شرح الشّواهد الشعريّة في أمّات الكتب النحويّة - ج ١

محمّد محمّد حسن شرّاب

شرح الشّواهد الشعريّة في أمّات الكتب النحويّة - ج ١

المؤلف:

محمّد محمّد حسن شرّاب


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٣

«لا» النافيه للجنس. [الهمع / ١ / ١٤٦ ، والأشموني / ٢ / ٣ ، والعيني / ٢ / ٣٣٢].

(٢١٣) عسى سائل ذو حاجة إن منعته

من اليوم سؤلا أن ييسّر في غد

لم أعرف قائله وهو في «الجنى الداني» شاهد لمجيء (من) الجارة بمعنى «في» عند الكوفيين.

(٢١٤) ها إنّ ذي عذرة إلا تكن نفعت

فإنّ صاحبها مشارك النّكد

البيت للنابغة الذبياني. والعذرة : المعذرة. والشاهد استخدام «ها» حرف التنبيه في غير الأماكن المعهودة ، حيث دخلت على (إنّ) وقيل : إن أصلها «أن هذي» فقدم التنبيه وفصل بـ (إنّ). [الهمع / ٢ / ٧٠].

(٢١٥) أبى كرما لا آلفا «جير» أو «نعم»

بأحسن إيفاء وأنجز موعد

البيت في «الجنى الداني» منسوب لبعض الطائيين ، وهو شاهد على أن جير حرف جواب بمعنى «نعم» ، وذلك لعطف «نعم» عليها. [الهمع / ٢ / ٤٤].

(٢١٦) ما كان أسعد من أجابك آخذا

بهداك مجتنبا هوى وعنادا

الشاهد في البيت زيادة «كان» بين «ما» وفعل التعجب. والبيت لعبد الله بن رواحة. [الأشموني / ٣ / ٢٥ ، والعيني / ٣ / ٦٦٣].

(٢١٧) تجلّدت حتى قيل لم يعر قلبه

من الوجد شيء قلت : بل أعظم الوجد

البيت شاهد لحذف الفعل وبقاء فاعله ، لأنه جاء في جواب النفي وهو قوله : بل أعظم الوجد ، والتقدير : بل عراه أعظم الوجد. [العيني / ٢ / ٤٥٣ ، والأشموني / ٢ / ٥٠ ، والتصريح / ١ / ٢٧٣].

(٢١٨) وما ذا عسى الحجّاج يبلغ جهده

إذا نحن جاوزنا حفير زياد

الشاهد في البيت : عسى الحجاج يبلغ جهده ، جاء خبر عسى فعل مضارع مسند إلى اسم ظاهر مشتمل على ضمير يعود على اسم عسى .. والأصل في أخبار كاد وأخواتها أن تكون فعلا مضارعا مسندا إلى ضمير يعود إلى الاسم. [العيني / ٢ / ١٨٠ ، والتصريح / ١ / ٢٠٥ ، والهمع / ١ / ١٣١ ، والأشموني / ١ / ٢٦٤].

٣٤١

(٢١٩) يعجبه السّخون والعصيد

والتمر حبّا ماله مزيد

 .. السّخون : مرق يسخّن .. والشاهد في البيت «يعجبه حبّا» حيث نصب «حبّا» نائبا عن المفعول المطلق ، لأنه مرادف للفعل «يعجب» ويروى «حتى ماله مزيد». [شرح المفصل / ١ / ١١٢ ، والعيني / ٣ / ٤٥ ، والأشموني / ٢ / ١١٣].

(٢٢٠) خمولا وإهمالا؟ وغيرك مولع

بتثبيت أركان السيادة والمجد

الشاهد قوله : خمولا : مصدر ناب مناب الفعل المحذوف ، لوقوعه بعد استفهام مقدر ، للتوبيخ. [الهمع / ١ / ١٩٢].

(٢٢١) تسلّيت طرّا عنكم بعد بينكم

بذكراكم حتى كأنّكم عندي

الشاهد قوله : «تسليت طرّا عنكم» طرا : حال من الكاف في «عنكم» متقدمة على صاحبها. قالوا : وتقدم الحال على صاحبها المجرور بحرف جرّ أصلي ، مخصوص بالشعر. ولكن ابن مالك أجازه في النثر وجعل منه قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) [سبأ : ٢٨]. فكافّة حال من الناس مقدمة ، فهي بمعنى جميعا. وقال آخرون :«كافة» في الآية وصف من الكفّ بمعنى المنع ، لحقته التاء للمبالغة مثل : رجل راوية وداهية ، وجعلوه حالا من الكاف في «أرسلناك». [الأشموني / ٢ / ١٧٧ ، والعيني / ٣ / ١٦٠ ، والتصريح / ١ / ٣٧٩].

(٢٢٢) سقط النصيف ولم ترد إسقاطه

فتناولته واتّقتنا باليد

البيت للنابغة الذبياني في وصف المتجردة زوج النعمان بن المنذر. والنصيف : خمار تختمر به المرأة. والشاهد (ولم ترد إسقاطه) فجملة المضارع منفية بـ لم جاءت حالا مرتبطة بالواو. [العيني / ٣ / ٢٠١ ، والأشموني / ٢ / ١٩١].

(٢٢٣) وما قتل الأحرار كالعفو عنهم

ومن لك بالحرّ الذي يحفظ اليدا

البيت للمتنبي ، والتمثيل به على أنّ «الكاف» في قوله «كالعفو» اسم في محل رفع فاعل ، والعفو : مضاف إليه.

(٢٢٤) وقد علتني ذرأة بادي بدي

ورثية تنهض في تشدّدي

٣٤٢

الراجز أبو نخيلة .. والذرأة : بالضم : أول بياض الشيب ، والرثية : انحلال الركب والمفاصل. وتنهض : من قولهم : نهضنا إلى القوم في القتال ، والشاهد : «بادي بدي» وهي لغة في «بادي بدا» وهو مركب تركيب (خمسة عشر) وليست مضافة. والياء في «بادي : ساكنة» وقد ركب اللفظان فجعلا كاسم واحد. ويكون التركيب في محل نصب حالا. [سيبويه / ٢ / ٥٤].

(٢٢٥) أسقى الإله عدوات الوادي

وجوفه كلّ ملثّ غادي

كلّ أجشّ حالك السواد

رجز منسوب لرؤبة : ـ والعدوات : جمع عدوة ، بتثليث العين : وهي شاطىء الوادي. وجوفه : وسطه. والملثّ : السحاب يدوم أياما والغادي : الذي يكون في الغداة. والأجش : الشديد صوت الرعد.

والشاهد : رفع «كلّ» لأن «أسقى» تدل على سقاها ، وكأنه قال سقاها كلّ أجش. [سيبويه / ١ / ١٤٦ ، والأشموني / ٢ / ٥٠ ، والعيني / ٢ / ٤٧٥].

(٢٢٦) على مثلها أمضي إذا قال صاحبي

ألا ليتني أفديك منها وأفتدي

من معلقة طرفة بن العبد ، يصف ناقته. وعلى مثلها : يريد على مثل هذه الناقة ، وقوله : ليتني أفديك منها : «الضمير عائد إلى الفلاة» : أي الصحراء. وقد أتى بضمير الفلاة وإن لم يجر لها ذكر في الكلام قبل هذا وقول طرفة «ألا ليتني .. الخ» واقع موقع ، إنا هالكون ، لأن السير في هذه الصحراء شاق. [الإنصاف / ٩٦].

(٢٢٧) رعيتها أكرم عود عودا

الصّلّ والصّفصلّ واليعضيدا

والخازباز السّنم المجودا

بحيث يدعو عامر مسعودا

 ... رجز رواه ابن منظور ... والصل ، والصفصل ، واليعضيد ، والخازبار : أسماء نبات ، والسّنم : العالي المرتفع. يريد طول النبات الذي أرعاه إبله. والمجود : اسم مفعول من جادة الغيث ، إذا أصابه الجود : بفتح فسكون : وهو القوي الشديد من المطر ، وعامر ومسعود راعيان وكنى بقوله : يدعو عامر مسعودا : عن طول النبات طولا يواري كل راع منهما

٣٤٣

عن الآخر فلا يعرف أحدهما مكان صاحبه حتى يدعوه فيسمع صوته فيعرف مكانه.

والشاهد : الخازباز : فهو في إحدى لغاته مبني على الكسر ، وهو اسم مركب عرّف أوله ، ولم يعرفوا الجزء الثاني ، وهو ردّ على الكوفيين الذين يرون تعريف الجزء الثاني مع الأول ، من الأعداد المركبة. [الإنصاف / ٣١٤].

(٢٢٨) أودى ابن جلهم عبّاد بصرمته

إنّ ابن جلهم أمسى حيّة الوادي

للأسود بن يعفر .. وأودى بها : ذهب بها. والصّرمة : القطعة من الإبل ما بين الثلاثين والأربعين. وحيّة الوادي : كناية عن كونه يحمي ناحيته ، ويتقى منه كما يتقى من الحية الحامية لواديها. والشاهد : (ابن جلهم) على أن أصلها ابن جلهمة ، فرخّم المضاف إليه في غير النداء ، لضرورة الشعر. وأبقى الفتحة على لغة من ينتظر. أو جعله ممنوعا من الصرف سواء أكانت فيه التاء أو حذفها. [سيبويه / ١ / ٣٤٤ ، والإنصاف / ٣٥٢ ، واللسان «جلهم»].

(٢٢٩) فزججتها بمزجّة

زجّ القلوص أبي مزاده

زججتها : طعنتها بالزّج ، والزج : حديدة تركب في أسفل الرمح ، فأما الحديدة التي تركب في أعلى الرمح ، فهي السنان ، والمزجّة : الرمح القصير. والقلوص : الناقة الشابة. وأبو مزادة : كنية رجل.

والشاهد : زجّ القلوص أبي مزادة ، حيث فصل بين المضاف (زجّ) وبين المضاف إليه (أبي مزادة) بمفعول المصدر (القلوص) ويكون المصدر مضافا إلى فاعله (أبي مزادة) وفصل بينهما. ويجوز ان يضيف المصدر إلى مفعوله (القلوص) والإتيان بالفاعل مرفوعا بأن يقول : زجّ القلوص أبو مزادة. ويبدو أن إضافة المصدر إلى فاعله هي الأقوى في نفوسهم فارتكبوا من أجلها الضرورة. والبيت شاهد للكوفيين على صحة الفصل بين المتضايفين بغير الظرف والجار والمجرور. [الخصائص / ٢ / ٤٠٦ ، والإنصاف / ٤٢٧ ، وشرح المفصل / ٣ / ١٩ ، والأشموني ج ٢ / ٢٧٦ ، والخزانة / ٤ / ٤١٥].

(٢٣٠) في كلت رجليها سلامى واحده

كلتاهما مقرونة بزائدة

 .. السّلامى : بضم السين وتخفيف اللام ، واحدة السلاميات ، وهي العظام التي تكون

٣٤٤

بين كل مفصلين من مفاصل الأصابع في اليد أو الرجل. والشاهد «كلت رجليها» حيث يرى الكوفيون أن «كلت» هنا مفردة. وأن «كلا وكلتا» مثنيان لفظا ومعنى ، والألف فيهما زائدة للدلالة على التثنية ، والتاء في كلتا ، للتأنيث ، وأصل كل واحد منهما مثل اللواحق (كلّ) بتشديد اللام فحذفت لامها الثانية ، وكسرت الكاف منها فإذا أردت المفرد المؤنث قلت : «كلت» كقول الراجز في البيت الشاهد. وإذا أردت المثنى المذكّر زدت الألف وإذا أردت المثنى المؤنث زدت التاء والألف .. ويرى البصريون أنّ (كلا وكلتا) مفردان لفظا مثنيان معنى ، والألف منهما لام الكلمة. [الخزانة / ١ / ١٢٩ ، والإنصاف / ٤٣٩ ، والعيني / ١ / ١٥٩ ، والهمع / ١ / ٤١ ، والأشموني / ١ / ٧٧ ، واللسان «كلا»].

(٢٣١) إذا القعود كرّ فيها حفدا

يوما جديدا كلّه مطرّدا

رواه أهل اللغة ولم ينسبوه. والقعود : بفتح القاف ، البكر من الإبل حين يركب ، أي : يمكّن ظهره من الركوب ، وأدنى ذلك أن يأتي عليه سنتان. و «حفد» فعل ماض معناه : خفّ في العمل وأسرع. واليوم المطرّد : الطويل ، أو الكامل التام. والشاهد : يوما جديدا كله ، حيث أكّد «يوما» وهو نكرة محدودة بقوله «كله» فدل ذلك على جواز توكيد النكرة المحدودة بألفاظ التوكيد المعارف. ويرى البصريون أن توكيد النكرة يكون بلفظها فقط. فتقول : «جاء رجل رجل» ، والرأي الأول للكوفيين. [الإنصاف / ٤٥٢ ، وشرح المفصل / ٣ / ٤٥].

(٢٣٢) ولا تجعليني كامرىء ليس همّه

كهمّي ولا يغني غنائي ومشهدي

لطرفة بن العبد من معلقته ... وقوله : ليس همه كهمي : يريد : ليس عزمه مثل عزمي ، ولا طلبه للمعالي مثل طلبي. ولا يغنى غنائي : أي : لا ينفع في المواطن التي أنفع فيها ولا يسد كما أسد. والشاهد : غنائي : بفتح الغين ، وهو ممدود أصالة ، معناه النفع والكفاية. وقد استشهد البصريون بهذا البيت للرد على الكوفيين الذين يجيزون مدّ المقصور ، واستشهدوا بالبيت «فلا فقر يدوم ولا غناء» انظره في حرف الهمزة. وقال البصريون إن شاهد الكوفيين يحتمل أن يكون ممدودا في الأصل وأن يكون بفتح العين ، كهذا البيت ، وهو تعسف من البصريين ، فذاك معنى ، وهذا معنى ، وبينهما بون. [الإنصاف / ٧٥٠].

(٢٣٣) هنيئا لسعد ما اقتضى بعد وقعتي

بناقة سعد والعشية بارد

٣٤٥

الشاهد : والعشية بارد : حيث أخبر عن العشية وهي مؤنثة ، ببارد ، وأسقط تاء التأنيث. والذي سوّغ ذلك عند الشاعر أنّ العشية يطلق عليها «عشيّ» فلحظ المعنى .. وهذا أحد الآراء في سبب حذف علامة التأنيث من «طالق» وحائض. حملا على المعنى كأنهم قالوا : شيء حائض .. ويرى البصريون أن السبب في الحذف لأنهم قصدوا به النسب .. ويرى الكوفيون أنّ سبب الحذف ، اختصاص المؤنث به ، وهو أقوى الآراء. [الإنصاف / ٧٦٨].

(٢٣٤) فوقعت بين قتود عنس ضامر

لحّاظة طفل العشيّ سناد

لزهير بن أبي سلمى .. والقتود : عيدان الرحل. واحدهما قتد. والعنس : الناقة. والضامر : يقال للذكر والأنثى. والضمور : لحوق البطن بالظهر .. ولحّاظه : صيغة مبالغة من اللحظ ، ومعناه أن هذه الناقة تنظر وتتلفت حين اصفرت الشمس للمغيب ، وهو الوقت الذي تكلّ فيه الإبل. وطفل العشي : منصوب على الظرفية وهو الوقت قبيل الغروب ، والسناد : بكسر السين : الشديدة. والشاهد : عنس ضامر : وصف العنس ، وهو مؤنث ، بـ ضامر ، بدون تاء لأن هذا اللفظ يقال للمذكر والمؤنث بصيغة واحدة ، لإرادة النسب. [الإنصاف / ٧٧٨].

(٢٣٥) قد جرّبوه فألفوه المغيث إذا

ما الرّوع عمّ فلا يلوى على أحد

الشاهد : ألفوه : جاءت بمعنى «وجد» وتتعدى إلى مفعولين ، وتفيد في الخبر يقينا ، والهاء : مفعوله الأول. المغيث : مفعوله الثاني. ومنه قوله تعالى : (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ) [الصافات : ٦٩]. [العيني / ٢ / ٣٨٨ ، والهمع / ١ / ١٤٩].

(٢٣٦) أبا وهب جزاك الله خيرا

نحرناها وأطعمنا الثريدا

فعد إنّ الكريم له معاد

وظنّي بابن أروى أن يعودا

لابنة لبيد بن ربيعة ، تخاطب الوليد بن عقبة ، وقد أعان لبيدا بمائة ناقة ليوفي نذره إذا هبّت الصبا أن ينحر ويطعم .. وأروى : أم الوليد ، وهي أم عثمان بن عفان ، فهو أخو عثمان من أمّه. [الخزانة / ج ٢ / ٢٤٩].

(٢٣٧) إخالك ـ إن لم تغضض الطرف ـ ذا هوى

يسومك ما لا يستطاع من الوجد

٣٤٦

الشاهد : إخال : مضارع دال على الرجحان ، نصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر أولهما الكاف والثاني (ذا هوى). [العيني / ٢ / ٣٨٥ ، والتصريح / ١ / ٢٤٩ ، والهمع / ١ / ١٥٠ ، والأشموني / ٢ / ٢٠].

(٢٣٨) لوجهك في الإحسان بسط وبهجة

أنا لهماه قفو أكرم والد

 ... الشاهد : هماه : هما : ضمير غيبة للمثنى ـ والهاء : ضمير غيبة آخر ، وقد أبيح وصل الضميرين لاتحادهما في الغيبة واختلاف لفظ الضميرين ، والأصل وجوب الفصل إذا اتحدت رتبة الضميرين في التعريف كقول الأسير لمن أطلقه ، ملّكتني إيّاي ، وقول السيد لعبده : «ملّكتك أيّاك» وإذا أخبر قال : «ملّكته إيّاه». [العيني / ١ / ٣٤٢ ، والهمع / ١ / ٦٣ ، والأشموني / ١ / ١٢١ ، والتصريح / ١ / ١٠٩].

(٢٣٩) ربّيته حتى إذا تمعددا

وآض نهدا كالحصان أجردا

كان جزائي بالعصا أن أجلدا

 .. هذا رجز منسوب إلى العجاج. يقال : تمعدد الغلام : إذا شبّ وغلظ ، والنهد : العظيم الجسم من الخيل ، وإنما يوصف به الإنسان على وجه التشبيه. والأجرد : الذي لا شعر له.

وروى ابن هشام هذا الرجز شاهدا لـ «آض» بمعنى صار ، حيث عمل عمل (كان). وروى الجوهري الشعر «وصار نهدا». ومن معاني آض ، «رجع» وهو فعل تام. وهذا الفعل هو المستعمل مصدره في قولنا «وقال أيضا». ويعرب «أيضا» مفعولا مطلقا حذف عامله. أو حالا حذف عاملها وصاحبها. [شرح المفصل / ٩ / ١٥١ ، والعيني / ٤ / ٤١٠ ، والهمع / ١ / ١١٢ ، والأشموني / ٣ / ٢٨٤ ، والخزانة / ٨ / ٤٢٩].

(٢٤٠) فما حسن أن يمدح المرء نفسه

ولكنّ أخلاقا تذمّ وتحمد

 .. لا يعرف قائله. وقد ذكره صاحب همع الهوامع ، شاهدا على إلغاء عمل «ما» الحجازية ، لأن خبرها تقدم على اسمها. فقوله : حسن : خبر مقدم. والمصدر المؤول من (أن يمدح) مبتدأ مؤخر. ولكن قد يعرب «حسن» مبتدأ ، والمصدر المؤول فاعل سد مسدّ الخبر. [الهمع ج ١ / ١٢٤].

٣٤٧

(٢٤١) دعاني أخي والخيل بيني وبينه

فلما دعاني لم يجدني بقعدد

البيت لدريد بن الصمة القشيري ، والقعدد : اللئيم القاعد عن الحرب جبنا ، والشاهد : بقعدد : فالباء زائدة على المفعول الثاني لـ «وجد» والذي سوّغ زيادة الباء ، أنّ الفعل منفي ، وهو فعل ناسخ ، ينصب مفعولين ، ومن زيادة الباء على خبر الفعل الناسخ المنفي ، قول الشنفرى ، من لامية العرب :

وإن مدّت الأيدي إلى الزاد لم أكن

بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل

وإذ في بيت الشنفرى : حرف للتعليل ، أو ظرف منصوب بـ «أعجل». [اللسان ـ قعد ، والهمع / ١ / ١٢٧ ، والعيني / ٢ / ١٢١].

(٢٤٢) وكأنّ برقع والملائك حولها

سدر تواكله القوائم أجرد

 ... البيت لأميّة بن أبي الصلت. و «برقع» على وزن زبرج ، وقنفذ : السماء السابعة. وسدر : يريد البحر ، وتواكله : يقال : تواكله القوم إذا تركوه. وأجرد : بلا موج ، شبه السماء بالبحر عند سكونه وعدم تموجه.

ويروى البيت بقافية بائية (أجرب) ويروى بقافية عينية (تواكله قوائم أربع) والقوائم : أراد بها الرياح ، ويقال هي الملائكة. [اللسان ـ سدر].

(٢٤٣) وأبغض من وضعت إليّ فيه

لساني معشر عنهم أذود

البيت بلا نسبة في الهمع ١ / ٨٨ ، وفيه الفصل بين الصلة ومعمولها بأجنبي (إليّ) ومحله بعد لساني فيكون التركيب «وأبغض من وضعت فيه لساني إليّ ...

(٢٤٤) زعم البوارح أنّ رحلتنا غدا

وبذاك خبرنا الغداف الأسود

البيت للنابغة الذبياني من قصيدة مكسورة القافية ، وزعم الرواة أن النابغة الذبياني كان ينشد القصيدة ولا يفطن إلى (الإقواء) إلى أن غنته جارية في يثرب ، فمدت ما قبل البيت ، ثم مدّت قافية البيت فقالت : «الأسودو» ففطن ، وغيّر البيت إلى قوله : «وبذاك تنعاب الغراب الأسود» ، وهذه القصة لا تصحّ لأنها تصف النابغة بأنه فاسد الذوق منعدم الإحساس الموسيقي. مع أن الشادي في علم الأدب يدرك الإقواء بأذنه .. وقوله : «البوارح» جمع بارح ، ومعناه ذو البرح والشدّة. والبوارح عند العرب من الظباء

٣٤٨

والطير وغيرها التي تأتي من يمين الرجل إلى مياسره ، فتوليه مياسيرها وأهل نجد يتشاءمون بها ، والسوانح : التي تأتي من يساره إلى يمينه فتوليه ميامنها ، وأهل نجد يتيمنون بها ، وأما أهل الحجاز فيتشاءمون بالسوانح ويتيمّنون بالبوارح ، والغداف : الغراب الضخم.

وزعم : من الأفعال القلبية الناصبة لمفعولين ، قد تنصب المفعولين مباشرة وقد تدخل على أنّ مع معموليها ، فيكون المصدر المؤول سادا مسدّ المفعولين ، وهذا هو الأغلب في «زعم».

وزعم : قد تكون بمعنى اليقين ، وقد تكون بمعنى الاعتقاد من غير دليل ، كقوله تعالى : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) [التغابن : ٧] وقد تدل على الرّجحان ، وقد تستعمل للدلالة على الشكّ ، وهو الغالب في استعمالها وقد تستعمل في القول الكاذب.[النحو الوافي ج ٢ / ٧].

(٢٤٥) يضحي على سوق الجذول كأنّه

خصم أبرّ على الخصوم يلندد

البيت للطرمّاح يصف الحرباء. وقوله : أبرّ على الخصوم : غلبهم ، والإبرار الغلبة. واليلندد ، والإلندد ، كالألدّ ، أي الشديد الخصومة ، ورواية كتاب سيبويه «ألندد» على أن النون فيه زائدة مع الهمزة في أوله. [سيبويه / ٢ / ١١٣ ، ٣١٧ ، وشرح المفصل / ٦ / ١٢١ ، واللسان «لدد»].

(٢٤٦) نرضى عن الله إنّ الناس قد علموا

أن لا يدانينا من خلقه أحد

البيت لجرير من قصيدة رائية يهجو بها الأخطل بقافية «بشر» ونرضى عن الله وتروى «على الله» بمعنى نثني عليه. والبيت شاهد على جواز نصب «أن» المضارع بعد «علم» والمشهور أنّ «أن» لا تنصب المضارع بعد أفعال اليقين ، وتكون المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير شأن ، نحو : «علم أن سيكون» [المزمل : ٢٠] «أفلا يرون ألّا يرجع» [طه : ٨٩]. [الهمع / ٢ / ٢ ، والأشموني / ٣ / ٢٨٢].

(٢٤٧) ألا حبّذا هند وأرض بها هند

وهند أتى من دونها النأي والبعد

البيت للحطيئة ، وهو شاهد على صرف «هند» في موضعين ، لغير ضرورة ، لأن العلم المؤنث الثلاثي الساكن الوسط ، يجوز صرفه. [شرح المفصل / ١ / ٧٠].

٣٤٩

(٢٤٨) أأبيّ لا تبعد وليس بخالد

حيّ ومن تصب المنون بعيد

البيت لعبد الله بن عنمة الضبي ، وهو شاعر إسلامي مخضرم ، وقوله : أأبي : الهمزة للنداء وأبيّ : منادى. وقوله : لا تبعد ، أي : لا تهلك ، وأخبر أن ذلك ليس بكائن من أجل أنه لا يبقى على الدهر ذو حياة. والمنون : المنية ، وبعيد : خبر مبتدأ محذوف ، أي : فهو بعيد. والشاهد : الجزم بـ (من) ولم يأت للشرط بالجواب ، وهذا على إرادة الفاء كأنه قال : ومن تصب المنون فهو بعيد ، ومثله :

من يفعل الحسنات الله يشكرها

والشرّ بالشرّ عند الله مثلان

[شرح الحماسة للمرزوقي ج ٣ / ١٠٤١ والخزانة / ٩ / ٤٢].

(٢٤٩) نظّارة حين تعلو الشمس راكبها

طرحا بعيني لياح فيه تحديد

البيت للراعي النميري ، يصف ناقة ، وطرحا : أي : تطرح بصرها يمينا وشمالا. واللياح : بالفتح والكسر : الثور الأبيض. شبه عيني الناقة بعيني هذا الثور. والتحديد : حدة النظر. نعت الناقة بالنشاط وحده البصر في شدة الهاجرة. والشاهد : طرحا : فهو مصدر مؤكد لفعل لم يذكر ، كما أنه بدل من اللفظ بالفعل لوجود ما يدل عليه ، وهو «نظارة». [سيبويه / ١ / ٢٣٢ هارون].

(٢٥٠) ترفع لي خندف ـ والله يرفع لي ـ

نارا إذا خمدت نيرانهم تقد

البيت للفرزدق .. وخندف ، امرأة ينتهي إليها نسب تميم ، يقول : ترفع لي قبيلتي من الشرف ما هو في الشهرة كالنار الموقدة ، إذا قعدت بغيري قبيلته ، وقوله «والله يرفع لي» أي : إلى الرافع في الحقيقة هو الله.

والبيت شاهد لـ عمل «إذا» الجزم ، خمد : فعل الشرط. و «تقد» مجزوم جواب الشرط ، والكسر للقافية. ويروى البيت «إذا ما خبت نيرانهم» ، وعليه فلا ضرورة ، لأنهم أجازوا الجزم بـ «إذا ما» كما أجازوه بـ (إذ ما). [شرح المفصل ج ٧ / ٤٧].

(٢٥١) إذا ما الخبز تأدمه بلحم

فذاك أمانة الله الثريد

البيت مصنوع .. والشاهد «أمانة» يروى بالنصب على تقدير حذف الجرّ ، أو بتقدير أحلف أو أقسم ونحوهما من الأفعال التي تدلّ على القسم ، ويروى بالرفع ، على أنه مبتدأ

٣٥٠

خبره محذوف. [شرح المفصل ج ٩ / ٩٢ ، ١٠٢].

(٢٥٢) فلا حسبا فخرت به لتيم

ولا جدّا إذا ازدحم الجدود

البيت من قصيدة طويلة لجرير ، هجا بها الفرزدق وتيم الرّباب. ويجوز في «حسبا» النصب والرفع ، لوقوعه بعد حرف النفي. أما النصب ، فبفعل مقدّر متعد إليه بنفسه في معنى الفعل الظاهر ، والتقدير : فلا ذكرت حسبا فخرت به. ولا جدا : معطوف على قوله : حسبا ، وهو بمنزلة قولك : أزيدا مررت به ، وإنما لم يجز إضمار الفعل المتعدي بحرف الجرّ لأن ذلك يؤدي إلى إضمار حرف الجرّ ، ولا يجوز إضماره ، لأنه مع المجرور كشيء واحد ، وهو عامل ضعيف ، فلا يجوز فيه بالإضمار والإظهار كما يتصرف في الفعل.

وأما الرفع : فعلى الابتداء وجملة (فخرت) به ، صفته ، و «لتيم» هو الخبر. [الخزانة / ٣ / ٢٥ ، وسيبويه / ١ / ٧٣ ، وشرح المفصل / ١ / ١٠٩ ، وديوان جرير].

(٢٥٣) متى ما ير الناس الغنيّ وجاره

فقير يقولوا عاجز وجليد

وليس الغنى والفقر من حيلة الفتى

ولكن أحاظ قسّمت وجدود

إذا المرء أعيته المروءة ناشئا

فمطلبها كهلا عليه شديد

وكائن رأينا من غنيّ مذمّم

وصعلوك قوم مات وهو حميد

 ... البيت الشاهد للشاعر المعلوط السعدي القريعي ، وذكرت ما بعده لصحة معناها وشرفه. قال المرزوقي : أخرج هذا الكلام مخرج الإنكار لما تعوده الناس في الحكم على الأغنياء والفقراء فيقول : مما يقضي به الناس على الغني وإلى جنبه فقير أن يقولوا : هذا من عجزه أتي ، وهذا لجلادته أغني ، وهذا خطأ ، لأنّ الغنى والفقر مما قدّر الله.

وجملة (وجاره فقير) من المبتدأ والخبر حال من الغنيّ ، ويقولوا : جواب الشرط ، وقوله : عاجز ، وجليد : خبر مبتدأ محذوف ، أي : هذان عاجز وجليد ، والجملة : مقول القول. [شرح الحماسة للمرزوقي ج ٣ / ١١٤٨].

(٢٥٤) ألا يا ليل ويحك نبّئينا

فأما الجود منك فليس جود

البيت لعبد الرحمن بن حسان : يقول : خبرينا بما أنت عليه من مودّة أو غيرها ، وأمّا جودك لنا بالوصل فليس مما نطمع فيه ، لما عهدنا من بخلك.

٣٥١

والشاهد : حذف العائد من «جود» أي : فليس لنا جود منك ، وفيه شاهد على جواز حذف خبر ليس إذا كان اسمها نكرة عامة ، تشبيها لها بـ «لا». [سيبويه / ١ / ٣٨٦ ، هارون ، والهمع / ١ / ١١٦].

(٢٥٥) وربّ أسيلة الخدّين بكر

مهفهفة لها فرع وجيد

لهوت بها زمانا من شبابي

وزارتها النّجائب والقصيد

للمرقش الأكبر ، عمرو بن سعد ، من شعراء الجاهلية. والشاهد في البيت الأول : حذف النعت وإبقاء المنعوت ، أي : فرع فاحم ، وجيد طويل ، بدليل أن البيت للمدح وهو لا يحصل بإثبات الفرع والجيد مطلقين ، بل بإثباتهما موصوفين بصفتين محبوبتين. والفرع : الشعر. والفاحم : الأسود ، والجيد : العنق ، وكأنه قال : لها شعر أسود وعنق طويل. [شرح التصريح / ٢ / ١١٩ ، والأشموني / ٣ / ٧٢ ، والمفضليات / ٢٢٤].

(٢٥٦) فذرني أجوّل في البلاد لعلّني

أسرّ صديقا أو يساء حسود

البيت غير منسوب ، وأنشده الشيخ خالد شاهدا على أن جميع حروف العطف يحصل بها الربط ، قال : واحتجوا ببيت أنشده ثعلب. (البيت) ، قال : وخرّج على أن التقدير : أو يساء بي حسود. [التصريح / ١ / ٣٠٥].

(٢٥٧) مستحقبي حلق الماذيّ يحفزه

بالمشرفيّ وغاب فوقه حصد

البيت للزبرقان بن بدر (مخضرم) وصف جيشا وفرسانه. استحقبوا الحلق ، جعلوه في حقائبهم وهي مآخير الرحال ، والمراد لبسهم للدروع كأنه استحقاب ، والحلق : جمع حلقة ، والماذي : الدروع الصافية الحديد ، اللينة الملمس ، واحدته ماذية ، يحفزه : أراد : يحفز الماذي يرفعه ويشمره ، والضمير المستتر للجيش ولذلك وحّد الضمير ، والمشرفي : السيف ، وأراد : يحفزه بحمائل المشرفي ، يرفع بها الدروع ، والغاب : الرماح ، سميت بمنبتها وهو الغاب ، جمع غابة ، والحصد : الصلب الشديد المحكم ، والشاهد : حذف النون من «مستحقبي» للإضافة ، كما يحذف التنوين من المفرد. [سيبويه / ١ / ١٦٧ ، هارون].

(٢٥٨) أترضى بأنّا لم تجفّ دماؤنا

وهذا عروس باليمامة خالد

البيت غير منسوب والشاهد : عروس : يستعمل للمذكر والمؤنث.

٣٥٢

(٢٥٩) وإن قال مولاهم على جلّ حادث

من الدهر ردّوا فضل أحلامكم ردّوا

البيت للحطيئة ، يمدح آل قريع ، وهم حيّ من تميم. والمولى هنا : ابن العم ، وجلّ حادث ، أي : حادث جليل. أي : إذا احتاج المولى إليهم عادوا عليه بفضل حلومهم ولم يخذلوه ، والشاهد : كسر الكاف من أحلامكم تشبيها لها بهاء «أحلامهم» لأنها أختها في الإضمار ومناسبة لها في الهمس ، وهي لغة ضعيفة ، لأن أصل الهاء الضمّ والكسر عارض عليها ، بخلاف الكاف ، فحمل الكاف عليها بعيد ضعيف لأنها أبين منها وأشدّ. [سيبويه / ٤ / ١٩٧ ، هارون].

(٢٦٠) أقفر من أهله عبيد

فاليوم لا يبدي ولا يعيد

لعبيد بن الأبرص. وقوله : لا يبدي ولا يعيد. هذا مثل في الهلاك ، من غير نظر إلى مفرداته وهو في الأصل كناية ، لأن الهالك لم يبق له إبداء ولا إعادة. [الخزانة / ٢ / ٢١٨].

(٢٦١) فإن تكن الموسى جرت فوق بظرها

فما اختتنت إلا ومصّان قاعد

البيت لزياد الأعجم ، والمهجو خالد بن عتاب بن ورقاء ، ومصان : هو الحجام ، لأنه يمصّ الدم. ومصّان : شتم للرجل يعيّر برضع الغنم من أخلافها بفيه حتى لا يسمع صوت الحلب ، والموسى : مؤنث يعود الضمير عليها مؤنثا. [اللسان ـ مصص ، والشافية / ٢٩١].

(٢٦٢) جاءت كبير كما أخفّرها

والقوم صيد كأنهم رمدوا

البيت لصخر الغيّ. والبيت شاهد عند الكوفيين على أن «كما» تأتي بمعنى (كيما) وينصبون بها ما بعدها ، ولا يمنعون جواز الرفع ، وقال البصريون : إن البيت مروي برفع «أخفرها». [الإنصاف ٥٨٥. والخزانة / ١٠ / ٢٢٤].

(٢٦٣) فإنّك من حاربته لمحارب

شقيّ ومن سالمته لسعيد

البيت لأبي عزة عمرو بن عبد الله ، وهو في [الهمع ج ١ / ١٣٩] ، وفيه دخول اللام على الجزء الثاني من خبر (إنّ).

(٢٦٤) تستنّ أعداد قريان تسنّمها

غرّ الغمام ومرتجّاته السّود

٣٥٣

البيت لذي الرّمة ، والقريان : جمع قريّ على وزن فعيل مجرى الماء في الروض أو مجرى الماء في الحوض. [اللسان ـ قرا].

(٢٦٥) ألا أيّهذا المنزل الدارس الذي

كأنّك لم يعهد بك الحيّ عاهد

البيت لذي الرّمة. وهو شاهد على نداء «أيّ» ووصفها باسم الإشارة «ذا» ووصف ذا بما فيه (ال) كما في البيت. [شرح المفصل ج ٢ / ٧ ، وشرح أبيات سيبويه ص ٢١٦].

(٢٦٦) أبني لبينى لستم بيد

إلّا يدا ليست لها عضد

البيت لطرفة بن العبد ، وقيل : لأوس بن حجر. والشاهد نصب «يدا» الثانية لوقوعها بعد «إلا» بدلا من محل الجار والمجرور ، لتعذر حمله على لفظ المخفوض لأن ما بعد إلا موجب ، والباء مؤكدة للنفي. ويروى «مخبولة العضد». والخبل : الفساد ، والمعنى أنتم في الضعف وقلة الانتفاع كيد لا عضد لها. [شرح المفصل ج ٢ / ٩٠ ، وشرح أبيات سيبويه ص ٢٤٠ وسيبويه / ٢ / ٣١٧].

(٢٦٧) تالله يبقى على الأيام مبتقل

جون السّراة رباع سنّه غرد

البيت شاهد على حذف حرف النفي «لا» بعد القسم ، والتقدير «والله لا يبقى» ونسبه ابن منظور في اللسان لمالك بن خويلد الخزاعي الهذلي. [اللسان ، بقل ، شرح المفصل / ٧ / ١١١].

(٢٦٨) ولقد سئمت من الحياة وطولها

وسؤال هذا الناس كيف لبيد

 .. البيت للشاعر لبيد بن ربيعة. والشاهد نيابة اسم الإشارة الذي هو للمفرد عن اسم الإشارة الدال على الجمع ، فقوله «هذا الناس» أشار بالمفرد إلى الجمع. [شرح التصريح / ١ / ١٢٩].

(٢٦٩) من رامها حاشا النبيّ ورهطه

في الفخر غطمطه هناك المزبد

منسوب إلى عمر بن أبي ربيعة ، وليس فيه مذاق شعر عمر. والغطمطمة : اضطراب الأمواج ، وصوت السيل في الوادي ، وصوت غليان الماء. والبيت شاهد على جرّ «حاشا» ما بعدها ، ويجوز نصبه. [الهمع / ١ / ٢٣٢ ، واللسان «حشا»].

٣٥٤

(٢٧٠) إني لعند أذى المولى لذو حنق

وإنّ حلمي إذا أوذيت معتاد

لا يعرف قائله ، وأنشده السيوطي شاهدا لدخول اللام على معمول الخبر ، المتوسط بين اسم «إنّ» وخبرها. وهو قوله : «لعند أذى المولى» وبهذا تكون دخلت اللام على الخبر «لذو» وعلى معموله «لعند». [الهمع / ١ / ١٣٩].

(٢٧١) إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا

فحسبك والضّحاك سيف مهنّد

 .. منسوب لجرير ، وهو شاهد على نصب ، «والضحاك» على أنه مفعول معه ، لتضمن الكلام ، ما هو بمعنى الفعل وهو «حسبك» قال ابن يعيش : فنصب الضحاك ، لامتناع حمله على الضمير المخفوض ، وكأن معناه : يكفيك ويكفي الضحاك. [شرح المفصل / ج ٢ / ٥١].

(٢٧٢) إنّ الخليط أجدّوا البين فانجردوا

وأخلفوك عدا الأمر الذي وعدوا

للفضل بن العباس بن عتبة اللهبي ، نسبة إلى أبي لهب. والخليط : صاحب الرجل الذي يخالطه .. وانجردوا : اندفعوا ، والشاهد في قوله : «عدا» فقد جاء مرة مرسوما ، بعد الدال ألف. ومرة بدون ألف. فإن كان بالإلف فهو جمع (عدوة) أي ناحية ، وإن رسم بدون ألف ، فهو المصدر «عدة» حذفت التاء التي للتأنيث ، للإضافة تخفيفا. [الأشموني / ج ٢ / ٢٣٧ وج ٤ / ٣٤١ وشرح التصريح / ٢ / ٢٩٦].

(٢٧٣) أماتوا من دمي وتوعّدوني

وكنت ولا ينهنهني الوعيد

منسوب لمالك بن رقية ، بالياء أو بالباء. ويروى الشطر الأول هكذا : «تفانى مصعب وبنو أبيه» ، والشاهد مجيء المضارع المنفي حالا ، وكنت في البيت تامّة. [الأشموني / ٢ / ١٨٩ ، وعليه حاشية العيني].

(٢٧٤) لحبّ المؤقدان إلي مؤسى

وجعدة إذ أضاءهما الوقود

لجرير من قصيدة مدح بها هشام بن عبد الملك. وقوله : لحبّ : اللام في جواب قسم مقدّر ، وحبّ : فعل للمدح ، والمؤقدان بالهمزة ، فاعل ، ومؤسى وجعدة مخصوصان بالمدح ، وهما ولداه ، والوقود : الحطب المشتعل ، والبيت شاهد لهمز الواو الساكنة المسبوقة بضمة. وليست هذه لغة جرير ، ولكنّهم نقلوها عن أبي حية النميري ، وأنه كان

٣٥٥

يقرأ هذا البيت بهمز (الموقدان وموسى) ، واستشهدوا بهذه الرواية لصحة قراءة ابن كثير «بالسؤق والأعناق». الآية (٣٣) من سورة ص. والأصح أن نستشهد بالقراءة على صحة بيت الشعر ، لأن القراءة أوثق. [شرح أبيات المغني / ٨ / ٧٧ ، والهمع والخصائص / ٢ / ١٧٥].

(٢٧٥) متى تؤخذوا قسرا بظنّة عامر

ولا ينج إلا في الصّفاد يزيد

لا يعرف قائله. والظّنة : بكسر الظاء ، التهمة ، والصفاد : القيد. والبيت شاهد لحذف فعل الشرط بعد (متى) ، والتقدير : متى تثقفوا تؤخذوا. [الأشموني ج ٤ / ٢٦ ، والهمع / ٢ / ٦٣].

(٢٧٦) يبدو وتضمره البلاد كأنّه

سيف على شرف يسلّ ويغمد

البيت للطرماح في وصف الثور. [الشعر والشعراء / ص ١٠٤].

(٢٧٧) فلو أنّ ما أبقيت مني معلّق

بعود ثمام ما تأوّد عودها

البيت منسوب لأبي العوام بن كعب بن زهير ، ولكثير عزّة ، وللحسين بن مطير ، والبيت مثل للمبالغة والإفراط في وصف النحافة بسبب الحبّ والحرمان ، ومثله قول المجنون :

ألا إنما غادرت يا أمّ مالك

صدى أينما تذهب به الريح يذهب

وقوله عمر بن أبي ربيعة :

قليلا على ظهر المطيّة ظلّه

سوى ما نفى عنه الرّداء المحبّر

وقال آخر : (بشار) :

إنّ في برديّ جسما ناحلا

لو توكّأت عليه لانهدم

وقال المتنبي :

روح تردّد في مثل الخلال إذا

أطارت الريح عنه الثوب لم يبن

وقال :

كفى بجسمي نحولا أنني رجل

لو لا مخاطبتي إياك لم ترني

٣٥٦

.. والثمام في البيت الشاهد ، نبت ضعيف ، له خوص ، ربما حشى به ، وتأوّد : أي : ما تعوج .. فصاحبنا صار من فراق الحبيبة وهجرانها ، كأنه هباءة ، إذ علقت على عود الثمام ، ما تعوج ، لأنه لا ثقل له. والشاهد في البيت وقوع خبر (أنّ) بعد «لو» اسما. وقد زعم الزمخشري أن «أنّ» إذا جاءت بعد «لو» يجب أن يكون خبرها فعلا .. وهذا باطل ، دفعه قبل البيت ، قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) [لقمان : ٢٧]. [الأشموني ج ٤ / ٤٢].

(٢٧٨) وما هاج هذا الشوق إلا حمامة

تغنّت على خضراء سمر قيودها

البيت لعليّ بن عميرة الجرمي ، وروي لفظ «سمر» بالرفع ، نعت لـ «حمامة» المرفوع ، وروي بالجرّ ، على اعتبار «إلا» بمعنى «غير» وما بعدها مجرور. [الهمع / ١ / ٢٣١].

(٢٧٩) تناولها كلب بن كلب فأصبحت

بكفّ لئيم الوالدين يقودها

البيت منسوب للكميت ، وإلى كثير : ـ والشاهد : «كلب» الأولى ، حيث جاء مضموما بدون تنوين ، لأنه موصوف بـ (ابن) وقاسوا عليه المنادى العلم الموصوف (بابن) المضاف إلى علم ، في جواز الضمّ بدون تنوين. [الهمع / ١ / ١٧٩].

(٢٨٠) لقد علم الأقوام ما كان داءها

بثهلان إلا الخزيّ ممّن يقودها

 .. البيت غير منسوب في كتاب سيبويه ، وشرح المفصّل ، باب الأفعال الناقصة. قال ابن يعيش ، ولك في «الخزي» الرفع والنصب ، الرفع على أنه اسم كان مؤخر و «داءها» خبرها مقدم. والنصب على أنه هو الخبر. ذلك أن الاسم والخبر معرفتان ، وهو مثل قوله تعالى : (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا) [الأعراف : ٨٢] وقوله تعالى : (ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا) [الجاثية : ٢٥] ففي قوله تعالى «جواب» قرأ بعضهم برفع «جواب» وقرأ بعضهم برفع «حجتهم» ، والشاعر في البيت يتحدث عن كتيبة ، ويقول : لم يكن داء هذه الكتبية وسبب انهزامها في جبل ثهلان إلا جبن قائدها ، جعل الفعل للخزي ، والمراد صاحبه. [سيبويه / ١ / ٥٠ ، هارون ، وشرح المفصل / ٧ / ٩٦].

(٢٨١) ما دام حافظ سرّي من وثقت به

فهو الذي لست عنه راغبا أبدا

البيت غير منسوب وفيه تقديم خبر «ما دام» ، وهو «حافظ» على اسمها «من». [شرح التصريح / ١ / ١٨٨].

٣٥٧

(٢٨٢) أعنّي بخوّار العنان تخاله

إذا راح يردي بالمدجّج أحردا

وأبيض مصقول السّطام مهنّدا

وذا شطب من نسج داود مسردا

 .. البيتان لكعب بن جعيل التغلبي ، وهما في كتاب سيبويه ج ١ / ٧٦ ، قال النحاس : في ذيل البيتين : وإنما الحجة في النصب ، ولو جاء به على الأصل لقال : وأبيض مصقول السطام مهنّد ، والسطام : حديدة الرمح ، وخوار العنان ، يعني فرسا لين العطف.

(٢٨٣) وأين ركيب واضعون رحالهم

إلى أهل نار من أناس بأسودا

لعبد قيس بن خفاف. وأنشده ابن يعيش شاهدا على أن «ركيب» تصغير «ركب» وأن «ركب» اسم مفرد واقع على الجمع ، ولو كان جمعا لراكب ، لقيل في التصغير : «رويكبون» لجمع المذكر ، ورويكبات ، لجمع المؤنث ، لأن تصغير جمع الكثرة يكون لمفرده ، ثم يجمع. [شرح المفصل / ٥ / ٧٧ ، ونوادر أبي زيد / ١١٤].

(٢٨٤) سرينا إليهم في جموع كأنّها

جبال شرورى لو تعان فتنهدا

غير منسوب ، وقوله : فتنهدا : من نهد إلى العدو ، أي : نهض ، والشاهد : نصب فتنهدا : بأن مضمرة بعد الفاء ، في جواب التمني المفهوم من «لو». [الأشموني / ٤ / ٣٣ ، والعيني / ٤ / ٤١٣ ، ٤٦٥].

(٢٨٥) أتيت حريثا زائرا عن جناية

وكان حريث في عطائي جاهدا

للأعشى ، وحريث : يريد الحارث بن وعلة. وأنشده السيوطي ، على أن التصغير لا يبطل العلمية ، ولو كان منكرا لأدخل عليه ال. [الهمع / ١ / ٧٤].

(٢٨٦) إذا تأوّب نوح قامتا معه

ضربا أليما بسبت يلعج الجلدا

لعبد مناف بن ربع الجربيّ. يذكر حال أختين له ، والسّبت : بكسر السين : الجلد المدبوغ ، كان النساء يلطمن خدودهن به ، ويلعج : يحرق ، يقال : وجد لاعج الحزن ، أي : حرقته. والجلد : بكسر اللام ، لغة في سكونها ، أراد : جلد وجهها. وقوله : ضربا ، أي : وضربتا ضربا. وأنشده السيوطي في الهمع شاهدا على أن تحريك لام (الجلد) ضرورة شعرية. فكيف تكون ضرورة ، وهي لغة فيه. [الهمع / ٢ / ١٥٧ ، والخزانة / ٧ / ٤٦].

٣٥٨

(٢٨٧) رجالي حتى الأقدمون تمالؤوا

على كل أمر يورث المجد والحمدا

 .. غير منسوب ، وتمالؤوا : أي : اجتمعوا ، وفيه شاهد على أن «حتى» لمطلق الجمع ولا تفيد الترتيب في العطف ، وفي البيت عطف «الأقدمون» وهم سابقون. [الأشموني / ٣ / ٩٨ ، والهمع / ٢ / ١٣٦].

(٢٨٨) ما إن جزعت ولا هلع

ت ولا يردّ بكاي زندا

البيت للشاعر عمرو بن معد يكرب ، من قصيدته التي مطلعها :

ليس الجمال بمئزر

فاعلم وإن ردّيت بردا

وقبل البيت الشاهد :

كم من أخ لي صالح

بوّأته بيديّ لحدا

وقوله : ولا هلعت ، الهلع : أفحش الجزع ، لأنه جزع مع قلّة الصبر. وقوله : ولا يرد .. زندا : أراد ولا يرد بكاي شرره ، فذكر الزند وأراد ما يخرج منه عند القدح. وقيل : ذكر الزند تقليلا لعائدة الحزن ، والشاهد : ما إن جزعت .. جاءت (إن) زائدة. [شرح الحماسة للمرزوقي ج ١ / ١٨٠].

(٢٨٩) رمى الحدثان نسوة آل حرب

بمقدار سمدن له سمودا

البيت منسوب لعبد الله بن الزبير ـ بفتح الزاي ـ من أبيات تختلط بغيرها ، والحدثان : بالتحريك ، الحادثة ونائبة الدهر ، والمقدار : ما قدّره الله ، وفيه قلب ، أي : رمى تقدير الله نسوة آل حرب بحدثان ، والسّمود : تغيّر الوجه من الحزن. [الخزانة / ٢ / ٢٦٤]. والبيت التالي :

فردّ شعورهنّ السّود بيضا

وردّ وجوههنّ البيض سودا

(٢٩٠) لقد نلت (عبد الله) وابنك غاية

من المجد من يظفر بها نال سؤددا

البيت بلا نسبة في همع الهوامع ٢ / ١٣٨ ، وفيه العطف على ضمير الرفع المتّصل مع الفصل بالنداء ، وهو «عبد الله».

(٢٩١) أتوعدني بقومك يا ابن حجل

أشابات يخالون العبادا

٣٥٩

بما جمّعت من حضن وعمرو

وما حضن وعمرو والجيادا

البيتان للشاعر شقيق بن جزء بن رياح الباهلي. والأشابات : الأخلاط من الناس ها هنا : جمع أشابة بالضم. ونصبها على الذمّ. والعباد : هنا : جمع عبد ، وهي بمعنى العبيد ، وحضن وعمرو ، قبيلتان. والجياد : جمع الجواد من الخيل. أي : ليسا من الجياد وركوبها في شيء ، ليسوا فرسانا معروفين ، والشاهد : في البيت الثاني ، نصب «الجيادا» حملا على معنى الفعل ، أي : وملابستهما الجياد. [سيبويه / ١ / ٣٠٤ هارون].

(٢٩٢) تمنّى لقائي الجون مغرور نفسه

فلما رآني ارتاع ثمّة عرّدا

غير منسوب ، والشاهد «مغرور نفسه» حيث أجري اسم المفعول كالصفة المشبهة في رفع السببي أو جره أو نصبه. [الهمع / ٢ / ١٠١ ، والتصريح / ٢ / ٧٢].

(٢٩٣) لو كنتم منجدي حين استعنتكم

لم تعدموا ساعدا منّي ولا عضدا

غير منسوب. وفيه حذف نون جمع المذكر السالم من «منجدي» ضرورة ، لغير سبب مقبول في قواعد النحو. [الهمع / ١ / ٥٠].

(٢٩٤) ما كان أسعد من أجابك آخذا

بهداك مجتنبا هوى وعنادا

لعبد الله بن رواحة يخاطب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والشاهد : زيادة كان بين «ما» وفعل التعجب ، وآخذا : حال ، وكذا مجتنبا ، وهوى : مفعول مجتنبا وعنادا ، معطوف. [الأشموني / ٣ / ٢٥ ، والعيني / ٣ / ٦٦٣].

(٢٩٥) أجرى قلائدها وخدّد لحمها

أن لا تذوق مع الشكائم عودا

 .. البيت لجرير يصف خيلا هزلت. وخدد لحمها : أي : أهزله. وتخديد اللحم : إذا ضمرت الدواب. والشكائم : جمع شكيمة ، وهي من اللجام الحديدة المعترضة في فم الفرس. يقول : إن الذي أهزلها أنها دائما ملجمة. وأن : مخففة ، اسمها ضمير شأن. وجملة تذوق خبرها. وفي اللسان ، أن لا يذقن ... [اللسان ـ خدد والديوان ج ١ / ٣٣٩].

(٢٩٦) آليت لا أعطيه من أبنائنا

رهنا فيفسدهم كمن قد أفسدا

حتّى يفيدك من بنيه رهينة

نعش ، ويرهنك السّماك الفرقدا

٣٦٠