تذكرة بالإخبار عن اتّفاقات الأسفار

محمّد بن أحمد بن جبير الأندلسي

تذكرة بالإخبار عن اتّفاقات الأسفار

المؤلف:

محمّد بن أحمد بن جبير الأندلسي


المحقق: علي كنعان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 978-9953-36-220-3
الصفحات: ٣٠٣

تحفظوا بما عندكم يا حجاج من العمال الممكسين لئلا يقع عليكم. وظن أن عندنا تجارة تقتضي التمكيس. فاستجاب له أحد النصارى ، فقال : ما أعجب أمرك ، يدخلون حرم الملك ، ويخافون من شيء ، ما كنت أود لهم إلا آلافا من الرباعيات ، انهضوا بسلام لا خوف عليكم. فقضينا عجبا مما شاهدناه وسمعناه. وخرجنا إلى أحد الفنادق فنزلنا فيه ، وذلك يوم السبت السادس عشر للشهر المبارك ، والثاني والعشرين لدجنبر ، وفي خروجنا من القصر المذكور سلكنا بلاطا متصلا مشينا فيه مسافة طويلة ، وهو مسقف ، حتى انتهينا إلى كنيسة عظيمة البناء. فاعلمنا أن ذلك البلاط ممشى الملك إلى هذه الكنيسة.

ذكر المدينة التي هي حضرة صقلية

أعادها الله

هي بهذه الجزائر أم الحضارة ، والجامعة بين الحسنين غضارة ونضارة ، فما شئت بها من جمال مخبر ومنظر ، ومراد عيش يانع أخضر ، عتيقة أنيقة ، مشرقة مونقة ، تتطلع بمرأى فتان ، وتتخايل بين ساحات وبسائط كلها بستان ، فسيحة السكك والشوارع ، تروق الأبصار بحسن منظرها البارع ، عجيبة الشان ، قرطبية البنيان ، مبانيها كلها بمنحوت الحجر المعروف بالكذان ، يشقها نهر معين ، ويطرد في جنباتها أربع عيون ، قد زخرفت فيها لملكها دنياه ، فاتخذها حضرة ملكه الإفرنجي أباده الله. تنتظم بلبتها قصوره انتظام العقود في نحور الكواعب ، ويتقلب من بساتينها وميادينها بين نزهة وملاعب. فكم له فيها ، لا عمرت به ، من مقاصير ومصانع ، ومناظر ومطالع. وكم له بجهاتها من ديارات قد زخرف بنيانها ، ورفه بالأقطاعات الواسعة رهبانها ، وكنائس قد صيغ من الذهب والفضة صلبانها ، وعسى الله عن قريب أن يصلح لهذه الجزيرة الزمان ، فيعيدها دار إيمان ، وينقلها من الخوف للأمان ، بعزّته إنه على ما يشاء قدير.

وللمسلمين بهذه المدينة رسم باق من الإيمان ، يعمرون أكثر مساجدهم ويقيمون الصلاة بأذان مسموع ، لهم أرباض قد انفردوا فيها بسكناهم عن النصارى ، والأسواق معمورة بهم وهم التجار فيها. ولا جمعة لهم بسبب الخطبة المحظورة عليهم ، ويصلون

٢٦١

الأعياد بخطبة دعاؤهم فيها للعباسي. ولهم بها قاض يرتفعون إليه في أحكامهم ، وجامع يجتمعون للصلاة فيه ويحتفلون في وقيده في هذا الشهر المبارك. وأما المساجد فكثيرة لا تحصى ، وأكثرها محاضر لمعلمي القرآن. وبالجملة فهم غرباء عن إخوانهم المسلمين تحت ذمة الكفار ، ولا أمن لهم في أموالهم ولا في حريمهم ولا أبنائهم ، تلافاهم الله بصنع جميل بمنّه.

ومن جملة شبه هذه المدينة بقرطبة ، والشيء قد تشبه بالشيء من إحدى جهاته ، أن لها مدينة قديمة تعرف بالقصر القديم هي في وسط المدينة الحديثة ، وعلى هذا المثال موضوع قرطبة ، حرسها الله. وبهذا القصر القديم ديار كأنها القصور المشيدة ، لها مناظر في الجو مطلة تحار الأبصار في حسنها.

عيد الميلاد

في كنيسة الإنطاكي

ومن أعجب ما شاهدناه بها من أمور الكفران كنيسة تعرف بكنيسة الأنطاكي ، أبصرناها يوم الميلاد ، وهو يوم عيد لهم عظيم ، وقد احتفلوا لها رجالا ونساء ، فأبصرنا من بنيانها مرأى يعجز الوصف عنه ، ويقع القطع بأنها أعجب مصانع الدنيا المزخرفة : جدرها الداخلة ذهب كلها ، وفيها من ألواح الرخام الملون ما لم ير مثله قط ، قد رصعت كلها بفصوص الذهب ، وكللت بأشجار الفصوص الخضر ، ونظم أعلاها بالشمسيات المذهبات من الزجاج ، فتخطفت الأبصار بساطع شعاعها ، وتحدث في النفوس فتنة نعوذ بالله منها. وأعلمنا أن بانيها الذي تنسب إليه أنفق فيها قناطير من الذهب ، وكان وزيرا لجد هذا الملك المشرك. ولهذه الكنيسة صومعة قد قامت على أعمدة سوار من الرخام ملونة ، وعلت قبة على أخرى سوار كلها فتعرف بصومعة السواري ، وهي من أعجب ما يبصر من البنيان ، شرفها الله عن قريب بالأذان ، بلطفه وكريم صنعه.

وزي النصرانيات في هذه المدينة زي نساء المسلمين : فصيحات الألسن ، ملتحفات ، منتقبات ، خرجن في هذا العيد المذكور وقد لبسن ثياب الحرير المذهب ،

٢٦٢

والتحفن اللحف الرائقة ، وانتقبن بالنقب الملونة ، وانتعلن الأخفاف المذهبة ، وبرزن لكنائسهن أو كنسهن حاملات جميع زينة نساء المسلمين من التحلي والتخصب والتعطر. فتذكرنا على جهة الدعابة الأدبية قول الشاعر (١) :

إن من يدخل الكنيسة يوما

يلق فيها جآذرا وظباء

ونعوذ بالله من وصف يدخل مدخل اللغو ، ويؤدي أباطيل اللهو ، ونعوذ به من تقييد ، يؤدي إلى تفنيد ، إنه سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة. فكان مقامنا بهذه المدينة سبعة أيام ، ونزولنا بها في أحد فنادقها التي يسكنها المسلمون ، وخرجنا منها صبيحة يوم الجمعة الثاني والعشرين لهذا الشهر المبارك ، والثامن والعشرين لشهر دجنبر ، إلى مدينة أطرابنش ، بسبب مركبين بها : أحدهما يتوجه إلى الأندلس ، والثاني إلى سبتة. وكنا أقلعنا إلى الإسكندرية فيه ، وفيهما حجاج وتجار من المسلمين ، فسلكنا على قرى متصلة وضياع متجاورة ، وأبصرنا محارث ومزارع لم نر مثل تربتها طيبا وكرما واتساعا ، فشبهناها بقنبانية قرطبة ، أو هذه أطيب وأمتن.

وبتنا في الطريق ليلة واحدة في بلدة تعرف بعلقمة ، وهي كبيرة متسعة ، فيها السوق والمساجد ، وسكانها وسكان هذه الضياع التي في هذه الطريق كلها مسلمون ، وقمنا منها سحر يوم السبت الثالث والعشرين لهذا الشهر المبارك ، والتاسع والعشرين لدجنبر ، فاجتزنا بمقربة منها على حصن يعرف بحصن الحمة ، وهو بلد كبير فيه حمامات كثيرة ، وقد فجرها الله ينابيع في الأرض وأسالها عناصر لا يكاد البدن يحتملها لإفراط حرّها ، فأجزنا منها واحدة على الطريق ، فنزلنا إليها عن الدواب وأرحنا الأبدان بالاستحمام فيها. ووصلنا إلى أطرابنش عصر ذلك اليوم ، فنزلنا فيها في دار اكتريناها.

ذكر مدينة أطرابنش من جزيرة صقلية

أعادها الله

هي مدينة صغيرة الساحة ، غير كبيرة المساحة ، مسورة بيضاء كالحمامة ، مرساها من

__________________

(١) هو الأخطل كما يذكر أبو إسحاق البطليوسي ، والقصيدة غير موجودة في الموسوعة الشعرية.

٢٦٣

أحسن المراسي وأوفقها للمراكب. ولذلك يقصد الروم كثيرا إليها ولا سيما المقلعون إلى بر العدوة ، فإن بينها وبين تونس مسيرة يوم وليلة ، فالسفر منها إليها لا يتعطل شتاء ولا صيفا إلا ريثما تهب الريح الموافقة ، فمجراها في ذلك مجرى المجاز القريب. وبهذه المدينة السوق والحمام وجميع ما يحتاج إليه من مرافق المدن ، لكنها في لهوات (١) البحر لإحاطته بها من ثلاث جهات ، واتصال البر بها من جهة واحدة ضيقة ، والبحر فاغر فاه لها من سائر الجهات ، فأهلها يرون أنه لا بد له من الاستيلاء عليها وإن تراخى مدى أيامها ، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى.

وهي مرفقة موافقة لرخاء السعر بها لأنها على محرث عظيم ، وسكانها المسلمون والنصارى ، ولكلا الفريقين فيها المساجد والكنائس. وبركنها من جهة الشرق ، مائلا إلى الشمال على مقربة منها ، جبل عظيم مفرط السمو متسع ، في أعلاه قنة تنقطع عنه ، وفيها معقل للروم. وبينه وبين الجبل قنطرة ، ويتصل به في الجبل للروم بلد كبير ، ويقال إن حريمه من أحسن حريم هذه الجزيرة ، جعلها الله سببا للمسلمين.

وبهذا الجبل الكروم والمزارع. وأعلمنا أن به نحو أربعمائة عين متفجرة ، وهو يعرف بجبل حامد. والصعود إليه هين من إحدى جهاته ، وهم يرون أن منه يكون فتح هذه الجزيرة ، إن شاء الله. ولا سبيل أن يتركوا مسلما يصعد إليه ، ولذلك أعدوا فيه ذلك المعقل الحصين ، فلو أحسوا بحادثة حصلوا حريمهم فيه وقطعوا القنطرة. واعترض بينهم وبين الذي في أعلاه متصل به خندق كبير. وشأن هذا البلد العجيب ، فمن العجب أن يكون فيه من العيون المتفجرة ما تقدم ذكره ، وأطرابنش في هذا البسيط ولا ماء لها إلا من بئر على البعد منها ، وفي ديارها آبار قصيرة الأرشية ، ماؤها كلها شريب لا يساغ.

وألفينا المركبين الذين يرومان الإقلاع إلى المغرب بها ، ونحن ، إن شاء الله ، نؤمل ركوب أحدهما ، وهو القاصد إلى بر الأندلس ، والله بمعهود صنعه الجميل كفيل بمنه. وفي غربي هذه البلدة ، أطرابنش المذكورة ، ثلاث جزائر في البحر على نحو فرسخين منها ، وهي صغار متجاورة : إحداها تعرف بمليطمة ، والأخرى بيابسة ، والثالثة تعرف

__________________

(١) لهوات (جمع لهاة) : لسان المزمار في الحلق ، والتشبيه واضح.

٢٦٤

بالراهب ، نسبت إلى راهب يسكنها في بناء أعلاها كأنه الحصن ، وهي مكمن للعدو. والجزيرتان لا عمارة فيهما ، ولا يعمر الثالثة سوى الراهب المذكور.

شهر شوال

عرفنا الله يمنه وبركته

استهل هلاله ليلة السبت الخامس من ينير بشهادة ثبتت عند حاكم أطرابنش المذكورة بأنه أبصر هلال شهر رمضان ليلة الخميس ، ويوم الخميس كان صيام أهل مدينة صقلية المتقدم ذكرها ، فعيد الناس على الكمال بحساب يوم الخميس المذكور. وكان مصلانا في هذا العيد المبارك بأحد مساجد أطرابنش المذكورة ، مع قوم من أهلها امتنعوا من الخروج إلى المصلى لعذر كان لهم. فصلينا صلاة الغرباء ، جبر الله كل غريب إلى وطنه ، وخرج أهل البلد إلى مصلاهم مع صاحب أحكامهم ، وانصرفوا بالطبول والبوقات ، فعجبنا من ذلك ومن إغضاء النصارى لهم عليه. ونحن قد اتفق كراؤنا في المركب المتوجه ، إن شاء الله إلى بر الأندلس ونظرنا في الزاد ، والله المتكفل بالتيسير والتسهيل.

ووصل أمر من ملك صقلية بعقلة المراكب بجميع السواحل بجزيرته ، بسبب الأسطول الذي يعمره ويعده ، فليس لمركب سبيل للسفر إلى أن يسافر الأسطول المذكور ـ خيب الله سعيه ولا تمم قصده ـ فبادر الروم الجنويون ، أصحاب المركبين المذكورين ، إلى الصعود فيهما تحصنا من الوالي. ثم امتد سبب الرشوة بينهم وبينه فأقاموا بمركبيهم ينتظرون هواء يقلعون به. وفي هذا التاريخ المذكور وصلتنا أخبار موحشة من الغرب ، منها تغلب صاحب ميورقة على بجاية ، والله لا يحقق ذلك ويجعل العاقبة والهدنة للمسلمين بمنّه وكرمه.

والناس في هذه المدينة يرجمون الظنون في مقصد هذا الأسطول الذي يحاول هذا الطاغية تعميره ، وعدد أجفانه ، فيما يقال ، ثلاثمائة : بين طرائد ومراكب ، ويقال : أكثر من ذلك. ويستصحب معه نحو مائة سفينة تحمل الطعام ، والله يقطع به ويجعل الدائرة عليه. فمنهم من يزعم أن مقصده الإسكندرية ، حرسها الله وعصمها ، ومنهم

٢٦٥

من يقول : إن مقصده ميورقة ، حرسها الله ، ومنهم من يزعم أن مقصده إفريقية ، حماها الله ، ناكثا لعهده في السلم بسبب الأنباء الموحشة الطارئة من جهة المغرب. وهذا أبعد الظنون من الإمكان لأنه مظهر للوفاء بالعهد ، والله يعين عليه ولا يعينه. ومنهم من يرى أن احتفاله إنما هو لقصد القسطنطينية العظمى بسبب ما ورد من قبلها من النبأ العظيم الشأن ، والمهدي للنفوس بشائر تتضمن عجائب من الحدثان ، وتشهد للحديث المأثور عن المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصدق البرهان. وذلك بأنه ذكر أن صاحبها توفي وترك الملك بعده لزوجه ولها ابن صغير ، فقام ابن عم له في الملك وقتل الزوج المذكورة وثقف الابن المذكور ، ثم ابنا للثائر المذكور عطفته الرحم على الابن المعتقل فأطلق سبيله ، وكان أبوه قد أمره بقتله ، فرمت به الأقدار إلى هذه الجزيرة بعد خطوب جرت عليه ، فوردها على حالة ابتذال ، ومهنة استعمال ، خادما لأحد الرهبان ، مسدلا على شارته الملوكية سترا من الامتهان ، ففشا الأمر ، وذاع السر ، ولم يغن عنه ذلك الستر. فاستحضر عن أمر الملك الصقلي غليام ، المذكور قبل ، واستنطق واستفهم ، فزعم أنه عبد لذلك الراهب وخديمه ، ثم إن طائفة من الروم الجنويين المسافرين إلى القسطنطينية أثبتوا صفته وحققوا أنه هو مع مخايل ودلائل ملوكية لاحت منه : منها ، فيما ذكر لنا ، أن الملك غليام خرج في يوم زينة له ، وقد اصطف الناس للسلام عليه ، وأحضروا الفتى المذكور في جملة الخاصة ، فصقع الجميع خدمة للملك وتعظيما لطوعه عليهم إلا ذلك الفتى فإنه لم يزد على الإيماء في السلام ، فعلم أن الهمة الملوكية منعته من المدخل مدخل السوقة ، فاعتنى به الملك غليام وأكرم مثواه ، وأذكى عيون الاحتراس عليه خوفا من اغتيال يلحقه بتدسيس من ابن عمه الثائر عليه.

وكانت له أخت موصوفة بالجمال علق بها ابن العم الثائر على الملك المذكور ، فلم يمكنه تزويجها بسبب أن الروم لا تنكح في الأرقاب ، فحمله الحب المصمي والهوى المصم المعمي ، والسعادة التي تفضي بصاحبها إلى العاقبة الحسنى وترمي على أخذها والتوجه بها إلى الأمير مسعود صاحب الدروب وقونية وبلاد العجم المجاورة للقسطنطينية. وقد تقدم ذكر غنائه في الإسلام فيما مضى من هذا التقييد ، وحسبك أن

٢٦٦

صاحب القسطنطينية لم يزل يؤدي الجزية إليه ولصالحه على ما يجاوره من البلاد ، فأسلم مع ابنة عمه على يده ، وسيق له صليب ذهب قد أحمي عليه في النار فوضعه تحت قدمه ، وهي عندهم أعظم علامات الترك لدين النصرانية والوفاء بذمة دين الإسلام ، وتزوج ابنة العم المذكورة وبلغ هواه ، وأخذ جيوش المسلمين معه القسطنطينية فدخلها بهم وقتل من أهلها نحو الخمسين الفا من الروم. وأعانه الأغريقيون على فعله ، وهم فرقة من أهل الكتاب وكلامهم بالعربية ، وبينهم وبين سائر الفرق من جنسهم عداوة كامنة. وهم لا يرون أكل لحم الخنزير ، فشفوا نفوسهم من أعاديهم ، وقرع الله نبع الكفر بعضه ببعض ، واستولى المسلمون على القسطنطينية ، ونقلت أموالها كلها ، وهي ما لا يأخذه الإحصاء ، إلى الأمير مسعود ، وجعل من المسلمين فيها ما ينيف على الأربعين ألف فارس ، واتصلت بلادهم بها. وهذا الفتح ، إذا صح ، من أكبر شروط الساعة ، والله أعلم بغيبه.

ألفينا هذا الحديث بهذه الجزيرة مستفيضا على ألسنة المسلمين والنصارى محققين له لا شك عندهم فيه ، أنبأت به مراكب الروم التي وصلت من القسطنطينية. وكان أول سؤال مستخلف الملك بالمدينة لنا ، يوم أحضرنا لديه عند دخولنا المدينة ، عما عندنا من خبر القسطنطينية ، فلم يكن عندنا علم ولا تعرفنا معنى السؤال عنها إلا بعد ذلك. وتحققوه أيضا من جهة ملكها ، هذا الصبي ، وما كان من إتباع الثائر عليه إياه عيونا يروم اغتياله. فهو اليوم بسبب ذلك عند صاحب صقلية محترس محافظ عليه ، لا يكاد يصل لحظ العيون إليه.

وأخبرنا أنه رطيب غصن الصبا ، محتدم حمرة الشباب ، صقيل رونق الملك ، عليه ناظر في علم اللسان العربي وغيره ، بارع في الأدب الملوكي ، ذو دهاء على فتوة سنه وغمرية شبيبته. فالملك الصقلي ، على ما يذكر ، يروم توجيه الأسطول المذكور إلى القسطنطينية أنفة لهذا الصبي المذكور ، وما جرى عليه. وكيفما توجه الأمر فيه من هذه المقاصد فالله ـ عزّ وجل ـ ينكصه خاسرا على عقبه ، ويعرفه شؤم مذهبه ، ويجعل قواصف الرياح خاسفة به ، إنه على ما يشاء قدير. وهذا الخبر القسطنطيني ، حققه الله ، من أعظم عجائب الدنيا وكوائنها المرتقبة ، ولله القدرة البالغة في أحكامه وأقداره.

٢٦٧

شهر ذي القعدة

عرفنا الله يمنه وبركته

استهل هلاله ليلة الاثنين الرابع من شهر فبرير ونحن بمدينة أطرابنش ، المتقدم ذكرها ، منتظرين انسلاخ فصل الشتاء وإقلاع المركب الجنوي الذي أملنا ركوبه إلى الأندلس ، إن شاء الله عزّ وجل ، والله سبحانه ييمن مقصدنا وييسر مرامنا بمنّه وكرمه.

وفي مدة مقامنا بهذه البلدة تعرفنا ما يؤلم النفوس تعرفه من سوء حال أهل هذه الجزيرة مع عباد الصليب بها ، دمرهم الله ، وما هم عليه معهم من الذل والمسكنة ، والمقام تحت عهدة الذمة ، وغلظة الملك ، إلى طوارئ دواعي الفتنة في الدين على من كتب الله عليه الشقاء من أبنائهم ونسائهم. وربما تسبب إلى بعض أشياخهم أسباب نكالية تدعوه إلى فراق دينه ، فمنها قصة اتفقت في هذه السنين القريبة لبعض فقهاء مدينتهم التي هي حضرة ملكهم الطاغية ، ويعرف بابن زرعة ، ضغطته العمال بالمطالبة ، حتى أظهر فراق دين الإسلام والانغماس في دين النصرانية ، ومهر في حفظ الإنجيل ومطالعة سير الروم وحفظ قوانين شريعتهم ، فعاد في جملة القسيسين الذين يستفتون في الأحكام النصرانية. وربما طرأ حكم إسلامي فيستفتى أيضا فيه لما سبق من معرفته بالأحكام الشرعية ، ويقع الوقوف عند فتياه في كلا الحكمين. وكان له مسجد بإزاء داره أعاده كنيسة ، نعوذ بالله من عواقب الشقاوة وخواتم الضلالة. ومع ذلك ، فأعلمنا أنه يكتم إيمانه. فلعله داخل تحت الاستثناء ، في قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ ، مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)(١)

ووصل هذه الأيام إلى هذه البلدة زعيم أهل هذه الجزيرة من المسلمين وسيدهم القائد أبو القاسم بن حمود ، المعروف بابن الحجر. وهذا الرجل من أهل بيت بهذه الجزيرة توارثوا السيادة كابرا عن كابر. وقرر لدينا مع ذلك أنه من أهل العمل الصالح ، مريد للخير ، محب في أهله ، كثير الصنائع الأخروية من افتكاك الأسارى

__________________

(١) سورة النحل : الآية ١٠٦.

٢٦٨

وبث الصدقات في الغرباء والمنقطعين من الحجاج ، إلى مآثر جمة ومناقب كريمة ، فارتجت هذه المدينة لوصوله. وكان في هذه المدة تحت هجران من هذا الطاغية ألزمه داره بمطالبة توجهت عليه من أعدائه ، افتروا عليه فيها أحاديث مزورة نسبوه فيها إلى مخاطبة الموحدين أيدهم الله ، فكادت تقضي عليه لو لا حارس المدة. وتوالت عليه مصادرات أغرمته نيفا على الثلاثين ألف دينار مؤمينة ، ولم يزل يتخلى عن جميع دياره وأملاكه الموروثة عن سلفه حتى بقي دون مال. فاتفق في هذه الأيام رضي الطاغية عنه وأمره بالنفوذ لمهم أشغاله السلطانية ، فنفذها نفوذ المملوك المغلوب على نفسه وماله. وصدرت عنه عند وصوله هذه البلدة رغبة في الاجتماع بنا ، فاجتمعنا به ، فأظهر لنا من باطن حاله وبواطن أحوال هذا الجزيرة مع أعدائهم ما يبكي العيون دما ، ويذيب القلوب ألما. فمن ذلك أنه قال : كنت أود لو أباع أنا وأهل بيتي ، فلعل البيع كان يخلصنا مما نحن فيه ، ويؤدي بنا إلى الحصول في بلاد المسلمين. فتأمل حالا يؤدي بهذا الرجل ، مع جلالة قدره وعظم منصبه ، أن يتمنى مثل هذا التمني مع كونه مثقلا عيالا وبنين وبنات! فسألنا له الله عزّ وجل حسن التخلص مما هو فيه ولسائر المسلمين من أهل هذه الجزيرة. وواجب على كل مسلم الدعاء لهم في كل موقف يقفه بين يدي الله ، عزّ وجل. وفارقناه باكيا مبكيا ، واستمال نفوسنا بشرف منزعه ، وخصوصية شمائله ، ورزانة حصاته ، وشمول مبرته وتكرمته ، وحسن خلقه وخليقته. وكنا قد أبصرنا له ولإخوته ولأهل بيته بالمدينة ديارا كأنها القصور المشيدة الأنيقة ، وشأنهم بالجملة كبير لا سيما هذا الرجل منهم. وكانت له أيام مقامه هنا أفعال جميلة مع فقراء الحجاج وصعاليكهم ، أصلحت أحوالهم ويسرت لهم الكراء والزاد ، والله ينفعه بها ويجازيه الجزاء الأوفى عليها بمنّه.

ومن أعظم ما مني به أهل هذه الجزيرة أن الرجل ربما غضب على ابنه أو على زوجه أو تغضب المرأة على ابنتها فتلحق المغضوب عليه أنفة تؤديه إلى التطارح في الكنيسة فيتنصر ويتعمد ، فلا يجد الأب للابن سبيلا ولا الأم للبنت سبيلا. فتخيل حال من يمنى بمثل هذا في أهله وولده ويقطع عمره متوقعا لوقوع هذه الفتنة فيهم. فهم الدهر كله في مداراة الأهل والولد خوف هذه الحال. وأهل النظر في العواقب

٢٦٩

منهم يخافون أن يتفق على جميعهم ما اتفق على أهل جزيرة أقريطش من المسلمين ، في المدة السالفة ، فإنه لم تزل بهم الملكة الطاغية من النصارى والاستدراج الشيء بعد الشيء حالا بعد حال حتى اضطروا إلى التنصر عن آخرهم ، وفر منهم من قضى الله بنجاته ، وحقت كلمة العذاب على الكافرين ، والله غالب على أمره ، لا إله سواه.

ومن عظم هذا الرجل الحمودي المذكور في نفوس النصاري ، أبادهم الله ، أنهم يزعمون أنه لو تنصر لما بقي في الجزيرة مسلم إلا وفعل فعله اتباعا واقتداء به ، تكفل الله بعصمته جميعهم ونجاهم مما هم فيه ، بفضله وكرمه. ومن أعجب ما شاهدناه من أحوالهم التي تقطع النفوس إشفاقا وتذيب القلوب رأفة وحنانا أن أحد أعيان هذه البلدة وجه ابنه إلى أحد أصحابنا الحجاج راغبا في أن يقبل منه بنتا بكرا صغيرة السن قد راهقت الإدراك ، فإن رضيها تزوجها وإن لم يرضها زوجها ممن رضي لها من أهل بلده ، ويخرجها مع نفسه راضية بفراق أبيها وإخوتها طمعا في التخلص من هذه الفتنة ورغبة في الحصول في بلاد المسلمين. فطاب الأب والإخوة نفسا لذلك ، لعلهم يجدون السبيل للتخلص إلى بلاد المسلمين بأنفسهم ، إذا زالت هذه العقلة المقيدة عنهم. فتأجر هذا الرجل المرغوب إليه بقبول ذلك وأعناه على استغنام هذه الفرصة المؤدية إلى خير الدنيا والآخرة. وطال عجبنا من حال تؤدي بإنسان إلى السماح بمثل هذه الوديعة المعلقة من القلب وإسلامها إلى يد من يغربها واحتمال الصبر عنها ومكابدة الشوق إليها والوحشة دونها. كما أنا استغربنا حال الصبية ، صانها الله ، ورضاها بفراق من لها ، رغبة في الإسلام واستمساكا بعروته الوثقى. والله ، عزّ وجل ، يعصمها ويكفلها ويؤنسها بنظم شملها ويجعل الصنع لها بمنّه. واستشارها الأب فيما هم به من ذلك ، فقالت له : إن أمسكتني فأنت مسؤول عني.

وكانت هذه الصبية دون أم ، ولها أخوان وأخت صغيرة أشقاء لها.

شهر ذي الحجة

عرفنا الله يمنه وبركته

غمّ هلاله علينا لتوالي الأنواء ، فأكملنا أيام شهر ذي القعدة بحسابه من ليلة

٢٧٠

الأربعاء السادس لشهر مارس ونحن بهذه المدينة المذكورة طامعين في قرب السفر مستبشرين بطيب الهواء ، والله ييسر مرامنا ويتكفل بسلامتنا بعزّته. واتفق أن أبصرنا الهلال ليلة الأربعاء كبيرا ، فعلم أنه من ليلة الثلاثاء ، فانتقل حساب الشهر إليها.

وفي ظهر يوم الأربعاء التاسع من الشهر المذكور ، والثالث عشر من مارس ، وهو يوم عرفة ، عرفنا الله بركته وبركة الموقف الكريم فيه بعرفات ، كان صعودنا إلى المراكب ، يمنه الله ورزقنا السلامة فيه ، مبيتين للسفر ، قرب الله علينا مسافته. فأصبحنا على ظهر المركب صبيحة يوم عيد الأضحى ، نفعنا الله بمقاساة الوحشة فيه ، ونحن نيف على الخمسين رجلا من المسلمين ، عصم الجميع ونظم شملهم بأوطانهم بمنه وكرمه ، إنه سبحانه كفيل بذلك. ورمنا الإقلاع فلم توافق الريح ، فلم نزل نتردد من المركب إلى البر ، ونبيت للسفر كل ليلة اثني عشر يوما ، إلى أن أذن الله بالإقلاع صبيحة يوم الاثنين الحادي والعشرين لذي الحجة المذكور ، والخامس والعشرين لمارس ، فأقلعنا على بركة الله تعالى في ثلاثة مراكب من الروم قد توافقت على الاصطحاب في الجري وأن يمسك المتقدم منها على المتأخر ، فوصلنا إلى جزيرة الراهب ، وقد تقدم ذكرها في هذا التقييد ، وبينها وبين أطرابنش نحو ثمانية عشر ميلا ، فتغيرت الريح علينا ، فملنا إلى مرساها.

فكان من الاتفاق العجيب أن ألفينا فيها مركب مركون الجنوي المقلع من الإسكندرية بنحو مئتي رجل ونيف من أصحابنا الحجاج المغاربة الذين كنا فارقناهم بمكة ، قدسها الله ، في ذي الحجة من سنة تسع ، ولم نسمع لهم خبرا منذ فارقناهم ولا سمعوا لنا. وكان فيهم جماعة من أصحابنا من أهل أغرناطة ، منهم الفقيه أبو جعفر بن سعد صاحبنا ونزيلنا بمكة مدة مقامنا فيها. فلحين ما علموا بنا تطلعوا إلينا من المركب متعلقين بحافاته وجوانبه ، رافعين أصواتهم ببشرى السلامة واللقاء ، مسرورين بالاجتماع ، باكين من الفرح ، دهشين ذاهلين لوقوع المسرة من نفوسهم ، ونحن لهم على مثل تلك الحال. فكان يوما ، مشهودا اتخذناه عقب العيد عيدا جديدا. ونزل الأصحاب بعضهم إلى بعض ، وباتوا وبتنا بأسر ليلة وأنعمها ، وجعلنا هذا الاجتماع عنوانا كريما لما نؤمله من انتظام الشمل بالأوطان ، إن شاء الله عزّ وجل.

٢٧١

وأهب الله علينا ريحا طيبة في سحر تلك الليلة ، وهي ليلة الثلاثاء الثاني والعشرين من الشهر المذكور ، فأقلعنا بها ونحن في أربعة مراكب كلها تؤمل جزيرة الأندلس ، بحول الله تعالى ، وسرنا ذلك اليوم كله بريح تزجي المراكب تزجيه حثيثة ، ونحن من الشوق إلى الأندلس بحال تكاد لها النفوس تقوم مقام الرياح في حث الرياح وانزعاجها ، والله يمن بالتسهيل والتعجيل. ثم انقلبت الريح غربية ، بعد مسير يوم وليلتين ، فضربت في وجوهنا فأنكصتنا على الأعقاب فرجعنا عودا على بدء إلى مرسى جزيرة الراهب ، فوصلنا إليه ليلة الخميس الرابع والعشرين من الشهر المذكور.

ثم أقلعنا منه عشي يوم الجمعة بعده منفردين دون المراكب المذكورة. فأزعجتنا ريح شديدة خرق لها المركب في الجري ، فأصبحنا يوم الأحد السابع والعشرين من الشهر ونحن على طرف جزيرة سردانية ، وقد قطعناها جريا ، وطولها أزيد من مئتي ميل ، فاستبشرنا وسررنا. وقدر للمركب في يوم وليلتين قطع نيف على خمسمائة ميل ، فكان أمرا مستغربا. ثم إن الريح الموافقة ركدت عنا وهبت ريح أسقطتنا ليلة الاثنين الثامن والعشرين منه ، وهو أول أبريل ، إلى جهة بر أفريقية ، فأرسينا يوم الاثنين المذكور بجزيرة تعرف بخالطة. وهي جزيرة غير معمورة ، ويقال : إنها كانت معمورة ، في القديم ، وهي مقصد العدو ، وبينها وبين البر المذكور نحو ثلاثين ميلا ، وهو منا رأي العين. فأقمنا بها بعد أهوال لقيناها في دخول مرساها ، عصم الله منها ، وتوالت الأنواء علينا فيها ونحن ننتظر فرجا من الله تعالى. وكان مقامنا فيها أربعة أيام ، آخرها يوم الخميس مستهل محرم.

شهر محرم سنة إحدى وثمانين

عرفنا الله بركتها بمنه

غمّ هلاله علينا فحسبناه على الكمال من ليلة الخميس الرابع لشهر أبريل ، عرفنا الله بركة هذه السنة ويمنها ورزقنا خيرها ووقانا شرها ومن علينا بنظم الشمل فيها ، إنه سميع مجيب.

٢٧٢

وفي ليلة الجمعة الثاني منه أهب الله علينا ريحا شرقية أقلعنا بها ، وهي لينة رخاء ، إلى أن استشرت فعادت ريحا شديدة جرى بها المركب أقوى جري وأعدله. وما زلنا منذ ركبنا البحر نتنسم هذا الأفق الشرقي شوقا إلى ريحه فلا يهب منه نسيم حتى خلناه لعدمه عنقاء مغرب ، إلى أن تداركنا الله بلطفه وجميل صنعه فأجراه لنا الآن في شهر نيسان (أبريل) ، عرّفنا الله السلامة بمنّه وكرمه.

وصحبتنا هذه الريح الشرقية نحو يومين سرنا فيهما سيرا حثيثا ، وتركنا جزيرة سردانية عن يميننا. ثم تلاعبت بنا الرياح المختلفة فأقمنا بها نضرب البحر طولا وعرضا ولا يتراءى لنا بر حتى ساءت ظنون وتوهمنا إسقاط الرياح لنا إلى جهة بر بر شلونة ، دمرها الله ، إلى أن أذن الله بالفرج ، فأبصرنا بر جزيرة يابسة ليلة السبت العاشر من الشهر المذكور ، ونحن لا نكاد نتبينه ، لبعد ، خيالا خفيا. فلما كان يوم السبت المذكور بان لنا ، فدخلنا مرسى الجزيرة المذكورة مع الليل ، بعد مكايدة اختلاف الرياح في دخوله. فأرسينا والمدينة منا على مقدار أربعة أميال ، وكان إرساؤنا بازاء فرمنتيرة (١). وهي منقطعة عن جزيرة يابسة ، وبينهما مقدار أربعة أميال أو خمسة ، وفيها قرى كثيرة معمورة. فأقمنا بمرساها ونحن بمقربة من الجبلين المنقطعين المتناظرين المعروفين بالشيخ والعجوز. وفي تلك الليلة مع المغيب أبصرنا جبال بر الأندلس ، وأقربها منا جبل دانية المعروف بقاعون. فحدقت الأبصار لهذا البر سرورا بمرآه واستبشرت الأنفس بالدنو منه. وأصبحنا يوم الأحد الحادي عشر من الشهر بالمرسى المذكور والريح غربية ونحن ننتظر تتميم الصنع الجميل من الله ، عزّ وجلّ ، بإرسال الريح الموافقة ، نشرا بين يدي رحمته ، إن شاء الله.

وفي ضحوة يوم الثلاثاء الثالث عشر منه أقلعنا على اليمن والبركة بريح شرقية لينة المهب ، لها نفس خافت ، داعين لله عزّ وجلّ في إحياء ذمائها ، وتقوية إجرائها ، وجبال دانية أمامنا رأي العين ، والله يتمم فضله علينا ، ويكمل صنعه بعزّته لنا. وتمادت وانتشرت بفضل الله تعالى ، فنزلنا بقرطا جنّة عشي يوم الخميس الخامس عشر منه ، شاكرين لله على ما من به من السلامة والعافية ، والحمد لله رب العالمين ، وصلواته

__________________

(١) فرمنتيرة : جزيرة تقع جنوب يابسة ، إلى الشرق من مدينة دانية.

٢٧٣

على محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين. ثم أقلعنا منها إثر صلاة الجمعة السادس عشر منه فبتنا في فحص (١) قرطا جنة بالبرج المعروف ببرج الثلاثة صهاريج ، ثم منه يوم السبت إلى مرسيه ، ومنها في اليوم بعينه لبرالة ، ثم منها يوم الأحد إلى لورقة ، ثم منها يوم الاثنين إلى المنصورة ، ثم منها يوم الثلاثاء إلى قنالش بسطة ، ثم منها يوم الأربعاء إلى وادي آش ، ثم منها يوم الخميس الثاني والعشرين لمحرم ، والخامس والعشرين لأبريل ، إلى المنزل بغرناطة :

فألقت عصاها واستقر بها النوى

كما قر عينا بالإياب المسافر (٢)

والحمد لله على الصنع الجميل الذي أولاه ، والتيسير والتسهيل الذي والاه ، وصلواته على سيد المرسلين الأولين منهم والآخرين ، محمد رسوله الكريم ومصطفاه ، وعلى آله وأصحابه الذين اهتدوا بهداه ، وسلم وشرّف وكرّم. فكانت مدة مقامنا ، من لدن خروجنا من غرناطة إلى وقت إيابنا هذا ، عامين كاملين وثلاثة أشهر ونصفا ، والحمد لله رب العالمين.

__________________

(١) فحص المكان : الأرض المنبسطة المكشوفة منه ، وهو هنا موضع السكن.

(٢) البيت للشاعر معقر بن حمار البارقي ، من شعراء ما قبل الإسلام.

٢٧٤

كشاف حضاري (١)

__________________

(١) أود أن أشير إلى أني وضعت الكنية (أبو فلان) وأسماء الجمع في حالة الرفع (عباسيون ، يمنيون) ، ولعلها واردة في النص في حالة النصب أو الجر ، وهذه الإشارة لمن يريد البحث عن اسم ما في الحاسوب.

٢٧٥
٢٧٦

آيات قرآنية

(أ)

آل عمران : الآية ٩٦.

إبراهيم : الآية ٣٧.

(ب)

البقرة : الآية ١٥٨.

(ت)

التوبة : الآية ٤٠.

(س)

سبأ : الآية ٣٩.

(ق)

القصص : الآية ٥٧.

أجناس وقبائل وأقوام

(أ)

أتراك ١٤٠ ، ١٧٨ ، ٢٢٣

أحابيش ١٥٣ ، ١٧٨

أعاجم ٩٨ ، ١١١ ، ١٢٨ ، ١٣٠ ، ١٣٧ ، ١٣٩ ، ١٤١ ـ ١٤٢ ، ١٥٨ ـ ١٥٩ ، ١٨٠ ، ٢٢٧

أغزاز (غز) ٤٨ ، ٥٩

أفخاذ قضاعة ٤٨

إفرنج ٥٣ ، ٥٧ ، ٢٠٠ ، ٢٢٥ ، ٢٣٤ ، ٢٣٩ ، ٢٤٣

أكراد ١٨٨ ، ٢٠٠ ، ٢٠٢

(ب)

البجاة ٥١

البلغريون ٢٤٤ ، ٢٤٧ ، ٢٥١

(ج)

جنويون ٢٠

(ح)

حبشيون ٥٠

(خ)

خراسانيون ٦٤ ، ١٣٧ ، ١٣٩ ، ١٤١

خفاجة (قبيلة) ١٦٦ ، ١٨٠

(د)

الديلم ١٧٨

(ر)

الروم ٢٠ ، ٢٣ ، ٣٥ ، ٤١ ، ٥٢ ، ١٤٤ ، ١٨١ ، ١٨٩ ، ١٩٠ ، ١٩٣ ، ١٩٦ ، ٢٠١ ، ٢٠٥ ، ٢٢١ ، ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، ٢٤٧ ، ٢٥٣ ، ٢٦٤ ـ ٢٦٨ ، ٢٧١

(س)

السرو ١٠٢ ، ١١٥ ، ١٢٦ ، ١٢٨ ـ ١٢٩ ، ١٣٣ ، ١٣٧ ، ١٣٩ ، ١٤٢

السودان (البجاة) ٤٥ ، ٥١ ـ ٥٢ ، ٧٣ ، ١٤٠

٢٧٧

(ش)

الشيبيون ٦١ ، ٦٩ ـ ٧٠ ، ١٠٧ ، ١١٤ ـ ١١٥ ، ١٢٢ ، ١٢٥ ، ١٢٨ ـ ١٣٠ ، ١٤١

(ص)

صقالب ١٥٣ ، ١٥٧

(ع)

العباسيون ١٧٧ ، ١٧٩

العبيديون ٣٧ ـ ٣٨

عراقيون ٦٤ ، ١٣٩ ـ ١٤١

(غ)

غز (أغزاز) ١١٥

(ق)

القبط ٤٣

قريش ٦٤ ، ٨٢ ، ٨٦ ، ١٠٦

(م)

مسلمون ٢١ ـ ٢٢ ، ٢٤ ، ٥٢ ، ١٣٢ ، ١٥٩ ، ٢٠٠ ، ٢٠٥ ، ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، ٢٣٣ ـ ٢٣٩ ، ٢٤١ ، ٢٤٤ ، ٢٤٧ ، ٢٥١ ـ ٢٥٦ ، ٢٥٨ ـ ٢٦٠ ، ٢٦٢ ، ٢٦٤ ، ٢٦٧ ـ ٢٧١

مغاربة ٢٦ ، ٣٥ ، ٤٦ ، ٩٤ ، ١٣١ ، ٢١٢ ، ٢١٧ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٩ ، ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، ٢٤١ ـ ٢٤٢ ، ٢٧١

(ن)

نصارى ٢٧ ، ٤١ ، ٤٣ ، ١٨٩ ، ٢٠٣ ، ٢٠٥ ، ٢٢٥ ، ٢٣٤ ، ٢٣٨ ، ٢٣٩ ـ ٢٤٢ ، ٢٤٤ ، ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ، ٢٥٢ ، ٢٥٥ ، ٢٥٩ ـ ٢٦١ ، ٢٦٤ ، ٢٦٧ ، ٢٧٠

(ه)

هنديون ٢٤٦

(ي)

يمنيون ٤٦ ، ٤٨ ، ١٠٧ ، ١٢٦ ، ١٢٨ ـ ١٢٩ ، ١٣٣ ـ ١٣٤ ، ١٣٧ ، ١٤٢

يهود ٢١ ، ٢٧ ، ٢٣٥

أديان ومذاهب

(أ)

إسلام ٢٦ ، ٤١ ، ٥٢ ، ٥٧ ، ١١٦ ، ١٢١ ، ١٣٠ ، ١٣٧ ، ٢٠٠ ، ٢٠٤ ، ٢٢٢ ، ٢٢٦ ، ٢٣٤ ، ٢٣٨ ، ٢٤٢ ، ٢٥٥ ، ٢٦٦ ـ ٢٦٨ ، ٢٧٠

(ح)

حنابلة ١١٢ ، ١٧٣

حنفية ٧٧ ، ١١٢ ، ١٢١ ، ٢٠٨

(ز)

زيدية ٧٦ ، ١١٢

(ش)

شافعية ٧٧ ، ٨٦ ، ١١٢ ، ١١٨ ، ١٥٧ ،

٢٧٨

١٧٢ ، ١٩٦ ، ٢١٢

(م)

مالكية ٣٧ ، ٧٧ ، ٨٠ ، ٨٦ ، ١١٠ ، ١١٢ ، ١٢٠ ، ٢١٢ ، ٢٢٣

(ن)

نصارى ٢٧ ، ٤١ ، ٤٣ ، ١٨٩ ، ٢٠٣ ، ٢٠٥ ، ٢٢٥ ، ٢٣٤ ، ٢٣٨ ـ ٢٤٢ ، ٢٤٤ ، ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ، ٢٥٢ ، ٢٥٥ ، ٢٥٩ ـ ٢٦١ ، ٢٦٤ ، ٢٦٧ ، ٢٧٠

(ي)

يهود ٢١ ، ٢٧ ، ٢٣٥

أعلام

(أ)

إبراهيم (النبي) ٤٠ ، ٦٠ ـ ٦١ ، ٦٣ ، ٧٦ ، ٧٨ ، ٨٠ ، ٨٢ ـ ٨٣ ، ٨٥ ، ٨٧ ، ٩١ ، ١٠٦ ، ١٢٥ ، ١٣٦ ، ١٦٦ ، ١٩٢ ، ١٩٧ ، ٢١٤ ـ ٢١٧ ، ٢٢٦

إبراهيم بن صالح ٦٨

ابن زرعة ٢٦٨

ابن عوف ٧٧

ابن المعلى الأسدي ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، ٢١٥

أبو إبراهيم إسحاق ١٥٠

أبو البركات حيان بن عبد العزيز ١٩٢

أبو بكر (الصديق) ٨٦ ـ ٨٩ ، ١٣١ ، ١٤٩ ، ١٥١

أبو بكر بن أيوب ٣٤

أبو جعفر بن سعد ٢٧١

أبو جعفر بن علي (الفنكي القرطبي) ٦٨ ، ٧٩ ، ١١٣ ، ٢٠٩

أبو جعفر المنصور ٦٨

أبو حامد الغزالي ٩١ ، ٢٠٨

أبو الحسن علي بن سردال الجياني (الأسود) ٢٢٣

أبو الدار ياقوت (مولى العطافي) ٢٤٢

أبو الربيع سليمان (بن إبراهيم بن مالك) ٢١٧

أبو زيد (من سروج) ١٩٥

أبو طالب ١٣١

أبو العباس أحمد (الناصر) ٣٤ ، ٦٥ ، ٧٢ ، ١٧٨

أبو عبد الله محمد ٦٨

أبو عبيدة بن الجراح ٢٠٥

أبو الفضل جعفر (المقتدر) ١٧٨

أبو القاسم بن حمود (ابن الحجر) ٢٦٨

أبو القاسم بن هبة الله (بن عساكر) ٢١٤

٢٧٩

أبو المظفر يوسف (المستنجد) ٣٤ ، ٦٥ ، ١٧٨

أبو محمد عبد الله (المستضيء) ٨١ ، ١٧٨

أبو الوليد الأزرقي ٨٢ ، ٨٨

أبو اليقظان ١٨٨

أحمد بن حسان ١٩ ، ٢٤ ، ١١٠ ، ١١١ ،

إدريس (النبي) ١٦٦

آدم ١٢٥ ، ١٣٦ ، ٢٣٨

أم حبيبة ٢١٨

أم سلمة ١٣٦

أيوب (النبي) ٢١٥

(ب)

بلال بن حمامة (بن رباح) ١٣٠ ، ١٥٣

(ج)

جمال الدين (القاضي) ٩٦ ، ١٣٢ ، ١٧٣

جمال الدين (الوزير) ١٣٠ ، ١٣٦

جمانة بنت فليتة ١٠٠

(ح)

الحارث بن مضاض الجرهمي ٨٣

حبيب بن أوس الطائي ١٨٠

الحجاج بن يوسف ٨٤ ، ١٠٦

الحريري (صاحب المقامات) ١٩٥

حسان (بن ثابت) ٨٣

الحسن ٥٩ ، ٧٢ ، ٨٧ ، ١٢٧ ، ١٥٢ ، ١٥٥

الحسن بن هانئ (أبو نواس) ١٨٧

الحسين ٢٩ ، ٧٢ ، ٨٧ ، ١٢٧ ، ١٥٢ ، ٢١٠

حمزة ٣٤ ، ٧٢

حواء ٥٦ ، ١٩١

(خ)

الخاتون (أم عز الدين) ١٤٥ ، ١٨٠ ، ١٨٥

الخاتون (ابنة الدقوس) ١٤٥ ، ١٨٠

الخاتون (بنت الأمير مسعود) ١٤٤ ، ١٥٧ ، ١٨٠ ، ١٨٥ ـ ١٨٦

خالد بن الوليد ٨٤ ، ٢٠٢ ، ٢٠٥

خديجة الكبرى ٧٢ ، ٨٧ ، ١٢٧

(د)

الداودي (الشريف) ١٠٥

(ر)

رضي الدين القزويني ١٧٢

الرشيد (هارون) ٢٣ ، ٥٦ ، ١٣٧ ، ١٦٤ ، ١٨١

(ز)

زبيدة بنت جعفر (زوجة الرشيد) ٧٨ ، ١٣٥ ، ١٦٣ ، ١٨١

الزبير بن العوام ٣٢ ، ١٤٥

٢٨٠