تقديره والله أعلم : ليس مثله شيء ، فلا بدّ من زيادة الكاف ، ليصح المعنى ، لأنك إن لم تعتقد ذلك أثبتّ له «عز اسمه» مثلا ، فزعمت أنه ليس كالذي هو مثله شيء ، فيفسد هذا من وجهين : أحدهما ما فيه من إثبات المثل له عز اسمه وعلا علوّا عظيما ، والآخر أن الشيء إذا أثبتّ له مثلا فهو مثل مثله ، لأن الشيء إذا ماثله شيء ، فهو أيضا مماثل لما ماثله ، ولو كان ذلك كذلك ـ على فساد اعتقاد معتقده ـ لما جاز أن يقال : ليس كمثله شيء ، لأنه تعالى مثل مثله ، وهو شيء ، لأنه تعالى قد سمّى نفسه شيئا بقوله تعالى : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ)(١) [الأنعام : ١٩] وذلك أن «أيّا» إذا كانت استفهاما ، فلا يجوز أن يكون جوابها إلا من جنس ما أضيفت إليه ، ألا ترى أنك لو قال لك قائل : أي الطعام أحب إليك؟ لم يجز أن تقول له : الرّكوب ، ولا المشي ، ولا نحو ذلك ، مما ليس من جنس الطعام. فهذا كله يؤكّد عندك أن الكاف في كمثله لا بدّ أن تكون زائدة.
ومن ذلك أيضا قول رؤبة :
لواحق الأقراب فيها كالمقق (٢)
__________________
ـ إعراب الشاهد : ك : حرف جر مبني زائد لا محل له من الإعراب يدخل على الاسم فيعمل فيه الجر. مثله : مثل اسم مجرور بحرف الجر لفظا منصوب محلا لوقوعه خبر ليس وهو مضاف ، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
(١) يقول عز وجل أنه لا يوجد أعظم شهادة من الله. الشاهد فيها : استخدام الشيئية كوصف لله عز وجل. وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : جاء النمام بن زيد وقروم بن كعب وبحري بن عمرو. فقالوا : يا محمد ما نعلم مع الله إلها غيره ، فقال :لا إله إلا الله بذلك بعثت وإلى ذلك أدعو ، فنزل قوله تعالى (أَيُّ شَيْءٍ) تفسير وبيان أسباب النزول للسيوطي (ص ٢٠٧). الشاهد فيها : فقوله (شَيْءٍ) وجاءت نكرة لتدل على العموم والشمول لتشمل وتعم كل ما يعلمون من أولئك الذين يصلحون للشهادة فالله أكبر وأعدل وأقوم شهادة. إعراب الشاهد : شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
(٢) يقول الشاعر إن في لواحق الأقراب طول.