شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٧

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٧

المؤلف:

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]


المحقق: علي محمّد فاخر [ وآخرون ]
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

١
٢

الباب الحادي والأربعون باب الإضافة (١)

[تعريفها ـ أثرها]

[٤ / ٦٥] قال ابن مالك : (المضاف هو الاسم المجعول كجزء لما يليه خافضا له بمعنى «في» إن حسن تقديرها وحدها ، وبمعنى «من» إن حسن تقديرها مع صحّة الإخبار عن الأوّل بالثّاني ، وبمعنى اللّام تحقيقا أو تقديرا فيما سوى ذينك ، ويزال ما في المضاف من تنوين أو نون تشبهه ، وقد يزال منه تاء التّأنيث أن أمن اللّبس).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش : قال المصنف : الاسم المجعول كجزء لما يليه يعم الموصول ، والمركب تركيب مزج ، والموصوف بصفة لازمة ويخرج الثلاثة تقييد المجعول بكونه خافضا فيختص المضاف بالحد ، وقلت : كجزء لما يليه ، ولم أقل : كجزء اسم ؛ لأن ثاني جزأي الإضافة قد يكون جملة وحرفا مصدريّا ، وما يلي (يعم) الاسم وإياهما فكان بالذكر أولى ، ثم بنيت أن الإضافة على ثلاثة أقسام : إضافة بمعنى «في» ، وإضافة بمعنى «من» ، وإضافة بمعنى اللام ، وقد أغفل أكثر النحويين التي بمعنى «في» وهي ثابتة في الكلام الفصيح بالنقل الصحيح كقوله تعالى : (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ)(٢) ، وكقوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ)(٣) ، وكقوله تعالى : (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ)(٤) ، وقوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(٥) ، ومنه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فلا تجدون أعلم من عالم المدينة» (٦) ، وقول العرب : شهيد الدار ـ

__________________

(١) ينظر في هذا الباب : الأشموني (٢ / ٢٣٧ ـ ٢٨٢) وأوضح المسالك (٣ / ٨١ ـ ٢٠٠) ، والتذييل (٤ / ٦٨ ـ ١٠١) ، والتصريح (٢ / ٢٣ ـ ٦١) ، والرضي (١ / ٢٦ ، ٢٧٢ ـ ٢٩٨) ، ومواضع متفرقة في (ج ٢) منه ، وشرح الجمل (٢ / ٧٠ ـ ٧٧) ، وشرح اللمع (ص ١٧٧ ـ ١٨١) وشرح المفصل (٢ / ١١٧ ـ ١٣٣) ، (٣ / ٢ ـ ٣٨) والكافية الشافية (٢ / ٨٩٨ ـ ١٠١١) والكتاب (١ / ٤٢ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ٦٦ ، ١٧٦ ـ ١٨٠ ، ١٩٩ ، ٢٠١ ، ٢٧٩ ، ٤٢٥) ، (ص ٢ / ٧ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٨٠) ، (٣ / ٨١ ، ٨٢ ، ١١٧ ـ ١١٩ ، ٤١٢ ـ ٤١٤ ، ٣٣٥) ، والكفاية (٨٧ ـ ٩٦) ، والمقرب (١ / ٢٠٩ ـ ٢١٨) ، والهمع (٢ / ٤٥ ـ ٥٥).

(٢) سورة البقرة : ٢٠٤.

(٣) سورة البقرة : ٢٢٦.

(٤) سورة يوسف : ٣٩.

(٥) سورة سبأ : ٣٣.

(٦) عن أبي هريرة أخرجه الترمذي في أبواب العلم : (١٨) برواية «فلا يجدون أحدا ...».

٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وقتيل كربلاء ، ومنه قول الشاعر :

٢٨٦٣ ـ لهم سلف شمّ طوال رماحهم

يسيرون لا ميل الركوب ولا عزلا (١)

ومثله :

٢٨٦٤ ـ مهادي النهار لجاراتهم

وباللّيل هنّ عليهم حرم (٢)

ومثله :

٢٨٦٥ ـ وغيث تبطّأت قريانه

بأجرد ذي ميعة منهمر

مسيح الفضاء كسيد الإباء

جمّ الجراء شديد الحضر (٣)

ومثله :

٢٨٦٦ ـ من الحور ميسان الضّحى بختريّة

ثقال متى تنهض إلى الشر تفتر (٤)

ومثله :

٢٨٦٧ ـ طفلة باردة الصّيف إذا

معمعان القيظ أضحى يتقد

سخنة المشتى لحاف للفتى

تحت ليل حين يغشاه الصّرد (٥)

ومثله :

٢٨٦٨ ـ تسائل عن قوم هجان سميدع

لدى البأس مغوار الصّباح جسور (٦)

ومثله :

٢٨٦٩ ـ وما كنّا عشيّة ذي طليح

لئام الروع إذا زمت إزام (٧)

__________________

(١) من الطويل وانظره في التذييل (٧ / ١٧٩).

(٢) من المتقارب ـ شرح العمدة : منسوبا للأعشى (٢٢٧) ، والكافية الشافية (٢ / ٩٠٧).

(٣) من المتقارب ـ شرح التسهيل (٢ / ١٧٣) وفيه أنهما لابن أبي ربيعة ، ولم أجدهما في ديوانه ، والكافية الشافية (٢ / ٩٠٧).

(٤) من الطويل ، وبخترية : متبخترة في مشيتها ، وهذا والبيت لعمر بن أبي ربيعة ديوانه (ص ١٠٥) برواية «من البيض مكسال الضحى» ، والكافية الشافية (٢ / ٩٠٧).

(٥) من الرمل والمعمعان : شدة الحر ، وانظره في التذييل (٧ / ١٧٩).

(٦) من الطويل لحسان بن ثابت ـ ديوانه (١٨٦) ، والعيني (٣ / ٣٥٨) ، وهجان : كريم. والسميدع : السيد الموطأ الأكناف. (٧) وانظره في التذييل (٧ / ١٧٩).

٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فلا يخفى أن معنى «في» في هذه الشواهد كلها صحيح ظاهر لا غنى عن اعتباره وأن اعتبار معنى غيره ممتنع أو متوصل إليه بتكليف لا مزيد عليه فصح ما أردناه ، والحمد لله ، وأما الإضافة بمعنى «من» فمضبوطة ، بكون المضاف بعض المضاف إليه مع صحة إطلاق اسمه عليه والإخبار به عنه كـ : ثوب خز ، وخاتم فضة ؛ فالثوب بعض الخز ، ويصح إطلاق اسمه عليه والإخبار به عنه وكذا الخاتم بالنسبة إلى الفضة.

ومن هذا النوع إضافة الأعداد إلى المعدودات والمقادير إلى المقدرات فأما نحو : يد زيد ؛ فالإضافة فيه بمعنى اللام وبمعنى «من» لامتناع الإخبار فيها بالثاني عن الأول ، وإن كان الأول بعضا للثاني.

وكذا الإضافة في نحو : يوم الخميس ؛ هي أيضا بمعنى اللام لا بمعنى «من» لكون الأول ليس بعضا للثاني ، وإن كان الإخبار فيها بالثاني عن الأول غير ممتنع ، وهذا معنى قول ابن السراج (١) رحمه‌الله تعالى ، وهو الصحيح لا قول ابن كيسان (٢) والسيرافي (٣) ؛ فإنهما جعلا إضافة كل بعض بمعنى «من» على الإطلاق ، وإذ قد انضبطت مواضع الإضافة التي بمعنى «في» ومواضع الإضافة التي بمعنى «من» فليعلم أن كل إضافة سواهما فهي بمعنى اللام ، وإن لم يحسن تقدير لفظها نحو : زيد عند عمرو ، وعمرو مع خالد ؛ فلا يخفى أن لفظ اللام لا يحسن تقديره هنا ، ومع ذلك نحكم بأن معناها مراد كما حكم بأن معنى «من» في التمييز مراد ، وإن لم يحسن تقدير لفظها وأن معنى «في» في الظرف مراد ، وإن لم يحسن تقدير لفظها ، وقد يحسن تقدير «من» وتقدير اللام معا ويجعل الحكم للام ؛ لأنها الأصل ؛ فلذلك اختصت بجواز إقحامها بين المضاف والمضاف إليه في نحو :

٢٨٧٠ ـ يا بؤس للحرب الّتي

وضعت أراهط فاستراحوا (٤)

أراد : يا بؤس الحرب ، ودخل في قولي : (ويزال ما في المضاف من تنوين) المنون لفظا كـ «غلام» والمنون تقديرا كـ «أساور» فإنك إذا قلت : أساور فضة ، ـ

__________________

(١) الأصول (١ / ٣٣٠).

(٢) الهمع (٢ / ٤٦).

(٣) انظر : السيرافي ، وشرحه على الكتاب (٢ / ١٤١ / ب).

(٤) من الكامل لسعد بن مالك في حرب البسوس بين بكر وتغلب. الحلل (١ / ٢٤٤) ، والكتاب (١ / ٣١٥).

٥

.................................................................................................

______________________________________________________

بالنصب ؛ فالتنوين مقدر الثبوت وإذا قلت : أساور فضة ؛ بالجر فإن التنوين الذي كان ثبوته مقدرا صار حذفه مقدرا ولذلك لا ينون في الاضطرار بخلاف الذي تنوينه مقدر الثبوت ، فإنه ينون في الاضطرار ، ودخل في قولي : (أو نون تشبهه) نونا المثنى والمجموع كـ «صاحبين» ، و «مكرمين» ونونا الجاريين مجراهما في الإعراب كاثنين ، وعشرين فإن نونيهما تحذفان للإضافة ؛ لجريانهما مجرى المثنى والمجموع على حده ، فيقال : أقبض اثنيك ، وعشريك كما يقال : اذكر صاحبيك ، ومكرميك ولا خلاف في إضافتهما إلى غير مميزهما وإنما يمتنع إضافتهما إلى مميزهما إلا في الاضطرار كقول الراجز :

٢٨٧١ ـ كأنّ خصييه من التّدلدل

ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (١)

أو في ندور كرواية الكسائي إن بعض العرب يقول : عشرو درهم. وقد يحذف من المضاف تاء التأنيث إن لم يوقع حذفها في إلباس مذكر [٤ / ٦٦] بمؤنث كحذف تاء «ابنة» ، أو مفرد بجمع كحذف تاء «تمرة» ومن شواهد ذلك قراءة بعض القراء «ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له عده» (٢) ومنها قول الشاعر :

٢٨٧٢ ـ إنّك أنت الحزين في أثر ال

قوم فإن تنوينهم تقم (٣)

ومثله :

٢٨٧٣ ـ إنّ الخليط أجدّوا البين وانجردوا

وأخلفوك عد الأمر الّذي وعدوا (٤)

ومثله :

٢٨٧٤ ـ ونار قبيل الصبح بادرت قدحها

حيا النار قد أو قدتها للمسافر (٥)

ومثله :

٢٨٧٥ ـ ألا ليت شعري هل يفطن خالد

عيادي على الهجران أم هو آيس (٦)

__________________

(١) لخطام المجاشعي ، وقيل لغيره ـ التصريح (٢ / ٢٧٠) ، والدرر (١ / ٢٠٩) ، والكتاب (٢ / ١٧٧ ، ٢٠٢) ، والمقتضب (٢ / ٥٦) ، والهمع (١ / ٢٥٣).

(٢) البحر المحيط (٥ / ٤٨) ، وفيه آراء وتوجيهات فانظرها هناك إذا شئت. هذا والآية في : التوبة : ٤٦.

(٣) من المنسرح للنابغة الجعدي ـ ديوانه (١٤٩) واللسان : «نوى» برواية : «الحي» بدل «القوم».

(٤) من البسيط للفضل بن العباس .. التصريح (٢ / ٣٩٦) ، والخصائص (٣ / ١٧١) ومعاني الفراء (٢ / ٢٥٤).

(٥) من الطويل لكعب بن زهير ـ ديوانه (ص ١٨٥) ، وأساس البلاغة (ص ٣٨٠) ، وشرح العمدة (ص ٢٢٨) ، واللسان «حيا». (٦) كالسابق وانظره في التذييل (٧ / ١٨٥).

٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثله :

٢٨٧٦ ـ وأحلى من التمر الجنيّ وفيهم

بسالة نفس إن أريد بسالها (١)

ومثل قول رؤبة :

٢٨٧٧ ـ هاتكته حتى انجلت أكراؤه

وانحسرت عن معرفي نكراؤه (٢)

فسهّل حذف التاء من هذه الأسماء أن حذفها لا يوقع في إلباس ، لأنه لا يقال في العدّة : عدّ ، ولا في النيّة : نيّ ، ولا في العدة : عد ، ولا في الحياة : حيا ، ولا في العيادة : عياد ، ولا في البسالة : بسال ، ولا في المعرفة : معرف.

وجعل الفراء من هذا القبيل (وَأَقامَ الصَّلاةَ)(٣) ، و (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ)(٤) بناء على أنه لا يقال دون الإضافة في الإقامة : إقام ، ولا في الغلبة : غلب (٥). انتهى كلامه رحمه‌الله تعالى.

ويتعلق به أبحاث :

الأول :

أن التبويب إنما هو للإضافة ولم يجدها إنما ذكر حد المضاف ، وقد ذكر الخضراوي لها حدّا فقال : الإضافة : ضم اسم غير موصول إلى غيره من اسم أو جملة للتعريف أو التخصيص ضمّا لا يجوز الفصل بينهما قياسا إلا بالظرف في ضرورة الشعر ، قال : فـ «غير موصول» تحرز من الموصلات ؛ لأنها تضم إلى صلاتها من الجمل ولا يفصل بينهما وتتعرف بها في قول الأكثر. قال : و «للتعريف أو التخصيص» تحرز من ضم التركيب نحو : خمسة عشر ، وبعلبك ، وحضرموت ، وما أشبهها. قال : و «ضمّا لا يجوز الفصل بينهما» تحرز من أنا قد نضم الصفة إلى الموصوف فيتخصص الأول بها نحو : رجل عالم أو الرجل العالم ، لكن قد نقول : قام زيد عند عمرو العاقل في الكلام ، وجاء زيد راكبا العالم. هذا ملخص كلام الخضراوي. ـ

__________________

(١) كذلك من الطويل ، وفي التذييل (٧ / ١٨٥).

(٢) ديوانه (ص ٤) ، والتذييل (٧ / ١٨٥).

(٣) سورة الأنبياء : ٧٣ ، وسورة النور : ٣٧ ، ومعاني الفراء (٢ / ٢٥٤ ، ٣١٩) ، وانظر : البحر المحيط (٦ / ٣٢٩) والتبيان (٢ / ٩٢٢).

(٤) سورة الروم : ٣ ، وانظر المصادر السابقة ، وكذا الأشموني (٢ / ٢٣٧).

(٥) شرح التسهيل لابن مالك (٣ / ٢٢٥).

٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا يخفى ما في الحد الذي ذكره من القلق والطول. وفي شرح الشيخ أن بعضهم حد الإضافة بأنها : نسبة بين اسمين تقييدية توجب لثانيهما الجر أبدا. فـ «بين اسمين» احتراز من : قام زيد و «تقييدية» من : زيد قائم ، و «توجب لثانيهما الجر» احتراز من : زيد الخياط من قولنا : زيد الخياط منطلق ، و «أبدا» : احتراز من : مررت بزيد الخياط ، ولا ترد الإضافة إلى الجملة ؛ لأن الجملة المضاف إليها في تقدير اسم (١). ولا شك أن هذا أحسن من الحد الذي ذكره الخضراوي.

ولو قيل : الإضافة نسبة تقييدية بين شيئين : الأول منهما جار للثاني لفظا أو محلّا لكان أقرب وأخصر.

الثاني :

أن الأول من المركب تركيب مزج ليس هو كالجزء مما يليه ؛ إنما هو أحد جزءي المركب ، فهو جزء حقيقة ؛ لأنه مسلوب الدلالة حال التركيب كما أن الجزء الثاني كذلك. والدال على المعنى المراد إنما هو المجموع. وأما الموصوف بصفة لازمة فلا يتحقق فيه ما ذكره ؛ لأنه إن أراد به أن الصفة لا تنفرد عن الموصوف وذلك نحو قولهم : أبيض يقق وأحمر قان وأسود حالك ، وكقولهم : حسن يسن ؛ فالذي هو كالجزء في هذا إنما هو الصفة لا الموصوف ؛ لأن الصفة في مثله هي التي لا تنفك عن موصوفها ، وأما الموصوف فانفكا كه عن الصفة ظاهر ، وإن أراد به أن الموصوف لا ينفرد عن الصفة كان متجها ، وقد مثل لذلك في باب التابع بقولهم : الشعرى العبور ، لكن إن كان المعتمد في إثبات الموصوف بصفة لازمة هذا المثال ، فقد نوقش فيه فقيل : إن الشعرى لا يلزمها الوصف ويدل على ذلك قوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى)(٢) ، وأما الموصول ، وإن كان الجزء مما يليه فليس نظير المضاف ؛ لأن الموصول لم يكن له حالة ليس هو فيها كالجزء فجعل جزءا إنما هو كالجزء دائما ؛ لأنه وضع كذلك والمضاف إنما يصير كالجزء حال إضافته ، فإذا انفصل عن الإضافة زال عنه هذا الوصف.

وإذا كان الأمر كما قلناه فلم تدخل هذه الثلاثة تحت قوله : (كالجزء) حتى يكون قوله خافضا له مخرجا لها. وأما قوله : أنه عدل عن أن يقول : كجزء اسم ـ

__________________

(١) التذييل (٧ / ١٧٨).

(٢) سورة النجم : ٤٩.

٨

.................................................................................................

______________________________________________________

إلى قوله : كجزء لما يليه ؛ لأن ثاني جزأي الإضافة قد يكون جملة وحرفا مصدريّا ففيه كلام ؛ لأن الجملة المضاف إليها إنما هي في تأويل الاسم وكذا الحرف المصدري مع صلته أيضا فالإضافة في الحقيقة إنما هي إلى اسم. فلو قال : كجزء اسم ؛ لكان كافيا سديدا أيضا. ثم إن في قوله : إن ثاني جزأي الإضافة يكون حرفا مصدريّا ـ مناقشة لفظية ؛ لأن الحرف ليس مضافا إليه ، فيقال : إنه ثاني جزأي الإضافة.

الثالث :

قد علم من قول المصنف : (المضاف هو الاسم المجعول) إلى آخره أن المضاف هو الأول والمضاف إليه هو الثاني ، وهذا لا شبهة فيه ؛ لكن ذكر الشيخ أنهم اختلفوا في إطلاق لفظ المضاف والمضاف إليه ، كما اختلفوا في المسند والمسند إليه فقيل : المضاف هو الأول والمضاف إليه الثاني ، وقيل عكسه (١) ، قال : وجوز بعضهم أن يطلق الأمران على كلّ منهما (٢).

وأقول : هذا شيء لا ينبغي التشاغل به ، ولا أعرف [٤ / ٦٧] كيف يعقل في نحو : زيد قائم أن زيدا هو المسند ولا في نحو : غلام زيدان : غلاما هو المضاف إليه.

ثم عرف من قول المصنف : (خافضا له) أن المضاف هو العامل في المضاف إليه الجر ، وذهب الزجاج إلى أن العامل فيه معنى اللام. قال : لأن الاسم لا يخفض ، هكذا نقلوا عن الزجاج كما ذكره ابن عصفور وغيره (٣).

ولم أتحقق مذهبه هل العامل الحرف الذي الإضافة بمعناه؟ أو معنى الإضافة أو غير ذلك؟ لكن صرح ابن عصفور في شرح الجمل دون نسبة إلى الزجاج أو غيره بأن منهم من زعم أن الجر بالحرف المحذوف (٤).

والأصح أن الاسم المضاف هو العامل ؛ بدليل اتصال الضمائر به ، ولا تتصل الضمائر إلا بعواملها. قيل : والقياس أن لا يعمل الاسم الجر ؛ لأن الاسم إنما يعمل لشبه الفعل ، والفعل لا حظ له في عمل الجر إنما يعمل رفعا ونصبا. وأجيب عن ـ

__________________

(١) التذييل (٧ / ١٧٨).

(٢) السابق.

(٣) سر النحو له (٢ / ٧) ، وانظر : الأشموني (٢ / ٢٣٧) ، والتصريح (٢ / ٢٥) ، وشرح الجمل (٢ / ٧٥).

(٤) شرح الجمل (٢ / ٧٥).

٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ذلك بأن عمل الجر في الأصل إنما هو للحرف ، ولكن العرب تحذف حروف الجر في مواضع (١) ، وفي هذا الباب لما حذف الحرف ناب الاسم المضاف منابه فعمل عمله (٢). أشار إلى ذلك ابن عصفور في شرح الإيضاح.

وأقول : لا يخفى ضعف هذا الجواب. وأما السؤال فمدفوع من أصله ؛ وذلك أن العمل الذي يكون الاسم فيه محمولا على الفعل إنما هو العمل الذي يستحقه الفعل وهو الرفع والنصب ؛ ففي عمل هذين يقال : الاسم إنما يعمل لشبه الفعل ، وأما الجر فليس من مستحقات الفعل. ولا شك أن الجر أحد أنواع الإعراب الثلاثة التي تكون في الاسم ، فلا بد له من عامل ، والفعل لا مدخل له في عمل الجر ؛ فوجب أن يكون عمل الجر ناشئا إما عن حرف وإما عن اسم ، فكان العمل للحرف في نحو : نظرت إلى زيد ، ومررت بعمرو ، ورغبت في الخير ، وللاسم في نحو : غلام زيد ، وضارب عمرو ، وذلك أن موجب العمل الاقتضاء ، فإذا اقتضى شيء شيئا وجب أن يعمل فيه ؛ فالحرف اقتضى اسما يباشره ليوصل إليه معنى الفعل الذي تعلق به ، والاسم الذي هو المضاف اقتضى اسما يضاف هو إليه ليتخصص به ، فوجب أن يكون كل منهما عاملا في ما اقتضاه وكان العمل الجر ؛ لأن الرفع والنصب اللذين هما النوعان الآخران إنما يسبقهما الفعل وما أشبهه من الأسماء والحروف.

الرابع :

قد علم من كلام المصنف أن الإضافة ثلاثة أقسام : إضافة بمعنى «في». وإضافة بمعنى «من» ، وإضافة بمعنى اللام. فليعلم أن الإضافة التي بمعنى أحد هذه الأحرف الثلاثة هي الإضافة المحضة التي هي المعنوية. وأما الإضافة اللفظية فليست بمعنى حرف ؛ لأن المقصود بها إنما هو تخفيف اللفظ ، ومعنى الإضافة فيها مفقود ؛ فمن أين يجيء معنى حرفها؟ وكلام المصنف في هذا الكتاب وفي بقية كتبه يوهم أن الإضافة معنوية كانت أو لفظية تقدر بحرف ، وليس كذلك ؛ فكان الأولى أن يقول أولا : الإضافة لفظية ومعنوية ، والمعنوية إما بمعنى «في» أو «من» أو اللام ؛ ليعلم ـ

__________________

(١) يكثر ذلك ويطرد مع «أن» و «أنّ» نحو : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) ونحو : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ ،) وجاء في غيرهما نحو : (قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) أي قدرنا له. وراجع المغني (٢ / ١٧٢) ـ الأمير.

(٢) وهو مذهب سيبويه. راجع الكتاب (١ / ٢٠٩).

١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

منه أن اللفظية لا مدخل لها في ذلك.

الخامس :

لم يذكر الجماعة الإضافة بمعنى «في» ، وقد أثبتها المصنف واستدل بما تقدم ذكره بعد أن قال : قد أغفل ذلك أكثر النحويين.

قال الشيخ : لا أعلم أحدا ذهب إلى أن الإضافة بمعنى «في» غيره ـ يعني غير المصنف ـ قال : وهذه الشواهد التي ذكرها لا دليل فيها ، إذ كثير مما استدل به هو من باب الصفة المشبهة فإضافته غير محضة لأنه قصد بها التخفيف وما ليس من باب الصفة قدر فيه اللام كقوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(١) فإن الحذاق يقولون : إن هذا من إسناد الشيء إلى ما وقع فيه على سبيل التوسع وارتكاب المجاز (٢). انتهى.

أما قوله : إنه لا يعلم أحدا ذهب إلى ذلك غير المصنف ؛ فيعطي أن المصنف هو المنفرد بهذا القول ، ولكن قول المصنف : قد أغفل ذلك أكثر النحويين ؛ يفهم منه أن أقلهم لم يغفله بل ذكره ، ثم إن ابن الحاجب ذكر المسألة في مقدمته (٣) وربما اتبع في ذلك الزمخشري (٤). وأما قوله : إن أكثر ما استدل به المصنف من باب الصفة المشبهة فإضافته غير محضة ؛ فكلام صحيح لما عرفت من أن الإضافة اللفظية لا تقدر بحرف. وأما قوله : وما ليس من باب الصفة قدر فيه اللام كقوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ، وأن هذا من باب إسناد الشيء إلى ما وقع فيه على سبيل التوسع وارتكاب المجاز ؛ فكلام صحيح أيضا. وقد تقدم قول المصنف في باب الظرف : (ويتوسع في الظرف المتصرف) (٥) ، ولكن لا يلزم من هذا أنه يمنع الإضافة إلى الظرف.

بل له أن يقول : قد يتوسع في الظرف ، وقد لا يتوسع بل يبقى على حاله ظرفا ، فإن أضيف إليه وقد يتوسع فيه فالإضافة بمعنى اللام ، وإن كان باقيا على ظرفيته دون توسع فالإضافة بمعنى «في» حينئذ. وعلى هذا لا منافاة بين قوله هنا : إن إضافة الشيء إلى ظرفه تكون بمعنى «في» وقوله في باب الظرف : إنه قد يتوسع فيه ـ

__________________

(١) سورة سبأ : ٣٣. (٢) التذييل (٧ / ١٨٠).

(٣) الكافية بشرح الرضي (١ / ٢٧٣).

(٤) المفصل (٢ / ١١٨) ، وراجع : الأشباه (٢ / ١٩٢) ، والتصريح (٢ / ٢٦) ، والخصائص (٣ / ٢٦) ، والمقتضب تعليق الشيخ عضيمة (٤ / ١٤٣).

(٥) شرح التسهيل (٩٩) وما بعدها.

١١

.................................................................................................

______________________________________________________

فينتصب مفعولا به ويسند إليه ونحو ذلك.

لكن من منع كون الإضافة تكون بمعنى «في» قال : إن الإضافة إلى الظرف وهو باق على الظرفية يلزم منها محذور وهو أن المنصوب [٤ / ٦٨] على الظرفية لا بد فيه من تقدير «في» فلو أضيف إليه مع بقائه على الظرفية لزم أن تكون «في» مقدرة ؛ لأن الظرف شأنه ذلك ، ومتى كانت «في» مقدرة لزم الفصل بين المضاف والمضاف إليه بذلك الحرف المقدر ، وإذا ثبت هذا انتفى أن يكون ثم إضافة بمعنى «في». انتهى ما استدلوا به.

وهو كلام مقبول ظاهرا إلا أن لك أن تقول : إن «في» إنما تقدر حال كون الكلمة منصوبة على الظرف ؛ لأن الظرف الصناعي هو المنصوب على تقدير «في» ، ومتى لفظ بـ «في» خرجت الكلمة المجرورة بها عن أن تكون ظرفا صناعيّا ، فكذا يقال : إذا جر الظرف بإضافة شيء إليه وجب لزوال نصبه خروجه عن الظرفية ؛ ومتى خرج عن الظرفية امتنع تقدير «في» ، وحينئذ لا يكون بين المضاف والمضاف إليه فاصل. فيبطل الاستدلال المذكور.

وقال الإمام بدر الدين ابن المصنف رحمهما‌الله تعالى : أكثر المحققين (١) على أن الإضافة لا تعدو أن تكون بمعنى اللام أو بمعنى «من». وموهم الإضافة بمعنى «في» محمول على أنها فيه بمعنى اللام على المجاز ويدل على ذلك أمور :

أحدها : أن دعوى كون الإضافة بمعنى «في» يستلزم دعوى كثرة الاشتراك في معناها وهو على خلاف الأصل فيجب اجتنابها.

الثاني : أن كلّ ما ادّعي فيه أن إضافته بمعنى «في» حقيقة يصح فيه أن يكون بمعنى اللام مجازا فيجب حمله عليه لوجهين :

أحدهما : أن المصير إلى المجاز خير من المصير إلى الاشتراك.

والثاني : أن الإضافة لمجاز الملك والاختصاص ثابتة باتفاق كما في قوله :

٢٨٧٨ ـ إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة

[سهيل أضاعت غزلها في القرائب](٢)

__________________

(١) في شرح الألفية لبدر الدين (ص ٣٨١) ، (والذي عليه سيبويه وأكثر المحققين ....).

(٢) صدر بيت من الطويل ذكرنا عجزه. وكوكب الخرقاء : امرأة كان في عقلها نقصان ، يريد أنها كانت تنام حتى إذا طلع النجم «سهيل» فرقت غزلها بين قرائبها ، ويروى «أذاعت» وانظر : العيني

١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وقوله :

٢٨٧٩ ـ [إذا قال قدني قال بالله حلفة]

لتغني عنّي ذا إنائك أجمعا (١)

والإضافة بمعنى «في» مختلف فيها والحمل على المتفق عليه أولى من الحمل على المختلف فيه.

الثالث : أن الإضافة في نحو : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(٢) إما بمعنى اللام على جعل الظرف مفعولا به على السعة ، وإما بمعنى «في» على بقاء الظرفية ؛ لكن الاتفاق على جعل الظرف مفعولا به على السعة كما في : صيد عليه يومان ، وولد له ستون عاما ، والاختلاف في جواز الإضافة بمعنى «في» فرجح الحمل على الأول دون الثاني (٣). انتهى كلام بدر الدين.

وقد كان رحمه‌الله تعالى أجلّ وأكبر من أن يستدل على مدعاه بما ذكر.

السادس :

ما ذكره المصنف ضابطا للإضافة بمعنى «في» فيه قلق. ولو جعل الضابط لذلك كون المضاف إليه جنسا للمضاف كما جعله غيره. وقد قال ابن الحاجب بعد ذكر الإضافة المعنوية : وهي بمعنى اللام فيما عدا جنس المضاف وظرفه أو بمعنى «من» في جنس المضاف ، أو بمعنى «في» في ظرفه وهو قليل مثل : غلام زيد ، وخاتم فضة ، وضرب اليوم فأشار إلى المقصود بعبارة لطيفة وطريقة سهلة. ثم قد عرفت أن المصنف جعل من التي بمعنى «من» إضافة الأعداد إلى المعدودات والمقادير إلى المقدرات ؛ فقال الشيخ : هذا مذهب ابن السراج (٤) ، قال : وذهب الفارسي إلى أنها بمعنى اللام (٥). انتهى.

والظاهر ما قاله ابن السراج ؛ فإن الإضافة في نحو : ثلاثة أثواب ، ومائة درهم ، وذراع حرير ؛ إنما هي إضافة الشيء إلى جنسه ؛ لأن الثلاثة والمائة والذراع يحتمل ـ

__________________

(٣ / ٣٥٩) ، والمقرب (١ / ٢١٣) ، والمحتسب (٢ / ٢٢٨).

(١) عجز بيت من الطويل ذكرنا صدره ، وقد تقدم.

(٢) شرح الألفية له (ص ٣٨١ ـ ٣٨٣).

(٣) سورة سبأ : ٣٣.

(٤) ينظر : الأشموني (٢ / ٢٣٩) ، والأصول (٢ / ٧) ، والتذييل (٤ / ٦٩).

(٥) ينظر : المصادر السابقة.

١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

كل منها أن يكون من جنس ما أضيف له ويحتمل أن يكون من غيره.

ثم قال الشيخ : فإن أضفت العدد إلى عدد آخر كانت الإضافة عندهما على معنى «من» نحو : ثلاثة مائة ؛ لأن «مائة» بمعنى : مئين ، والثلاث من المئين مئون (١) ، ثم قال : ومن الإضافة بمعنى اللام إضافة «كل» إلى ما بعده لا بمعنى «من» (٢). قال : لأن «من» تعطي التبعيض (و) (٣) كل الشيء لا يتصور أن يكون بعضا له و «كل» اسم لأجزاء الشيء (٤). وقد ثبت أن إضافة الجزء إلى المتجزئ بمعنى اللام كـ : يد زيد ؛ فوجب أن يكون ما هو اسم للأجزاء نحو «كل» بمعنى اللام.

السابع :

ذهب ابن الصائغ إلى أن الإضافة بمعنى اللام خاصة ، وتكلف في تقدير جعل الخز مستحقّا للثوب بما أنه أصله في قولنا : ثوب خز ، حتى قال : إن الإضافة بمعنى اللام على كل حال ، ومعنى اللام الاستحقاق على كل حال ، والملك من أنواع الاستحقاق كما أن الجنسية معنى من معانيه (٥). انتهى.

ولا يخفى بعد ما ادعاه مع ما فيه من تكلف التقدير ومخالفة الجمهور.

قال الشيخ : والذي أذهب إليه أن الإضافة تفيد الاختصاص ، وأنها ليست على تقدير حرف مما ذكروه ولا على نيته ، وأن جهات الاختصاص متعددة يبين كل جهة منها الاستعمال ؛ فالإضافة في «غلام زبد» و «دار عمرو» للملك ، وفي «سرج الدابة» و «حصير المسجد» للاستحقاق ، وفي «شبح أخيك» لمطلق الاختصاص. انتهى.

ولا أعلم ما الذي أوجب له مخالفة النجاة في ما قالوه مع أنه لم يستدل على ذلك بشيء على أن هذا الذي ذهب إليه من أن الإضافة ليست على تقدير حرف هو مذهب ابن درستويه نقله هو عنه (٦). ومستند ابن درستويه أنه يلزم من التقدير بحرف أن يكون المضاف ـ في قولنا : ثوب الخز ، وغلام زيد ـ نكرة ؛ لأنهم يقدرون : ثوب من خز ، وغلام لزيد ، والغرض أن المضاف في هذين المثالين معرفة ، ـ

__________________

(١) التذييل (٧ / ١٨٢). (٢) السابق.

(٣) من التذييل ، وهامش المخطوط. (٤) التذييل (٧ / ١٨٢).

(٥) انظر : رأيه في التذييل (٧ / ١٨٣) ، وهو شيخ لأبي حيان.

(٦) التذييل (٧ / ١٨٣).

١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فدل ذلك على أن الإضافة ليست على معناهما أي : بمعنى الحرفين اللذين هما من اللام (١). والجواب عن ذلك : أن المراد بالتقدير أن المعنى في الإضافة على ذلك إلا أن لنا حرفا مقدرا ؛ إذ لو كان الحرف مقدرا مرادا كان في حكم الثابت. وقد قلنا : إن العامل [٤ / ٦٩] في المضاف إليه هو المضاف ؛ فكيف كان يصح للمضاف العمل والحرف فاصل بينه وبين ما يعمل فيه؟!

وحاصل الأمر : أن المراد بقولهم : الإضافة تكون بمعنى اللام أو «من» أو «في» تفسير المعنى المقصود من الإضافة ، وتفسير المعنى لا يلزم التصريح به نطقا كما في غالب المسائل.

وأما قول الكوفيين : إن الإضافة تكون بمعنى «عند» فشيء لا يعول عليه ، وأما استدلالهم بقول العرب : هذه ناقة رقود الحلب ، أي : عند الحلب كما قالوا ؛ فالجواب عنده واضح وهو أن المراد : أنها رقود للحلب ؛ فالإضافة بمعنى اللام. وقال ابن عصفور : إن «رقود الحلب» مثل «حسن الوجه» فيكون في اللفظ للأول وفي المعنى للثاني والأصل : ناقة رقود حلبها؛ فهو من باب الصفة المشبهة ، وإنما وصفت الحلب بأنه رقود لما كان الرقاد عنده فجعل رقودا مبالغة (٢).

الثامن :

الموجب لحذف التنوين والنون من المضاف أن تمام الاسم الأول إنما حصل بتمام نسبة التقييدية بذكر الثاني ؛ فصار آخر الاسم وسطا ، والتنوين إنما يلحق منتهى الاسم. واعلم أن الشيخ قال في قول المصنف : (وقد يزال منه تاء التأنيث) : وهذا الذي ذكره هو قول الفراء (٣) ، ولا يذهب أصحابنا إلى ذلك ، بل حذف هذه التاء لم يكن لأجل الإضافة ؛ وإنما ذلك على سبيل الترخيم الواقع في غير النداء ضرورة (٤). انتهى.

وأقول : إنما يتم ما ذكره الشيخ عن المغاربة في هذه المسألة إن استعمل حذف التاء من نحو : إقامة وعدة وحياة وبسالة مثلا دون إضافة بأن يقال : إقام الصلاة واجبة ، وعد الأمر حاصل ، وبسال زيد معروفة ، أما إن لم يرد حذف التاء إلا مع الإضافة فالظاهر بل المتعين ما قاله المصنف من أن الحذف للإضافة.

__________________

(١) السابق. (٢) شرح الجمل (٢ / ٧٤).

(٣) الأشموني (٢ / ٢٣٧).

(٤) التذييل (٧ / ١٨٦).

١٥

[الأثر المعنوي للإضافة ومواقعه]

قال ابن مالك : (ويتخصّص بالثّاني إن كان نكرة. ويتعرّف به إن كان معرفة ما لم يوجب تأوّله بنكرة وقوعه موقع ما لا يكون معه معرفة أو عدم قبوله تعريفا لشدّة إبهامه كـ «غير» و «مثل» و «حسب» ، أو تكن إضافته غير محضة ولا شبيهة بمحضة ؛ لكونه صفة مجرورها مرفوع بها في المعنى أو منصوب ، وليس من هذا المصدر المضاف إلى مرفوعه أو منصوبه خلافا لابن برهان (١) ولا أفعل التّفضيل ، ولا الاسم المضاف إلى الصّفة خلافا للفارسيّ (٢) بل إضافة المصدر وأفعل التّفضيل محضة ، وإضافة الاسم إلى الصّفة شبيهة بمحضة لا محضة ، وكذا إضافة المسمّى إلى الاسم ، أو الصّفة إلى الموصوف ، والموصوف إلى القائم مقام الوصف ، والمؤكّد إلى المؤكّد ، والملغى إلى المعتبر ، والمعتبر إلى الملغى).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش : قال المصنف (٣) : كل جزء من جزأي الإضافة مؤثر في الآخر.

فالأول مؤثر في الثاني الجر بأحد المعاني الثلاثة والثاني مؤثر في الأول نزع دليل الانفصال مع التخصيص إن كان الثاني نكرة ، ومع التعريف إن كان معرفة ؛ هذا إذا لم يكن المضاف إلى المعرفة واقعا موقع ما لا يكون معرفة فيجب تقدير انفصاله ؛ ليكون في المعنى نكرة كقول الشاعر :

٢٨٨٠ ـ أبالموت الّذي لا بدّ أنّي

ملاق لا أباك تخوّفيني (٤)

وكقول العرب : رب رجل وأخيه ، وكم ناقة وفصيلها ، وفعل ذلك جهده وطاقته. وقد تقدم بيان كيفية التأويل في هذه الأمثلة وأمثالها. فصورها صور المعارف وتقدير تنكيرها واجب لوقوع كل واحد منها موقع ما لا يكون معرفة ، وكذا بحكم تنكير ما أضيف إلى معرفة وهو غير قابل للتعريف للزوم إبهامه كـ «غير» ـ

__________________

(١) الأشموني (٢ / ٢٤١) ، وشرح اللمع له (١٨٠).

(٢) ينظر : الأشموني (٢ / ٢٤٢) ، والتذييل (٤ / ٧٢ ، ٧٣) ، والتصريح (٢ / ٢٧).

(٣) شرح التسهيل لابن مالك (٣ / ٢٨٦).

(٤) من الوافر لأبي حية النميري ، وينسب للأعشى ، وانظر : التصريح (٢ / ٢٦) ، والدرر (١ / ١٢٥) ، واللسان : «أبي» ، والمقتضب (٤ / ٣٧٥).

١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

و «مثل» و «حسب» فإنه لا فرق بين قولك : رأيته ورجلا غيره ، وقولك : رأيته ورجلا آخر ، وكذا لا فرق بين قولك : رأيته ورجلا مثله ، وبين قولك : رأيته ورجلا آخر ؛ لأن كل ما صدق وصفه بالمغايرة صدق وصفة بالمماثلة إذا كان الجنس واحدا ، وكذا لا فرق بين قولك : رأيت رجلا حسبك من رجل ، وبين قولك : رأيت رجلا كافيا فيما يراد من الرجال فلا يزول بإضافة هذه وأمثالها إلى المعارف من الإبهام إلا ما لا يعتد بزواله. وقد يعني بـ «غير» ومثل مغايرة خاصة ومماثلة خاصة ؛ فيحكم بتعريفها وأكثر ما يكون ذلك في غير إذا وقع بين ضدين كقولك :

٢٨٨١ ـ فليكن المغلوب غير الغالب

وليكن المسلوب غير السّالب (١)

وأجاز بعض العلماء ـ منهم السيرافي (٢) ـ أن يحمل على هذا قوله تعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)(٣) ، لوقوع (غَيْرِ) فيه بين متضادين وليس ذلك بلازم ؛ لقوله تعالى : (نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ)(٤) فـ (غَيْرَ الَّذِي) مضاف إلى معرفة ، وقد نعت به نكرة مع وقوعه بين ضدين فيجوز كون (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) نكرة بدلا أو نعتا ويجوز كونه نعتا مع الحكم بتنكيره ؛ لأن (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) لم يقصد به تعيين فهو في المعنى نكرة وإن كان لفظه لفظ معرفة كما جاز أن ينعت (اللَّيْلُ) بـ (نَسْلَخُ) في قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ)(٥) ؛ لأن الليل وإن كان في صورة معرفة فهو في المعنى نكرة ؛ إذ لم يقصد به ليل معين فلذلك نعت بجملة والجمل لا ينعت بها إلا النكرات. وإلى هذا الوجه أشار الفراء والزجاج ورجحه أبو علي الشلوبين (٦) ، وزعم المبرد أن غيرا لا يتعرف أبدا (٧) ، ومن نعت ذي الألف واللام الجنسية بالجملة قول الأعشى :

٢٨٨٢ ـ وتبرد برد رداء العرو

س رقرقت في الصّيف منه العبيرا (٨)

__________________

(١) رجز ينسب لأبي طالب ، وانظر : الأشموني (٢ / ٢٤٤) ، والكافية الشافية (٢ / ٩١٦).

(٢) في شرحه على الكتاب (٢ / ١٤٥ ب) ، وانظر : الأشموني (٢ / ٢٤٥) ، والهمع (٢ / ٤٧).

(٣) سورة الفاتحة : ٧. (٤) سورة فاطر : ٣٧.

(٥) سورة يس : ٣٧.

(٦) ينظر : الأشموني ، والصبان (٢ / ٢٤٤ ، ٢٤٥) ، والتصريح (٢ / ٢٦) ، وما بعدها ، والهمع (٢ / ٤٧).

(٧) المقتضب (٢ / ٢٧٤) ، (٤ / ٢٨٨ ، ٢٨٩) ، والعجيب أنه ـ مع ذلك ـ قال بتعريفها إذا أضيفت إلى معرفة. انظر : المقتضب (٤ / ٤٢٣).

(٨) من المتقارب ـ ديوانه (٦٩) ، والإنصاف (٧٨٩).

١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

[٤ / ٧٠] لأن «رداء العروس» بمنزلة «رداء عروس». قال سيبويه في الباب المترجم بـ «هذا باب [إجراء] الصفة فيه على الاسم في بعض المواضع أحسن) : وأما «رب رجل وأخيه منطلقين» ففيها قبح حتى تقول : وأخ له ، والمنطلقان مجرور ؛ لأن قوله : و «أخيه» نكرة ؛ لأن المعنى : وأخ له. فإن قيل : أمضافة إلى معرفة أو نكرة؟ فإنك قائل : إلى معرفة ولكنها أجريت مجرى النكرة كما أن «مثلك» مضافة إلى معرفة وهي توصف بها النكرة وتقع مواقعها (١). هذا نص سيبويه رحمه‌الله تعالى. وكذا نحكم بتنكير ما يضاف إلى معرفة إضافة غير محضة ولا شبيهة بمحضة وذلك بأن يكون المضاف صفة مجرورها مرفوع بها في المعنى نحو : رأيت رجلا حسن الخلق محمود الخلق ، أو منصوب نصبا حقيقيّا نحو : رأيت رجلا مكرم زيد. فالإضافة في هذه الأمثلة وأشباهها غير محضة ولا شبيهة بمحضة ؛ لأن المضاف فيها صفة أضيفت في الأول إلى ما هو مرفوع بها في المعنى ؛ فإن الأصل : رأيت رجلا حسنا خلقه محمودا خلقه ، وأضيفت في الثاني إلى ما هو منصوب بها في المعنى نصبا حقيقيّا ؛ فإن الأصل : رأيت رجلا مكرما زيدا أي يكرم زيدا ، والنية الانفصال ، فإن الموضع موضع فعل وخرج بذكر الصفة إضافة المصدر وإضافة المميز وخرج بنسبة الرفع والنصب إلى مجرورها نحو : سحق عمامة ، وكرام الناس ؛ فإن إضافتهما محضة ؛ لأنهما لم يقعا موقع فعل ولا المجرور بهما مرفوع المحل ولا منصوبه.

ثم نبهت على أن الصحيح كون إضافة المصدر محضة ، وزعم ابن برهان أن إضافته غير محضة (٢) ؛ لأن المجرور به مرفوع المحل أو منصوبه كـ : قيام زيد وأكل الطعام ؛ فالأول كـ : حسن الخلق ، والثاني كـ : ضارب زيد الغد. قلت : والذي ذهب إليه ابن برهان ضعيف من أربعة أوجه :

أحدها : أن المصدر المضاف أكثر استعمالا من غير المضاف ، فلو جعلت إضافته في نية الانفصال لزم جعل ما هو أقل استعمالا أصلا لما هو أكثر استعمالا وهو خلاف المعتاد.

الثاني : أن إضافة الصفة إلى مرفوعها أو منصوبها منوية الانفصال بالضمير المستتر فيها فجاز أن ينوى انفصالها باعتبار آخر والمصدر بخلاف ذلك ، فتقدير انفصاله مما ـ

__________________

(١) الكتاب (٢ / ٥٤ ، ٥٥).

(٢) ومعه ابن طاهر وابن الطراوة. التصريح (٢ / ٢٧) ، والهمع (٢ / ٤٨).

١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

هو مضاف إليه لا محوج إليه ولا دليل عليه.

الثالث : أن الصفة المضافة إلى مرفوعها أو منصوبها واقعة موقع الفعل المفرد والمصدر المضاف واقع موقع حرف مصدري موصول بالفعل والموصول المشار إليه محكوم بتعريفه فليكن الواقع موقعه كذلك.

الرابع : أن المصدر المضاف إلى معرفة ، ولذلك لا ينعت إلا بمعرفة فلو. كانت غير محضة لحكم بتنكيره ونعت بنكرة ، ولجاز دخول «رب» عليه وأن يجمع فيه بين الألف واللام والإضافة كما فعل في الصفة المضافة إلى معرفة نحو : يا ربّ غابطنا ورأيت الحسن الوجه. ونبهت أيضا على أن الصحيح في إضافة «أفعل» التفضيل كونها محضة ، نص على ذلك على سيبويه (١) رحمه‌الله تعالى. ويدل على أن ذلك هو الصحيح أن الحامل على اعتقاد عدم التمحيض في إضافة الصفة إلى مرفوعها أو منصوبها : وقوع الأول فيها موقع الفعل ووقوع الثاني موقع مرفوع ذلك الفعل أو منصوبه ، و «أفعل» التفضيل بخلاف ذلك ؛ فلم يجز اعتقاد كون إضافته غير محضة ، وأيضا فإن المضاف إليه «أفعل» التفضيل لا يليه مع بقاء المعنى المفاد بالإضافة إلا بالإضافة ، فكان كـ : «غلام زيد» ولا خلاف في تمحض إضافة «غلام زيد» ؛ فكذا إضافة «أفضل القوم» وشبهه ، ولأن «أفعل» التفضيل إذا أضيف إلى معرفة لا ينعت إلا بمعرفة ولا ينعت به إلا معرفة ولا تدخل عليه «رب» ولا يجمع فيه بين الإضافة والألف واللام ، ولا ينتصب على الحال إلا في نادر من القول. ولو كانت إضافته غير محضة لكان نكرة ولم يمتنع وقوعه نعتا لنكرة ولا منعوتا بها ولا مجرورا بـ «رب» مجموعا فيه بين الألف واللام والإضافة ولا منصوبا على الحال دون استندار. واحترزت بقولي : (دون استندار) من قول المرأة الصحابية لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وما لنا أكثر أهل النّار؟» (٢) وهو معرفة مؤول بنكرة من المعارف الواقعة أحوالا وقد تقدم الكلام عليها.

ونبهت أيضا على أن إضافة الاسم إلى ما هو في الأصل صفة له كـ : «مسجد الجامع» واسطة بين المحضة وغير المحضة على أصح القولين ؛ لأنها إضافة يتصل ما هي فيه بما يليه إما تتميما نحو : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ)(٣) وإما بجعلهما منعوتا ونعتا ـ

__________________

(١) ينظر : الكتاب (١ / ٢٠٢) وما بعدها.

(٢) ينظر : التذييل (٧ / ١٩٦).

(٣) سورة يوسف : ١٠٩.

١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

نحو : (وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ)(١) وكلا الاستعمالين صحيح فصيح ؛ فوجب أن يكون لنوعه اعتباران : اتصال من وجه وانفصال من وجه ؛ فالاتصال من قبل أن الأول غير مفصول بضمير منوي كما هو في إضافة الصفة إلى مرفوعها أو منصوبها ، ولأن موقعه لا يصلح للفعل فيقدر تنكيره ولأن الذي حكم بعدم تمحض إضافته جعل سبب ذلك أن الأصل [٤ / ٧١] إضافة الأول إلى موصوف الثاني فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه ، وهذا إذا سلم لا يمتنع به تمحض الإضافة ؛ لأن الحكم لا يتغير بحذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه وقبل حذف الموصوف كان محض الإضافة ثابتا فلا يزول بعد الحذف كما لا يزول غيره من أحكام المحذوف الذي أقيم غيره مقامه. وأما الانفصال في هذا النوع فمعتبر من قبل أن المعنى يصح به دون تكلف ما يخرج به عن الظاهر ألا ترى أن نحو : الجانب الغربي ، والصلاة الأولى ، والدار الآخرة ، والحبة الحمقاء ، مكتفى بلفظه في صحة معناه ، وأن نحو : جانب الغربي ، وصلاة الأولى ، ودار الآخرة ، وحبة الحمقاء ؛ غير مكتفى بلفظه في صحة معناه ، بل يحتاج فيه إلى تكلف تقدير. بأن يقال : جانب المكان الغربي ، وصلاة الساعة الأولى ، ودار الحياة الآخرة ، وحبة البقلة الحمقاء ، مع أن بعض هذا النوع لا يحسن فيه تقدير موصوف نحو : دين القيمة ؛ فإن أصله : الدين القيمة ، والتاء للمبالغة فإذا قدر محذوف لزم أن يقال : دين الملة أو الشريعة ؛ فيلزم تقدير ما لا يغني تقديره ؛ لأن المهروب منه كان إضافة الشيء إلى نفسه وهو لازم بتقدير الملة أو الشريعة ، وأيضا جعل الأول من هذا النوع منعوتا والثاني نعتا مطرد كقولهم للحنطة : الحبة السمراء ، وللشونيز : الحبة السوداء ، وللبطم (٢) : الحبة الخضراء ، والإضافة غير مطردة ؛ لأنها مقصورة على السماع ، واعتبار المطرد أولى من اعتبار غير المطرد ؛ ولذلك يجوز الإتباع في ما جازت فيه الإضافة ، ولا تجوز الإضافة في ما لم تضفه العرب كالحبة السمراء والحبة السوداء والحبة الخضراء.

والحاصل : أن إضافة هذا النوع منوية الانفصال ، لأصالتها بالاطراد والإغناء عن ترك الظاهر مع ذلك لا يحكم بتنكير مضافها لشبهه بما لا ينوى انفصاله في كونه غير واقع موقع فعل وكون تاليه غير مرفوع المحل ولا منصوبه. ثم نبهت على ـ

__________________

(١) سورة الأنعام : ٣٢.

(٢) بطم حنظل : حبة في صيصائه. اللسان : «بطم».

٢٠