شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٧

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٧

المؤلف:

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]


المحقق: علي محمّد فاخر [ وآخرون ]
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

هو نعت للخبر ومخبرا عنه من حيث هو نعت للفاعل والفاعل مخبر عنه واسم واحد لا يكون خبرا مخبرا عنه في حال واحد. وكذلك حرفا الجر المختلفا المعنى بمنزلة العوامل المختلفة الجنس ؛ وذلك أنك إذا قلت : مررت بزيد العاقل فالعاقل مجرور به حتى كأنك قلت : مررت بالعاقل. فإذا قلت : دخلت إلى أخيك الكريم ، فالكريم مدخول إليه حتى كأنك قلت : دخلت إلى الكريم فلو قلت : مررت بزيد ودخلت إلى أخيك العاقلين لكان العاقلان وهو اسم واحد مجرورا على الإلصاق وعلى انتهاء الغاية ، واسم واحد لا ينجر على معنيين مختلفين.

وتوهم الجرمي أن منع ذلك إنما هو من طريق أن العاملين لا يعملان في معمول واحد. وتقرر عنده أن العامل في النعت إنما هو التبعية كما نذهب نحن إليه فأجاز الإتباع ، وأما الامتناع عندنا لما ذكرت. وأما الامتناع عند المبرد إذا اختلفت العوامل في اللفظ والمعنى نحو : أقبل زيد وأدبر عمرو ، أو في المعنى لا في اللفظ نحو : وجدت الضالة زيد ووجد علي بكر عمرو فمن طريق أنك إذا قلت : أقبل زيد العاقل فالعاقل في المعنى مقبل ، وإذا قلت : أدبر زيد العاقل فالمعنى أيضا أدبر العاقل فلو أتبعت في أقبل زيد وأدبر عمرو العاقلان لكان العاقلان فاعلين على أن يكون أحدهما فعل خلاف فعل الآخر وذلك غير جائز عنده إذ لم يحضره لذلك نظير في كلامهم ، وهو عندنا جائز بدليل قولهم : اختلف الزيدان ، فالزيدان فاعل وقد فعل أحدهما خلاف ما فعل الآخر فإن قال : فقد اتفقا في جنس الاختلاف قيل له : وكذلك في مسألتنا قد اتفق زيد وعمرو في جنس الفعل.

وأما امتناع الإتباع إذا اتفق معنى العاملين واختلف لفظهما أو اتفق اللفظ والمعنى عند أبي بكر في نحو : ذهب زيد وانطلق بكر أو قام زيد وقام عمرو فلأن العامل عنده في النعت هو العامل في المنعوت فيؤدي الإتباع عنده في ذلك إلى إعمال عاملين في معمول واحد فلذلك يمتنع الإتباع للمنعوتين إذا لم يعمل فيهم عامل واحد ، ولم يجز : قام زيد وقام عمرو العاقلان على الإتباع إلا بشرط تقدير قام الثاني توكيدا.

على أن هذا التقدير يبعد لأن التأكيد حكمه أن يكون يلي المؤكد فكان ينبغي أن ـ

٢٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

يكون ، قام زيد وعمرو ولما كان العامل في النعت عندنا إنما هو الإتباع أجزنا الإتباع في هذه المسائل.

والذي يدل على أن العامل في النعت إنما هو التبع للمنعوت لا العامل في المنعوت أنا قد وجدنا من النعوت ما لا يصح دخول العامل عليه نحو : مررت بهم الجماء الغفير ولا يجوز في الغفير إلا أن يكون بعد الجماء ، وكذلك أيضا وجدناهم يقولون : ما زيد بأخيك العاقل بالنصب على موضع الاسم ، ولا يتصور أن يكون العامل فيه هو العامل في المنعوت وهو الباء لأن الباء إذا عملت في شيء جرته. فدل ذلك على أن العامل إنما هو التبع له في اللفظ أو في المعنى. هذا آخر كلام ابن عصفور رحمه‌الله تعالى (١).

وملخص ما قال : أن المنعوت إذا كان واحدا ، أي غير متعدد ، فإما أن لا يتكرر نعته أو يتكرر ، فإن لم يتكرر فالمنعوت إما مجهول فالإتباع ، وإما معلوم فالإتباع أيضا إن كان النعت ليس بمدح ولا ذم ولا ترحم ، وإن كان لشيء من هذه الثلاثة جاز الإتباع والقطع. ولا يشترط في القطع حينئذ تكرر النعت خلافا لمن اشترط ذلك.

وإن تكررت النعوت فالمنعوت إما مجهول فالإتباع [٤ / ١٢٧] إلا أن يتقدم النعت نعت آخر يقاربه في المعنى. وإما معلوم فالإتباع أيضا إن كان النعت لغير الثلاثة ـ أعني المدح والذم والترحم ـ وإن كان لشيء من هذه الثلاثة جاز الأمران وجاز أيضا إتباع بعض وقطع بعض ، وإن تعدد المنعوتون مع تعدد النعوت ، وصور ذلك أربع ففي ثلاث صور منها الحكم فيها بالنسبة إلى الإتباع والقطع كالحكم مع المنعوت المفرد ، والصور الثلاث أن يجمع المنعوتون والنعوت وأن يفرقا وأن يجمع المنعوتون وتفرق النعوت ، وأما الصورة الرابعة وهي أن يفرق المنعوتون وتجمع النعوت فإن اختلف الإعراب فالقطع. والكوفيون يجيزون الإتباع في المختلف الإعراب المتفق المعنى على التفصيل الذي في ذلك كما ذكره. وإن اتفق الإعراب وحصل اختلاف في التعريف أو التنكير فالقطع وإن اتفق الإعراب والتعريف أو التنكير وكان منهما ما هو مستفهم عنه وما هو غير مستفهم عنه فالقطع. وإن اتفق ـ

__________________

(١) من شرحه على الجمل (١ / ٢١٥).

٢٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الإعراب والتعريف أو التنكير والاستفهام أو الخبر وكان العامل واحدا فالإتباع والقطع بشرطه جائزان.

وإن كان العامل أزيد من واحد واختلفت العوامل في الجنس فالقطع ، وإن اتفقت في الجنس فإما أن تتفق في اللفظ والمعنى أو تختلف فيهما أو تتفق في أحدهما دون الآخر فالصور أربع. ومذهب سيبويه جواز الإتباع والقطع بشرطه في الصور كلها (١). ومذهب أبي بكر وجوب القطع فيها كلها (٢) والمبرد وافق سيبويه في جواز الإتباع في صورتين وهما : أن يحصل الاتفاق في المعنى والاختلاف في اللفظ وأن يحصل الاتفاق في اللفظ والمعنى (٣) وخالفه في صورتين فأوجب القطع فيهما وهما أن يحصل الاختلاف في اللفظ والمعنى أو في المعنى دون اللفظ.

وتضمن كلامه أن النعت لا يقطع إلا إن كان لمدح أو ذم أو ترحم ، وليس الأمر كذلك بل قطع النعت موقوف على كون المنعوت معلوما أو غير معلوم. إن كان غير معلوم فالإتباع واجب وإن كان معلوما جاز القطع وإن كان النعت للبيان في الأصل كما عرفت ذلك من كلام المصنف. وقد نص على ذلك ابن أبي الربيع فقال بعد أن مثل بقوله :

جاءني زيد الخياط : إذا قطعت يجوز إظهار الفعل إذا نصبت ، وإظهار المبتدأ إذا رفعت وكأنه في النصب جواب من قال من يعني ، وفي الرفع جواب من قال من هو. لأن المنعوت لا يفتقر إلى بيان به. فلا فرق في القطع بين النعت الذي هو لأحد الثلاثة والذي هو للبيان إذا كان المنعوت معلوما بدون النعت وإنما الفرق بين النعت الذي هو للبيان وبين ما هو لأحد الثلاثة أن إضمار الرافع أو الناصب للنعت المقطوع واجب إذا كان النعت لغير البيان وجائز إضماره وإظهاره إذا كان للبيان (٤).

ثم كلام ابن عصفور يتضمن أن توافق المنعوتين في التعريف أو التنكير وفي الاستفهام أو الخبر شرط في جواز الإتباع وليس في كلام المصنف إشارة إلى ذلك. ـ

__________________

(١) الكتاب (٢ / ٥٧ : ٦٠ ، ١٥٠ ، ١٥١).

(٢) الأصول (٢ / ٤٢).

(٣) المقتضب (٤ / ٣١٥).

(٤) التذييل (٤ / ١٢٧) بغير نسبة.

٢٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد يعتذر عن المصنف بأن يقال : لا شك أنه قرر كما قرر غيره أن من شرط التابع موافقة متبوعه التعريف والتنكير فإذا كان أحد المنعوتين معرفة والآخر نكرة تعين امتناع الإتباع ؛ لأن النعت المعرفة لا يجري على النكرة والنعت النكرة لا يجري على المعرفة. وإذا كان الأمر كذلك استغني عن التعرض إلى اشتراط الموافقة في التعريف والتنكير إذا أريد الإتباع وأما أمر الموافقة في الاستفهام وعدمه فقد يقول المصنف : لا حاجة إلى التعرض لذلك ؛ لأن نعت المستفهم عنه ممنوع من الأصل. ويدل على ما قلته قول سيبويه في الباب المترجم بقوله : «هذا باب ما ينصب فيه الاسم لأنه لا سبيل له إلى أن يكون صفة ، واعلم أنه لا يجوز : من عبد الله وهذا زيد الرجلين الصالحين رفعت أو نصبت ؛ لأنك لا تثني إلا على من أثبتّه وعلمته ولا يجوز أن تخلط من تعلم ومن لا تعلم فتجعلهما بمنزلة واحدة ، وإنما الصفة علم في من قد علمته» (١). انتهى.

ولا شك أن مقتضى كلامه أن وصف المستفهم عنه لا يجوز وهو الذي يقتضيه النظر.

ثم كلام المصنف يقتضي أن عوامل المنعوتين إذا تعددت يشترط في جواز الإتباع بعد اتحادها في العمل [اتحادها] في المعنى واللفظ أو في المعنى والجنس. ومقتضاه أنه إذا عدم الاتحاد في المعنى امتنع الإتباع ووجب القطع.

وابن عصفور قد قال : إن مذهب سيبويه في مثل ذلك جواز الإتباع وأن الذي يوجب القطع هو المبرد ، وهذا الأمر يتوقف على مراجعة كلام سيبويه فإن صح عنه ذلك تبين أن المصنف اختار مذهب المبرد ، والظاهر أن سيبويه لو كان يجيز الإتباع وأن المصنف يختار مذهب المبرد لكان ينبه على ذلك إما في متن كتابه أو في شرحه (٢).

__________________

(١) الكتاب (٢ / ٥٩ ، ٦٠).

(٢) ينظر الأصول (٢ / ٤٢) ، والكتاب (١ / ٢٤٧) ، بولاق ، والمقتضب (٤ / ٣١٥) ، والهمع (٢ / ١١٨).

٢٠٤

[من أحكام النعت]

قال ابن مالك : (وقد يلي النّعت «لا» أو «إما» فيجب تكرارهما مقرونين بالواو. ويجوز عطف بعض النّعوت على بعض ، فإن صلح النّعت لمباشرة العامل جاز تقديمه مبدلا منه المنعوت ، وإذا نعت بمفرد وظرف وجملة قدّم المفرد وأخّرت الجملة غالبا).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش : اشتمل هذا الكلام على مسائل أربع :

الأولى :

إذا قصد النعت بمنفي جيء بالمنعوت ثم بالنعت [٤ / ١٢٨] مقرونا بلا ، وإذا قصد النعت بمشكوك فيه أو مسموع أو شبههما جيء بالمنعوت ثم بالنعت مقرونا بإما. ويجب تكررهما حينئذ فيقال : صحبت رجلا لا جزوعا ولا هلوعا ، وملكت عبدا لا ضعيفا ولا عنيفا ، وفي الكتاب العزيز (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ٤٣ لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ)(١) ، (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ ٣٠ لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ)(٢) ، ويقال لا بد من حساب إما شديد وإما يسير فاتق النار ببرّ إما قليل وإما كثير.

الثانية :

يجوز عطف بعض النعوت على بعض قال الله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ٢ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ٣ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى)(٣) قال ابن عصفور : ولا يجوز عطف بعض النعوت على بعض ؛ لأن ذلك يؤدي إلى عطف الشيء على نفسه إلا أن تختلف معاني النعوت فيجوز ذلك نحو قولك : مررت بزيد الكريم والشجاع والعاقل سواء أكانت متبعة أو مقطوعة (٤). ومن ثم قال الشيخ عند ذكر هذه المسألة :

أغفل المصنف الحرف الذي يعطف به النعوت وأهمل قيدا في المسألة ، فالحرف الواو ، وأما العطف بالفاء فلا يجوز إلا على أن تكون النعوت مشتقة من أحداث واقعة بعضها إثر بعض كقول الشاعر : ـ

__________________

(١) سورة الواقعة : ٤٣ ، ٤٤.

(٢) سورة المرسلات : ٣٠ ، ٣١.

(٣) سورة الأعلى : ٢ ـ ٤.

(٤) شرح الجمل (١ / ٢٠٩).

٢٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

٣١٦٤ ـ يا لهف زيّابة للحارث الصّ

ابح فالغانم فالآيب (١)

أي الذي صبح العدو فغنم (فآب) (٢). قال : فعلى هذا يجوز مررت برجل قائم إلى زيد فضاربه فقاتله (٣). قال : والعطف بثم جوازه بعيد في مثل هذا. قاله السهيلي (٤) قال : وقال ابن خروف إذا كانت مجتمعة على المنعوت في حال واحدة لم يكن العطف إلا بالواو وإن لم تكن مجتمعة عليه جاز العطف بجميع حروف العطف إلا حتى وأم (٥). قال وفي البديع : يجوز أن تعطف بعض الصفات على بعض بالواو إذا لم يكن فيها ترتيب فإن كان فيها ترتيب فبالفاء.

والقيد الذي أهمله : هو أن تكون النعوت مختلفة المعاني فحينئذ يجوز ذلك ، فإن اتفقت المعاني لم يجز لأنه يؤدي إلى عطف الشيء على نفسه ، فإذا اختلفت جاز ترك اختلاف الصفات منزلة اختلاف الذوات ؛ فلذلك جاز العطف (٦). انتهى.

ولقائل أن يقول : كلا الأمرين ـ أعني ذكر القيد وذكر الحرف ـ مستغنى عنه. أما القيد فلأن العطف لا يكون إلا بين المتغايرين فإذا لم يكن تغاير فكيف يسوغ العطف. ولا شك أن هذا أمر مقرر عقلا وصناعة ، ويكفي تعليل ابن عصفور ذلك بقوله : لأنه يؤدي إلى عطف الشيء على نفسه ، وأما الحرف فالجواب عن عدم ذكره أن الواو لم تتعين للعطف كما ذكر ، فقد جاء العطف بالفاء كما هو في البيت الذي أنشده. ويكفي قول ابن خروف إذا كانت ـ يعني النعوت ـ مجتمعة على المنعوت في حال واحدة لم يكن العطف إلا بالواو ، وإن لم تكن مجتمعة عليه جاز العطف بجميع حروفه إلا حتى وأم (٧).

وما قاله ابن خروف هو الحق. ـ

__________________

(١) من السريع لابن زيابة. الدرر (٢ / ١٥٠ ، ١٥١) والشجري (٢ / ٢١٠) والمغني (١٦٣) والهمع (٢ / ١١٩). هذا و «زيابة» أم الشاعر قائل البيت.

(٢) الأصل : فأت ـ تحريف. والتذييل (٧ / ٣٧٣).

(٣) السابق.

(٤) نتائج الفكر (٢ / ١٩٩) وما بعدها.

(٥) التذييل (٧ / ٣٧٣).

(٦) التذييل (٧ / ٣٧٣ ، ٣٧٤).

(٧) التذييل (٧ / ٣٧٣).

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وحاصل الأمر : أن الواو إنما تتعين دون غيرها في الصفات التي لا يعقل فيها ترتيب ولا قصد فيها إلى معنى من المعاني المستفادة من حروف العطف غير الواو ، وإذا كان كذلك فالمصنف لم يغفل شيئا كما أنه لم يهمل.

قال الشيخ : وإذا تباعد معنى الثاني من الأول كان ظهور الواو أحسن كقوله تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ)(١) فحسنت الواو هنا ما لم تحسن في قوله تعالى : (غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢) ، [و](سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(٣) ؛ لتقارب المعاني ، وإن كان العطف جائزا في غير القرآن العزيز.

وقال تعالى : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ)(٤) لما تقاربت المعاني ، لم يكن العطف مختارا ، وقال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ٢ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ٣ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى)(٥). لما كانت الصفات متباينة كان العطف.

المسألة الثالثة :

تقديم ما هو نعت في المعنى وجعل المنعوت بدلا منه ، وهذا جائز إذا صلح النعت لمباشرة العامل وذلك كقوله تعالى : (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ١ اللهِ)(٦) ومنه قول الشاعر :

٣١٦٥ ـ ولكنّي بليت بوصل قوم

لهم لحم ومنكرة جسوم (٧)

قال ابن عصفور : ولا يجوز تقديم الصفة على الموصوف إلا حيث سمع وذلك قليل ؛ وللعرب في ما وجد منه وجهان :

أحدهما : أن تبقى الصفة على ما كانت عليه ، كأنه يعني بذلك أنها لم تضف إلى الموصوف. ـ

__________________

(١) سورة الحديد : ٣.

(٢) سورة البقرة : (١٧٣ ، ١٨٢ ، ١٩٢ ، ١٩٩ ، ٢١٨ ، ٢٢٦) ، وغيرها من سور القرآن الكريم.

(٣) سورة البقرة : (١٨١ ، ٢٢٤ ، ٢٢٧ ، ٢٤٤ ، ٢٥٦) ، وغيرها من سور القرآن الكريم.

(٤) سورة الحشر : ٢٤.

(٥) سورة الأعلى : ٢ ـ ٤.

(٦) سورة إبراهيم : ١ ، ٢.

(٧) من الوافر ، وانظره في التذييل (٧ / ٣٧٤).

٢٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والآخر : أن تضيف الصفة إلى الموصوف ، مثال الأول قول القائل :

٣١٦٦ ـ وبالطويل العمر عمرا حيدرا (١)

وقول الآخر :

٣١٦٧ ـ والمؤمن العائذات الطّير يمسحها (٢)

[ركبان مكّة بين الغيل والسنّد]

وفي إعراب مثل هذا وجهان :

أحدهما : أن يعرب العائذات نعتا للطير مقدما.

والثاني : أن يجعل المؤمن مجرورا بالواو والعائذات مجرورا بإضافة المؤمن إليه ويجعل ما بعدها بدلا منها.

ومثال الآخر : قراءة من قرأ (وأنّه تعالى جدّ ربّنا) بضم الجيم (٣) ، أصله ربنا الجد أي العظيم فقدمت الصفة وحذفت منها الألف واللام وأضيفت إلى الموصوف ومنه قول القائل :

٣١٦٨ ـ يا قرّ إنّ أباك حيّ خويلد

قد كنت خائفة على الإحماق

يريد خويلد الحي فقدم وأضاف ، وتكون الصفة إذ ذاك معمولة للعامل الذي قبلها وتخرج عن كونها صفة (٤). انتهى. وفي ما قاله بحث.

أما أولا : فلكونه ذكر أن العائذات في البيت [تعرب] نعتا للطير مقدما ، وهذا غير ممكن ؛ لأن النعت لا يتقدم على المنعوت وكيف يتقدم تابع على متبوع ، وظاهر كلامه أنه يجوز [٤ / ١٢٩] هذا الإعراب الذي ذكره في وبالطويل العمر أيضا.

والحق في الإعراب إنما هو الوجه الثاني الذي ذكره وهو أن الطير بدل من ـ

__________________

(١) من الرجز ، وانظره في شرح شواهد الكشاف (من الكشاف ط بيروت) (٣٩٤) والمقرب (١ / ٢٢٧).

(٢) من البسيط ذكرنا عجزه وهو للنابغة الذبياني ـ ديوانه (ص ١٥) برواية والسعد ، والخزانة (٢ / ٣١٥) (٤ / ١٠٥) وشرح المفصل (٣ / ١١).

(٣) هي قراءة حميد بن قيس ـ البحر المحيط (٨ / ٣٤٧).

(٤) شرح الجمل (١ / ٢٠٤).

٢٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

العائذات كما أن العمر بدل من الطويل ، وخرج كل من العائذات والطويل عن أن يكون صفة في هذا التركيب وجعل معمولا للعامل قبله وأبدل منه ما بعده.

وأما ثانيّا : فلكونه قال في الوجه الثاني : إن الصفة تضاف إلى الموصوف فإن مفهوم كلامه أن الصفة بعد إضافتها إلى الموصوف معتبر فيها بكونها صفة.

والأمر ليس كذلك فإن النحاة خرجوا الوارد مما يوهم ذلك وهو قول العرب : جرد قطيفة وسحق عمامة على أن التقدير شيء جرد من جنس القطيفة وشيء سحق من جنس العمامة وإذا كان كذلك فلم تكن الصفة مضافة إلى الموصوف.

وقد تبين بهذا حسن قول المصنف : فإن صلح النّعت لمباشرة العامل جاز تقديمه مبدلا منه المنعوت ، وأنه كلام واف بالمقصود مغن عن هذا التطويل.

المسألة الرابعة :

أنه إذا نعت بمفرد وجملة وظرف أو شبهه قال المصنف : فالأقيس تقديم المفرد وتوسيط الظرف أو شبهه وتأخير الجملة كقوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ)(١) قال : وقد تقدم الجملة كقوله تعالى : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ)(٢) انتهى.

وهذا الذي قاله هو الحق الذي لا يجوز القول بخلافه ، وكفى بالقرآن العزيز دليلا وشاهدا. ومما يستدل به على ذلك أيضا قوله تعالى : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ)(٣) ، قال الفارسي : «ولا يجوز أن يكون (أَنْزَلْناهُ) خبرا بعد خبر ؛ لأن المعنى على الإخبار أن المشار إليه كتاب منزل من عند الله لا على الإخبار عن اسم الإشارة بخبرين : أحدهما : أنه كتاب. والثاني : أنه منزل من عند الله ؛ لأنهم قد علموا أنه كتاب فلا فائدة بالإخبار بذلك (٤)».

وابن عصفور يقول : إن تقديم الجملة التي هي صفة على المفرد الذي هو صفة ـ

__________________

(١) سورة غافر : ٢٨.

(٢) سورة المائدة : ٥٤.

(٣) سورة الأنعام : ٩٢ ، ١٥٥.

(٤) التذييل (٤ / ١٢٨) والإيضاح العضد (٢٨٧) وينظر معاني الفراء (١ / ٣٦٥).

٢٠٩

[أقسام الأسماء من حيث ما ينعت به وينعت]

قال ابن مالك : (فصل ؛ من الأسماء ما ينعت به وينعت كاسم الإشارة ونعته مصحوب «أل» خاصّة ، وإن كان جامدا محضا فهو عطف بيان على الأصحّ ، ومنها ما لا ينعت ولا ينعت به ، كالضمير مطلقا خلافا للكسائي في نعت ذي الغيبة. ومنها ما ينعت (ولا ينعت) به كالعلم وما ينعت به ولا ينعت كأيّ السابق ذكرها).

______________________________________________________

لا يكون إلا في ضرورة أو نادر كلام (١). وهذا الذي قاله لا معول عليه لقيام الأدلة على خلافه.

قال ناظر الجيش : تضمن هذا الكلام أن أقسام الأسماء بالنسبة إلى ما ينعت به وينعت أربعة : ما ينعت به وينعت ، وما لا ينعت ولا ينعت به ، وما ينعت ولا ينعت به ، وما ينعت به ولا ينعت.

أما القسم الأول فهو أكثر الأقسام عدّة وذلك : اسم الإشارة والذي والتي وتثنيتهما وجمعهما وأسماء النسب والأسماء المشتقة التي يجوز أن يبتدأ بها ، وكذا ما كان في حكم المشتق. والنعت باسم الإشارة كقوله تعالى : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا)(٢) ، و (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ)(٣) ونعته نحو : سل هذا الماشي عن ذلك الراكب ، وقال تعالى : (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ)(٤) ، ثم إن اسم الإشارة بالنسبة إلى نعته مخصوص بأحكام ثلاثة :

أحدها : أن لا يفرّق نعته عند تعدده ، فلا يقال : مررت بهذين الطويل والقصير. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في كلام ابن عصفور وذكرت العلة فيها.

ثانيها : أن لا ينعت إلا بما هو مصحوب أل ولا ينعت بغيره كالمضاف إلى ما فيه أل نحو : هذا غلام الرجل. وقد علل ذلك بأمر لم أتحققه فتركت التعرض إلى ذكره.

ثالثها : أنه ينعت بالجامد المحض نحو : مررت بهذا الرجل ، هذا إذا جعلنا الرجل نعتا ، أما إن جعل عطف بيان كما هو رأي المصنف فقد خرج الجامد عن أن يكون ـ

__________________

(١) شرح الجمل (١ / ٢١٧ ـ ٢١٨).

(٢) سورة الأنبياء : ٦٣.

(٣) سورة القصص : ٢٧.

(٤) سورة الإسراء : ٦٢.

٢١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

نعتا لاسم الإشارة المتقدم فيكون اسم الإشارة على هذا مخصوصا بحكمين فقط. وقد علمت من كلام ابن عصفور المتقدم أن أسماء الإشارة لا توصف إلا بالجوامد ، وإن وصفت بالمشتق فعلى أنه قائم مقام الجامد كمررت بهذا العاقل التقدير : بهذا الرجل العاقل فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.

ومقتضى كلام المصنف أنها لا تنعت إلا بالمشتق لقوله : وإن كان جامدا محضا فهو عطف بيان على الأصحّ.

ولا شك أن الذي ذكره مشى فيه على القواعد ؛ لأن شأن المشتق أن يجري نعتا على ما قبله وشأن الجامد أن يجري عطف بيان. وقال في الشرح (١) : وأكثر المتأخرين يقلد بعضهم بعضا في أنه نعت. ودعاهم إلى ذلك اعتقادهم أن عطف البيان لا يكون متبوعه أخص منه وهو غير صحيح ، فإن عطف البيان يقصد به في الجوامد من تكميل المتبوع ما يقصد بالنعت في المشتق وما جرى مجراه فلا يمتنع أن يكون متبوع عطف البيان أخص منه كما لا يمتنع أن يكون المنعوت أخص من النعت.

وقد هدي أبو محمد بن السيد إلى الحق في هذه المسألة فجعل ما يتبع اسم الإشارة من الرجل وغيره عطف بيان وكذا فعل ابن جني. حكاه أبو علي الشلوبين (٢).

وهكذا ينبغي ؛ لأن اسم الجنس لا يراد به وهو تابع اسم الإشارة غير ما يراد به وهو غير تابع له فلو كان نعتا حين يتبع اسم الإشارة لكان نعتا حين يتبع غيره كقولك : رأيت شخصا رجلا وأنت لا تريد إلا كونه رجلا لا [امرأة] ولا خلاف في امتناع كونه في هذه الصورة نعتا فيجب أن لا يكون [٤ / ١٣٠] في غيرها نعتا وإلا لزم عدم النظير ، أعني جعل اسم واحد نعتا لبعض الأسماء دون بعض مع عدم اختلاف المعنى ، انتهى (٣) ، وهو كلام حسن .... ـ

__________________

(١) القائل هو ابن مالك في شرح التسهيل (٣ / ٣٢١).

(٢) إصلاح الخلل (٧١) ، والتذييل (٧ / ٣٨٠) ، والهمع (٢ / ١١٨) ، الأشموني (٣ / ٦١) ، وشرح الجمل (١ / ٢٩٧).

(٣) شرح التسهيل (٣ / ٣٢١).

٢١١

.................................................................................................

______________________________________________________

إلا أن قوله : فلا يمتنع أن يكون متبوع عطف البيان أخص منه ، كما لا يمتنع أن يكون المنعوت أخص من النعت فيه نظر ؛ لأن النعت المقصود منه إنما هو الدلالة على معنى في المنعوت وهذا القدر حاصل مع كون المنعوت أعرف والنعت أقلّ تعريفا.

وأما عطف البيان فالمقصود منه إيضاح متبوعه وبيانه فإذا لم يكن أعرف من متبوعه فلا أقلّ من أن يكون مساويا له. والمغاربة يوجبون أن يكون عطف البيان أشهر من متبوعه وإذا كان كذلك فكيف يتصور أن يكون متبوع عطف البيان أخص منه. وقال الشيخ بعد إيراده كلام المصنف :

«وكلامه مبني على اعتقاده أن المنعوت قد يكون أخص من النعت» (١) ولم أتحقق ما قاله ، فإن كون المنعوت قد يكون أخص من النعت هو قول النحاة أجمعين لأنهم قالوا أن النعت إما أن يكون مساويا للمنعوت في التعريف أو أقل منه تعريفا ومتى كان النعت أقل تعريفا كان المنعوت أخص بلا شك.

والذي نسبه الشيخ إلى المصنف وذكر أنه اعتقاده هو كون النعت قد يكون أخص من المنعوت ، لكن كلام المصنف هنا لم يكن فيه ما يدل على إرادة هذا لأنه قال : فلا يمتنع أن يكون متبوع عطف البيان أخص منه كما لا يمتنع أن يكون المنعوت أخص من النعت فكيف يجعل اعتقاده أن النعت قد يكون أخص من المنعوت.

وبعد : فقد قال الشيخ في الارتشاف : إن مصحوب أل الواقع بعد اسم الإشارة إن كان [مشتقّا] فلا خلاف بين النحاة أنه نعت ولكن الوصف به ضعيف وإن كان جامدا فسيبويه يسميه نعتا وبعضهم يجعله عطف بيان وهو قول الزجاج وابن جني وابن السيد والسهيلي واختيار ابن مالك (٢) انتهى.

وأنت قد عرفت من كلام ابن عصفور أن المشتق بعد اسم الإشارة قائم مقام موصوف محذوف فقد خالف في كون المشتق نعتا لاسم الإشارة والشيخ قد نفى الخلاف. ـ

__________________

(١) التذييل (٧ / ٣٨٠).

(٢) الارتشاف (٢ / ٥٩٨) ، وإصلاح الخلل (٧١) ، والتذييل (٤ / ١٢٢) ، والهمع (٢ / ١١٨).

٢١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وابن عصفور يقصر نعت اسم الإشارة على الجامد ، ولكنه مع كونه يجعله نعتا يجيز كونه عطف بيان فإنه في باب عطف البيان بعد تقرير مسألة ذكرها قال : وقد يجوز استعماله عطف البيان في سائر المعارف ؛ ولذلك أجاز النحويون في مثل : مررت بهذا الرجل أن يكون الرجل نعتا وعطف بيان ، فمن حمله على عطف البيان فسبب ذلك جموده ومن جعله نعتا لحظ فيه معنى الاشتقاق فجعل قوله الرجل بعد هذا بمنزلة الحاضر المشار إليه» (١) ثم قال : فإن قيل : فقد زعمت أن عطف البيان أخص من النعت وقد أجزت في الرجل وهو معرف باللام أن يكون عطف بيان على هذا والمشار إليه أعرف مما فيه اللام ، فالجواب أن الألف واللام لما كانت للحضور ساوى المعرف بها المشار في التعريف وزاد عليه بأن المشار لا يعطي جنس المشار إليه والرجل يعطي الألف واللام فيه الحضور ويعطى هو أن الحاضر من جنس الرجال فصار إذا أعرف من هذا. فإن قيل : إذا قدر أنه أعرف من هذا فكيف أجزت أن يكون نعته ، والنعت لا يكون أعرف من المنعوت. فالجواب أنك إذا قدرته نعتا فلا بد أن تكون فيه الألف واللام للعهد كما تقدم في بيان معنى النعت وكأنك قلت مررت بهذا وهو الرجل الذي بيني وبينك فيه العهد ولا تكون الألف واللام على ذلك إذ قدرته عطف بيان بل بجعلهما للحضور ، وهذا الذي ذكرته هو معنى كلام سيبويه (٢) انتهى.

وهذا الذي قرره مبني على أن أل تكون للحضور وهو أمر لا يتحقق ثبوته. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في باب المعرّف بالأداة فقلنا إن أل لا مدخل لها في الدلالة على ما ذكره وأن الحضور إنما استفيد من الحضور. وأما أل في مثل ذلك فإنما هي للعهد وبينا أن العهد كما ينشأ من معهود سابق كذلك ينشأ عن معهود بالحضور وإذا لم يثبت كون أل للحضور مع اعترافه بأن الرجل من قولنا هذا الرجل فعل كذا عطف بيان لم يتم له ما يدعيه من أن عطف البيان لا بد أن يكون أعرف من المنعوت.

وأما الأسماء الموصولة فالأمر فيها كما قال المصنف أنها ينعت بها وتنعت. وفي ـ

__________________

(١) شرح الجمل (١ / ٢٩٧).

(٢) انظر الكتاب (٢ / ٧) ، وشرح الجمل (١ / ٢٩٨) ، والارتشاف (٢ / ٥٩٨).

٢١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

شرح الشيخ نقلا عن بعض التصانيف أن النحويين منعوا صفة الذي لأن الصلة بعض الاسم وهي لا توصف وإن قلت الصفة للموصوف فقط وصفت بعض الاسم (١) انتهى.

ولا شك أن هذا لا معول عليه ، ولا ينبغي التشاغل به.

وانظر إلى هذا التعليل الذي ذكره تعلم أن الأمر كما قلته.

وأما المشتقات فالوصف بها ظاهر. وأما وصفها فكقوله تعالى : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ١٤ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ١٥ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ)(٢) قال الشيخ : تقول مررت بزيد الشجاع العالم ، فالعالم وصف للشجاع وهذا مذهب سيبويه (٣) ، أجاز يا زيد الطويل ذو الجمة على جعل ذي الجمة نعتا للطويل وسواء أكان النعت عاملا أم غير عامل. وقال ابن جني وجماعة : إن الوصف من خواصه أن لا يقبل الوصف (٤) وإن كثرت صفات كانت للأول فإن لم يكن مذكورا كان مقدرا ، وذهب السهيلي إلى الجواز إذا دل دليل على جموده مثل أن يكون خبرا لمبتدأ ، أو بدلا من اسم جامد (٥) ، فإن كان نعتا فيقوى فيه معنى الفعل بالاعتماد فلا ينعت وبعضهم منع ذلك في ما يعمل عمل الفعل لقوة شبه الفعل وأجازه في غير هذا. ولهذا قال بعضهم إذا وصف لا يعمل لبعده عن الفعل بالوصف. وقال بعضهم : إذا تقدم الوصف لم يعمل وإن تقدم عمل (٦) انتهى.

وأقول : إن كون العامل [٤ / ١٣١] وصفا للشجاع في المثال المتقدم وأنه ليس نعتا لزيد يؤدى القول به إلى أن النعوت لا تتعدد وهو غير ظاهر ، فإن تعدد النعوت لا ينكر وعليه بنى النحاة صورا من الإتباع والقطع. ولازم جعل نحو العالم في المثال وصفا للشجاع رفع تعدد النعوت. ولا شك أن تعدد النعوت أمر لا ينكر ولا يتصور التعدد إلا إذا كانت النعوت المتكررة كلها جارية على الاسم الأول.

والظاهر أن الأمرين جائزان أعني كون النعوت الكثيرة كلها للأول وكون كل منها نعتا لما قبله وإن كان الاعتماد في نسبة القول بكون كل منها نعتا لما قبله إلى ـ

__________________

(١) التذييل (٧ / ٣٨٤).

(٢) سورة البروج : ١٤ : ١٦.

(٣) الكتاب (٢ / ١٩٣).

(٤) الهمع (٢ / ١١٨).

(٥) السابق.

(٦) التذييل (٧ / ٣٨٤ ، ٣٨٥).

٢١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

سيبويه ، إنما هو على جعله ذا الجمة نعتا للطويل فليس في ذلك دليل ؛ لأن الموجب لجعل ذا الجمة نعتا للطويل ، إنما هو تعذر جعله نعتا لزيد ؛ لأنه لو كان نعتا لزيد لوجب نصبه لكونه مضافا. والفرض أنه مرفوع فتعين من هذه الجهة كونه نعتا للطويل (١) لا من جهة أن كلّا من النعوت الزائدة على واحد نعت لما قبله.

وأما القسم الثاني وهو ما لا ينعت ولا ينعت به فأشياء :

منها : المضمر أما كونه لا ينعت فلأن الغائب منه نائب مناب تكرار الاسم ، والاسم المكرر لا ينعت فكذلك ما ناب منابه ، وأما المتكلم والمخاطب فلأنهما لا يدخلهما لبس ولم ينعتا بوصف مدح أو ذم أو ترحم ؛ لأن باب هذا الوصف القطع وإنما الإتباع للتشبيه ينعت البيان وإذا لم يوجد المشبه فكيف يوجد المشبه به. وأما كونه لم ينعت به فلأنه جامد ولا يؤول بمشتق ولأنه لو نعت بمعرفة كان أخص به من منعوته والنعت إما مساو أو أقل تعريفا ، قال المصنف : لا ينعت مضمر الحاضر ولا ينعت به بإجماع وكذا مضمر الغائب عند غير الكسائي (٢) ولا يمتنع عنده أن ينعت. ورأيه قوي في ما يقصد به مدح أو ذم أو ترحم نحو : صلّى الله عليه الرؤوف الرحيم ، وعمرو غضب عليه الظالم المجرم ، وغلامك الطف به البائس المسكين ، وغير الكسائي يجعل هذا النوع بدلا وفيه تكلف.

وفي شرح الشيخ : أن الكسائي إنما يجيز نعت الضمير إذا كان لمدح أو ذم أو ترحم لا مطلقا (٣).

ومنها : المصدر الذي يؤتي به بدلا من اللفظ بفعله. قال المصنف : ومما لا ينعت ولا ينعت به المصدر الذي بمعنى الأمر أو الدعاء كسقيا له ، لا ينعت ؛ لأنه بدل من اللفظ بالفعل ولا ينعت به لأنه طلب ، فاللام في سقيا له وشبهه متعلقة بالمصدر وهي للتبيين.

ومنها : كل وبعض. قال المصنف : قال سيبويه رحمه‌الله تعالى في بعض أبواب ـ

__________________

(١) في الكتاب (٢ / ١٩٣): «وتقول : يا زيد الطويل ذو الجمة إذا جعلته صفته للطويل ، وإن حملته على زيد نصبت فإذا قلت : يا هذا الرجل فأردت أن تعطف ذا الجمة على هذا جاز فيه النصب ... ومن قال : يا زيد الطويل قال : ذا الجمة لا يكون فيها غير ذلك إذا جاء بها من بعد الطويل ، وإن رفع الطويل وبعده ذو الجمة كان فيه الوجهان».

(٢) التذييل (٧ / ٣٨٦).

(٣) المصدر السابق (٣٨٦ ، ٣٨٧).

٢١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الحال : هذا باب ما ينتصب خبره لأنه معرفة [وهي معرفة] لا توصف ولا تكون وصفا وذلك قولك : مررت بكلّ قائما ، ومررت ببعض قائما وببعض جالسا (١) قلت : وكل وبعض في هذا الكلام بمنزلة المضمر في أنه لا ينعت ولا ينعت به (٢). انتهى.

قال الشيخ : فإن أضيف كل إلى نكرة جاز وصفها نص على ذلك سيبويه (٣) نحو :

٣١٦٩ ـ قتلنا منهم كلّ

فتى أبيض حسّانا (٤)

ونحو :

٣١٧٠ ـ وكلّ خليل غير هاضم نفسه

لوصل خليل صارم أو معارز (٥)

ومنها : أسماء الشرط ، ومنها : أسماء الاستفهام ، ومنها : كم الخبرية ، ومنها : كل اسم غير متمكن.

قال ابن عصفور : وغير المتمكن هو الذي يلزم موضعا واحدا كما التعجبية أو موضعين كقبل وبعد (٦).

وأقول : إنه مستغن عن ذكر ما التعجبية لأنها [لا تكون إلا بهذا التركيب الخاص ما دامت تعجبية](٧) أعني أن تكون مبتدأة وما بعدها خبر أو غير خبر على الخلاف الذي هو معروف ولو غيرت عن هذا التركيب لفات معنى التعجب ، وأما قبل وبعد فقد يقال أنه لا يحتاج إلى ذكرهما أيضا ، إذ لا يتصور فيهما أن يوصفا ولا أن يوصف بهما.

ونقل الشيخ عن ابن عصفور أيضا أن مما لا ينعت ولا ينعت به كل اسم متوغل في البناء نحو الآن وأين ومن (٨). والظاهر أنه لا يحتاج إلى ذكر ذلك. ـ

__________________

(١) الكتاب : (٢ / ١١٤).

(٢) شرح التسهيل (٣ / ٣٢٢).

(٣) الكتاب (٢ / ١١٠ ، ١١١).

(٤) من الهزج لذو الإصبع العدواني ، وقيل لغيره ـ الإنصاف (٦٩٩) ، والخصائص (٢ / ١٩٤) والكتاب (٢ / ١١١).

(٥) من الطويل للشماخ ـ ديوانه (٤٣) ، والكتاب (٢ / ١١٠) ، واللسان : عرز.

(٦) شرح الجمل (١ / ٢١٧).

(٧) في الأصل : ما دامت تعجبية لا تكون إلا بهذا التركيب الخاص ، وظاهره خطأ لغوي ؛ إذ استعمل ما دام : بمعنى الشرط وهي لا تكون إلا بالنصب على الظرفية.

(٨) التذييل (٧ / ٣٨٣) ، وشرح الجمل (١ / ١٠٠).

٢١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أما أين فأما استفهام أو شرط فهي داخلة في ما ذكر من أسماء الشرط والاستفهام ، وأما من فإن كان شرطا أو استفهاما فالأمر فيها كذلك ، وإن كانت غير شرط أو استفهام بأن تكون موصولة فإن نعتها جائز.

وقد ذكر الشيخ ذلك وقال : إن البصريين يجيزون أن ينعت كما يجيزون نعت ما فيقال : جاءني من في الدار العاقل ونظرت إلى ما اشتريت الحسن. نقل ذلك عن الزجاجي (١).

قال : وذكر (٢) أن الكوفيين لا يجيزون ذلك (٣) ، ويرد على قول ابن عصفور كل اسم متوغل في البناء الموصولات كالذي والتي فإنها ينعت بها وتنعت كما تقدمت الإشارة إلى ذلك.

أما القسم الثالث : وهو ما ينعت ولا ينعت به فهو الأسماء الأعلام. قال المصنف : وكن العلم ينعت ظاهر أو إما كونه لا ينعت به فلأنه ليس مقصودا بالاشتقاق وضعا ولا تأويلا وإن كان مشتقا في الأصل وزال عن قصد الاشتقاق بالنقل والغلبة فهو في امتناع النعت به بمنزلة العلم المرتجل.

وإن وقع موقعا صالحا للنعت جعل عطف بيان نحو : رضي الله عن خليفته الصديق وعن عمه العباس. ومما ينعت ولا ينعت به اسم الجنس الجامد غير المؤول بمشتق.

وأما القسم الرابع : وهو ما ينعت به ولا ينعت فقد ذكر المصنف منه أربع كلمات. قال : وهي : أي ، وكل ، وجد ، وحق السابق ذكرها في هذا الباب.

ولم يذكر ابن عصفور هذه الكلمات وإنما لما ذكر هذا القسم قال : «وهو القسم الذي لم يستعمل إلا مانعا نحو : بسن من قولهم : [٤ / ١٣٢] حسن بسن (٤) ، ولا شك أن عبارته شاملة لكل ما لزم التبعية كقولهم : أبيض يقق وأحمر قان وأسود حالك. ولك أن تقول ما كان لازم التبعية مستغنى عن ذكره هنا إذ كونه لازم التبعية كاف ، وإنما يتعين ذكر ما من شأنه أن يكون غير تابع. ثم إنه اقتصر فيه على التبعية في موضع خاص كالكلمات التي ذكرها المصنف رحمه‌الله تعالى.

__________________

(١) في غير الجمل ـ التذييل (٧ / ٣٨٤).

(٢) الضمير هنا للزجاجي.

(٣) التذييل (٧ / ٣٨٤).

(٤) المقرب (١ / ٢٢٣).

٢١٧

[الاستغناء عن المنعوت ، وعن النعت]

قال ابن مالك : فصل : (يقام النّعت مقام المنعوت كثيرا إن علم جنسه ونعت بغير ظرف وجملة أو بأحدهما بشرط كون المنعوت بعض ما قبله من مجرور بـ «من» أو «في» وإن لم يكن كذلك لم يقم الظّرف والجملة مقامه إلّا في شعر واستغني لزوما عن موصوفات بصفاتها ، فجرت مجرى الجوامد ، ويعرض مثل ذلك لقصد العموم وقد يكتفى بنيّة النّعت عن لفظه للعلم به).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش : قال المصنف (١) : يعلم جنس المنعوت باختصاص النعت به كمررت بكاتب راكب صاهلا وبمصاحبة ما يعنيه كـ (أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ١٠ أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ)(٢) و (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً)(٣) ، و (كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً)(٤) ، و (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ)(٥) فمثل هذا من الحذف حسن كثير لكون المنعوت معلوم الجنس ولكون النعت قابلا لمباشرة ما كان يباشر المنعوت فلو لم يكن قابلا لمباشرة العامل لكونه جملة أو شبهها لم يقم مقام المنعوت في الاختيار إلا بشرط كون المنعوت بعض ما قبله من مجرور بمن كقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)(٦) ، ومن هذا النوع قول تميم العجلاني (٧) :

٣١٧١ ـ وما الدّهر إلّا تارتان فمنهما

أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح

وكلتاهما قد خطتا في صحيفتي

فلا العيش أهوى لي ولا الموت أروح (٨)

وقد تقوم في مقام من ، كقول الراجز : ـ

__________________

(١) شرح المصنف (٣ / ٣٢٢).

(٢) سورة سبأ : ١١.

(٣) سورة التوبة : ٨٢.

(٤) سورة المؤمنون : ٥١.

(٥) سورة فاطر : ٣٢.

(٦) سورة النساء : ١٥٩.

(٧) تميم بن أبيّ بن مقبل من بني عجلان ، شاعر جاهلي أدرك الإسلام وأسلم ، عاش نيفا ومائة سنة (ت ٢٥ ه‍) ، والخزانة (١ / ١١٣).

(٨) من الطويل ـ ديوانه (٢٤) ، والإنصاف (٤٤٦) ، والدرر (٢ / ١٥١) ، والكتاب (١ / ٣٧٦) ، والمحتسب (١ / ٢١٢) ، والمقتضب (٢ / ١٣٨) ، والهمع (٢ / ١٢٠).

٢١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

٣١٧٢ ـ لو قلت ما في قومها لم تيثم

يفضلها في حسب وميسم (١)

فمثل هذا لو استعمل في غير الشعر لحسن كقولك : ما في الناس إلا شكر أو كفر. وقد تقام الجملة مقام المنعوت دون من وفي ، كقول الشاعر :

٣١٧٣ ـ لكم مسجدا الله المزوران والحصى

لكم قبصه من بين أثرى وأقترا (٢)

وأشرت بقولي : واستغني لزوما عن موصوفات بصفاتها إلى نحو : دابة وأبطح وحسنة وسيئة ، وأشرت بقولي : ويعرض مثل ذلك لقصد العموم إلى مثل قوله تعالى : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)(٣) ، وقوله تعالى : (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ)(٤) ، وقوله تعالى : (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها)(٥).

ومن هذا النوع قولك : لا متحرك ولا ساكن إلا بقدر سابق. وقد يحذف النعت للعلم به فيكتفى بنيته كقوله تعالى : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُ)(٦) أي قومك المعاندون ، وكقوله تعالى : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها)(٧) أي كل شيء سلطت عليه أو أمرت بتدميره ، وكقوله تعالى (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)(٨) أي إلى معاد كريم أو إلى معاد تحبه. ومن حذف النعت للعلم به قول المرقش الأكبر (٩) :

٣١٧٤ ـ وربّ أسيلة الخدّين بكر

مهفهفة لها فرع وجيد (١٠)

أي فرع وافر وجيد طويل. ومن نادر حذف المنعوت قول الفرزدق : ـ

__________________

(١) انظره في الأشموني (٣ / ٧٠) والخصائص (٢ / ٣٧٠) ، والعيني (٤ / ٧١) ، والكتاب (١ / ٣٧٥) ، هذا وتيثم : تأثم ، والميسم : الجمال.

(٢) البيت من بحر الطويل وهو للكميت وشاهده واضح ، وهو في العيني (٤ / ٨٤) والأشموني (٣ / ٥٤) والإنصاف (مسألة رقم ١٠٣).

(٣) سورة الأنعام : ٥٩.

(٤) سورة المائدة : ١٠٠.

(٥) سورة الكهف : ٤٩.

(٦) سورة الأنعام : ٦٦.

(٧) سورة الأحقاف : ٢٥.

(٨) سورة القصص : ٨٥.

(٩) عوف بن سعد بن بني بكر بن وائل ، شاعر جاهلي وهو عم المرقش الأصغر ، وهذا عم طرفة بن العبد (ت ٧٥ ق ه). الأعلام (٥ / ٢٧٥) والشعر والشعراء (١ / ٢١٠).

(١٠) من الوافر ، شرح التبريزي على اختيارات المفصل (٢ / ٩٩٨) ، والعيني (٤ / ٧٢).

٢١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

٣١٧٥ ـ إذا حارب الحجّاج أيّ منافق

علاه بسيف كلمّا هزّ يقطع (١)

أي منافقا أي منافق ، وقول عمرو بن قميئة (٢) :

٣١٧٦ ـ لعمرك ما نفس بجدّ رشيدة

تؤامرني سرّا لأصرم مرثدا (٣)

أي برشيدة جد رشيدة. وقول عمر بن أبي ربيعة.

٣١٧٧ ـ إنّ الثّواء بأرض لا أراك بها

فاستيقنيه ثواء حقّ ذي كدر (٤)

أي ثواء ذو كدر (حق ذي كدر) (٥). انتهى كلام المصنف رحمه‌الله تعالى.

أما ابن عصفور فإنه لم يتعرض إلى حذف النعت. وأما المنعوت فإنه ذكر أنه يجوز حذفه إذا كان النعت اسما صريحا في ثلاث صور :

أن يتقدم المعطوف في الذكر نحو : أعطني ماء ولو باردا.

وأن تكون الصفة خاصة بجنس الموصوف نحو : مررت بكاتب.

وأن تكون الصفة قد استعملتها العرب استعمال الأسماء نحو : الأبطح والأبرق للمكان ، والأدهم للقيد ، والأسود للحية (٦).

ولا شك أن كلام المصنف أمتن ؛ لأنه وقف أمر الحذف على العلم بجنس المنعوت. ثم بين أن ذلك يعلم باختصاص النعت به كمررت بكاتب ، وبمصاحبة ما يعينه كـ (أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)(٧) الآية الشريفة فـ (سبغت) (٨) ليس بجنس الموصوف ومع هذا حذف منعوته لأن جنس المنعوت قد علم بذكر (الحديد) وشمل قوله وبمصاحبة ما يعينه : أعطني ماء ولو باردا ، فلم يحتج إلى تقدم الموصوف في الذكر.

واعلم أن ابن عصفور ذكر مسألة لم يذكرها المصنف وهي أن المنعوت يجوز ـ

__________________

(١) من الطويل ، ديوانه (ص ٥١٥) والدرر (١ / ٧١) ، والهمع (١ / ٩٣).

(٢) من قيس بن ثعلبة شاعر جاهلي مقدم نشأ يتيما كان واسع الخيال ت ٨٥ ق. ه. الأعلام (٥ / ٢٥٥) والأغاني (١٦ / ١٥٨) وابن سلام (ص ٣٧).

(٣) من الطويل شرح التسهيل (٣ / ٣٢٤) بنسبته له.

(٤) من البسيط ، ديوانه (ص ١٢٤).

(٥) شرح التسهيل (٣ / ٣٢٤) أراد ذو كدر حق ذي كدر.

(٦) شرح الجمل (١ / ٢٢٠ ، ٢٢١).

(٧) سورة سبأ : ١٠.

(٨) سورة سبأ : ١١.

٢٢٠