لقد طال الحوار حول الحاجة إلى علم الرجال وعدمها ، فمن قائل بتوقّف الاستنباط عليه وأنّ رحاه تدور على أُمور ، منها العلم بأحوال الرواة ، ولولاه لما تمكّن المستنبط من استخراج كثير من الاحكام عن أدلّتها ، إلى قائل بنفي الحاجة إليه ، محتجّاً بوجوه منها : قطعيّة أخبار الكتب الأربعة صدوراً ، إلى ثالث قائل بلزوم الحاجة إليه في غير ما عمل به المشهور من الروايات ، اليغير ذلك من الأنظار ، وتظهر حقيقة الحال ممّا سيوافيك من أدلّة الأقوال ، والهدف إثبات الحاجة إلى هذا العلم بنحو الايجاب الجزئي ، وأنّه ممّا لا بدَّ منه في استنباط الاحكام في الجملة ، في مقابل السلب الكلّي الّذي يدّعي قائله بأنّه لا حاجة إليه أبداً ، فنقول :
استدلّ العلماء على الحاجة إلى علم الرجال بوجوه نذكر أهمَّها :
لا شكَّ أنَّ الأدلَّة الأربعة دلَّت على حرمة العمل بغير العلم قال سبحانه وتعالى : ( قُلْ ءَاَللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) (١) وقال ـ عزَّ من قائل ـ ( وَلاَ
__________________
١ ـ يونس : ٥٩.