شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٢

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]


المحقق: علي محمّد فاخر [ وآخرون ]
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ذلك لغة من أنّث ؛ فحاصله أنه يلحق أيّا الموصولة علامات الفرعية وهي علامات التأنيث وعلامة التثنية والجمع.

وقد صرح ابن عصفور بذلك في المقرب (١) وعلى الجملة هي لغة ضعيفة وكأنها لضعفها ذكر المصنف ما وجد له شاهدا وترك ما لم يجد شاهده (٢).

ـ وأما الألف واللام : فإن المصنف أطال فيها الكلام فأنا أورد كلامه ثم أتبعه بما ذكره غيره.

قال المصنف (٣) : «ومن المستعمل بمعنى الذي وفروعه : الألف واللام نحو رأيت الحسن وجهه والحسن وجهها والكريم أبوهما والكريم أبوهم والكريم أبوهن.

وزعم المازني أنها للتعريف (٤) وأن الضمائر عائدة على موصوفات محذوفة وهذا ضعيف لوجهين :

أحدهما : أن ذلك لو جاز مع الألف واللام المعرفة لجاز مع التنكير إذ لا فرق بين تقدير الموصوف منكرا وتقديره معرفا ، بل كان ذلك مع التنكير أولى ؛ لأن حذف المنكر أكثر من حذف المعرف.

الثاني : أن الألف واللام لو كانت المعرفة لكان لحاقها اسم الفاعل قادحا في صحة عمله مع كونه بمعنى الحال والاستقبال.

والأمر بخلاف ذلك : فإن لحاق الألف واللام به يوجب صحة عمله وإن كان ماضي المعنى فعلم من ذلك أن الألف واللام غير المعرفة وأنها موصولة بالصفة ؛ لأن الصفة بذلك يجب تأولها بفعل ليكون في حكم الجملة المصرح بجزأيها ولأجل هذا ـ

__________________

(١) انظر (ص ٥٩) من الكتاب المذكور (الجزء الأول) (مطبعة العاني ببغداد).

قال وهو يشرح الأسماء الموصولة : «وكذلك أي ؛ إلا أن بعضهم إذا أراد التأنيث قال : أية ، وإذا أراد التثنية قال : أيّان في المذكرين والمؤنثين ، وإذا أراد الجمع قال : أيّون في المذكرين وأيّات فيما عدا ذلك».

(٢) الأمر كما ذكره ابن مالك وناظر الجيش : بحثت عن شاهد لأي مثنى أو جمعا في معجم لسان العرب وهو الجامع لكثير من الشواهد فلم أجد (لسان العرب : ١ / ١٨٢ مادة أيا).

(٣) شرح التسهيل (١ / ٢٠٠).

(٤) في شرح التسهيل : أن الألف واللام للتعريف.

١٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

التأويل وجب العمل مطلقا وحسن أن يعطف على اسم الفاعل الموصول به فعل صريح كقوله تعالى :

(فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً)(١). (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً)(٢). ثم قال بعد ذلك كلام (٣) :

قال الشلوبين الدليل على أن الألف واللام حرف : قولك : جاء القائم ؛ فلو كانت اسما لكانت فاعلا واستحق قائم البناء ، لأنه على هذا التقدير مهمل ؛ لأنه صلة والصلة لا يتسلط عليها عامل الموصول.

والجواب أن يقال : قد قام الدليل على أنها غير المعرفة بدخولها على الفعل كما سيأتي : وتصحيحها عمل اسم الفاعل ذي المضي فلم يبق إلا كونها اسما موصولا ؛ [١ / ٢٢٨] إذ لا ثالث.

والجواب عن شبهة الشلوبين : أن يقال : مقتضى الدليل أن يظهر عمل عامل الموصول في آخر الصلة ؛ لأن نسبتها منه نسبة عجز المركب منه لكن منع من ذلك كون الصلة جملة والجمل لا تتأثر بالعوامل. فلما كانت صلة الألف واللام في اللفظ غير جملة جيء بها على مقتضى الدليل» انتهى (٤).

وهذا الذي استدل به الشلوبين على أن أل حرف هو الذي استدل به المازني على الحرفية ، وقد عرفت جوابه. ثم اعلم أن الذي ذكره المصنف في هذه المسألة ، أعني كون أل حرف تعريف ـ نقله المغاربة عن الأخفش (٥). قالوا : فأل في نحو الضارب عنده كأل في نحو الغلام ، قالوا : وأورد عليه أنه يلزم من قوله جواز تقديم المنصوب باسم الفاعل على أل نحو هذا زيدا الضّارب. فأجاب بأن اسم الفاعل بطل عمله بدخول أل عليه كما يبطل إذا صغر أو وصف ؛ لأنها من خواص الاسم كما أنهما من خواصه ، وأن المنتصب بعده إنما هو منصوب على التشبيه بالمفعول ، والمنصوب على التشبيه بالمفعول به لا يجوز تقديمه على الوصف.

__________________

(١) سورةالعاديات ٣ ، ٤.

(٢) سورةالحديد : ١٨.

(٣) شرح التسهيل (١ / ٢٠٣).

(٤) شرح التسهيل (١ / ٢٠٣).

(٥) همع الهوامع (١ / ٨٤).

١٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ورد ذلك : بأن المنصوب على التشبيه لا بد أن يكون سببا ولا يكون إلا نكرة أو معرفا بأل أو مضافا إلى شيء خاص معلوم في بابه وزيد في هذا الضارب زيدا ليس سببيّا ولا شيئا من الثلاثة التي ذكرت.

ونقل عن المازني أنه يقول بأنها حرف موصول :

قال الشيخ (١) : «والّذي حكاه المصنّف عن المازنيّ هو الّذي حكي أنّه مذهب الأخفش. والمحكيّ عن المازنيّ أن أل موصول حرفيّ قال : والجمع بين الحكايتين أنّ أل معرّفة في مذهب الأخفش ومذهب المازنيّ. إلا أنّ مذهب المازني هي عنده موصول حرفي ، وعند الأخفش هي معرّفة وليست موصولة ، فقد اشترك المذهبان في التّعريف واختصّ مذهب المازني بالوصل» انتهى (٢).

ولم يظهر لي فائدة من هذه التفرقة ، أعني فائدة معنوية ؛ غايته أنه ذكر تفرقة في العبارة والتفرقة في العبارة معلومة من حكاية المذهبين أولا.

وقد أبطل قول من يقول إنه حرف موصول : بأنه لم يوجد في كلامهم حرف موصول إلا وهو مع ما بعده بمنزلة المصدر فدل على أنه اسم.

وإذا تقرر هذا وثبت أن أل اسم موصول فاعلم (٣) أنها توصل بصفة محضة كما ذكر في الكتاب.

قال المصنف (٤) : «وعنيت بالصّفة المحضة أسماء الفاعلين وأسماء المفعولين والصّفات المشبّهة بأسماء الفاعلين».

قال الشيخ (٥) «واحترز بالمحضة مما يوصف به وليس بصفة كالأسد فإنّ أل فيه معرّفة وليست موصولة بأسد وإن كان يوصف به».

ومثّله غير الشيخ بما غلبت عليه الاسمية من الصفات كأبطح وأجرع (٦) ووالد وصاحب ولا بعد أن يكون التمثيل بذلك أقرب إلى المراد مما مثل به الشيخ. ـ

__________________

(١) التذييل والتكميل (٣ / ٦٤).

(٢) التذييل والتكميل (٣ / ٦٤).

(٣) في نسخة (ب) : فالحكم أنهه توصل ... إلخ.

(٤) شرح التسهيل (٣ / ٦٥).

(٥) التذييل والتكميل (٣ / ٦٥).

(٦) الأبطح والبطحاء : مسيل واسع فيه دقاق الحصى. والأجرع : الرملة الطيبة المنبت.

١٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثال وصل أل بفعل مضارع : قول الشاعر :

٣٧٧ ـ ما أنت بالحكم الترضى حكومته

ولا الأصيل ولا ذي الرّأي والجدل (١)

[١ / ٢٢٩] وقول الآخر :

٣٧٨ ـ يقول الخنا وأبغض العجم ناطقا

إلى ربّها صوت الحمار اليجدّع (٢)

وقول الآخر :

٣٧٩ ـ ما كاليروح ويغدو لا هيا فرحا

مشمّرا يستديم الحزم ذا رشد (٣)

وقول الآخر : ـ

__________________

(١) البيت من بحر البسيط نسب للفرزدق وليس في ديوانه ، قال فيه الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد (شرح الأشموني : ١ / ١٨٨) : هذا بيت للفرزدق قاله يهجو به رجلا من بني عذرة كان قد دخل على عبد الملك بن مروان وعنده جرير والأخطل والفرزدق والأعرابي لا يعرفهم.

وبقية القصة أنه مدح جريرا وهجا الأخطل والفرزدق فهجاه الفرزدق بهذا البيت وغيره.

وقبله :

يا أرغم الله أنفا أنت حامله

يا ذا الخنى ومقال الزّور والخطل

اللغة : الخنا : الفحش. الخطل : المنطق الفاسد. الحكم : الحاكم. الجدل : شدة الخصومة.

وشاهده واضح وهو وصل أل بالفعل المضارع.

والبيت في معجم الشواهد (ص ٣١٣) ، وكذلك في شرح التسهيل (١ / ٢٠١) وفي التذييل والتكميل (٣ / ٦٦).

(٢) البيت من بحر الطويل قائله ذو الخرق الطهي دينار بن هلال شاعر جاهلي وهو من مقطوعة عدتها سبعة أبيات قالها في الهجاء (انظر الأبيات وشرحها وترجمة الشاعر في خزانة الأدب : ١ / ١٤).

اللغة : الخنا : الفحش. اليجدع : المقطوع أذنه.

والشاعر يرمي صاحبه بالفحش ونفرة الصوت وهو مأخوذ من قوله تعالى : (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) [لقمان : ١٩] وشاهده كالذي قبله.

والبيت في معجم الشواهد (ص ٢١٧) وفي شرح التسهيل (١ / ٢٠١) وفي التذييل والتكميل (٣ / ٦٦).

(٣) البيت من بحر البسيط قائله لم تنص عليه مراجعه.

اللغة : اليروح : الذي يروح وهو موضع الشاهد ؛ حيث دخلت أل على الفعل المضارع لمشابهته الوصف الذي تختص به وهو شاذ قبيح كما قال النحاة وهو عند ابن مالك قليل.

المعنى : يمدح الشاعر العمل الجاد ويدعو إليه مبيّنا أنه لا يتساوى مع الكسل والخمول.

والبيت يروى بنصب مشمرا وذا رشد على الحالية كما يروى برفعهما على الخبرية لمبتدأ محذوف.

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٠١) وفي التذييل والتكميل (٣ / ٦٦) وفي معجم الشواهد (ص ١١٩).

١٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

٣٨٠ ـ ليس اليرى للخلّ دون الّذي يرى

له الخلّ أهلا أن يعدّ خليلا (١)

قال المصنف (٢) : واستدل ابن برهان (٣) على موصولية الألف واللام بدخولها على الفعل واستدلاله قوي ؛ لأن حرف التعريف في اختصاصه بالاسم كحرف التنفيس في اختصاصه بالفعل ، فكما لا يدخل حرف التنفيس على اسم لا يدخل حرف التعريف على فعل ، فوجب اعتقاد كون الألف واللام في الترضى واليجدّع واليروح والتي أسماء بمعنى الذي ، لا حرف تعريف.

ثم قال المصنف (٤) : «وعندي أن مثل هذا غير مخصوص بالضرورة لممكن قائل الأول من أن يقول : المرضيّ حكومته ، وقائل الثاني من أن يقول : صوت حمار يجدّع ، والثالث من أن يقول : ما من يروح ، والرابع من أن يقول : وما من يرى للخلّ.

فإذا لم يفعلوا ذلك مع استطاعته ففي ذلك إشعار بالاختيار وعدم الاضطرار ، وأيضا فمقتضى النظر وصل الألف واللام إذ هي من الموصولات الاسمية بما يوصل به أخواتها من الجمل الاسمية والفعلية والظروف فمنعوها ذلك حملا على المعرفة ؛ لأنها مثلها في اللفظ وجعلوا صلتها بما هو جملة في المعنى ومفرد في اللفظ صالح لدخول المعرفة عليه وهو اسم الفاعل وشبهه في الصفات.

ثم كان في التزام ذلك فيه إيهام أن الألف واللام فيه معرفة لا اسم موصول فقصدوا التنصيص على مغايرة المعرفة فأدخلوها على الفعل المشابه لاسم الفاعل وهو ـ

__________________

(١) البيت من بحر الطويل قائله مجهول وهو في النصح.

ومعناه : من لا يرى لخليله مثل الذي يرى خليله لا يستحق أن يتخذه أحد خليلا.

وشاهده كالذي قبله.

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٠١) وليس في معجم الشواهد.

(٢) شرح التسهيل (١ / ٢٢٥).

(٣) بفتح الباء وهو أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن عمر بن إسحاق الأسدي العكبري صاحب صاحب اللغة والنحو والتاريخ وأيام العرب وقيل ذلك كان منجما ويروى أنه كان شرسا في أخلاقه مع تلاميذه ومع ذلك كان يحضر مجالسه أولاد الأغنياء والأمراء لعلمه كما كان زاهدا وتوفي سنة (٤٥٦ ه‍).

مصنفاته : اللمع في النحو وهو مخطوط ، أصول اللغة ، الاختيار في الفقه. ترجمته : في بغية الوعاة : (٢ / ١٢٠) وفي الأعلام (٤ / ٣٢٦).

(٤) شرح التسهيل (١ / ٢٠٢).

١٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

المضارع. فلما كان حاملهم على ذلك هو السبب وفيه إبداء ما يحق إبداؤه وكشف ما لا يصلح خفاؤه ـ استحق أن يجعل مما يحكم به بالاختبار ولا يخص بالاضطرار ولذلك لم يقل في أشعارهم كما قل الوصل بجملة من مبتدأ وخبر : كقول الشاعر :

٣٨١ ـ من القوم الرسول الله منهم

لهم دانت رقاب بني معدّ (١)

وبظرف : كما قال الراجز :

٣٨٢ ـ من لا يزال شاكرا على المعه

فهو حر بعيشة ذات سعه (٢)

التقدير : الذين رسول الله منهم وعلى الذين معه».

انتهى كلام المصنف (٣) ولا يخفى حسنه.

قال الشيخ : «ولا خلاف أنّ وصل أل بالمضارع لا يختصّ بالشّعر». انتهى (٤) فيكون وصل أل بالمضارع اضطرارا لا اختيارا. وهذا الذي ذكره مبني على تفسير الضرورة ما هي؟. ـ

__________________

(١) البيت من بحر الوافر قائله مجهول في مراجعه.

والشاعر يمدح رجلا بأنه من قريش أشرف الناس والقبائل ، والتي خضع لها كل العرب ، وذلك لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منها وكان فيها الإسلام الأول.

والشاهد فيه : قوله «الرّسول الله منهم» حيث وصلت أل بالجملة الاسمية ضرورة.

وفي البيت يقول أبو حيان :

«يريد الذين رسول الله منهم ، ومن النّحويّين من جعل أل زائدة في الرّسول لا موصولة. ولا نعلم ورود أل داخلة على الجملة الاسميّة إلّا في هذا البيت».

والبيت في معجم الشواهد (ص ١٢٢) وفي شروح التسهيل لابن مالك (١ / ٢٠٢) ولأبي حيان (٣ / ٦٨) وللمرادي (١ / ٢٠٣).

(٢) البيتان من الرجز المشطور ولم أعثر على قائلهما في المراجع التي ذكرا فيها.

وفيهما دعوة وحث على الاعتراف بنعمة الله والشكر عليها ثم يكون الجزاء.

(وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)[سورةالطلاق : ٢ ، ٣].

وشاهده : قوله : على المعه حيث وصلت أل بالظرف وهو قبيح.

والبيت في التذييل والتكميل (٣ / ٦٩) وفي شرح التسهيل (١ / ٢٠٣) وفي معجم الشواهد (ص ٤٩٨).

(٣) شرح التسهيل (١ / ٢٠٣).

(٤) التذييل والتكميل (٣ / ٦٥) وبقية الكلام : «وقد ذهب ابن مالك في بعض تصانيفه إلى أنّ وصل أل بالمضارع قليل وهنا أجاز ذلك في الاختيار» ثم أنشد الأبيات السابقة.

١٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فالجماعة يقولون : ما جاء في الشعر ولم يجئ في الكلام سواء اضطر إليه الشاعر أم لا.

وعند المصنف : أن الضرورة هي ما يضطر إليه الشاعر ، أما ما لا يضطر إليه فلا ضرورة فيه.

والمنقول عن الكوفيين (١) : أن الأسماء المعرفة بأل كلها يجوز أن تستعمل موصولة.

واستدلوا بقول [١ / ٢٣٠] الشاعر :

٣٨٣ ـ لعمري لأنت البيت أكرم أهله

وأقعد في أفيائه بالأصائل (٢)

فالبيت خبر أنت وأكرم صلة البيت كأنه قال : لأنت الذي أكرم أهله.

وخرج البصريون ذلك على حذف صفة وجعل أكرم خيرا ثانيا ، والتقدير : لأنت البيت المحبوب عندي أكرم أهله ، وفي هذا التخريج نظر.

ولو قيل بأن أنت البيت كلام تام لا يفتقر إلى شيء لجاز ، وذلك بأن يجعل اللام في البيت لشمول خصائص الجنس كما قالوا في قولهم : أنت الرّجل إذا أرادوا بذلك الرجل الكامل الجامع خصال الرجال المحمودة ، فكأنه قيل : أنت البيت إذ لا بيت يشبهه.

وأما أكرم أهله فجملة مستأنفة أخبر عن نفسه أنه يكرم أهل هذا البيت لشرفه وعظمته.

__________________

(١) انظر المسألة بالتفصيل في كتاب الإنصاف (٢ / ٧٢٢) (مطبعة السعادة بالقاهرة) يقول أبو البركات تحت عنوان : «هل يكون للاسم المحلّى بأل صلة كصلة الموصول» : «ذهب الكوفيون إلى أن الاسم الظاهر إذا كانت فيه الألف واللام وصل كما يوصل الذي وذهب البصريون إلى أنه لا يوصل ..

إلخ ثم احتج لكل من الفريقين ورجح رأي البصريين.

(٢) البيت من بحر الطويل من قصيدة طويلة في الغزل لأبي ذؤيب الهذلي (انظرها في ديوان الهزليين (١ / ١٤١) ، وفي خزانة الأدب : ٥ / ٤٩١) وهي مشروحة هناك بالتفصيل.

اللغة : الأفياء : جمع فيء وهو الظل. الأصائل : جمع أصيل وهو العشيّ ؛ ويجمع على أصل وأصلان (اللسان : أصل).

وأكثر ضبط أكرم على أن تكون مضارعا وأهله مفعوله ، وفي النسخ : أفنائه مكان أفيائه.

والشاعر يعظم بيت حبيبته وأهلها ويشير إلى ما كان يناله منهم ومع ذلك كان يظل ملازما له جالسا فيه.

وشاهده واضح من الشرح.

والبيت في معجم الشواهد (ص ٣٠٧) وهو في شروح التسهيل للمرادي (١ / ٢٠٣) وفي التذييل والتكميل (٣ / ٦٩).

١٠٧

[حذف عائد الموصول بأنواعه]

قال ابن مالك : (ويجوز حذف عائد غير الألف واللام إن كان متصلا : منصوبا بفعل أو وصف أو مجرورا بإضافة صفة ناصبة له تقديرا ، أو بحرف جرّ بمثله معنى ومتعلّقا الموصول أو موصوف به. وقد يحذف منصوب صلة الألف واللّام والمجرور بحرف وإن لم يكمل شرط الحذف.

ولا يحذف المرفوع إلا مبتدأ ليس خبره جملة ولا ظرفا بلا شرط آخر عند الكوفيين وعند البصريين بشرط الاستطالة في صلة غير أيّ غالبا وبلا شرط في صلتها).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش : لما تقدم أن الموصولات لا بد لها من صلة وعائد بين الصلة بأقسامها وشروطها وكان العائد هو الضمير الذي يربط الصلة بالموصول ، منه ما يجوز حذفه ومنه ما لا يجوز حذفه ـ شرع في الكلام على ذلك.

وينبغي أن يعلم أن العائد قد يكون زائدا على جزأي الإسناد الذي اشتملت عليه الصلة وقد يكون أحد جزأي الإسناد.

ثم الضمير العائد إما أن يكون مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا ، أي محكوما على وضعه برفع أو بنصب أو بجر وقد قدم المصنف الكلام على المنصوب وثنى بالمجرور وثلث بالمرفوع.

ثم لما كان بعض الموصولات لا يجوز حذف عائده وهو الألف واللام أخرجه أولا بقوله : ويجوز حذف عائد غير الألف واللام. فعلم أن الكلام في الحذف إنما هو بالنسبة إلى الموصولات غير ما أخرجه.

إذا تقرر هذا فاعلم أن المصنف ذكر لجواز حذف العائد المنصوب شرطين :

أن يكون متصلا وأن يكون الناصب له فعلا أو وصفا ـ ولجواز (١) حذف العائد المجرور بالإضافة شرطا واحدا وهو أن يكون جره بإضافة صفة ناصبة تقديرا.

وبالحرف شرطا واحدا (٢) وهو أن يكون الموصول جر بحرف مثل الحرف الذي جر ـ

__________________

(١) أي ذكر المصنف لجواز حذف ... إلخ.

(٢) أي ذكر لجواز حذف العائد المجرور بالحرف ... إلخ.

١٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

العائد إليه معنى ومتعلقا ـ ولجواز حذف العائد المرفوع ثلاثة شروط إن كان الموصول غير أي :

أن يكون مبتدأ ، وأن يكون خبره ليس جملة ولا ظرفا وأن تكون الصلة فيها استطالة [١ / ٢٣١] وشرطية إن كان الموصول أيّا وهما ما ذكر غير الاستطالة ، هذا عند البصريين.

وأما عند الكوفيين فالاستطالة عندهم غير مشترطة فغير أي عندهم يجري مجرى أي عند الجميع ، وإذا عرف هذا إجمالا فلنذكره مفصلا :

قال المصنف (١) : قيد العائد الذي يجوز حذفه بكونه لغير الألف واللام لأن عائدهما عند الأكثر لا يحذف ؛ لأنه يكمل صلتهما تكميل صلة غيرها ويميزهما من المعرفتين ويبدي من التأنيث والتثنية والجمع ما لا يبديانه ، وقيد بالنصب احترازا من غير المنصوب فإن فيه تفصيلا يأتي ذكره.

وقيد المنصوب بالاتصال احترازا من المنفصل فإنه لا يجوز حذفه إذ لو حذف لجهل كونه منفصلا. واشترط في المتصل انتصابه بفعل أو وصف احترازا من نصبه بغيرهما نحو : رأيت الذي كأنه أسد فإن حذفه لا يجوز.

ومثال المتصل الجائز الحذف لنصبه بفعل قوله تعالى : (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ)(٢) ومنه قول الشاعر :

٣٨٤ ـ كأنّك لم تسبق من الدّهر ساعة

إذا أنت أدركت الّذي كنت تطلب (٣)

ومثله قول الآخر : ـ

__________________

(١) شرح التسهيل : (١ / ٢٠٤).

(٢) سورةالبقرة : ٤١.

(٣) البيت من بحر الطويل من مقطوعة سبق الحديث عنها وعن قائلها في هذا التحقيق. وقبل بيت الشاهد قوله :

فلا تأخذوا عقلا من القوم إنّني

أرى العار يبقى والمعاقل تذهب

والشاعر يرغب في الحرب والقتال ويزهد في أخذ الدية معللا أن من أدرك ما طلب من الثأر فكأنه لم يصب .. وقس على طلب الثأر في الشر طلب المجد وغيره.

والشاهد فيه : حذف الضمير العائد المنصوب بالفعل أي الذي تطلبه.

والبيت ليس في معجم الشواهد وهو في شرح التسهيل : (١ / ٢٠٤) وفي التذييل والتكميل : (٣ / ٧٢).

١٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

٣٨٥ ـ وحاجة دون أخرى قد سنحت بها

جعلتها للّذي أخفيت عفوانا (١)

ومما جاء بوجهين يعني بالإثبات والحذف قوله تعالى : (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ)(٢)(وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ)(٣).

ومثال المتصل الجائز الحذف لنصبه بوصف قول الشاعر :

٣٨٦ ـ ما الله موليك فضل فاحمدنه به

فما لدى غيره نفع ولا ضرر (٤)

وقول الآخر :

٣٨٧ ـ وليس من الرّاجي يخيب بماجد

إذا عجزه لم يستبن بدليل (٥)

__________________

(١) البيت من بحر البسيط قاله سوار بن المضرب وهو في الفخر وبعده :

إنّي كأنّي أرى من لا حياة له

ولا أمانة بين النّاس عريانا

اللغة : سنحت بها : عرضت لها ، والبيت روي كذلك. عنوانا : وزنه فعوال من : عنّ لي الشيء إذا اعترض ويجوز أن يكون فعلانا من عناه كذا.

والمعنى : يفتخر الشاعر بذكائه وحسن تأتيه للأمور وأخذه الأمر بالحيلة وأنه حيي أمين. وشاهده كما في البيت قبله.

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٠٤) وفي التذييل والتكميل (٣ / ٧٣) ، وفي لسان العرب (سنح ـ عنن) ومعجم الشواهد (ص ٣٨١).

(٢) سورةيس : ٣٥. وهذا مثال إثبات العائد ، ومثال حذفه قوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً)[آل عمران : ٣٠].

(٣) سورةالزخرف : ٧١. وهذا مثال إثبات العائد ، ومثال حذفه قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ)[فصلت : ٣١].

(٤) البيت من بحر البسيط ورد في عدة مراجع ومع ذلك لم ينسب فيها وهو في الوعظ.

والمعنى : إذا منحك الله نعمة فاشكره عليها فإن ذلك فضل منه وليس بواجب عليه ، واعلم أنه هو الذي ينفع ويضر وغيره لا يملك شيئا.

وشاهده : واضح وهو حذف العائد المنصوب بالوصف وأصله : الذي موليكه الله فضل فما فيه مبتدأ وفضل خبر وجملة موليكه الله صلة ما.

والبيت في معجم الشواهد (ص ١٦٣) وفي شرح التسهيل (١ / ٢٠٥) وفي التذييل والتكميل (٣ / ٧٣).

(٥) البيت من بحر الطويل غير منسوب في مراجعه ، وهو في المدح حيث يمدح الشاعر رجلا من الكرام وأن من يرجوه لا يخيب إلا إذا ظهر عجز الممدوح.

وشاهده كالذي قبله وأصله الراجيه ، كل ما هنالك أن الهاء في موليكه اتفق على أنها في محل نصب ، أما في الراجيه فقد اختلف فيها : قال المبرد والرماني : الضمير في موضع خفض وقال الأخفش وهشام :

١١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

تقدير الأول : موليكه ، وتقدير الثاني : من الراجيه. قال الشيخ :

«وأغفل المصنف شرطين في جواز حذف الضمير المنصوب بالفعل :

أحدهما : أن يكون الضمير يتعين الربط به نحو : جاءني الذي ضربته. فإن لم يتعين الربط لم يجز حذفه نحو : جاءني الذي ضربته في داره لا يجوز أن تقول :

جاءني الذي ضربت في داره ؛ لأنه لا يدري أهو المضروب أم غيره.

الثاني : أن يكون الفعل تامّا فإن كان ناقصا لم يجز حذف الضمير المنصوب.

تقول : جاءني الذي ليسه زيد ولا يجوز ليس زيد». انتهى (١).

وهذان الشرطان اللذان استدركهما على المصنف ذكرهما أبو الحسن ابن عصفور وعبر عن اشتراط الأول بأن لا يكون في الصلة ضمير آخر عائد على الموصول (٢) وتعبير الشيخ بقوله : «أن يتعيّن الضّمير للرّبط» أولى من تعبير ابن عصفور بألا يكون في الصلة ضمير آخر عائد على الموصول.

فإن حذف الضمير المنصوب في مثل : جاءني الذي ضربته لسوء أدبه لا يمنع.

وعبارة ابن عصفور تقتضي بظاهرها منعه بخلاف ما عبر به الشيخ.

ثم أقول : لا استدراك على المصنف في هذين الشرطين :

أما الأول : فلا شك أن قاعدة كلية وهي أن شرط الحذف في كل باب [١ / ٢٣٢] أن يدل دليل على المحذوف ثم في بعض المواضع قد يحتاج الحذف إلى قيود غير ذلك فتذكر.

وأنت إذا ادعيت أن ثم ضميرا حذف في نحو : جاءني الذي ضربت في داره قيل لك : ليس في الكلام ما يدل على ما أردت ؛ لأن الربط قد حصل بالضمير المجرور فالقائل يقول : في مثل : جاءني الذي ضربت في داره لم يكن ثم ضمير وحذف إذ لو حذف لم يكن دليل على حذفه.

وأفاد هذا الكلام أن الضرب وقع في داره ولا يلزم أن يكون الجائي هو المضروب ـ

__________________

في محل نصب ، وهو رأي سيبويه (شرح الأشموني : ٢ / ٢٤٦). والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٠٥) ، وفي التذييل والتكميل : (٣ / ٧٣) ، وليس في معجم الشواهد.

(١) التذييل والتكميل : (٣ / ٧٣).

(٢) انظر نصه في شرح الجمل لابن عصفور : (١ / ١٢٨) بتحقيق الشغار ويعقوب.

١١١

.................................................................................................

______________________________________________________

وإذا قال : جاء الذي ضربته في داره أفاد مع ذلك أنه هو المضروب ، ولم يكن هذا التركيب أصلا لذلك التركيب لما عرفت فامتناع الحذف هذا ليس له موجب إلا عدم الدلالة على الحذف وهذا بخلاف قولنا : جاء الذي إياه ضربته ، حيث قلنا إنه يمتنع حذفه ، فإن الحذف لو حصل لكان معنا دليل يدل على أن العائد محذوف إذ تقدير العائد من ضرورة صحة الكلام ولكن لا دلالة على كونه منفصلا. وقد يكون الإتيان به منفصلا مطلوبا لغرض لا يفيده إلّا الانفصال فمن ثم لزم القول بامتناع حذفه.

وأما الثاني (١) : فلأن حذف أخبار الأفعال الناقصة قد علم امتناعه في مكانه والشيء إذا كان معلوم الحكم في باب وذكر لنا حكم مناقض في باب آخر يمكن أن يشمل المذكور في ذلك الباب وجب ألا ينسحب عليه الحكم المذكور لئلا يلزم التناقض ، فإذا قيل في باب كان : إن المنصوب بها وبأخواتها لا يحذف (٢) ثم يقال في باب آخر : إن المنصوب بالفعل يجوز حذفه مثلا وجب أن يحمل ذلك على غير باب كان لما قلناه وهذا ظاهر.

ثم اعلم أنهم ذكروا هنا مسألة (٣) :

وهي أن هذا الضمير المنصوب إذا حذف بشرطه ففي توكيده والنسق عليه خلاف كقولك : جاء الذي ضربت نفسه وجاء الذي ضربت وعمرا فأجاز ذلك الأخفش والكسائي ومنعه ابن السراج (٤) وجماعة واختلف النقل عن الفراء في ذلك ـ

__________________

(١) أي الشرط الثاني من الشرطين اللذين استدركهما أبو حيان على المصنف.

(٢) قال ابن مالك في باب كان : «إن سبب تسميتها نواقص إنما هو عدم اكتفائها بمرفوع وإنما لم تكتف بمرفوع لأن حدثها مقصود إسناده إلى النسبة التي بين معموليها ، فمعنى قولك : كان زيد عالما وجد اتصاف زيد بالعلم والاقتصار على المرفوع غير واف بذلك فلهذا لم يستغن عن الخبر ، وكان الفعل جديرا بأن ينسب إلى النقصان» (شرح التسهيل لابن مالك).

(٣) انظر هذه المسألة بأعلامها في التذييل والتكميل (٣ / ٧٤) والهمع (١ / ٩١).

وحاشية الصبان على الأشموني (١ / ١٧١).

(٤) لم أجد لابن السراج حديثا عن العائد المنصوب ووجدته يقول في العائد المرفوع : «تقول : الّذي هو وعبد الله ضرباني أخوك ، فإن حذفت هو من هذه المسألة لم يجز. لا تقول : الذي وعبد الله ضرباني أخوك ثم قال : والفرّاء يجيز الّذي نفسه محسن أخوك تريد هو نفسه محسن أخوك يؤكّد المضمر». (الأصول لابن السراج : ٢ / ٢٨٥).

١١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

واتفقوا على جواز مجيء الحال من الراجع المحذوف إذا كانت مؤخرة عنه في التقدير ، واختلفوا إذا كانت في التقدير مقدمة عليه فأجازها ثعلب ومنعها هشام (١).

ـ ومثال المجرور بإضافة صفة ناصبة تقديرا قوله تعالى : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ)(٢) فهذا مثال الإثبات ، ومثال الحذف قوله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ)(٣).

ومنه قول الشاعر :

٣٨٨ ـ لعمرك ما تدري الضّوارب بالحصى

ولا زاجرات الطّير ما الله صانع (٤)

وقول الآخر :

٣٨٩ ـ سأغسل عني العار بالسّيف جالبا

عليّ قضاء الله ما كان جالبا (٥)

وقول الآخر : ـ

__________________

(١) معناه أنك إذا قلت : جاء الذي ضربت راكبا جاز باتفاق وصاحب الحال العائد المحذوف في قولك ضربت وأصله ضربته ، أما إذا قلت : جاء راكبا الذي ضربت وصاحب الحال الضمير المحذوف أيضا فقيل بالجواز وقيل بالمنع.

(٢) سورةالأحزاب : ٣٧.

(٣) سورةطه : ٧٢.

(٤) البيت من بحر الطويل من قصيدة للبيد بن ربيعة العامري يرثي بها أخاه أربد ومطلعها كما في الديوان (ص ٩٠) :

بلينا وما تبلى النجوم الطّوالع

وتبقى الجبال بعدنا والمصانع

والبيت يدعو إلى إبطال عادات قبيحة عند العرب في الجاهلية وهي الضرب بالحصى وزجر الطير ليعرف الإنسان خيره وشره ويبين أن الله وحده هو الذي يعرف ذلك.

وشاهده قوله : ما الله صانع حيث حذف العائد المجرور بإضافة الصفة إليه وحقه لو ذكر أن يقال : ما الله صانعه.

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٠٥) وفي التذييل والتكميل (٣ / ٧٥) وليس في معجم الشواهد.

(٥) البيت من بحر الطويل قائله سعد بن ناشب وهو مطلع قصيدة له في الشعر والشعراء (٢ / ٧٠٠) وفي الحماسة (١ / ٦٧) وبعده :

وأذهل عن داري وأجعل هدمها

لعرضي من باقي المذمّة جانبا

ويصغر في عيني تلاوى إذا انثنت

يميني بإدراك الّذي كنت طالبا

والشاعر يفتخر بالقوة والشجاعة وأن طريقه إلى قضاء حاجته هو السيف حتى لو أداه ذلك إلى الموت.

وشاهده قوله : ما كان جالبا حيث حذف العائد المجرور بالإضافة وأصله ما كان جالبه.

والبيت في معجم الشواهد (ص ٢٨) وهو في التذييل والتكميل (٣ / ٧٥) أما ابن مالك فقد جعل الشاهد البيت الذي أوله : ويصغر في عيني تلادي .. إلخ.

١١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

٣٩٠ ـ ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا

[ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد](١)

 ـ ومثال المجرور بحرف جر مثله الموصول أو موصوف به : مررت بالذي مررت به أو بالرجل الذي مررت به فهذا مثال الإثبات.

ـ ومثال الحذف قوله تعالى : (وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)(٢) ومنه قول الشاعر :

٣٩١ ـ نصلّي للّذي صلّت قريش

ونعبده وإن جحد العموم (٣)

[١ / ٢٣٣] أي للذي صلت له.

ـ وكذا لو كان أحد المتعلقين فعلا والآخر صفة بمعناه كقول القائل :

٣٩٢ ـ وقد كنت تخفي حبّ سمراء حقبة

فبح لان منها بالذي أنت بائح (٤)

__________________

ترجمة الشاعر : هو سعد بن ناشب من بني العنبر كان أبوه ناشب أعور وكان من شياطين العرب وكذلك كان سعد ابنه. انظر بعض أخباره في الشعر والشعراء (١ / ٧٠٠).

(١) البيت من بحر الطويل وهو لطرفة بن العبد من معلقته الطويلة المشهورة التي مطلعها (ديوان طرفة ص ٨٦) :

لخولة أطلال ببرقة ثهمد

تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

ومعنى الشاهد : ستظهر لك الأيام كل شيء فلا تتعجل ولا تلهث وراء أي خبر فسيأتيك كل ما تبحث عنه. وشاهده كالذي قبله أي كنت جاهله.

والبيت في شرح التسهيل للمرادي : (١ / ٢٠٥) ولأبي حيان (٣ / ٧٦) وهو في معجم الشواهد (ص ١١٢).

(٢) سورةالمؤمنون : ٣٣.

(٣) البيت من بحر الوافر لم ينسب في مراجعه.

اللغة : جحد العموم : أنكر الجميع فضله واستحقاقه للعبادة.

المعنى : يقول الشاعر : إنهم يطيعون الله ويقومون بواجبهم ولا يبالون بعد ذلك بمن غطى الله على بصره وأعمى قلبه.

والشاهد فيه : قوله نصلي للذي صلت قريش حيث حذف العائد المجرور بمثل ما جربه الموصول لفظا ومعنى ، والتقدير نصلي للذي صلت له قريش.

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٠٥) وفي التذييل والتكميل (٣ / ٧٧) وفي معجم الشواهد (ص ٣٥٣).

(٤) البيت من بحر الطويل ثالث بيت من قصيدة لعنترة بن شداد في ديوانه (ص ٢١١) ورواية البيت في الديوان كالآتي :

تغرّبت عن ذكرى سميّة حقبة

فبح عنك منها بالّذي أنت بائح

اللغة : الحقبة : المدة من الزمن. لان : معناها الآن. البائح : المفصح عما في قلبه.

وشاهده : حذف العائد المجرور بحرف جر بمثله الموصول والتقدير : فبح بالذي أنت بائح به.

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٠٦) وفي التذييل والتكميل (٣ / ٧٨) وفي معجم الشواهد (ص ٨٤).

١١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فهذه أمثلة انجرار الموصول بمثل الحرف الذي جر به العائد في المعنى والمتعلق.

ـ وأما انجرار الموصوف بالموصول بمثل ذلك فكقول الشاعر :

٣٩٣ ـ إن تعن نفسك بالأمر الّذي عنيت

نفوس قوم سموا تظفر بما ظفروا (١)

أي الذي عنيت به.

واعلم أن ابن عصفور ذكر أن من الصور التي يجوز فيها حذف العائد المجرور بحرف : «أن يكون مثل ذلك

الحرف معنى ومتعلّقا قد جرّ مضافا إلى الموصول نحو : مررت بغلام الّذي مررت (٢)». ولكنه لم يذكر الصورة التي ذكرها المصنف وهي أن يكون الحرف قد جر الموصوف بالموصول فالذي يتحصل من كلام الرجلين ثلاث صور (٣). ـ

__________________

(١) البيت من بحر البسيط نسب لكعب بن زهير بن أبي سلمى المزني ، قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد : إنه من قصيدة أنشدها بحضرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (شرح ابن عقيل ص ٧٥) ومع ذلك فالبيت ليس في ديوان كعب. والبيت ليس في معجم الشواهد ، أما البيت الذي استشهد به النحاة للشاهد ومن نفس القصيدة ولنفس الشاعر فهو قول كعب (حاشية الصبان علي الأشموني : ١ / ١٧٣) :

لا تركننّ إلى الّذي ركنت

أبناء يعصر حين اضطرّها القدر

والشاهد في البيتين : حذف الضمير المجرور بالحرف لأن الموصوف بالموصول مجرور بمثله.

وبيت الشاهد في شرح التسهيل (١ / ٢٠٦) ، وفي التذييل والتكميل (٣ / ٧٨) وليس في معجم الشواهد.

(٢) قال ابن عصفور في المقرب (١ / ٦١) في الحديث عن العائد : «وإن كان مخفوضا فإن كان خفضه بالإضافة فإن المضاف إليه إن كان اسم الفاعل بمعنى الحال أو الاستقبال جاز حذفه وإن كان غيره لم يجز حذفه نحو قولك : جاءني الذي أبوه قائم ، وإن كان خفضه بحرف جر فإن لم يدخل على الموصول أو على ما أضيف إليه حرف مثل الحرف الذي دخل على الضمير لم يجز مثل قولك : جاءني الذي مررت به وجاءني غلام الذي مررت به ، وإن دخل عليهما حرف مثل الذي دخل عليه فإن لم يكن العامل في الموصول أو ما أضيف إليه والضمير بمعنى واحد لم يجز خلافه نحو قولك : مررت بالذي مررت به وفرحت بغلام الذي مررت به وإن كان جاز إثباته وحذفه نحو قولك : مررت بالذي مررت به وإن شئت حذفته قال :

نصلّي للّذي صلّت قريش

ونعبده وإن جحد العموم

(٣) هي أن يكون الحرف الجار للعائد المحذوف قد دخل مثله على الموصول مثل : نصلي للذي صلت قريش أو الموصوف بالموصول مثل : إن تعن نفسك بالأمر الّذي عنيت .. إلخ أو المضاف إلى الموصول مثل : مررت بغلام الذي مررت.

١١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وأشار المصنف بقوله : وقد يحذف منصوب صلة الألف واللّام والمجرور بحرف وإن لم يكمل شرط الحذف ـ إلى أن هذين الأمرين في غاية القلة.

فأما حذف منصوب صلة الألف واللام فكقول الشاعر :

٣٩٤ ـ ما المستفزّ الهوى محمود عاقبة

ولو أتيح له صفو بلا كدر (١)

التقدير : ما المستفزه.

قال المازني : لا يكاد يسمع حذفه من العرب إلا أنه ربما جاء في الشعر.

وأما حذف المجرور بحرف إذا فقد الشرط المتقدم الذكر ففي صور :

ـ وذلك إما بأن لا يجر الموصول كقول حاتم :

٣٩٥ ـ ومن حسد يجور عليّ قومي

وأي الدّهر ذو لم يحسدوني (٢)

أي لم يحسدوني فيه.

ومثله قول الفرزدق :

٣٩٦ ـ لعلّ الّذي أصعدتني أن يردّني

إلى الأرض إن لم يقدر الحين قادره (٣)

أراد أصعدتني به. ـ

__________________

(١) البيت من بحر البسيط غير منسوب لقائل في مراجعه. ومعناه : كل من يجري وراء هواه وما تطلبه نفسه غير مأمون العواقب وإن كان صافيا في معيشته وذلك لأن صفوه غير مأمون وشاهده : حذف العائد المنصوب بالوصف من صلة أل وهو قليل ، ولأبي حيان تفصيل فيه يقول :

«إن كان الاسم الواقع في صلتها مأخوذا من فعل يتعدى إلى واحد فالإثبات فصيح والحذف قليل نحو : جاءني الضاربه زيد والضارب زيد قليل وإن كان مأخوذا من فعل يتعدى إلى اثنين أو ثلاثة حسن الحذف لأجل الطول ... إلخ». (التذييل والتكميل : ٣ / ٨٤).

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٠٧) والتذييل والتكميل (٣ / ٨٤) ومعجم الشواهد (ص ١٨٠).

(٢) البيت سبق الاستشهاد به في هذا التحقيق وشاهده هنا واضح من الشرح.

(٣) البيت من بحر الطويل من قصيدة في الغزل للفرزدق يصف ليلة تسلل فيها إلى امرأة والتقى بها وجلس منها كما يجلس الرجل من امرأته كما كان يفعل امرؤ القيس إلا أن الفرق بينهما أن الفرزدق قال في آخر قصيدته (ديوان الفرزدق : ١ / ٢٠٨) :

فيا ربّ إن تغفر لنا ليلة النّقا

فكلّ ذنوبي أنت يا ربّ غافره

ويستشهد به على حذف العائد المجرور دون استيفاء شروط الحذف.

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٠٦) والتذييل والتكميل (٣ / ٧٩). وليس في معجم الشواهد.

١١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وإما بأن يجر الموصول بحرف مثل الحرف الذي جر به العائد معنى لا متعلقا كقول الشاعر :

٣٩٧ ـ فأبلغن خالد بن فضلة وال

مرء معنّى يلوم من يثق (١)

أي يلوم من يثق به فالمتعلق مختلف.

ومثله قول الشاعر :

٣٩٨ ـ وإنّ لساني شهدة يشتفى بها

وهو على من صبّه الله علقم (٢)

أراد على من صبه الله عليه.

ـ وإما أن لا يجر الموصول كالصورة الأولى لكن مثل ذلك الحرف الذي يقدر مع العائد المحذوف بعد الصلة كقول الشاعر :

٣٩٩ ـ ولو أنّ ما عالجت لين فؤادها

فقسا استلين به للان الجندل (٣)

__________________

(١) البيت من بحر المنسرح (مستفعلن. مفعولات. مستفعلن) مجهول القائل.

وشاهده قوله : معنى يلوم من يثق : حيث حذف العائد المجرور بالحرف وقد جر بمثله الموصول إلا أن متعلقهما مختلف. فالأول متعلق بمعنى والثاني متعلق بيثق ، ويلاحظ أن الموصول ليس هو المجرور وإنما المجرور هو المضاف إلى الموصول وهما سواء.

والبيت في شرح التسهيل لابن مالك (١ / ٢٠٧) والتذييل والتكميل (٣ / ٨٠) وليس في معجم الشواهد.

(٢) البيت سبق الحديث عنه والاستشهاد به. وشاهده هنا قوله : وهو على من صبه الله علقم حيث حذف العائد المجرور بالحرف دون استيفاء شروط الحذف وذلك لأن على الداخلة على الموصول متعلقة بعلقم والداخلة على العائد متعلقة بصبه.

(٣) البيت من بحر الكامل من قصيدة مدح طويلة للأحوص يبدؤها بالغزل فيقول :

يا بيت عاتكة الّذي أتغزّل

حذر العدى وبه الفؤاد موكّل

إني لأمنحك الصّدود وإنّني

قسما إليك مع الصّدود لأميل

والقصيدة كلها من هذه الرقة في الغزل والمدح انظرها في ديوان الأحوص (ص ١٦٦ ـ ١٧٢).

وشاهده واضح من الشرح.

والبيت في شرح التسهيل : (١ / ٢٠٧) وفي التذييل والتكميل : (٣ / ٨٠) معجم الشواهد (ص ٢٩٦).

ترجمة الأحوص : هو الأحوص بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت الأنصاري كان الأحوص يرمي بالأبنة والزنا وشكي إلى عمر بن عبد العزيز فنفاه من المدينة واستشفع فيه فلم تقبل شفاعته وقد غنت

١١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أراد : ولو أن ما عالجت به لين فؤادها فقسا ؛ فحذف المتصل بعالجت استغناء منه بالمتصل باستلين وإن كان بعد الصلة لأنه عائد على ما والكلام واحد.

قال الشيخ : «وقد نقص المصنف شروطا أخر في المسألة يعني في حذف العائد المجرور بحرف».

أحدها : «ألا يكون الضمير وحرف الجر في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله فإنه إذ ذاك لا يجوز الحذف وإن استوفى [١ / ٢٣٤] الشروط التي ذكرها المصنف ، مثاله : مررت بالّذي مرّ به وغضبت على الذي غضب عليه لا يجوز حذف به ولا حذف عليه لأنه في موضع رفع».

الثاني : «ألا يكون الضمير محصورا في موضع المحصور نحو مررت بالذي ما مررت إلا به ومررت بالذي إنما مررت به».

الثالث : «ألا يكون ثم ضمير آخر يصلح للربط نحو مررت بالذي مررت به في داره فلا يجوز حذفه». انتهى (١).

ولم ينقص المصنف شيئا من الشروط. وهذه الثلاثة التي ذكرها الشيخ لا يحتاج المصنف إلى ذكرها بل لو ذكرها كان ذكرها عيّا :

أما الثالث فقد عرفت جوابه فيما تقدم عند ذكر المنصوب المتصل.

وأما الأولان فالعجب من الشيخ كيف ذكرهما استدراكا ومنع حذف ما أقيم مقام الفاعل معلوم وكذا منع حذف المفعول المحصور والحكم إذا علم في بابه بشيء كان قيد الحكم الذي يذكر مطلقا في باب آخر ، وقد قال المصنف في باب الفاعل (٢) : «ولا يحذف الفاعل إلا مع رافعه المدلول عليه». ثم قال في باب النائب عن الفاعل ما نصه (٣) : «قد يترك الفاعل فينوب عنه في كلّ حاله». ـ

__________________

الجاريات شعره لرقته وعذوبته (أخباره في الشعر والشعراء : ٢ / ٥٣٥) (خزانة الأدب : ١ / ٢٣١) وله ديوان شعر مطبوع.

(١) التذييل والتكميل (٣ / ٨١) وفيه تقديم الشرط الثالث على الثاني.

(٢) انظر نصه في (ص ٧٦) من تسهيل الفوائد لابن مالك (طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب تحقيق محمد كامل بركات).

(٣) انظر (ص ٧٧) من تسهيل الفوائد ونصه :

١١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا شك أن هي جملة أحكامه أنه لا يحذف فلزم من هذين الكلمتين أن القائم مقام الفاعل لا يحذف.

وقال المصنف أيضا في باب تعدي الفعل ولزومه : «يحذف كثيرا المفعول به غير كذا وكذا والمحصور» (١) فثبت أن المحصور لا يحذف ، ولا يخفى أن مثل هذه الأمور لا ينبغي أن تستدرك والشيخ قدره أجل من أن يورد ما يشبه هذا الاستدراك أو غيره. وقد انقضى الكلام على العائد المنصوب والعائد المجرور.

وأما العائد المرفوع : فقد عرفت شروط جواز حذفه (٢) وما يختص به الموصول غير أي من اشتراط أمر زائد على ما يشترط في أي.

قال المصنف (٣) : «وقيدت جواز حذف العائد المرفوع بكونه مبتدأ احترازا من غير المبتدأ كالفاعل فإن حذفه وحذف ما أشبهه لا يجوز. وأما المبتدأ فإن عاد على أي جاز حذفه بإجماع طالت الصلة أو لم تطل ما لم يكن خبره جملة أو ظرفا وإن عاد على غير أي ولم يكن خبره جملة ولا ظرفا جاز حذفه عند الكوفيين مطلقا كجوازه في صلة أي ولم يجز حذفه عند البصريين دون استكراه إلا إذا استطيلت الصلة كقول بعض العرب «ما أنا بالّذي قائل لك سوءا».

أراد بالذي هو قائل فحسن الحذف لطول الصلة بالمجرور والمنصوب فإن زاد الطول ازداد الحذف حسنا كقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ)(٤) (التقدير (٥) والله أعلم وهو الذي هو في السماء إله وهو في الأرض ـ

__________________

«قد يترك الفاعل لغرض لفظي أو معنوي جوازا أو وجوبا فينوب عنه جاريا مجراه في كلّ ماله مفعول به أو جار مجراه أو مصدر ...» إلخ.

(١) انظر (ص ٨٥) من تسهيل الفوائد ونصه : «يحذف كثيرا المفعول به غير المخبر عنه والمخبر به والمجاب به والمحصور والباقي محذوفا عامله».

(٢) هذه الشروط هي المذكورة في المتن إجمالا عند قوله : ولا يحذف المرفوع إلا مبتدأ ليس خبره جملة ولا ظرفا بلا شرط آخر عند الكوفيين وعند البصريين بشرط الاستطالة في صلة أي غالبا وبلا شرط في صلتها.

(٣) شرح التسهيل (١ / ٢٠٨).

(٤) سورةالزخرف : ٨٤.

(٥) ما بين القوسين من شرح التسهيل وليس في النسخ.

١١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

إله (١)) فإن عدمت الاستطالة ضعف الحذف وإن لم يمتنع كقول الشاعر :

٤٠٠ ـ من يعن بالحمد لا ينطق بما سفه

ولا يحد عن طريق الحلم والكرم (٢)

[١ / ٢٣٥] أراد بما هو سفه.

ومثله قراءة بعض السلف (تماما على الذي أحسن) (٣) بالرفع أي على الذي هو أحسن واشترط في جواز الحذف كون الخبر غير جملة ولا ظرف لأنه لو كان أحدهما ثم حذف المبتدأ لم يعلم حذفه ؛ لأن ما يبقى من الجملة أو الظرف صالح للوصل به دون شيء آخر فامتنع الحذف. انتهى (٤).

وعن نحو «لا ينطق بما سفه ، ونحو تماما على الّذي أحسن» احترز المصنف بقوله غالبا بعد قوله : بشرط الاستطالة في صلة غير أيّ.

ومما حذف فيه العائد لطول الصلة قول الشاعر :

٤٠١ ـ وأنت الجواد وأنت الّذي

إذا ما النّفوس ملأن الصّدورا

جدير بطعنة يوم اللّقا

ء تضرب منها النّساء النّحورا (٥)

__________________

(١) قال العكبري (التبيان : ٢ / ١١٤٢) : ولا يصح أن يجعل إليه مبتدأ وفي السماء خبره ؛ لأنه لا يبقى للذي عائد ، وكذلك إن رفعت إليها بالظرف فإن جعلت في الظرف ضميرا يرجع على الذي وأبدلت إلها منه جاز على ضعف لأن الغرض الكلي إثبات إلهيته لا كونه في السموات والأرض.

(٢) البيت من بحر البسيط ومع شهرته في كتب النحو شاهدا لما جاء له إلا أن قائله مجهول.

اللغة : يعن : بالبناء للمجهول لزوما أي يهتم. السفه : العيب. يحد : من حاد يحيد أي مال عن القصد.

والمعنى : من أراد أن يحمده الناس ويشكروه فلا يؤذيهم فيكون حليما كريما معهم.

والشاهد فيه : حذف العائد المرفوع بالابتداء مع قصر الصلة وهو ضعيف عند جمهور البصريين جائز عند الكوفيين.

والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٠٨) ، والتذييل والتكميل (١ / ٨٧) وفي معجم الشواهد (ص ٣٦٨).

(٣) سورةالأنعام : ١٥٤. قال ابن جني في المحتسب (١ / ٢٣٤): «هي قراءة ابن يعمر وهذا مستضعف في الإعراب لحذفك المبتدأ العائد على الّذي لأنّ تقديره تماما على الّذي هو أحسن ، وحذف هو من هنا ضعيف».

(٤) شرح التسهيل : (١ / ٢٣٣).

(٥) البيتان من بحر المتقارب من قصيدة للأعشى يمدح بها هوذة بن علي الحنفي (ديوان الأعشى ص ١٩٩).

١٢٠