شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٦

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٦

المؤلف:

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]


المحقق: علي محمّد فاخر [ وآخرون ]
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

سويت على ثيابي ، بالطريق الذي ذكره ابن عصفور ، وقد عرفت أن ذلك لا دليل فيه. وقد سلم الشيخ أن التعدية (١) حاصلة فإنه قال : كما أن «إلى» من قوله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ)(٢) حرف إجماعا كذلك تقول إن على ، وعن حرفان يعني في الأبيات التي ذكرها ابن عصفور لكن هذه التعدية قليلة فلا يكون فيها دلالة على اسمية «عن وعلى» (٣). انتهى. وهو كلام عجيب!! وكيف يبقي الدلالة على الاسمية بعد أن سلم التعدية التي جعلها المدعي دليلا عليها؟! فإن قلت : فعلى أي وجه تعلق هذه الأحرف الجارة بالفعل وما معناها؟ قلت : الذي يظهر أن «عنك» من قوله : «دع عنك» في موضع الحال من المفعول المذكور ـ أعني «نهبا» ـ والتقدير : دع نهبا كائنا عنك ، ومعنى «عن» المجاوزة ، وكذلك القول في «عليك» من قول الآخر : «هوّن عليك» ، التقدير : هوّن ما تلقاه كائنا عليك ، ومعنى «على» الاستعلاء فإن ما يلقاه الإنسان من الأمور الصعبة كأنه عليه ، فالاستعلاء الذي أفادته هنا معنوي. وأما كون «إليك» من الآيتين الشريفتين في موضع الحال «وإلى» لانتهاء الغاية ففي غاية الظهور ، التقدير : وهزي بجذع النخلة كائنا إليك ، و : اضمم جناحك كائنا إليك.

ثم إن في كتب المغاربة الإشارة إلى مسألتين (٤) :

الأولى :

أن الفراء ومن وافقه من الكوفيين يزعمون أن «عن ، وعلى» إذا دخلت عليهما «من» حرفان كما كانتا قبل دخولها قال : وزعموا أن «من» تدخل على حروف الجر كلها سوى «من» واللام ، والباء ، وفي» ، وذكر عنهم دليلا (٥). ولا شك أن هذا ونحوه مما لا يشتغل به فالواجب إهمال ذكره. ـ

__________________

(١) في الهامش : التقدير.

(٢) سورة مريم : ٢٥.

(٣) التذييل (٤ / ٩).

(٤) هاتان المسألتان مفصلتان في التذييل (٤ / ٩).

(٥) (لأنها تسد مسد الاسم المخفوض فإذا قلت : نظرت إلى زيد ؛ فـ «إلى» عندهم تسد مسد وجه زيد أو ما جرى مجراه ... ولو كانت «عن وعلى» اسمين إذا دخلت عليهما «من» لقيل : عندك مرغوب فيه ، يعني به : ناحيتك مرغوب فيها ، وهذا لا يلزم كما لا يلزم في الأسماء إذ فيها ما لا يتصرف نحو : أيمن الله وسبحان الله ومعاذ الله ...). التذييل (٤ / ٩) بتصرف.

٣٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

الثانية :

أن جماعة من النحاة منهم ابن طاهر ، وابن خروف ، والأستاذ أبو علي في أحد قوليه ـ ذهبوا (١) إلى أن «على» لا تكون حرفا ، وزعموا أن ذلك مذهب سيبويه ؛ لقوله في باب عدة ما يكون عليه الكلم : وهو اسم ولا يكون إلا ظرفا (٢) ، قالوا : واستدل المخالف لهؤلاء بأن «على» إذا حذفت في ضرورة الشعر نصب ما بعدها على أنه مفعول به. نحو قول الشاعر :

٢٣٩٠ ـ تحنّ فتبدي ما بها من صبابة

وأخفي الّذي لو لا الأسى لقضاني (٣)

وقول الآخر :

٢٣٩١ ـ بخلت فطيمة بالّذي يرضيني

إلّا الكلام وقلّما يجديني (٤)

أي : لقضى عليّ ، وقلما يجدي عليّ ، وقال آخر :

٢٣٩٢ ـ ما شقّ جيب ولا ناحتك نائحة

ولا بكتك جياد غير أسلاب (٥)

أي : ولا ناحت عليك. وقد أجاز أبو الحسن (٦) ذلك في الكلام وجعل منه قوله تعالى : (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)(٧) أي : على صراطك ، واستدل أيضا لذلك بحذفها مع الضمير في الصلة نحو : ركبت على الفرس الذي ركبت ، قال الشاعر :

٢٣٩٣ ـ فأصبح من أسماء قيس كقابض

على الماء لا يدري بما هو قابض (٨)

أي : عليه ، ولو كانت اسما لم يجز ذلك ، لو قلت : قعدت وراء الذي قعدت ، تريد وراءه ؛ لم يجز.

__________________

(١) راجع الارتشاف (٢ / ٤٥٤) وتنقيح الألباب (ص ١١).

(٢) الكتاب (٤ / ٢٣١).

(٣) من الطويل لعروة بن حزام وليس في ديوانه وراجع : الدرر (٢ / ٢٢) ، (١٠٦) ، المغني (ص ١٤٢ ، ٥٧٦ ، ٥٧٧) ، والهمع (٢ / ٢٩ ، ٨١).

(٤) البيت من بحر الكامل وهو في التذييل (٤ / ١٠).

(٥) من البسيط وهو في التذييل (٤ / ١٠).

(٦) الأخفش في المعاني (١ / ١٩٧).

(٧) سورة الأعراف : ١٦.

(٨) من الطويل وهو من شواهد أبي حيان في الارتشاف (١ / ٥٣٦) ، (٣ / ٣١٠) والتذييل (٤ / ١٠).

٣٠٢

[إلى الجارة ... معانيها ، وأحكامها]

قال ابن مالك : (ومنها : «إلى» للانتهاء مطلقا ، وللمصاحبة ، وللتّبيين ، ولموافقة اللّام ، وفي ، ومن. ولا تزاد خلافا للفرّاء).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش (١) : قال [٣ / ١٨٤] المصنف : أردت بقولي : (للانتهاء مطلقا) شيئين :

أحدهما : الزمان والمكان كقولك سرت إلى آخر النهار ، وإلى آخر المسافة.

والثاني : أن منتهى العمل بها قد يكون آخرا وغير آخر ، نحو : سرت إلى نصف النهار ، وإلى نصف المسافة. ونبهت بقولي : (وللمصاحبة) على أنها تكون بمعنى مع كقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)(٢) و(مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ)(٣). قال الفراء في (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) : قال المفسرون : من أنصاري مع الله (٤) قال : وهو وجه حسن (٥) ، قال : وإنما تجعل «إلى» كـ «مع» إذا ضممت شيئا إلى شيء ، كقول العرب : الذود (٦) إلى الذود إبل (٧) ، فإن لم يكن ضم لم تكن إلى كمع فلا يقال في مع فلان مال كثير : إلى فلان مال كثير (٨) ، قلت : ومن مجيئها بمعنى (مع) (٩) قول الشاعر :

٢٣٩٤ ـ برى الحبّ جسمي ليلة بعد ليلة

ويوما إلى يوم وشهرا إلى شهر (١٠)

ومثله :

٢٣٩٥ ـ ولقد لهوت إلى كواعب كالدّمى

بيض الوجوه حديثهنّ رخيم (١١)

__________________

(١) انظر شرح التسهيل لابن مالك (٣ / ١٤١).

(٢) سورة النساء : ٢.

(٣) سورة آل عمران : ٥٢ ، وسورة الصف : ١٤.

(٤ و ٥) معاني الفراء (١ / ٢١٨).

(٦) في الأصل : إن الذود.

(٧) مثل يضرب في اجتماع القليل إلى القليل حتى يؤدي إلى الكثير. والذود. قليل الإبل من ثلاثة إلى عشرة مجمع الأمثال (١ / ٢٥٣).

(٨) معاني الفراء (١ / ٢١٨) وراجع : الارتشاف (ص ٧٣٢) ، والمغني (١ / ٧٥) ، والهمع (٢ / ٢٠).

(٩) من الهامش.

(١٠) من الطويل ، واستشهد به أبو حيان في التذييل (٤ / ١١).

(١١) من الكامل وينسب إلى كثير عزة وليس في ديوانه وانظر أمالي الشجري (٢ / ٢٦٨) ، والتذييل (٤ / ١١).

٣٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثله :

٢٣٩٦ ـ وإنّ امرأ قد عاش سبعين حجّة

إلى مائة لم يسأم العيش جاهل (١)

ومثله قول الآخر :

٢٣٩٧ ـ فلم أر عذرا بعد عشرين حجّة

مضت لى وعشر قد مضين إلى عشر (٢)

ونبهت بقولي : (وللتبيين) على المتعلقة ـ في تعجب أو تفضيل بحب أو بغض مبينة لفاعلية مصحوبها كقول الله تعالى : (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)(٣) ، وكقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وايم الله لقد كان خليقا للإمارة وإن كان من أحبّ النّاس إليّ» (٤) وأشرت بموافقة اللام إلى نحو : (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ)(٥) ؛ فاللام في هذا هو الأصل كقوله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(٦) ، وكقوله تعالى : (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)(٧) و(هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ)(٨) ومثل «إلى» من (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ) في موافقة اللام «إلى» (المعدية) (٩) فعل الهدى كقوله تعالى : (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(١٠) ؛ فإنها موافقة للام (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا)(١١) ، و(قُلِ (اللهُ)(١٢) يَهْدِي لِلْحَقِ (١٣) و(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)(١٤) ، ومنه قول عمر رضي‌الله‌عنه ، لا يمنعنّك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحقّ» (١٥) وأشرت ـ

__________________

(١) من الطويل قاله كعب بن زهير ، أو زهير بن أبي سلمى. راجع ديوانه (ص ٢٥٧) وانظر في شرح المفصل (٩ / ٤) ، والشعر والشعراء (ص ١٠٠) ، وعيون الأخبار (١ / ٢٣).

(٢) البيت من الطويل وانظره في التذييل (٤ / ١١).

(٣) سورة يوسف : ٣٣.

(٤) الكلام عن زيد بن حارثة مولى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينظر البخاري : الإيمان (٢) وفضائل الصحابة (١٧) ومسند ابن حنبل (٢ / ٢٠).

(٥) سورة النمل : ٣٣.

(٦) سورة الروم : ٤.

(٧) سورة الانفطار : ١٩.

(٨) سورة آل عمران : ١٥٤.

(٩) من الهامش ، والأصل : التي هي.

(١٠) سورة يونس : ٢٥.

(١١) سورة الأعراف : ٤٣.

(١٢) من الهامش ، والأصل : أفمن ، وهو تحريف.

(١٣) سورة يونس : ٣٥.

(١٤) سورة الإسراء : ٩.

(١٥) من رسالة لعمر بن الخطاب بعث بها إلى أبي موسى الأشعري وقد ولاه عمر قضاء البصرة. العقد الفريد (١ / ٨٦) ، وفيه «بالأمس» بدل «اليوم».

٣٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

بموافقة «في» إلى قول الشاعر :

٢٣٩٨ ـ فلا تتركنّي بالوعيد كأنّني

إلى النّاس مطليّ به القار أجرب (١)

ومثله قول النمر (٢) :

٢٣٩٩ ـ إذا جئت دعدا لا تتركانني

إلى آل دعد من سلامان أو نهد (٣)

أراد : في الناس ، و : في آل دعد. ويمكن أن يكون من هذا قوله تعالى : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ)(٤) ، و(ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ)(٥) ومثل موافقة إلى «من» قول ابن أحمر (٦) :

٢٤٠٠ ـ تقول وقد عاليت بالكور فوقها

أيسقى فلا يروي إليّ ابن أحمرا (٧)

أي : فلا يروي مني. وزعم الفرّاء أنها زائدة (٨) ، في قراءة بعضهم (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ)(٩) بفتح الواو ، ونظّرها باللام في قوله تعالى : (رَدِفَ لَكُمْ)(١٠) وأولى من زيادتها أن يكون الأصل «تهوي» فجعل موضع الكسرة فتحة كما يقال في رضي : رضى ، وفي ناصية : ناصاه وهي لغة طائية ، وعليها قول الشاعر : ـ

__________________

(١) من الطويل للنابغة الذبياني ديوانه (ص ١٣) ، والأشموني (٢ / ٢١٤) ، والخزانة (٤ / ١٣٧) ، والدرر (٢ / ١٣) ، والهمع (٢ / ٢٠).

(٢) ابن تولب بن زهير العكلى شاعر مخضرم لم يمدح ولا هجا أحدا (ت : نحو ١٤ ه‍) ، الجمهرة (ص ١٠٩).

(٣) من الطويل وهو في التذييل (٤ / ١٢).

(٤) سورة النساء : ٨٧ ، وسورة الأنعام : ١٢.

(٥) سورة الجاثية : ٢٦.

(٦) عمرو بن أحمر بن العمرد من قيس ، مخضرم ، عده ابن سلام في الطبقة الثالثة من شعراء الإسلام.

ابن سلام (ص ٥٨٠) والمؤتلف (ص ٣٧).

(٧) من الطويل ـ تقول أي : الناقة. الكور : الرحل ، يسقى هنا : يركب ، لا يروى : لا يسأم. الدرر (٢ / ١٣) ، والهمع (٢ / ٢٠).

(٨) المعاني (٢ / ٧٨).

(٩) سورة إبراهيم : ٣٧ ، وهي قراءة علي بن أبي طالب وزيد بن علي ، ومحمد بن علي وجعفر ومجاهد. راجع البحر المحيط (٥ / ٤٣٣).

(١٠) سورة النمل : ٧٢.

٣٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

٢٤٠١ ـ نستوقد النّبل بالحضيض ونص

طاد نفوسا بنت على الكرم (١)

أراد : بنيت على الكرم (٢). انتهى.

والمعاني التي ذكرها لهذا الحرف الذي هو «إلى» ستة :

أولها : الانتهاء ، أي : انتهاء الغاية ، وهذه هي عبارة النحويين. وقال سيبويه : «وأما» إلى فمنتهى الغاية ؛ تقول : من مكان كذا وكذا إلى مكان كذا وكذا ، وتقول لرجل : إنما انتهائي إليك ، أي : أنت غايتي (٣) ، وقال الفارسي : معناها الغاية (٤) وحمله الناس على أن مراده انتهاء الغاية ، وابن خروف (٥) يذهب إلى أنها قد تدخل على ما يقع فيه ابتداء الفعل وانتهاؤه مستدلّا بقوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ)(٦) ؛ لأن الأمة المعدودة هي الزمان الذي وقع فيه تأخير العذاب لا الزمان الذي وقع فيه نهاية تأخيره. قال : لأن المعنى : ولئن أخرنا عنهم العذاب أمة معدودة. وأجاب غيره (٧) عن ذلك بأن ثم مضافا حذف وهو مراد ، التقدير : ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى انقضاء أمة معدودة. قال ابن عصفور : وإنما وجب أن يقدر أن الأمر كذلك ؛ لأن الثابت في كلام العرب أن «إلى» إنما تدخل على ما يكون منتهى لابتداء غاية الفعل (٨). انتهى. ثم قد عرفت ما قاله المصنف من أن منتهى العمل بها قد يكون آخرا وغير آخر. وهذه المسألة غير مسألة قولهم : إن المغيّا بـ «إلى» هل هو داخل فيما قبلها أو غير داخل؟ لكن الشيخ (٩) حكم بأن مراد المصنف مما ذكره هذه المسألة ، وليس مراده ذلك ؛ بل هذه المسألة لم يتعرض المصنف إلى ذكرها في هذا الكتاب ولا في بقية وإنما ذكرها غيره. قال ابن عصفور : ما بعد «إلى» غير داخل فيما قبلها إلا أن يقترن بالكلام قرينة تدل على خلاف ذلك نحو قولك : اشتريت الشقة إلى طرفها. ـ

__________________

(١) من المنسرح ، وانظر شرح ديوان الحماسة (ص ١٩٥) ، وشواهد الشافية (ص ٤٤).

(٢) انظر شرح التسهيل لابن مالك (٣ / ١٤٣).

(٣) الكتاب (٤ / ٢٣١) بتصرف.

(٤) الإغفال (١ / ٥٠٧) والإيضاح (ص ٢٥١).

(٥) رأيه هذا في التذييل (٤ / ١١).

(٦) سورة هود : ٨.

(٧) هو أبو حيان في التذييل (٤ / ١١).

(٨) شرح الجمل (١ / ٣٩٨ ، ٣٩٩).

(٩) في التذييل (٤ / ١١ ، ١٢).

٣٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

هذا ما قاله في المقرب (١) ، وقال في شرح الإيضاح (٢) : وإذا ثبت أن «إلى» تكون لانتهاء غاية الفعل فجائز أن تقع على أول الحد فلا يكون الفعل فيما بعدها ، وجائز أن يقع الفعل فيما بعدها ولكن يمتنع أن يجاوز الفعل ما بعدها ؛ لأن النهاية غاية وما كان بعده شيء لم يسم غاية. فعلى هذا إذا قلت : سرت إلى الكوفة ؛ فجائز أن تكون دخلت الكوفة ، وجائز أن تكون بلغتها ولم تدخلها ، ولا يجوز أن تكون قد تجاوزتها بالسير ، ومما يدل على أن ما بعد «إلى» قد يكون داخلا في الفعل الذي قبلها قول امرئ القيس :

٢٤٠٢ ـ وصرنا إلى الحسنى ورقّ كلامنا

ورضت فذلّت صعبة أيّ إذلال (٣)

ألا ترى أن مراده أنه قد دخل في الحسنى ، وتقول : اشتريت الشقة إلى طرفها ، ومعلوم أن طرف الشقة داخل في الشراء [٣ / ١٨٥] ومما يدل على أنه قد يكون غير داخل فيما قبلها قولك : صمت إلى يوم الفطر ، واشتريت المكان إلى الطريق ، وإذا عري الكلام عن قرينة تدل على الدخول أو عدمه فأكثر المحققين على أنه لا يدخل ؛ لأن استعمالها على أن يكون ما بعدها غير داخل في الفعل الذي قبلها أكثر في كلام العرب. ألا ترى أنك تقول : ذهبت إلى زيد ، ودخلت إلى عمرو ، ونحو ذلك ، وليس ما بعدها داخلا في الفعل الذي قبلها في شيء منه (٤). انتهى كلامه.

وقال ابن هشام الخضراوي : قد اختلف النحويون ؛ أيدخل ما بعدها فيما قبلها ، أم لا؟ فمنهم من منع ذلك ، ومنهم من التزمه ، ومنهم من فرّق فقال : إن كان من جنس الأول دخل ، وإلا فلا ، نحو : أبيعك هذه الأرض إلى هذا الحد ، وهذه الشجرة إلى تلك الشجرة. فإن قلت : أبيعك هذه الأرض إلى هذه الشجرة ؛ لم تدخل في البيع ، ودليل هذا قوله تعالى : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(٥) ومنهم من ـ

__________________

(١) المقرب (١ / ١٩٩).

(٢) هو من الكتب المفقودة لابن عصفور ويوجد منه أربعون ورقة من أول الكتاب مصورة من تركيا.

(٣) من الطويل. يريد : «ليّنتها بالكلام وغيره» وانظر : ديوانه (ص ٣٢) ، والخزانة (٤ / ٢٤) ، والمحتسب (٢ / ٢٦٠) ، والمقتضب (١ / ٧٤).

(٤) مثله في شرح الجمل (١ / ٣٥٤).

(٥) سورة البقرة : ١٨٧.

٣٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : هي انتهاء الغاية ؛ فقد يصل الفعل لما بعدها ويقف ، وقد يباشرها ؛ تقول : سرت إلى الكوفة ؛ فقد يصل إليها ولا يدخلها ، وقد يجوز أن يكون دخلها ولا يجاوزها ، وهو قول الفراء (١) ، وهذا أغلب أقوال النحويين وأقربها إلى الصواب ، وهو قول أبي علي وسيبويه (٢) في كلامه يدخل ما بعد إلى فيما قبلها ، وليس عنه نصّ في أنه قد لا يدخل (٣) انتهى.

ولا يخفى أن فيه من التنقيح ما ليس في كلام ابن عصفور. ثم قال ـ أعني ابن عصفور ـ : «وقد تكون لانتهاء الغاية في الأسماء كما تكون لانتهاء الغاية في الأفعال ، وذلك نحو قولك : إنما أنا إليك ، أي : أنت غايتي ، ومن ذلك قوله تعالى : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ)(٤) المعنى فأيمانهم إلى الأذقان ، أي : مضمومة إلى الأذقان ، وعاد الضمير على الأيمان ، وإن لم تذكر ، من جهة أن الغل لا يكون إلا في اليمين والعنق جميعا ؛ فكفى ذكر أحدهما عن الآخر (٥).

وثانيها : المصاحبة ، أي أنها تكون بمعنى «مع» وقد تقدم استدلال المصنف على ذلك. والمنقول أن كون «إلى» تكون بمعنى «مع» هو مذهب الكوفيين ، لكن ابن هشام الخضراوي لما ذكر المسألة قال : هذا قول أهل اللغة وهو مذهب الكوفيين وكثير من البصريين ، ثم قال : وقد جعل الأئمة هذا من التضمين وهو نوع من الاتساع لا يقاس ؛ وذلك أن الفعل قد يتأول فيه معنى ما يقاربه فيعدّونه تعديته.

وكان قد ذكر أن من الأدلة على أن «إلى» ترد بمعنى «مع» قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ)(٦) قال : فـ (الرَّفَثُ) إفضاء وهو يتعدى بـ «إلى» فكأنه قيل : أحل لكم الإفضاء إلى نسائكم. قال : وكذا قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)(٧) إن شئت جعلته على هذا أي : ـ

__________________

(١) التذييل (٤ / ١١).

(٢) الكتاب (٢ / ٣٨٣) ، (٣ / ٥ ، ٧ ، ٢١ ، ٢٤) ، (٤ / ٢٣١).

(٣) التذييل (٤ / ١١) بغير نسبة.

(٤) سورة يس : ٨.

(٥) شرح الجمل (١ / ٤٩٩).

(٦) سورة البقرة : ١٨٧.

(٧) سورة النساء : ٢.

٣٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم في الأكل ، وقد يكون (إِلى أَمْوالِكُمْ) حالا من (أَمْوالَهُمْ) على تقدير مضافة إلى أموالكم. قال : وكذا يقال في قولهم : الذود إلى الذود إبل ، يقال للذي يرى أنها بمعنى «مع» الذي يقدر عاملا في «مع» ويليق بها يقدر مثله عاملا في «إلى» أي : مضافة إلى الذود ، كما يقدر في «مع» : مجتمعة. قال : وكذا يقال في قول الشاعر :

٢٤٠٣ ـ شدخت غرّة السّوابق منهم

في وجوه إلى اللمام الجعاد (١)

التقدير : واصلة إلى اللمام ، قال : ولأجل هذا وغيره قال سيبويه بعد أن ذكر أنها لانتهاء الغاية : فهذا أمر «إلى» وأصلها وإن اتسعت (٢). قال : وكذا قولهم : إن فلانا ظريف عاقل إلى حسب ثاقب ، قيل : إن «إلى» فيه بمعنى «مع» أي : مع حسب. ونحن نقول : إن «إلى» معناها الأصلي [الإضافة] أي : مضيف ذلك إلى حسب (٣). انتهى.

وهذا الذي ذكره من التخريج أشار إليه الجماعة كابن أبي الربيع وابن عصفور وغيرهما ، ولا يبعد عن الصواب ، وهو أولى من جعل «إلى» بمعنى «مع» وعلى الوجه الثاني من الوجهين اللّذين ذكرهما في قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)(٤) تتخرج الأبيات التي أنشدها المصنف (٥) وهي : برى الحبّ جسمي ، ولقد لهوت إلى كواعب ، وإنّ امرأ قد عاش ، وفلم أر عذرا ، وأما قوله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ)(٦) فقال ابن عصفور : إن (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) ضمّن معنى ما يصل بـ «إلى» فالمعنى : من ينضاف في نصرتي إلى الله؟ وقال ابن أبي الربيع : قال بعض (٧) النحاة : إن «إلى» تكون بمعنى «مع» واستدلوا بقوله سبحانه وتعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) المعنى : من أنصاري مع الله ، وبقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ ،) وبقول امرئ القيس : ـ

__________________

(١) شدخت رأسه : كسرتها. اللمام : جمع لمة : الشعر يلم بالمنكب. الجعاد : خلاف المسترسل من الشّعر من الخفيف وهو في التذييل (٤ / ١١).

(٢) الكتاب (١ / ٤٢٠) ، (٤ / ٢٣١).

(٣) راجع التذييل (٤ / ١١ ، ١٢).

(٤) سورة النساء : ٢.

(٥) المصدر السابق.

(٦) سورة آل عمران : ٥٢.

(٧) يقصد الفراء راجع التذييل (٤ / ١١).

٣٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

٢٤٠٤ ـ له كفل كالدّعّص لبّده النّدى

إلى حارك [مثل الغبيط المذأّب] (١)

أي : مع حارك وهذا كثير فالكوفيين يذهبون إلى أن «إلى» في مثل ذلك بمعنى «مع». وأما البصريون فيذهبون إلى التضمين وهو الصحيح. فأما قوله سبحانه وتعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)(٢) فهو من إقامة المسبب مقام السبب ، والأصل : ولا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم ؛ فيكون ذلك سببا لأكلها ، فلما كان المراد ألا يخلط مال اليتيم بماله وأن (يفرده) (٣) محافظة على أن يتنمى ولا يتعدى فيه ، أتى بـ «إلى» لتدل على هذا المراد ، فيعطي على اختصاره ما يعطي لو قال سبحانه : ولا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم ؛ فيكون ذلك سببا لأكلها ، فهذه فائدة لا تكون مع «مع» ، وأكثر ما يكون هذا التضمين في الكلام الفصيح لإفادة معنى وإحرازه ، وإذا تدبرته في كل ما ذكرته وجدتّه. وأما قوله سبحانه : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ)(٤) ففي «إلى» هنا فائدة لا تعطيها «مع» ، وذلك أنك إذا قلت : من ينصرني مع فلان؟ لم يعط أن فلانا ينصرك [٣ / ١٨٦] ولا بد وحده ، فقد يقول : هذا فلان قد قال انصرك وإن وجدت لي معينا ، وإذا قلت : من يضيف نصرته إلى نصرة فلان؟ ففلان ناصرك ولا بد ، وأنت تطلب من يضيف نصرته إلى نصرته ، وهذا المراد في قوله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) أي : من يضيف نصرته إلى نصرة الله ، والله تعالى أعلم.

وأما قول امرئ القيس فالتقدير فيه : له كفل مضاف إلى حارك ؛ لأن بإضافة حارك إلى هذه الصفة إلى الكفل (حسن) (٥) الكفل ، فلو كان الكفل والحارك منخفض لكان الفرس قبيحا ، وهذا المعنى لا تحرزه «مع» ؛ لأنه لو قال : له كفل مع حارك ؛ لم يكن فيه إلا أن له عضوين حسنين ليس أحدهما شرطا في رتبة صاحبه. وإذا تأملت ما قلته وأجريته في النظائر ، وفي كل ما يأتي من هذا النوع ؛ وجدته إن شاء الله تعالى صحيحا (٦). انتهى كلامه. وهو كلام حسن صواب. ـ

__________________

(١) ما بين المعقوفين زيادة من الديوان (١٣٠) والدعص : قطعة من الرمل مستديرة وجمعه أدعاص ودعصة وهو أقل من الحقف ، والحارك : أعلى الكاهل وهو ما بين الكتفين ، وانظر البيت ـ كذلك ـ في التذييل (٤ / ١١).

(٢) سورة النساء : ٢.

(٣) في الأصل : تفرده.

(٤) سورة آل عمران : ٥٢.

(٥) غير واضحة بالأصل.

(٦) هذا النص كذلك في التذييل (٤ / ١١) ، ولم يعين أبو حيان قائله.

٣١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وثالثها : التبيين ، وهذا المعنى لم يتعرض المغاربة إلى ذكره. ولا شك أنه حق لا مطعن فيه وهو يحقق لك أن «من» الواقعة بعد «أفعل» التفضيل للتبيين.

ورابعها : موافقة اللام ، والظاهر إثبات هذا المعنى لها وسيأتي أن اللام تكون بمعنى «إلى» كما في قوله تعالى : (سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ)(١) والأمثلة التي تقدم ذكرها للمصنف ظاهر فيها ما ذكره غير قوله تعالى حكاية : (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ)(٢) ؛ فإن الشيخ قال : لا يتعين ما ذكره بل «إلى» باقية على معناها من الغاية ، أي : الأمر مضاف إليك ومنته إلى رأيك. قال : وقد قال ابن عصفور : إنها تكون غاية في الأسماء كما تكون في الأفعال نحو : إنما أنا إليك (٣). انتهى.

والذي ذكره الشيخ في الآية الشريفة ظاهر ، وسيعاد الكلام في شيء مما تقدم عند الكلام على اللام.

وخامسها : معنى «في». وقد عرفت ما استشهد به المصنف على ذلك. وقال ابن هشام : قال (٤) بعضهم «إلى» تكون بمعنى «في» تقول العرب : جلست إلى القوم ، أي : فيهم ، وقال تعالى : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى)(٥) ؛ لأن العرب تقول : هل لك في كذا ، وقال طرفة :

٢٤٠٥ ـ وإن يلتق الحيّ الجميع تلاقني

إلى ذروة البيت الرّفيع المصمّد (٦)

وقال النابغة :

٢٤٠٦ ـ فلا تتركنّي بالوعيد كأنّني إلى

النّاس مطليّ به القار أجرب (٧)

ثم إنه خرج ذلك جميعه إلا قوله تعالى : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى ؛) فقال في : جلست إلى القوم : إن تقديره : منضمّا إلى القوم ، وفي قول طرفة : إن تقديره : ـ

__________________

(١) سورة الأعراف : ٥٧.

(٢) سورة النمل : ٣٣.

(٣) التذييل (٤ / ١٢) ، وشرح الجمل (١ / ٣٥٤).

(٤) ينظر المغني (ص ٧٥) وما بعدها.

(٥) سورة النازعات : ١٨.

(٦) من الطويل ، وذروة الشيء : أعلاه ، وراجع : أمالي الشجري (٢ / ٢٦٨) برواية «الكريم» بدل «الرفيع» والخزانة (٤ / ١٣٩) وديوان طرفة (ص ٣٠) دار صادر.

(٧) البيت من بحر الطويل وهو للنابغة من اعتذارياته للنعمان. انظر القصيدة والبيت (ص ١٨) من الديوان. دار صادر.

٣١١

.................................................................................................

______________________________________________________

تلاقني آويا إلى ذروة ، كقوله تعالى حكاية : (سَآوِي إِلى جَبَلٍ)(١) ، وفي قول النابغة : إن تقديره : منضمّا إلى الناس ؛ فـ «منضمّا» حال من الضمير المنصوب والعامل فيها ما في «كأن» من التشبيه ، وقيل : ضمنه معنى «مبغض إلى الناس» ؛ لأنه إذا كان بالمنزلة التي ذكر فهو مبغّض إلى الناس. هذا كلامه ، ولم أفهم المضمن معنى مبغض ما هو.

وقد أفصح ابن عصفور فقال : إن «مطليّا» في البيت ضمن معنى «مبغّض» ؛ لأن الجمل الأجرب المطلي بالقطران تبغضه الناس ويطردونه خوفا من عدواه ، فلما ضمن معنى مبغض أجراه في التعدي بـ «إلي» مجراه (٢). وقال في قوله تعالى : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى)(٣). لما كان دعاء موسى عليه الصلاة والسّلام ـ لفرعون صار تقديره : أدعوك إلى أن تزكى. وأما البيت الذي أنشده المصنف وهو :

٢٤٠٧ ـ إذا جئت دعدا لا ...

فقيل فيه : إن التقدير كأنني بغيض إلى آل دعد ؛ لأن سلامان ونهدا عدوان لآل دعد.

وأما قوله تعالى : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ)(٤) فقد خرّج على نحو ما تقدم ؛ فقيل : التقدير : مضمومين إلى هذا اليوم. قال ابن هشام : أو يكون التقدير : إلى عرض هذا اليوم ، أو حساب هذا اليوم (٥).

وسادسها : معنى «من» وقد استدل المصنف على ذلك بما أنشده من قول الشاعر :

٢٤٠٨ ـ تقول وقد عاليت بالكور فوقها

أيسقى فلا يروي إليّ ابن أحمرا (٦)

وذكر أن التقدير : فلا يروى مني ، وقد خرجه ابن عصفور في شرح الإيضاح تخريجا عجيبا إذا تأمل الواقف عليه عرف ما فيه.

وأما ابن هشام فإنه بعد إنشاده البيت المذكور وذكره أنه لابن أحمر يصف ناقته قال : أراد : أيسقى ابن أحمر فلا يروى مني ، ضرب السقي والري مثلين لما ينال بها ـ

__________________

(١) سورة هود : ٤٣.

(٢) المغني (ص ٧٥).

(٣) سورة النازعات : ١٨.

(٤) سورة الأنعام : ١٢.

(٥) المغني (ص ٧٥) وما بعدها.

(٦) سبق تخريجه.

٣١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

من المأرب ؛ فضمن الري هنا معنى الإشفاق فكأنها تقول : فلا يأوي إليّ. يقال : أويت إليه أي : أشفقت ؛ لأن الأوي انضمام وانعطاف. قال : وهذا من الاتساع الذي ذكره سيبويه (١) رحمه‌الله تعالى (٢) انتهى.

وما ذكره أقرب وأولى مما ذكره ابن عصفور. وقد تبين مما ذكرناه : أن الثابت بالتحقيق لـ «إلى» من المعاني التي ذكرها المصنف ثلاثة وهي : انتهاء الغاية ، والتبيين ، وموافقة اللام.

واعلم أن غير المصنف ذكر أن «إلى» تجيء بمعنى «عند» قال ابن هشام : وذلك كثير ؛ لأن ما كان عندك فقد انضم إليك ، يقال : هو أشهى إليّ من كذا ، أي عندي. وقال الراعي (٣).

٢٤٠٩ ـ ثقال إذا زار النساء خريدة

صناع فقد سادت إليّ الغوانيا (٤)

أي : عندي. وقال :

٢٤١٠ ـ لعمرك إنّ المسّ من أمّ خالد

إليّ وإن لم آته لبغيض (٥)

يريد بالمس : النكاح ، وقال حميد بن ثور (٦) :

٢٤١١ ـ ذكرتك لمّا أتلعت من كناسها

وذكرك سبّات إليّ عجيب (٧)

أتلعت : رفعت رأسها ، يعني غزالة ، والسبات : الأوقات ، واحدها سبة. وفي الحديث : «إنّ أبغضكم [٣ / ١٨٧] إليّ المتفيهقون» (٨) أي : عندي ، وقال تعالى : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ)(٩) ، وقال تعالى : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ

__________________

(١) الكتاب (١ / ٢١١ ـ ٢١٦).

(٢) المغني (ص ٧٥) وما بعدها.

(٣) عبيد بن حصين من رجال العرب ، كان يصف راعي الإبل في شعره (ت : ٩ ه‍). الأعلام (٣ / ٣٤) ، وطبقات الشعراء (ص ٥٠٣).

(٤) البيت من الطويل وامرأة صناع : خلاف الخرقاء ، وانظره في التذييل (٤ / ١٣).

(٥) كالسابق بحرا ، واستشهادا ، ومصادر ، ويروى : «جابر» موضع «خالد».

(٦) شاعر مخضرم عده الجمحي في الطبقة الرابعة من الإسلاميين (ت ٣٠ ه‍). راجع الأعلام (٢ / ٣١٨) والجمحي (٤٩٥).

(٧) من الطويل وهو في ديوانه (ص ٥٦) ، وفي التذييل (٤ / ١٣).

(٨) هو عن جابر رضي‌الله‌عنه. وراجع : الترمذي (٧٠) ، وابن حنبل (٤ / ١٩٣ ، ١٩٤) وشرح العمدة (ص ٤٣٣).

(٩) سورة يس : ٨.

٣١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ)(١) أي : عند الله ، وهذا كله على تأويل الإضافة بالانضياف ؛ لأن من أبغضته قد انضاف إلى خاطرك واشتغل به ، وكذلك «الأغلال» قد انضافت إلى «الأذقان» واتصلت بها ، وكذلك ما انفرد حكمه بالله قد انضاف إليه على ما يليق به سبحانه فـ «إلى» غير خارجة عن بابها فإنها نهاية إن شاء الله تعالى متصلة. انتهى.

ولم يفصح عن تخريج الشواهد التي أوردها ، ولا شك أن معنى أشهى إليّ من كذا : أحب إليّ من كذا ، وقد عرفت أن «إلى» المتعلقة بحبّ أو بغض في التفضيل معناها التبيين ؛ فعلى هذا «إلى» في قولهم : أشهى إليّ من كذا ، كما قال أبو كبير الهذلي (٢) :

٢٤١٢ ـ ام لا سبيل إلى الشّباب وذكره

أشهى إليّ من الرّحيق السّلسل (٣)

على بابها.

لكن المغاربة لم يذكروا هذا المعنى ـ أعني التبيين ـ لهذا الحرف ، على أن ابن عصفور ذكر أن معنى أشهى إليّ : أحب إليّ ، لكنه لم يتعرض إلى معنى «إلى» في هذا التركيب (٤) ، والظاهر أنها عنده لانتهاء الغاية ، وكذا قول الآخر :

٢٤١٣ ـ إليّ وإن لم آته لبغيض

«إليّ» متعلقة فيه بقوله : لبغيض ، أي : لبغيض إليّ فهي للبيان على بابها ، وكذا يقال في الحديث الشريف أيضا ، وقالوا في :

٢٤١٤ ـ سادت إليّ الغوانيا

إن الكلام المذكور ضمن معنى : صارت أحبّ الغواني إليّ ؛ لأنها إذا سادت الغواني عنده ؛ فقد صارت أحبّهنّ إليه ، وأما قول الآخر :

٢٤١٥ ـ وذكرك سبّات إليّ عجيب

__________________

(١) سورة الشورى : ١٠.

(٢) عامر بن الحليس من شعراء الحماسة أدرك الإسلام وأسلم. راجع : الأعلام (٤ / ١٧) ، والشعر والشعراء (٢ / ٦٧٠).

(٣) من الكامل. وانظر ديوان الهذليين (٢ / ٨٩) ، والأشموني (٢ / ١٤) ، والمغني (ص ٧٥) ، الهمع (٢ / ٢٠).

(٤) أكثر هذه النصوص لابن عصفور في شرح الإيضاح المفقود له.

٣١٤

[اللام الجارة : معانيها ، وأحكامها]

قال ابن مالك : (ومنها اللام للملك ، وشبهه ، وللتّمليك ، وشبهه ، وللاستحقاق ، وللنّسب ، وللتّعليل ، وللتّبليغ ، وللتّعجّب ، وللتّبيين ، وللصّيرورة ، ولموافقة في ، وعند ، وإلى ، وبعد ، وعلى ، ومن ، وتزاد مع مفعول ذي الواحد قياسا في نحو : (لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ)(١) ، (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ)(٢) وسماعا في نحو : (رَدِفَ لَكُمْ)(٣) وفتح اللّام مع المضمر لغة غير خزاعة ومع الفعل لغة عكل وبلعنبر).

______________________________________________________

فالظاهر أن «إلى» في موضع الحال من «سبات» التقدير : كائنة إليّ أي : منتهاة إليّ.

واعلم أن : دعوى أن «إلى» بمعنى «عند» يفضي إلى إشكال وهو أنه يلزم منها اسمية «إلى» ؛ لأن الحرف إذا وافق الاسم في معناه وجب الحكم باسميته. لكن قد يجاب عن ذلك بأن هذا إنما يكون فيما لم تثبت حرفيته أما «إلى» فحرفيتها ثابتة في سائر استعمالاتها ، ولا يلزم من كونها في بعض استعمالاتها بمعنى اسم ثبوت الاسمية ، ثم إنك قد عرفت قول المصنف : إن «إلى» لا تزاد ، وأن الفرّاء أجاز ذلك مستدلّا بقراءة بعضهم : فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم (٤) وعرفت تخريج المصنف لها. لكن الشيخ قال : هذا تخريج لا يجوز ؛ لأنه ليس كل ما آخره ياء قبلها كسرة يجوز إبدالها ألفا وفتح ما قبلها عند طيئ فلا يقال في يرمي : يرمى ، ولا في يشتري : يشترى. قال : وقد نقدنا عليه ذلك في باب التصريف وبينا أن ذلك عند طيئ ليس على إطلاقه ، وإنما هو مخصوص بنحو : رضي ، وبنحو : الناصية فقط ، وتخرّج هذه القراءة على تضمين «تهوى» معنى : تميل ؛ لأن من هوى شيئا مال إليه ، فكأنه قيل : (تميل) (٥) إليهم بالمحبة (٦).

قال ناظر الجيش : قال المصنف (٧) لام الملك نحو : المال لزيد ، ولام شبه الملك ـ

__________________

(١) سورة يوسف : ٤٣.

(٢) سورة هود : ١٠٧.

(٣) سورة النمل : ٧٢.

(٤) سورة إبراهيم : ٣٧.

(٥) من الهامش ، وفي الأصل : عنده.

(٦) التذييل (٤ / ١٣ ، ١٤).

(٧) انظر شرح التسهيل لابن مالك (٣ / ١٤٤).

٣١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

نحو : أدوم لك ما تدوم لي ، وكقول الشاعر :

٢٤١٦ ـ ما لمولاك كنت كان لك المو

لى ومثل الّذي تدين تدان (١)

ومن هذا النوع المفهمة ما يجب مقابلة لـ «على» كقوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها)(٢).

وكقول الشاعر :

٢٤١٧ ـ فيوم علينا ويوم لنا

ويوم نساء ويوم نسرّ (٣)

والتمليك نحو : وهبت لزيد دينارا ، وشبه التمليك نحو : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً)(٤) ، ولام الاستحقاق نحو : الجلباب للجارية ، والجل للفرس ، ولام النسب نحو : لزيد عمّ هو لعمرو خال ، ولعبد الله ابن هو لجعفر حم ، ولام التعليل نحو : (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ)(٥) ، و(لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(٦) ، وكقول الشاعر :

٢٤١٨ ـ ولو سألت للنّاس يوما بوجهها

سحاب الثّريّا لاستهلّت مواطره (٧)

ومن لامات التعليل الجارة اسم من غاب حقيقة أو حكما عن قائل قول يتعلق به نحو : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ)(٨) ، ومثله : (وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا)(٩) ، ومثله : (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا)(١٠) ، ومثله : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا)(١١) ، ومثله : (وَلا أَقُولُ

__________________

(١) البيت من الخفيف وهو في التذييل (٤ / ١٣) ، هذا وعجزه من أمثال العرب. راجع الأمثال (٢ / ٩١).

(٢) سورة فصلت : ٤٦ ، وسورة الجاثية : ١٥.

(٣) من المتقارب للنمر بن تولب وراجع : الدرر (١ / ٧٦) ، (٢ / ٢٢) ، والكتاب (١ / ٤٤) ، والهمع (١ / ١٠١) ، (٢ / ٢٨) هذا وصدره مثل. راجع مجمع الأمثال (٢ / ٣٤٧).

(٤) سورة النحل : ٧٢.

(٥) سورة النساء : ١٠٥.

(٦) سورة النحل : ٤٤.

(٧) من الطويل للفرزدق. راجع : ديوانه (ص ٣٤٧) والارتشاف (ص ٣٧٠) والمحتسب (١ / ٤١ ، ١٠٨).

(٨) سورة الأحقاف : ١١.

(٩) سورة آل عمران : ١٥٦.

(١٠) سورة آل عمران : ١٦٨.

(١١) سورة الأعراف : ٣٨.

٣١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً)(١) ، ومنه قول الشاعر :

٢٤١٩ ـ وقولك للّشيء الّذي لا تناله

إذا ما هو احلولى ألا ليت ذا ليا (٢)

ومثله :

٢٤٢٠ ـ حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه

فالنّاس أعداء له وخصوم

٢٤٢١ ـ كضرائر الحسناء قلن لوجهها

حسدا وبغيا (٣) إنّه لدميم (٤)

ولام التبليغ هي الجارة اسم سامع قول أو ما في معناه نحو : قلت له ، وبينت له ، وفسرت له ، وأذنت له ، واستجبت له ، وشكرت له ، ونصحت له. إلا أن هذين قد يستغنيان [٣ / ١٨٨] عن اللام فيقال : شكرته ، ونصحته ، والمختار تعديتهما باللام ، وبذلك نزل القرآن العزيز كقوله تعالى : (وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ)(٥) ، وكقوله تعالى : (وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٦) ، ولام التعجب كقول الشاعر :

٢٤٢٢ ـ شباب وشيب وافتقار وثروة

فلله هذا الدّهر كيف تردّدا (٧)

ومثله :

٢٤٢٣ ـ فلله عينا من رأى من تفرّق

أشتّ وأنأى من فراق المحصّب (٨)

ولام التبيين هي الواقعة بعد أسماء الأفعال والمصادر التي تشبهها مبينة لصاحب معناها ، والمتعلقة بحب في تعجب أو تفضيل مبينة لمفعولية مصحوبها فالأول نحو : (هَيْتَ لَكَ)(٩) ، و(هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ)(١٠) ، والثاني نحو : ما أحبّ زيدا لعمرو ، [و] (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)(١١) ، ولام الصيرورة كقوله ـ

__________________

(١) سورة هود : ٣١.

(٢) من الطويل وراجع التذييل (٤ / ١٣).

(٣) ويروى : وبغضا.

(٤) البيتان من الكامل لأبي الأسود الدؤلي ، انظر : ملحقات ديوانه (ص ١٢٩) ، والأشموني (٢ / ٢١٨) ، والهمع (٢ / ٣٢).

(٥) سورة البقرة : ١٥٢.

(٦) سورة الأعراف : ٦٢.

(٧) من الطويل للأعشى. راجع ديوانه (١٠٢) ، والأشموني (٢ / ٢١٧) ، وأمالي الشجري (١ / ٢٦٨).

(٨) من الطويل لامرئ القيس وفراق المحصب موضع رمي الجمار بمنى ؛ لأنه يرمى فيه بالحصباء وهي الحجارة الصغار. وانظر ديوانه (ص ٤٣).

(٩) سورة يوسف : ٢٣.

(١٠) سورة المؤمنون : ٣٦.

(١١) سورة البقرة : ١٦٥.

٣١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً)(١) ، وكقول الشاعر :

٢٤٢٤ ـ فللموت تغدو الوالدات سخالها

كما لخراب الدّور تبنى المساكن (٢)

ومثله :

٢٤٢٥ ـ لا أرى حصنا ينجّي أهله

كلّ حيّ لفناء ونفد (٣)

والموافقة «في» كقوله تعالى : (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ)(٤) ، [و] (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ)(٥) ، ومنه قول مسكين الدارمي (٦) :

٢٤٢٦ ـ أولئك قومي قد مضوا لسبيلهم

كما قد مضى لقمان عاد وتبّع (٧)

ومنه قول الحكم بن صخر (٨) :

٢٤٢٧ ـ وكلّ أب وابن وإن عمّرا معا

مقيمين مفقود لوقت وفاقد (٩)

والموافقة «عند» كقراءة الجحدري (١٠) : بل كذبوا بالحق لما جاءهم (١١) ، قال أبو الفتح ابن جني : أي عند مجيئة إياهم كقولك : كتب لخمس خلون (١٢).

والموافقة «إلى» كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ

__________________

(١) سورة القصص : ٨.

(٢) من الطويل لسابق البربري. راجع : الخزانة (٤ / ١٦٣) ، والدرر (٢ / ٣١) ، العقد الفريد (٢ / ٦٩) والمغني (ص ٢١٤).

(٣) من الرمل وهو من شواهد أبي حيان في التذييل (٤ / ١٤).

(٤) سورة الأعراف : ١٨٧.

(٥) سورة الأنبياء : ٤٧.

(٦) هو ربيعة بن عامر الدارمي شاعر عراقي له أخبار مع معاوية وكان يتصل بزياد بن أبيه (ت ٨٩ ه‍) راجع : إرشاد الأريب (٤ / ٢٠٤).

(٧) من الطويل وراجع التذييل (٤ / ١٤).

(٨) شاعر من خضر محارب كان معاصرا لابن ميادة ، وعده الأصمعي من طبقته (ت ١٥٠ ه‍).

راجع الأعلام (٢ / ٢٥٦).

(٩) من الطويل ، وانظره في التذييل (٤ / ١٤).

(١٠) كامل بن طلحة الجحدري من رجال الحديث ثقة عند بعض المحدثين توفي ببغداد (٢٣١ ه‍).

راجع تهذيب التهذيب (٨ / ٤٠٨).

(١١) سورة ق : ٥ ، وانظر البحر المحيط (٥ / ١٢١).

(١٢) المحتسب (٢ / ١٣٥) ، والمغني (١ / ٢١٣).

٣١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

مَيِّتٍ)(١) ، وكقوله تعالى : (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى)(٢).

والموافقة «بعد» كقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(٣) أي : بعد زوالها ، وكقول الشاعر يرثي أخاه :

٢٤٢٨ ـ فلمّا تفرّقنا كأنّي ومالكا

لطول اجتماع لم نبت ليلة معا (٤)

أي : بعد طول اجتماع.

والموافقة «على» كقوله تعالى : (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً)(٥) و(دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً)(٦) ، و(فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ)(٧) ، ومثله قول الشاعر :

٢٤٢٩ ـ تناوله بالرّمح ثمّ ثنى له

فخرّ صريعا لليدين وللفم (٨)

والموفقة «من» كقول جرير :

٢٤٣٠ ـ لنا الفضل في الدّنيا وأنفك راغم

ونحن لكم يوم القيامة أفضل (٩)

أي : نحن منكم يوم القيامة أفضل ، ومثله قول الآخر أنشده ثعلب (١٠) :

٢٤٣١ ـ فإنّ قرين السّوء لست بواجد

له راحة ما عشت حتّى تفارقه (١١)

أي : لست بواجد منه راحة ، ومثله : ـ

__________________

(١) سورة الأعراف : ٥٧.

(٢) سورة الرعد : ٢.

(٣) سورة الإسراء : ٧٨.

(٤) من الطويل لمتمم بن نويرة وانظر : الأشموني ، (٢ / ٢١٨) ، التصريح (٢ / ٤٨) والهمع (٢ / ٣٢).

(٥) سورة الإسراء : ١٠٧.

(٦) سورة يونس : ١٢.

(٧) سورة الصافات : ١٠٣.

(٨) من الطويل قاله جابر بن حني أو العكبر بن حديد ـ انظر المغني (ص ٢١٢) والمفضليات (ص ٢١٢) هذا وصدره في المغني :

ضممت إليه بالسنان قميصه

وفي الأصل : «والفم» ، وبه ينكسر البيت.

(٩) من الطويل ـ راجع ديوانه (ص ٤٥٧) ، والتصريح (٢ / ١٢) والمغني (ص ٢١٣) والهمع (٢ / ٣٢).

(١٠) أحمد بن يحيى الشيباني إمام الكوفيين (ت ٢٩١ ه‍) ببغداد. راجع : الأعلام (١ / ٢٥٢) والبغية (١ / ٣٩٦).

(١١) من الطويل ، وانظره في التذييل (٤ / ٤).

٣١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

٢٤٣٢ ـ إذا الحلم لم يغلب لك الجهل لم يزل

عليك بروق جمّة ورواعد (١)

ومن لا مات الجر : الزائدة ، ولا تزاد إلا مع مفعول به بشرط أن يكون عامله متعديا إلى واحد ، فإن كانت زيادتها لتقوية عامل ضعف بالتأخير نحو : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ)(٢) ، أو بكونه فرعا في العمل نحو : (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ)(٣) جاز القياس على ما سمع منها ، وإن كانت بخلاف ذلك قصرت على السماع نحو : (رَدِفَ لَكُمْ)(٤) ، ومنه قول الشاعر :

٢٤٣٣ ـ ومن يك ذا عود صليب رجا به

ليكسر عود الدّهر فالدّهر كاسره (٥)

انتهى كلامه رحمه‌الله (٦).

والمعاني التي ذكرها سبعة عشر معنى.

وأقول : أما كون اللام بمعنى «في ، وعند ، وإلى ، وبعد ، وعلى ، ومن» ففيه كلام سيذكر.

وأما كونها للملك وشبهه ، وللتمليك وشبهه ، وللاستحقاق ، وللنسب ففيه بحث : أما الملك : فيقال فيه : إنه لم يستفد من اللام إنما استفيد من الكلام بجملته ، وكذا تقول في خمسة المعاني الباقية أيضا. وبيان ذلك أن اللام إنما تفيد اختصاص الثاني بالأول أي نسبته إليه وهذا الاختصاص يكون على وجوه فقد يكون على جهة الملك أو التمليك أو شبههما أو الاستحقاق أو النسب ، وكل من هذه المعاني يتبين بالقرائن المرشدة إليه. فإذا قيل : هذه الدار لزيد ؛ فيهم اختصاص «زيد» بالدار ، وليس ثمّ قرينة ترشد إلى معنى من المعاني الخمسة فتعين كون المعنى على الملك. وإذا قلت : أدوم لك ما تدوم لي ؛ كان المعنى أنك مخصوص بدوام مودتي لك ما دمت مخصوصا بدوام مودتك لي ، ولا يحتاج أن تقول : إن اللام فيه لشبه الملك ، وإذا قلت : وهبت لزيد دينارا فالمعنى خصصت زيدا بهبة الدينار ، والتمليك إنما فهم من ـ

__________________

(١) من الطويل وهو من شواهد أبي حيان في التذييل (٤ / ١٤).

(٢) سورة يوسف : ٤٣.

(٣) سورة هود : ١٠٧.

(٤) سورة النمل : ٧٢.

(٥) من الطويل لنصيب أو توبة بن الحمير. راجع : المؤتلف (ص ٦٨) ، والمغني (ص ٢١٥).

(٦) انظر : شرح التسهيل لابن مالك (٣ / ١٤٨).

٣٢٠