تفسير الراغب الأصفهاني - ج ١

الحسين بن محمّد بن المفضّل أبوالقاسم الأصفهاني [ الراغب الأصفهاني ]

تفسير الراغب الأصفهاني - ج ١

المؤلف:

الحسين بن محمّد بن المفضّل أبوالقاسم الأصفهاني [ الراغب الأصفهاني ]


المحقق: د. عادل بن علي الشدي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مدار الوطن للنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٣٩
الجزء ١ الجزء ٢

يوقدون ناره ، ويرفعون مناره ، وأعظمهم آفة فرقتان : فرقة تدب في ضرّاء وتسر حسوا في ارتغاء ، تظهر موالاة أمير المؤمنين وبها إضلال المؤمنين ، يتوصلون بمدحه وإظهار محبته إلى ذمّ الصحابة وأزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذين رضي الله عنهم ...» (١).

وأمّا القول : بأن سبب التجاهل لترجمة الراغب يعود إلى تواضعه وعدم حديثه عن نفسه في ثنايا كتبه ، فإن كثيرا من علماء الإسلام على مرّ العصور قد اشتركوا مع الراغب في هذه الصفة ، ومع ذلك فقد حظوا بترجمة وافية لحياتهم الشخصيّة ، وهذا أمر لا يخفى.

على أن باحثا معاصرا هو الدكتور إحسان عباس كان له رأي آخر مفاده «أن الأمر ليس من قبيل التجاهل ، وإلا فكيف وصل ذكره إلى البيهقي؟ لا بد أن تكون هنالك مصادر سابقة للبيهقي قد عرّفت به ، ولكنها لم تصلنا ، ولعل لزومه لأصفهان وعدم مبارحتها ـ فيما أقدّر ـ قد جعله بعيدا عن (دائرة الضوء)» (٢).

وهذا رأي له وجاهته ، لكنه لا يغيّر شيئا من الحقيقة الماثلة أمام الباحث عن شخصية الراغب الأصفهاني.

ومع ذلك فإن الذي يظهر أن شحّ المعلومات المتعلقة بحياته يعود إلى سببين اثنين :

أوّلهما : أن عقيدته التي يؤمن بها تخالف عقيدة حكّام عصره ،

__________________

(١) انظر : رسالة في الاعتقاد ، للراغب ـ رسالة ماجستير ، بتحقيق : أختر لقمان ، ص (٤٣).

(٢) انظر : مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ، العددان ٢٣ ـ ٢٤ (ربيع الأول ـ رمضان ١٤٠٤ ه‍) في مقال بعنوان «تعليقان» ص (١٩٧).

٤١

الذين كانت لهم السلطة على أصفهان وما حولها ، فالدولة البويهيّة التي عاش الراغب في عصرها كانت تعتنق المذهب الشيعي ، وأما الراغب فقد كان سنيّا أشعريّا ؛ ومن هنا فقد أبعد الراغب عن المناصب العلميّة والإدارية ، وتمّ تجاهله والحضّ من منزلته ، يوضح ذلك هذا النص الذي ذكره الراغب في «رسالة مراتب العلوم» : «... وما كان لي في الكشف في ذلك إلا أمران : أحدهما : أن أعلمه أن لا يعتمد في الحكايات من لا يقيد كلامه. والثاني : أنه قيل لبعض الصالحين : فلان يسيء ظنه بك فدعه يثقل به ميزانك ، فقال : لا أحب أن أثقل ميزاني بأوزار إخواني ، ولكن طال تعجّبي من ذلك الشيخ الفاضل حرسه الله لأمور رأيتها منه طريفة ، أحدها : إنكاره عليّ التفوه بلفظ «القوة» اعتلالا بأن هذه اللفظة يستعملها ذوو الفلسفة ، وأن أقول بدله «القدرة» كأنه لم يعلم ما بينهما من الفرق في تعارف عوامّ الناس فضلا عن خواصّهم ، ثم ما كان من إبهاماته وتعريضاته ، بل تصريحاته تنفق منه على أشياعه وأتباعه بالوضع عنّي والغض منّي وازدياده بعد المقال مقالا لما رأي مني في مجاوبته جملا ثقالا ...» (١).

ويتضح من هذا النص أن الراغب كان يواجه بحملة انتقاص تهدف إلى الغض من منزلته ، وقد طالت هذه الحملة من التعريض إلى التصريح ، وازدادت حدّتها ، فلما لم يجد الراغب من يدافع عنه سارع للدفاع عن نفسه ، وسواء أكان مصدر هذه الحملة حكام

__________________

(١) انظر : مخطوط رسالة في مراتب العلوم ، للراغب الأصفهاني ، مكتبة أسعد أفندي ، استانبول ، رقم ٣٦٥٤.

٤٢

عصره من بني بويه أو بعض علماء عصره وتلاميذهم ؛ فإن أجواء هذه الحملة تشي بموافقة السّلطة عليها وعدم الوقوف في وجهها ، بدليل أن الراغب يتهيّب ممن تزعّم هذه الحملة عليه ، رغم تصريحه بانتقاض الراغب ، والغض من قدره ، واستمراره على ذلك ، فترى الراغب عند ذكره يجلّه ويقدره ويدعو له ، فيقول : «ولكن طال تعجبّي من ذلك الشيخ الفاضل ، حرسه الله».

وأما السبب الثاني : الذي يفسر ندرة المعلومات عن حياة الراغب الشخصيّة : فهو أن الراغب لم يوفّق ـ فيما يبدو ـ إلى تلاميذ ينشرون علمه بين الناس ، ويكتبون عن شيخهم وحياته وسمته وأخلاقه ؛ بل إن كلّ مطالع لتراجم العلماء ، الذين خلّفوا عصر الراغب ، وعاشوا في أصفهان وما حولها ، لا يجد أيّ ذكر للراغب الأصفهاني في قائمة شيوخهم ؛ ولعل السبب في ذلك يعود إلى انصرافه للتأليف وانشغاله بالتصنيف في العلوم المختلفة وعدم اهتمامه الكافي بمجالس الدرس التي يتحلّق فيها التلاميذ ، ومن هنا فقد زادت مصنفاته على العشرين ، وتنوّعت فنونها ما بين اللغة والأدب والبلاغة ، والعقيدة ، والتفسير وعلوم القرآن ، والأخلاق والحكمة والسلوك ، وفي المقابل قلّ تلاميذه إلى درجة انعدام المبرزين منهم ، الذين يشتهر أمرهم ، ويشار إليهم بالبنان.

وبناء على ما سبق ، فإن البحث عن تاريخ محدد لمولد الراغب ، ومعلومات محددة عن نشأته لا يمكن أن يوصّل إلى نتيجة علميّة ترضي الباحث ، إلا أننا يمكن أن نتلمّس من خلال كتبه المختلفة

٤٣

شيئا من الإشارات المعينة على معرفة شخصيته ، والتعرف على نشأته ، فمن ذلك :

أن الراغب نشأ في بيئة صالحة تجلّ العلم وتعلي من قدره ، وتتمسك بالأخلاق الرفيعة التي تنزع بالمسلم إلى معالي الأمور ، وتحقر عنده صغائرها (١) ؛ وأن هذه البيئة التي عاش فيها كانت منفتحة على العلوم المختلفة العقلية والنقلية (٢) وإن لم تسلم بيئته من شطحات المتصوّفة التي ظهرت على بعض مؤلفاته ، كما في «الذريعة إلى مكارم الشريعة» و «تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين» ، بل وفي تفسيره الذي بين أيدينا ، كما سيأتي.

وقد كان للثقافة الفارسيّة تأثير كبير على الراغب ، حتى إنه كان يترجم بعض عباراته في كتبه إلى الفارسيّة ، فمن ذلك قوله : «وشكر العبد لربّه هو معرفة نعمته وحفظ جوارحه بمنعها عن استعمال ما لا ينبغي ، ومعناه بالفارسيّة : أسبياس دارم خداي را ، أي أنا حارس له على جوارحي» (٣).

وقال في موضع آخر : «قيل الدرهم حاكم صامت ، وعدل ساكت ، وحكم من الله تعالى نافذ ؛ وقد قيل لهذا المعنى سمّي في لغة الفرس

__________________

(١) انظر على سبيل المثال : «الذريعة إلى مكارم الشريعة» الصفحات : (٦٩ ، ٨٣ ، ٨٦ ، ٩٢ ، ٩٦ ، ٩٩ ، ١٠١ ، ١١١ ، ١١٩ ، ١٥٣ ، ١٥٧ ، ١٦١ ، ٢٣١ ، ٣٢١ ، ٣٢٧ ، ٤١٤).

(٢) انظر على سبيل المثال : «الذريعة إلى مكارم الشريعة» الصفحات : (١٦٧ ، ١٦٩ ، ١٧٧ ، ١٨٣ ، ٢٠٨ ، ٢٣٢ ، ٢٣٦ ، ٢٤٧ ، ٢٥٧).

(٣) انظر : الذريعة إلى مكارم الشريعة ، ص (٢٧٩).

٤٤

الدينار (دين أورد) أي الدين أتى به والدين فارسية معربّة» (١).

ويظهر أثر التدين وخشية الله تعالى واضحا في شخصية الراغب الأصفهاني ، فمن ذلك أنه ذكر أن «عمر بن عبيد الله قال لرجل : عظني ، فقال : قد قطعت عامّة سفرك ، فإن استطعت أن لا تضل في آخره فافعل» ، ثم قال الراغب معلقا : وأنا أقول : قد ضللت عامّة سفري ، فإن لم يهدني الله فويل لي ، ختم الله لي بخير ولمن كتب وقرأ» (٢).

ومن ذلك أنه ختم كتابه «الذريعة إلى مكارم الشريعة» بالعبارة التالية : «فنرغب إليه تعالى أن يجعلنا برحمته ممن ائتمر لنبيه عليه‌السلام حيث قال : «اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل موتك» (٣) ، فما أعظم في القيامة الحسرة والندامة إن لم يتغمدني الله برحمته التي وسعت كل شيء ، فسهّل يا رب المجاز ، ويسّر لي الجواز ، فقد حان حصادي ، وإن لم يصلح فسادي ، ولم يحصل رشادي» (٤).

أوهام حول حياة الراغب :

بالنظر إلى شح الأخبار التي تتناول حياة الراغب الأصفهاني ، وتفيد الباحث بأي معلومة ولو صغرت حول شخصيته ، فإنّ كل

__________________

(١) انظر : الذريعة إلى مكارم الشريعة ، ص (٣٨٨).

(٢) انظر : محاضرات الأدباء ، للراغب (٢ / ٤٠٦).

(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك (٤ / ٣٠٦) عن ابن عباس ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأخرجه أبو نعيم في الحلية (٤ / ١٤٨) عن عمرو بن ميمون الأودي مرسلا. والحديث صححه الألباني وهو في صحيح الجامع الصغير رقم (١٠٨٨).

(٤) انظر : الذريعة إلى مكارم الشريعة ، ص (٤٢٦).

٤٥

خبر جديد عن الراغب يعثر عليه الباحث ـ الذي أطال النظر والبحث فيما كتب عن الراغب ـ يحمل علامة استفهام كبيرة ، وهذا ما حصل إزاء ما ذكر محقق كتاب «الذريعة إلى مكارم الشريعة» (١) للراغب الأصفهاني من أن الراغب قد ولي القضاء مكرها عليه ، وأقام ببغداد خمس سنين واستقر بمرسية واستقضى فيها ، ثم استعفى ، وخرج منها فارّا إلى المرية ، فأقام بها وقبل قضاءها على كره ، ولما كانت وقعة «قتندة» بثغر الأندلس شهدها غازيا واستشهد فيها» (٢) وقد أحال الباحث توثيقا لهذه المعلومة إلى «الأعلام» للزركلي ، إلا أن الرجوع إلى «الأعلام» أوصل إلى نتيجة مفادها أن هذه المعلومات لا تخصّ الراغب الأصفهاني من قريب أو بعيد ، بل تتعلق بالحسين بن محمد ابن سكّرة المتوفى سنة ٥١٤ ه‍» (٣).

وقد وقع محقق كتاب «مجمع البلاغة» للراغب في وهم آخر حيث ذكر في كتاب له بعنوان «الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب» أنه وجد على الورقة الأولى من مخطوط «حل متشابهات القرآن» ، كلاما لكاتب وصفه بالمتسرّع ، وفيه أنّ المؤلف ـ أي الراغب ـ هو

__________________

(١) هو الدكتور : أبو اليزيد العجمي ، وقد صدر الكتاب في طبعته الأولى بتحقيقه عن دار الصحوة بالقاهرة عام ١٤٠٥ ه‍. وانظر طبعات الكتاب ص (٨٠) من هذه الرسالة.

(٢) المصدر السابق ، ص (٢١).

(٣) انظر : الأعلام ، للزركلي ، (٢ / ٢٥٥). وقد حذف الدكتور أبو اليزيد العجمي هذا الخبر من الطبعة الثانية لكتاب «الذريعة إلى مكارم الشريعة» التي صدرت عن دار الصحوة بالقاهرة عام ١٤٠٨ ه‍ ، إلا أنه فات عليه أن يحذف ما يشير إلى هذا النقل في ص ٢٥ ، فقد قال : «أما مكان وفاته وكيف انتهت حياته فلم يتعرض لها سوى العاملي ..» وسوى صاحب الأعلام حيث ذكر كما سبق «ولما كانت وقعة قتندة بثغر الأندلس شهدها غازيا واستشهد فيها».

٤٦

أبو محمد بن الحسين الأصفهاني ، وأنه «تصدّى للوعظ والتدريس والتأليف ، وله مصنفات كثيرة جليلة ومناظرات عجيبة ، وله رحلة للهند وغيره ، وأنه لما رجع إلى نيسابور مات في الطريق سنة ستّ وأربعمائة ، فنقل لنيسابور ودفن بها» (١).

ونظرا لأهميّة المعلومات التي تحتوي عليها هذه الإشارة المختصرة من الكاتب ، فقد اجتهدت في الحصول على مخطوط كتاب «حل متشابهات القرآن» الذي أشار إليه الباحث ، وهو يحمل الرقم (١٨٠) في مكتبة راغب باشا بإستانبول ، وبالفعل فقد تمكّنت من الحصول عليه أثناء زيارتي للمكتبة السليمانية بإستانبول ، وبمجرد تفحّص الورقة الأولى توصّلت إلى أن هذا الرقم المشار إليه آنفا يشمل رسالتين للراغب : «حل متشابهات القرآن» و «تفصيل النشأتين» ، كما يشمل رسالة بعنوان «حل متشابهات الحديث» لابن فورك ، وقد كانت الإشارة التي سطّرها الكاتب تخص ابن فورك أبا محمد بن الحسين الأصفهاني المتوفى سنة ٤٠٦ ه‍ (٢) ، ولا علاقة للراغب الأصفهاني بها.

كتب ترجمت للراغب الأصفهاني :

١ ـ «تاريخ حكماء الإسلام» ـ ظهير الدين البيهقي (ولد ٤٩٩ ه‍) ـ تحقيق محمد كرد علي ، مطبوعات المجمع العلمي ـ دمشق ١٩٤٦ م ، ص (١١٢).

__________________

(١) انظر : الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب ، ص (٣٣).

(٢) وقد أسعدني أن أطلع بعد ذلك على ما توصل إليه باحث آخر هو الدكتور شلواح المطيري في رسالته للماجستير بعنوان «الراغب الأصفهاني وجهوده في التفسير وعلوم القرآن» حيث توصل إلى هذه النتيجة أيضا.

٤٧

٢ ـ «سير أعلام النبلاء» ـ الذهبي ـ الرسالة ـ بيروت ، (ج ١٨ ، ص ١٢٠) ـ ط ١ ، ١٩٦٥ م.

٣ ـ «بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة» ـ للسيوطي ـ ٣٦٩ ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ المكتبة العصرية.

٤ ـ «كشف الظنون عن أسامي الفنون» ـ حاجي خليفة ـ منشورات ـ مكتبة المثنى ـ بغداد.

٥ ـ «البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة» ـ الفيروزآبادي ـ ٦٩ ، ص (٧٩) ـ تحقيق محمد المصري ـ الكويت ـ جمعية إحياء التراث الإسلامي.

٦ ـ «الأعلام» ـ الزركلي ـ طبعة دار العلم ، ١٩٧٦ (٢ / ٢٧٩).

٧ ـ «معجم المؤلفين» ـ عمر رضا كحالة ـ (٥ / ٥٩) ـ دار إحياء التراث ـ بيروت.

٨ ـ «تاريخ الأدب العربي» ـ بروكلمان ـ (٥ / ٢٠٩) ، ترجمة د. رمضان عبد التواب وآخر ، دار المعارف ـ مصر.

٩ ـ «كنوز الأجداد» ـ محمد كرد علي ـ (٢٦٨) ـ دار الفكر ـ دمشق.

١٠ ـ «تاريخ آداب اللغة العربية» ـ جرجي زيدان ـ (٣ / ٤٤ ـ ٤٧) ـ دار الهلال.

١١ ـ «روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات» ـ محمد باقر الموسوي ـ الخوانساري الشيعي ، ص (٢٤٩) ـ طهران.

١٢ ـ «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» ـ أغا بزرك الطهراني ـ (٥ / ٤٥).

١٣ ـ «مفتاح السعادة ومصباح السيادة» ـ أحمد بن مصطفى الشهير ب : طاش كبرى زاده (٢ / ٧٠). تحقيق : كامل بكري ـ دار الكتب الحديثة ـ القاهرة.

٤٨

١٤ ـ «أعيان الشيعة» ـ محسن الأمين الحسيني العاملي الشيعي ـ ط ١ ، ١٩٤٨ م ، دمشق ، ص (٢٧ / ٢٢٠) ، مطبعة ابن زيدون.

١٥ ـ «دائرة المعارف الإسلامية» ـ مادة : الراغب ، ترجمة أحمد الشنتناوي ـ القاهرة.

١٦ ـ «الإتقان في علوم القرآن» ـ السيوطي (١ / ٧٢) ، تحقيق فؤاد زمرلي ـ بيروت ـ دار الكتاب العربي.

١٧ ـ «رياض العلماء وحياض الفضلاء» ـ الميرزا عبد الله أفندي الأصبهاني (٢ / ١٧٢) ، تحقيق السيد أحمد الحسيني ـ مطبعة الخيام ـ إيران.

١٨ ـ «سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار» ـ عباس القمّي (١ / ٥٢٨) ـ بيروت. مؤسسة الوفاء.

١٩ ـ «الوافي بالوفيات» ، للصفدي. (١٣ / ٤٥) ـ ألمانيا.

٢٠ ـ «أسرار الإمامة» ـ حسن بن علي الطبرسي.

٢١ ـ «طبقات المفسرين» ـ للداودي ، (٢ / ٣٢٩) ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

٢٢ ـ «معجم المطبوعات العربية» ـ يوسف سركيس ـ مطبعة سركيس ـ مصر ، ١٩٢٨ م ، ص (٩٢١).

٢٣ ـ «الموسوعة العربيّة الموسعة» ـ دار القلم ومؤسسة فرانكلين ـ القاهرة ، ١٩٦٥ م ، ص (٨٥٤).

٢٤ ـ «القاموس الإسلامي» ـ أحمد عطيّة الله ـ مكتبة النهضة العربيّة ، القاهرة ، ١٩٦٦ م ، (٢ / ٤٧٢).

٢٥ ـ «فهرس المكتبة الخديويّة التيموريّة» ـ (٤ / ٢٥٤ ، ٢١٦ ، ٢١٧) ، مطبعة دار الكتب المصرية ـ القاهرة.

٢٦ ـ «نزهة الأرواح وروضة الأفراح في تاريخ الحكماء والفلاسفة» ـ لشمس الدين محمد بن محمود الشهرزوري ، (٢ / ٤٤) ـ الهند ـ مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية.

٤٩

رسائل علمية وتحقيقات لكتب الراغب الأصفهاني :

١ ـ «الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب» ـ د. عمر الساريسي ـ ط ١ ، مكتبة الأقصى ـ الأردن.

٢ ـ «الراغب الأصفهاني وجهوده في تفسير القرآن الكريم من خلال كتاب (المفردات)» رسالة ماجستير ـ شلواح بن لويحق المطيري ـ الجامعة الإسلاميّة بالمدينة المنورة.

٣ ـ «الراغب الأصفهاني ومنهجه في المفردات» ـ رسالة ماجستير ـ عباس محمد أحمد ـ كلية الآداب ـ الإسكندرية ، ١٩٧١ م.

٤ ـ «الراغب الأصفهاني ومنهجه في التفسير مع تحقيق تفسيره : سورة البقرة» ـ رسالة دكتوراه : محمد إقبال أحمد فرحات ـ جامعة الزيتونة ـ تونس.

٥ ـ «مجمع البلاغة» ـ للراغب الأصفهاني ـ تحقيق د. عمر الساريسي ـ مكتبة الأقصى ـ الأردن ، ١٤٠٦ ه‍.

٦ ـ «مقدمة جامع التفاسير مع تفسير الفاتحة ومطالع البقرة» ـ للراغب ـ تحقيق : د. أحمد حسن فرحات ـ دار الدعوة ـ الكويت ، ط ١ ، ١٤٠٥ ه‍.

٧ ـ «الذريعة إلى مكارم الشريعة» ـ للراغب الأصفهاني ـ تحقيق :

د. أبو اليزيد العجمي ـ دار الصحوة ـ القاهرة ، ط ٢ ، ١٤٠٨ ه‍.

٨ ـ «المفردات في غريب القرآن» ـ للراغب ـ تحقيق : د. صفوان عدنان داوودي ـ دار القلم ـ دمشق ، ط ١.

٥٠

٩ ـ «رسالة في الاعتقاد» ـ للراغب الأصفهاني ـ رسالة ماجستير ـ أختر جمال محمد لقمان ـ كلية الدعوة وأصول الدين ـ جامعة أم القرى.

١٠ ـ «رسالة في الاعتقاد» ـ للراغب ـ تحقيق : د. شمران العجلي ـ طبع مؤسسة الأشرف ـ بيروت.

* * *

٥١

المطلب الثالث

وفاته

حين يصل البحث في حياة الراغب الأصفهاني إلى : وفاته فإنه يصطدم بالاضطراب الشديد في تحديد تاريخ وفاته ، لدرجة لا يمكن التوفيق فيها بين الأقوال المتعارضة ، التي يصل الاختلاف بينها إلى قرن كامل من الزمان!!

ففي حين يذكر السيوطي في «بغية الوعاة» أن وفاته كانت في أوائل المائة الخامسة (١) ، أي في حدود الفترة من ٤٠٠ إلى ٤١٠ ه‍ تقريبا ، نجد صاحب «كشف الظنون» يذكر أن وفاته كانت في سنة ٥٠٢ ه‍ (٢) ، ويوافقه على ذلك كلّ من «بروكلمان» (٣) و «خير الدين الزركلي» (٤) و «عمر رضا كحالة» (٥) و «الخوانساري» (٦) و «عباس القمّي» (٧) و «أغا بزرك الطهراني» (٨) ...

__________________

(١) انظر : بغية الوعاة ، ص ٣٩٧).

(٢) انظر : كشف الظنون ، حاجي خليفة (٢ / ١٧٧٣) ، عند ذكره لكتاب «مفردات القرآن» ، وعند ذكر «تفسير الراغب» و «تفصيل النشأتين» ، عاد ليذكر أن وفاته كانت في رأس المائة الخامسة. (٢ / ٤٨٨ و ١ / ٣١٧).

(٣) انظر : تاريخ الأدب العربي (٣ / ٢٠٩).

(٤) انظر : الأعلام (٢ / ٢٥٥).

(٥) انظر : معجم المؤلفين (٤ / ٥٩).

(٦) انظر : روضات الجنات (٣ / ١٩٧).

(٧) انظر : «الكنى والألقاب» لعباس القمّي ، (٢ / ٢٤).

(٨) انظر : «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» (٢٠ / ١٢٨) ، ويظهر التناقض جليّا حين يورد تواريخ متضاربة لوفاته في مواضع أخرى من كتابه حيث ذكر في : (٨ / ٩٥) ، أن وفاته كانت سنة ٣٢٢ ه‍ ، وهذا قول لم يسبق إليه مطلقا ، وفي : (١ / ٢٨) ، ينقل عن كتاب «أخبار البشر» أنه توفي سنة ٥٦٥ ه‍.

٥٢

و «العاملي» (١) وآخرون (٢).

ويؤيد قول السيوطي بأن وفاته كانت في أوائل المائة الخامسة من الهجرة «محمد كرد علي» (٣) وبعض المحققين المعاصرين ، الذين تتبّعوا مراحل حياة الراغب الأصفهاني ، وبعض الإشارات المبثوثة في ثنايا كتبه (٤). وأنكروا أن يكون الراغب قد توفي سنة ٥٠٢ ه‍ لا سيما وأن الإمام أبا حامد الغزالي المتوفى سنة ٥٠٥ ه‍ كان يستحسن كتابه «الذريعة إلى مكارم الشريعة» ويحمله معه في أسفاره ، كما ذكر ذلك حاجي خليفة في «كشف الظنون» (٥) و «المتوفى عام ٥٠٥ ه‍ يصعب في العقل أن يحمل مصنفا لمعاصر له توفي قبله بثلاث سنوات فقط» (٦) ،

__________________

(١) انظر «أعيان الشيعة» لمحسن الأمين العاملي ، مطبعة الإتقان ، ٢٧ / ٢٢٠.

(٢) منهم : «دائرة المعارف الإسلامية» نشرة إبراهيم زكي خورشيد ، مادة : الراغب (٩ / ٤٧٣) ، و «تاريخ الآداب العربيّة» لجرجي زيدان (٣ / ٤٥) ، و «الموسوعة العربيّة» ص (٨٥٤) ، و «القاموس الإسلامي» (٢ / ٤٧٢) ، ومحقق «الذريعة إلى مكارم الشريعة» د. أبو اليزيد العجمي ص (٢٥) ، والدكتور أحمد حسن فرحات في «مقدمة جامع التفاسير» ص (١٢).

(٣) محقق كتاب «تاريخ الحكماء للبيهقي» وقد أشار في إحدى حواشيه إلى أن وفاة الراغب كانت سنة ٤٠٢ ه‍ في أصح الروايات (ص ١١٢) ، إلا أنه عاد في كتابه «كنوز الأجداد» فذكر أن وفاة الراغب كانت سنة ٥٠٢ ه‍. انظر : كنوز الأجداد ، ص (٢٥٦).

(٤) ومن هؤلاء الدكتور عمر الساريسي في كتابه «الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب» ص (٤٥). والدكتور شلواح المطيري في رسالته للماجستير وهي بعنوان «الراغب الأصفهاني وجهوده في التفسير وعلوم القرآن» ص (٣٠). والدكتور إحسان عباس في مقال نشر بمجلة مجمع اللغة العربية الأردني ، عدد رمضان ١٤٠٤ ه‍ ، ص (١٩٧). والأستاذ محمد عدنان الجوهري ، في مقال نشر له بمجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ، المجلد الحادي والستون ، الجزء الأول ، يناير ١٩٨٦ م ، ص (١٩١).

(٥) انظر : «كشف الظنون» (١ / ٨٢٧).

(٦) انظر : الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب ، ص (٤٣).

٥٣

ولا سيما إذا كان في منزلة أبي حامد الغزالي (١).

وبين هذين القولين يظهر قول ثالث يتبنّاه «الذهبي» مفاده أن «الراغب» كان حيّا في سنة ٤٥٠ ه‍ ، حيث ترجم له الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ضمن الطبقة الرابعة والعشرين أي في حدود سنة ٤٥٠ ه‍ وقال : «لم أظفر له بوفاة ولا ترجمة ، وكان إن شاء الله في هذا الوقت حيّا» (٢).

ولا شك أنه في مثل هذه الحالات التي ينعدم فيها اليقين لا يستطيع الباحث أن يجزم بتأريخ يقطع بصحته ، وحينئذ تكثر الاجتهادات ، التي قد يجانبها الصواب في أحيان كثيرة ، ولا يبقى إلا التدقيق والتمحيص والاستقراء المتأني لكتب «الراغب» ـ على صعوبة ذلك ومشقته ـ علّ الباحث يقف على نصّ ، يقوّي أيّا من هذه الأقوال ، وينصره.

فأمّا القول بأن وفاة الراغب كانت في سنة ٥٠٢ ه‍ فقد جاء الاعتراض عليه من وجوه :

الأوّل : أن أحدا من المتقدمين لم ينص على ذلك ، وإنما ذكره «حاجي خليفة» (٣) ثم أيّد هذا القول «بروكلمان» (٤) فتابعه على ذلك جمهور المعاصرين ، ممن تقدم ذكرهم (٥).

__________________

(١) انظر : بحث منشور بعنوان «رأي في تحديد عصر الراغب الأصفهاني» للدكتور عمر الساريسي ، بمجلة مجمع اللغة العربيّة الأردني في يناير ١٩٨١ م ، ص (٦٧).

(٢) انظر : سير أعلام النبلاء ، (١٨ / ١٢١).

(٣) انظر : كشف الظنون (٢ / ١٧٧٣).

(٤) انظر : تاريخ الأدب العربي (٥ / ٢٠٩).

(٥) انظر : الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب ، ص (٤٣).

٥٤

ولعل «حاجي خليفة» قد وقع في خطأ ، حيث لم يدرك إشارة «السيوطي» بأن «الراغب» توفي في أوائل المائة الخامسة (١) ، فظنه يقصد سنة ٥٠٠ ه‍ وما بعدها مع أن المائة الخامسة تبدأ من سنة ٤٠٠ ه‍.

الثاني : ما ذكر أن الإمام الغزالي المتوفى سنة ٥٠٥ ه‍ كان يستصحب معه في أسفاره كتاب «الذريعة» للراغب الأصفهاني ، على التفصيل المشار إليه آنفا.

الثالث : نص الراغب على لقائه ببعض معاصري الصاحب بن عبّاد المتوفى سنة ٣٨٥ ه‍ (٢) ، كأبي القاسم بن أبي العلاء (٣) ، وعبد الصمد بن بابك (٤) ، فإذا كان بعض معاصري الراغب الأصفهاني شهدوا أواسط القرن الرابع وأواخره ، فهل يمكن أن تتأخر وفاته إلى أوائل القرن السادس؟! (٥).

قال الراغب الأصفهاني : «كتبت إلى أبي القاسم بن أبي العلاء أبياتا أستعير منه «شعر عمران بن حطّان» ـ إلى أن قال ـ والغرض في ذلك ما قاله أبو القاسم لا ما خاطبته به» (٦).

والتصريح من الراغب بأنه قد كتب لأبي القاسم بن أبي العلاء

__________________

(١) انظر : بغية الوعاة ، ص (٢ / ٢٩٧).

(٢) انظر : «الكامل» لابن الأثير (٧ / ١٦٩) ، و «البداية والنهاية» لابن كثير (١١ / ٣٣٥).

(٣) ترجم له الثعالبي في يتيمة الدهر فذكر أنه : غانم بن أبي علي بن أبي العلاء الأصفهاني ، شاعر ملء ثوبه .. وذكر أنه من شعراء الصاحب بن عبّاد. انظر : يتيمة الدهر (٣ / ٣٢٤).

(٤) شاعر مشهور قدم على الصاحب بن عباد ، انظر : ترجمته في «الكامل» لابن الأثير (٧ / ٣٠٣).

(٥) انظر : مقال بعنوان «تعليقات» للدكتور إحسان عباس ، نشر بمجلة مجمع اللغة العربيّة الأردني ، عدد رمضان ، ١٤٠٤ ه‍ ، ص (١٩٧).

(٦) انظر : محاضرات الأدباء ، للراغب الأصفهاني (١ / ١١٩ ، ١٢٠).

٥٥

وخاطبه يقطع بمعاصرته له ، وكونه يكاتبه مستعيرا منه كتابا يدل على توطّد الصداقة ، وأبو القاسم بن أبي العلاء كان من شعراء الصاحب ابن عبّاد ، فقد ذكر الثعالبي أن أبا القاسم بن العلاء وصف دارا للصاحب بن عبّاد بناها بأصفهان ، وكان مما قاله فيها :

دار تمكّنت المباهج فيها

نطقت سعود العالمين بفيها (١)

ولما توفي الصاحب بن عبّاد رثاه أبو القاسم بن أبي العلاء (٢) ، وقال الراغب الأصفهاني في موضع آخر : «أنشد أبو القاسم بن أبي العلاء يوما شعرا كاتب به رئيسا ، وكنّا سمعناه منه قبل ، فعوتب في ذلك ، فقال : أنا نظمته أقلّد به من أشاء» (٣).

فهذا النص يدل على كثرة مجالسته لابن أبي العلاء ، والرئيس الذي كاتبه ابن أبي العلاء بهذا الشعر لا يبعد أن يكون : الصاحب ابن عبّاد ، لكثرة تردده عليه ، ومدحه إياه.

ويشير «الراغب» إلى حادثة وقعت لأحد شعراء «الصاحب بن عبّاد» وهو : عبد الصمد بن بابك ، بما يدل على معاصرته له ، فيقول : «وحدثني أبو سعيد بن مرداس أنه قعد مع جماعة فيهم ابن بابك تحت عريش كرم يشربون ..» (٤).

وابن بابك أحد شعراء «الصاحب بن عبّاد» ، ويذكره ابن الأثير

__________________

(١) انظر : يتيمة الدهر (٣ / ٢٤٧).

(٢) المصدر السابق (٣ / ٣٢٩).

(٣) انظر : محاضرات الأدباء (١ / ٨٦).

(٤) انظر : محاضرات الأدباء (٢ / ٧٠٦).

٥٦

في وفيات سنة ٤١٠ ه‍ ، فيقول : وعبد الصمد بن بابك أبو القاسم الشاعر وفد على الصاحب بن عبّاد ، فقال : أنت ابن بابك؟ فقال : أنا ابن بابك ، فاستحسن قوله (١).

ويؤكد الراغب أن بعض معاصريه قد التقى بالصاحب بن عبّاد ، فيقول : «وتكلّم بعض أهل زماننا عند الصاحب ، فسأله عن شيء ، فقال : لا أطال الله بقاءك. فقال : لا وأطال الله بقاءك. فقال بعضهم : ما رأينا واوا أحسن موقعا من واوك» (٢).

الرابع : النص الصريح في آخر ورقة من مخطوط «مفردات غريب القرآن» للراغب الأصفهاني على أن تاريخ النسخ كان في سنة ٤٠٩ ه‍ (٣) ، فإذا أضفنا إلى ذلك أن الراغب الأصفهاني ذكر في مقدمة هذا الكتاب «المفردات في ألفاظ القرآن» كتابا آخر له ، هو «الذريعة إلى مكارم الشريعة» فقال : «وأشرت في كتاب «الذريعة إلى مكارم الشريعة .....» (٤).

وأنه قد قال في آخر كتاب «الذريعة» مشيرا إلى كبر سنه ، وبلوغه سن الشيخوخة : «فسهّل يا ربّ المجاز ، ويسّر لي الجواز ، فقد حان حصادي وإن لم يصلح فسادي ولم يحصل رشادي» (٥).

__________________

(١) انظر : الكامل في التاريخ ، ص (٧ / ٣٠٣).

(٢) انظر : محاضرات الأدباء ، ص (١ / ٦٨).

(٣) انظر : صورة الورقة الأخيرة من المخطوط في الصفحات التالية.

(٤) انظر : مفردات ألفاظ القرآن ، للراغب الأصفهاني ، بتحقيق : د. صفوان داوودي ، دمشق ، ص (٥٤).

(٥) انظر : الذريعة إلى مكارم الشريعة ، ص (٤٢٦).

٥٧

فحينئذ نجزم بأن الراغب الأصفهاني قد تعدّى سنّ الشباب ، ووصل إلى سن الكهولة قبل سنة ٤٠٩ ه‍ ، بدليل تصنيفه لكتاب «الذريعة» ، ومن قبله كتاب «تحقيق البيان في تأويل القرآن» قبل كتابه «المفردات» ، الذي عثر الأستاذ محمد عدنان الجوهرجي (١) على نسخة خطيّة له ، بينما كان يفهرس مكتبة الأستاذ محمد لطفي الخطيب أحد هواة جمع الكتب والمخطوطات النادرة في دمشق ، وقد وصفها بأنها «بحالة جيّدة» ، أما الخط فهو مهمل التنقيط أحيانا ، وقد وقفت هذه النسخة «سميحان بنت السلطان سليم الأوّل» على مكتبة مسجد أبي أيوب الأنصاري ، وكانت سنة الوقف عام ٩٧١ ه‍ ، والصفحة الأخيرة من الكتاب جاء فيها : «تم الكتاب بحمد الله وحسن توفيقه ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على النبي محمد وآله أجمعين ، وحسبنا الله وحده ونعم المعين ، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم».

«وفي محرم من شهور سنة تسع وأربع مائة» ثم هناك سماع في الصفحات الأخيرة من الكتاب كتبت سنة ٥١٢ ه‍.

__________________

(١) انظر : مقال بعنوان «رأي في تحديد عصر الراغب الأصفهاني» نشر بمجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ، يناير ١٩٨٦ م.

٥٨

الصفحة الأخيرة من المخطوط وفيها :

«تم الكتاب بحمد الله وحسن توفيقه ،. والحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله على النبي محمد وآله أجمعين ، وحسبنا الله وحده ونعم المعين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، في محرم من شهور سنة تسع وأربعمائة».

٥٩

الخامس : وجود تعليق متأخر على حاشية مخطوطة «مفردات ألفاظ القرآن» ، المذكورة في الفقرة السابعة ، ينصّ على أن «هذا الكتاب بخط الراغب الأصفهاني ، وأنه ولد في مستهل شهر رجب من شهور سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة في قصبة أصبهان ، صانها الله ، وتوفّي في ربيع الآخر من شهور سنة اثنتي عشرة وأربعمائة» (١) ، وهو ما وجده بخط أبي السعادات (٢).

فهذا النصّ يحدد تاريخ ومكان مولد الراغب الأصفهاني ووفاته كذلك ، ولكنه بخط كاتب مجهول ، متأخر عن تأريخ نسخ المخطوط ، وبالتالي فإنه لا يمكن قبوله والأخذ به.

وعلى الرغم من قوّة الأدلة على عدم صحة التأريخ لوفاته في سنة ٥٠٢ ه‍ وما بعدها ، إلا أن هذا لا يعني الإقرار والتسليم بأن وفاته كانت في أوائل المائة الخامسة ، كما أشار «السيوطي» ومن وافقه من الباحثين ، ولا سيما المتأخرين الذين حددوا وفاته فيما بين ٤٠٠ ـ ٤١٠ ه‍ عند بعضهم (٣) ، و ٤١٢ ه‍ عند البعض الآخر (٤) ، وفريق ثالث اكتفى بالتأكيد على كونها أوائل القرن الخامس الهجري (٥) ؛

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) المصدر السابق.

(٣) انظر : الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب ، ص ٤٥.

(٤) انظر : مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ، يناير ١٩٨٦ م ، مقال بعنوان «رأي في تحديد عصر الراغب الأصفهاني».

(٥) انظر : الراغب الأصفهاني وجهوده في التفسير وعلوم القرآن ، رسالة ماجستير ، للباحث شلواح المطيري ، ص ٣٠.

٦٠