رجال الشيعة في أسانيد السنّة

الشيخ محمّد جعفر الطبسي

رجال الشيعة في أسانيد السنّة

المؤلف:

الشيخ محمّد جعفر الطبسي


الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-6289-76-2
الصفحات: ٤٨٠

١

٢

٣

٤

كلمة الناشر

من المعروف ان السنة النبوية هي كل ما قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو فعله أو أقره ، وهي المرجع الثاني عند المسلمين بعد القرآن الكريم في أحكامهم وعباداتهم وعقائدهم ، ولكن بعض الصحابة والتابعين قد وقف من السنة النبوية موقفا سلبيا إلى درجة أنهم أحرقوها ومنعوا من كتابتها والتحدث بها. بل نجد ان الحكام الأمويين قد عملوا على وضع الأحاديث المكذوبة التي تؤيد مذهبهم في منع الكتابة لعموم السنة النبوية والأحاديث الشريفة.

فها هو مسلم يخرج في صحيحه ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عني ولا حرج » (١). ولكن هذه الأحاديث الموضوعة وأمثالها تدحضها أحاديث اخرى احتج بها الصحابة ، كالحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه ، وأبو داود في صحيحه ، والإمام أحمد في مسنده ، والدارمي في سننه وغيرهم بان عبد الله بن عمرو قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنهتني قريش وقالوا : تكتب كل شيء سمعته من رسول الله وهو بشر يتكلم في الغضب والرضا؟

قال عبد الله : فأمسكت عن الكتابة ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأومأ إلى فيه وقال : « اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا الحق » (٢).

ونلاحظ من خلال هذا الحديث بأن عبد الله بن عمرو لم يرد التصريح بأسماء

__________________

١ ـ صحيح مسلم : ٤ / ٢٢٩٨ ح ٧٢.

٢ ـ مستدرك الحاكم : ١ / ١٠٥ ، سنن أبي داود : ٣ / ٣١٨ ح ٣٦٤٦ ، سنن الدارمي : ١ / ١٢٥ ، مسند أحمد : ٢ / ١٦٢.

٥

الذين نهوه عن الكتابة لأن في نهيهم طعن على رسول الله ، كما لا يخفى ، فأبهم القول بأنهم قريش ، والمقصود بقريش زعماؤها من المهاجرين وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة ومن سار على رأيهم.

وبالرغم من هذا المنع في تدوين السنة النبوية ، نجد بأن رجال الشيعة تقدموا على غيرهم في جمع الحديث وتدوينه ، ولم يلتزموا بقرارات قريش ، بل اقتفوا نهج أمير المؤمنين عليه‌السلام في تدوين أحاديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي كان له صحيفة جامعة من املاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، تعتبر أول كتاب جمع فيه العلم على عهد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله .

أما عدد ما صنفه الشيعة الإمامية في الحديث من طريق أهل البيت عليهم‌السلام من عهد الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى عهد أبي محمد الحسن العسكري عليه‌السلام فانها تزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب على ما ضبطها الشيخ الحر العاملي في آخر الفائدة الرابعة من وسائل الشيعة. وقد ذكرت كتب أهل السنة العشرات من هؤلاء الرجال.

والكتاب الذي بين يديك ـ عزيزي القارئ ـ هو جهد مشكور بذله سماحة العلامة محمد جعفر الطبسي محمد جعفر الطبسي لإحصاء رجال الشيعة في أسانيد أهل السنة ، حيث تحدث في ثناياه عن شخصية كل راو ووثاقته ، وتشيعه ، وأشار إلى طبقته ورواياته وموارد رواياته في الصحاح الستة.

ومؤسسة المعارف الاسلامية إذ تضيف هذا الأثر القيم للمكتبة الاسلامية ، تشكر كل من ساهم في إنجاز هذا الكتاب خصوصا الفاضلين فارس حسون كريم ومحمود البدري للجهود المشكورة التي بذلوها في مراجعة واخراج هذا الكتاب ، وتبتهل إلى الله تعالى أن يوفق الجميع للاستمرار على خط الولاء لأهل البيت عليهم‌السلام ، وخدمة الدين الحنيف إنه قريب مجيب.

مؤسسة المعارف الاسلامية

٦

المقدمة

الشيعة ودورهم في الحديث رواية وتدوينا :

قبل الحديث عن دور الشيعة هذا لابد لنا من الوقوف ـ ولو قليلا ـ عند كلمة الشيعة لغة واصطلاحا ، وهل تشكل هي وكلمة الاسلام تعبيرين عن حقيقة واحدة أم أنهما حقيقتان مختلفتان ، ولكل منهما مبادؤها ومعتقداتها ، وان التشيّع ـ بالتالي ـ ظاهرة طارئة على الساحة الاسلامية ولدت لأسباب سياسية واجتماعية وفكرية ...؟!

الشيعة لغة :

قال الأزهري ( ت ٣٠٧ ه‍ ) : « والشيعة أنصار الرجل وأتباعه ، وكل قوم اجتمعوا على أمرهم شيعة ... (١)

وقال ابن دريد ( ت ٣٢١ ه‍ ) : « وفلان من شيعة فلان أي ممن يرى رأيه » (٢).

وقال الجوهري ( ت ٣٩٣ ه‍ ) : « وتشيع الرجل ، أي ادعى دعوى الشيعة ،

__________________

١ ـ تهذيب اللغة : ٣ / ٦١.

٢ ـ جمهرة اللغة : ٢ / ٨٧٢.

٧

وتشايع القوم ، من الشيعة. وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيع ... قال ذو الرمة (١) : استحدث الركب عن أشياعهم خبرا ، يعني عن أصحابهم » (٢).

وقال ابن منظور ( ت ٧١١ ه‍ ) : « والشيعة أتباع الرجل وأنصاره ، وجمعها شيع ، وأشياع جمع الجمع ، وأصل الشيعة : الفرقة من الناس ، ويقع على الواحد والاثنين والجمع ، والمذكر والمؤنث ، بلفظ واحد ومعنى واحد ... » (٣).

فالمستفاد مما ذكر أن الشيعة والتشيع والمشايعة ـ لغة ـ بمعنى المتابعة والمناصرة والموافقة في الرأي ، ثم غلب هذا الاسم ـ كما عند ابن منظور ـ على كل من يتولى عليا وأهل بيته رضوان الله عليهم أجمعين ، حتى صار لهم اسما خاصا ، فإذا قيل : فلان من الشيعة عرف أنه منهم. وفي مذهب الشيعة كذا أي : عندهم ، وأصل ذلك من المشايعة وهي المتابعة والمطاوعة » (٤).

وقد ورد لفظ الشيعة في القرآن الكريم بمعنى التابع ، قال تعالى : ( ... فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه ) (٥).

أي من جماعته وحزبه الذين شايعوه وتابعوه في الدين.

وقال تعالى في آية اخرى : ( وإن من شيعته لإبراهيم ) (٦) أي أن إبراهيم ممن تابع نوحا وسار على منهاجه.

__________________

١ ـ قال الذهبي : ذوالرمة ، من فحول الشعراء غيلان بن عقبة بن بهيس ، مضري النسب ... مات ذوالرمة بأصبهان كهلا سنة سبع عشرة ومائة. سير أعلام النبلاء : ٥ / ٢٦٧.

٢ ـ الصحاح : ٣ / ١٢٤٠.

٣ و ٤ ـ لسان العرب : ٧ / ٢٥٨.

٥ ـ القصص : ١٥.

٦ ـ الصافات : ٨٣ ، راجع مجمع البيان : ٨ / ٧٠١.

٨

الشيعة اصطلاحا :

لكلمة « الشيعة » ثلاثة معان نعرضها تباعا مع اعتقادنا بأن المعنى الأخير هو الأرجح :

الأول : من أحب عليا وأولاده بوصفهم أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستجابة للآية الكريمة : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) (١) وهذا المعنى عام لكل المسلمين حيث لا نجد مسلما لا يود أهل بيت النبوة إلا من نصب العداء لهذا البيت الكريم ، ويسمى هؤلاء : « النواصب ».

الثاني : من يعتقد بأن عليا رابع الخلفاء ، ولكنه يفضله عليهم لاستفاضة مناقبه وفضائله الواردة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صحاح المسلمين ومجامعهم الحديثية وكذا مؤلفاتهم في الرجال والتراجم ، حيث يصفون قليلا من الصحابة وكثيرا من التابعين بأنه يتشيّع أو أنه شيعي ، وربما يعدونه من أسباب الجرح. وأكثر من استعمل هذا الاصطلاح هو الذهبي في « ميزان الاعتدال » و « سير أعلام النبلاء » فيصف بعض التابعين والمحدثين بالتشيع مشيرا بذلك إلى ضعفهم.

الثالث : من شايع عليا وأحد عشر من ولده عليهم‌السلام بوصفهم خلفاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة من بعده على الناس نصا ووصية.

وانطلاقا من المعنى الثالث فإن الإمامة أمر مهم وخطير لابد منها لكي يواصل الدين الاسلامي طريقه الطويل المحفوف بالمخاطر ، ولا شك في أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدرك ما يحتاجه هذا الدين في مواصلة مسيرته التبليغية والجهادية ، وما قد يتعرض له مستقبله من مخاطر وعقبات خطيرة ، وأن أمامه شوطا طويلا جدا

__________________

١ ـ الشورى : ٢٣.

٩

حتى تترسخ مبادؤه ومفاهيمه وأحكامه في هذه الامة الفتية التي هي حديثة عهد بالاسلام ، وقريبة عهد بالجاهلية ، والتي تعاني من أعداء شرسين ، ففي الداخل من المنافقين واليهود. وفي الخارج من الامبراطوريتين الفارسية والرومية ، إضافة إلى الذين لم يتمكن الاسلام بعد في قلوبهم.

فمع إدراك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القطعي لهذه المخاطر ولما يسببه غيابه والفراغ الذي يتركه من مضاعفات لهذه المخاطر ، ولما يستجد من عقبات اخرى ، وكلها تحتاج إلى شخص على مستوى عال من المسؤولية ، ويكون مهيئا تهيئة رسالية خاصة يملأ هذا الفراغ مباشرة ، ويؤدي وظيفته على أكمل وجه ، وهذا ما كان يقوم به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيلة حياته المباركة ، وكان علي عليه‌السلام على ذلك المستوى الإيماني والتربوي والفكري ، فكان الأفضل بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتولي هذه المهمة الدينية التغييرية التي هي على جانب عظيم من الخطورة ، فكانت أقوال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصاياه وتأكيداته تحوط عليا عليه‌السلام وتواكب ذلك الاستعداد وتلك التهيئة من بداية الرسالة.

وهنا اختلفت القلوب ، فقلوب آمنت بكل ذلك وتيقنته والتزمت به ولم تحد عنه ، فكانوا رواد التشيّع في عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمثال : سلمان ، والمقداد ، وأبي ذر ، وعمار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان ، وخزيمة بن ثابت ، وأبي أيوب الأنصاري ، وسعد بن عبادة ، وقيس بن سعد ، وعدي بن حاتم ، وعثمان بن حنيف ... إضافة إلى مشاهير بني هاشم.

واخرى اجتهدت قبال النصوص واختارت لنفسها طريقا آخر لها في اختيار خليفة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكانت امة اخرى إزاء تلك الامة التي آمنت بكل ما قاله

١٠

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) (١).

ولأن حقيقة الدين هو الانقياد التام لله ولرسوله فإن الامة الاولى كانت قد شكلت بعملها هذا بذرة التشيّع الاولى التي غرسها ورعاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

روى ابن حجر عن ام سلمة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « يا علي أنت وأصحابك في الجنة ، أنت وشيعتك في الجنة » (٢).

والتشيع هو الإسلام بعينه مبدءا وعقيدة وشريعة ، وليس شيئا آخرا يحمل أو يضيف أشياءا اخرى ، فالتشيع ليس ظاهرة طارئة على الاسلام والمسلمين أبدا كما يحلو للبعض أن يصوره ويرجعه إلى أسباب سياسية واجتماعية واخرى عقائدية حدثت بعد وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخير دليل لنا هو رواده الأوائل وذلك الرعيل المبارك الذي آمن برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبجميع أقواله وأوامره التي هي أوامر السماء ، ومنها أوامره وإرشاداته التي تنص على علي أمير المؤمنين عليه‌السلام بالاخوة والوصية والوزارة والخلافة وأخيرا بالولاية.

وقد امتلأت بها المجامع الحديثية للفريقين كحديث المنزلة ، والغدير ، والثقلين ، إضافة إلى ما ورد فيه عليه‌السلام من آيات كآية الانذار (٣) ، وآية التطهير (٤) ، وآية المباهلة (٥) ، وآية الولاية (٦).

بعد هذا الاستعراض الموجز للشيعة ـ لغة واصطلاحا وتاريخا ـ ننتقل إلى

__________________

١ ـ النجم : ٣.

٢ ـ الصواعق المحرقة : ١٦١ ، كنز العمال : ١١ / ٣٢٣ الحديث ٣١٦٣١.

٣ ـ الشعراء : ٢١٤.

٤ ـ الأحزاب : ٣٣.

٥ ـ آل عمران : ٦١.

٦ ـ المائدة : ٥٥.

١١

دورهم في تدوين الحديث وفي روايته وتبويبه وتقسيمه.

لا يخفى على كل متتبع ما لعلماء ورواة الشيعة من دور كبير في رواية الحديث وتدوينه وحفظه من عبث العابثين الكثيرين الذين قد ابتلي بهم الحديث النبوي الشريف. وأيسر دليل لنا على ذلك مجاميع علمائنا الروائية وموسوعاتهم ومؤلفاتهم التي تحل معضلات الحديث ومشاكله ، وتجيب عما يطرح من أسئلة حوله ، وتبين قواعده واصوله وأقسامه وأوصافه ومصطلحاته ودلالاته ، كما تشير إلى غريبه ومعانيه ...

ولم يكن اهتمام الشيعة وعلمائها منصبا فقط على متن الحديث ، بل تجاوزه إلى سنده ، ودراسة السند عندهم على درجة من الأهمية لا تقل درجة عن دراسة المتن. فهذه مؤلفاتهم ورسائلهم تتناول الرواة مدحا وتوثيقا ، أو تضعيفا وجرحا ، ذاكرة من تقبل روايته ومن ترد وفق صفات وشروط وضعت للرواة الذين يعدون بالآلاف بغية تمييز مقبول الحديث من مردوده ، ومعرفة صحيحه من ضعيفه.

إن هذه المهمة ليست بالسهلة اليسيرة ، ولتذليل ما يواكبها من صعوبات تحتاج إلى جهود مضنية ودقيقة ، ولذلك فقد تصدى لها الكثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين حتى تشكلت علوم الحديث ورجاله ضرورة أنه لا يكون الشخص عندهم فقيها ما لم يلم ويختص بها ويكون صاحب رأي فيها مما جعلها من طلائع العلوم والمعارف الإسلامية التي يتوسل بها لمعرفة السنة النبوية وأحكام الشريعة ... وليس ذلك غريبا عليهم أبدا بعد أن أجمعوا على حجية السنة النبوية وأنها لا تشكل الشق الثاني بعد القرآن فحسب ، بل تقترن به اقترانا عجيبا لا ينفصل بعد أن ترك لها أمر تبيينه ، وتفصيل أحكامه ، وتوضيح مجمله ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ...

١٢

لقد كان رجال الشيعة من المبادرين لتدوين الحديث وإرساء علومه منذ الأيام الاولى للاسلام ، فهذا أبو رافع ـ مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن خلص أصحاب الامام أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وقد تولى بيت مال الكوفة أيام خلافته ـ كان أول مبادر لتدوين الحديث بعد الامام عليه‌السلام وكتابه المسمى « كتاب علي » الذي دون فيه أحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وأبو رافع هذا هو صاحب كتاب « السنن والأحكام والقضايا » (١) ولم يكن وحده في هذا الميدان ، بل كان معه سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري في كتابيهما « حديث الجاثليق » للأول ، وكتاب « الخطبة » للثاني ، وهما من أخلص أصحاب الامام علي عليه‌السلام ، وهناك غيرهم ممن تصدروا ما أستطيع تسميته بالرعيل الأول ، الذي أخذ على عاتقه تدوين الحديث ، وكان منهم عبيدالله بن أبي رافع ، وعلي بن أبي رافع ، والأصبغ بن نباتة ، والحارث بن عبد الله ، وربيعة بن سميع ، وميثم التمار.

ولسنا بصدد تعدادهم وتفصيل الكلام في آثارهم ، ولكنا نريد أن نقدم دليلا مختصرا وميسرا على أن رجال الشيعة كانوا السباقين إلى رواية الحديث والاهتمام به ، ويمكننا بالتالي دحض الادعاءات القائلة بأن الشيعة لم يكن لهم اهتمام بالحديث وروايته.

وأخيرا فإن مجاميع الحديث عند إخواننا السنة تكفي وحدها لأن تكون شاهدا حيا آخرا لقولنا وتفنيد تلك الادعاءات والافتراءات التي لم تكن دوافعها بعيدة عن البغض لمدرسة أهل البيت عليهم‌السلام ولمنتسبيها وإن وصفت شخصيات الرواة في مجاميع الحديث السنية من قبل البعض بعدم الثقة مرة ، وبالتضعيف اخرى ، وبالجرح ثالثة ... وكأن صفة الثقة أو قبول رواياتهم أمر محرم على هؤلاء وممنوع

__________________

١ ـ لاحظ رجال النجاشي : ٦.

١٣

عليهم لا لشيء إلا لكونهم شيعة لعلي عليه‌السلام.

يذكر الخطيب البغدادي ( ت ٤٦٣ ه‍ ) عن محمد بن أحمد بن يعقوب ، عن محمد بن نعيم الضبي ، قال : سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب ، وسئل عن الفضل ابن محمد الشعراني ، فقال : صدوق في الرواية ، إلا أنه كان من المغالين في التشيّع ، قيل له : فقد حدثت عنه في الصحيح؟ فقال : لأن كتاب استاذي ملآن من حديث الشيعة ـ يعني مسلم بن الحجاج ـ (١).

ومن ضمن ما تحدث به ابن الأثير ( ت ٦٠٦ ه‍ ) أن عبيدالله بن موسى العبسي الفقيه كان شيعيا ، وهو من مشايخ البخاري في صحيحه (٢) ، وكان عدد شيوخه يربو على العشرين رجلا ، وكذلك مسلم والترمذي.

لم يكن لهؤلاء الرواة ذنب إلا أنهم اتبعوا الحق ورضوا به ولم يحيدوا عنه ، وقد التزموا أهل بيت النبوة لا لعصبية أو هوى أو رغبة عابرة ، بل للموقف الذي أملأه عليهم الشرع الحنيف قرآنا وسنة ـ كما ذكرناه ـ.

فتعرضوا للجرح والتضعيف ، وبالتالي رفض رواياتهم ، لأنهم من شيعة علي عليه‌السلام ومحبيه ، أو لذكرهم فضائل أهل البيت عليهم‌السلام ، أو لمجرد أن الراوي يفضل عليا على بقية الخلفاء لاستفاضة مناقبه وفضائله عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يسعهم تجاهلها فاكتفوا بتفضيله دون الايمان بأنه منصوص عليه ، وستري مصاديق ذلك جلية في كتابنا هذا حتى كأن الوثاقة والتشيع أمران لا يمكن اجتماعهما في راو مسلم ، أو أن الضعف وعدم الوثاقة أمران يلازمان كل راو شيعي! وستري أيضا أن

__________________

١ ـ كتاب الكفاية في علم الرواية : ١٣١ ، راجع سير أعلام النبلاء : ١٣ / ٣١٧ الرقم ١٤٧.

٢ ـ الكامل في التاريخ : ٦ / ٤١١ ، راجع سير أعلام النبلاء : ٩ / ٥٥٥ الرقم ٢١٥ ، وقال ابن حجر في مقدمة فتح الباري : ٤٢٢ : عبيدالله بن موسى من كبار شيوخ البخاري.

١٤

الشرط الرئيسي لقبول الرواية هو أن لا يكون راويها شيعيا حتى وإن كان بالمعنى الثاني للتشيع!

قال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ( ت ٤٠٥ ه‍ ) في ترجمة ثوير بن أبي فاختة : لم ينقم عليه غير التشيّع (١).

وقال أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني ( ت ٣٦٥ ه‍ ) في ترجمة زياد بن المنذر ، عن يحيى بن معين : إنما تكلم فيه وضعفه لأنه يروي أحاديث في فضائل أهل البيت ... (٢)

حقا إن هذا الأمر ليثير العجب من هؤلاء الذين يستند تضعيفهم الراوي على أسباب كهذه ، فهل موالاة أهل بيت النبوة عليهم‌السلام أو نقل فضائلهم يعد جرحا يستتبعه نقص في الراوي وتضعيف لمروياته؟!

وقتل الامام الحسين عليه‌السلام ريحانة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومدح ابن ملجم المرادي الذي باشر قتل أمير المؤمنين علي عليه‌السلام لا يعد جرما يستحق عليه الراوي ما يستحق من رفض عدالته ووثاقته أو على الأقل رفض روايته أو التوقف عندها ولو قليلا؟!

فهذا العجلي ( ت ٢٦١ ه‍ ) قد جعل عمر بن سعد بن أبي وقاص تابعيا ، ثقة ، روى عنه الناس (٣). وكأن مباشرته لقتل الامام الحسين عليه‌السلام لا تكفي في جرحه!

__________________

١ ـ المستدرك على الصحيحين : ٢ / ٥١٠ ، وقال عبد الوهاب عبد اللطيف : والصحيح عند أرباب الصناعة أن التشيّع وحده ليس بجرح في الرواية ، والمدار على الظن بصدق الراوي أو كذبه ، والجرح الذي لم يفسر لا يقبل. راجع هامش تقريب التهذيب : ١ / ١٤١.

٢ ـ الكامل : ٣ / ١٩١ الرقم ٦٩٠ ، تهذيب الكمال : ٩ / ٥١٩ الرقم ٢٠٦٩.

٣ ـ انظر تهذيب الكمال : ٢١ / ٣٥٧ الرقم ٤٢٤٠. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة : سألت يحيى ابن معين عن عمر بن سعد أثقة هو؟ فقال : كيف يكون من قتل الحسين بن علي ( رضي الله عنه ) ثقة؟ راجع الجرح والتعديل : ٦ / ١١١ ـ ١١٢ الرقم ٥٩٢.

١٥

وقبل ذلك قال في عمران بن حطان : إنه ثقة (١) مع أنه خارجي مدح ابن ملجم (٢) ، فأي جرح في الدين أكبر من هذا؟!

وأغرب منه ان البخاري يروي في صحيحه عن عمران بن حطان هذا (٣)!

وفي ختام هذا الفصل لابد لي من كلمة مخلصة وهي دعوة إلى نبذ مثل هذه المواقف التي تأباها أبسط مبادئ العقل واصول الرأي ، وتعريتها وتنزيه تأريخنا ومجامعنا الروائية والرجالية منها ، فإنها لا تقل خطورة عن الأحاديث الموضوعة والاسرائيليات التي بثت في بطون مجامعنا الروائية ، فجرح الصالحين وكسرهم بلا ذنب اقترفوه ، وتضعيفهم وطرح رواياتهم لا لشيء إلا لأنهم آمنوا بنصوص وردت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحق علي عليه‌السلام ، أو لأنهم نقلوا فضائل العترة الطاهرة وفاء لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعملا بقوله تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) (٤) ونقل الفضائل جزء من تلك المودة فضلا عن موالاتهم ونصرتهم ، وإن جرح هؤلاء الثقات الأثبات وكسرهم بلا ذنب لا يقل خطورة وضررا على الدين من آثار الوضع الذي ابتليت به السنة الشريفة.

الجوزجاني في الميزان :

نظرا إلى أن إبراهيم بن يعقوب السعدي الجوزجاني ( ت ٢٥٦ ه‍ ) هو أول من فتح باب الطعن والجرح لرواة أهل الكوفة ـ كما سترى لا لشيء إلا لأنهم من أتباع

____________

١ ـ تاريخ الثقات : ٣٧٣ ، الرقم ١٢٩٩ ، راجع تهذيب التهذيب : ٦ / ٢٣٥ ، الرقم ٥٣٣٨ ، سير أعلام النبلاء : ٤ / ٢١٤ ، الرقم ٨٦ ، تهذيب التهذيب : ٦ / ٢٣٥ ، الرقم ٥٣٣٨.

٢ ـ راجع حول مدحه لابن ملجم الى كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي : ٤ / ٢١٤.

٣ ـ صحيح البخاري : ٧ / ٤٥ ، كتاب اللباس ، باب لبس الحرير ، راجع رجال صحيح البخاري للكلاباذي ت ٣٩٨ ه‍ : ٢ / ٥٧٤ ، الرقم ٩٠٤.

٤ ـ الشورى : ٢٣.

١٦

مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام التي لا يطيق الجوزجاني ومن على شاكلته أن يسمع ولو رواية واحدة أو معلومة بسيطة ينقلها له رواة هذه المدرسة حتى ولو كانت هذه المعلومة أو تلك الرواية فيها خلاصه من النار ـ فإن الوقوف ـ ولو قليلا ـ عند الجوزجاني ، ومعرفة آراء وأقوال الآخرين فيه ، يجعلنا نلقي الضوء على ما تبناه من اسس في جرح وتعديل الرواة ، ويجعلنا نطلع الآخرين ـ الذين لم يتسن لهم معرفته جليا ـ على مدى بغضه لعلي عليه‌السلام ، والكيفية التي يقبل بها الراوي وروايته خاصة من كان كوفيا.

قالوا فيه :

الجوزجاني ، سكن دمشق ، وحدث عن جماعة ، وروى عنه جماعة. قال ابن منظور : إن الجوزجاني سكن دمشق ، يحدث على المنبر ، ويكاتبه أحمد بن حنبل ، فيتقوى بكتابه ، ويقرؤه على المنبر ، وكان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي (١).

أما الدار قطني ، فقد قال عنه : إنه من المخرجين الثقات ، أقام بمكة مدة ، وبالرملة مدة ، وبالبصرة مدة. وكان من الحفاظ المصنفين ، والمخرجين الثقات ، لكن كان فيه انحراف عن علي بن أبي طالب (٢).

كما قال عنه ابن حجر : إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني رمي بالنصب (٣).

__________________

١ و ٢ ـ مختصر تاريخ دمشق : ٤ / ١٨٢ ، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر : ٧ / ٢٨١ ، تهذيب التهذيب : ١ / ١٩٨ الرقم ٣٠٠.

٣ ـ تقريب التهذيب : ١ / ٤٦ الرقم ٣٠٤. وقال أيضا في مقدمة فتح الباري : ٣٨٨ : الجوزجاني كان ناصبيا منحرفا عن علي.

١٧

أما الذهبي فهو الآخر يقول عنه : وكان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي (١).

مبناه في الجرح والتعديل :

جعل الجوزجاني حب علي عليه‌السلام أو بغضه مقياسا لرد الرواية أو قبولها ، وكأنه بهذا وضع شرطا إضافيا للرد والقبول ، فبقدر ما يكون الراوي مبغضا لعلي ، أو لا يذكره بخير ، تقبل روايته عنده ، وهو ثقة ، ثبت ، عدل ، صدوق ، وبقدر ما يكون الراوي ذاكرا لفضائل علي ، أو محبا له ، أو مواليا ، تكون روايته مردودة ، وهو مجروح ومطعون فيه. ولسخف مبناه هذا فقد حمل المحدثين على إسقاط اعتبار كلامه في أهل الكوفة ، فهذا عبد الفتاح أبو غدة يقول : وقد استقر قول أهل النقد فيه على أنه لا يقبل له قول في أهل الكوفة ، كما قاله شيخنا الكوثري في تأنيب الخطيب (٢).

أما ابن حجر فقد قال ما نصه : أما الجوزجاني فقد قلنا غير مرة : إن جرحه لا يقبل في أهل الكوفة لشدة انحرافه ونصبه (٣).

وقال أيضا : وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد ، فإن الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب ، وذلك لشدة انحرافه في النصب ، ولشهرة أهلها بالتشيع ، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلقة وعبارة طلقة ، حتى أنه أخذ يلين مثل الأعمش ، وأبي نعيم ، وعبيد الله بن موسى ، وأساطين

__________________

١ ـ ميزان الاعتدال : ١ / ٧٦ الرقم ٢٥٧.

٢ ـ انظر هامش الرفع والتكميل : ٣٠٨ ، ( نقلا عن تأنيب الخطيب : ١١٦ ).

٣ ـ تهذيب التهذيب : ٥ / ٤١.

١٨

الحديث وأركان الرواية ، فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه فوثق رجلا ضعفه قبل التوثيق (١).

والعجب كل العجب ممن يعد الجوزجاني ثبتا ومن الثقات مع تصريحه بأنه مبغض لعلي الذي ـ إضافة إلى ما ورد فيه من مناقب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لا يضارعه أحد من الصحابة على الاطلاق إيمانا وعلما وجهادا ... وكما يقول عنه محمود أبو رية : « ... وذلك مما أتيح له من صفات ومزايا لم تتهيأ لغيره من بين الصحابة جميعا ، فقد رباه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عينه ، وعاش زمنا طويلا تحت كنفه ، وشهد الوحي من أول نزوله إلى يوم انقطاعه ، بحيث لم تند عنه آية من آياته ... » ثم يختم قوله بأعظم وأدق وأقصر عبارة قرأتها في تصوير ظلامة علي عليه‌السلام : « لك الله يا علي ، ما أنصفوك في شيء! » (٢).

إن ممن وصف الجوزجاني بأنه ( ثقة ) النسائي (٣) ـ كما قال عنه أبو بكر الخلال ـ : إبراهيم بن يعقوب جليل جدا ، وكان أحمد بن حنبل يكاتبه ويكرمه إكراما شديدا (٤).

وكم هو دقيق ما قاله بشار عواد محقق كتاب « تهذيب الكمال » : والله لا أدري كيف يكون ثبتا من كان شديد التحامل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، نعوذ بك اللهم من المجازفة (٥).

__________________

١ ـ لسان الميزان : ١ / ٢٧.

٢ ـ أضواء على السنة المحمدية : ٢٤٩.

٣ و ٤ ـ تهذيب الكمال : ٢ / ٢٤٨.

٥ ـ هامش تهذيب الكمال : ٥ / ٥٧٤. وفي هامش تهذيب الكمال أيضا : ٢ / ٢٥٠ : وقد قال الامام الذهبي في أبي إسحاق الجوزجاني : ( الثقة الحافظ أحد أئمة الجرح والتعديل )

١٩

هذا وإن الجوزجاني كان حريزي المذهب ـ نسبة إلى حريز بن عثمان المعروف بالنصب ـ (١). وكما يقول عنه عمرو بن علي : كان ينتقص عليا وينال منه ، لكنه قال في موضع آخر : ثبت شديد التحامل على علي ، هذا غريب ، ويقول عواد : ولكن الغريب حقا قول الذهبي عنه في الميزان : كان ـ أي حريز ـ متقنا ثبتا ، لكنه مبتدع. وقال في الكاشف : ثقة ... وهو ناصبي. وقال في المغني : ثبت لكنه ناصبي. وقال في الديوان : ثقة لكنه ناصبي مبغض (٢).

وهنا يواصل عواد قوله حول كلام الذهبي هذا ، فيقول : لا نقبل هذا الكلام من شيخ النقاد أبي عبد الله الذهبي ، إذ كيف يكون الناصبي ثقة ، وكيف يكون المبغض ثقة؟ فهل النصب وبغض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بدعة صغرى أم كبرى؟

والذهبي نفسه يقول في الميزان : ١ / ٢٢٦ في وصف البدعة الكبرى : « الرفض الكامل والغلو فيه ، والحط على أبي بكر وعمر ، والدعاء إلى ذلك ، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة » أو ليس الحط على علي والنصب من هذا القبيل؟

وقد ثبت من نقل الثقات أن هذا الرجل كان يبغض عليا ، وقد قيل : إنه رجع عن ذلك فإن صح رجوعه فما الذي يدرينا إنه ما حدث في حال بغضه وقبل توبته؟

__________________

الميزان : ١ / ٧٥ ، ولكن المطالع لكتابه يجد أنه جرح خلقا كثيرا بسبب العقائد ولا سيما من العراقيين ، ولا يصح ذلك إذ به تسقط كثير من السنن والآثار ، وهو بلا شك كان عنده انحراف عن سيدنا علي بن أبي طالب.

١ ـ تهذيب الكمال : ٢ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩ ، راجع كتاب الثقات لابن حبان : ٨ / ٨١. وفي تهذيب التهذيب : ١ / ١٥٩ ان حريز حروري المذهب. وفي كتاب المجروحين : ١ / ٢٦٨ انه كان داعية إلى مذهبه.

٢ ـ راجع الكاشف : ١ / ١٦٩ الرقم ٩٩٤ ، ميزان الاعتدال : ١ / ٤٧٥ الرقم ١٧٩٢ ، المغني : ١ / ١٥٤ الرقم ١٣٥٨.

٢٠