) ف : بياض في الأصل.

(٢) لا أثر لها الآن.

(٣) انظر ترجمته في : (وفيات الأعيان : ١ / ١٧١)

٤٠٧

وخضر المذكور كان عجمي الدار.

«زاوية سيدي محمد الأطعاني البسطامي (١)» :

بطرف حارة المشارقة من جهة الشمال. بناها الخواجة حسين بن مصطفى وجماعة وكان الأطعاني أولا يذكر بجماعته في مسجد كان ملاصق الزاوية المذكورة. وفي فتنة تمر خرب بعض الزاوية ، وسلمت قبتها فرممها الخواجا عبد الرحمن بن البلدي وعمر بها إيوانا ، ودخل نصف المسجد الذي كان يذكر فيه الشيخ أولا في هذا الإيوان. ونصفه خارج الإيوان من جهة التربة.

وهذه الزاوية مختصة بالبسطامية. وأقام الذكر فيها الشيخ حسين تلميذ سيدي عبد الله البسطامي شيخ والدي والشيخ حسين توفي بمكة.

ثم قام بعده ولده الشيخ الصالح سيدي أحمد وتوفي بمكة ودفن إلى جانب (٧٣ ظ) م والده.

[الشيخ عبد الرحمن بن أبي بكر الشامي] :

وقد لبست خرقة التصوف في هذه الزاوية من الشيخ الصالح القدوة المسلك عبد الرحمن بن الشيخ الصالح أبي بكر بن داود الشامي قدم حلب ونزل بالعشائرية ونزل الشيخ أبو بكر الحيشي (٢) عن مكانه وأجلسه مكانه. وكان حنبلي المذهب. وأقام حلقة الذكر والأوراد التي تلقنها من أبيه بحلب وله مؤلفات منها : على كتاب (حياة الحيوان) وهو مفيد ؛ زاد عليه المنامات. ومنها : (تحفة العباد بأدلة الأوراد (٣)) أخبرني أن مولده سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة. انتهى.

وهذه الزاوية نيرة. وبها مساكن. ولها منارة ، جددها الحاج أحمد القصار.

__________________

(١) صاحب احدى الطرق الصوفية. سيرد تعريفها.

(٢) انظر ترجمته في موضع آخر.

(٣) شرح فيه أوراد والده المسماة بالدر المنتقا المرفوع. (كشف الظنون : ١ / ٣٦٩)

٤٠٨

إشارة : أخبرني الشيخ عبد الرحمن المذكور أنه لبس الخرقة من الشيخ الصالح ابن الناصح وأنه لبسها من المعمر وأنه لبسها من سيدي عبد القادر. ولما أخبرت والدي بذلك أنكر هذا الإسناد ، وقال آن المعمر لم يدرك الشيخ عبد القادر ، قال : ولا أعرف هذا المعمر.

«الخانكاه الدورية» :

هي على شط نهر قويق اتجاه الناعورة.

أنشأها الخواجا شمس الدين محمد بن جمال الدين يوسف الشهير بالدوري (٣٧ و) ف عين التجار بحلب. ووقفها على ولي الله الشيخ شمس الدين الأطعاني ولمن بسندها بعده ، ووقف عليها ولد الخواجا غرس الدين وقفا.

وهذه الزاوية لطيفة ، وهي مفروشة بالرخام ، ولها مناظر على نهر قويق ، وبها مربع ، وله باب من خارج الخانقاه. وبه شبابيك من الحديد. انتهى.

والشيخ شمس الدين الأطعاني لبس من وليّ الله عبد الله البسطامي المدفون بالقدس ، ووالدي أيضا لبس منه بالقدس وله كرامات ، وأحوال ظاهرة.

[طائفة البسطامية] :

وهذه الطائفة البسطامية منسوبة إلى شيخ الطريقة أبي يزيد طيفور بن عيسى بن آدم بن علي البسطامي الزاهد ، المشهور ، وكان له أخوان زاهدان ، عابدان أيضا : آدم وعلي ، وكان أبو يزيد أجلهم ، وقال : دعوت نفسي إلى شيء من الطاعات فلم تجبني طوعا فمنعتها الماء سنة.».

وكان يقول : «إذا نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات حتى ارتفع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة.».

وله مقالات كثيرة ، ومجاهدات مشهورة وكرامات ظاهرة.

توفي سنة إحدى وستين ، وقيل أربع وستين ومائتين.

٤٠٩

وبسطام (١) بفتح الباء : بلدة مشهورة من أعمال قومس. انتهى.

قلت : وبالقرب من هذه الزاوية بطرف المقبرة مسجد يسكنه الطائفة الأدهمية.

أول من سكنه الشيخ العابد إسحاق العجمي كان شكلا حسنا منقطعا عن الناس وهو مدفون بهذا المسجد وجدد فيه الشيخ عبد الله العجمي الأدهمي حوشا ومطبخا وغرفة وعلى بابه اتجاهه قبو. وبه بئر ماء كان قديما ، وبنى عليه هذا القبو الحاج محمد الحريري سميسم.

«زاوية القادرية» :

خارج باب الجنان على نهر قويق ملاصقة للجسر. وقف على القادرية وعلى بابها كتابة كوفية. (٧٤ و) م

«زاوية الحيدرية» :

خارج باب أنطاكية على شاطئ نهر قويق.

أنشأها ...... (٢)

وسكنها الشيخ علي الحيدري. وكان في محنة تمر يدل التمرية على أرباب الأموال من أهل حلب.

«زاوية دقماق» :

خارج حلب من جهة الشمال

__________________

(١) ترجم لها ياقوت بتوسع (معجم البلدان : بسطام)

(٢) بياض في الأصل.

٤١٠

أنشأها كافل حلب دقماق :

[دقماق نائب حلب] :

وكان من مماليك برقوق. وكان معه بالكرك. وكان شكلا حسنا شجاعا كريما وكان ممن فر في وقعة شقحب (١) مع كمشبغا الكبير إلى حلب. فأقام بها. ثم أمره الظاهر مقدمه بحلب ، ثم نيابة ملطية ، وولاه الناصر نيابة حماة ، ثم أسر مع (٧٧ و) ف تيمور. ومن بعدتم ولاه نيابة صفد ، ثم حلب. وواقع دمرداش النائب قبله.

فانتصر عليه.

وفي آخر الأمر رضي عليه الناصر وولاه نيابة حماة. ثم حاصره سح (٢) وجكم. وقتل في شعبان سنة ثمان وثمانمائة.

استأجر أرضها من أربابها وفوضها للشيخ إسحاق. وكان شيعيا لأنه مرة أحسن إليه وأخبأه عنده في محنة حلت بدقماق المذكور.

ووقف على هذه الزاوية وقفا بقرية المالكية من عمل عزاز.

وهذه الزاوية مشتملة على قبة بها قبور ، وخارج القبة حوش محيط بهذه القبة وبيوت. وكان أبو بكر دوادار السيفي بردبك لما ولى على هذه الزاوية بعد موت بابا علي قتلا ولد الشيخ إسحاق المذكور قد أسس خارج هذه الزاوية حوضا وبوابة ليبني مكانا. ولما عزل أستاذه عن كفالة حلب فتوجه معه إلى دمشق ولم يكمله وقد عمر أبو بكر المذكور قبة عند مرمى النشاب غربي الفيض وتحت هذه القبة صهريج ماء ليس من عمارته إنما تساعد عليه أهل الخير من الرماة الذين يرمون هناك بالنشاب. انتهى.

__________________

(١) عن وقعة شقحب انظر بتوسع : «الدرة المضيئة : ٢٦»

(٢) كذا في الأصل.

٤١١

وإلى جانب هذه الزاوية تربة لبني النصيبي ؛ أنشأها القاضي زين الدين وأكملها ولده القاضي جلال الدين.

«زاوية يبرق» (١) :

خارج حلب بصدر بانقوسا على الجبل الأحمر. وهي زاوية عظيمة مبنية بالحجارة الجيدة.

أنشأها السلطان الظاهر خشقدم بتولي الشيخ محمد خادم الشيخ يبرق. وفوض أمرها إليه ، وبقي بقية يسيرة من عمارتها. ومات السلطان ولم تكمل وبها شبابيك من النحاس الأصفر المحكم الصناعة.

وهي وقف على الأحمدية.

«زاوية المغاربة» :

خارج بانقوسا ، وعليها وقف بقرية حندارات.

أنشأها ...... (٢)

زاوية القلندرية :

خارج بانقوسا جنب الحوض الكبير. وعليها وقف بقرية عين ارزة.

قلت : ولعلها من إنشاء طغرل بك المتقدم ، وسيأتي في القناه ما يدل عليه

__________________

(١) زاوية يبرق : هي زاوية الشيخ يبرق وهي في ثكنة هنانو اليوم ، والشيخ يبرق رجل من الصالحين مدفون فيها ومن هنا عرفت باسمه ، كانت هذه الزاوية زاوية عظيمة أنشأها السلطان المملوكي الملك الظاهر خشقدم بتولي الشيخ محمد خادم الشيخ يبرق وهي وقف على الطريقة الأحمدية. جددها بعد خرابها والي حلب محمد أمين وكذلك فعل الوالي حيدر باشا وجعل لها منارة ، تقام فيها صلاة الجمعة والعيدين. «الغزي ٢ / ٣١٦ الطبعة الثانية»

(٢) بياض في الأصل.

٤١٢

[الشيخ محمد الساوجي شيخ القلندرية] :

وهؤلاء الطائفة منسوبون إلى الشيخ جمال الدين محمد الساوجي الزاهد. قدم دمشق وقرأ القرآن والعلم ، وسكن جبل قاسيون بزاوية الشيخ عثمان الرومي (٧٤ ظ) م وصلى بالشيخ عثمان مدة. ثم حصل له زهد وفراغ من الدنيا فترك (٧٧ ظ) ف الزاوية .... (١) ، وأقام بمقبرة باب الصغير بقرب موضع القبة التي بنيت لأصحابه وبقي مديدة في قبة زينب بنت زين العابدين فاجتمع فيها بالجلال الدركزيني والشيخ عثمان كوهي الفارسي الذي دفن بالقنوات بمكان القلندرية.

ثم أن الساوجي حلق وجهه ورأسه فانطلى على أولئك حاله الشيطاني فوافقوه ، وحلقوا. ثم فتش أصحاب الشيخ عثمان (٢) الرومي على الساوجي فوجدوه بالقبة فسبوه ، وقبحوا فعله ، فلم ينطق ولارد عليهم. ثم اشتهر. وتبعه جماعة وحلقوا وذلك في حدود العشرين والستمائة فيما أظن. ثم لبس دلق (٣) شعر وسافر إلى دمياط. فأنكروا حاله وزيه المنافي للشرع. فزيق بينهم ساعة وإذا هو بعد رفع رأسه فيما قيل شيبة كبيرة بيضاء ، فاعتقدوا فيه ، وضلوا به حتى قيل أن قاضي دمياط وأولاده وجماعته حلقوا لحاهم وصحبوه والله أعلم بصحة ذلك. انتهى.

توفي بدمياط ، وقبره مشهور ، وذكر شمس الدين الجزري أنه رأى كراريس من تفسير القرآن الكريم للشيخ جمال الدين الساوجي بخطه إلى أن قال : وذكر ابن اسرائيل الشاعر أن هذه الطائفة ظهرت بدمشق سنة نيف وستمائة. انتهى.

إشارة : وببانقوسا عدة تكايا يعسر علينا ضبطها.

__________________

(١) بياض في ف. وفي (م) : رسم الكلمة اعلسر.

(٢) سقطت من ف.

(٣) كذا في الأصل وربما الصحيح «خلق»

٤١٣

[الشيخ يونس بن يوسف الشيباني شيخ اليونسية] :

ولا أعلم بحلب زاوية للطائفة اليونسيه ، وهم منسوبون للشيخ يونس بن يوسف ابن مساعد الشيباني ثم المحارمي ـ شيخ الفقراء اليونسية ـ كان رجلا صالحا. قيل إنه كان مجذوبا لا شيخ له وأصحابه يذكرون له كرامات ذكر الشيخ محمد بن أحمد عنه أنه سافر معه فلما مروا على عين بوار التي بحلب منها الملح البواري ـ وهي بين سنجار وعارة ـ وكانت الطريق مخوفة ، فلم ينم أحد ، ونام الشيخ يونس. فسأله عن نومه فقال : ما نمت حتى جاء إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام وتدرك القفل وأصبحنا سالمين. وحكي عنه أنه كان عبد في قريته فقال له : إذا دخلت المدينة فاشتر لام مساعد كفنا ـ يعني زوجته ـ وكانت في عانة (١). فقلت له : ومالها. قال : ما يضر. فلما حضرت وجدتها قد توفيت. وذكر له غير ذلك.

توفي الشيخ يونس في سنة تسع عشرة وستمائة في قريته وهي القنية من أعمال دارا.

وقبره مشهور بها يزار. وكان قد ناهز تسعين سنة انتهى.

[الشيخ أبو السعود الباذبيني شيخ السعودية] :

ولا أعلم بحلب زاوية للسعودية. وهم منسوبون إلى أبي السعود بن أبي العشائر بن شعبان الباذبيني (٢) ثم المعري الزاهد. كان صاحب عبادة وزهد وأحوال وكان بالقرافة. توفي في تاسع شوال سنة أربع وأربعين وستمائة (٣).

__________________

(١) عانة : بلد مشهور بين الرقة وهيت يعد في أعمال الجزيرة .. وهي مشرفة على الفرات ... وبها قلعة حصينة ... (معجم البلدان : عانة)

(٢) كذا في الأصل انظر الحاشية التالية.

(٣) الشيخ أبو السعود بن أبي العشائر بن شعبان بن الطيب (الباذيني) بلدة بقرب جزائر واسط بالعراق ـ من أجلاء مشايخ مصر. تخرج بصحبته مشايخ لا يحصون. ذكر الكثير عن ورعه. قيل إنه صام في المهد. دفن في سفح جبل المقطم. (الطبقات الكبرى : ١ / ١٦٢)

٤١٤

[إبراهيم بن أدهم شيخ الأدهمية] :

وأما الأدهمية فمنسوبون إلى سيدي العارف ولي الله إبراهيم بن (٧٨ و) ف أدهم وستأتي ترجمته في مسجد الأسفريس.

«زاوية الحاج بلاط» : خارج باب المقام

. أنشأها الأمير زين الدين الحاج بلاط داودار الحاج اينال ـ كافل حلب ـ (٧٥ و) م وسبب عمارته لهذه الزاوية أنه توفي ولد لأستاذه الحاج اينال المذكور ودفن هناك ولم يكن هناك تربة ولا زاوية ، وحضرت دفنه ، فرأيت قد شق هناك أساس ووضع هناك أحجار لأجل بناء تربة. ثم شرع بعد ذلك الحاج بلاط في عمارة هذه التربة والزاوية وبينهما حوش كبير وكان هناك بستان فتوصل إليه بطريق شرعي وعمر فيه هذه الزاوية. وجعل هناك حوض ماء أحضره من قرية جبرين وأجرى الماء إليه ، وإلى التربة والزاوية من دولاب كان بالبستان المذكور انتهى.

وهي وقف على فقراء الطلبة من الحنفية عدة عشر أنفار. ورتب فيها إماما ومؤذنا ومدرسا. وشرط أن يطبخ للطلبة الساكنين بها. طعام بكرة وعشيا ولكل واحد من المقيمين وأصحاب الوظائف رغيفين مع زبدية طعام بكرة وعشيا ، ورتب ثلاثة أنفار يقرءون القرآن على تربة أستاذه الحاج اينال ليلة الاثنين وصبيحة الجمعة. انتهى.

ووقف على الزاوية والتربة ربع سوق الملح ، وربع (١) قرية معردبسة (٢). ونصف باسوفان (٣) من جبل سمعان ، وحصة بالنيرب بقرب حلب. ومهما فضل عن المستحقين يكون له ثم لذريته من بعده. ثم من بعدهم للعتقاء من ممالكيه وجواريه (٤).

__________________

(١) حتى نهاية العبارة استدركت على الهامش في (م)

(٢) معردبسة : تتبع إداريا ادلب وتبعد عنها ٣٠ كم. وعن سراقب جنوبا ١٠ كم (التقسيمات الإدارية : ١٤٢)

(٣) سبق التعريف بها.

(٤) لم يبق من الزاوية سوى الإيوان وحجرات بجانبه وجرن الحوض لا زال باقيا. ولا أثر للتربة. (إعلام النبلاء : ٦ / ٨)

٤١٥

زاوية الجية :

هذه الزاوية داخل باب المقام ملاصقة لجامع الطواشي المتقدم ذكره في الجوامع أنشأها ..... (١)

«زاوية تغري ورمش» :

تحت القلعة بالقرب من جامع دمرداش.

أنشأها تغرى برمش كافل حلب. وكانت أولا سوقا للخلع بلا بناء فاشترى أرضها من بيت المال. وأسسها في سنة أربعين. وتمت في سنة إحدى وأربعين.

وجعل لها وقفا حوانيت على بابها وبحضرتها وحصصا من قرى وجعل سماطا ومجاورين وشيخا بايزيدا آفاقيا (٢) عزبا. وجعل لها قارئا يقرأ البخاري. وشرط أن يكون حنيفا. وجعل فوقها مكتبا للأيتام. واتخذ بها مدفنا فخرج إلى الموكب فلما رجع سمع قراءة بالمدفن فقال : ما هذا (!) فقيل : يقرءون القرآن للواقف. (٧٨ ظ) ف فقال : إنما جعلت هذا المكان سقاية للماء.

وأما بوابتها فكانت بدار العدل فنقلت (٣) إلى هذه الزاوية. وأما الحوض الذي بحضرة شبابيكها فكان السلطان المؤيد قد أحضره لما أراد إعادة السور على عادته القديمة ليجعله عتبة باب عند ساحة بزا فلما لم يتفق ذلك ألقيت هناك فأحضرها تغرى برمش وجعلها حوضا.

وهذه الزاوية لطيفة محكمة بالحجر المنحوت وفرش من الرخام الأصفر وغيره وإلى جانبها مطبخ يطبخ به للفقراء ، ومرتفق يأتي إليه الماء من دولاب على القناة وجعل النظر فيها لمن تولى نيابة السلطنة بقلعة حلب فكأنه والله أعلم استشعر من نفسه

__________________

(١) بياض في الأصل.

(٢) كذا في الأصل.

(٣) في الأصل : فنقلتها.

٤١٦

الخروج عن الطاعة عند موت الأشرف فخاف أن يهدمها أهل القلعة وجعل عمالتها للريس ضياء الدين بن النصيبي لأنه هو الذي تولى عمارتها وكان صديقا له. انتهى.

[تغري ورمش]

واعلم أن تغري ورمش (١) المذكور كان في خدمة الأشرف برسباي وكان الأشرف يعتمد عليه في أموره ، ويشاوره ، ويعظمه لعقله ودهائه ومكره ، فإنه كان ذا رأي سديد ، ولما نزل الأشرف إلى آق بسبب الأمير عثمان سلم إليه تخت مصر فأشار على الأشرف أن لا يجاوز البيرة ، وأن يرسل جيوشه لمحاصرة آق فلم يعمل الأشرف برأيه فما نجح أمره ـ كما تقدم في ترجمة الأشرف ـ ثم لما رجع الأشرف إلى القاهرة لم يبرح تغري برمش (٢) من قلعة الجبل ، ولم ينزل إلى العقبة بل لما شاهد الأشرف قد أشرف عليه نزل عن مكانه وقال : هذا المكان الذي سلمته إلى فزادت محبة الأشرف له ، وفوض إليه كفالة حلب ليطالعه بأخبار التتار عوضا عن انيال الجكمي. فدخل تغري برمش حلب وخرج القضاة إلى لقيه على عادتهم وكان شيخنا المؤرخ يعرفه قديما من مدينة بهسنا (٣) لأن شيخنا كان حاكما بها ، وكان والد تغرى برمش صديقا لشيخنا يستدعيه إلى بستانه مع ولده تغري برمش المذكور فلما التقيا تغافل كل منهما عن معرفة الآخر. وقال الكافل للقضاة إلى هنا تلقوني على طريق العتب. فقال القاضي الحنفي له : خالكم نور الدين محمود أخبرنا أنكم تتأخرون عن هذا الوقت فأنف من ذكر خاله وقال : اليوم يوم بارد فأحجم الحنفي عن مكالمته.

__________________

(١) في الأصل : برمش. وورد الوجهان.

(٢) أوردها أحيانا برمش وأحيانا (ورمش).

(٣) بهسنا : «قلعة حصينة عجيبة بقرب مرعش وسميساط ... من أعمال حلب» (معجم البلدان : بهسنا)

٤١٧

ثم أنه نزل على عين المباركة ، ودخل حلب بكرة النهار بحشمة زائدة فباشر حلب بعقل وعفة واستكشف أحوالها بالرجال والمكر ، وجعل له في كل بيت من بيوت الأمراء من يخبره بأخبارهم ، وأرسل إلى بلاد الأعاجم من يستكشف له الأخبار ، ثم سافر عن حلب .... (١)

ثم قدمت عليه العساكر من مصر ثانيا ، وهم : قرقماش ... (٢) وجانم أخو (٧٩ و) ف الأشرف وثاني بك نائب قلعة مصر واقبغا التمرازي وخجا سودون واركماس الدوادار ويشبك المشد وقراجا وتمراز. ومعهم كفال البلاد وهم : اينال الجكمي كافل دمشق ، وجلبان كافل طرابلس وقانباي الحمزاوي كافل حماة وتوجهوا من حلب ومعهم القاضي معين الدين بن العجمي كاتب سر حلب ، وكان تغري برمش يميل إليه إلى عين تاب ، ثم إلى الابلستين ، ثم إلى قرب سيواس.

ودخل بعض العسكر سيواس واشتروا (٣) حاجاتهم وكان قد ساق معه الأعراب والتركمان وابن رمضان والأكراد بيتوتهم ونعمهم ثم توجهوا من سيواس إلى اقشار وأخذوا قلعتها فهرب نائبها انيق حسن إلى قلعة بلدرش فتوجه المصريون وكافل طرابلس وحماه خلفه وحاصروا القلعة المذكورة اثنين وعشرين يوما ، وعملوا مكحلة عظيمة ترمي بقنطار حلبي وأكثر ، ولما أشرفوا على أخذ القلعة المذكورة فرانيق حسن المذكور منها أيضا. فأخذوها. ثم توجه إلى ارزمكان خلا كافل دمشق وحلب. وقد تقدم ذلك مفصلا (٤) فتحققوا إذ ذاك موت الأشرف وكان قصد تغري برمش أن يتوجه إلى قلعة النجا لخلاص اسكندر من أخيه. وأن يذهب بالعسكر وبالاسكندر

__________________

(١) بياض في (ف). وفي استدركت بخط مغاير لكن ليس بمقروء.

(٢) بياض في (ف). وفي استدركت بخط مغاير لكن ليس بمقروء.

(٣) في الأصل شروا.

(٤) م : حتى آخر العبارة استدركت على الهامش.

٤١٨

إلى بلاد العجم لأخذ ثأر الشام من أولاد تمر لنك. وكان يقول لشيخنا مرات بحلب : والله لأحضرن نساء التتار إلى حلب ولأفعلن بهم كما فعلوا بنساء الشام.

فلما لم يتم ذلك وتوفي السلطان ، ورجع العسكر من غير ائتلاف بينهم فلما (٧٦ و) م قاربوا حلب كتب تغري برمش إلى أهل حلب يأمرهم بمنع العسكر من دخول حلب ، فتوجه العسكر إلى بلادهم ، فأخذ هو في العصيان والخروج عن الطاعة باطنا. ولما وردت خلعته باستقراره بكفالة حلب أراد كاتب السر أن يخلفه على قاعدتهم فقال له : لا أخلف بحضرتك. ثم أخذ في العصيان واستجلاب التركمان وغيرهم فاستشعر السلطان جقمق بذلك فورد المرسوم الشريف بملطفات إلى القلعة وأمراء حلب بالركوب عليه. فلما كان ليلة الجمعة بعد العشاء المسفر صباحها عن سلخ شعبان سنة اثنين وأربعين ركب الأمراء عليه ، ورموا عليه من القلعة فركب هو أيضا على الأمراء فشتت شملهم ، فهرب أمراء حلب منها فلما أصبح النهار أرسل خلف القضاة فرحت في خدمة شيخي قاضي القضاة علاء الدين إلى دار العدل ودخلنا إليها من باب عند بيت قرا دمرداش ودخلنا إليه فإذا الجند عنده وعليهم آلات الحرب والرمي موجود من القلعة وقد تهيأ هو وأهل القلعة للقتال فدخلنا إليه بالشباك ، فقال لشيخي وبقية القضاة : ما السبب الذي رمى به أهل القلعة عليّ هل ورد مرسوم بذلك. وما الذي ظهر مني. وأمرهم بالصعود إلى القلعة للسؤال عن حقيقة ذلك. (٧٨ ظ) ف

فخرج القضاة إلى القلعة ، وخرجت معهم. فلما خرجنا من دار العدل وقاربنا القلعة ورأيت شيئا هالني فرجعت أنا فصعد القضاة إلى القلعة فأظهر أهل القلعة المرسوم الشريف بالرمي عليه فنزل القضاة. فلما نزلوا قدم أهل القلعة على اطلاقهم هلا مسكتموهم وأمرتموهم أن يصعدوا على برج القلعة. ويأمرون العامة بإخراجه من البلد. فلما نزل

٤١٩

القضاة إلى دار العدل وأخبروه بذلك بلغني أنهم ... (١) شاوروه على الخطبة. فقال : اخطبوا باسم السلطان. وكذلك على رأسه بجامع الناصري بدار العدل. ثم جد في الرمي على القلعة وعلى حصارها ، وسيأتي طرف من ذلك في فصل القلعة.

ثم أخرجه العامة من حلب في عاشر رمضان يوم الثلاثاء ورجموه ، وخرج خروجا فاحشا. واسكت مماليكه. وأخذ ما كان معهم من المال فخرج من باب أنطاكية وذهب إلى طرابلس فمر على طريقه بطر علي بن سقلسيس. وراح إلى طرابلس فملكها يوم (٢) الخميس تاسع عشر رمضان. وأقام بها إلى آخر رمضان فخرج منها بعد أن صادر أهلها فأمر أن يؤخذ من كل صاحب فسخة (٣) من الصابون على قدر موجوده فخص كل فسخة ألف درهم. وأما صابون الأمراء وأركان الدولة فإنه أخذ عن آخره. وقصد حصار برج ايتمش ليأخذ مائه من زردخانه جلبان. وأرسل القضاة الأربع ومعهم ناصر الدين محمد الحلبي من جماعته إلى من بالبرج ليسلموا ما فيه من الزردخاناه ، فما أجابوا. وأمسكوا ناصر الدين ...... (٤) فأرسل ناصر الدين إلى السلطان.

وأما تغري برمش فلما أخبره القضاة بالخبر همّ بحصار البرج. وشرع في خراب بيت الأمير محمد ناظر البرج ، وأخذ أربعة قدور نحاس من معصرته ومصبنته لصنع مكاحل ليرمي على البرج.

__________________

(١) بياض في ف. وفي (م) أضيفت بخط مغاير كلمه (س م).

(٢) م : العبارة : «يوم الخميس .. وحتى أهل البرج إلى الرملة» استدركت على الهامش

(٣) فسخة : عامية وتعني (قطعة أو جزء)

(٤) بياض في (ف) ، وفي (م) أضيف بخط غير مقروء.

٤٢٠