نزهة الناظر - المقدمة

السيد أحمد الحسيني

نزهة الناظر - المقدمة

المؤلف:

السيد أحمد الحسيني


الموضوع : الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٧

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

في دراساتي الفقهية كثيرا ما كنت أحتاج إلى المطالعة في كتب القدماء المطولة منها والمختصرة لكي أستخرج منها الآراء والنظريات الفقهية وكيفية استدلالهم عليها ، وكان من نصيبي في أكثر الأوقات الإخفاق في مهمتي وعدم الوصول إلى بغيتي ، ذلك لأن المصادر القديمة شحيحة والتراث الفقهي لا زال مخطوطا لم يطبع منه إلا أقل من القيل ، والمطبوع منه نادر قليل الوجود أو ردئ الطبع ملئ بالتحريفات والسقطات والاغلاط الشائنة.

وقد تحدثت في مناسبة من المناسبات إلى احد مراجع الدين ـ حفظهم الله وايقاهم ـ لاعلم كيف يعالج هذه المشكلة في بحوثه ودراسائه فوجدته اكثر شكاية مني وهو يفكر في المخرج من هذا المأزق الذي لم يجد له حلا بعد.

من هنا اختمرت في ذهني إخراج سلسلة تحت عنوان (المكتبة الفقهية) تضم التناج الفقهي لكبار علمائنا الاقدمين ـ رضوان الله تعالى عليهم اجمعين ـ ليكون ما يطبع فيها جيد الطبع انيق المنظر يسهل تناوله ولا يتعب قارئه.

وحسبت في بدء الامر ان هذا عمل يسير لا يحتاج إلى كثير عناء وجهد ، ولكن حينما عزمت على العمل وجدت العوائق والمثبطات غير قليلة والعبء ثقيل والطريق طويل شاق والحاجة الى مساهم يشاركني في الاعمال ماسة.

٣

فرحت أطلب العون من جماعة من العلماء والافاضل ، وشرحت لهم أهمية الموضوع وضرورته والخدمة العظمى الكامنة في القيام به تجاه الشريعة الاسلامية وقوانينها الفقهية ، وبينت لهم ان الكتب التراث لو تهمل ولاتطبع بطباعات جيدة توافق ذوق العصر ، يعني ذلك إهمال القانون الاسلامي وإبعاده عن أذهان الناشئة وعدم إلفات نظر الباحثين إليه.

كان هذا الكلام وما أشبهه يقع موقع القبول من السامعين لكن في المجلس فقط ، ويتحمس له المخاطبون لكن لدقائق معدودة .. ثم يذهب الكلام سدى كما تنقشع الغيوم من السماء في لحظات.

إن الشعور بالواجب كان يدفعني إلى تكرار القول بل إلى السعي في العمل ، وكان من نتاج السعي خروج (نزهة الناظر في الجمع بين الاشباه والنظائر) إلى النور وطبعه بشكل جميل جلب الانظار ولهجت الالسن بالمدح والثناء عليه.

والآن أعود الى (المكتبة الفقهية) بعد تسع سنوات ، وأعيد طبع (نزهة الناظر) كتابا أولا للمكتبة ، وكلى أمل وطيد في أن اوفق لاخراج بقية الكتب ، التي أعددتها لتكون في هذه السلسلة.

والله تعالى أسال في ان يوفقني للقيام بالواجب وعدم اهمال ما علي من التكليف ، وهو الموفق والمعين.

قم ـ ١ / ربيع الاول ١٣٩٤ ه

السيد احمد الحسيني

٤

المقدمة

تدوين الفقه :

بعث رسول الاسلام صلى الله عليه وآله في بيئة امية تكاد تفقد وسائل العلم والثقافة ، ولم يكن فيها علوم تستحق الذكر الا ما كان محفوظا في الصدور من الاشعار والايام الشهيرة وبعض العلوم الغريبة كالسحر والكهانة وما الى ذلك.

ولكن كانت رسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ودينه مبدأ مشجعا وحاثا للعلم والثقافة والمعرفة ، وهذه الايات الاولى الموحاة الى النبي العظيم تذكر نقطتين هامتين هما بدء الحليقة ونعمة العلم : (اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * اقرأ وربك الاكرم * الذي علم بالقلم * علم الانسان ما لم يعلم).

وكان رسول الانسانية يهتم اهتماما بالغا بتثقيف الناس ثقافة راقية يضمن لهم رفاه الدنيا وسعادة الاخرة.

ويتضح شدة اهتمام النبي الاكرم بتعليم امته مما هو مأثور عن المؤرخين والمحدثين من ان النبي كان يفدي بعض أسرى المشركين بتعليم بعض أصحابه الكتابة والقراءة.

٥

ومع ذلك لم تكن الحاجة ماسة بتعلم الكتابة والتدوين ، ذلك لان النبي كان حيا وكان الاصحاب يسمعون الشريعة شفاها منه ثم ينقلونها الى بقية المسلمين ...

وبعد ما مضى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى ربه بدأت الحاجة الى التدوين تظهر ، بل تشتد من حسين الى آخر ، فأقبل الصحابة والتابعون وتابعو التابعين يكتبون ويدونون ما سمعوه من الرسول أو ما نقل إليهم بوسائط ، ويهتمون اكثر ما يهتمون بمعرفة علوم القرآن الكريم والسنة الطاهرة.

وكانت مدونات القدماء ـ على الاكثر ـ بصورة احاديث وروايات معنعنة ومسندة من راو الى آخر الى ان تنتهي الرواية الى النبي أو احد الأئمة عليه وعليهم الصلاة والسلام ... وهكذا وضعت المؤلفات الكثيرة على طريق الرواية والحديث.

ولكن طول الزمن وبعد الشقة بين الفقهاء والمعصومين وعدم إمكان الوصول إلى مصدر الشريعة الغراء وتجدد المسائل الحديثة كل يوم ... كل هذه العوامل أوجبت الركون الى الاستنباط بمعونة القواعد المستفادة من الكتاب والسنة ، فبدأ تدوين الفقه بطريق الاستدلال والإستنباط من الكتاب والسنة والعقل والإجماع.

وكان للتفنن نصيب وافر في وضع وترتيب هذه الكتب الفقهية وتنسيقها ، ونلاحظ من بين تلك الفنون في تأليف كتب الفقه نوغ يسمى بالأشباه والنظائر.

الاشباه والنظائر :

يقصد من الأشباه والنظائر المسائل المختلفة المتشتة الموزعة بين ابواب مختلفة من الفقه يكون بينها شبه ما ، ويجمعها ذلك الشبه.

٦

وليس هذا الاصطلاح خاصا بالفقه ، بل نرى في الادب وغيره ايضا هذا النوع من التأليف والسعى وراء جمع أشتات المسائل بواسطة شبه ما بينها كالأشباه والنظائر في النحو للسيوطي المطبوع المتداول وغيره.

ولم يخل هذا النوع من التأليف ايضا من التفنن :

فنرى السيوطي مثلا في كتابه (الاشباه والنظائر) يذكر القواعد الكلية ثم يعد المسائل المختلفة التي تستفاد من تلك القاعدة مسألة مسألة ، ذلك لان تلك القاعدة تجمع تلك المسائل في عقد منظم.

بينما نرى الحلي في كتابه هذا (نزهة الناظر) يجمع المسائل المتشتة التى بينها مشابهة ما بلا ذكر القواعد الكلية ، بل ربما تستفاد تلك المسائل من قواعد شى لا يرتبط بعضها ببعض.

المؤلفون في الأشباه والنظائر :

الف في هذا النمط الطريف جماعة نسرد اسماءهم فيما يلي :

١ ـ الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد الحلي المتوفي سنة ٦٨٩ أو ٦٩٠

٢ ـ الشيخ تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلى صاحب كتاب الرجال المشهور.

٣ ـ الشيخ صدر الدين محمد بن عمر المعروف بابن الوكيل الشافعي المتوفي سنة ٧١٦.

٤ ـ الشيخ صلاح الدين خليل بن كليكلدى العلائى الشافعي المتوفى سنة ٧٦١.

٥ ـ الشيخ تاج الدين عبد الوهاب بن على السبكي الشافعي المتوفى سنة ٧٧١.

٦ ـ الشيخ جمال الدين عبد الرحمن بن الحسن الاسنوى الشافعي المتوفى سنة ٧٧٢.

٧

٧ ـ الشيخ سراج الدين عمر بن علي الشافعي المتوفى سنة ٨٠٤.

٨ ـ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن ابي بكر السيوطي الشافعي المتوفى سنة ٩١١.

٩ ـ الشيخ زين الدين بن ابراهيم المعروف بابن نجيم المصري الحنفي المتوفى سنة ٩٧٠.

١٠ ـ الشيخ مصطفى بن عبد الله من غلمان الخاصة المتوفى سنة ١٠٢٥

١١ ـ الشيخ محمد بن زين الدين عمر الكفيرى الحنفي المتوفى سنة ١١٣٠ وبعد ذكر هذه الاسماء يأتي دور السؤال عن اول من الف في هذا الموضوع ووضع فيه كتابا خاصا؟

الواقع أننا لا نقدر ان نجيب على هذا السؤال بصورة باتة ، ولكن الذي يظهر من ملاحظة تاريخ وفيات الذين ذكرناهم ان الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد هو أقدم عصرا من الكل ، ومن هنا نستنتج انه اول من صنف في موضوع الاشباه والنظائر ولم يسبقه أحد من العلماء في الكتابة بهذا اللون من التأليف.

هذا الكتاب :

وهذا الكتاب كما قلنا طريف للغاية في تنسيقه وتأليفه ، واسع الافق سهل التناول ، سلس العبارة ، خال من التعقيدات الفقهية ، ليس بالمطول الذى يمل القارئ ولا بالمختصر الذي يفوته شئ مما يجب ذكره.

عرض سريع للابواب الفقهية من الطهارة الى الديات ...

وهو مع اختصاره وعدم كونه من كتب الفقه الإستدلالية يقف موقف المستدل في بعض المسائل ، فيذكر طرفا مما ورد في المسألة من الروايات ويورد بعض الاقوال لكبار فيأخذ بها حينا ويردها حينا آخر.

٨

واكثر ما يستدل به من الروايات ما روي في كتابي من لا يحضره الفقيه والتهذيب ، واكثر ما يورد من الآراء هو آراء ابن بابويه والشيخ الطوسى رضوان الله تعالى عليهما.

وطريقته ان يأتي بكلمة (فصل) ثم يسرد كل ما يمكن ان يكون بينه شبه ما في حكم من الاحكام الشرعية ، فيعد واحدا واحدا بصورة مختصرة حتى يأتي على الجميع ، وربما يقف بعض الاحيان موقف المستدل ـ وهو قليل كما قلنا.

ومختصر القول : انه كتاب مختصر شيق يحبب الى القارئ الاستمرار في القراءة والمضى معه الى آخر شوط.

مؤلف الكتاب :

ومؤلف هذا الكتاب القيم هو الشيخ الفقيه الاجل أبو زكريا نجيب الدين يحيى بن احمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي (ويعرف على الألسنة بيحيى بن سعيد نسبة الى جده الاعلى) الحلي المتوفي سنة ٦٨٩ أو ٦٩٠ ه‍.

وقد ذكر هذا الكتاب من جملة مؤلفات يحيى بن سعيد اكثر من ترجم له ، ولكن صاحب الرياض قد استظهر نسبة هذا الكتاب الى الشيخ مهذب الدين فقال :

(وقد ينسب ـ اي هذا الكتاب ـ الى الشيخ مهذب الدين الحسين بن محمد بن عبد الله قدس سره ، كما كتب على ظهر نسخة تاريخ كتابتها سنة ٦٧٤).

ثم استظهر صاحب الرياض ان يكون مهذب الدين هذا هو الشيخ حسين بن ردة الذي هو من مشائخ الشيخ سديد الدين يوسف بن علي ابن المطهر والد العلامة الحلي ...

٩

ثم قال صاحب الرياض : (لكن النسخة التي تنسب الى الشيخ مهذب الدين لها ديباجة طويلة وكتبها لولده ، والنسخة التي تنسب الى الشيخ نجيب الدين ليس لها هذه الديباجة ، أولها ـ أي اول نسخة الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على رسوله محمد وآله أجمعين. اعلم اني قد صنفت لك هذا الكتاب وجمعت فيه بين الحكم ونظيره ، وسميته نزهة الناظر في الجمع بين الاشباه والنظائر ـ الخ .. ومع ذلك فلا تفاوت بين النسختين في سائر المطالب).

ثم جاء شيخ المحققين وعلامة هذا الفن الشيخ آغا بزرگ الطهراني ، فنقل أقوال صاحب الرياض هذه في كتابه (الذريعة الى تصانيف الشيعة) وعقبها بقوله :

(أقول : توفي يحيى بن سعيد سنة ٦٩٠ أو ٦٨٩ ، ونسبة كتابه الى رجل متوفى قبل المؤلف بستة عشر سنة بعيد في الغاية ، فالظاهر ان يحيى بن سعيد استحسن الكتاب فاستنسخ منه المهم واسقط الديباجة الطويلة وما كتب اسم المؤلف لعدم علمه به ، فمن رأى النسخة بخطه نسبه إليه بزعم انه المؤلف ، والا فهو ما ذكر اسمه فيه).

وأقول : كلام صاحب الرياض مجرد استظهار من نسخة وجدها قد كتب على ظهرها انها للشيخ مهذب الدين ، وهذا الاستظهار ليس في محله لأن كثيرا ما يتفق ان النساخ يكتبون أسامي اشخاص على كتب خطأ أو عفوا من دون ترو ، وقد نقل الشيخ أغا بزرگ انه رأى نسخة من نزهة الناظر هذا كتب على ظهره هكذا (إن نزهة الناظر في الجمع بين الاشباه والنظائر تصنيف الشيخ محمد بن الحارث الجزائري) ...

وليست ببعيدة عنا النسخة المطبوعة في طهران سنة ١٣١٨ ه‍ حيث كتب عليها انها (من مصنفات الشيخ الفاضل ابي القاسم نجم الدين جعفر ابن سعيد الحلي).

١٠

وأما الديباجة فالمظنون ان بعض تلامذة يحيى بن سعيد أو شخصا آخر استنسخ هذا الكتاب في حياة المؤلف ثم وقع الكتاب بيد شخص آخر فاستنسخه ووضع له هذه الديباجة الطويلة الموجودة على لسان المؤلف ... وقد اتفق مثل هذا في كتب القدماء كما يقال عن كتاب إعلام الورى للشيخ ابى علي الفضل بن الحسن الطبرسي المتوفى سنة ٥٤٨ وكتاب ربيع الشيعة للسيد ابن طاوس المتوفى سنة ٦٦٤ ه‍ فانهما لن يختلفا في صلب الكتاب إلا المقدمة وبعض الإختلافات البسيطة في ترتيب الفصول.

وفي مقدمة هذا الكتاب بالذات (نزهة الناظر) نرى في النسختين المخطوطتين اللتين اثبتنا صورا منهما في آخر هذه المقدمة بعض الاختلاف حيث جاء في المخطوطتين زيادة على ما هو مذكور في النسخة المطبوعة : (من شريعة النبي الأواه محمد بن عبد الله واحبائه ثقلى الميزان من الثواب يوم الحساب ومحو العقاب من الكتاب) ونحن نستبعد كثيرا ان تكون هذه الجمل من المؤلف الذى يرى في تعابيره السلاسة والطلاوة ...

وأما ما استظهره شيخنا الشيخ آغا بزرك من ان الحلي (استحسن الكتاب فاستنسخ منه المهم واسقط الديباجة الطويلة وما كتب اسم المؤلف لعدم علمه به) فهو بعيد للغاية ، لأنه :

اولا ـ لا يتفق هذا الكلام مع ما رأه صاحب الرياض من عدم التفاوت بين النسختين إلا المقدمة الطويلة والقصيرة.

وثانيا ـ نرى الحلي في كثير من المواضع يبدي نظره الشخصي واستنتاجه واجتهاده بعد تمحيص الاحاديث والاقوال الواردة في المسألة ، وبعيد جدا ـ بل من المستحيل ـ ان يأتي ببحوث الآخرين واجتهاداتهم ثم ينسبها الى نفسه كأنها آراؤه الشخصية.

١١

وبالتالي لا نرى للشك موضعا من ان هذا الكتاب هو من تآليف الشيخ يحيى بن سعيد الحلي رحمة الله.

ثقافته :

كان المؤلف يتمتع بثقافة واسعة سببت له الشهرة في الاوساط العلمية آنذاك ، وتلقفته أقلام المترجمين من الشيعة والسنة ...

وكان مبرزا ذا إطلاع كثير في الادب والعلوم اللغوية ، حتى ان السيوطي ذكره في كتابه بغية الوعاة الذي خصصه لذكر الادباء والنحاة ...

وقال عنه صاحب روضات الجنات مبينا منزلته العلمية في الفقه : (إن الشيخ نجيب الدين يحيى بن احمد الذي هو ابن عم المحقق من غير واسطة لو لم يكن في زمانه بأشهر منه في الفقه والتقدم لدى الفضلاء لما كان بأنقص منه ...)

وبالرغم من ان له مؤلفا في الاصول ينقل صاحب الروضات وغيره قصة عن العلامة الحلي تنم عن عدم تضلعه في أصول الدين وأصول الفقه كما كان متضلعا في الادب والفقه ، واليك القصة بنقل صاحب روضات الجنات :

(كان الشيخ الأعظم الخواجة نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي وزيرا للسلطان هلاكوخان ، فأنفذه الى العراق فحضر الحلة فاجتمع عنده فقهاؤها ، فأشار الى الفقيه نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد وقال : من أعلم هؤلاء الجماعة؟ فقال : كلهم فاضلون علماء وان كان واحد منهم مبرزا في فن كان الآخر منهم مبرزا في فن آخر. فقال : من أعلمهم بالاصولين؟ فأشار إلى والدي سديد الدين يوسف بن المطهر وإلى الفقيه مفيد الدين محمد بن جهم فقال : هذان أعلم الجماعة بعلم الكلام واصول الفقه. فتكدر الشيخ يحيى بن سعيد وكتب إلى ابن عمه أبي القاسم

١٢

يعتب عليه ، وأورد في مكتوبه أبياتا وهي :

لا تهن من عظيم قدر وإن كن‍

ت مشارا إليه بالتعظيم

فالكريم اللبيب ينقص قدرا

بالتعدي على اللبيب الكريم

ولع الخمر بالعقول رمى الخم‍

ر بتنجيسها وبالتحريم

كيف ذكرت ابن المطهر وابن جهم ولم تذكرني؟ فكتب إليه يعتذر ويقول : لو سألك خواجة مسألة في الأصولين ربما وقفت وحصل لنا الحياء).

اقوال للمترجمين له

كان ذكر المترجمين لشيخنا أبى زكر يحيى بن سعيد الحلي رضوان الله تعالى عليه مقرونا بكثير من التجلة والاحترام ، والإشادة بمكانته الرفيعة التي كانت له بين علماء عصره ووجهاء دهره ، واليك مختصرا مما قالوه في حقه :

(إن الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد ـ الذي هو ابن عم المحقق من غير واسطة ـ لو لم يكن في زمانه بأشهر منه في الفقه والتقدم لدى الفضلاء لما كان بأنقص منه) (١).

(ومن المشايخ شيخنا العلامة نجيب الدين يحيى بن أحمد ... كان أورع الفضلاء وأزهدهم ، له تصانيف جامعة للفوائد ...) (٢)

(يحيى بن احمد بن يحيى بن سعيد الفاضل نجيب الدين الهذلي الحلي الشيعي ، قال الذهبي : لغوي أديب حافظ للاحاديث بصير باللغة والادب

__________________

(١) روضات الجنات ص ١٤٨.

(٢) لؤلؤة البحرين ص ٢٢٤.

١٣

من كبار الرافضة ، سمع من ابن الأخضر ..) (١).

(يحيى بن احمد بن سعيد ، شيخنا الإمام العلامة الورع القدوة ، وكان جامعا لفنون العلم الأدبية والفقهية والأصولية ، وكان اورع الفضلاء وأزهدهم) (٢)

(يحيى بن احمد بن سعيد شيخنا الإمام العلامة الورع القدوة ... له تصانيف جامعة للفوائد) (٣).

(يحيى بن احمد بن سعيد ، شيخنا الامام العلامة الورع القدوة ، كان جامعا لفنون العلوم الادبية والفقهية والأصولية ، كان أورع الفضلاء وأزهدهم ، له تصانيف جامعة للفوائد) (٤).

(يحيى بن سعيد ... من فضلاء عصره ، يروي عنه السيد عبد الكريم ابن احمد بن طاوس) (٥).

(الشيخ الفاضل يحيى بن احمد بن يحيى بن سعيد الهذلي الحلي مجيب نداء يا يحيى خذ الكتاب بقوة والمقتبس من مشكاة الولاية والنبوة ، كان من أعاظم مجتهدي الشيعة) (٦).

الى غير ذلك من الكلمات الكثيرة التى اطروا بها شيخنا المؤلف ...

__________________

(١) بغية الوعاة ص ٢ / ٣٣١.

(٢) رجال ابن داود ص ٣٧١.

(٣) جامع الرواة ٢ / ٣٢٤.

(٤) نقد الرجال ٣٧٠.

(٥) أمل الآمل ٢ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧.

(٦) مجالس المؤمنين ص ٢٣٤.

١٤

شيوخه وتلامذته :

ذكر الإمام الحجة الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه المخطوط (الأنوار الساطعة في المائة السابعة) جماعة من شيوخ المؤلف واساتذته وتلامذته والراوين عنه ، وهم :

أما شيوخه وأساتذته :

١ ـ يروي عن والده عن جده يحيى الأكبر.

٢ ـ يروي عن السيد الأجل الفخار بن معد المتوفى سنة ٦٣٠.

٣ ـ المحقق الحلي صاحب كتاب الشرائع.

٤ ـ الشيخ نجيب الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما الحلي.

٥ ـ الشيخ محيي الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن زهرة.

٦ ـ الشيخ محمد بن ابى البركات.

وأما الراوون عنه وتلامذته :

١ ـ السيد عبد الكريم بن طاوس المتوفى سنة ٦٩٣ ، أجازه في ذى القعدة سنة ٦٨٦.

٢ ـ العلامة الحلي.

٣ ـ ولده صفي الدين محمد بن يحيى بن سعيد.

٤ ـ السيد عز الدين الحسن بن علي بن محمد المعروف بابن الأبزر الحسيني.

٥ ـ السيد نجم الدين أبو عبد الله الحسين بن أرد شير بن محمد الطبري ، أجاز له سنة ٦٧٧.

١٥

٦ ـ الشيخ كمال الدين علي بن حماد الواسطي الليثي.

٧ ـ الشيخ عمرو بن الحسن بن خاقان ، قرأ عليه المبسوط ، أجاز له سنة ٦٧٤.

أقول : وذكر السيوطي في بغية الوعاة ان الشيخ يحيى سمع من ابن الأخضر.

وابن الأخضر يطلق على اثنين هما :

١ ـ أبو الحسن على بن عبد الرحمن بن مهدي بن عمران الأشبلي الأديب اللغوي النحوي المتوفى سنة ٥١٤ كما ذكره السيوطي نفسه في البغية ، وهذا ليس من أساتذة الشيخ يحيى يقينا ، لان ابن الاخضر هذا توفي قبل ان يولد الشيخ يحيى بقرن تقريبا.

٢ ـ الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن أبي نصر المبارك بن أبي القاسم محمود الجنابذي الاصل البغدادي المولد والدار المتوفى سنة ٦١١ كما ذكره المحدث القمي في الكني والألقاب ١ / ٢٠٠ ، ولا يبعد ان يكون هذا من شيوخ الشيخ يحيى وأنه سمع منه في ايام طفولته قبل ان يبلغ العشر سنين من عمره.

مؤلفاته

١ ـ الجامع للشرائع ، وهو يحتوى على ابواب الفقه كلها ، ذكره كل من ترجم للمترجم وجاء ذكره في الذريعة ٥ / ٦١ وقال فيه : ونسخة الجامع هذا التي عليها خط المؤلف وقد قرئت عليه موجودة في مكتبة سيدنا الحسن صدر الدين بالكاظمية.

أقول : ومن هذا الكتاب نسخة في مكتبة الامام امير المؤمنين عليه السلام في النجف الاشرف.

١٦

٢ ـ المدخل في أصول الفقه ، ذكره اكثر من ترجم للمترجم وذكره ايضا الامام الشيخ اغا بزرك في الذريعة في حرف ميم المخطوط.

٣ ـ نزهة الناظر ، وهو الذي يقول فيه صاحب روضات الجنات : ثم ان للرجل ـ ويعني به يحيى بن سعيد ـ كتابا لطيفا في الفقه موجودا بين اظهر علماء الطائفة سماه نزهة الناظر في الجمع بين الاشباه والنظائر ينوف على ثلاثة آلاف بيت تقريبا ...

٤ ـ قضاء الفوائت ، ذكره السيد الامين في أعيان الشيعة وقال : نسبه إليه الشهيد في غاية المراد.

عملنا في الكتاب

طبع هذا الكتاب لأول مرة في طهران سنة ١٣١٨ ه‍ في ١٧١ صفحة بقطع صغير ، وكان في غاية السقم ، ردئ الطبع ، كثير الأخطاء ، مشوش العبارات ، وقد استعنا في تصحيحه بنسختين هما :

١ ـ نسخة يملكها سماحة الحجة الشيخ ميرزا على الزنجاني أطال الله ايام حياته الغالية ، وهي في مجموعة تضم بين دفتيها (الحديث القدسي) ثم (نزهة الناظر) ثم (رسالة في الحبوة) ، ومجموع عدد أوراقها (٤٩) ورقة ، في كل صفحة (١٧) سطر ، وجاء في آخرها : (تم الكتاب بعون الله وحسن توفيقه على يد العبد المذنب الراجي عفو ربه جواد بن المرحوم الشيخ مراد في الصحن بالنجف قبل الظهر عاشر في [كذا] شهر صفر سنة الثامنة والسبعين بعد الألف والمائتين من الهجرة صلى الله على مهاجرها). وخط هذه النسخة نسخ لا بأس به ، وكتبت الفصول بالاحمر والى هذه النسخة نشير بحرف (م).

١٧

٢ ـ نسخة أخرى في مجموعة في مكتبة آية الله الحكيم العامة في النجف الاشرف برقم (٤٠١) مخطوطات وفيها (جمل العلم والعمل) للشريف المرتضى ، و (المراسم) لابن حمزة ، و (الجمل) للشيخ الطوسي و (الوسيلة) لابن زهرة ، و (الإشارة) لابن أبي المجد ، و (نزهة الناظر) ليحيي بن سعيد ، و (جواهر الفقه) للحلبي ، و (الهداية) للصدوق ، وهذه النسخة من النزهة هي في (٣٢) ورقة كتبت بخط نسخ دقيق ممتاز وفي كل صفحة (٢٢) سطر وكتبت الفصول بالأحمر ووضعت إشارات صغيرة بالاحمر على رؤوس المواضيع ، وكتب في آخرها (تمت هذه الاجزاء ضحوة يوم السبت رابع عشر من شهر محرم الحرام مطابق سنة ١٢١٧) ثم جاء اسم الناسخ هكذا (اسماعيل بن عبد الله) ويغلب على الظن ان الرسائل الاربع الاولى من هذه المجموعة بخط ناسخ غير ناسخ بقية الرسائل ، بل الظاهر ان هذه المجموعة كانت في الأصل مجموعتين اجتمعتا عند التجليد للاختلاف الكثير الموجود في الورق ، بالاضافة الى اختلاف الخط وان القسم الاول تركت امكنة العناوين بيضاء بينما كتبت في القسم الثاني بالاحمر.

وعلى كل حال لم تسلم هاتان النسختان والنسخة المطبوعة من الأخطاء والتحريفات الكثيرة بل السقط في بعض الأحيان ، ولكن مقارنة هذه النسخ الثلاث أفادتنا فائدة كبيرة في رفع النواقص وتلافي الأخطاء.

وقمنا بالاضافة الى مقابلة بعض هذه النسخ بالبعض الاخر بتخريج الاحاديث المذكورة في الكتاب وذكر اكثر الاحاديث التي اشار إليها المصنف إشارة عابرة ، كما أننا شرحنا ما رأينا لزوم شرحه من اسماء البلدان والامكنة والألفاظ المغلقة وغيرها وهذه النسخة يشار إليها بحرف (ح).

١٨

شكر وتقدير

ولا يسعني قبل ان أضع القلم من يدي ان أقدم شكري الى سماحة العلامة الحجة الشيخ ميرزا علي الزنجاني الذي احسن بي الظن فكلفني بتحقيق هذا الكتاب وإخراجه الى النور ، وأقدر كذلك الجهود المشكورة التى بذلها فضيلة الاخ العلامة الشيخ نور الدين الواعظي في تخريج أحاديث هذا الكتاب.

فاليهما اقدم شكري وتقديري ، وأسأل الله تعالى ان يتقبل منا هذا العمل ويجزينا بالجزاء الأوفى.

النجف الاشرف ١٣٨٦ ه‍

السيد أحمد الحسيني

١٩

٢٠