شرح الشّواهد الشعريّة في أمّات الكتب النحويّة - ج ٢

محمّد محمّد حسن شرّاب

شرح الشّواهد الشعريّة في أمّات الكتب النحويّة - ج ٢

المؤلف:

محمّد محمّد حسن شرّاب


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٢٠

(٣٨١) مشغوفة بك قد شغفت وإنّما

حمّ الفراق فما إليك سبيل

البيت غير منسوب. والشاهد «مشغوفة» ، حيث وقع حالا من المجرور ، وهو «الكاف» في «بك» ، وقد منع كثير من النحويين تقدم الحال على صاحبها المجرور ، وأجازه ابن مالك ، وذكر الأشموني البيت شاهدا لذلك. قال العيني : والتقدير : قد شغفت بك حال كوني مشغوفة ، وهو توجيه بارد ، وتركيب ركيك. [الأشموني ومعه العيني ج ٢ / ١٧٧].

(٣٨٢) مخلّفة لا يستطاع ارتقاؤها

وليس إلى منها النزول سبيل

غير منسوب ، وهو في [الأشموني ج ٢ / ٢٣٦ ، والخصائص ج ٢ / ٣٩٥].

وذكروه شاهدا للفصل بين حرف الجرّ ومجروره ، ففصل بين (إلى) و (النزول) بحرف الجرّ والمجرور ، «منها». قلت : وهذا شعر لم يقله شاعر ، ولا تستقيم اللغة بالتقاط الشواهد لها من أفواه تجّار الكلام ، وصنّاع التراكيب.

(٣٨٣) وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها

فليس إلى حسن الثناء سبيل

البيت للشاعر عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي ، شاعر إسلامي. وهو البيت الثاني من قطعة أوردها أبو تمام في الحماسة ، ومضى البيت الأول (إذا المرء .. جميل) ، يقول : إذا المرء لم يحمل ظلم نفسه عليها ، ولم يصبرها على مكارهها ، فليس له طريق إلى الثناء الحسن ، وهو يشير إلى كظم الغيظ واستعمال الحلم ، وترك الظلم والبغي مع ذويه. قال المرزوقي : ويبعد عن طريق المعنى أن يريد بقوله : «ضيمها» ، ضيم غيرها لها ، فأضاف المصدر إلى المفعول ؛ لأن احتمال ضيم الغير لهم يأنفون منه ، ويعدونه تذللا.

والشاهد في البيت «وإن هو». قال السيوطي : ويتعين انفصال الضمير في صور. رابعها : أن يضمر عامله. وذكر شطر البيت. قلت : وهذا على رواية التبريزي ، أما الرواية في المرزوقي : (إذا المرء لم يحمل على النفس ضيمها).

قال أبو أحمد : وينسب بعضهم قطعة البيت إلى السموأل بن عاديا اليهودي. وهذا لا يصحّ ؛ لأن اليهود ليس من أعرافهم ما جاء في الأبيات. فهو في أول القطعة يدعو إلى الابتعاد عن اللؤم ، واليهود يربون أبناءهم على اللؤم. وهو يزعم في بيت من القطعة أنهم لا يرون القتل سبّة ، واليهود جبناء. وقالوا : إن السموأل يضرب به المثل في الوفاء. واليهود لا يعرفون الوفاء ، وإنما قامت حياتهم على الغدر ؛ لأن الغدر من صفات

٣٤١

الجبناء. وقد ضربوا به المثل بالوفاء ؛ لأنه أسلم ابنه حتى قتل ولم يخن أمانته في أدراع أودعها عنده امرؤ القيس. وهذه قصة لم تثبت ، وإن ثبتت ، فإنه يكون قد رفض تسليم الدروع طمعا فيها ؛ لأنه علم بموت امريء القيس ، فقتل ابنه من أجل دروع.

فإن كان يهوديا عرقا ، فإنه لا يعرف إلا الغدر ؛ لأنه من نسل إخوة يوسف ، الذين غدروا بأخيهم الأصغر ورموه في البئر ، وجلّ بني إسرائيل واليهود من نسل هؤلاء الغادرين ، وقلة قليلة جدا من غيرهم ، إما أنهم تنصروا ، أو أسلموا وتركوا دين بني إسرائيل ؛ لأنه يصيبهم بمعرّة ، وإن كان عربيا تهوّد ، فهو كذلك يكون غادرا ، لأنهم يعلمون أبناءهم الغدر ، ولا يعيشون إلا به ، فيكون اكتسب الغدر بالتربية. [المرزوقي ص ١١١ ، والهمع ج ١ / ٦٣].

(٣٨٤) أنا جدّا جدّا ولهوك يزدا

د إذن ما إلى اتفاق سبيل

الكلام غير منسوب ، وهو في الهمع ج ١ / ١٩٢. قال السيوطي : من المواضع التي يجب فيها حذف عامل المصدر ، ما وقع في توبيخ سواء كان مع استفهام ، أم دونه. ومنها ما وقع تفصيل عاقبة طلب أو خبر. ومنها ما وقع نائبا عن خبر اسم عين بالتكرير. وذكر البيت شاهدا للتكرير ، قال : والتقدير : أجدّ جدا.

(٣٨٥) فلا وأبيك خير منك إنّي

ليؤذيني التحمحم والصهيل

البيت منسوب لشاعر جاهلي ، اسمه شمير بن الحارث الضبي ، وقيل : سمير بالسين ، والبيت من قطعة نقلها البغدادي عن نوادر أبي زيد ، وفيها يذكر الشاعر الخيل ، ويذكر حبّه له ورغبته في اقتنائه.

وقوله : «فلا وأبيك». «الكاف» : مكسورة ، خطاب لامرأة لامته على حبّ الخيل ، و «لا» : نفي لما زعمته المرأة. والواو : للقسم. وجملة : «إني ليؤذيني» : جوابا لقسم ، ومعناه : يؤذيني وليس هو لي ملك ، أو يؤذيني فقد التحمحم. والتحمحم : صوت الفرس إذا طلب العلف. والصهيل : صوته مطلقا.

والبيت شاهد على أن «خير» بالجر ، بدل من «أبيك» ، بتقدير الموصوف ، أي : رجل خير منك ، وهذا البدل ، بدل كلّ من كلّ ، ومع اعتبار الموصوف ، يكون الإبدال جاريا على القاعدة ، وهي أنه إذا كان البدل نكرة من معرفة ، يجب وصفها ، كقوله تعالى :

٣٤٢

(بِالنَّاصِيَةِ ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ). [العلق : ١٥ ، ١٦] ، وهذا على رواية الجرّ ، وفيه رواية أخرى : وهي رفع «خير» ، فمن روى : «خير منك» بالرفع ، فكأنه قال : هو خير منك. [الخزانة ج ٥ / ١٧٩].

(٣٨٦) أهاجيتم حسّان عند ذكائه

فغيّ لأولاد الحماس طويل

البيت لحسان بن ثابت. والذكاء : انتهاء السنّ واجتماع العقل ، والغيّ : الضلال. والحماس بالكسر : بطن من بني الحارث بن كعب ، وهم رهط النجاشي الذي كان يهاجيه حسان. وهذا البيت من رواية سيبويه ، من بحر الطويل. ورواية الديوان ، من قطعة من الكامل ، وهذه صورته :

هاجيتم حسّان عند ذكائه

غيّ لمن ولد الحماس طويل

والشاهد فيه : رفع «غيّ» على الابتداء ، وهو نكرة ، لما فيه من معنى الدعاء لو قلت : «غيّا». [سيبويه / ١ / ٣١٤ ، هارون].

(٣٨٧) ألا حبّذا عاذري في الهوى

ولا حبّذا الجاهل العاذل

البيت غير منسوب.

والشاهد : «لا حبذا» ، دخلت «لا» على «حبذا» فجعلتها تساوي «بئس» في المعنى والعمل. والفرق بين «بئس» ، و «لا حبذا» ، أن «لا حبذا» ، تفيد الذمّ ، وأن المذموم مكروه ، أما «بئس» ، فتفيد الذمّ فقط ، وقل ذلك في الفرق بين «نعم» و «حبذا». [الهمع ج ٢ / ٨٩ ، والعيني ٤ / ١٦].

(٣٨٨) نحن الفوارس يوم العين ضاحية

جنبي فطيمة لا ميل ولا عزل

البيت للأعشى. وقوله : «يوم العين» ، في كتاب سيبويه «يوم الحنو» ، وفي رواية أخرى : «يوم اللعن». وفطيمة : امرأة مذكورة في ذلك اليوم ، دافع قومها عنها.

والشاهد : «جنبي فطيمة» ، نصب جنبي على الظرف ، قال السيوطي : الذي يصلح للظرفية ، ويتعدى إليه الفعل من الأمكنة أربعة أنواع : الثاني منها : ما لا يعرف حقيقته بنفسه ، بل بما يضاف إليه ، كـ «مكان» و «ناحية» ، وك «جنبي» في قوله : (البيت). [الهمع ج ١ / ١٩٩ ، وكتاب سيبويه ج ١ / ٢٠٢ ، والنحاس ص ١٦٢ ، والخزانة ج ٨ / ٣٩٨].

٣٤٣

(٣٨٩) بكت عيني وحقّ لها بكاها

وما يغني البكاء ولا العويل

البيت منسوب لشعراء الرسول عليه الصلاة والسّلام الثلاثة ، حسان بن ثابت ، وعبد الله ابن رواحة ، وكعب بن مالك. وهو من أبيات في رثاء حمزة بن عبد المطلب رضي‌الله‌عنه ، وبعد البيت :

على أسد الإله غداة قالوا :

أحمزة ذاكم الرجل القتيل

أصيب المسلمون به جميعا

هناك وقد أصيب به الرسول

أبا يعلى لك الأركان هدّت

وأنت الماجد البرّ الوصول

عليك سلام ربّك في جنان

مخالطها نعيم لا يزول؟

هذا ، وتلاحظ في الأبيات صنعة لا تقع على ألسنة شعراء العهد النبوي الثلاثة ، وخذ مثلا : البيت الأخير ، قوله : (في جنان مخالطها نعيم لا يزول) ، فقوله : «مخالطها» ، لا يصح ؛ لأن الجنان نعيمها كله لا يزول.

والشاهد في البيت الأول : «بكاها والبكاء». قالوا : إذا مددت البكاء ، أردت الصوت الذي يكون مع البكاء ، وإذا قصرت ، أردت الدموع وخروجها. [اللسان «بكى» ، والسيرة النبوية ، وشرح شواهد الشافية ص ٦٦ ، ومجالس ثعلب ص ١٠٩].

(٣٩٠) فما تدوم على حال تكون بها

كما تلوّن في أثوابها الغول

من قصيدة كعب بن زهير ، التي قيل إنه أنشدها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المسجد ، وليس لهذا الخبر سند صحيح. وهو يصف صاحبته سعاد بأنها لا تدوم على حال بسبب ما جبلت عليه من تلك الأخلاق. وما : نافية ، وتدوم : فعل تام. وكما تلون : الكاف : نعت لمصدر محذوف ، وما : مصدرية ، أي : تتلون سعاد تلونا كتلون الغول. والغول : جنس من الجن والشياطين ، كانت العرب تزعم أنها تتراءى للناس في الفلاة ، فتتغول تغولا ، أي تتلون في صور شتى ، وقد أبطل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم زعمهم بقوله : «لا غول» ، لا لا تستطيع الغول أن تضل أحدا. [الخزانة ج ١ / ٣١٠ ، والشعر والشعراء ، والسيرة النبوية].

(٣٩١) السالك الثّغرة اليقظان كالئها

مشي الهلوك عليها الخيعل الفضل

البيت للمنتخل الهذلي ، من قصيدة رثى بها ابنه ، وقوله : السالك : أي : هو السالك. ويجوز نصبه على المدح ، أي : أعني السالك. والثغرة : الموضع يخاف دخول العدو

٣٤٤

منه. وكالئها : حافظها. والهلوك من النساء : التي تتبختر وتتكسر في مشيتها ، وقيل : هي الفاجرة التي تتواقع على الرجال. والخيعل : ثوب يخاط أحد شقيه ويترك الآخر. والفضل : المرأة إذا كان عليها قميص ورداء ، وليس عليها إزار ولا سراويل. يقول : هو الذي من شأنه سلوك موضع المخافة ، يمشي متمكنا غير خائف ولا هيوب ، كمشي المرأة المتبخترة الفضل. والثغرة : منصوب بالسالك ، كقولك : الضارب الرجل ، ويجوز خفضها. واليقظان : صفة «الثغرة» نصبتها أو خفضتها ، وارتفع به «كالئها». ومشي : منصوب بتقدير : تمشي مشي الهلوك ، وقد ينصب بالسالك ؛ لأن السالك يقطع الأرض بالمشي.

والشاهد : «الفضل» ، نعت للهلوك على الموضع ؛ لأنها فاعلة للمصدر الذي أضيف إليها.

والتقدير : تمشي كما تمشي الهلوك الفضل. وإذا صحّ أن «الفضل» ، صفة لـ «لخيعل» ، فلا شاهد فيه. وحول البيت نقاش نحوي طويل في [الخزانة ج ٥ / ١٢ ـ ١٣ ، وص ١٠١ ـ ١٠٣] ، فاحرص على قراءته. [الأشموني والعيني ج ٢ / ٢٩٠ ، والخزانة كما سبق].

قال أبو أحمد : إن تشبيه الشاعر ابنه الشجاع البطل بالمرأة الهلوك في مشيتها ، بعيد عن الذوق. فذاك شجاع لا يدخل الخوف قلبه لشجاعته ، ولقدرته على منازلة الأعداء. وأما الهلوك ، فإن شجاعتها مستمدة من كونها خلعت ربقة الحياء ، تدلّ بفجورها ، والبون بعيد بين الاثنين.

(٣٩٢) فقلت للركب لمّا أن علا بهم

من عن يمين الحبيّا نظرة قبل

البيت للقطامي. والحبيّا : مكان ، قيل : في الشام وقيل : في الحجاز. وقبل : بفتحتين ، أي : مقابلة.

والشاهد : اسمية «عن» ، لدخول حرف الجرّ عليها ، «من عن يمين ...». [شرح المفصل ج ٨ / ٤١ ، والخزانة ج ٦ / ٤٨٢] ، والبيت من قصيدة في مدح عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك ، وكان واليا في المدينة لمروان بن محمد.

(٣٩٣) محا حبّها حبّ الألى كنّ قبلها

وحلّت مكانا لم يكن حلّ من قبل

قاله مجنون ليلى ، قيس بن الملوح.

٣٤٥

والشاهد : (الألى) ، حيث استعمل «الألى» موضع «اللاتي» ، وهذا البيت لم يقله مجنون ليلى ؛ لأن مجانين بني عذرة لم يحبوا إلا محبوباتهم ، ولم يتعلقوا إلا بهنّ ، ولم يتزوجوا من قبلهن ولا من بعدهنّ ،. فكيف يمحو حبّها (أي : حبّ ليلى) حبّ النساء قبلها. [الأشموني ج ١ / ١٤٩].

(٣٩٤) فإن تبخل سدوس بدرهميها

فإنّ الرّيح طيّبة قبول

البيت للأخطل. وسدوس : قبيلة بخلت على الأخطل بدفع درهمين في حمالة. فقال معاتبا. وعني بقوله : «إن الريح» ... ، أن قد طاب لي ركوب البحر ، والانصراف عنكم مستغنيا عن درهميكم.

والشاهد : منع «سدوس» من الصرف حملا على معنى القبيلة ، ورواية الديوان : «فإن تمنع سدوس درهميها» ، بالصرف على معنى الحيّ. [سيبويه / ٣ / ٢٤٨ ، هارون].

(٣٩٥) أماويّ إني ربّ واحد أمّه

ملكت فلا أسر لديّ ولا قتل

البيت لحاتم الطائي ، وقد روي هذا البيت بقافية «اللام» ، كما في الهمع ج ٢ / ٢٦ ، وروي الشطر الثاني أيضا : (قتلت فلا غرم عليّ ولا جدل). والروايتان غير صحيحتين ؛ لأن البيت من قصيدة رائية ، وقد تكلمنا على البيت في حرف الراء ، بقافية : (ولا أسر).

(٣٩٦) ثلاثة أحباب فحبّ علاقة

وحبّ تملّاق وحبّ هو القتل

البيت غير منسوب ، ولكنه مروي في كتب الثقات. يريد : أنه جمع أنواع المحبة ؛ حبّ علاقة ، وهو أصفى المودة. وحب تملّاق ، وهو التودد. وحبّ هو القتل ، يريد : الغلوّ في ذلك.

والشاهد قوله : «تملّاق» ، جاء به على «تملق» مطاوع «ملق». [شرح المفصل ج ٦ / ٤٧].

(٣٩٧) فما كان بين الخير لو جاء سالما

أبو حجر إلا ليال قلائل

البيت للنابغة الذبياني. من قصيدة يرثي بها النعمان بن الحارث الغساني. وكان : فعل ناقص. وليال : اسمها. وبين الخير : خبرها ، تقديره : ما كان بين الخير وبيني ، وفي

الشاهد ، حيث حذف فيه المعطوف بالواو. وسالما : حال. وأبو حجر : كنية النعمان ، وقلائل بالرفع : صفة ليال. [الأشموني والعيني ج ٣ / ١١٦].

٣٤٦

(٣٩٨) فلم يجدا إلّا مناخ مطيّة

تجافى بها زور نبيل وكلكل

(٣٩٩) ومفحصها عنها الحصى بجرانها

ومثنى نواج لم يخنهنّ مفصل

(٤٠٠) وسمر ظماء واترتهنّ بعد ما

مضت هجعة عن آخر اللّيل ذبّل

هذه الأبيات الثلاثة ، لكعب بن زهير.

وقوله : فلم يجدا ، يعني : الغراب والذئب ، وقد ذكرهما في قوله قبل ذلك ببيتين :

غراب وذئب ينظران متى أرى

مناخ مبيت أو مقيل لمنزل

يقول : لم يجدا بالمنزل إلا موضع إناخة مطيته ، وقد تجافى بها عن أن يمس بطنها الأرض ؛ لضمرها. والزور : ما بين ذراعيها من صدرها.

وقوله : ومفحصها : المفحص : موضع فحصها الحصى عند البروك ، والفحص : البحث ، أي : تفحص الأرض عنها بجرانها ، وهو ما ولي الأرض من عنقها. والمثنى : موضع الثني ، يعني : موضع قوائمها حين ثنيها للبروك.

والنواجي : السريعة. ولم يخنهن مفصل ، أي : مفاصلها قوية تمنح أرجلها التماسك والشدة.

والسمر في البيت الثالث : يعني البعر.

وظماء : يابسة ؛ وذلك لأن الناقة قد عدمت المرعى الرطب ، ولم تشرب الماء أياما ؛ لأنها في فلاة.

واترتهنّ : تابعت بينهن عند انبعاثها.

والهجعة : النومة في الليل ، يعني : نومة المسافر في آخر الليل.

والذبل : جمع ذابلة ، أراد به اليبس أيضا ، وهو من صفة السمر.

والشاهد في البيت الثالث : رفع «السمر» حملا على المعنى ، كأنه قال : في ذلك المكان كذا وكذا ، وكان الوجه النصب ، لو أمكنه. وتفسير هذا التخريج : أن الشاعر قال :

فلم يجدا إلا مناخ : مفعول به منصوب.

٣٤٧

ومفحصها : معطوف بالنصب.

ومثنى نواج : مثنى معطوف منصوب ، ونواج : مضاف إليه. ثم قال : وسمر : بالرفع. فاقتضى التوجيه ؛ لأنه جاء بالقافية «ذبّل» مرفوعة ، وهي من صفة «سمر» ، فكأنّ الشاعر قطع العطف ، واستأنف بقوله : «وسمر» ، فقدّر الكلام : «وثمّ سمر ظماء» ، أي : وهناك سمر ظماء. [سيبويه / ١ / ١٧٣ ، هارون].

(٤٠١) متى ما يفد كسبا يكن كلّ كسبه

له مطعم من صدر يوم ومأكل

في كتابه سيبويه ج ١ / ٣٩٦ ، بدون نسبة. قال هارون : والشاهد فيه : إضمار اسم «يكن» ، والتقدير : يكن هو كل كسبه له مطعم ومأكل من صدر يومه ، أي : أوله. [ج ٢ / ٣٩٤ ، هارون].

(٤٠٢) ألا قالت أمامة يوم غول

تقطّع يا ابن غلفاء الحبال

ذريني إنّما خطئي وصوبي

عليّ وإنّ ما أنفقت مال

للشاعر أوس بن غلفاء التميمي ، شاعر جاهلي. وغول : جبل ، ويوم غول : وقعة لضبّة على بني كلاب.

والشاهد : «مال». قال ابن قتيبة : وبعض أصحاب الإعراب يرى أنه أراد : إنما أنفقت مالي ، فرفع ، ويحتج لذلك بما ليس فيه حجة. قال : وإنما يريد : إن ما أنفقت مال ، والمال يستخلف ، ولم أتلف عرضا. وفي الهمع للسيوطي : أن «مال» أصلها : «مالي» ، فحذف ياء المتكلم ، فرفع. والصواب ما ذكره ابن قتيبة ، وأبو زيد الأنصاري. [الشعر والشعراء ص ٥٣١ ، والهمع ج ٢ / ٥٣ ، والخزانة ج ٨ / ٣١٣].

(٤٠٣) لقد بسملت ليلى غداة لقيتها

ألا حبّذا ذاك الحبيب المبسمل

البيت بلا نسبة.

والشاهد : «ذاك الحبيب». قال السيوطي : ويجوز كون مخصوص «حبذا» اسم إشارة ، وذكر شطر البيت. [الهمع ج ٢ / ٨٩].

(٤٠٤) كما ما امرؤ في معشر غير قومه

ضعيف الكلام شخصه متضائل

٣٤٨

البيت غير منسوب ، وأنشده السيوطي في الهمع ج ٢ / ١٥٧ ، شاهدا في فصل «الضرائر» ، قال : ومنها زيادة «ما» بعد «كما».

(٤٠٥) فلهو أخوف عندي إذ أكلّمه

وقيل إنّك منسوب ومسؤول

البيت لكعب بن زهير. وأنشد السيوطي شطره الأول في باب أفعل التفضيل ، المصوغ من الفعل المبني للمجهول ، وقال : وجوزه ابن مالك من فعل المفعول إذا أمن من اللبس ، كأزهى من ديك ، وأشغل من ذات النّحيين. [الهمع ج ٢ / ١٦٦].

(٤٠٦) نرجو فواضل ربّ سيبه حسن

وكلّ خير لديه فهو مسؤول

البيت لعبدة بن الطبيب. وأنشده السيوطي شاهدا لجواز دخول «الفاء» على خبر المبتدأ ، إذا كان المبتدأ مضافا إلى النكرة المذكورة ، وهو مشعر بمجازاة (أي شرط). [الهمع ج ١ / ١٠٩].

(٤٠٧) شجّت بذي شبم من ماء محنية

صاف بأبطح أضحى وهو مشمول

البيت لكعب بن زهير ، من قصيدة (بانت سعاد). وقوله : شجت : أي : مزجت والضمير يعود للخمر. بذي شبم : بماء ذي برد. والمحنية : ما انحنى من الوادي فيه رمل وحصى صغار. وهو يشبه ريق صاحبته بخمرة هذه صفتها. قلت : وكيف يزعم الرواة أن كعب بن زهير أنشدها رسول الله في المسجد؟ زعموا أن كعبا قالها قبل تحريم الخمر. ولكن الخمر كانت مذمومة قبل أن يحرمها الله ، فلم يكن من اللائق أن يمدحها شاعر في المسجد. وقالوا : إن كعبا أنشد رسول الله قصيدته بعد حنين ، وحنين بعد الفتح ، وقد حرّمت الخمر في الروايات المشهورة عام الفتح. إن حسان بن ثابت له قصائد إسلامية مبدوءة بالخمر (الهمزية) قالها قبل تحريم الخمر ، ولكنهم لم يرووا أنه أنشدها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكانت قصائده دفاعا عن المسلمين ، وهجاء للمشركين.

الحقّ : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لم يسمع مطلع قصيدة كعب الغزلية ، وإن كان صح أن رسول الله سمع منه ، إنما سمع أبياتا في الاعتذار فقط. والشاهد أن «أضحى» تامة.

(٤٠٨) فتلك ولاة السّوء قد طال مكثها

فحتّام حتام العناء المطوّل

البيت للكميت ، من قصيدة هاشمية في مدح بني هاشم ، وذمّ بني أميّة. وأنشدوا البيت

٣٤٩

شاهدا على أن «ما» الاستفهامية ، يحذف ألفها إذا جرّت بحرف جرّ.

وقوله : فتلك ولاة السوء : مبتدأ ، وخبره. وجملة «طال مكثها» : إما خبر آخر ، وإما حال من الولاة. والعامل ، ما في اسم الإشارة من معنى الفعل. والأجود أن يكون «ولاة» بدلا من اسم الإشارة ، وجملة «وقد طال مكثها» الخبر ؛ لأنه محط الفائدة.

والولاة : جمع وال ، وهو الذي يتولى أمور الناس من الخلفاء ، والعمال ، والقضاة.

وقوله : فحتام : الجار والمجرور خبر مقدم. والعناء : مبتدأ مؤخر. و (حتام) الثانية : توكيد لفظي.

قلت : وقد بالغ الكميت في ذكر المساوى. ودفعه إلى ذلك هوى لا يعرف الاعتدال والتوسط.

والحقّ : أنّ خلفاء بني أمية ـ نستثني منهم معاوية ، وعمر بن عبد العزيز ـ لهم حسنات ولهم سيئات ، وربما غلبت حسناتهم على سيئاتهم ، ومن حسناتهم : استمرار الفتوح الإسلامية في أيامهم. وقوله في القصيدة : (وعطلت الأحكام ... الخ) ، هذا كذب ؛ لأن أركان الاسلام الخمسة كانت مطبقة ، ولم يجرؤ أحد على تعطيل واحد منها. [الهمع ج ٢ / ٨ ، ١٢٥ ، والصبان على الأشموني ٣ / ٨٠ ، وشرح أبيات المغني ج ٥ / ٢١٥].

(٤٠٩) حتى إذا رجب تولّى وانقضى

وجماديان وجاء شهر مقبل

البيت لأبي العيال الهذلي ، في أشعار الهذليين. قال السيوطي : والأجود ، إذا ثنى العلم أو جمع أن يحلّى بـ «الألف» و «اللام» عوضا عما سلب من تعريف العلمية. ويستثنى نحو : جماديين ، اسميّ الشهر ، فإن التثنية لم تسلبهما العلمية ؛ ولذلك لم تدخل عليهما «الألف» و «اللام» ، وأنشد البيت في الهمع ج ١ / ٤٢ ، ولكن ابن منظور قال في اللسان : (والجماديان) اسمان معرفة لشهرين. فعرفهما بـ «أل». ولكن لماذا ذكر رجب قبل جماديين ، والترتيب الزمني يقتضي التقديم؟

(٤١٠) ولّى وصرّعن من حيث التبسن به

مضرّجات بأجراح ومقتول

البيت لعبدة بن الطيب.

والشاهد : جمع «جرح» على «أجراح» ، والبيت من قصيدته المفضلية التي مطلعها :

٣٥٠

هل حبل خولة بعد الهجر موصول

أم أنت عنها بعيد الدار مشغول

وفاعل «ولّى» في البيت الشاهد : الثور ، الذي وصفه في القصيدة. أي : ولّى الثور وصرعت الكلاب. والتبسن ، أي : اختلطن. [المفضليات رقم ٢٦] ، وقافية البيت في اللسان مجرورة (ومقتول).

(٤١١) ثمّت قمنا إلى جرد مسوّمة

أعرافهنّ لأيدينا مناديل

لعبدة بن الطبيب ، من قصيدة البيت السابق. وعبدة بن الطبيب مخضرم ، حضر الإسلام وأسلم ، وشارك في الفتوح ، وقال هذه القصيدة بعد معركة القادسية.

والجرد : الخيل القصار الشعر. والمسوّمة : المعلّمة. مناديل : يريد أنهم يمسحون أيديهم من وضر الطعام بأعرافها. وقال عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه : أيّ المناديل أشرف ، فقال قائل : مناديل مصر ، كأنها غرقىء البيض ، وقال آخرون : مناديل اليمن ، كأنها نور الربيع. فقال عبد الملك : هي مناديل أخي بني سعد ، عبدة بن الطبيب ، وذكر هذا البيت. [المفضليات رقم ٢٦ ، والإنصاف ص ١٠٦].

(٤١٢) سرى بعد ما غار الثّريّا وبعد ما

كأنّ الثريّا حلّة الغور منخل

البيت في كتاب [سيبويه ج ١ / ٤٠٥ ، هارون] بدون نسبة. يصف طارقا سرى ليلا بعد أن غارت الثريا في أول الليل ، وذلك في استقبال زمن القيظ ، وشبه الثريا في اجتماعها واستدارة نجومها بالمنخل. والغور : مصدر غار ، أي : غاب ، وحلّة الغور : أي : قصده. وفيه الشاهد ، حيث رواه سيبويه في باب : «ما ينتصب من الأماكن والوقت».

(٤١٣) عليها أسود ضاريات لبوسهم

سوابيغ بيض لا يخرّقها النّبل

البيت لزهير بن أبي سلمى. وعليها : أي : على الخيل. والضاريات : جمع ضارية ، من ضرى إذا اجتزأ. ولبوسهم : مبتدأ. وسوابيغ : خبره ، أي : كوامل. وفيه الشاهد. فإن هذا الجمع شاذ ، والقياس : سوابغ ، بدون «ياء» ؛ لأنه جمع سابغة. وبيض : صفته ، أي : صقلية. [الأشموني ج ٤ / ١٥٢ ، والهمع ج ٢ / ١٨٢].

(٤١٤) وهل ينبت الخطيّ إلّا وشيجه

وتغرس إلّا في منابتها النّخل

البيت لزهير بن أبي سلمى ، من قصيدة مدح بها سنان ابن أبي حارثة المرّي. وقبل البيت :

٣٥١

فما يك من خير أتوه فإنّما

توارثه آباء آبائهم قبل

والخطي : الرمح ، نسبه إلى الخطّ ، وكانوا يقولون : جزيرة بالبحرين ترفأ إليها سفن الرماح ، وهم لا يقصدون (البحرين) اليوم. وربما كانت في نواحي القطيف من شرقي السعودية ؛ لأن البحرين كانت تشمل المنطقة الشرقية من السعودية كلها. والوشيج : القنا الملتف في منبته ، واحدته : وشيجة. يقول : لا ينبت القناة إلا القناة ، اي : لا ينبت الشيء إلا جنسه ، ولا يغرس النخل إلا بحيث تنبت وتصلح ، وكذلك لا يولد الكرام إلا في موضع كريم ، يريد : لا يلد الكريم إلا كريما ، ولا يتربى إلا في موضع كريم ، كما لا ينبت القناة إلا القناة ، ولا ينبت النخل في غير مغارسه ، فضرب ذلك مثلا ؛ لأنهم كرماء أولاد كرماء ، والبيت غاية في البلاغة.

(٤١٥) قد كان في جيف بدجلة حرّقت

أو في الذين على الرّحوب شغول

وكأنّ عافية النسور عليهم

حجّ بأسفل ذي المجاز نزول

البيتان لجرير يهجو الأخطل ، ويذكر ما صنعه الجحاف بن حكيم السّلمي من قتل بني تغلب قوم الأخطل باليسر ، وهو ماء لبني تميم. يقول : لما كثرت قتلى بني تغلب ، جافت الأرض ، فحرّقوا ليزول نتنهم. والرّحوب : ماء لبني تغلب. وعافية النسور : هي الغاشية التي تغشى لحومهم. وذو المجاز : سوق من أسواق العرب.

والشاهد : «حجّ» بضم الحاء ، جمع حاج ، مثل بازل ، وبزل. قال ابن منظور : والمشهور في رواية البيت : «حج» بالكسر ، وهو اسم الحاج. [اللسان «حجّ» ، وديوان جرير / ١٠٤].

(٤١٦) قامت تلوم وبعض اللوم آونة

ممّا يضرّ ولا يبقى له نغل

البيت بلا نسبة في الهمع ج ١ / ١٢٩ ، وأنشده السيوطي شاهدا لاستعمال «قام» من أفعال الشروع ، قال : وزاد ثعلب في أفعال الشروع «قام» ، وأنشده ، فنسبه إلى ثعلب. والنّغل : الضغن.

(٤١٧) إذا قلت مهلا غارت العين بالبكا

غراء ومدّتها مدامع نهّل

البيت لكثير عزّة. وأنشده الأشموني في باب المقصور والممدود ، على أن غراء : مصدر غاريت بين الشيئين غراء ، إذا واليت ، لا مصدر ، غريت بالشيء أغري به ، إذا

٣٥٢

تماديت فيه في غضبك ، وانظر العيني أيضا ، وفيه شرح يطول. [الأشموني والعيني ج ٤ / ١٠٦]. ويروى أيضا : «مدامع حفّل».

(٤١٨) إذا قلت ...

 ... حفّل

هو البيت السابق ، كما في الديوان والسمط. ٢٢٣.

(٤١٩) ألم تسمعي أي عبد في رونق الضّحى

بكاء حمامات لهنّ هديل

البيت لكثير عزّة ، وقد مضى في حرف الراء المضمومة «هدير» ؛ لأنه من قصيدة رائية.

(٤٢٠) وقفت بربع الدار قد غيّر البلى

معارفها والسّاريات الهواطل

للنابغة الذبياني ، من قصيدة يرثي بها النعمان بن الحارث.

والشاهد في : «قد غيّر البلى» ، حيث وقع حالا ، وهو ماض مقرون بـ «قد» ، دون «الواو» ، وهو قليل بالنسبة إلى مجيئه بهما. [الأشموني وعليه العيني والصبّان ج ٢ / ١٩٠].

(٤٢١) ولا زال قبر بين تبنى وجاسم

عليه من الوسميّ جود ووابل

فينبت حوذانا وعوفا منوّرا

سأتبعه من خير ما قال قائل

البيتان للنابغة الذبياني ، في رثاء النعمان بن الحارث الغساني. وتبنى : بلدة بحوران ، من أعمال دمشق ، وكذلك «جاسم» : موضع قريب من دمشق. والجود والوابل : أغزر المطر. وخصّ الوسميّ ؛ لأنه أطرف المطر عندهم ؛ لإتيانه عقب القيظ. والبيت الأول في الديوان :

سقى الغيث قبرا بين بصرى وجاسم

بغيث من الوسميّ قطر ووابل

قال ياقوت : قصد الشعراء بالاستسقاء للقبور ـ وإن كان الميت لا ينتفع به ـ أن ينزله الناس ، فيمرون على ذلك القبر ، فيرحمون من فيه.

والحوذان والعوف : نباتان طيبا الريح ، والحوذان أطيب. سأتبعه : أي : سأثني عليه بخير القول ، وأذكره بأحسن الذكر.

والشاهد : «ولا زال ... فينبت». فقوله : ولا زال : دعاء.

٣٥٣

وقوله : فينبت : جاء مرفوعا بعد الفاء ؛ لأنه لم يشأ أن يجعله سببا ، وإنما جعله خبرا ولم يجعله جوابا.

قال سيبويه : وذلك أنه لم يرد أن يجعل النبات جوابا لقوله : «ولا زال» ، ولا أن يكون متعلقا به ، ولكنه دعا ، ثم أخبر بقصة السحاب ، كأنه قال : فذاك ينبت حوذانا. قال الخليل : ولو نصب «فينبت» ، لجاز. ولكنا تلقيناه مرفوعا. [سيبويه / ٣ / ٣٦ ، هارون].

(٤٢٢) فشايع وسط ذودك مستقنّا

لتحسب سيّدا ضبعا تنول

البيت للأعلم الهذلي. والمستقنّ : الذي يقيم في الإبل يشرب ألبانها ، ويكون معها حيث ذهبت ، من «القنّ» ، لعله العبد. وقد أنشده السيوطي شاهدا لحذف أداة النداء قبل اسم الجنس ، والتقدير : يا ضبعا. وفي «لسان العرب» عن الأزهري : معنى قوله : مستقنا ضبعا تنول ، أي : مستخدما امرأة كأنها ضبع. وعلى هذا تكون «ضبعا» منصوب بـ «مستقنا» ، والقافية في اللسان «تنول» بالنون ، وفي الهمع «تبول» بالباء. [اللسان «قنن» ، والهمع ج ١ / ١٧٤ ، والخصائص ٣ / ١٩٦].

(٤٢٣) يهز الهرانع عقده عند الخصى

بأذلّ حيث يكون من يتذلّل

وقبل البيت :

إنّا لنضرب رأس كل قبيلة

وأبوك خلف أتانه يتقمّل

والبيتان للفرزدق ، من قصيدة يهجو فيها جريرا. يقول في البيت الأول : نحن لعزّنا وكثرتنا نحارب كلّ قبيلة ونقطع رؤوسها ، وأبوك لذله وعجزه يقتل قمله خلف أتانه (أنثى الحمار). والبيت الشاهد تفسير للبيت الذي قبله ، ولكنه تفسير يشبه بمن يلقم السائل حجرا ، ويقول له : اسكت ؛ لأنه فسّره بكلام موغل في البداوة والحوشية ، وما أظنّ عامة الناس في زمانه فهموا مراده ، وما يستطيع أحد في زماننا أن يفهمه دون الرجوع إلى المصادر ، ولو كان أحد أعضاء مجامع اللغة العربية في دمشق والقاهرة وبغداد. وإليك فكك غامضة :

يهز : مضارع وهز وهزا ، إذا نزع القملة وقصعها.

الهرانع : مفعول «يهز» مقدم على الفاعل ، جمع هرنع ، وهو القمل ، الواحدة هرنعة ،

٣٥٤

وقيل : واحده الهرنوع ، وهو القملة الضخمة ، ويقال : الصغيرة.

وعقد : فاعل «يهز» ، وهو بفتح العين وسكون القاف ، والضمير راجع إلى قوله : (وأبوك) ، وهو هيئة تناول القملة بإصبعين : الإبهام والسبّابة. وعند الخصى : ظرف لقوله : «يهز». وقوله : بأذلّ : «الباء» بمعنى «في» ، متعلقة بمحذوف على أنه حال من ضمير (عقده) ، يقول : نحن لعزّنا وكثرتنا نحارب كل قبيله ، وأبوك لذله يقتل قمله خلف أتانه ، فهو يتناول قملة بإصبعه من بين أفخاذه ، حالة كونه جالسا في أحقر موضع يجلس فيه الذليل ، وهو خلف الأتان ، فنحن نقتل الأبطال ، وأبوك يقتل القمل والصئبان ، فشتان ما بيني وبينك.

والشاهد : في «حيث» ، فقد قال الفارسي : إن جملة «يكون» صفة لـ «حيث» ، لا أنها مضاف إليه ؛ لأن «حيث» هنا اسم بمعنى موضع ، لا أنها باقية على ظرفيتها ، والتقدير : بأذل موضع. ومثلها (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ). [الأنعام : ١٢٤]. [الخزانة ج ٦ / ٥٣٣ ، واللسان «هرنع»].

(٤٢٤) ولا خالف داريّة متغزّل

يروح ويغدو داهنا يتكحّل

البيت للشنفرى من لاميته (لامية العرب). وقوله : «ولا خالف» بالجرّ ، معطوف على مجرور قبله ، ولم أذكر ما قبل البيت ليعرف المعطوف عليه ؛ لأن الأبيات السابقة خشنة جافة صلده ، كلّ كلمة فيها تشبه صخرة تيس الأعشى في قوله : (كناطح صخرة) ، توهن عقل القارىء قبل أن يدرك مراميها. وهذا يؤيد ملاحظة سابقة قلتها في شاهد سابق من هذه القصيدة ، أن مطلع القصيدة لا يتفق مع بقيتها ، فالمطلع سهل رقيق ، وما بعده قاس صلب.

وقوله : خالف : بالخاء المعجمة ، من لا خير فيه ، وداريّة : بالجرّ ، صفة لـ «خالف» ، وهو المقيم في داره ، لا يفارقها و «التاء» زائدة للمبالغة. والداريّ : العطار أيضا ، منسوب إلى دارين ، في نواحي القطيف من شرق السعودية ، وكانت فيها سوق يحمل إليها مسك ، قال الزمخشري : ويحتملها كلامه ؛ لأن العطار يكتسب من ريح عطره ، فيصير بمنزلة المتعطّر. فالمعنى : لست ممن يتشاغل بتطييب بدنه وثوبه ، أو يلازم زوجته ، فيكتسب من طيبها. والمتغزل : الذي يغازل النساء. وجملة «يروح» : صفة متغزل ، أو حال من ضميره.

والشاهد : يروح ويغدو : إن كانا بمعنى يدخل في الرواح والغداة ، فهما تامان. والمنصوب «داهنا» حال. اسم فاعل من الدّهن ، وهو استعمال الدهن. وإن كانا بمعنى

٣٥٥

(يكون في الرواح والغداة) فهما ناقصان ، و «داهنا» : خبر «يغدو» ، وخبر «يروح» محذوف. وجملة «يتكحل» : إما خبر بعد خبر ، أو حال من ضمير «داهن» ، أو صفة له ، ويجوز أن يكون داهنا : خبر يروح ، وجملة «يتكحل» : خبر «يغدو» ، فلا حذف.

فائدة : شاع أن الرواح ، لا يكون بمعنى الرجوع في المساء ، وليس كذلك ، بل الرواح والغدو عند العرب يستعملان في المسير ، أي وقت كان ، من ليل أو نهار ، وعليه قوله عليه‌السلام : «من راح إلى الجمعة أول النهار ، فله كذا» ، أي : من ذهب. وعلى هذا لا خطأ في قولنا : «رحت إلى السوق ، أو رحت إلى المدرسة». [الخزانة ج ٩ / ١٩٧].

(٤٢٥) وليلة نحس يصطلي القوس ربّها

وأقطعه الّلاتي بها يتنبّل

البيت للشنفرى من لاميته.

وقوله : وليلة نحس : النحس : ضد السعد ، وأراد به البرد ، وجملة «يصطلى» : في موضع الصفة لـ «ليلة». وربّها ، أي : صاحبها : فاعل مؤخر. والقوس : منصوب بنزع الخافض ؛ لأنه يقال : اصطليت بالنار ، فهو على حذف مضاف أيضا ، أي : يصطلى بنار القوس. والقوس : مؤنث سماعي ، ولذا أعاد ضميرها مؤنثا. والاصطلاء : التدفؤ بالنار ، وهو أن يجلس (البردان) قريبا من النار ؛ لتصل حرارتها إليه. وأقطعه : بالنصب عطفا على «القوس» ، وهو جمع «قطع» ، بكسر القاف ، وهو سهم يكون نصله قصيرا عريضا. ويتنبّل : يرمي بها ، وإذا اصطلى الأعرابيّ بقوسه وسهامه لشدة البرد ، فليس وراء ذلك في الشدة شيء.

والشاهد : «وليلة» ، ليلة : مجرورة بـ «واو» ربّ المحذوفة ، و «واو» ربّ : إن كانت في أثناء القصيدة ، فهي للعطف على سابق ، كهذا البيت ، فإنه من أواخر قصيدة لامية الشنفرى ، و «الواو» فيه للعطف ، والمعطوف عليه متقدم عليه بثلاثين بيتا.

وجواب ربّ في بيت تال هو :

دعست على بغش ... ومعنى دعست : دفعت دفعا بإسراع وعجلة. فليلة : مجرورة لفظا منصوبة محلا على الظرفية لـ «دعست» ، وقدّمت عليه ؛ لأنها جرّت بربّ الواجبة التصدر. فالمعطوف بـ «الواو» ، هو «دعست» ، لا «ليلة» ، وكان التقدير : ودعست ليلة نحس. والمعطوف عليه ، بعد عشرين بيتا من أول القصيدة ، وهو :

٣٥٦

أديم مطال الجوع حتى أميته

وأضرب عنه الذكر صفحا فأذهل

قلت : هذا شاهد قويّ على وحدة القصيدة العربية ، وترابطها ، وليست متفككة كما زعموا ، وليس البيت وحدتها ، بل البيت فيها لبنة ، تكون مع غيرها البنيان الشعري المتين. [الخزانة ج ١٠ / ٣٤].

(٤٢٦) إن يبخلوا أو يجبنوا

أو يغدروا لا يحفلوا

يغدوا عليك مرجّلي

ن كأنهم لم يفعلوا

لبعض بني أسد ، عن أهل الرواية.

وقوله : لا يحفلوا : من قولهم : ما حفل بكذا ، أي : ما يبالي ، ولا يكترث. والمرجّل : اسم مفعول ، من الترجيل ، وهو مشط الشعر تليينه بالدهن ونحوه. ومحلّ الشاهد : لا يحفلوا يغدوا عليك. فإن الفعل الثاني ، وهو «يغدوا» ، مجزوم ؛ لأنه بدل من الفعل الأول ، وهو «لا يحفلوا» ، وتفسير له. ويغدوا : الواو للجماعة ، هو في الرفع «يغدون». [كتاب سيبويه ج ١ / ٤٤٦ ، والخزانة ج ٩ / ٩١ ، والإنصاف ص ٥٨٤ ، وشرح المفصل ج ١ / ٣٦ ، والمرزوقي / ٥١٥].

(٤٢٧) فما مثله فيهم ولا كان قبله

وليس يكون الدهر ما دام يذبل

البيت لحسان بن ثابت. ويذبل : اسم جبل.

والشاهد : وليس يكون ، قال السيوطي : وزعم ابن مالك أن المضارع المنفي بليس ، أو «ما» ، أو «إن» ، قد يكون مستقبلا على قلّة ، وذكر شطر البيت ، والأكثر أن يكون المضارع للحال ، إذا نفي بالأدوات الثلاثة ؛ لأنها موضوعة لنفي الحال. [الهمع ج ١ / ٨ ، والعيني ج ٢ / ٢].

(٤٢٨) غدا طاويا يعارض الرّيح هافيا

يخوت بأذناب الشّعاب ويعسل

البيت للشنفرى من لاميته (لامية العرب) ، وقبل البيت :

وأغدو على القوت الزهيد كما غدا

أزلّ تهاداه التنائف أطحل

أغدو : أذهب غدوة ، وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس ، ثم كثر حتى استعمل

٣٥٧

في الذهاب أيّ وقت كان. وعلى : القوت : على للتعليل ، بمعنى «اللام» ، ومنه قوله تعالى : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ). [البقرة : ١٨٥]. والزهيد : القليل. والأزل : الذئب. تهاداه : تتخذه هدية. والتنائف : جمع تنوفة ، وهي الفلاة ، أي : كلما خرج من فلاة ، دخل في أخرى. والأطحل : لون بين الغبرة والسواد ، ببياض قليل ، أو الذي لونه لون الطحال. فهو يشبه نفسه بذئب يغدو للبحث عن قوته.

وقوله : غدا طاويا : يحتمل أن يكون بمعنى ذهب غدوة ، أو يكون بمعنى دخل في الغدوة ، أو يكون بمعنى ذهب أي وقت كان ، مجازا ، فغدا : على هذه الوجوه تكون تامة ، وطاويا ؛ حالا من ضمير «غدا» الراجع إلى «أزلّ» الذئب. ويحتمل أن يكون بمعنى : (يكون في الغدوة) ، فيكون «غدا» من الأفعال الناقصة ، وطاويا : خبرها. ويعارض الريح : يستقبلها في عرضها ، ويصادمها. ومنه المعارضة بمعنى المخالفة. وهافيا : يحتمل أن يكون من هفا الظبي ، إذا اشتد عدوه ، ومن هفا الطير ، أي : خفق بجناحيه وطار ، ويحتمل أن يكون من : الهفو ، وهو الجوع. ويخوت ، أي : يختلس. بأذناب : «الباء» : بمعنى «في». والشعاب : جمع شعب ، وهو الطريق في الجبل ، أو جمع شعبة ، وهو المسيل الصغير. ويعسل : من العسل ، وهو الخبب ، وهو الاسراع في السير.

والشاهد في : «غدا» ، وذكرنا وجوهه في الشرح. [الخزانة ج ٩ / ١٩٠].

(٤٢٩) فهل لك أو من والد لك قبلنا

يوشّح أولاد العشار ويفضل

البيت لأبي أمية الهذلي. ويوشح : يزين. ويفضل : من الإفضال ، وهو الإحسان.

والشاهد في : «فهل لك أو من والد» والتقدير : فهل لك من أخ. أو من والد ، فحذف المعطوف عليه. و «من» في الموضعين : زائدة. وحذف المعطوف عليه قبل «أو» ، نادر ، والكثير الحذف قبل «الواو» ، وقليل مع «الفاء». [الأشموني ج ٣ / ١١٨ ، والهمع ج ٢ / ١٤٠].

(٤٣٠) بنزوة لصّ بعد ما مرّ مصعب

بأشعث لا يفلى ولا هو يقمل

البيت للأخطل. في [العيني ج ٢ / ٥ ، والخصائص ج ٢ / ٤٧٥].

(٤٣١) أردت لكيما لا ترى لي عثرة

ومن ذا الذي يعطى الكمال فيكمل

٣٥٨

البيت بلا نسبة. وأنشده السيوطي في الهمع ، شاهدا لجواز الفصل بين «كي» والفعل بـ «ما» الزائدة ، و «لا» النافية.

وأنشد البغدادي في الخزانة الشطر الأول بصورة : «أردت لكيما أن ترى لي عثرة» ، شاهدا للجمع بين «اللام» ، و «كي» ، و «أن» ، ونقله عن الفرّاء في إعراب القرآن ، قال : أنشدني أبو ثروان ، وقال : جمع بينهن ؛ لاتفاقهنّ في المعنى ، واختلافهنّ في اللفظ. [الخزانة ج ٨ / ٤٨٦ ، والهمع ج ٢ / ٥].

(٤٣٢) فلئن بان أهله

لبما كان يؤهل

لعمر بن أبي ربيعة. قال السيوطي : وشذّ دخول «اللام» مع «بما» في الماضي المجاب به القسم ، وأنشد البيت. وأنشده البغدادي على أن «بما» بمعنى «ربّما» ، أو مرادفتها ، وأن «لام» الجواب قد تقترن بها ، إذا كان الجواب ماضيا ، وأنشده مرة أخرى وقال : والماضي المتصرف إذا وقع جواب قسم ، فالأكثر أن يقترن بـ «اللام» مع «قد» ، أو «ربّما» أو «بما» ، مرادفة «ربّما» ، وأنشده. [الخزانة ج ١٠ / ٧٦ ، و ١١ / ٣٤٤ ، والهمع ج ٢ / ٤٢].

(٤٣٣) أتاني على القعساء عادل وطبه

بخصي لئيم واست عبد تعادله

البيت للفرزدق. ويذكرونه شاهدا على أنه يقال : الخصيتان ، والخصييان ، وأن الواحد من الخصيين : «خصي» ، كما في البيت.

ويقال أيضا : خصية ، ويقال في التثنية : خصيتان ، وخصيان ، وقيل : الخصيتان بـ «التاء» ، البيضتان ، والخصيان بدون «تاء» الجلدتان اللتان فيهما البيضتان. [الخزانة ج ٧ / ٥٢٩] ، ولكن رواية البيت في الديوان ، وكتاب سيبويه : «برجلي هجين» ، وفي أبيات سيبويه للنحاس : (برجل لئيم).

والشاهد فيه : ترك التنوين من «عادل» ، وهو يريد «يعدل» ، ولو جاء على الأصل ، لقال : عادلا وطبه ، ولكنه حذف التنوين استخفافا ، وأضافه إلى ما بعده. [النحاس ص ١٠٨ ، وكتاب سيبويه ج ١ / ٨٤] والقعساء : الناقة المحدودبة من الهزال. والوطب : سقاء اللبن. وعدل وطبه برجليه واسته ، أي : جعلهما عدلا له ، أي : جعل وطبه في ناحية من الراحلة معادلا له ، والعدلان : ما يوضعان على جنبي البعير.

(٤٣٤) ديار سليمى إذ تصيدك بالمنى

وإذ حبل سلمى منك دان تواصله

٣٥٩

البيت لطرفة بن العبد. وأنشد السيوطي الشطر الأول شاهدا لحذف ناصب المفعول به ، إذا كان لفظ (دار ، أو ديار الأحبة) ؛ والتقدير : اذكر ديار سلمى. ويروى شطر البيت الأول : «ديار لسلمى إذ تعيدك بالمنى». برفع (ديار). وقد شرط بعضهم لجواز حذف العامل ، أن يكون لفظ الدار مضافا إلى اسم المحبوبة. [الهمع ج ١ / ١٦٨ ، وديوان طرفة].

(٤٣٥) إذا غاب عنّا غاب عنّا ربيعنا

وإن شهد أجدى خيره ونوافله

البيت للأخطل. وهو في كتاب سيبويه في باب : «ما يسكن استخفافا» ، وفي البيت لفظ الفعل «شهد» ساكن الوسط. وأراد : «شهد» ، فسكّن «الهاء» وحول حركتها إلى ما قبلها ، وهي «الشين» ، في لغة من كسرها. [كتاب سيبويه ج ٢ / ٢٥٩ ، والهمع ج ٢ / ٨٤].

(٤٣٦) إذا غاب عنا غاب عنا فراتنا

وإن شهد أجري فيضه وجداوله

هو البيت السابق ، في رواية أخرى.

(٤٣٧) يسرّك مظلوما ويرضيك ظالما

وكلّ الذي حمّلته فهو حامله

البيت الخامس من قطعة في حماسة أبي تمام ، قالها العجير السّلولي ، واسمه عمير بن عبد الله ، من شعراء الدولة الأموية. وقوله : مظلوما : حال من المفعول به (الكاف) ، وظالما : كذلك. والشطر الأول فيه معنى : «انصر أخاك ظالما أو مظلوما». وفيه شاهد على اقتران خبر المبتدأ بـ «الفاء» كلّ : مبتدأ ، فهو حامله : الخبر. والمسوغ لذلك ؛ كون المبتدأ مضافا إلى الاسم الموصول. [الهمع ج ١ / ١١٠ ، والمرزوقي ص ٩٢١].

(٤٣٨) هممت ولم أفعل وكدت وليتني

تركت على عثمان تبكي حلائله

البيت لضابىء البرجمي ، من قطعة قالها وهو في السجن أيام عثمان بن عفان. وكان ضابيء استعار كلبا لقنص الوحش من قوم ، فطال مكثه عنده ، فطلبوه وأخذوه ، فغضب ورمى أمهم بالكلب ، فرفعوا أمره إلى عثمان بن عفّان ، وكان يحبس على الهجاء ، ثم قال ضابىء أبياتا فيها شكوى ، فأطلق عثمان سراحه ، فتربص لقتل عثمان ، فأعاده إلى الحبس ، فمات فيه ، فقال قطعة منها البيت الشاهد. وفيه أن خبر «كدت» ، محذوف ، والتقدير : وكدت أفعل. [الخزانة ج ٩ / ٣٢٣].

(٤٣٩) وقائلة تجني عليّ أظنّه

سيودي به ترحاله وحوائله

٣٦٠