الميزان في تفسير القرآن - ج ٦

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي

الميزان في تفسير القرآن - ج ٦

المؤلف:

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨١

١
٢

٣
٤

بسم الله الرحمن الرحم

(إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦))

(بيان)

الآيتان ـ كما ترى ـ موضوعتان بين آيات تنهى عن ولاية أهل الكتاب والكفار ، ولذلك رام جماعة من مفسري القوم إشراكهما مع ما قبلهما وما بعدهما من حيث السياق ، وجعل الجميع ذات سياق واحد يقصد به بيان وظيفة المؤمنين في أمر ولاية الأشخاص ولاية النصرة ، والنهي عن ولاية اليهود والنصارى والكفار ، وقصر الولاية في الله سبحانه ورسوله والمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ، وهؤلاء هم المؤمنون حقا فيخرج بذلك المنافقون والذين في قلوبهم مرض ، ويبقى على وجوب الولاية المؤمنون حقا ، وتكون الآية دالة على مثل ما يدل عليه مجموع قوله تعالى : « وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ » : آل عمران ـ ٦٨ ، وقوله تعالى : « النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » : الأحزاب : ٦ ، وقوله تعالى في المؤمنين : « أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ » : الأنفال : ٧٢ ، وقوله تعالى : « وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ » الآية : التوبة ـ ٧١. فمحصل الآية جعل ولاية النصرة لله ولرسوله والمؤمنين على المؤمنين.

نعم يبقى هناك إشكال الجملة الحالية التي يتعقبها قوله : « وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ » وهي قوله : « وَهُمْ راكِعُونَ » ويرتفع الإشكال بحمل الركوع على معناه المجازي وهو مطلق

٥

الخضوع لله سبحانه أو انحطاط الحال لفقر ونحوه ، ويعود معنى الآية إلى أنه ليس أولياؤكم اليهود والنصارى والمنافقين بل أولياؤكم الله ورسوله والمؤمنون الذين يقيمون الصلاة ، ويؤتون الزكاة ، وهم في جميع هذه الأحوال خاضعون لساحة الربوبية بالسمع والطاعة ، أو أنهم يؤتون الزكاة وهم فقراء معسرون هذا.

لكن التدبر واستيفاء النظر في الآيتين وما يحفهما من آيات ثم في أمر السورة يعطي خلاف ما ذكروه ، وأول ما يفسد من كلامهم ما ذكروه من أمر وحدة سياق الآيات ، وأن غرض الآيات التعرض لأمر ولاية النصرة ، وتمييز الحق منها من غير الحق فإن السورة وإن كان من المسلم نزولها في آخر عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع لكن من المسلم أيضا أن جميع آياتها لم تنزل دفعة واحدة ففي خلالها آيات لا شبهة في نزولها قبل ذلك ، ومضامينها تشهد بذلك ، وما ورد فيها من أسباب النزول يؤيده فليس مجرد وقوع الآية بعد الآية أو قبل الآية يدل على وحدة السياق ، ولا أن بعض المناسبة بين آية وآية يدل على نزولهما معا دفعة واحدة أو اتحادهما في السياق.

على أن الآيات السابقة أعني قوله : « (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) « إلخ » ، تنهى المؤمنين عن ولاية اليهود والنصارى ، وتعير المنافقين والذين في قلوبهم مرض بالمسارعة إليهم ورعاية جانبهم من غير أن يرتبط الكلام بمخاطبة اليهود والنصارى وإسماعهم الحديث بوجه بخلاف الآيات التالية أعني قوله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ » « إلخ » ، فإنها تنهى عن ولايتهم وتتعرض لحالهم بالأمر بمخاطبتهم ثم يعيرهم بالنفاق والفسق فالغرض في القبيلين من الآيات السابقة واللاحقة مختلف ، ومعه كيف يتحد السياق؟!.

على أنك قد عرفت في البحث عن الآيات السابقة أعني قوله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ » (الآيات) أن ولاية النصرة لا تلائم سياقها ، وأن خصوصيات الآيات والعقود المأخوذة فيها وخاصة قوله : « بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ » وقوله : « وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ » لا تناسبها فإن عقد ولاية النصرة واشتراطها بين قومين لا يوجب صيرورة أحدهما الآخر ولحوقه به ، ولا أنه يصح تعليل النهي عن هذا العقد بأن القوم الفلاني بعضهم أولياء بعض بخلاف عقد ولاية المودة التي توجب الامتزاج النفسي

٦

والروحي بين الطرفين ، وتبيح لأحدهما التصرف الروحي والجسمي في شئون الآخر الحيوية وتقارب الجماعتين في الأخلاق والأعمال الذي يذهب بالخصائص القومية.

على أنه ليس من الجائز أن يعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وليا للمؤمنين بمعنى ولاية النصرة بخلاف العكس فإن هذه النصرة التي يعتني بأمرها الله سبحانه ، ويذكرها القرآن الكريم في كثير من آياته هي النصرة في الدين وحينئذ يصح أن يقال : إن الدين لله بمعنى أنه جاعله وشارع شرائعه فيندب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو المؤمنون أو هما جميعا إلى نصرته أو يدعوا أنصارا لله في ما شرعه من الدين كقوله تعالى : « قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ » : الصف : ١٤ ، وقوله تعالى : « إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ » : محمد : ٧ ، وقوله تعالى : « وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ ـ إلى أن قال : لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ » : آل عمران : ٨١ ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.

ويصح أن يقال : إن الدين للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمعنى أنه الداعي إليه والمبلغ له مثلا ، أو إن الدين لله ولرسوله بمعنى التشريع والهداية فيدعى الناس إلى النصرة ، أو يمدح المؤمنون بالنصرة كقوله تعالى : « وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ » ، : الأعراف : ١٥٧ ، وقوله تعالى : « وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ » : الحشر : ٨ ، وقوله تعالى : « وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا » : الأنفال : ٧٢ ، إلى غير ذلك من الآيات.

ويصح أن يقال : إن الدين للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وللمؤمنين جميعا ، بمعنى أنهم المكلفون بشرائعه العاملون به فيذكر أن الله سبحانه وليهم وناصرهم كقوله تعالى : « وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ » : الحج : ٤٠ ، وقوله تعالى : « إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ » : غافر : ٥١ ، وقوله تعالى : « وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ » : الروم ـ ٤٧ إلى غير ذلك من الآيات.

لكن لا يصح أن يفرد الدين بوجه للمؤمنين خاصة ، ويجعلوا أصلا فيه والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمعزل عن ذلك ، ثم يعد صلى‌الله‌عليه‌وآله ناصرا لهم فيما لهم ، إذ ما من كرامة دينية إلا هو مشاركهم فيها أحسن مشاركة ، ومساهمهم أفضل سهام ؛ ولذلك لا نجد القرآن يعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ناصرا للمؤمنين ولا في آية واحدة ، وحاشا ساحة الكلام الإلهي أن يساهل في رعاية أدبه البارع.

٧

وهذا من أقوى الدليل على أن المراد بما نسب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الولاية في القرآن هو ولاية التصرف أو الحب والمودة كقوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) » : » الأحزاب : ٦ ، وقوله تعالى : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (الآية) ، فإن الخطاب للمؤمنين ، ولا معنى لعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وليا لهم ولاية النصرة كما عرفت.

فقد ظهر أن الآيتين أعني قوله تعالى : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ » إلى آخر الآيتين لا تشاركان السياق السابق عليهما لو فرض أنه متعرض لحال ولاية النصرة ، ولا يغرنك قوله تعالى في آخر الآية الثانية : « فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ » ، فإن الغلبة كما تناسب الولاية بمعنى النصرة ، كذلك تناسب ولاية التصرف وكذا ولاية المحبة والمودة ، والغلبة الدينية التي هي آخر بغية أهل الدين تتحصل باتصال المؤمنين بالله ورسوله بأي وسيلة تمت وحصلت ، وقد قرع الله سبحانه أسماعهم ذلك بصريح وعده حيث قال : « كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي » : المجادلة : ٢١ ، وقال : « (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) : » الصافات : ١٧٣.

على أن الروايات متكاثرة من طرق الشيعة وأهل السنة على أن الآيتين نازلتان في أمير المؤمنين علي عليه‌السلام لما تصدق بخاتمه وهو في الصلاة ، فالآيتان خاصتان غير عامتين ، وسيجيء نقل جل ما ورد من الروايات في ذلك في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى.

ولو صح الإعراض في تفسير آية بالأسباب المأثورة عن مثل هذه الروايات على تكاثرها وتراكمها لم يصح الركون إلى شيء من أسباب النزول المأثورة في شيء من آيات القرآن وهو ظاهر ، فلا وجه لحمل الآيتين على إرادة ولاية المؤمنين بعضهم لبعض بجعلها عامة.

نعم استشكلوا في الروايات ـ ولم يكن ينبغي أن يستشكل فيها مع ما فيها من الكثرة البالغة ـ أولا : بأنها تنافي سياق الآيات الظاهر في ولاية النصرة كما تقدمت الإشارة إليه ؛ وثانيا : أن لازمها إطلاق الجمع وإرادة الواحد فإن المراد بالذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة « إلخ » ، على هذا التقدير هو علي ولا يساعده اللغة ، وثالثا : أن لازمها كون المراد بالزكاة هو التصدق بالخاتم ، ولا يسمى ذلك زكاة.

قالوا : فالمتعين أن تؤخذ الآية عامة ، وتكون مسوقة لمثل قصر القلب أو الإفراد

٨

فقد كان المنافقون يسارعون إلى ولاية أهل الكتاب ويؤكدونها ، فنهى الله عن ذلك وذكر أن أولياءهم إنما هم الله ورسوله والمؤمنون حقا دون أهل الكتاب والمنافقين. ولا يبقى إلا مخالفة هذا المعنى لظاهر قوله : « وَهُمْ راكِعُونَ » ويندفع بحمل الركوع على معناه المجازي ، وهو الخضوع لله أو الفقر ورثاثة الحال ، هذا ما استشكلوه.

لكن التدبر في الآية وما يناظرها من الآيات يوجب سقوط الوجوه المذكورة جميعا :

أما وقوع الآية في سياق ولاية النصرة ، ولزوم حملها على إرادة ذلك فقد عرفت أن الآيات غير مسوقة لهذا الغرض أصلا ، ولو فرض سرد الآيات السابقة على هذه الآية لبيان أمر ولاية النصرة لم تشاركها الآية في هذا الغرض.

وأما حديث لزوم إطلاق الجمع وإرادة الواحد في قوله : « وَالَّذِينَ آمَنُوا » « إلخ » ، فقد عرفت في الكلام على آية المباهلة في الجزء الثالث من هذا الكتاب تفصيل الجواب عنه ، وأنه فرق بين إطلاق لفظ الجمع وإرادة الواحد واستعماله فيه ، وبين إعطاء حكم كلي أو الإخبار بمعرف جمعي في لفظ الجمع لينطبق على من يصح أن ينطبق عليه ، ثم لا يكون المصداق الذي يصح أن ينطبق عليه إلا واحدا فردا واللغة تأبى عن قبول الأول دون الثاني على شيوعه في الاستعمالات.

وليت شعري ما ذا يقولون في مثل قوله تعالى : « (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ـ إلى أن قال : ـ تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) » الآية : الممتحنة : ١ ، وقد صح أن المراد به حاطب بن أبي بلتعة في مكاتبته قريشا؟ وقوله تعالى : « يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ » : المنافقون :٨ ، وقد صح أن القائل به عبد الله بن أبي بن سلول؟ وقوله تعالى : « يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ » : البقرة : ٢١٥ والسائل عنه واحد؟ ، وقوله تعالى : « الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً » : البقرة : ٢٧٤ وقد ورد أن المنفق كان عليا أو أبا بكر؟ إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة.

وأعجب من الجميع قوله تعالى : « يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ » والقائل هو عبد الله بن أبي ، على ما رووا في سبب نزوله وتلقوه بالقبول ، والآية واقعة بين الآيات المبحوث عنها نفسها.

٩

فإن قيل : إن هذه الموارد لا تخلو عن أناس كانوا يرون رأيهم أو يرضون بفعالهم فعبر الله تعالى عنهم وعمن يلحق بهم بصيغة الجمع. قيل : إن محصله جواز ذلك في اللغة لنكتة مجوزة فليجر الآية أعني قوله : « وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » هذا المجرى ، ولتكن النكتة هي الإشارة إلى أن أنواع الكرامات الدينية ـ ومنها الولاية المذكورة في الآية ـ ليست موقوفة على بعض المؤمنين دون بعض وقفا جزافيا وإنما يتبع التقدم في الإخلاص والعمل لا غير.

على أن جل الناقلين لهذه الأخبار هم صحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والتابعون المتصلون بهم زمانا وهم من زمرة العرب العرباء الذين لم تفسد لغتهم ولم تختلط ألسنتهم ولو كان هذا النحو من الاستعمال لا تبيحه اللغة ولا يعهده أهلها لم تقبله طباعهم ، ولكانوا أحق باستشكاله والاعتراض عليه ، ولم يؤثر من أحد منهم ذلك.

وأما قولهم : إن الصدقة بالخاتم لا تسمى زكاة ، فيدفعه أن تعين لفظ الزكاة في معناها المصطلح إنما تحقق في عرف المتشرعة بعد نزول القرآن بوجوبها وتشريعها في الدين ، وأما الذي تعطيه اللغة فهو أعم من الزكاة المصطلحة في عرف المتشرعة ويساوق عند الإطلاق أو عند مقابلة الصلاة إنفاق المال لوجه الله كما يظهر مما وقع فيما حكاه الله عن الأنبياء السالفين كقوله تعالى في إبراهيم وإسحاق ويعقوب : « وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ » : الأنبياء : ٧٣ ، وقوله تعالى في إسماعيل : « وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا » : مريم : ٥٥ وقوله تعالى حكاية عن عيسى عليه‌السلام في المهد : « وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا » : مريم : ٣١ ومن المعلوم أن ليس في شرائعهم الزكاة المالية بالمعنى الذي اصطلح عليه في الإسلام.

وكذا قوله تعالى : « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى » : الأعلى : ١٥ وقوله تعالى : « الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى » : الليل : ١٨ وقوله تعالى : « الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ » : حم السجدة : ٧ وقوله تعالى : « وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ » : المؤمنون : ٤ ، وغير ذلك من الآيات الواقعة في السور المكية وخاصة السور النازلة في أوائل البعثة كسورة حم السجدة وغيرها ، ولم تكن شرعت الزكاة المصطلحة بعد ؛ فليت شعري ما ذا كان يفهمه المسلمون من هذه الآيات في

١٠

لفظ الزكاة.

بل آية الزكاة أعني قوله تعالى : « خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ » : التوبة : ١٠٣ ، تدل على أن الزكاة من أفراد الصدقة ، وإنما سميت زكاة لكون الصدقة مطهرة مزكية مطلقا ، وقد غلب استعمالها في الصدقة المصطلحة.

فتبين من جميع ما ذكرنا أنه لا مانع من تسمية مطلق الصدقة والإنفاق في سبيل الله زكاة ، وتبين أيضا أن لا موجب لارتكاب خلاف الظاهر بحمل الركوع على معناه المجازي ، وكذا ارتكاب التوجيه في قوله « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » حيث أتى باسم إن (وَلِيُّكُمُ) مفردا وبقوله « الَّذِينَ آمَنُوا » وهو خبر بالعطف بصيغة الجمع ، هذا.

قوله تعالى : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » قال الراغب في المفردات : الولاء (بفتح الواو) والتوالي أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما ، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان ومن حيث النسبة ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد ، والولاية النصرة ، والولاية تولي الأمر ، وقيل : الولاية والولاية (بالفتح والكسر) واحدة نحو الدلالة والدلالة وحقيقته تولي الأمر ، والولي والمولى يستعملان في ذلك ، كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي الموالي (بكسر اللام) ومعنى المفعول أي الموالي (بفتح اللام) يقال للمؤمن : هو ولي الله عز وجل ولم يرد مولاه ، وقد يقال : الله ولي المؤمنين ومولاهم.

قال : وقولهم : تولى إذا عدي بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله في أقرب المواضع منه يقال : وليت سمعي كذا ، ووليت عيني كذا ، ووليت وجهي كذا أقبلت به عليه قال الله عز وجل : « فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها ، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ » وإذا عدي بعن لفظا أو تقديرا اقتضى معنى الإعراض وترك قربه. انتهى.

والظاهر أن القرب الكذائي المعبر عنه بالولاية ، أول ما اعتبره الإنسان إنما اعتبره في الأجسام وأمكنتها وأزمنتها ثم أستعير لأقسام القرب المعنوية بالعكس مما

١١

ذكره لأن هذا هو المحصل من البحث في حالات الإنسان الأولية فالنظر في أمر المحسوسات والاشتغال بأمرها أقدم في عيشة الإنسان من التفكر في المعقولات والمعاني وأنحاء اعتبارها والتصرف فيها.

وإذا فرضت الولاية ـ وهي القرب الخاص ـ في الأمور المعنوية كان لازمها أن للولي ممن وليه ما ليس لغيره إلا بواسطته فكل ما كان من التصرف في شئون من وليه مما يجوز أن يخلفه فيه غيره فإنما يخلفه الولي لا غيره كولي الميت ، فإن التركة التي كان للميت أن يتصرف فيها بالملك فإن لوارثه الولي أن يتصرف فيها بولاية الوراثة ، وولي الصغير يتصرف بولايته في شئون الصغير المالية بتدبير أمره ، وولي النصرة له أن يتصرف في أمر المنصور من حيث تقويته في الدفاع ، والله سبحانه ولي عباده يدبر أمرهم في الدنيا والآخرة لا ولي غيره ، وهو ولي المؤمنين في تدبير أمر دينهم بالهداية والدعوة والتوفيق والنصرة وغير ذلك ، والنبي ولي المؤمنين من حيث إن له أن يحكم فيهم ولهم وعليهم بالتشريع والقضاء ، والحاكم ولي الناس بالحكم فيهم على مقدار سعة حكومته ، وعلى هذا القياس سائر موارد الولاية كولاية العتق والحلف والجوار والطلاق وابن العم ، وولاية الحب وولاية العهد وهكذا ، وقوله : « يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ » أي يجعلون أدبارهم تلي جهة الحرب وتدبر أمرها ، وقوله « تَوَلَّيْتُمْ » أي توليتم عن قبوله أي اتخذتم أنفسكم تلي جهة خلاف جهته بالإعراض عنه أو اتخذتم وجوهكم تلي خلاف جهته بالإعراض عنه ؛ فالمحصل من معنى الولاية في موارد استعمالها هو نحو من القرب يوجب نوعا من حق التصرف ومالكية التدبير.

وقد اشتمل قوله تعالى : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » « إلخ » من السياق على ما يدل على وحدة ما في معنى الولاية المذكورة فيه حيث تضمن العد في قوله : « اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » وأسند الجميع إلى قوله : « وَلِيُّكُمُ » وظاهره كون الولاية في الجميع بمعنى واحد. ويؤيد ذلك أيضا قوله في الآية التالية : « فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ » حيث يشعر أو يدل على كون المتولين جميعا حزبا لله لكونهم تحت ولايته ؛ فولاية الرسول والذين آمنوا إنما هو من سنخ ولاية الله.

وقد ذكر الله سبحانه لنفسه من الولاية ، الولاية التكوينية التي تصحح له التصرف في كل شيء وتدبير أمر الخلق بما شاء ، وكيف شاء قال تعالى : « (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ

١٢

أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ) » : الشورى : ٩ وقال : « ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ » : السجدة : ٤ وقال : « أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ » : يوسف : ١٠١ وقال : « فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ » : الشورى : ٤٤ وفي معنى هذه الآيات قوله : « وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » : ق : ١٦ ، وقوله : « وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ » : الأنفال : ٢٤.

وربما لحق بهذا الباب ولاية النصرة التي ذكرها لنفسه في قوله : « ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ » : سورة محمد ـ ١١ ، وقوله : « فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ » : التحريم : ٤ ، وفي معنى ذلك قوله : « وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ » : « الروم : ٤٧ ».

وذكر تعالى أيضا لنفسه الولاية على المؤمنين فيما يرجع إلى أمر دينهم من تشريع الشريعة والهداية والإرشاد والتوفيق ونحو ذلك كقوله تعالى : « اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ » : البقرة : ٢٥٧ ، وقوله : « وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ » : « آل عمران : ٦٨ وقوله : « وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ » : الجاثية : ١٩ ، وفي هذا المعنى قوله تعالى : « وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً » : الأحزاب : ٣٦.

فهذا ما ذكره الله تعالى من ولاية نفسه في كلامه ، ويرجع محصلها إلى ولاية التكوين وولاية التشريع ، وإن شئت سميتهما بالولاية الحقيقية والولاية الاعتبارية.

وقد ذكر الله سبحانه لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله من الولاية التي تخصه الولاية التشريعية وهي القيام بالتشريع والدعوة وتربية الأمة والحكم فيهم والقضاء في أمرهم ، قال تعالى : « النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » : الأحزاب : ٦ ، وفي معناه قوله تعالى : « إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ » : النساء : ١٠٥ ، وقوله : « وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » : الشورى : ٥٢ ، وقوله : « رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ » : الجمعة : ٢ ، وقوله : « لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ » : النحل : ٤٤ وقوله : « أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ » : النساء : ٥٩ ، وقوله : « وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ » : الأحزاب : ٣٦ ، وقوله : « وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ » : المائدة : ٤٩ ، وقد تقدم أن الله لم يذكر ولاية النصرة عليه للأمة.

١٣

ويجمع الجميع أن له صلى‌الله‌عليه‌وآله الولاية على الأمة في سوقهم إلى الله والحكم فيهم والقضاء عليهم في جميع شئونهم فله عليهم الإطاعة المطلقة فترجع ولايته صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ولاية الله سبحانه بالولاية التشريعية ، ونعني بذلك أن له صلى‌الله‌عليه‌وآله التقدم عليهم بافتراض الطاعة لأن طاعته طاعة الله ، فولايته ولاية الله كما يدل عليه بعض الآيات السابقة كقوله : « أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ » (الآية) وقوله : « وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً » (الآية) وغير ذلك.

وهذا المعنى من الولاية لله ورسوله هو الذي تذكره الآية للذين آمنوا بعطفه على الله ورسوله في قوله : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » على ما عرفت من دلالة السياق على كون هذه الولاية ولاية واحدة هي لله سبحانه بالأصالة ولرسوله والذين آمنوا بالتبع وبإذن منه تعالى.

ولو كانت الولاية المنسوبة إلى الله تعالى في الآية غير المنسوبة إلى الذين آمنوا ـ والمقام مقام الالتباس ـ كان الأنسب أن تفرد ولاية أخرى للمؤمنين بالذكر رفعا للالتباس كما وقع نظيره في نظيرها ، قال تعالى : « قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ » : التوبة. ٦١ ، فكرر لفظ الإيمان لما كان في كل من الموضعين لمعنى غير الآخر ، وقد تقدم نظيره في قوله تعالى : « (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) : النساء ـ ٥٩ ، في الجزء السابق على هذا الجزء من الكتاب.

على أن لفظ « وَلِيُّكُمُ » أتي به مفردا وقد نسب إلى الذين آمنوا وهو جمع ، وقد وجهه المفسرون بكون الولاية ذات معنى واحد هو لله سبحانه على الأصالة ولغيره بالتبع.

وقد تبين من جميع ما مر أن القصر في قوله : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ » « إلخ » ، لقصر الإفراد كان المخاطبين يظنون أن الولاية عامة للمذكورين في الآية وغيرهم فأفرد المذكورون للقصر ، ويمكن بوجه أن يحمل على قصر القلب.

قوله تعالى : « الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » بيان للذين آمنوا المذكور سابقا ، وقوله : « وَهُمْ راكِعُونَ » حال من فاعل « يُؤْتُونَ » وهو العامل فيه.

والركوع هو الهيأة المخصوصة في الإنسان ، ومنه الشيخ الراكع ، ويطلق في عرف الشرع على الهيأة المخصوصة في العبادة ، قال تعالى : « الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ » :

١٤

التوبة : ١١٢ وهو ممثل للخضوع والتذلل لله ، غير أنه لم يشرع في الإسلام في غير حال الصلاة بخلاف السجدة.

ولكونه مشتملا على الخضوع والتذلل ربما أستعير لمطلق التذلل والخضوع أو الفقر والإعسار الذي لا يخلو عادة عن التذلل للغير.

قوله تعالى : « وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ » ، التولي هو الأخذ وليا ، و « الَّذِينَ آمَنُوا » مفيد للعهد والمراد به المذكور في الآية السابقة : « وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ » ، « إلخ » ، وقوله : « فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ » واقع موقع الجزاء وليس به بل هو من قبيل وضع الكبرى موضع النتيجة للدلالة على علة الحكم ، والتقدير : ومن يتول فهو غالب لأنه من حزب الله وحزب الله هم الغالبون ، فهو من قبيل الكناية عن أنهم حزب الله.

والحزب على ما ذكره الراغب جماعة فيها غلظ ، وقد ذكر الله سبحانه حزبه في موضع آخر من كلامه قريب المضمون من هذا الموضع ، ووسمهم بالفلاح فقال : « (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ـ إلى أن قال : ـ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) » : المجادلة ـ ٢٢.

والفلاح الظفر وإدراك البغية التي هي الغلبة والاستيلاء على المراد ، وهذه الغلبة والفلاح هي التي وعدها الله المؤمنين في أحسن ما وعدهم به وبشرهم بنيله ، قال تعالى : « قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ » : المؤمنون : ١ ، والآيات في ذلك كثيرة ، وقد أطلق اللفظ في جميعها ، فالمراد الغلبة المطلقة والفلاح المطلق أي الظفر بالسعادة والفوز بالحق والغلبة على الشقاء ، وإدحاض الباطل في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فبالحياة الطيبة التي توجد في مجتمع صالح من أولياء الله في أرض مطهرة من أولياء الشيطان على تقوى وورع ، وأما في الآخرة ففي جوار رب العالمين.

(بحث روائي)

في الكافي ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ،

١٥

عن زرارة ؛ والفضيل بن يسار ، وبكير بن أعين ، ومحمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، وأبي الجارود ، جميعا عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ـ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » وفرض من ولاية أولي الأمر فلم يدروا ما هي؟ فأمر الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يفسر لهم الولاية ـ كما فسر الصلاة والزكاة والصوم والحج ـ.

فلما أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه ، فضاق صدره وراجع ربه عز وجل ـ فأوحى الله عز وجل إليه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ـ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ، فصدع بأمر الله عز ذكره ، فقام بولاية علي عليه‌السلام يوم غدير خم ـ فنادى : الصلاة جامعة ، وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب.

قال عمر بن أذينة : قالوا جميعا غير أبي الجارود : قال أبو جعفر عليه‌السلام : وكانت الفريضة الأخرى ، وكانت الولاية آخر الفرائض ـ فأنزل الله عز وجل : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي » ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : يقول الله عز وجل : لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة ـ قد أكملت لكم الفرائض.

وفي البرهان ، وغاية المرام ، عن الصدوق بإسناده عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام : في قول الله عز وجل : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » ، قال : إن رهطا من اليهود أسلموا ـ منهم عبد الله بن سلام ـ وأسد وثعلبة وابن يامين وابن صوريا ـ فأتوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يا نبي الله ـ إن موسى أوصى إلى يوشع بن نون ، فمن وصيك يا رسول الله؟ ومن ولينا بعدك؟ فنزلت هذه الآية : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ـ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ».

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قوموا فقاموا وأتوا المسجد ـ فإذا سائل خارج فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا سائل هل أعطاك أحد شيئا؟ قال : نعم هذا الخاتم ـ قال : من أعطاكه؟

قال : أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي ؛ قال على أي حال أعطاك؟ قال : كان راكعا فكبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكبر أهل المسجد.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي وليكم بعدي ـ قالوا : رضينا بالله ربا ، وبمحمد نبيا ، وبعلي

١٦

بن أبي طالب وليا فأنزل الله عز وجل : « وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ـ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ » الحديث.

وفي تفسير القمي ، قال : حدثني أبي ، عن صفوان : عن أبان بن عثمان ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس وعنده قوم من اليهود ـ فيهم عبد الله بن سلام إذ نزلت عليه هذه الآية ـ فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المسجد فاستقبله سائل ـ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل أعطاك أحد شيئا؟ قال : نعم ذلك المصلي ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا هو علي عليه‌السلام :.

أقول : ورواه العياشي في تفسيره عنه (ع).

وفي أمالي الشيخ ، قال : حدثنا محمد بن محمد ـ يعني المفيد ـ قال : حدثني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : حدثني الحسن بن علي الزعفراني ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا العباس بن عبد الله العنبري ، عن عبد الرحمن بن الأسود الكندي اليشكري ، عن عون بن عبيد الله ، عن أبيه عن جده أبي رافع قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما وهو نائم ـ وحية في جانب البيت ـ فكرهت أن أقتلها وأوقظ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فظننت أنه يوحى إليه فاضطجعت بينه وبين الحية ـ فقلت : إن كان منها سوء كان إلى دونه.

فكنت هنيئة فاستيقظ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقرأ : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » ـ حتى أتى على آخر الآية ـ ثم قال : الحمد لله الذي أتم لعلي نعمته ، وهنيئا له بفضل الله الذي آتاه ، ثم قال لي : ما لك هاهنا؟ فأخبرته بخبر الحية ـ فقال لي : اقتلها ففعلت ـ ثم قال لي : يا (أبا ،) رافع كيف أنت ـ وقوم يقاتلون عليا وهو على الحق وهم على الباطل؟ جهادهم حقا لله عز اسمه ـ فمن لم يستطع بقلبه ، ليس وراءه شيء ـ فقلت : يا رسول الله ادع الله لي ـ إن أدركتهم أن يقويني على قتالهم ـ قال : فدعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : إن لكل نبي أمينا ، وإن أميني أبو رافع.

قال : فلما بايع الناس عليا بعد عثمان ، وسار طلحة والزبير ذكرت قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فبعت داري بالمدينة وأرضا لي بخيبر ـ وخرجت بنفسي وولدي مع أمير المؤمنين (ع)

١٧

ـ لأستشهد بين يديه فلم أدرك معه حتى عاد من البصرة ، وخرجت معه إلى صفين ـ (فقاتلت ،) بين يديه بها وبالنهروان أيضا ، ولم أزل معه حتى استشهد علي عليه‌السلام ، فرجعت إلى المدينة وليس لي بها دار ولا أرض ـ فأعطاني الحسن بن علي عليه‌السلام أرضا بينبع ، وقسم لي شطر دار أمير المؤمنين عليه‌السلام فنزلتها وعيالي.

وفي تفسير العياشي ، بإسناده عن الحسن بن زيد ، عن أبيه زيد بن الحسن ، عن جده قال : سمعت عمار بن ياسر يقول : وقف لعلي بن أبي طالب سائل وهو راكع في صلاة تطوع ـ فنزع خاتمه فأعطاه السائل ـ فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأعلم بذلك ـ فنزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الآية : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ـ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » ـ (إلى آخر الآية) فقرأها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علينا ـ ثم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.

وفي تفسير العياشي ، عن المفضل بن صالح ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : قال : إنه لما نزلت هذه الآية : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » ـ شق ذلك على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وخشي أن تكذبه قريش ـ فأنزل الله : « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ » (الآية) فقام بذلك يوم غدير خم.

وفيه ، عن أبي جميلة عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما‌السلام قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الله أوحى إلي أن أحب أربعة : عليا وأبا ذر وسلمان والمقداد ، فقلت : ألا فما كان من كثرة الناس ـ أما كان أحد يعرف هذا الأمر؟ فقال : بلى ثلاثة ، قلت : هذه الآيات التي أنزلت : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » ـ وقوله : « أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » ـ ما كان أحد يسأل فيمن نزلت؟ فقال من ثم أتاهم لم يكونوا يسألون.

وفي غاية المرام ، عن الصدوق بإسناده عن أبي سعيد الوراق عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده : في حديث مناشدة علي عليه‌السلام لأبي بكر ـ حين ولى أبو بكر الخلافة ، وذكر عليه‌السلام فضائله لأبي بكر ـ والنصوص عليه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكان فيما قال له : فأنشدك بالله أ ـ لي الولاية من الله ـ مع ولاية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في آية زكاة الخاتم أم لك؟ قال : بل لك.

١٨

وفي مجالس الشيخ ، بإسناده إلى أبي ذر : في حديث مناشدة أمير المؤمنين عليه‌السلام عثمان والزبير ـ وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص ـ يوم الشورى واحتجاجه عليهم ـ بما فيه من النصوص من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والكل منهم يصدقه عليه‌السلام فيما يقوله فكان مما ذكره عليه‌السلام : فهل فيكم أحد آتى الزكاة وهو راكع فنزلت فيه : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ـ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » ـ غيري؟ قالوا : لا.

وفي الإحتجاج ، في رسالة أبي الحسن الثالث علي بن محمد الهادي عليه‌السلام إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض :

قال عليه‌السلام : اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك : أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها ـ فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون ، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تجتمع أمتي على ضلالة » ، فأخبر عليه‌السلام : أن ما اجتمعت عليه الأمة ـ ولم يخالف بعضها بعضا هو الحق ، فهذا معنى الحديث لا ما تأوله الجاهلون ، ولا ما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب ، واتباع أحكام الأحاديث المزورة ، والروايات المزخرفة ، واتباع الأهواء المردئة المهلكة التي تخالف نص الكتاب ، وتحقيق الآيات الواضحات النيرات ، ونحن نسأل الله أن يوفقنا للصلاة ، ويهدينا إلى الرشاد.

ثم قال عليه‌السلام : فإذا شهد الكتاب بصدق خبر ـ وتحقيقه فأنكرته طائفة من الأمة ـ عارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة ، فصارت بإنكارها ودفعها الكتاب ضلالا ، وأصح خبر مما عرف تحقيقه من الكتاب ـ مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « إني مستخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي. ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ـ وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض » واللفظة الأخرى عنه في هذا المعنى بعينه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ».

وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله ـ مثل قوله : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ـ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ». ثم اتفقت

١٩

روايات العلماء ـ في ذلك لأمير المؤمنين عليه‌السلام : أنه تصدق بخاتمه وهو راكع فشكر الله ذلك له ، وأنزل الآية فيه. ثم وجدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة : « من كنت مولاه فعلي مولاه ـ اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » وقوله : (ص) « علي يقضي ديني ، وينجز موعدي ، وهو خليفتي عليكم بعدي » وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين استخلفه على المدينة ـ فقال : يا رسول الله : أتخلفني على النساء والصبيان؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ـ إلا أنه لا نبي بعدي؟.

فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار ، وتحقيق هذه الشواهد فيلزم الأمة الإقرار بها ـ إذا كانت هذه الأخبار وافقت القرآن ـ فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله ، ووجدنا كتاب الله موافقا لهذه الأخبار ، وعليها دليلا كان الاقتداء فرضا ـ لا يتعداه إلا أهل العناد والفساد.

وفي الإحتجاج ، في حديث عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال المنافقون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل بقي لربك علينا بعد الذي فرض علينا شيء آخر ـ يفترضه فتذكر فتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك : « قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » ـ يعني الولاية فأنزل الله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ـ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) » ، وليس بين الأمة خلاف أنه لم يؤت الزكاة ـ يومئذ وهو راكع غير رجل واحد ، الحديث.

وفي الاختصاص ، للمفيد عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن الحسن بن أبي العلاء قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الأوصياء طاعتهم مفترضة؟ فقال : نعم ، هم الذين قال الله : « أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » ـ وهم الذين قال الله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ـ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) ».

أقول : ورواه في الكافي ، عن الحسين بن أبي العلاء عنه عليه‌السلام ، وروي ما في معناه عن أحمد بن عيسى عنه عليه‌السلام.

وإسناد نزول ما نزل في علي عليه‌السلام إلى جميع الأئمة عليهم‌السلام لكونهم أهل بيت واحد ، وأمرهم واحد.

٢٠