نزهة الناظر

الشيخ يحيى بن سعيد الحلي

نزهة الناظر

المؤلف:

الشيخ يحيى بن سعيد الحلي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : الفقه
المطبعة: مطبعة الآداب
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٧

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله وآله اجمعين.

أما بعد :

اعلم انى قد صنفت لك هذا الكتاب وجمعت فيه بين الحكم ونظائره وسميته (نزهه الناظر في الجمع بين الاشباه والنظائر)

٣
٤

فصل

[معنى العبادة واقسامها]

العبادات كل فعل مشروع لا يجزى إلا بنية التعظيم والتذلل لله سبحانه وتعالى.

وحدها الشيخ محمود بن عمر الخوارزمي (١) في كتاب الحدود بانها (نهايه التعظيم والتذلل لمن يستحق ذلك بافعال ورد بها الشرع على وجوه مخصوصة أو ما يجرى مجراها على وجوه مخصوصة).

ومعنى قوله : (وما يجرى مجراها) الاخلال بالقبائح ، وهذا الحد الذي ذكره شامل له.

وأما الشيوخ اصحاب ابي هاشم (٢) فانهم حدوها بانها (نهايه الخضوع والتذلل للغير بافعال ورد بها الشرع موضوعة لها).

وهذا الحد الذي ذكره الشيوخ ينتقض بعبادات مخالفى الاسلام ،

__________________

(١) هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الشهير ب‍ (الزمخشري) صاحب المؤلفات الشهيرة والمصنفات المفيدة أمثال الكشاف في تفسير القرآن والفائق في تفسير الحديث وغيرهما ، وكان معتزليا متظاهرا به ، ولد في يوم الاربعاء السابع والعشرين من شهر رجب سنة ٤٦٧ بزمخشر وتوفي ليلة عرفة سنة ٥٣٨ بجرجانية خوارزم ـ وفيات الاعيان ٤ / ٢٥٤ ـ ٢٦٠.

(٢) عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي ، من شيوخ الاعتزال ، له آراء تفرد بها ، وتبعته فرقة سميت (البهشمية) نسبة إلى كنيته أبي هاشم ، له مصناف في الاعتزال ، ولد سنة ٢٤٧ وتوفي سنة ٣٢١ ه‍ ببغداد ـ الاعلام ٤ / ١٣٠.

٥

فانها لا تسمى عباده في شرعنا وان اختصت بما ذكروه.

وقد فصل شيخنا السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسى (١) قدس الله روحه : عبادات الشرع خمس : الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج والجهاد (٢).

وقال الشيخ أبو جعفر محمد بن على الطوسى المتأخر (٣) رضى الله عنه في الوسيلة : عبادات الشرع عشر اصناف ، اضاف الى هذه الخمس غسل الجنابة والحيض ، والخمس ، والاعتكاف ، والعمرة والرباط وقال الشيخ أبو يعلى سلار (٤) العبادات ست ، اسقط الجهاد من الخمس الاول واضاف إليها الطهارة والاعتكاف.

(١) شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي صاحب التصانيف التي طبقت الافاق شهرتها أمثال الاستبصار والتهذيب والفهرست والرجال والتبيان في تفسير القرآن وغيرهما ، تلمذ على الشيخ المفيد والسيد المرتضى وغيرهما ، وكان فضلاء تلامذته الذين كانوا مجتهدين يزيدون على ثلاثمائة من الخاصة والعامة ، ولد في شهر رمضان سنة ٣٨٥ وتوفي في ليلة الثاني والعشرين من شهر محرم سنة ٤٦٠ ه‍ في النجف الاشرف ودفن في داره هناك ـ للكنى والالقاب ٢ / ٣٥٧ ـ ٣٥٩.

(٢) الجمل والعقود ص ٣.

(٣) الشيخ عماد الدين أبو جعفر محمد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي ، المشهور ب‍ (ابن حمزة) المدفون بكربلاء ، له كتاب الوسيلة وكتاب الواسطة وكتاب الرائع في الشرائع وكتاب ثاقب المناقب وغيرها ـ أمل الامل ٢ / ٢٨٥ الذريعة ١١ / ٦٦.

(٤) أبو يعلى سلار بن عبد العزيز الديلمي ، ثقة جليل القدر عظيم الشأن فقيه من تلامذة الشيخ المفيد والسيد المرتضى ، من تصانيفه المقنع في المذهب والتقريب =

٦

وقال الشيخ أبو الصلاح (١) العبادات عشر ، اسقط الجهاد ايضا من الخمس الاول واضاف إليها الوفاء بالنذر والعهود والوعود ، وبر الايمان وتاديه الامانه ، والخروج من الحقوق ، والوصايا واحكام الجنائز ، والاخلال بالقبيح.

اقول : ان العبادات كثيره ، والذي قد حصرت منها خمس واربعين قسما وهي : الطهارة وضوءا كان أو غسلا أو تيمما ، وازالة النجاسات عن البدن والثياب ، والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج وما يتبعه ، والجهاد ، والاعتكاف ، والخمس ، والعمرة ، والرباطة ، والوفاء بما عقد عليه من النذر والعهد واليمين ، وتادية الامانة والخروج من الحقوق والوصايا ، وزياره النبي والائمه عليهم السلام ، وزيارة المؤمنين ، وتلاوة القرآن ، والدعاء وما جرى مجراه من التسبيح وغيره ، ومن احكام الجنائز قبل الموت وبعده ، والسجود ، والسلام على المؤمنين ، ورد السلام عليهم وصلتهم في المجالسة ، والسعى في حوائجهم ، والاشتغال بالعلوم العربية إذا قصد بها الاجتهاد في الاحكام الشرعية وصحة التلفظ بالدعاء والاحكام والقضاء بين الناس ، والفتوى إذا كان من اهلها ، وانتظار الصلاة قبل دخول وقتها ، فقد روى في باب الصلاة من كتاب التهذيب عن النبي صلى

__________________

= في أصول الفقه والمراسم في الفقه وغيرها ، توفي في شهر صفر سنة ٤٤٨ وقيل لست خلون من شهر رمضان سنة ٤٦٣ ه‍ ـ أمل الامل ٢ / ١٢٧.

(١) الشيخ تقي بن النجم الحلبي الشهير ب‍ (أبي الصلاح) كان من كبار علماء الامامية من معاصري شيخ الطائفة الطوسي ، له تقريب المعارف وشرح الذخيرة والكافي في الفقه والبرهان على ثبوت الايمان وغيرها من المؤلفات. الكنى والالقاب ١ / ٩٥.

٧

الله عليه وآله وسلم (انه كنز من كنوز الجنة) (١) والصبر ، وانتظار الفرج ، والتوكل على الله ، وكتمان المرض ، وكظم الغيظ ، والعفو عن الناس ، والاكتساب للعيال ، والعتق ، والتدبير ، والمكاتبة ، والوقف ، والحبس ، والعمرى ، والرقبى إذا قصد بها التقرب الى الله تعالى.

فصل

[في موجبات الوضوء]

موجب الوضوء ستة عشر شيئا : الحيض والاستحاضة والنفاس ومس الاموات من الناس بعد بردهم بالموت وقبل تطهيرهم بالغسل وانقطاع دم المستحاضة إذا وجب بها الوضوء دون الغسل والبول والغايط إذا خرجا من الموضع المعتاد والريح والنوم الغالب على السمع والبصر وما يزيل العقل والتميز والشك في الوضوء إذا تيقن الحدث قبل القيام عن محله والاشتغال في فعل غيره والشك في الوضوء إذا تيقن الحدث وتيقن الوضوء والحدث معا ولم يعلم السابق منهما والنذر لوضوء مندوب وكذلك العهد واليمين.

وقال الشيخ أبو جعفر الطوسى ـ رحمه الله ـ في التهذيب : وقال قوم اصحابنا من اصحاب الحديث يجب الوضوء من المذى إذا كان عن شهوة واستدل بما رواه الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن ابن على بن يقطين عن اخيه الحسين عن أبيه على بن يقطين قال : سالت أبا الحسن موسى عليه السلام عن المذى اينقض الوضوء؟ قال : (ان

__________________

(١) التهذيب ٢ / ٢٣٧ ، وفيه (انتظار الصلاة بعد الصلاة كنز من كنوز الجنة).

٨

كان عن شهوة ينقض) (١).

والصحيح حمل هذا الخبر على الاستحباب لأن الامامية مجمعون على ترك العمل بمقتضاه وقد رجع الشيخ في سائر كتبه ـ كما ذكره في التهذيب (٢).

فإن قيل : ما ذكرتم من الشك والوضوء وتيقن الحدث معا يدخل فيما تقدم من الاحداث فلا حاجه الى ذكرها قسما آخر.

قلنا لا نسلم ذلك لانا لا نعلم يقينا ان حدثه باق بل بالشك وتيقن الوضوء والحدث معا وعدم العلم بتقدير السابق منهما يوجب الوضوء.

فصل

[في الوضوءات المستحبة]

الوضوءات المستحبات تسعه وثلاثون وضوءا : الوضوء على الوضوء ووضوء الحائض إذا جلست في مصلاها تذكر الله تعالى ووضوء النوم لمن لا غسل عليه ووضوء النوم لمن عليه الغسل والوضوء إذا توجه في حاجة والوضوء المطلق والوضوء للصلاة قبل دخول الوقت والوضوء للنوافل والوضوء مضافا الى غسل الجنابة لخبر صحيح (٣) وهو مذهب الشيخ أبي جعفر في التهذيب والوضوء إذا اراد الجماع قبل ان يغتسل لانه لا يؤمن

__________________

(١) انظر التهذيب ١ / ١٩.

(٢) المصدر السابق ١ / ١٩.

(٣) مروي عن سيف بن عميرة عن أبي بكر قال : سألت أبا جعفر عليه السلام كيف أصنع إذا أجنبت؟ قال : اغسل كفيك وفرجك وتوضأ وضوء الصلاة ثم اغتسل. انظر التهذيب ١ / ١٠٤.

٩

انه إذا جامع قبل ان يغتسل أو يتوضا إذا حملت من ذلك الجماع ان يجئ الولد مجنونا والوضوء لمن اراد يجامع امراته وهي حامل لانه لا يؤمن إذا جامع قبل الوضوء ان يجئ الولد اعمى القلب بخيل اليد والوضوء للطواف المسنون والوضوء للسعى والوضوء للوقوف بالمشعر والوضوء للوقوف بعرفات والوضوء لرمي الجمار ـ وقال البصروى (١) لا يجوز ان يرمى إلا على وضوء.

والوضوء للتلبية والوضوء لدخول المساجد والوضوء عند دخول الرجل بزوجته فانه مستحب للرجل والمراة معا والوضوء إذا قدم من سفر قبل الدخول على اهله فقد قال الصادق عليه السلام : من قدم من سفر فدخل على اهله وهو على غير وضوء فراى ما يكره فلا يلومن إلا ـ نفسه رواه أبو جعفر ابن بابويه (٢) في كتاب المقنع.

ووضوء الحاكم إذا جلس للقضاء بين الناس والوضوء لمن غسل ميتا إذا اراد تكفينه قبل ان يغتسل والوضوء لمن كان جنبا إذا اراد تغسيل الميت وبه قال الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من

__________________

(١) أبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد بن خلف البصروي الفقيه الشاعر ، نقلوا آراءه الفقهية في كتب الفقه ، قرأ الكلام على الشريف المرتضى ، توفي سنة ٤٤٣ ه‍ ، أمل الامل ٢ / ٢٩٨ ، معجم البلدان ١ / ٤٤١.

(٢) الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، ولد بدعاء الامام صاحب الزمان عليه السلام ، كان ثقة جليل القدر بصيرا بالاخبار ناقدا للاثار عالما بالرجال ، وله نحو من ثلاثمائة مصنف منها كتاب من لا يحضره الفقيه والمقنع وعلل الشرائع ومعاني الاخبار وغيرها ، توفي بالري سنة ٣٨١ ه‍ ـ الكنى والالقاب ١ / ٢١٢.

١٠

لا يحضره الفقيه (١) ورواه في باب الزيادات من التهذيب : محمد بن أحمد ابن يحيى عن إبراهيم بن هاشم عن نوح بن شعيب عن شهاب بن عبد ربه (٢) عن أبي عبد الله عليه السلام (٣).

والوضوء لمن اراد ان يدخل الميت القبر جاء به خبر صحيح والوضوء لمن اراد ان يجامع امراته وقد غسل ميتا وبه قال الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه (٤) وفي كتاب المقنع ووضوء الميت مضافا الى غسله على ما قال به بعض اصحابنا ومنهم من قال بوجوبه وهو الصحيح جاءت به اخبار من جملتها خبر صحيح السند (٥).

والوضوء لقراءة القرآن والوضوء لمس المصحف والوضوء لمس كتابة المصحف وقال الشيخ أبو جعفر في التهذيب بوجوبه وهو قوى (٦) والوضوء من المذى بالخبر الصحيح المتقدم الذى رواه على بن يقطين ولخبر آخر رواه الحسين بن سعيد (٧) عن محمد بن اسماعيل عن أبي الحسن موسى عليه السلام (٨) قال : سألته عن المذى؟ فأمرني بالوضوء منه (٩).

__________________

(١) من لا يحضر ١ / ٩٨.

(٢) في نسخ الكتاب (هشام بن عبد ربه) والذي أثبتناه هنا موجود في التهذيب ، وانظر رجال الكشي ص ٣٥٢.

(٣) انظر التهذيب ١ / ٤٨٨.

(٤) من لا يحضر ١ / ٩٨.

(٥) انظر التهذيب ١ / ٣٠٢ ـ ٣٠٣.

(٦) المصدر السابق ١ / ١٢٦.

(٧) كذا في المطبوعة والاستبصار ، وفي م وح (الحسن بن سعيد).

(٨) كذا في نسخ الكتاب ، وفي الاستبصار (أبي الحسن الرضا).

(٩) الاستبصار ١ / ٩٢.

١١

والوضوء قبل الاكل والوضوء بعد الاكل فقد روى انهما يذهبان الفقر جاءت الاخبار بالوضوء (١) والفاظ الشارع تحمل على الحقائق الشرعية.

وإذا وطئ الرجل جارية ثم اراد وطئ جارية اخرى قبل ان يغتسل توضأ على ما رواه في التهذيب في باب زيادات النكاح : محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب عن ابن نجران (٢) عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام (٣).

والوضوء إذا اراد ان يكتب شيئا من القرآن على ما روى (٤) والوضوء من مصافحة المجوس على ما روى (٥) والوضوء من القئ والوضوء من الرعاف السائل والوضوء من التخليل الذي يسيل منه الدم وهذه الثلاثة مذهب الشيخ الاستبصار وجاء بها خبران صحيحان (٦).

واعادة الوضوء إذا توضأ وكان قد نسى الاستنجاء وهو مذهب الشيخ ابي جعفر في التهذيب وورد بها خبران صحيحان (٧) وخبر آخر

__________________

(١) منها الخبر المروي في الكافي ٦ / ٢٩٠ حيث قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام لابي حمزة الثمالي : (يا أبا حمزة الوضوء قبل الطعام وبعده يذهبان الفقر).

(٢) كذا في التهذيب ، وفي نسخ الكتاب (عن يعقوب بن بحران).

(٣) التهذيب ٧ / ٤٥٩.

(٤) في التهذيب ١ / ١٢٧ : وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عن الرجل أيحل له أن يكتب القرآن في الالواح والصحيفة وهو على غير وضوء؟ قال : لا.

(٥) في الاستبصار ١ / ٨٩ في حديث عن الصادق : فسأله هل يتوضأ إذا صافحهم ـ أي المجوس ـ؟ فقال : نعم إن مصافحتهم تنقض الوضوء.

(٦) الاستبصار ١ / ٨٣.

(٧) الاول في التهذيب ١ / ٥٠ عن سماعة ، والثاني فيه أيضا ١ / ٧٩ عن أبي عبيدة الحذاء.

١٢

رواه عمار الساباطى (١).

والوضوء مما خرج من الذكر الاستبراء على ما رواه محمد بن عيسى (٢) وهو مذهب الشيخ في التهذيب.

والوضوء إذا اراد ان ياخذ حصى الجمار على ما ذكره محمد بن محمد البصروى في كتابه المعروف بالمفيد ثم قال بعد ذلك : لا يجوز ان يرمى الجمار إلا على وضوء.

فصل

[في موجبات الغسل]

يجب الغسل في اثنين وعشرين موضعا : الغسل عند التقاء الختانين سواء كان معه انزال أو لم يكن والغسل عند الوطئ في الدبر إذا كان معه انزال بلا خلاف وان لم يكن معه انزال فلا يجب الغسل لأن الاصل براءة الذمة وهو مذهب الشيخ أبي جعفر الطوسى قدس الله روحه وقد روى ذلك أحمد بن محمد عن البرقى رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا اتى الرجل المراة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما وان انزل فعليه الغسل ولا غسل عليها (٣).

وقال السيد المرتضى قدس الله روحه وجماعة من اصحابنا واختاره ابن ادريس : يجب الغسل سواء انزل أو لم ينزل.

والغسل عند انزال الماء الدافق بشهوة أو غير شهوة في حال الصحة من المرض.

__________________

(١) التهذيب ١ / ٤٥.

(٢) المصدر السابق ١ / ٢٨.

(٣) المصدر السابق ١ / ١٢٥.

١٣

والغسل عند انزال الماء بشهوة وان لم يكن معه دفق إذا كان مريضا والغسل عند وجود البلل عقيب غسل وجب بانزال الماء الدافق لا بالتقاء الختانين وان لم يكن البلل بدفق ولا شهوة إذا لم يبل ولم يجتهد قبل الغسل وان كان قد بال واجتهد فلا غسل عليه.

والغسل عند وجود المنى على ثوب لم يشاركه فيه غيره سواء قام من موضعه أو لم يقم بلا خلاف.

والغسل عند وجود المنى على ثوب يشاركه فيه غيره إذا وجده قبل القيام من موضعه فإن وجده بعد القيام من موضعه لم يجب عليه الغسل وقال المرتضى قدس الله روحه في الانتصار وابن ادريس في السرائر في هذا القسم : لا يجب عليه الغسل سواء قام من موضعه أو لم يقم.

وغسل الحائض إذا طهرت وغسل النفساء إذا طهرت وغسل المستحاضة قبل انقطاع الدم إذا ثقب الكرسف ولم يسل واغسال المستحاضة الثلاثة قبل انقطاع دمها إذا ثقب الكرسف وسال وغسل المستحاضة إذا انقطع عنها دم الاستحاضة إذا كان الدم ثقب الكرسف.

وغسل الميت إذا كان مؤمنا وغسل مس الميت من الناس بعد برده وقبل تطهيره بالغسل.

وغسل من وجب عليه القود وغسل من وجب عليه الرجم وغسل من وجب عليه الصلب وما وجب من الاغسال المسنونة بالنذر أو العهد أو اليمين.

فصل

[في الاغسال المسنونة]

الاغسال المسنونة خمسه واربعون غسلا : غسل يوم الجمعة وغسل

١٤

ليلة النصف من شهر رجب ويوم النصف منه وليلة النصف من شعبان واول ليلة من شهر رمضان وكذلك كل ليلة مفردة منه على ما ذكره الشيخ أبو جعفر رحمه الله في المصباح فمن ذلك غسل ثالث ليلة منه وخامس ليلة منه وسابع ليلة منه وتاسع ليلة منه وحادية عشرة ليلة منه وثالثة عشرة ليلة منه وليلة النصف منه وليلة سبع عشرة منه وليلة تسع عشرة منه وليلة احدى وعشرين منه وغسلان في ليلة ثلاثه وعشرين منه غسل في اول الليل وغسل في آخر الليل ـ روى خبر في التهذيب ان الصادق عليه السلام فعل ذلك (١).

وفي التهذيب في كتاب الصلاة في باب غسل رمضان : ان النبي صلى الله عليه وآله اغتسل ليلة تسع عشرة وليلة احدى وعشرين وليلة ثلاثه وعشرين حين غابت الشمس وصلى المغرب وصلى اربع ركعات (٢)

وغسل اربعة وعشرين منه وليلة خمس وعشرين منه وليلة سبع وعشرين منه وليلة تسع وعشرين منه وقد ذكر ذلك الشيخ محمد بن على بن قرة رضى الله عنه (٣) في كتاب عمل شهر رمضان عن الصادق عليه السلام (٤)

وغسل ليلة الفطر ويومها ويوم التروية ويوم عرفة ويوم الاضحى ويوم الغدير ويوم المباهلة وهو اليوم الرابع والعشرين من ذى الحجة.

وغسل الاحرام وغسل دخول الحرم وغسل دخول مكة وغسل

__________________

(١) التهذيب ٤ / ٣٣١.

(٢) المصدر السابق ٣ / ٦٤ ـ ٦٦.

(٣) كذا في نسخ الكتاب والصحيح أنه الشيخ أبو الفرج محمد بن علي بن محمد بن محمد بن أبي قرة القناني ـ أنظر الذريعة ١٥ / ٣٤٥.

(٤) مذكور في الوسائل باب ١٤ من الاغسال المسنونة نقلا عن كتاب الاقبال عن كتاب عمل شهر رمضان.

١٥

دخول كعبة وغسل دخول المدينة وغسل دخول مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغسل زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغسل زيارة الائمة عليهم السلام وغسل من قتل وزغة وغسل من سعى الى مصلوب بعد ثلاثه ايام ليراه وغسل التوبة وغسل المولود وغسل قاضى صلاة الكسوف إذا احترق القرص كله وتركها متعمدا وقال سلار بوجوبه وغسل صلاة الحاجة وغسل صلاة الاستخارة.

وقد روي انه إذا اراد تغسيل الميت يستحب له ان يغتسل قبل تغسيله وكذلك إذا اراد تكفينه.

والحق المفيد قدس الله روحه في الرسالة استحباب الغسل لرمي الجمار فقال : فليغتسل لرمي الجمار فإن منعه مانع فليتوضا.

فصل

[مواضع يجوز فيها التيمم]

يجوز التيمم في ثمانيه عشر موضعا : إذا تضيق وقت الصلاة ولم يجد المكلف الماء مع الطلب له وقال الشيخ أبو جعفر الحسين بن بابويه في الرساله : انه يجوز في اول الوقت (١).

وإذا وجده وليس معه ثمنه وإذا وجده ومعه ثمنه لكنه يضر به خروجه في الحال وإذا فقد آلة الماء وإذا كان مريضا وخاف من استعماله التلف أو زيادة المرض وإذا خاف من استعماله على نفسه أو ماله من سبع أو لص وإذا كان معه ماء متى استعمله اضر به العطش وإذا احتلم في مسجد النبي تيمم للخروج سواء كان واجدا للماء في المسجد أو غير واجد وكذا إذا احتلم في المسجد الحرام وإذا احدث في زحام

__________________

(١) من لا يحضر ١ / ٥٨.

١٦

يوم الجمعة أو يوم عرفة ولم يتمكن من الخروج تيمم وصلى واعاد الصلاة على ما رواه السكوني وذكره الشيخ في النهاية والشيخ أبو جعفر ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه إلا انه قال : ولم يعد ذلك إذا انصرف (١) وقال الفقيه محمد بن ادريس : لا يجوز ذلك.

وإذا اراد الصلاة على الجنازة وهو محدث تيمم استحبابا وإذا اراد النوم وثقل عليه الوضوء للنوم تيمم من فراشه استحبابا وإذا كان الميت محترقا أو مجدورا وخيف من تغسيله تقطيع جلده بملاقاة الماء وجب ان يتيمم والميت إذا لم يوجد الماء لتغسيله وجب ان يتيمم وإذا منع البرد الشديد الغاسل من تغسيله ولم يكن هناك نار يسخن بها الماء وجب ان يتيمم.

وإذا مات الرجل بين نساء لا رحم له فيهن في موضع ليس فيه رجال يممنه النساء فإن كان فيهن ذات رحم غسلته من وراء الثياب يصب عليه الماء صبا وإذا ماتت المراة بين الرجال ولا رحم لها فيهم في موضع ليس فيه نساء يممها الرجال. وروي انهم يغسلون منها محاسنها ويديها ووجهها (٢) فان كان لها فيهم ذو رحم غسلها من وراء الثياب يصب عليها الماء صبا.

فصل

[في النجاسات]

يحصل التنجيس باثنين وعشرين شيئا : المسكر على اختلافه خمرا

__________________

(١) من لا يحضر ١ / ٦٠ ، التهذيب ١ / ١٨٥.

(٢) روى في الكافي ٣ / ١٥٩ عن مفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام أنه قال في حديث : (يغسل بطن كفيها ووجهها ويغسل ظهر كفيها).

١٧

كان أو نبيذا أو بتعا أو مرزا (١) وقال الشيخ أبو الحسن على بن بابويه في الرسالة وابنه الشيخ أبو جعفر محمد بن على في كتاب من لا يحضره الفقيه وفي كتاب المقنع والحسن بن أبي عقيل (٢) في كتاب المتمسك : ولا باس بان يصلى في ثوب قد اصابه خمر لأن الله تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب قد اصابته (٣). وهذا القول خلاف الاجماع وقد روى فيه عدة اخبار ضعيفة وروى ما يعارضها (٤).

والفقاع ومباشرة الكافر رطبا والكلب والخنزير كذلك وعرق الكلب والخنزير والكافر وما يخرج من افواههم واعينهم ومناخرهم واجسادهم من الدمع والبصاق واللعاب والمخاط والقيح وغير ذلك والمنى من كل حيوان ومباشرة الميتة رطبة كانت أو يابسة من غير الادمى إذا كانت لها نفس سائلة وكذلك ان كانت من الادمى قبل تطهيره بالغسل وعذرة ما لا يؤكل لحمه وبوله وذرقه سواء كان محرما بالاصل أو محرما

__________________

(١) البتع بكسر الباء وسكون التاء أو فتحها : نبيذ العسل ، والمرز بكسر الميم وسكون الراء : الشراب المتخذ من الشعير.

(٢) هو أبو محمد الحسن بن أبي عقيل العماني الحذاء ، وجه من وجوه أصحابنا ثقة فقيه متكلم ، وللفقهاء مزيد اعتناء ينقل أقواله وضبط فتاواه ، وهو أول من هذب الفقه واستعمل النظر ـ الكنى والالقاب ١ / ١٩٠.

(٣) انظر من لا يحضر ١ / ٤٣ ، فإن فيه كما هنا ، ولكن قد صرح الصدوق بعدم جواز الصلاة في ثوب اصابته الخمر في كتابه المقنع ص ٢٥ حيث قال : (وإياك أن تصلي في ثوب أصابه الخمر) فما نقل عن كتاب المقنع في هذا الكتاب وهم واشتباه.

(٤) انظر الاستبصار ١ / ١٨٩ ـ ١٩٢.

١٨

بالجلل وعرق الابل الجلالة (١) وغيرها من الحيوانات وبه قال الشيخ في النهاية ومعظم كتبه وجماعة من اصحابنا يدل على ذلك ما رواه أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد ابن يحيى عن على بن الحكم عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : لا تأكلوا من لحوم الجلالة وان اصابك من عرقها فاغسله (٢) وروى مثل ذلك حفص بن البخترى عن أبي عبد الله عليه السلام (٣).

والدم على اختلافه عدا دم البق والبراغيث والسمك وكل ما لا نفس له سائلة وارتماس الجنب في البئر ينجسها على اصح القولين لخبر صحيح يلزم منه تنجيسها رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن اسماعيل عن الفضل ابن شاذان عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام (٤).

واشتباه الماء الطاهر بالماء النجس في الانائين ولو لا النص (٥) والاجماع لجاز القرعة فيهما.

وقد الحق الشيخ أبو جعفر بذلك عرق الجنابة من الحرام وإليه ذهب المفيد في المقنعة (٦) ورجع في الرسالة الى ولده. والحق ايضا لبن

__________________

(١) الحيوانات الجلالة : التي تتغذى من النجاسات.

(٢) التهذيب ١ / ٢٦٣ ، الكافي ٦ / ٢٥٠ وفيه (هشام بن سالم عن أبي حمزة) و (من لحوم الجلالات).

(٣) التهذيب ١ / ٢٦٣.

(٤) الكافي ٣ / ٦٥ ، وفيه (منصور بن حازم عن ابن أبي يعفور).

(٥) في الوسائل ١ / ١١٦ الحديث ١٤.

(٦) المقنعة ص ١٠.

١٩

الصبية معتمدا على ما رواه السكوني وهو عامى وليس فيما رواه دليل (١) والحق ايضا الوزغة والعقرب وقال في الاول من المبسوط والاول من الاستبصار : ان اراقة ما وقعا فيه مستحبة واستعماله مكروه (٢) والحق ايضا ذرق الدجاج مطلقا من غير تقييد بالجلل وقيده شيخنا رحمه الله بالجلل (٣) والصحيح ان هذه الاحكام الملحقة محمولة على الكراهية وان الغسل فيها مستحب لانى لم اقف على شئ من الاخبار يتضمن التنجيس والامر بالغسل ليس دليل فيه.

فصل

[في المطهرات]

المطهرات خمسة عشر شيئا : الماء يطهر كلما ورد الشرع بغسله والنار تطهر كلما يكون في القدر من اللحوم والتوابل والمرق إذا كانت تغلى ووقع فيها مقدار اوقية دم أو اقل للخبر الصحيح (٤) وبه قال الشيخ

__________________

(١) انظر رواية السكوني في التهذيب ١ / ٢٥٠ ، والسكوني هو اسماعيل بن أبي زياد ، قال في الكنى والالقاب ٢ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ : اسماعيل بن أبي زياد الذي يكثر الرواية عنه ، واحتمل بعض تشيعه ووثقه المحقق الداماد والعلامة الطباطبائي ... وقال في المستدرك : وأما السكوني فخبره إما صحيح أو موثق ، وما اشتهر من ضعفه فهو كما صرح به بحر العلوم وغيره من المشهورات التي لا أصل لها ، فإنا لم نجد في تمام ما بأيدينا من كتب هذا الفن وما نقل عنه منها إشارة إلى قدح فيه سوى نسبة العامية إليه في بعضها وهي غير منافية للوثاقة ...

(٢) الاستبصار ١ / ٢٤.

(٣) انظر المقنعة ص ١٠.

(٤) مروي في التهذيب ١ / ٢٧٩.

٢٠