أنه لعلو منزلته ينحدر المال من يديه ، وأقام على ذلك برهانا فقال : «وكيف تمسك ماء قنّة الجبل؟»
أو يقول :
جرى النهر حتى خلته منك أنعما |
|
تساق بلا ضنّ وتعطى بلا منّ (١) |
فيقلب التشبيه زيادة فى المبالغة وافتنانا فى أساليب الإجادة ، ويشبه ماء النهر بنعم الممدوح بعد أن كان المألوف أن تشبّه النعم بالنهر الفياض.
أو يقول :
كأنه حين يعطى المال مبتسما |
|
صوب الغمامة تهمى وهى تأتلق (٢) |
فيعمد إلى التشبيه المركب ، ويعطيك صورة رائعة تمثّل لك حالة الممدوح وهو يجود ، وابتسامة السرور تعلو شفتيه.
أو يقول :
جادت يد الفتح والأنواء باخلة |
|
وذاب نائله والغيث قد جمدا |
فيضاهى بين جود الممدوح والمطر. ويدّعى أن كرم ممدوحه لا ينقطع إذا انقطعت الأنواء أو جمد القطر.
أو يقول :
قد قلت للغيم الرّكام ولجّ فى |
|
إبراقه وألحّ فى إرعاده (٣) |
لا تعرضنّ لجعفر متشبّها |
|
بندى يديه فلست من أنداده |
فيصرح لك فى جلاء وفى غير خشية بتفضيل جود صاحبه على جود الغيم ، ولا يكتفى بهذا بل تراه ينهى السحاب فى صورة تهديد أن يحاول التشبّه بممدوحه لأنه ليس من أمثاله ونظرائه.
أو يقول :
وأقبل يمشى فى البساط فما درى |
|
إلى البحر يسعى أم إلى البدر يرتقى |
__________________
(١) الضن : البخل ، والمن : الامتنان بتعداد الصنائع.
(٢) تهمى : تسيل ، وتألق : تلمع.
(٣) الغيم الركام : المتراكم ، ولج وألح : كلاهما بمعنى استمر.