كنوز الذّهب في تاريخ حلب - ج ١

سبط ابن العجمي الحلبي

كنوز الذّهب في تاريخ حلب - ج ١

المؤلف:

سبط ابن العجمي الحلبي


المحقق: الدكتور شوقي شعث و المهندس فالح البكّور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٥
الجزء ١ الجزء ٢

ثم لشهاب الدين أخي كمال الدين ؛ فخطب ولده في حياته.

ثم لما توفي في فصل سنة خمس وعشرين انتقلت إلى شيخنا شهاب الدين ابن الموازيني(١).

وجعل تغري بردى لقاضي المسلمين شمس الدين الصفدي وظيفة مباشرة فيه.

فلما انتقل من حلب إلى طرابلس قاضيا جعلها للقاضي شرف الدين سبط [ا] بن العجمي. انتهى.

جامع منكلي بغا الشمسي ؛ ولي نيابة حلب عوضا عن قطلوبغا الأحمدي في سنة ثلاث وستين وسبعمائة

ثم وليها ثانية كما تقدم وفي هذه التولية أنشأ هذا الجامع. وباشر منعوتا بأحسن الأوصاف حاملا ألوية العدل والإنصاف إلى أن نقل إلى نيابة دمشق بعد سنة كاملة.

وهذا الجامع لطيف ، حسن العمارة ، ظاهر النورانية ، يشرح الصدر ويذهب الهم ، ويفرج الكرب. ومحرابه في غاية الجودة من الرخام الملون والفسيفسا [ء] ، وهو معتدل على القبلة. من غير انحراف ، ومنبره نهاية من الرخام الأبيض ، والفصوص الملونة. وكذلك سدته من الرخام الأبيض جيد في بابه ، وحائطه فيه وزرة من الرخام الملون السماقي والأبيض. ومنارته حسنة على هيئة لطيفة مدورة في غاية الإحكام.

وكان أولا قبل أن يبنى محلة يباع فيها الخمر. ويقال لها محلة الأرض. فقيض الله سبحانه وتعالى هذا الرجل فأزال المناكر وأسس هذا الجامع بالعدل والإنصاف ؛ كما قال الشاعر :

وإذا تأملت البقاع وجدتها

تشقى كما تشقى الرجال وتسعد

__________________

(١) الموازيني : سيرد في الجزء الثاني.

٢٤١

وأصرف عليه من وجه حلال (١). ثم بلغ مشد العمارة (٢) أن الصيرفي كان يقطع من كل فاعل حبة. فأهانه ؛ وقال : لو درى بك النائب لأهانك وكان الفاعل ينام ويعمل. ولا يكلف. ويأمره بالصلاة (٣). وأقام لعمارته ابن المهندار فقام قياما حسنا وعمره ، وثمر وقفه وزاد ريعه ، وشرى له حصصا.

وقد وقف منكلي بغا كتبا نفيسة لهذا الجامع ؛ ومنها : «التفسير للقرطبي (٤)» و «التبصرة لابن الجوزي (٥)» و «مجمع الأحباب للحسيني (٦)» ، وغيره من الكتب النفائس. وقد ذهب نصف مجمع الأحباب ، وكان كله في مجلدين فذهب مجلد واحد وهو كتاب جليل ترجم فيه الأوليا [ء] والعلما [ء] ، وتكلم فيه على طريق الصوفية ، ووضع الكتب في خزائن بالجامع المذكور. وهذه الخزائن متقنة محكمة فيها الصفائح العظيمة على طريق النجارين. وبلغني أن الشيخ فريكا وهو من الصالحين كان نجار ذلك.

ومنكلي بغا ترجمته مشهورة ، منها :

بلغه أن إمام الحلاوية ـ وهو ابن النجار ـ وكان نائبا عن القاضي الحنفي وله بيت خلف الحلاوية فأراد ان يستقرب البعد لأجل الإمامة ففتح له بابا إلى الحلاوية من (٣٤ ظ) ف قبتها فلما بلغ منكلي بغا ذلك حضر إلى الحلوية ، ونظر فيها ، وقد قيل له : أين الباب المذكور. وعين مكانه فوقف عليه وسأل ما هذا؟ فقيل له : ما جرى.

__________________

(١) في الأصل (حل) ؛ لعل من الصواب ما ذكرنا.

(٢) م : استدركت على الهامش.

(٣) م : استدركت على الهامش.

(٤) تفسير القرطبي : مطبوع ومشهور.

(٥) التبصرة لابن الجوزي : مطبوع ومشهور.

(٦) مجمع الأحباب للحسيني : لم نقف له على ترجمة للمؤلف ولا للكتاب في كتب الفهارس وتراجم الأعلام. حيث الحسيني هناك أكثر من شخص عرف بهذا الاسم وتوفي قبل مؤلفنا هذا.

٢٤٢

فقال : «أما سمع الإمام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «خطوة ترفع درجته ، وخطوة تضع خطيئة». وأمر بسد الباب. انتهى

وفي تاريخ ابن حبيب سنة ثمان وستين وسبعمائة أنشأ منكلي بغا جامعه المشار إليه.

وحوض السبيل. وله نفع متعدد لا يحتاج إلى دليل. انتهى.

ومكتوب على بابه الشمالي أنه أنشأه في غرة شهر صفر سنة سبع وستين وكذلك على باب الشرقي ولا اختلاف في ذلك لأنه ابتدئ في عمارته سنة سبع ، وتم (٣٧ و) م في سنة ثمان. انتهى.

وتوفي منكلي بغا [عام ٧٧٤ ه‍.](١)

وهذا الجامع قيض الله له في محنة تمر رجلا صالحا نزل فيه ومنع الناس من الدخول إليه وإخراب شيء منه ببركة صاحبه. وفي تاسع عشر المحرم سنة اثنين وخمسين وثمانمائة شرع في نقض الحائط الغربي من هذا الجامع وبعض القبو الملاصق له لأنه انشق قديما. وأراد الحاج عمر الجابي لوقفه أن يبني فيه قناطر. وأن يضعها على الصفوية وهي تربة للصفوي (٢) عليها وقف في طاحون الدوير وبها قبر وكان هناك قراء لهم معلوم مرتب من رايع الوقف. واشترى لذلك أحجارا عظيمة ورأيت بعضها على باب الجامع. فلم يتفق ذلك. وكان قد اجتمع مال من رايع الجامع وهو مدخر بالجامع المذكور فتقاسم المباشرون المال ولم يبنوا شيئا من الجامع ، فزاد التقطع في الحائط في السنة المذكورة لما أحدثوا قناة حمام المالحة في أساسه.

فذهب أهل المحلة إلى كافل حلب تنم (٣) وأحضروه إلى الجامع ، فرأى حاله وما آل إليه فرق عليه.

وكان الخواجا شهاب الدين أحمد الملطي ـ عين التجار بحلب إذ ذاك ـ قد تكلم معه في عمارته فقال أخاف من عمارته أن يتوصل أحد من الحكام إلى أخذ شيء من

__________________

(١) بياض في الأصل ؛ والإضافة للمحقق عن شذرات الذهب ، حوادث هذا العام.

(٢) وتعرف بجامع الشيخ صفي الدين.

(٣) تنم : كافل حلب. سترد ترجمته في الحوادث.

٢٤٣

مالي. ودلهم على التكلم مع الكافل في ذلك فتكلموا مع الكافل وعرفوه أن ريعه لا يفي بعمارته. فقال الكافل أنا اتبرع بعمارته. فقال له الجماعة بل نترامى على الملطي ، ونسأله أن يعمره. فقال لهم : افعلوا ما بدا لكم فذهبوا إلى الملطي. واعلموه بذلك ، فأخرج خمسمائة «افلوري (١)» متبرعا بها في عمارته.

وتبرع ابن الشحنة محب الدين العلامة بالكلس من ماله. فأرسل كافل حلب إلى القاهرة وأحضر صناعا لبناء ذلك ، فحضروا ومعهم مهندس. وكان قليل الكلام. ومعلم وشيال ، وكان الشيال طويلا له قدرة على حمل الحجارة العظيمة فشرعوا في النقض كما تقدم فنقضوا حتى بلغوا الأساس ووضع في الأساس أعمدة.

وتمت عمارة ذلك في العشر الأوسط من ربيع الآخر من السنة المذكورة فقال علي بن الرحال : «إن هذا البناء يتشقق ثانيا». فحدث في القبو بعض تشقق. وقد (٣٥ و) ف تشقق الحائط الشمالي مع قبوه في سنة ثلاث وسبعين وازداد في سنة أربع.

واعلم أن الحاج محمد بن صفا ـ رحمهم الله ـ كان رجلا خيرا ، تبرع بجملة من ماله لما فرغت دراهم الملطي. فصرفت في عمارة الحائط المذكور. ولم يقطع للمستحقين الدرهم الفرد.

__________________

(١) افلوري : لعلها من الفوريني نقد أجنبي الأصل من الإيطالية : فيورينوfiorino ، كان مستعملا في مصر قبل نحو من أكثر من مئة سنة. واختلف سعره باختلاف المكان والزمان ... ويقال أيضا : فلورين. (النقود العربية : ١٨٢) وفي م في موضع آخر كتبت حاشية ـ في وقت متأخر ـ تعرف (افلوري) بما ذكرناه لعلها من وضع صاحب المخطوطة العلامة محمد سعيد تيمور. حيث أضاف أنها كانت مستعملة في مصر وسوريا.

٢٤٤

ولما ولي الكلام على الجامع خشقدم ؛ داودار قاتباي الحمزاوي ـ رحمهم الله تعالى ـ قام بعمارته أحسن قيام ، ورقم قبليته بالحجارة الحندراتية (١) وبيضه متبرعا بذلك كله من ماله فزاد في حسنه.

ثم لما ذهب مع استاذه إلى كفالة دمشق أرسل له مصابيح من دمشق (٣٧ ظ) م فعلقت فيه. وهي مذهبة. وغير مذهبة (٢).

ثم لما تكلم عليه يوسف خازندار (٣) جانم (٤) اشترى (٥) له بسطا كثيرة من ماله نشرت بالجامع المذكور مضافة إلى البساط الكبير الذي وقفه الأمير صارم الدين بن منجك ؛ وكان قدم حلب في بعض التجاريد.

ووقف عليه الحاج عمر بن صفا بساطا كبيرا ؛ وكذلك أحمد بن الديوان الاستادار(٦).

وكان هذا الجامع يحضر إليه الناس من البلاد الشاسعة وأطراف البلد للنظر إلى محاسنه ، والاجتماع بمحدثه والدي. وقرا [ء] ة الحديث فيه بشرط الواقف.

__________________

(١) نسبة إلى حندارات القرية المعروفة الآن. شمالي حلب.

(٢) مضطربة الشكل في ف.

(٣) اصطلاح تركي أطلقوه على خازن الدولة ؛ مؤلفه من كلمتين : خزنة : وتعني المال المخزون ، وهي مستمدة من العربية (الخزنة والخزينة). وكلمة : (الدار) فارسية ؛ وتعني : مالك الشيء وصاحبه. (موسوعة حلب : ٣ / ٣٢٨).

(٤) انظر ترجمته في : (الضوء اللامع : ٣ / ٦٤).

(٥) في الأصل : شرى.

(٦) الاستادار : كلمة مركبة من كلمتين ؛ الأولى : استذ : وتعني الآخذ. والثانية : دار : وتعني الممسك. ثم ادغمت الذال في الأولى مع الدال في دار فأصبحت استدار أو استادار. وتعني : المتولي للأخذ. وهو من يتكلم في إقطاع الأمير مع الدواوين والفلاحين وغيرهم.

(معجم الألفاظ التاريخية : ١٥) ؛ (نقد الطالب : ٦٠).

٢٤٥

وكذلك شرط الواقف أن يكون المتكلم على الجامع واحدا ، وفوض ذلك إلى ابن حبيب.

ثم انتقلت إلى الحراني قاضي حلب الحنبلي.

ويأتون أيضا إلى سماع مؤذنه جمال الدين يوسف الكشكاوي. وكان خيرا ، دينا ، صيتا ، يحفظ القرآن ، وانقطع صوته ثم عاد. وربما كان يتزعزع في بعض الأحوال.

وكذلك لسماع مؤذنه شمس الدين التيزيني.

وللصلاة خلف إمامه الشيخ اسرافيل ؛ وكان عبدا صالحا صيتا. وسمي بذلك بحسن صوته.

وكان الرؤساء يجلسون على بابه فلا يستطيع أحد المرور لحشمتهم وحياء منهم. ومن جملتهم : ابن الافتخاري ؛ ووقف صطلا كبيرا من نحاس يعلق على باب الجامع للشرب منه. انتهى.

وفي هذا الجامع في قبليته من جهة الشرق ايوانات أحدهما فيه باب صغير مسدود الآن كان يدخل منه منكلي بغا للصلاة يوم الجمعة كيلا (١) يتخطا رقاب الناس.

جامع الأطروش (٢) :

وهو اقبغا الهذباني (٣) ؛ ويعرف بدمرداش أيضا وتقدم ذكرهما في النواب.

__________________

(١) في الأصل : «ليلا». لعل من الصواب ما ذكرناه.

(٢) (الآثار الإسلامية : ١١١) ؛ (نهر الذهب : ٢ / ٣٦١) ؛ (إعلام النبلاء : ٢ / ٥٠٥).

(٣) ترجم له السخاوي بتوسع منها : اقبغا الظاهري برقوق الأطروش. ولي الاستاذه الحجوبية الكبرى بحلب ثم نيابة صفد ثم طرابلس ثم حلب عام ٨٠١ ه‍. حيث أسس بها جامعه المذكور. وتقلب بالمناصب وعاد إلى حلب ليتوفى سنة ٨٠٦ ه‍. قيل عنه كان ساكنا عاقلا مائلا للخير.(الضوء اللامع : ٢ / ٣١٦)

٢٤٦

[اقبغا الهذباني] : واقبغا المذكور مدفون بتربته في حانب الجامع المذكور بالقبة. ودمرداش توفي مقتولا سنة سبع أو ثمان عشرة وثمانمائة. وكان أميرا ، كبيرا. يعظم العلماء. كثير الحياء والحشمة ؛ قاله بعض المؤرخين (١).

قلت : أخرج أملاك الناس وأوقافهم اقطاعا ، ولم تزل كذلك حتى تسلطن المؤيد (٣٥ ظ) ف رحمه الله فأبطل جمع ذلك. وأجرى الناس على ما كانوا عليه. وهذا الجامع في غاية الجودة من البناء والرخام ، ومنبره من الرخام الأبيض في غاية الحسن. ومحرابه في غاية الجودة من الرخام الأصفر ، وغيره من الآلة الثقيلة ، لكن فيه بعض انحراف عن القبلة. وفيه عمودان من الرخام الأصفر من عجائب الدنيا من الغلظ والارتفاع. وفيه عدة شبابيك من النحاس الأصفر في غاية الجودة. وحائطه الغربي جيد الصناعة حسن البنا [ء]. والباب الذي فيه مؤرخ في سنة إحدى عشرة وثمانمائة (٢). وبابه مؤرخ في سنة اثنى عشرة (٣). وكذلك باب مرتفقه. واقبغا الهذباني كان من عتقاء برقوق. وتنقل في الخدم إلى أن وليّ الحجوبية بحلب بعد رجوع السلطان من الكرك ثم نيابة صفد ثم طرابلس ثم حلب في سنة إحدى وثمانمائة سنة وفاة الظاهر (٣٨ و) م (٤).

__________________

(١) منهم ابن خطيب الناصرية والسخاوي في : (الضوء اللامع : ٣ / ٢١٩) ؛ وأضاف : أنه يعرف بالخاصكي تنقل في المناصب من طرابلس إلى حلب فحماة. ثم عاد إلى حلب. وهو الذي سلم القلعة بالأمان إلى تيمور لنك ـ لأمر في باطنه مع تيمور لنك ـ قتل أخيرا في الاسكندرية عام ٨١٨ ه‍. وهو الذي أكمل جامع أطروش المذكور.

(٢) حيث كتب عليه : «عمر هذا الجامع المقر الأشرف .... (دمرداش الناصري ... في العشر الأخير من شوال المبارك سنة أحد عشر وثمانمائة من الهجرة النبوية».

(٣) حيث كتب : «عمر هذا الجامع ...... دمرداش الناصري ... وكان الفراغ منه سلخ شعبان المكرم من سني اثني عشر وثمانمائة».

(٤) انظر ترجمته فيما سبق.

٢٤٧

«العديمية» ؛ خارج باب النيرب» :

كما ستأتي في المدارس (١) أقيمت فيها الجمعة في زماننا ، واستمرت.

وكان يخطب فيها الشيخ الصالح أحمد الزركشي.

«جامع الفردوس» :

سيأتي الكلام عليه في المدارس.

«جامع التوبة (٢) خارج باب النيرب» :

كان محلة يباع فيها المنكرات ، وتقف فيها القينات وتسمى بحارة السودان. فقام في عمارته جامعا الشيخ محمد بن المعصراني (٣) ؛ الآتي في الحوادث. وكلم كافل حلب تنم (٤) بكلام خشن فتم مقصوده. وقام الناس معه بصفاء نيته ، وأسسه في حياته. وتمم بعد وفاته. فجاء جامعا حسنا نيرا كثير المياه. أجرى إليه الماء من القناة. وأصرف عليه جملة الأمير اسلماس (٥) التركماني.

__________________

(١) انظرها أيضا في المراجع التالية : (الآثار الإسلامية : ٧٢) ؛ (إعلام النبلاء : ١ / ٣١٩) (نهر الذهب : ٢ / ٧٨).

(٢) يرى الغزي أن الصواب : «جامع التوبة : بضم التاء. وهي شجر ذكر التين. وكان فيه شجرة توب عظيمة. أضيف الجامع إليها. والناس يلفظون هذه الكلمة بفتح التاء ..». (نهر الذهب : ٢ / ٣٥٣) والجامع لازال معروفا وقد جدد صحنه عام ١٣٠٠ ه‍. ومحراب القبلة عام ١١٨٠ ه‍. والقبلية عام ١٣١١ ه‍. (إعلام النبلاء : ٥ / ٣٣٧) ؛ (الآثار الإسلامية : ١٩٦).

(٣) الشيخ محمد بن أبي بكر الشهير بالمعصراني المتوفى عام ٨٥٢ ه‍. وسترد ترجمته في هذا الكتاب. انظره.

(٤) تنم : انظره في موضع آخر.

(٥) الأمير اسلماس : سيرد في موضع آخر.

٢٤٨

وكذلك غيره. وتساعد أهل الخير فيه بأموالهم وأنفسهم. وعمر له منارة ورخم أرضه. وهو إلى الآن في زيادة ونمو ببركة من أسسه. ووقف أهل الخير عليه أوقافا.

«جامع الحاج سليمان الكردي (١)» :

«جامع الطواشي : داخل (٢) باب المقام» :

(٣) أنشأه جوهر العلائي الطواشي (٤) ، وهو مطل على خندق قديم داخل البلد الآن. وهذا الجامع لطيف. وله خزانة خلف منبره فإذا قضيت صلاة الجمعة ادخل هذا المنبر إلى هذه الخزانة. فإذا كانت الآتية أخرج منها (٥). وذكر لي أن واقفه قد أسسه خانا فمر به شخص فسأله : ما ذا تبني هذا. فقال : ابنيه خانا. (٣٦ و) ف فقال له : «تبنيه لأولادك». فاستيقظ الطواشي وبناه جامعا. وفي قبلته انحراف.

«جامع عبيس ؛ داخل باب المقام» :

جدد في أيامنا وهو جامع وكان مسجدا قديما فجدد له منارة ، وأقيمت فيه الجمعة.

وسيق إليه الماء من القناة. وتساعد أهل الخير في عمارته (٦).

__________________

(١) أكر الظن أنه الجامع السلماني الذي يقع خارج السور في محلة الضوضو سمى إلى بانيه الحاج سليمان الأيوبي بناه عام ٧٨٣ ه‍. وهو جامع فسيح مفروش الصمد بالرخام فيبلغ أطواله ٥٠* ٥٠ ذراعا له منارة رشقية وله شبا كان جميلان (الآثار الإسلامية ص ١٧٣).

(٢) بياض في الأصل.

(٣) م : العبارة : «أنشأه جوهر العلائي الطواشي» ؛ استدركت على الهامش.

(٤) جوهر العلائي : انظر الجزء الثاني.

(٥) ف : سقطت العبارة : «فإذا كانت الجمعة الآتية أخرج منها».

(٦) يقع في محلة المغازلة (محلة جامع بيز) ، وتعرف باسم بيز أو بيس أو عبيس. (الآثار الإسلامية : ١٩٥).

٢٤٩

«جامع أرغون الكاملي بالقرب من ساحة بزة» :

وهو جامع لطيف له. منارة لطيفة على بابه و [ا] تجاه الباب من خارج بئر ماء ومكتوب على بابه : «أمر بتجديد هذا الجامع أرغون الكاملي (١) في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة». (٣٨ ظ) م.

«جامع الصّروي» :

هذا الجامع بالبياضة (٢) ؛ أنشأه الحاج ناصر الدين محمد بن بيليك الصروي (٣) في سنة ثمانين وسبعمائة. وهو جامع لطيف له محراب من الرخام الأصفر. وكذلك منبره. وسدته. وفي أيامي وسع قبليته وصحنه .... (٤) الاقباعي. انتهى.

[فائدة] :

وتلقب هذه المحلة بالبياضة بالتحفيف.

وكذلك حلب ـ تلقب بالشهباء والبيضاء ؛ لبياض أرضها لأن غالبها من الحجارة الحوارة. وترابها يضرب إلى البياض. وإذا أشرف الإنسان عليها ظهرت له بيضا [ء] كما تقدم (٥). انتهى.

__________________

(١) أرغون الكاملي (الصغير) كان أحد مماليك الصالح إسماعيل ـ تزوج بنت أرغون العلائي. ولاه الناصر نيابة حلب فباشرها مباشرة حسنة. فهابه الجميع. ثم ولي نيابة دمشق في أول دولة الصالح. ثم اعتقل بالإسكندرية. بعدها أفرج عنه. ليتوفى عام ٧٥٨ ه‍. ويدفن بتربته في القدس. (شذرات الذهب : ٦ / ١٨٤).

(٢) ويعرف بجامع البياضة أيضا.

(٣) بيليك الصروي : ترجم له الطباخ في : (إعلام النبلاء : ٥ / ٨٩) نقلا عن الدر المنتخب. لكن لم نهتد إليه في الدر لابن الشحنة.

(٤) بياض في الأصل.

(٥) انظر في ذلك : تحف الانباء : المقدمة) ؛ (حلب الجانب اللغوي : للأسدي) وكتب عديدة.

٢٥٠

«جامع ابن غلبك» :

هذا الجامع برأس البياضة.

أنشأه في أيامنا الأمير فخر الدين عثمان بن شيخنا الأمير شهاب الدين بن اغلبك (١) ، وجعله جامعا تقام فيه الجمعة ومدرسة للحنفية. وجعل فيه محدثا ومدرسا حنفيا. ورتب له إماما وخطيبا ومؤذنين. وقراء سبع. وغير ذلك. وجعل له منارة قصيرة. ووقف عليه شيئا من أملاكه.

وشرط أن يكون المحدث والخطيب العلامة الشيخ شمس الدين بن السلامي الشافعي (٢). وأن يكون المدرس العلامة الشيخ شمس الدين بن أمير حاج الحنفي (٣). ومنبر هذا الجامع من المنجور ؛ فيه صنعة مليحة وتركيب حسن.

«جامع القرناص» (٤) : أنشأه بكتمر القرناصي. وله ترجمة في تاريخ شيخنا المؤرخ.

وقد توفي في سنة خمس وسبعين وسبعمائة.

وأخبرني والدي أنه لما عمره صار يقع عدة مرار فقال في آخر مرة : «والله إن وقعت لابنيك كنيسة». وفيه خطبة. وفقها [ء] من الشافعية. مرتبون. ولهم مدرس. وأدركت الشيخ يوسف الكردي (٥) يدرس فيه.

وقد وقع حائطه الغربي في أيام الشيخ المذكور فتبرع بعمارته الحاج أحمد ابن فستق النشابي ، وكان صديقا للشيخ يوسف المذكور. وأحضر عليا بن الرحال فبلغ

__________________

(١) انظر ترجمته في : «الضوء اللامع : ٥ / ١٢٥».

(٢) الشيخ شمس الدين بن السلامي : من شيوخ المؤلف. انظر ترجمته في المقدمة

(٣) الشيخ شمس الدين بن أمير حاج الحنفي : انظره في موضع آخره.

(٤) قال ابن الشحنة : «وهو الآن مشهور بجامع القاضي قبال المحكمة ..» (الدر المنتخب : ٧٤)

(٥) لعله المعني في : «الضوء اللامع : ٩ / ٣١١».

٢٥١

(٣٦ ظ) ف بأسسه الجبل ، واقامه ووقفت على أسسه حين أسسه. وله منارة محكمة لطيفة من حسن البنا [ء] والأحجار والنحت. ثم في أيامنا تزعزع رأسها فنقض وأعيد ولم يعيدوه كما كان. فإنهم انقصوا (١) من طول العمد التي عليها قبتها فإنهم كانوا طوالا. انتهى.

وذكر لي من أثق به أن الحاج أحمد بن فستق المذكور استشار (٢) الشيخ يوسف في أن يحج وكان الحائط المذكور إذ ذاك منهدما فأجابه الشيخ يوسف إنك قد حججت وأنا أدلك على فعل خير يحصل إن شاء الله لك منه أجر الحاج وأشار عليه أن يعمر حائط القرناصية. فقال الحاج أحمد استخير الله تعالى ومضى من عنده فلقيه الشيخ بيرم المجذوب في طريقه فقال له : افعل الذي أشار عليك الشيخ أحمد ، وبنى الحائط. انتهى.

«جامع الناصرية»

سيأتي الكلام عليه في المدارس إن شاء الله تعالى.

«جامع الناصري» :

داخل دار العذل ، وإلى جانبه مسجد السيدة بنت وثاب النميري ؛ وقد تقدم الكلام عليها في فصل المزارات (٣) وهذا الجامع كان أولا خانا يسمى جان البيض فعمره يلبغا الناصري جامعا ، ووقف عليه (٤) وقفا فلما قتل أخرج السلطان وقفه. وبنى يلبغا المذكور حماما تحت القلعة وإلى جانبه مكتب أيتام ، وحوض ما [ء].

__________________

(١) في الأصل «نقصوا» لعل من الصواب ما ذكرنا.

(٢) م : العبارة بكاملهل استدركت على الهامش.

(٣) انظرها.

(٤) ف : مكررة.

٢٥٢

والآن إنما يصرف على الجامع من مال الحمام. وفي كل أوان يأتي أقارب الناصري من القاهرة وينازعوا أرباب وظائف الجامع ويقول أن الحمام ليست وقفا على الجامع إنما هي لنا وأن وقف الجامع أخرجه السلطان (١).

«جامع السفاحية» : بناه المقر الأشرف أبي العباس أحمد بن سبط بني السفاح وترجمته مذكورة مع أقاربه ؛ أنشأ مدرسة وجامعا بلا منبر بل بكرسي يحمل ، ويوضع أخذ شكله من كرسي البخاري بالجامع الكبير وليس له سدة بل تخت من خشب موضوع للمؤذنين.

وكان في محله معصرة معدة للسيرج فنقضها وجعلها قبالة الجامع المذكور وأسس هذا (١) الجامع وبلغ بأساس المأذنة إلى الماء فنبع عليهم فعجزوا عن إزالة الماء فطرحوا في الأسس جرزونا (٢) وحواريق (٣) من أشجار التوت ثم بنى فوق ذلك.

والباني أولا هو مصطفى. ثم عدل عنه إلى المعلم محمد شقير.

ونحاته شخص مصري يقال له : محمد الفيل.

ونقل إليها الأحجار والرخام الاسود وأخذ بوابة كانت قبال المدرسة الزجاجية فجعلها بوابة الجامع. وجدّ واجتهد في عمارته.

وحصل له في أول يوم وفي أول حجر وضع بعد الأساس نكاية عظيمة من ابن الرزاز الحنبلي فإنه صار ينشد : (٤)

ومطعمة الأيتام من كد فرجها

لك الويل لا تزني ولا تتصدقي

(٣٧ و) ف والله يعلم المفسد من المصلح.

__________________

أ ـ م : حاشية في الأصل : ورسم الكلمات «وهما من سفح المحمدون زعر من»

(١) ف : هذه.

(٢) جرزون : لازالت الكلمة مستخدمة وتعني ما ينتج عن الأشجار عند تقليمها.

(٣) كذا في الأصل.

(٤) في الأصل : لكي.

٢٥٣

ومحرابها وحائطها القبلي وقناطرها من الرخام الأسود والأصفر وأبوابها من الخيط المنجور في غاية الحسن ، وصانع ذلك هو الحاج أحمد بن الفقيه بترتيب الحاج عبد الله الخشاب وكان من أهل الخير إلا باب الشباك الذي عند قبر والد الواقف فإنه من صنعة شخص أعجمي حضر إلى حلب فادعى معرفة الصنعة فاستعمله القاضي شهاب الدين في هذا الباب وفي حاجبه فكلفه عليه كلفة زائدة عن حده فاصرفه. واستعمل الحاج أحمد المذكور. وكان يقول لو عملت هذا الباب من ذهب ما كلفت عليه هذا القدر. انتهى.

ورخام صحنها في غاية الجودة. وتأنق القاضي شهاب الدين المذكور في بنائها ، وجعل له فيها خلوة لينقطع عن المباشرات فيها. وكان مغرما بهذا الجامع. مكثرا لذكره. وعمل لنفسه جبة من الصوف الأسود ليلبسها عند جلوسه في الخلوة. واقتطع من ملكه ، و [ا] شترى أملاكا فوقفها على هذا الجامع و [ا] شترى كتبا نفيسة ووقفها عليه. ورتب خطيبا فخطب بهذا الجامع.

وقد خطب بهذا الجامع الشيخ عمر الاعزازي وهو من أهل الخير والصلاح.

وخطب به شيخنا الشيخ محمد الاعزازي وسيأتي تاريخ وفاته مع ترجمته.

ورتب مدرسا فدرس بها الشيخ علي الكردي ـ تلميذ والدي ـ وهو من أهل الفضل. وكان والدي يميل إليه ، ويحبه. ثم سافر الشيخ علي إلى القاهرة وقرأ على مشايخها.

ودرّس بها الشيخ العلامة قاضي المسلمين أبو بكر بن اسحاق الحنفي (١). والشيخ

__________________

(١) أبو بكر بن اسحاق بن خلد الزين الكختاوي : ويعرف بباكير. ولد نحو ٧٧٠ ه‍. بكختا واشتغل في الفنون فتقدم وفاق أقرانه ، فدرس وأفتى بحلب. ثم استدعي إلى القاهرة ليستقر في مشيخة الشيوخ. كان خيرا. مجتمعا. ذو جلالة. طاف البلدان. حتى بلاد الروم. توفي عام ٨٤٧ ه‍ بالقاهرة. (الضوء اللامع : ٥ / ٢٦)

٢٥٤

شمس الدين أمير حاج (١) المقرئ ، أحضره القاضي بهاء الدين من القاهرة وكان صوفيا منقطعا عن الناس عارفا بالقراءات وأول اجلاس عمله بالجامع المذكور حضر معه شيخنا المؤرخ. وتكلم على أول سورة فاطر.

ودرس بها الشيخ العالم الصالح الشيخ عبيد ـ وستأتي ترجمته ـ ثم لما آل الأمر والكلام على هذا الجامع لولده الزيني عمر كشط ما على الكتب من الوقف واستأصلها بيعا. وأجر وقفها. وشرط في كتاب وقفها محدثا يقرى البخاري ويقرأ السيرة النبوية. وأن يصرف لشخص كل شهر مبلغا ليكنس الشارع الشرقي. ويرشه لئلا يدخل الغبار إلى مدرسته.

وجدد فيها ولده الزيني عمر بعده شيئا من الأبواب المنجورة ووقف واقفها لها ربعه تفرق يوم الجمعة. ورتب لها مؤذنين للأوقات الخمس وإماما. وقراء سبع في كل يوم طرفي النهار ، ويوم الجمعة قبل الصلاة وبعدها وقارئ كرسي. وغير ذلك من خبز ومشتغلين. انتهى.

وقد أقام القاضي شهاب الدين القاضي كمال الدين ابن الخطيب يكتب مصروف عمارة المدرسة فلما وصل إلى صرف خمسة الاف «افلوري» (٢) أمره بالإمساك عن الحساب. وأن لا يرفع إليه حساب بعد اليوم.

(٣٧ ظ) ف والسورة (٣) النحاس التي معلقة بها وقف المدرسة الصلاحية أخذها ووضعها في هذه المدرسة.

وابتدئ في عمارتها في أواخر سنة إحدى وعشرين. وتمت في أوائل سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة.

__________________

(١) ورد في موضع آخر باسم «شمس الدين بن أمير حاج».

(٢) سبق التعريف بها.

(٣) السورة : الصورة.

٢٥٥

وتوفي واقفها رحمه الله تعالى بالقاهرة ثالث عشر رمضان سنة خمس وثلاثين ودفن بالقرافة عند أخيه ناصر الدين. وترجمته مستوفاة عند أقاربه.

«مسجد المحصب (١)» :

تقدم بعض الكلام عليه ؛ ونستوفي هنا فنقول : لما نزل الشيخ عبد الكريم الصوفي فيه بعد نزوله بالرواحية (٢) عند الشيخ عبد الرزاق الشيرواني الشافعي ـ وستأتي ترجمته ـ اجتمع عليه الناس وكثر اتباعه وتلامذته ومعتقدوه أخذ في توسعة هذا الجامع فنقض الحوانيت التي كانت إلى جانبه من جهة الغرب ، وتوصل إلى ذلك بطريق شرعي. وجدّ في عمارته. ووسعه من شرقيته أيضا. وأقام فيه الجمعة. وصار يخطب فيه على الكرسي. إلى أن جدد له جانبك (٣) ـ كافل حلب ـ منبرا. وجدد له الشيخ بابا ثانيا قبلي بابه القديم وشبابيك من جهة الغرب وبيت خلاء داخله ، ورتب له خطيبا وإماما ومؤذنين وقارئا للحديث ولإحياء علوم الدين. ومصابيح وغير ذلك.

وهذا المسجد من جملة ما كتب على بابه : «بتولى عبد الرحيم بن عبد الرحيم ابن العجمي الشافعي في سنة أربع وخمسين وستمائة».

وعلى منارته : «جدد هذه المأذنة القاضي بهاء الدين علي بن محمد بن أبي سوادة موقع الدست بحلب وناظر المكان في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة» انتهى.

«جامع بالجلوم» :

هذا الجامع يعرف قديما بمسجد ظبيان (٤) ؛ قاله [ا] بن شداد (٥)

__________________

(١) قيل أنه بني في زمان أحد العمرين إما عمر بن الخطاب (رض) وإما عمر بن عبد العزيز (رض) (الأعلاق الخطيرة : ١ / ١ / ١٨٦)

(٢) سترد ترجمتها.

(٣) انظره في موضع آخر

(٤) في الأصل ضبيان وما كتبناه عن ابن شداد

(٥) (الأعلاق الخطيرة : ١ / ١ / ١٨٧) : وقال : «مسجد من إنشاء الحاج ظبيان الحلبي».

٢٥٦

وكذا رأيت مكتوبا على بابه. عمر هذا المسجد الحاج ضبيان بن بدران في سنة ثمان وعشرين وستمائة.». انتهى.

وفي أيامنا جدد في هذا المسجد منبر وسدة. وأقيمت فيه الجمعة. وله على بابه منارة قصيرة بعمارة واقفه.

ثم (١) لما قدمت العساكر المنصورة حلب جدد له نائب صفد مناره.

ووسع فيه الشيخ محمد الحمصي ـ مؤدب الأيتام ـ زيادة كثيرة. وصهريج يجمع الماء العذب.

«جامع ايدمر» (٢) :

هذا الجامع في ذيل عقبة بني المنذر [ا] تجاه حمام الخواجا ، وكان مسجدا قديما عمر في أيام السلطان غازي. ثم دثر فجدده ايدمر بن عبد الله الشماع (٣).

وهو مكان مبارك تقام فيه الجمعة. ومكتوب على بابه أن آيدمر جدده في سنة ثلاث وأربعين. وتوفي في سنة أربع وأربعين. انتهى.

وفي داخل هذا الجامع قبر في إيوانه الشمالي. والصندوق الرخام الذي كان عليه نقل إلى جانب الشمالية ؛ ولعله قبر آيدمر المذكور (٤).

__________________

(١) م : العبارة : «ثم لما قدمت .. وحتى .. يجمع الماء العذب» ؛ استدركت على الهامش.

(٢) جامع ايدمر : قال عنه الطباخ : يعرف الآن بجامع الخواجا وهو في زقاق يسمى باسمه ... وعن القبر لا زال موجودا ونقل إلى الصحن ملاصقا للجدار. (إعلام النبلاء ٤ / ٥٤٠).

(٣) يمكن ترجمته من خلال ما وجد مكتوبا على الحجرة التي كانت فوق الباب القديم وبنيت في جدار الجامع الشرقي بين الشباكين ونص الكتابة : «جدد هذا المسجد .. عز الدين أيدمر بن عبد الله الشماع ... وذلك في ... سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة وتوفي في ...... سنة أربع وأربعين ...». (إعلام النبلاء : ٤ / ٥٤١).

(٤) انظر ما سبق في الحاشية.

٢٥٧

وجدد في سقف صحنه القاضي شهاب الدين بن الزهري في أيام ولايته حلب. انتهى. / (٤٠ و) م (٣٨ و) ف

«جامع المهمندار» :

بناه الحسين بن بلبان حسام الدين المهمندار (١) الجد ؛ كان من أمراء حلب. ووقف عليه وقفا من جملته : «حصة بقرية السموقة (٢)» و «حصة بحمام [ا] عزاز» و «البيت الذي [ا] تجاه الجامع المذكور».

ثم إن جار الله يوسف بن الأمير أحمد المهمندار ذكر أنه استبدل بهذا البيت مكانا.

ومن شرط واقفه كما رأيته في كتاب وقفه : أن يكون له جابيا ومعمارا وشاذا (٣) ؛ وقد ألحق فيه. وعاملا. وذلك في عاشر شوال سنة اثنين وسبعمائة.

وهذا الجامع نير ، كثير المياه. له منارة لم يوجد في مملكة الشام أحسن منها : بل ذكر لي أنه ولا في مصر أظرف منها. وله منبر من الرخام الأصفر وكذلك سدته. وهذه المنارة فيها من الصنائع من أولها إلى رأس قبتها بحيث أن الناظر إليها لا يميز حجرا من حجر من الأشكال المختلفة في نحتها وتركيبها ودرابزينها من الأحجار المخرمة. وقبتها .... (٤)

وإلى جانب هذا الجامع مسجد قديم لم يغيره الواقف إنما جعله في جانب جامعه من الغرب. وفتح بينهما. انتهى.

__________________

(١) شقيق الأمير علاء الدين حاجب الحجاب بحلب.

(٢) منطقة اعزاز وتبعد عنها ٣٠ كم. وتتبع اداريا ناحية تل رفعت وتبعد عنها ١٥ كم (التقسيمات الإدارية : ١٨٥)

(٣) في الأصل : شاذا. لعل من الصواب ما ذكرنا. وهو مشد العمائر انظر ما كتبنا عنه في موضع آخر.

(٤) رسم الكلمة (مهسر).

٢٥٨

[بيت المهمندار] :

وبيت المهمندار كان بيت سعادة وحشمة. ومعروف. ورياسة. وثروة كبيرة. فآل ذلك إلى الأخوين ؛ وهما : ناصر الدين محمد ، وشهاب الدين عن ولد ذكر. وأما ناصر الدين فلم يتزوج قط. وكان محتشما ، قليل الكلام. وله ثروة عظيمة وكان يحب جمع الكتب النفيسة. والأشياء النفيسة من كل فن.

أخبرني القاضي علاء الدين بن الحاضري ؛ قال : اجتمعت به يوما وكان ابن أخيه يوسف صغيرا فخرج يلعب فزبره ابن عمه فنهيته عن ذلك فقال : «إن عمر هذا يبيع مسامير بيتنا» وتوفي ناصر الدين المذكور فورثه ابن أخيه يوسف فحبب إليه الحج فحج حجتين عظيمتين. وأصرف عليهما أموالا كثيرة. وبذر. وباع الأملاك شيئا فشيئا. ولم يبق له أثره لكن في أنواع الخير لا في معصيته.

«جامع القصر ؛ داخل باب الجنان» :

نسبة إلى قصر كان هناك. وقد تقدم ذكره في تعداد القصور (١).

كان مسجدا قديما. وبعد الثمانمائة جدده ... و.. (٢) وأقيمت فيه الجمعة. وبه منبر من الرخام الأصفر. وليس له منارة.

«جامع باب الجنان» :

يسمى بمشهد علي ؛ وسيأتي ذكره في المشاهد (٣). وهو مسجد قديم وبه عدة محاريب تقام فيه الجمعة. وكان هذا المكان داخل باب الجنان فلما عمرت الأسوار في أيام الأشرف جعل خارج الباب.

__________________

(١) انظره في موضعه ؛ وهو القصر الذي بناه مرتضى الدولة أبو نصر منصور بن لؤلؤ ، أحد موالي بني حمدان.

(٢) بياض في الأصل.

(٣) ذكره أيضا ابن شداد في : (الأعلاق الخطيرة : ١ / ١ / ١٤٦)

٢٥٩

وقد زاد في هذا المكان الخواجا ... (١) بن الجزري زيادة من جهة الغرب ؛ وهي قبة وبها شبا كان على الدرب. ووقف عليه أوقافا منها ثلثا مصبنة الجزرية. وجعل فيه قارئا يقرأ الصحيحين. وقراء يقرءون القرآن بعد صلاة الصبح وأن (٣٨ ظ) ف يصرف من هذا الوقف لمؤذن الجامع المذكور وفي مصالحه من سبيل ماء. وما يحتاج إليه الجامع. (٤٠ ظ) م

«جامع بالدباغة» :

هذا الجامع يقال له «جامع الرومي» (٢) ؛ له مناره عظيمة. وهو جامع له صحن لطيف وقبليته غربي الصحن مقبوء بالأحجار.

وبنى إلى جانبه موسى الصيرفي المهاجر إلى دين الإسلام ـ حسن إسلامه وحج إلى بيت الله الحرام سنة سبع وثلاثين. وكان رفيقنا في الحج تربة ومسجدا. وجعل بينهما بابا. وجعل في مسجده بركة ماء وسقف مسجده بالأخشاب. وليس فيما عمره طائل إنما هو من اللبن والحوارة. ودفن أولاده في جانب هذا المسجد (٣). انتهى.

وهذا الرومي الذي ينسب إليه هذا الجامع أخبرني بعض المشايخ أنه كان تاجرا ، وأنه سافر ورفقة معه فوقع عليهم برد ببعض البوادي فقتل دوابهم وأهلكهم. فسلم هذا الرجل المذكور فجمع ما كان مع رفاقه من المال ودخل حلب وبنى هذا الجامع.

وبنى خانا بالقرب من الجامع المذكور ، والآن هو : «خان للدقاقين».

وبنى حماما بالقرب من باب قنسرين (٤). وهي الآن بعضها وقف على جامع (٥) منكلي بغا.

__________________

(١) بياض في الأصل.

(٢) يرى الطباخ أنه يعرف الآن (بجامع دباغة العتيقة). (إعلام النبلاء : ٥ / ٢١٠)

(٣) هدم عام ١٩٥٣. (الآثار الإسلامية : ٨٢)

(٤) لا أثر لها الآن (إعلام النبلاء : ٥ / ٢١٠)

(٥) انظره أيضا في : (الدر : ٧٣)

٢٦٠