قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

البلاغة الواضحة

البلاغة الواضحة

133/306
*

أثر علم البيان فى تأدية المعانى

ظهر لك من دراسة علم البيان أنّ معنى واحدا يستطاع أداؤه بأساليب عدّة وطرائق مختلفة ، وأنّه قد يوضع فى صورة رائعة من صور التشبيه ، أو الاستعارة ، أو المجاز المرسل ، أو العقلى ، أو الكناية.

فقد يصف الشاعر إنسانا بالكرم فيقول :

يريد الملوك مدى جعفر

ولا يصنعون كما يصنع

وليس بأوسعهم فى الغنى

ولكنّ معروفه أوسع

وهذا كلام بليغ جدّا مع أنه لم يقصد فيه إلى شبيه أو مجاز ، وقد وصف الشاعر فيه ممدوحه بالكرم وأن الملوك يريدون أن يبلغوا منزلته ، ولكنهم لا يشترون الحمد بالمال كما يفعل ، مع أنه ليس بأغنى منهم ولا بأكثر مالا.

وقد يعمد الشاعر عند الوصف بالكرم إلى أسلوب آخر فيقول :

كالبحر يقذف للقريب جواهرا

جودا ويبعث للبعيد سحائبا

فيشبّه الممدوح بالبحر ، ويدفع بخيالك إلى أن يضاهى بين الممدوح والبحر الذى يقذف الدرر للقريب ويرسل السحائب للبعيد.

أو يقول :

هو البحر من أىّ النواحى أتيته

فلجّته المعروف والجود ساحله

فيدعى أنه البحر نفسه وينكر التشبيه نكرانا يدل على المبالغة وادعاء المماثلة الكاملة

أو يقول :

علا فما يستقرّ المال فى يده

وكيف تمسك ماء قنّة الجبل

فيرسل إليك التشبيه من طريق خفىّ ليرتفع الكلام إلى مرتبة أعلى فى البلاغة ، وليجعل لك من التشبيه الضمنىّ دليلا على دعواه ، فإنه ادعى