شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٢

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]


المحقق: علي محمّد فاخر [ وآخرون ]
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٠

١
٢

الباب الثامن

باب الاسم العلم

[تعريف العلم]

قال ابن مالك : (وهو المخصوص مطلقا تعليقا أو غلبة بمسمّى غير مقدّر الشّياع. أو الشّائع الجاري مجراه).

______________________________________________________

قال ناظر الجيش : المخصوص : مخرج لاسم الجنس ؛ فإنه شائع غير مخصوص.

ومطلقا : مخرج للمضمرات ؛ فإن كل واحد منها مخصوص باعتبار غير مخصوص باعتبار. وذلك أن لفظ أنا وضع ليخص به المتكلم نفسه. ولكل متكلم منه نصيب حين يقصد نفسه. فهو مخصوص باعتبار كونه لا يتناول غير الناطق به ، وغير مخصوص باعتبار صلاحيته لكل مخبر عن نفسه. وكذا اسم [١ / ١٨٦] الإشارة ، فإن لفظ ذا وضع ليخص به مشار إليه مفرد مذكر قريب ، فهو مخصوص باعتبار الحال والمحل ، غير مخصوص باعتبار صلاحيته لكل ما اتصف بالحال وحصل في المحل.

وتعليقا أو غلبة : بيان لصنفي الأعلام لا إخراج لشيء خيف دخوله ، ولا إدخال لشيء خيف خروجه ؛ لأن ما سواهما مغن لكن بإجمال.

والمراد بالتعليق : تخصيص الشيء بالاسم قصدا كتسمية المولود له ابن : زيدا.

والمراد بالغلبة : تخصيص أحد المشتركين أو المشتركات بشائع (١) اتفاقا كتخصيص عبد الله بابن عمر ، ويثرب بالمدينة ، ومصنف سيبويه بالكتاب.

وغير مقدّر الشّياع : مخرج للشمس والقمر ونحوهما ؛ فإنهما مخصوصان بالفعل شائعان بالقوة.

ولما كان العلم نوعين : شخصي وجنسي وأشار إلى الشخصي بما تقدم ـ أشار إلى الجنسي بقوله : أو الشّائع الجاري مجراه أي الجاري مجرى المخصوص ، فالمعنى : العلم هو المخصوص أو الشائع الجاري مجرى المخصوص ؛ فهو قسيم المخصوص لا قسم منه. وذلك نحو أسامة للأسد ، وذؤالة للذئب ، وشبوة للعقرب ؛ فإنها أعلام في اللفظ إذ لا تضاف ولا يلحقها حرف التعريف ولا يصرف ذو سبب منها (٢) زائد على العلمية وهي باعتبار المعنى شائعة غير مخصوصة ، إلا أنها تستعمل ـ

__________________

(١) في شرح التسهيل (١ / ١٧٠) : في شائع.

(٢) في نسخة (ب) : ولا يصرف منها ذو سبب. وكذا في شرح التسهيل لابن مالك ، ولا فرق بينهما.

٣

.................................................................................................

______________________________________________________

استعمال ذي الألف واللام المعهود ، فيقال : هذا أسامة مفترسا كما يقال : هذا الأسد منظورا إليه ، ويقال : أسامة شرّ من ذؤالة، فيقصد بها الشمول كما يقصد إذا قيل: «الأسد شر من الذئب». هذا كلام المصنف (١).

وفيه أبحاث :

الأول :

ناقش الشيخ المصنف في قوله: «المخصوص مخرج لاسم الجنس؛ لأن الجنس في الحدّ لا يؤتى به للاحتراز»(٢).

والجواب : أن المخصوص هنا فصل لا جنس ؛ لأنه صفة لمحذوف ، التقدير : وهو الاسم المخصوص. فالاسم جنس يشمل المعارف والنكرات ، والمخصوص فصل يفصل المعارف عن غيرها. ـ

__________________

(١) شرح التسهيل (١ / ١٧٠ ، ١٧١).

ينبغي أن نعرف قبل الدخول في هذا الباب «العلم» وباب المعرف بأل وكلاهما من المعارف ـ أن نقف على معرفة هذه المصطلحات والفرق بينها وهو دقيق فنقول :

المعرفة : ما وضع لمعين كالضمائر وغيرها من أنواع المعارف.

النكرة : ما وضع لغير معين كرجل وكتاب لأي رجل وأي كتاب ، فهي تطلق على فرد واحد منتشر.

والفرق بينهما التعيين كما ترى.

علم الشخص : هو المخصوص الموضوع لمعين ذهنا بتوهم وجوده خارجا كالعلم الذي يضعه الوالد لابنه ، أو علم القبيلة أو علم المدينة أو علم الحيوان.

علم الجنس : هو الموضوع للحقيقة المعينة ذهنا باعتبار حضورها فيه ، كوضع أسامة للحقيقة المتحدة في الذهن وهي جنس الأسود ، ويطلق على الواحد منه فتقول : هذا أسامة مقبلا ، ولما كان موضوعا للحقيقة كان متعددا ، لكن التعدد جاء ضمنا لا باعتبار أصل الوضع. ومن هنا أخذ حكم علم الشخص لفظا في أمور كنصب النكرة بعده على الحال ... إلخ. وأخذ حكم النكرة معنى حين أطلق على كثيرين من أمته.

اسم الجنس : ما وضع للحقيقة المعينة ذهنا مع عدم اعتبار الحضور فيه كإطلاق رجل على جنس الرجال ، وأسد على جنس الأسود.

وعلامته أن دخول أل عليه لا تؤثر فيه شيئا باعتبار اللفظ ، تقول : الرجل خير من المرأة. والفرق بينه وبين النكرة أن النكرة وضعت لفرد واحد منتشر. أما هذا فوضع للجنس. وقد يعامل اسم الجنس المقترن بأل معاملة المعرفة ؛ باعتبار دخول أل عليه ، ومن هنا قالوا في قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ)[يس : ٣٧] إن جملة نسلخ حال أو صفة.

(٢) التذييل والتكميل (٢ / ٣٠٥).

٤

.................................................................................................

______________________________________________________

البحث الثاني :

يظهر من كلام المصنف أنه لم يخرج بقوله مطلقا من المعارف إلا المضمرات وأسماء الإشارة. ثم إنه قال : «إنّ كلّا من المضمرات وأسماء الإشارة مخصوص باعتبار ، غير مخصوص باعتبار» وفي كلا الأمرين نظر.

أما الأول : فلأنه إذ ذاك يحتاج إلى ذكر قيد زائد في الحد يخرج به بقية المعارف إلّا أن يقول : إن بقية المعارف مساوية للضمير واسم الإشارة في أن لها تخصيصا باعتبار ، وشياعا باعتبار آخر ؛ وإنما استغنيت بذكرهما عن ذكر غيرهما ، لكن عبارته تشعر بحصر المخرج فيهما.

وأما الثاني : فلإشعار كلامه بأن المضمرات وأسماء الإشارة كليات وضعا ، وذلك يقتضي انحطاط رتبة المضمرات في التعريف عن رتبة العلم.

وقد تقدم له أن المضمر أعرف المعارف فيؤدي كلامه حينئذ إلى التدافع (١) والأولى أن يكون كلامه مطلقا فصلا يفصل العلم عن سائر المعارف ؛ فإن كلّا منها مخصوص لا مطلقا بل بقيد. فالضمير [١ / ١٨٧] مخصوص بقيد الحضور أو الغيبة ، واسم الإشارة بقيد الحضور ، وذو الألف واللام بقيد العهد أو غيره من المعاني المفادة بها مع مصحوبها ، وأمّا العلم فمخصوص بمسماه مطلقا ، أي دون قيد ، بل مجرد وضع اللفظ لذلك المعنى كاف في التخصيص.

وهذا الذي أشير إليه هو ما أفهمه كلامه في الكافية ، حيث قال :

ما عيّن المعنى بلا قيد علم

وفي الألفية حيث قال : ـ

__________________

(١) معنى التدافع أي التناقض والاختلاف وذلك لأنه سبق له أن قال : إن الضمير أعرف المعارف ؛ لأنه جزئي وضعا فأنا وضع للمتكلم والمتكلم حال التكلم معين وهكذا الخطاب.

وهنا قال : إن العلم : هو المخصوص مطلقا بمسمى غير مقدر الشياع ، وذكر أن المخصوص مخرج للمضمرات لأن كل واحد منها مخصوص باعتبار غير مخصوص باعتبار ، فلفظ أنا وضع ليخص به المتكلم نفسه ، ولكل متكلم منه نصيب حين يقصد نفسه ، فيكون أقل تعريفا من العلم. وسبق له أن قال : إن الضمير أعرف المعارف. وهذا هو التناقض. وقد أجاب عنه ناظر الجيش إجابة مقنعة.

٥

[تقسيم العلم إلى منقول ومرتجل]

قال ابن مالك : (وما استعمل قبل العلميّة لغيرها منقول منه ، وما سواه مرتجل. وهو إمّا مقيس وإما شاذّ بفكّ ما يدغم أو فتح ما يكسر ، أو كسر ما يفتح ، أو تصحيح ما يعلّ ، أو إعلال ما يصحّح).

______________________________________________________

اسم يعيّن المسمّى مطلقا (١)

البحث الثالث :

الظاهر أن قوله : غير مقدّر الشّياع غير محتاج إليه ؛ لأنه إنما ذكره ليخرج نحو شمس وقمر كما تقدم ، ولا شك أن الشمس والقمر لم يوضعا لأن يعينا مسماهما ، بل على أنهما أسماء جنس وإن كان مسمى كل منهما واحدا بالشخص ، فإنما هو من حيث إن الواقع في الوجود كذلك ، وعلى هذا لم يدخل نحو شمس وقمر تحت قوله : وهو المخصوص بمسمّى فيحتاج إلى إخراجه بقوله : غير مقدّر الشّياع (٢).

قال ناظر الجيش : العلم يذكر له تقسيمات باعتبارات (٣) :

فالأول : تقسيمه إلى منقول ومرتجل.

فأما المنقول : فهو ما كان موضوعا لشيء قبل ذلك ، ثم جعل اسما لشيء آخر ، وهذا هو مراد المصنف بقوله : وما استعمل قبل العلميّة لغيرها منقول منه.

والمرتجل : بخلافه أي الذي لم يكن موضوعا لشيء ، بل اخترع للعلمية ، ـ

__________________

(١) شرح الأشموني للألفية (١ / ١٢٧). وقد شرح البيت بما ذهب إليه الشارح ، وقسم القيد المذكور أو القرينة التي تعين المسمى إلى لفظية كأل والصلة أو معنوية كالحضور والغيبة. قال الصبان : «كان عليه أن يقول أو حسيّة كالإشارة الحسّيّة في اسم الإشارة ؛ لأنّها القرينة الّتي بها تعين مدلول اسم الإشارة لا مجرّد الحضور» وهو خلاف ما ذهب إليه شارحنا أيضا. حيث جعل الحضور قيد اسم الإشارة. وأرى أنه لا فرق بينهما.

(٢) يوجد هامش كثير في هذه الصفحة في نسخة (ب). ولم أستطع قراءته لطمسه ولا يخرج عن كونه تعليقا على كلام الشارح.

(٣) قسم باعتبار الوضع : إلى مرتجل ومنقول. وقسم باعتبار ذاته : إلى مفرد ومركب ، والمركب ثلاثة أقسام. وقسم باعتبار آخر : إلى اسم وكنية ولقب. وقسم باعتبار تخصيص الشيء بالاسم قصدا ، أو تخصيص أحد المشتركين بشائع : إلى علم بالتعليق أو علم بالغلبة. كما ينقسم باعتبار الشيوع أو عدم الشيوع : إلى علم الشخص كزيد ، وعلم الجنس كأسامة لجنس الأسود.

٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا تعويل على قول من جعل الأعلام كلها منقولة ، وأنكر المرتجل ؛ إذ الواقع بخلافه (١).

ثم الواقع منقولا في كلام العرب اثنا عشر نوعا ، وبيانه أن المنقول إما اسم أو فعل أو جملة فعلية.

أما الاسم فستة أقسام : لأنه إما صوت أو غير صوت ، وغير الصوت إما صفة هي اسم فاعل ، أو اسم مفعول ، أو صفة مشبهة ـ وإما غير صفة : فإما اسم عين أو اسم معنى (٢).

وأما الفعل فثلاثة : ماض ومضارع وأمر.

وأما الجملة الفعلية فثلاثة أقسام أيضا : لأن فاعلها إما ظاهر أو مضمر بارز أو مستتر ، ولم ينقل من حرف ولا جملة اسمية.

أما الصوت فنحو ببّة وهو لقب عبد الله بن الحارث بن نوفل (٣) لقب به لأنه قال في صباه ببّة كما يقول الصبيان فسمي بذلك. قالت أمه بنت أبي سفيان ترقصه :

٢٨٩ ـ لأنكحنّ ببّة

جارية خدبّة

مكرمة محبّة

تجبّ أهل الكعبة (٤)

وأما اسم الفاعل فنحو : حارث وغالب واسم المفعول نحو منصور ومسعود ، والصفة المشبهة نحو : سعيد وحسن ، وأما اسم العين فنحو : ثور وأسد ، وأما اسم ـ

__________________

(١) ذكر السيوطي حجة المنكر قائلا : إن الوضع سبق ووصل إلى المسمى الأول وعلم مدلول تلك اللفظة في النكرات وسمي بها ، وجهلنا نحن أصلها ، فتوهمها من سمى بها من أجل ذلك مرتجلة (الهمع : ١ / ٧١).

(٢) وعليه فالصوت واحد ، والصفة ثلاثة ، وغير الصفة اثنان.

(٣) هو عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي القرشي وال من أشراف قريش من أهل المدينة ، أمه هند أخت معاوية. ولد سنة (٨ ه‍) ، كان ورعا ظاهر الصلاح ، ولاه ابن الزبير على البصرة ، ولما قامت فتنة ابن الأشعث خرج إلى عمان هاربا من الحجاج حتى توفي سنة ٨٤ ه‍ ، ترجمته في الأعلام (٤ / ٢٠٥).

(٤) الأبيات من الرجز المنهوك قالتها هند بنت أبي سفيان ترقص ابنها عبد الله وهو صغير ، وكان غلاما كثير اللحم ممتلئ الجسم ، والأبيات في لسان العرب مادة : ببب (١ / ٢٠٢).

اللغة : ببّة : بالتشديد هي في الأصل حكاية صوت صبي ، ثم نقل من هذا الصوت إلى العلمية ، وهو موضع الشاهد. وقيل : هو لقب لقبته به أمه لكثرة لحمه (لسان العرب : ١ / ٢٠٢) الجارية الخدبّة : هي الممتلئة. مكرمة محبّة : أي يكرمها أهلها ويحبونها. تجبّ : أي تغلب ، والمعنى تغلب نساء قريش في حسنها وجمالها. وقيل : الرواية تحب بالحاء من الحب ضد البغض والمعنى واضح.

وانظر مراجع الأبيات في معجم الشواهد (ص ٤٤٢). وهي في التذييل والتكميل (٢ / ٣١١).

٧

.................................................................................................

______________________________________________________

المعنى فنحو سعد وفضل ، ومنه إياس مصدر آسه يؤوسه إياسا وأوسا إذا أعطاه (١).

وأما الفعل الماضي فنحو : شمّر وكعسب ، الأول من شمر إزاره إذا رفعه أو شمر في الأمر خف. والثاني من كعسب إذا أسرع أو قارب الخطى.

وأما الفعل المضارع فنحو : تغلب ويشكر.

وأما الفعل الأمر فنحو : إصمت في قول الشاعر [١ / ١٨٨] :

٢٩٠ ـ أشلى سلوقيّة باتت وبات بها

بوحش إصمت في أصلابها أود (٢)

[١ / ١٨٩] أشلى : أغرى ، وسلوقيّة : نسبة إلى سلوق قرية باليمن تنسب إليها السيوف والكلاب ، والضمير في باتت يرجع إلى سلوقية ، وفي بات يرجع إلى الصائد. وإصمت فلاة بعينها نقل من فعل الأمر وسمي بها. وكأن إنسانا قال لصاحبه : اصمت ليسمع حسّا فسمي المكان بالفعل خاليا من الضمير ، ولذا أعربه ولم يصرفه للتأنيث والتعريف.

غير أن المسموع في مضارع صمت ضم الميم ، والرواية في البيت بكسرها ، وذلك من تغيير الأعلام. وأما قطع الهمزة فلأن القاعدة أنه متى سمي بفعل وفيه همزة وصل ـ

__________________

(١) لسان العرب (١ / ١٧٠) مادة أوس.

(٢) البيت من بحر البسيط قاله الراعي النميري ، من قصيدة يمدح بها عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان ، ومطلع هذه القصيدة :

طاف الخيال بأصحابي وقد هجدوا

من أمّ علوان لا نحو ولا صدد

اللغة : أشلى : دعا وأغرى وفاعله ضمير الصائد. سلوقية : نسبة إلى سلوق ، وهي قرية باليمن تنسب إليها السيوف والكلاب السلوقية ، والضمير في باتت يعود عليها ، وفي بات يعود على الصائد. بوحش إصمت : هي الكلاب الوحشية في هذا المكان ، وقيل : كله علم واحد. والمعنى : أغرى الصائد الكلاب بالصيد في هذا المكان. أصلابها : ظهورها. أود : اعوجاج والجملة صفة للكلاب.

والمعنى : أغرى الصائد هذه الكلاب الشديدة بوحوش هذه البرية.

وشاهده قوله : بوحش إصمت ، حيث نقلت الجملة الفعلية إلى العلمية.

والبيت في معجم الشواهد (ص ١٠٥) وفي التذييل والتكميل (٢ / ٣٠٩) ومثله هذا الشاهد في النقل من الجملة الفعلية قول الآخر (ديوان الحماسة : ١ / ٣١٥).

أبوك حباب سارق الضّيف برده

وجدّي يا حجّاج فارس شمّرا

ترجمة الشاعر : هو حصين بن معاوية من بني نمير ، كان أبوه سيد قومه في الجاهلية ، ولقب حصين بالراعي لكثرة وصفه للإبل وراعيها ، وهو شاعر فحل من شعراء الإسلام ، وهو الذي قال فيه جرير :

فغضّ الطّرف إنّك من نمير

فلا كعبا بلغت ولا كلابا

اقرأ ترجمته في الخزانة (٣ / ١٥٠). والشعر والشعراء (١ / ٤٢٥).

٨

.................................................................................................

______________________________________________________

قطعت ؛ لأنه بصيرورته اسما يصير له حكم الأسماء. والوحش : الخلاء ، وفي البيت تقديم وتأخير تقديره : باتت الكلاب بوحش إصمت وبات هو أيضا بها (١).

وأما الجملة الفعلية التي فاعلها ظاهر فنحو : برق نحره سمي به رجل نحره يبرق فغلب عليه ، ونحو : شاب قرناها سميت به امرأة شاب جانبا رأسها ، والقرن الخصلة من الشعر. قال الشاعر :

٢٩١ ـ كذبتم وبيت الله لا تنكحونها

بني شاب قرناها تصرّ وتحلب (٢)

والتي فاعلها ضمير بارز كقول الشاعر :

٢٩٢ ـ على أطرقا باليات الخيا

م إلّا الثّمام وإلّا العصيّ (٣)

تروى هذه القصيدة مطلقة مرفوعة ومقيدة. وأطرقا : اسم بلد معروف.

قال الأصمعي (٤) : «كأنّ ثلاثة قال أحدهم لصاحبه أطرقا أي اسكتا فسمّي ـ

__________________

(١) في مجمع الأمثال (٣ / ٩٨) : لقيته بوحش إصمت إذا لقيته بمكان لا أنس فيه ، ويروى ببلدة اصمت.

(٢) البيت من بحر الطويل غير منسوب في مراجعه ، بل قال صاحب معجم الشواهد : إنه من الخمسين المجهولة. وفي اللسان مادة قرن (٥ / ٣٦٠٩) نسبه إلى الأسدي ، ولعله عبد الله بن الزبير ، بفتح الزاي ، الأسدي وهو شاعر كوفي من شعراء الدولة الأموية ، توفي سنة (٧٥ ه‍).

اللغة : بني شاب قرناها : أصله يا بني التي شاب قرناها. تصرّ : من صررت الناقة إذا شددت عليها الصرار ، وهو خيط ، لئلّا يرضعها ولدها في المرعى ، فإذا عادت فكّ الصرار وحلبت الناقة.

والبيت في الهجاء الشنيع. وهو في معجم الشواهد (ص ٣٤) ، وليس في شروح التسهيل.

(٣) البيت من بحر المتقارب ، وهو إما محذوف الضرب فتسكن القافية ، وإما صحيح فتشدد الياء مرفوعة ؛ قاله أبو ذؤيب من قصيدة بدأها بالوصف ، ثم رثى ابن عمه في آخر أبياتها (ديوان الهذليين : ص ٦٥).

اللغة : أطرقا : موضع من منازل هذيل ، وقيل : موضع في مكة. الثّمام : بزنة غراب ، نبت ضعيف يحشى به خصاص البيوت وتستر به جوانب الخيمة. العصي : جمع عصا وهي قوائم الخيمة.

الإعراب : على أطرقا : جار ومجرور في محل نصب حال من الديار في بيت قبله. باليات الخيام :

نصب على الحال أيضا. إلّا الثّمام : يروى منصوبا على الاستثناء من تام موجب ، ويروى مرفوعا فيكون مبتدأ وخبره محذوف ، أي إلا الثمام لم تبل. وإلّا العصيّ : معطوف على ما قبله.

وفي إعراب البيت كلام طويل في شرح المفصل لابن يعيش (١ / ٣١).

وشاهده قوله : أطرقا : حيث نقل من فعل الأمر المسند للاثنين إلى العلمية فسمي به موضع.

والبيت في معجم الشواهد (ص ٤٢٩) وفي شرح التسهيل (١ / ١٧١). والتذييل والتكميل (٢ / ٣٠٩).

(٤) هو أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن أصمع ، إمام في الأخبار والنوادر والغرائب ، لغوي نحوي من أهل البصرة ، ولد سنة (١٢٣ ه‍) ، وقدم بغداد أيام هارون الرشيد ، وجالسه وناظر الكسائي في مجلسه

٩

.................................................................................................

______________________________________________________

المكان بذلك».

قال ابن عمرون (١) : «ويروى أطرقا بضم الرّاء على أنّه جمع طريق ، ويكون على أفعلا من العلوّ ، ويكون باليات الخيام من صفة أطرقا ويروى بكسر الرّاء أيضا ، ووجهه أنّه قصره من أطرقا كصديق وأصدقا. ولا شاهد فيه على هاتين الرّوايتين». انتهى.

والتي فاعلها ضمير مستتر كقول الشاعر :

٢٩٣ ـ نبّئت أخوالي بني يزيد

ظلما علينا لهم فديد (٢)

سمي بيزيد : من المال يزيد لا من يزيد المال ، والدليل على ذلك حكايته ، ولو كان من يزيد المال ما أعرب (٣).

قال ابن الحاجب (٤) رحمه‌الله تعالى : «وقول بعضهم إنّما هو نبّئت أخوالي ـ

__________________

فأفحمه ، وحرص المأمون أن يجالسه ، وكان يحفظ كثيرا من الشعر والأراجيز ، وقد صنف كثيرا ، من ذلك كتب خلق الإنسان والخيل والإبل والوحوش والسلاح والنوادر وغريب الحديث والأراجيز ، وعمر الأصمعي طويلا حيث مات بالبصرة سنة (٢١٧ ه‍). انظر ترجمته وأخباره وشعرا له في وفيات الأعيان (٣ / ٣٧٩).

(١) هو الشيخ جمال الدين أبو عبد الله بن محمد بن أبي علي بن أبي سعيد بن عمرون الحلبي النحوي ، ولد سنة (٥٩٦ ه‍) أخذ النحو عن ابن يعيش وغيره ، وجالس ابن مالك وأخذ عنه أيضا البهاء بن النحاس ، وروى عنه الشريف الدمياطي.

ومن مؤلفاته : شرح المفصل ولم أره. وله في هذا التحقيق آراء سديدة ، توفي ابن عمرون سنة (٦٤٩ ه‍).

انظر ترجمته في بغية الوعاة (١ / ٢٣١).

(٢) البيتان من الرجز المشطور ، وقد نسبا إلى رؤبة في ملحقات ديوانه (ص ١٧٢) الملحقة رقم : ٢٣.

اللغة : نبّئت : بالبناء للمجهول من النبأ وهو الخبر. لهم فديد : أي صياح وجلبة.

المعنى : يذكر رؤبة أنه أخبر عن قومه أن لهم معارك ولهم صياح وجلبة فيما بينهم مع أن هذا لم يكن.

الإعراب : أخوالي : مفعول ثان لنبّئت. بني يزيد : بدل مما قبله. ظلما : مفعول لفعل محذوف أو حال.

لهم فديد : جملة المفعول الثالث.

الشاهد فيه قوله : يزيد حيث نقلت الجملة الفعلية إلى العلمية. ولا يصح أن يقال فيه نقل الفعل فقط لأنه لو كان كذلك لأعرب وجر بالفتحة ومنع الصرف ، ولكن لما رفع دل على أن النقل من الجملة كلها وهي الفعل والفاعل المستتر.

والبيت في معجم الشواهد (ص ٤٦٥) وفي شرح التسهيل (١ / ١٧١) والتذييل والتكميل (٢ / ٣٠٨).

(٣) معنى أنه من المال يزيد لا من يزيد المال : أن يزيد في المثال الأول فاعله ضمير مستتر ، فهو جملة ويعرب على الحكاية ، ولذلك رفع كما يرفع المضارع بخلافه لو كان من يزيد المال لكان مفردا ممنوعا من الصرف للعلمية ووزن الفعل ، وحينئذ يجر بالفتحة نيابة عن الكسرة.

(٤) انظر نصه في شرح المفصل لابن الحاجب (١ / ٧٢) بتحقيق موسى العليلي ، العراق.

١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

بني تزيد بالتاء تنطّع منهم وتبجّح ؛ لأنّه قد علم أنّه في العرب تزيد بالتاء وإليه تنسب البرود التّزيدية وهو مردود بوجهين :

أحدهما : أن الرواية هنا بالياء.

والثاني : أن تزيد بالتاء مفرد لا جملة ، قال الشاعر :

٢٩٤ ـ يعثرن في حدّ الظّبات كأنّما

كسيت برود بني تزيد الأذرع (١)»

انتهى.

ومثل يزيد في الجملة تأبّط من تأبّط شرّا وذرّى من ذرّى حبّا ، ومثله أيضا ما أنشد ثعلب :

٢٩٥ ـ بنو يدرّ إذا مشى

وبنو يهرّ على العشا (٢)

وأنكر المصنف كون ببة منقولا من صوت ، وقال : «الصّحيح أنّ ببّة منقول من قولهم للصبي السمين : ببّة ، وقد تببّب فهو ببّ وببّة إذا سمن» (٣) [١ / ١٩٠].

وأنكر النقل من فعل الأمر دون إسناد قال : «إلا إصمت اسم للفلاة الخالية ؛ فإن من العلماء من زعم أنه منقول من الأمر بالصمت. وذلك عندي غير صحيح لوجهين : ـ

__________________

(١) البيت من بحر الكامل ، من قصيدة أبي ذؤيب التي يرثي فيها أولاده ، وقد سبق الحديث عنها.

وهو في هذا البيت يصف الحمر الوحشية التي اصطادها ، وقد تعثرت في طريقها بعد أن صوبت إليها السهام فأدمتها فصارت كأنها تلبس ثيابا حمرا من برود بني تزيد ، وقد شبه طرائق الدم بطرائق البرود.

وقوله : في حدّ الظبات في موضع نصب على الحال. والمعنى : يعثرن كابيات أو مجروحات في حد الظبات ، هكذا استشهد به ابن جني في المحتسب (٢ / ٨٨) فهو يشبه قوله تعالى : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ)[المؤمنون : ٢٠] أي وفيها دهنها.

ويروى البيت : يعثرن في علق النّجيع ، والعلق والنجيع اسمان للدم وأضافهما لأن العلق الدم قبل أن ييبس ، والنجيع دم الجوف.

وشاهده : نقل جملة تزيد من الفعلية إلى العلمية.

والبيت في معجم الشواهد (ص ٢٢٧) وليس في شروح التسهيل.

(٢) البيت من مجزوء الكامل لم أعثر له على مرجع أو قائل ، ولم أجده في مجالس ثعلب ، وهو الكتاب المشهور لثعلب.

اللغة : يدرّ : من درّ اللبن يدرّ ويدرّ : كثر ، يهرّ : من هرّ الكلب يهر هريرا : صوت دون نباح من قلة صبر على البرد.

وشاهده : نقل جملتي يدر ويهر من الفعلية إلى العلمية.

(٣) لسان العرب : (بب) والمعنيان في اللسان : حكاية الصوت والشاب الممتلئ البدن نعمة.

١١

.................................................................................................

______________________________________________________

أحدهما : أن الأمر بالصمت إما أن يكون من أصمت ، وإما أن يكون من صمت ، فالذي من أصمت مفتوح الهمزة ، والذي من صمت مضمومها ومضموم الميم. وإصمت بخلاف ذلك والمنقول لا يغير.

والثاني : أنه قد قيل فيه : إصمتة بهاء التأنيث ، ولو كان فعل أمر لم تلحقه هاء التأنيث ، وإذا انتفى كونه منقولا من فعل أمر ولم يثبت له استعمال في غير العلمية تعين كونه مرتجلا» انتهى (١).

أما كسر الميم فقد تقدم أن ذلك من تغير الأعلام ، وأما قطع الهمزة فقال أبو الفتح ابن جني : «قطعها في إصمت لما سمّي به ، وهو الّذي شجّع النّحاة على قطع هذه الهمزات إذا سمّي بما هي فيه.

وأمّا لحاق التّاء فليعلموا بذلك أنّه قد فارق موضعه من الفعليّة من حيث كانت هذه التّاء لا تلحق هذا المثال فعلا» (٢). ـ

__________________

(١) شرح التسهيل (١ / ١٧٢).

(٢) قال ابن جني في كتابه : المبهج في تفسير أسماء شعراء ديوان الحماسة (مكتبة القدس والبدير بدمشق مطبعة الترقي سنة ١٣٨٤) (ص ٨).

«وأما الفعل المستقبل المنقول إلى العلم فنحو قولهم في اسم الفلاة إصمت ، وإنما هو أمر من قولهم : صمت يصمت إذا سكت ، كأن إنسانا قال لصاحبه في مفازة اصمت يسكته بذلك تسمعا لنبأة أو جسها فسمي المكان بذلك. وهذا نحو ما ذهب إليه أبو عمرو بن العلاء في قول الهذلي :

على أطرقا باليات الخيام

إلّا الثّمام وإلّا العصيّ

ألا تراه قال : أصله أن رجلا قال لصاحبيه هناك : أطرقا فسمي المكان به فصار علما له ، كما صار إصمت علما له. وقطع الهمزة من إصمت مع التسمية به خاليا من ضميره هو الذي شجع النحاة على قطع نحو هذه الهمزات إذا سمي بما هي فيه. فإن قلت : فقد قالوا لقيته بوحش إصمتة ولو كان إصمت في الأصل فعلا لما لحقته تاء التأنيث.

قيل : إنما لحقت هذه التاء في هذا المثال على هذا الحدّ ليزيدوا في إيضاح ما انتحوه من النقل ، ويعلموا بذلك أنه قد فارق موضعه من الفعلية حيث كانت هذه التاء لا تلحق هذا المثال فعلا ، فصار إصمتة في اللفظ بعد النقل كأجربة وأبردة نعم وآنسهم بذلك تأنيث المسمى به وهو الفلاة. وزاد في ذلك أن إصمت ضارع الصفة ؛ لأنه من لفظ الفعل وفيه معناه ، أعني معنى الصمت وهو جثة لا حدث ، وتلك حال قائمة وكريمة ونحو ذلك ...

فإصمت الذي قد تغير لفظه بقطع همزته ، ومعناه يكون أقبل للتغيير». (المبهج في تفسير أسماء شعراء ديوان الحماسة لابن جني ص ٨ ، ٩).

١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وأما المرتجل (١) : فهو ما سوى المنقول كما تقدّم ، وهو قسمان : مقيس وشاذ.

فالمقيس : ما سلك به سبيل نظيره من النكرات ، والمراد بذلك أن يكون على قياس كلام العرب.

والشاذ : ما عدل به عن سبيل نظيره من النكرات ، فهو ليس على قياس كلام العرب.

أما المقيس : فنحو غطفان وعمران وحمدان بالفتح وفقعس (٢) وحنتف (٣) ؛ فإن نظائرها من النكرات : نزوان وسرحان وسكران وجعفر وعنسل (٤).

وأما الشاذ : فشذوذه يكون بأحد أوجه خمسة : إمّا بفكّ ما حقّه الإدغام نحو محبب (٥) فإنه مفعل من الحب. فالقياس يقتضي أن يكون محبّا بالإدغام ؛ لأن ذلك حكم كل مفعل مما عينه ولامه صحيحان من مخرج واحد وليس كمهدد (٦) ؛ لأنه ليس في الكلام تركيب م ح ب حتى تكون الباء الثانية للإلحاق.

وإمّا بفتح ما حقّه الكسر : نحو موهب (٧) ؛ فإنه مفعل من وهب ، فالقياس يقتضي أن يكون موهبا بكسر الهاء ؛ لأن ذلك حكم كل مفعل فاؤه واو ولامه صحيحة ، ومثله موظب (٨) وموألة (٩).

وإمّا بكسر ما حقّه الفتح : نحو معدي كرب ؛ فإن القياس يقتضي أن يكون معدي لأن نظيره من النكرات المعتلة اللام يلزمه الفتح : كمرمى ومسعى ومولى.

ونحو ما حكاه قطرب من أن صيقل بكسر القاف اسم امرأة من نساء العرب ؛ فإن القياس يقتضي أن تكون بفتح القاف لأن نظيره من النكرات الصحيحة العين يلزمه ـ

__________________

(١) هو القسم الثاني من تقسيم العلم باعتبار الوضع إلى منقول ومرتجل.

(٢) حي من بني أسد أبوهم فقعس بن طريف بن عمرو بن الحارث (اللسان : فقعس).

(٣) في القاموس : الحنتف كجعفر : الجراد المنتف المنقى للطبخ وابن السجف بن سعد اليافعي ، والحنتفان : حنتف وأخوه سيف.

(٤) العنسل : الناقة القوية السريعة.

(٥) في القاموس (١ / ٥٢) : ومحبب كمقعد اسم (علم).

(٦) في اللسان (مهد) : ومهدد اسم امرأة ، وميمه أصلية بدليل فك الإدغام في الدال ، ولو كانت زائدة لأدغمت كمسد ومرد.

(٧) في القاموس (١ / ١٤٣) : وموهب كمقعد اسم علم.

(٨) في القاموس (١ / ١٤٢) : وموظب كمقعد موضع قرب مكة شاذ.

(٩) في القاموس (٤ / ٦٤) : وبنو موألة كمسعدة بطن.

١٣

[تقسيم العلم إلى مفرد ومركب / تقسيم المركب]

قال ابن مالك : (وما عري من إضافة وإسناد ومزج ـ مفرد. وما لم يعر مركّب. وذو الإضافة كنية وغير كنية. وذو المزج إن ختم بغير ويه أعرب غير منصرف ، وقد يضاف ، وإن ختم بويه كسر ، وقد يعرب غير منصرف. وربما أضيف صدر ذي الإسناد إلى عجزه إن كان ظاهرا).

______________________________________________________

الفتح كهيثم (١) وضيغم وصيرف (٢).

قال بعض النحاة في معدي كرب : يحتمل أن يكون مفعولا من عدا ، كمرعى من رعى وحذفت لامه.

وإمّا بتصحيح ما حقّه الإعلال : نحو مدين ومكوزة (٣) ؛ فإن القياس يقتضي إعلالهما بقلب الياء والواو ألفا ، كما فعل بنظائرها كمنارة ومهانة ومفازة.

ومما صحح وحقه الإعلال حيوة.

وإما بإعلال ما حقّه التصحيح : كداران (٤) وماهان (٥) ؛ فإن القياس يقتضي تصحيحها وأن يقال فيها : دوران وموهان كما يقال في نظائرها من النكرات كالجولان [١ / ١٩١] والطوفان.

قال الشيخ ـ ما معناه ـ : إنّ العلم المنقسم إلى القسمين المذكورين هو ما كان علما بالتّعليق ، أما ما علميته بالغلبة كابن عمر والثّريا فليس منقولا ولا مرتجلا (٦).

قال ناظر الجيش : هذا تقسيم ثان للعلم باعتبار آخر ، وهو انقسامه إلى مفرد ومركب فالمفرد : ما كان من كلمة واحدة ، والمركب : ما كان أكثر من ذلك.

ثم المركب ثلاثة أقسام : مركب الإضافة ، ومركب الإسناد ، ومركب المزج.

وبيان الحصر في الثلاثة أن الكلمتين قبل التسمية إما أن يكون بينهما ارتباط أو لا ؛ ـ

__________________

(١) في القاموس (٤ / ١٨٩) الهيثم : له معان كثيرة ، منها العقاب والكثيب واسم موضع.

(٢) في القاموس (٣ / ١٦٧) : والصيرف والصيرفي المحتال في الأمور ، وصراف الدراهم.

(٣) في القاموس (٢ / ١٩٦) : ومكوزة وكازة موضع بمرو.

(٤) في اللسان : (درر) : وداران : موضع. وأعلت واوه للزيادة في آخره.

(٥) في القاموس (٤ / ٢٩٥) : وماهان : اسم وهو إما من هوم أو هيم. وذكر له عشر مواد.

(٦) التذييل والتكميل (٢ / ٣١٣).

١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فإن كان بينهما ارتباط قبل ذلك : فلا يخلو أن يكون بينهما ارتباط حملي أو لا ؛ فإن كان ارتباطا حمليّا فهو تركيب الإسناد ، وإن كان غير حملي فهو تركيب الإضافة كغلام زيد ، وإن لم يكن بينهما ارتباط قبل ذلك فهو تركيب المزج نحو : بعلبك ومعدي كرب ، والمراد بتركيب المزج : تنزيل عجز المركب منزلة تاء التأنيث.

ثم ذو المزج قسمان : قسم مختوم بلفظ ويه كسيبويه وما شاكله.

وقسم مختوم بغير ذلك كالمثالين المتقدمين.

والعلم الذي هو كنية داخل في قسم المضاف. وإليه الإشارة بقوله : وذو الإضافة كنية وغير كنية. وحكم ما ختم بغير ويه : البناء.

قال الشيخ (١) : «وهو القياس لاختلاط الاسم بالصّوت وصيرورتهما شيئا واحدا ، فعومل معاملة الصّوت فبني ونون إذا نكّر». وذكر أن إعرابه إنما أجازه الجرمي ويظهر من قول المصنف : قد يعرب أن ذلك مسموع.

أما ما ختم بغير ويه ففيه للعرب ثلاثة استعمالات :

أحدها : إعرابه غير منصرف ، وهذا هو الأكثر والأغلب.

ثانيها : إضافة صدره إلى عجزه وهو قليل.

ثالثها : وقد ذكره المصنف في باب ما لا ينصرف (٢) : «تركيب الجزأين وبناؤهما تشبيها بخمسة عشر ، وهو أقلّ ممّا قبله».

قال المصنف (٣) : «وإذا كان المركّب جملة وثاني جزأيها ظاهر ـ فمن العرب من يضيف أوّل الجزأين إلى الثّاني فيقول : جاء برق نحره».

واحترز بقوله : إن كان ظاهرا من مثل تأبط ، فلا يتوهم فيه الإضافة إلى الضمير المستكن.

قال الشيخ : «مقتضى كلام المصنّف انحصار المركّب في الثّلاثة الّتي ذكرها ، ـ

__________________

(١) التذييل والتكميل (٢ / ٣١٥ ، ٣١٦).

(٢) انظر نصه في تسهيل الفوائد (ص ٢٢٢). قال ابن مالك : فصل : قد يضاف صدر المركّب فيتأثر بالعوامل ما لم يعتل ، وللعجز حينئذ ما له لو كان مفردا ، وقد لا يصرف كرب مضافا ، إليه معدي ، وقد يبنى هذا المركب تشبيها بخمسة عشر.

(٣) شرح التسهيل (١ / ١٧٣).

١٥

[تقسيم العلم إلى اسم وكنية ولقب]

قال ابن مالك : (ومن العلم اللّقب ، ويتلو غالبا اسم ما لقّب به بإتباع أو قطع مطلقا ، وبإضافة أيضا إن كانا مفردين).

______________________________________________________

وثمّ أشياء كثيرة مسمّى بها فصارت أعلاما وهي مركّبة. وقد عريت من إسناد وإضافة ومزج ، كما إذا سميت بما ركب من حرفين نحو : إنما ، أو حرف واسم نحو : يا يزيد ، أو حرف [١ / ١٩٢] وفعل نحو : قد قام ونحو ذلك» (١). انتهى.

وما ذكره غير وارد على المصنف وغير لازم له أن يذكره ؛ لأنه لم يقصد الإشارة إلى كل ما سمي به فجعل علما ، إنما مراده ذكر العلم الذي استعملته العرب ووقع في كلامها ، ولا شك أن الواقع من كلامهم إنما انقسم إلى الأقسام التي ذكرها (٢).

قال ناظر الجيش : هذا تقسيم ثالث للعلم باعتبار آخر ، وهو انقسامه إلى اسم وكنية ولقب. وقوة كلام المصنف تفيد التقسيم المذكور لإفهام قوله : ومن العلم اللّقب أن الكلام الذي مر له في غيره.

وقد قال : وذو الإضافة كنية وغير كنية. فأشار إلى الكنية أيضا ، فبقي الكلام فيما عدا ذلك في الاسم.

وبيان حصره بهذا الاعتبار في الثلاثة : «أنه إن كان مضافا مصدّرا بأب أو أمّ فهو الكنية كأبي بكر وأم كلثوم ، وإن لم يكن كذلك : فإن أشعر برفعة المسمّى أو ضعته فهو اللّقب ، كبطة وقفة وأنف الناقة ، وإن لم يكن كذلك فهو الاسم كزيد وعمرو. ـ

__________________

(١) التذييل والتكميل (٢ / ٣١٥).

(٢) وقد نقل هذا الجواب الشيخ يس العليمي في حاشيته على التصريح (١ / ١١٦). قال عند ذكر ابن مالك لتقسيمات المركب الثلاثة ، قال : اعترضه أبو حيان بأن ثم أشياء كثيرة سمّي بها فصارت أعلاما وهي مركبة وقد عريت من إسناد وإضافة ومزج ، كما إذا سمّيت بما تركّب من حرفين نحو إنما أو حرف واسم نحو يا يزيد ، قال : وأجاب ناظر الجيش بأن المراد ذكر العلم الذي استعملته العرب ووقع في كلامها ، ولا شك أن الواقع في كلامهم إنما انقسم إلى الأقسام التي ذكرها. ثم قال : وقد يقال عدم استعمال العرب له لا يقتضي عدم ذكره وإهمال حكمه. وقد ذكر الناظم هنا وغيره المنقول من الجملة الاسمية ولم تستعمله العرب.

ثم قال : وهذا الجواب الذي أجاب به ناظر الجيش أجاب بنحوه المراديّ في شرح النّظم ، وأجاب بجواب آخر ، وهو أنّ ما ذكره أبو حيان مشبّه بتركيب الإسناد ، فاكتفى بذكر تركيب الإسناد ؛ لأنّ هذا ملحق به.

١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذا كلام الإمام بدر الدين ولد المصنف (١) وهو أحسن من كلام ابن عمرون حيث قال : «لأنه إمّا أن يقصد به التّعظيم أو التّحقير أو لا ، فإن لم يقصد أحدهما فهو الاسم وإن قصد فهو اللّقب ، ثم الاسم واللّقب إمّا أن يضاف إليهما أب أو أمّ أو لا.

فإن أضيف فهو الكنية لاقتضاء هذا التقسيم تداخل الأقسام (٢).

إذا تقرر هذا فقد ذكر المصنف لاجتماع اللقب مع الاسم حكمين :

أحدهما : بالنسبة إلى ما يكون مقدما منهما على الآخر.

وثانيهما : بالنسبة إلى كيفية إعراب الثاني (٣) ولم يتعرض المصنف إلى ذكر اجتماع الكنية مع اللقب ، والظاهر أن حكم الكنية في ذلك حكم الاسم (٤).

أما الحكم الأول : فهو أن اللقب يؤخر عن الاسم ، وقد ذكر لتعليل ذلك أمور :

منها : أن اللقب أشهر من الاسم.

ومنها : أن اللقب يقصد به التعظيم أو التحقير. فلو قدم وأضيف إلى الاسم لكان بعد نكرة ، وتنكيره يزيل الغرض الذي قصد به بخلاف تنكير الاسم.

وهذه العلة قاصرة لعدم اطرادها فيما إذا كان بينهما تركيب (٥) إلا أن يقال : لما استقر ذلك حال كونهما مفردين أجريناه حال التركيب طردا للباب.

ومنها : ما ذكره المصنف (٦) ؛ وهو أن اللقب في الغالب منقول من اسم غير إنسان كبطة وقفة وكرز (٧) ؛ فلو قدم لتوهم السامع أن المراد مسماه الأصلي وذلك مأمون بتأخيره ، فلم يعدل عنه إلّا فيما ندر من الكلام كقول جنوب (٨) أخت عمرو ذي الكلب : ـ

__________________

(١) انظر نص ذلك في شرح ابن الناظم على الألفية (ص ٧٣) (دار الجيل بيروت) د / عبد الحميد السيد.

(٢) معنى تداخل الأقسام فيه : أن من لم يضف إليه أب أو أم فهو اسم أو لقب ، وقد دخل الاسم في التقسيم الأول حيث لم يقصد به تعظيم أو تحقير.

(٣) في نسخة (ب) : التالي مكان الثاني.

(٤) الأمر كما رآه ناظر الجيش ، قال ابن مالك في الألفية :

واسما أتى وكنية ولقبا

وأخّرن ذا إن سواه صحبا

ومعناه أخّر اللقب إن صحب سواه أي من الاسم والكنية.

(٥) وذلك لأن المركب منهما لا يضاف أحدهما إلى الآخر.

(٦) في شرح التسهيل (١ / ١٧٤).

(٧) في القاموس (٢ / ١٩٥) وكرز كبرج : خرج الراعي.

(٨) هي جنوب بفتح الجيم وضم النون ، واسمها عمرة بنت العجلان أخت عمرو بن الكلب بن العجلان

١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

٢٩٦ ـ أبلغ هذيلا وأبلغ من يبلّغها

عنّي حديثا وبعض القول تكذيب

بأن ذا الكلب عمرا خيرهم نسبا

ببطن شريان يعوي حوله الذّيب (١)

[١ / ١٩٣] ومن هذا احترز المصنف بغالبا من قوله : ويتلو غالبا اسم ما لقّب به.

وأما الحكم الثاني : فهو إعراب الثاني بالنسبة إلى الأول : وذلك أن الاسم واللقب إما أن يكونا مفردين أو مركبين أو أحدهما مفردا والآخر مركبا.

فإن وجد تركيب فيهما نحو : جاء عبد الله أنف الناقة ، أو في أحدهما نحو :

جاء عبد الله بطة ، وزيد أنف الناقة ـ وجب أحد أمرين :

إما إتباع اللقب للاسم على أنه عطف بيان أو بدل.

وإما قطعه عنه إما إلى الرفع وإما إلى النصب.

وامتنعت إضافة الأول إلى الثاني : ووجه الامتناع أن الإضافة تقتضي أن يكون ذلك اللفظ مضافا كان أو مضافا إليه مستقلّا بالمعنى ، وإذا سمي بهما معا لم يكن أحدهما مستقلّا بمعنى ؛ لأنهما قد نقلا وسمي بهما مضافين ، فصار كل اسم منهما بمنزلة الجيم من جعفر ، وذلك لا يجوز إضافته ولا الإضافة إليه لأنه ليس له معنى.

لا يقال : كون كل واحد منهما بمنزلة بعض الاسم يقتضي ألا يعرب ؛ لأنا نقول : لما كانا في الأصل مضافا ومضافا إليه ونقلا وسمي بهما ـ بقي الإعراب على حاله نظرا إلى أصله ، وهذا بخلاف الإضافة. ـ

__________________

الكاهلي ، شاعرة جاهلية اشتهرت برثائها لأخيها عمرو ، وكان قد خرج غازيا ، فهبط واديا فنام فوثب عليه نمران فأكلاه ، وسمي ذا الكلب لكلب كان يلازمه يصطاد به. ولجنوب قصيدتان من أبلغ الرثاء في شرح ديوان الهذليين (٢ / ٥٧٨) وما بعدها.

(١) البيتان من بحر البسيط ، وهما لجنوب أخت عمرو ذي الكلب الهذلي ترثيه (انظر ديوان الخنساء ومراثي ستين شاعرة من شواعر العرب (ص ١٤٢) ، وانظر شرح أشعار الهذليين ص ٥٧٨ وما بعدها).

كلّ إمرئ بطوال العيش مكذوب

وكلّ من غالب الأيّام مغلوب

اللغة : بطن شريان : موضع قتل فيه المرثي. يعوي حوله الذّيب : كناية عن قتله في الصحراء.

وشاهده واضح : وهو تقدم اللقب على الاسم وذلك نادر.

ويضاف إلى ما ذكره الشارح من أسباب تأخير اللقب : أن اللقب يشبه النعت والنعت لا يتقدم.

ومراجع البيت في معجم الشواهد (ص ٤٧) وهو في شرح التسهيل (١ / ١٧٤) وفي التذييل والتكميل (٢ / ٣١٧).

١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وإن انتفى التركيب من الجانبين (١) وكان الاسم واللقب مفردين نحو : جاء سعيد كرز ـ وجبت إضافة الأول إلى الثاني عند البصريين ، ولم يجز سيبويه غير ذلك (٢) وأما الكوفيون فنقل عنهم جواز الإتباع (٣).

وذكر ابن عمرون عن الزجاج أنه أجاز الإتباع وأنه قال : «هذا قياس وليس من كلام العرب». وأن الفراء أجاز الإتباع أيضا ، روى هذا ثابت قطنة (٤) ، وقال : سمعت أبا ثروان يقول : قد جاءكم يحي عينان لرجل ضخم العينين.

قال الفراء : «والإضافة أكثر».

قال ابن الحاجب (٥) : «وقد جاء قيس الرّقيات بتنوين قيس وجعل الرّقيّات ـ

__________________

(١) هذه هي الحالة الثانية إجمالا ـ والثالثة تفصيلا ـ من أحوال تركيب وإفراد الاسم واللقب.

(٢) انظر الكتاب (٣ / ٢٩٤) هذا باب الألقاب. يقول سيبويه : «إذا لقّبت مفردا بمفرد أضفته إلى الألقاب ، وهو قول أبي عمرو ويونس والخليل ، وذلك قولك : هذا سعيد كرز ، وهذا قيس قفة قد جاء ، وهذا زيد بطّة». وفي غير ذلك قال : «وإذا لقبت المفرد بمضاف والمضاف بمفرد جرى أحدهما على الآخر كالوصف».

(٣) انظر التذييل والتكميل (٢ / ٣١٧ ، ٣١٨) وشرح التصريح (١ / ١٢٣).

وقال بعضهم : «وجوب الإضافة يردّه النظر من جهتي الصّناعة والسّماع :

أما الصناعة : فلأنا لو أضفنا الأول إلى الثاني لزم إضافة الشيء إلى نفسه ؛ لأن مسماهما واحد.

وأما السّماع : فقولهم : هذا يحي عينان بغير إضافة ، وإلا لقالوا عينين بالياء».

وقد أجيب عن هذين الردين (انظر ذلك في شرح التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٣).

وقال أبو حيان : «إن لنا مفردين ولا تجوز الإضافة مثل أن يكون فيهما الألف واللّام أو في أحدهما ؛ فإنه لا يجوز الإضافة في هذه الحال ، بل يتبع نحو جاء الحارث كرز ، ورأيت الحارث كرزا ، ومررت بالحارث كرز». (التذييل والتكميل : ٣ / ٣١٨).

(٤) من شعراء خراسان وفرسانهم ، ذهبت عينه وكان يحشوها بقطنة ، فسمي ثابت قطنة ، فقال فيه قائل :

لا يعرف النّاس عنه غير قطنته

وما سواه من الأنساب مجهول

وكان يزيد بن المهلب استعمله على بعض كور خراسان ، فلما علا المنبر حصر فلم ينطق حتى نزل ، فلما دخل عليه الناس قال :

فإلّا أكن فيكم خطيبا فإنّني

بسيفي إذا جدّ الوغى لخطيب

فقالوا : لو كنت قلت هذا البيت على المنبر كنت أخطب الناس. ومما يستجاد له قوله في رثاء يزيد السابق :

إن يقتلوك فإن قتلك لم يكن

عارا عليك وبعض قتل عار

توفي سنة (١١٠ ه‍) واقرأ ترجمته في الشعر والشعراء (٢/ ٦٣٥) وفيات الأعيان (٦ / ٣٠٨) ، الأعلام (٢ / ٨٢).

(٥) انظر نصه في كتاب الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب (٢ / ٨٠) تحقيق موسى العليلي ، العراق (وزارة الأوقاف).

١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عطف بيان أو بدلا».

واختار المصنف جواز الإتباع ، ولهذا قال : بإتباع أو قطع مطلقا. يعني مركبين كانا أو مفردين أو مختلفين.

وعقب ذلك بقوله : أو بإضافة أيضا إن كانا مفردين. فالمفردان يشاركان غيرهما في الإتباع والقطع وينفردان بالإضافة.

قال المصنف : ولم يذكر سيبويه فيهما إلّا الإضافة ؛ لأنها على خلاف الأصل (١) فبين استعمال العرب ؛ إذ لا مستند لها إلّا السماع بخلاف الإتباع والقطع فإنهما على الأصل. وإنما كانت الإضافة على خلاف الأصل ؛ لأن الاسم واللقب مدلولهما واحد ؛ فيلزم من إضافة أحدهما إلى الآخر إضافة الشيء إلى [١ / ١٩٤] نفسه ؛ فيحتاج إلى تأول الأول بالمسمى والثاني بالاسم ؛ ليكون تقدير قول القائل :

جاء سعيد كرز ـ جاء مسمى هذا اللقب ، فيخلص من إضافة الشيء إلى نفسه.

والإتباع والقطع لا يحوجان إلى تأول. ولا يوقعان في مخالفة أصل ، فاستغنى سيبويه عن التنبيه عليهما ، وإنما يؤول الأول بالمسمى ؛ لأنه المعرض للإسناد إليه والمسند إليه في الحقيقة إنما هو المسمى (٢). انتهى.

وبهذا الذي اعتذر المصنف به عن سيبويه ـ اعتذر ابن الحاجب عن الزمخشري ، حيث اقتصر على ذكر الإضافة فقط (٣).

قال ابن الحاجب (٤) :

«فعل الزمخشريّ ذلك إما اعتمادا منه على ظهور الوجه الآخر ، فذكر الوجه المشكل خاصة ، وترك ذلك الوجه الظاهر عنده ، وإما لأنه مذهبه».

ثم قال : ووجه إشكاله أنهما اسمان لذات واحدة فتعذر إضافة أحدهما إلى ـ

__________________

(١) انظر كتاب سيبويه (٣ / ٢٩٤).

(٢) شرح التسهيل (١ / ١٧٤).

(٣) قال الزمخشري في المفصل (ص ٩) :

وإذا اجتمع للرجل اسم غير مضاف ولقب ، أضيف اسمه إلى لقبه ، فقيل : هذا سعيد كرز ، وقيس قفة ، وزيد بطة.

(٤) انظر هذا النقل الطويل في كتاب : الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب (١ / ٨١ ، ٨٢) بتصرف.

٢٠