محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-106-0
الصفحات: ٤٩٣
أكبر ، ثلاثا ، لا إله إلّا الله ، والله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر علىٰ ما هدانا ، الله أكبر علىٰ ما رزقنا من بهيمة الانعام (١) .
والروايات مختلفة :
ففي رواية زرارة الحسنة عن الباقر علیهالسلام : « في الاضحىٰ : الله اكبر ، الله اكبر ، لا اله لا الله ، والله اكبر ، الله اكبر علىٰ ما هدانا ، الله اكبر علىٰ ما رزقنا من بهيمة الانعام » (٢) .
وفي رواية سعيد : « في الفطر : الله اكبر ، ثلاثاً ، لا اله إلا الله ، والله اكبر ، ولله الحمد ، الله اكبر علىٰ ما هدانا » (٣) . وكذا قال البزنطي : يكبّر ثلاثاً (٤) .
وكل حسن ان شاء الله .
__________________
(١) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة : ١١٥ وفي آخر تكبير الاضحىٰ زيادة : والحمد لله علىٰ ما اولانا .
(٢) التهذيب ٣ : ١٣٩ ح ٣١٣ . وفي الكافي ٤ : ٥١٦ ح ٢ ، والتهذيب ٥ : ٢٦٩ ح ٩٢١ بزيادة ، فراجع .
(٣) هذه صيغة الرواية في التهذيب ٣ : ١٣٨ ح ٣١١ ، ورُيت في الكافي ٤ : ١٦٦ ح ١ ، والفقيه ٢ : ١٠٨ ح ٤٦٤ بزيادة ونقيصة ، فراجع .
(٤) راجع : المعتبر ٢ : ٣٢٠ .
المطلب الثاني : في الكيفية .
وفيه مسائل :
الاولىٰ : صلاة العيد ركعتان ، ويزيد فيها علىٰ المعتاد في الصلوات خمس تكبيرات في الركعة الاولىٰ بعد القراءة ، واربع في الثانية ، بعد كل تكبير دعاء وثناء .
وقال المفيد وجماعة : يكبّر للقيام الىٰ الثانية قبل القراءة ، ثم يكبّر بعد القراءة ثلاثا ويقنت ثلاثاً (١) .
وصحيحة معاوية بن عمار عن الصادق علیهالسلام (٢) .
وصحيحة يعقوب بن يقطين عن العبد الصالح (٣) تشهدان للاول .
الثانية : معظم الاصحاب علىٰ ان التكبير في الركعتين معاً بعد القراءة (٤) وهو في صحيح يعقوب (٥) ورواه أبو بصير (٦) وغيره (٧) .
وقال ابن الجنيد : يكبّر في الاُولىٰ قبل القراءة ، وفي الثانية بعدها (٨) ورواه عبد الله بن سنان عن الصادق علیهالسلام (٩) واسماعيل بن سعد الاشعري
__________________
(١) راجع المقنعة : ٣٢ ، الانتصار : ٥٦ ، المهذب ١ : ١٢٢ ، الكافي في الفقه : ١٥٤ .
(٢) الكافي ٣ : ٤٦٠ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ح ٢٧٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ ح ١٧٣٣ .
(٣) التهذيب ٣ : ١٣٢ ح ٢٨٧ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ح ١٧٣٧ .
(٤) راجع : المبسوط ١ : ١٧٠ ، المهذب ١ : ١٢٢ ، المعتبر ٢ : ٣١٢ .
(٥) التهذيب ٣ : ١٣٢ ح ٢٨٧ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ح ١٧٣٧ .
(٦) التهذيب ٣ : ١٣١ ح ٢٨٦ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ح ١٧٣٦ .
(٧) راجع : التهذيب ٣ : ١٣٢ ح ٢٨٩ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ح ١٧٣٩ .
(٨) المعتبر ٢ : ٣١٣ ، مختلف الشيعة : ١١١ .
(٩) التهذيب ٣ : ١٣١ ح ٢٨٤ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ح ١٧٤٠ .
عن الرضا علیهالسلام (١) في سندين صحيحين ، وكذلك رواه أبو الصباح عن الصادق علیهالسلام (٢) .
وفي رواية هشام بن الحكم عنه علیهالسلام : « تصل القراءة بالقراءة » (٣) .
وحملها الشيخ علىٰ التقية (٤) ؛ لأنّه مذهب ابي حنيفة (٥) .
قال في المعتبر : ليس هذا التأويل بحسن ، فان ابن بابويه ذكر ذلك في كتابه بعد اَن ذكر في خطبته انه لا يودعه الله ما هو حجة له . قال : فالاولىٰ ان يقال فيه روايتان ، اشهرهما بين الاصحاب ما اختاره الشيخ (٦) .
الثالثة : ظاهر الاكثر وجوب هذا التكبير ، وصرّح به ابن الجنيد (٧) ، واختاره الفاضل (٨) ؛ لأنّه وقع بياناً من صاحب الشرع وأهل بيته فعلاً وقولاً في رواية من سمّيناه اَنفاً .
وقال الشيخ ـ وتبعه صاحب المعتبر (٩) ـ انه مستحب (١٠) لما رواه زرارة في الصحيح ان عبد الملك بن أعين سأل ابا جعفر علیهالسلام عن الصلاة في العيدين ، فقال : « يكبّر ، يزيد في الركعة الاولىٰ ثلاثا ، وفي الاخيرة ثلاثاً » ، ثم قال : إن شاء ثلاثاً وخمسا ، وإن شاء خمساً وسبعا ، بعد ان يلحق
__________________
(١) التهذيب ٣ : ١٣١ ح ٢٨٥ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ، ح ١٧٤١ .
(٢) التهذيب ٣ : ١٣٢ ح ٢٩٠ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ح ١٧٤٣ .
(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٤ ح ٨٤٧ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ح ١٧٤٤ .
(٤) التهذيب ٣ : ١٣١ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ .
(٥) المجموع ٥ : ٢١ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٤٢ ، الباب ١ : ١١٨ .
(٦) المعتبر ٢ : ٣١٣ ، وراجع الفقيه ١ : ٣٢٤ ح ١٤٨٥ .
(٧) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة : ١١٢ .
(٨) مختلف الشيعة : ١١٢ .
(٩) المعتبر ٢ : ٣١٤ .
(١٠) التهذيب ٣ : ١٣٤ .
ذلك الىٰ وتر » (١) وظاهر التخيير عدم الوجوب ، ولانه لا قائل بوجوب الثلاث لا غير ، ولا بوجوب الخمس والثلاث .
ولما رواه هارون بن حمزة ، عن الصادق علیهالسلام قال : سألته عن التكبير في الفطر والاضحىٰ ، فقال : « خمس واربع ، فلا يضرك إذا انصرفت » (٢) .
ولما رواه عيسىٰ بن عبد الله ، عن ابيه ، عن جده ، عن علي علیهالسلام قال : « ما كان يكبّر النبي صلىاللهعليهوآله في العيدين إلّا تكبيرة واحدة حتىٰ أبطأ عليه لسان الحسين علیهالسلام ، فلما كان ذات يوم عنده كبّر رسول الله صلىاللهعليهوآله فكبّر الحسين فكبر النبي سبعاً ، وفي الثانية كبّر النبي وكبّر الحسين حتىٰ كبّر خمساً ، فجعلها رسول الله صلىاللهعليهوآله سنّة ، وثبتت السنّة إلىٰ اليوم » (٣) .
وهذا قوي أيضاً .
الرابعة : الاظهر ايضاً وجوب القنوت بين التكبيرات ، نصّ عليه المرتضىٰ وانه انفراد الامامية (٤) وهو في خبر يعقوب وغيره (٥) .
وصرّح الشيخ باستحبابه (٦) للأصل ، ولما رواه محمد بن مسلم عن احدهما قال : سألته عن الكلام الذي يتكلم به بين التكبيرتين في العيد ، فقال : « ما شئت من الكلام الحسن » (٧) وهذا ليس بصريح في الاستحباب .
الخامسة : لا يتعيّن في القنوات لفظ مخصوص ، لقضية الاصل ،
__________________
(١) التهذيب ٣ : ١٣٤ ح ٢٩١ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ح ١٧٣٢ ، باختصار في الالفاظ .
(٢) التهذيب ٣ : ٢٨٦ ح ٨٥٤ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ح ١٧٣١ .
(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٦ ح ٨٥٥ .
(٤) الانتصار : ٥٧ .
(٥) التهذيب ٣ : ١٣٢ ح ٢٨٧ و ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ح ١٧٣٧ و ١٧٣٨ .
(٦) الخلاف ١ : ١٥٣ المسألة ١١ .
(٧) التهذيب ٣ : ٢٨٨ ح ٨٦٣ .
وهذه الرواية ، واختلاف الروايات في تعيينه .
فروىٰ أبو الصباح عن الصادق علیهالسلام : « تكبر وتقول : اشهد ان لا اله إلّا الله وحده لا شريك له ، واشهد انّ محمداً عبده ورسوله . اللهم أنت اهل الكبرياء والعظمة ، واهل الجود والجبروت والقدرة والسلطان والعزة . اسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ، ولمحمد صلىاللهعليهوآله ذخراً ومزيداً ، اسألك ان تصلي علىٰ محمد وآل محمد ، وان تصلي علىٰ ملائكتك المقربين وانبيائك المرسلين ، وان تغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والاموات . اللهم اني اسألك من خير ما سألك عبادك المرسلون ، واعوذ بك من شر ما عاذ به عبادك المخلصون .
الله اكبر ، أول كل شيء وآخره ، وبديع كل شيء ومنتهاه ، وعالم كل شيء ومعاده ، ومصير كل شيء اليه ومردّه ، ومدبر الاُمور ، وباعث من في القبور ، قابل الاعمال ، مبدئ الخفيات معلن السرائر .
الله اكبر ، عظيم الملكوت ، شديد الجبروت ، حي لا يموت ، دائم لا يزول ، إذا قضىٰ أمراً فانما يقول له كن فيكون .
الله اكبر ، خشعت لك الاصوات ، وعنت لك الوجوه ، وحارت دونك الابصار ، وكلّت الالسن عن عظمتك ، والتواصي كلها بيدك ، ومقادير الاُمور كلها إليك ، لا يقضي فيها غيرك ، ولا يتم فيها شيء دونك .
الله اكبر ، أحاط بكل
شيء حفظك ، وقهر كل شيء عزك ، ونفذ كل شيء أمرك ، وقام كل شيء بك ، وتواضع كل شيء لعظمتك ، وذلّ كل شيء لعزتك ، واستسلم كل شيء لقدرتك ، وخضع كل شيء لملكك .
وكذا تصنع في الركعة الثانية » (١) .
وروىٰ علي بن حاتم باسناده الىٰ ابي عبد الله علیهالسلام : « تقول بين كل تكبيرتين : اللهم اهل الكبرياء والعظمة ، واهل الجود والجبروت ، واهل المغفرة (٢) والرحمة ، واهل التقوىٰ والمغفرة ، واسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ، ولمحمد صلىاللهعليهوآله ذخراً ومزيداً ، ان تصلي علىٰ محمد وآل محمد ، كأفضل ما صليت علىٰ عبد من عبادك ، وصل علىٰ ملائكتك (٣) ورسلك ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات . اللهم اني اسألك من خير ما سألك عبادك المرسلون ، واعوذ بك من شر ما عاذ بك منه عبادك المرسلون » (٤) .
وروىٰ جابر ، عن الباقر علیهالسلام قال : « كان امير المؤمنين علیهالسلام اذا كبّر قال بين كل تكبيرتين : اشهد ان لا اله الله وحده لا شريك له ، واشهد ان محمد عبده ورسوله صلىاللهعليهوآله . اللهم اهل الكبرياء » وذكر الدعاء الىٰ آخره (٥) .
وروىٰ بشر بن سعيد ، عن ابي عبد الله علیهالسلام قال : « تقول في دعاء العيدين بين كل تكبيرتين : الله ربي ابداً ، والاسلام ديني ابداً ، ومحمد نبي ابداً (٦) ، والكعبة قبلتي ابداً ، وعلي وليي ابداً ، والاوصياء أئمتي ابداً ـ وتسميهم الىٰ آخرهم ـ ولا احد الا الله » (٧) .
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٢٤ ح ١٤٨٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٢ ح ٢٩٠ .
(٢) في المصدر : « العفو » .
(٣) في المصدر زيادة « المقربين » .
(٤) التهذيب ٣ : ١٣٩ ح ٣١٤ .
(٥) التهذيب ٣ : ١٤٠ ح ٣١٥ .
(٦) في المصدر زيادة : « والقرآن كتابي ابداً » .
(٧) التهذيب ٣ : ٢٨٦ ح ٨٥٦ عن بشير بن سعيد .
واكثر الاخبار فيها لفظ القنوت لا غير . والشيخ أبو الصلاح قال : ويلزمه ان يقنت بين كل تكبيرتين ، فيقول : اللهم اهل الكبرياء والعظمة ، الىٰ آخره (١) . فان اراد به الوجوب تخييراً والأفضلية فحق ، وان اراد به الوجوب عيناً فممنوع .
السادسة : يستحب رفع اليدين مع كل تكبيرة كما قلناه في تكبير الصلاة اليومية . وروىٰ يونس قال : سألته عن تكبير العيدين ، أيرفع يده مع كل تكبيرة ، أم يجزئه أن يرفع في أول تكبيرة ؟ فقال : « يرفع مع كل تكبيرة » (٢) . وروىٰ العامة عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « لا ترفع الأيدي إلّا في سبعة مواطن » وذكر من جملتها تكبيرات العيد (٣) .
وكذا يستحب رفع اليدين بالقنوت كقنوت اليومية .
فروع :
الاول : لو نسي التكبيرات أو بعضها حتىٰ يركع ، مضىٰ في صلاته ولا شيء عليه اذ ليست اركاناً .
وهل تقضىٰ بعد الصلاة ؟ اثبته الشيخ رحمهالله (٤) ولعلّه لما سبق من
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٥٤ .
(٢) التهذيب ٣ : ٢٨٨ ح ٨٦٦ .
(٣) الهداية ( للمرغياني ) ١ : ٨٦ . المبسوط ( للسرخسي ) ٢ : ٣٩ .
(٤) نسبه المحقق في المعتبر ٢ : ٣١٥ الىٰ الشيخ رحمهالله ولكن قول الشيخ في المبسوط ١ : ١٧١ والخلاف ١ : ١٥٣ المسألة ١٣ خلاف ذلك ، قال في مفتاح الكرامة ٣ : ٢٠٥ « قال المحقق في المعتبر وجماعة ان الشيخ اثبت القضاء وفي التحرير وغيره نسبته اليه في الخلاف . وليس لذلك في الخلاف عين ولا أثر والموجود في الخلاف وغيره مما حضرني من الشيخ : إذا نسي التكبيرات حتىٰ يركع مضىٰ في صلاته ولا شيء عليه » .
الرواية في باب السهو المتضمّنة لقضاء الفائت من الصلاة بعدها (١) .
ونفاه في المعتبر ـ وتبعه الفاضل (٢) ؛ لأنّه ذكر تجاوز محله ، فيسقط بالنافي السليم عن المعارض (٣) . وكأنه عنىٰ بالنافي دلالة الاصل علىٰ عدم القضاء وان الفائت لا يجب قضاؤه ، وعنىٰ بالمعارض الأمر الجديد الدالّ علىٰ القضاء فانه منفي ، وللشيخ ان يبدي وجود المعارض وهي الرواية المشار إليها .
ولو تذكر وهو آخذ في الركوع ، ولما ينته الىٰ حدّ الراكع ، رجع اليه قطعاً .
ولو قلنا : بتقديم التكبير علىٰ القراءة في الاُولىٰ ، فنسيه حتىٰ قرأ ، لم يعد اليه ، قاله في المعتبر ، لفوات محله (٤) .
وليس ببعيد وجوب استدراكه أو ندبه علىٰ اختلاف القولين ؛ لانه محل في الجملة ولهذا كان التكبير في الثانية واقعاً فيه ، ولان الروايات المتضمّنة لتأخّره عن القراءة في الركعتين اقل احوالها ان يقتضي استدراكه إذا نسي .
وفي التذكرة اوجب استدراكه ، وتوقّف في اعادة القراءة ، من حيث عدم وقوعها في محلها ، وصدق القراءة (٥) . والأولىٰ اعادتها .
ولو ذكر في اثنائها قطعها وأتىٰ به ثم استأنف القراءة .
__________________
(١) سبق في ص ٣٥ ، ضمن المسألة الرابعة من السهو .
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ١٥٨ ، نهاية الاحكام ٢ : ٦١ .
(٣) المعتبر ٢ : ٣١٥ .
(٤) المعتبر ٢ : ٢١٥ .
(٥) تذكرة الفقهاء ١ : ١٥٨ .
ولا يقضي التكبير عندنا في الركوع ، لما فيه من تغيير هيئة الصلاة .
وإذا قلنا بقضاء التكبير أو استدراكه فالقنوت تابع له . والظاه وجوب الاستقبال فيهما ، لانّهما جزءان مما يجب فيه الاستقبال ، وكذا تعتبر بقية شرائط الصلاة .
ويحتمل أيضاً وجوب سجدتي السهو ، بناء علىٰ تناول أدلة الوجوب في اليومية لهذه الصورة . وهو قول ابن الجنيد (١) .
الثاني : لو شك في عدده بنىٰ علىٰ الأقل ، لأنّه المتيقن . وفي انسحاب الخلاف في الشك في الاوليين المبطل للصلاة هنا احتمال أن قيل بوجوبه . ولو تذكر بعد فعله أنّه كان قد كبّر لم يضر ، لعدم ركنيته . وكذا الشك في القنوت .
الثالث : لو قدّمه علىٰ القراءة في الركعة الثانية ساهياً ، أعاد بعدها قطعاً وسجد للسهو علىٰ الاحتمال .
ولو قدّمه في الركعة الأولىٰ ، فكذلك عند من يوجب تأخيره .
ولو تعمّد التقديم ، ففي بطلان الصلاة مع استدراكه في محله عندي وجهان :
البطلان ، لتغير نظم الصلاة ، وعدم ايقاعها علىٰ الوجه المأمور به ، ولانّه ارتكب منهياً عنه في الصلاة ، إذ الامر بالشيء نهي عن ضده ، والنهي في العبادة مفسد .
والصحة ، لما تقدم في الرواية : « إنّ كل ما ذكره الله عزّ وجلّ به أو رسوله فهو من الصلاة » .
__________________
(١) مختلف الشيعة : ١١٥ .
ويحتمل ثالثاً وهو البطلان ان اعتقد شرعيته ، لأنّه يكون مبدعاً فيتحقق النهي ، وان لم يعتقد شرعيته هنالك كان ذكراً مجرداً في الصلاة فلا ينافيها .
الرابع : لو ادرك بعض التكبيرات مع الامام دخل معه ، فإذا ركع الامام ركع معه علىٰ القول بالندب ، لانه لا يترك المتابعة الواجبة لاجل الندب ، هذا إذا لم يمكنه الاتيان بالقدر الفائت قبل رفع الامام من الركوع ، وإلّا أتىٰ به . ولو أمكنه التكبير المجرّد عن القنوت فعله ، ولو لم يمكنه ذلك قضاه عند الشيخ بعد التسليم (١) .
اما علىٰ القول بوجوبه ، فيحتمل منعه من الاقتداء إذا علم التخلف عن الامام . فلو اقتدىٰ ولمّا يعلم ، ولم يمكنه الجمع بين المتابعة وبين التكبير ، فانّه ينوي الانفراد .
ويحتمل جواز الاقتداء ويسقط القنوت ويأتي بالتكبير ولاءً ، لتحقق الخلاف في وجوبه ، بخلاف المتابعة .
ويشكل بانا بنينا علىٰ الوجوب . والمتابعة وان كانت واجبة فوجوبها ليس جزءاً من الصلاة من حيث هي صلاة . بخلاف التكبير والقنوت .
والفاضل مع قوله بوجوبه اسقطه مع عدم امكان الاتيان به ، ولم يوجب قضاءه بعد التسليم ، حتىٰ لو ادرك الامام راكعاً كبّر ودخل معه ، واجتزأ بالركعة عنده ولا يجب القضاء (٢) .
الخامس : لا يتحمّل الامام هذا التكبير ولا القنوت ، وانما يتحمّل القراءة .
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٧١ . وانظر : مفتاح الكرامة ٣ : ٢٠٥ .
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ١٥٨ ، نهاية الاحكام ٢ : ٦١ .
ويحتمل تحمّل الدعاء ، ويكفي عن دعاء المأمومين . وهذا لم أقف فيه علىٰ نص .
ولو قلنا بالتحمّل فيه ، فدعى المأموم فلا بأس ، سواء كان بدعاء الامام أو غيره .
وعدم تحمّل الامام القنوت في اليومية يدلّ بطريق أولىٰ علىٰ عدم تحمّله هنا .
المسألة السابعة : يجب قراءة الحمد وسورة معها كسائر الفرائض . ولا خلاف في عدم تعيين سورة ، وإنّما الخلاف في الافضل :
فذهب جماعة إلىٰ أنّه يقرأ الأعلىٰ في الاُولىٰ والشمس في الثانية (١) .
وقال آخرون الشمس الشمس في الاُولىٰ والغاشية في الثانية (٢) .
وهذا القولان مشهوران .
وقال علي بن بابويه : يقرأ في الاُولىٰ الغاشية ، والثانية الأعلىٰ (٣) .
وقال ابن أبي عقيل : يقرأ في الاُولىٰ الغاشية ، وفي الثانية الشمس (٤) .
ورواية أبي الصباح ، عن الصادق علیهالسلام واسماعيل الجعفي ، عن الباقر علیهالسلام تشهدان للأول (٥) .
__________________
(١) منهم الصدوق في الفقيه ١ : ٣٢٤ ذيل حديث ١٦٨٤ وابن حمزة في الوسيلة : ١١١ والكيدري في اصباح الشيعة : ١٠٢ وسلار في المراسم : ٧٨ ويحيىٰ بن سعيد في الجامع للشرائع : ١٠٧ وابن إدريس في السرائر : ٧٠ .
(٢) منهم المفيد في المقنعة : ٣٢ وابن زهرة في الغنية : ٤٩٩ ـ ٥٠٠ وابن البراج في المهذب ١ : ١٢٢ وأبو الصلاح في الكافي : ١٥٣ ـ ١٥٤ ، السيد المرتضىٰ في جمل العلم والعمل : ٧٤ . والشيخ في الخلاف ١ : ١٥٣ المسألة ١٢ .
(٣) حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ١١٢ .
(٤) حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ١١٢ .
(٥)
الفقيه ١ : ٣٢٤ ح ١٤٨٥ ، التهذيب ٢ : ١٣٢ ح ٢٨٨ ، ٢٩٠ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩
=
وصحيحتا جميل ومعاوية عن الصادق علیهالسلام تشهدان للثاني (١) مع أنّ في رواية جميل : « الشمس والغاشية واشباههما » .
والكل حسن ، وإن كان العمل بالمشهور أولىٰ .
ويستحب الجهر بالقراءة ، والظاهر استحبابه بالقنوت أيضاً ، إلّا المأموم فإنّه يسرّ به .
__________________
= ح ١٧٣٨ ، ٤٥٠ ح ١٧٤٣ . وتشهدان لما مرّ في ص ٧٢٥ الهامش ٢ .
(١) الكافي ٣ : ٤٦٠ ح ٣ ، الفقيه ١ : ٣٢٠ ح ١٤٥٧ ، التهذيب ٣ : ١٢٧ ح ٢٧٠ ، ١٢٩ ح ٢٧٨ . وتشهدان لما مرّ في ص ٧٢٥ الهامش ٣ .
المطلب الثالث : في اللواحق .
وفيه مسائل :
الاولىٰ : لو وافق العيد الجمعة ، تخيّر من صلّى العيد في حضور الجمعة وعدمه ، ذهب إليه الاكثر (١) وعلىٰ الامام الحضور والاعلام بذلك ، لصحيح الحلبي عن الصادق علیهالسلام قال : « اجتمعنا في زمان علي علیهالسلام ، فقال : من شاء ان يأتي الجمعة فليأت ، ومن قعد فلا يضره وليصلّ الظهر ، وخطب علیهالسلام خطبتين ، جمع فيهما خطبة العيد وخطبة الجمعة » (٢) ونحوه رواه سلمة عنه علیهالسلام إلّا انه لم يذكر الخطبتين (٣) .
وروىٰ العامّة عن زيد بن ارقم : ( ان النبي صلىاللهعليهوآله صلّىٰ العيد ورخّص في الجمعة ) (٤) .
ورُوي : ان ابن الزبير لمّا صلّىٰ العيد ولم يخرج الىٰ الجمعة قال ابن عباس : اصاب السنّة (٥) . وفيه ايماء الىٰ انه يسقط ايضا عن الامام .
وقال ابن الجنيد ـ في ظاهر كلامه ـ يختص التخيير لمن كان قاصي المنزل ويستحب له الحضور (٦) واختاره الفاضل (٧) لما رواه اسحاق بن عمار ،
__________________
(١) المقنعة : ٣٣ ، المبسوط ١ : ١٧٠ ، المعتبر ٢ : ٣٢٦ ، مختلف الشيعة : ١١٣ .
(٢) الفقيه ١ : ٣٢٣ ح ١٤٧٧ .
(٣) الكافي ٣ : ٤٦١ ح ٨ ، التهذيب ٣ : ١٣٧ ح ٣٠٦ .
(٤) سنن الدارمي ١ : ٣٧٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤١٥ ح ١٣١٠ ، سنن ابي داود ١ : ٢٨١ ح ١٠٧٠ ، سنن النسائي ٣ : ١٩٤ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣١٧ .
(٥) سنن ابي داود ١ : ٢٨١ ح ١٠٧١ ، سنن النسائي ٣ : ١٩٤ .
(٦) مختلف الشيعة : ١١٣ .
(٧) تحرير الاحكام ١ : ٤٦ .
عن الصادق علیهالسلام ، عن أبيه علیهالسلام : « إنّ علي بن أبي طالب علیهالسلام كان يقول : إذا اجتمع للامام عيدان في يوم واحد ، فإنّه ينبغي للإمام أن يقول للناس في خطبته الآولىٰ : إنّه قد اجتمع لكم عيدان ، فأنا أصليهما جميعاً ، فمن كان مكانه قاصياً فاحب أن ينصرف عن الآخر فقد أذنت له » (١) . ومفهومه أن غير قاضي المنزل ليس مأذوناً له في الانصراف .
والفرق لزوم المشقة وعدمها ، إلّا أن البعد والقرب من الاُمور الاضافية ، فيصدق القاضي علىٰ من بعد بأدنىٰ بعد ، فيدخل الجميع إلّا من كان مجاوراً للمسجد .
وربما صار بعض إلىٰ تفسير القاضي بأهل القرىٰ دون أهل البلد (٢) لأنّه المتعارف .
وقال أبو الصلاح : الظاهر في الملّة (٣) وجوب عقد الصلاتين وحضورهما علىٰ من خوطب بذلك (٤) .
وقال ابن البراج ـ رحمهالله ـ : الظاهر وجوب الحضور لهاتين الصلاتين (٥) ؛ لأنّ دليل الحضور فيهما قطعي ، وخبر الواحد يفيد الظن فلا يعارض القطع .
وتبعهما ابن زهرة (٦) .
__________________
(١) التهذيب ٣ : ١٣٧ ح ٣٠٤ .
(٢) راجع : المعتبر ٢ : ٣٢٦ ، تحرير الاحكام ١ : ٤٦ .
(٣) في س ، ط : المسألة .
(٤) الكافي في الفقه : ١٥٥ .
(٥) المهذب ١ : ١٢٣ .
(٦) الغنية : ٥٠٠ .
ويجاب عنه بأنّ الخبر المتلقىٰ بالقبول المعمول عليه عند معظم الاصحاب في قوة المتواتر فيلحق بالقطعي ، ولأنّ نفي الحرج والعسر يدلّ علىٰ ذلك أيضاً ، فيكون الخبر معتضداً بالكتاب العزيز .
والمعتمد التخيير مطلقاً ، وان كان الأولىٰ للقريب الحضور ، جمعاً بين الروايتين .
تنبيه :
ظاهر كلام الشيخ في الخلاف تخيير الامام أيضاً (١) . وصرّح المرتضىٰ بوجوب الحضور عليه (٢) وهو الاقرب ، لوجود المقتضي مع عدم المنافي ، ولما مرّ في خبر اسحاق « وأنا أُصليهما جميعاً » (٣) .
المسألة الثانية : قد تقدّم استحباب الغسل لهذه الصلاة ، ووقته بعد الفجر . ولو تركه متعمّداً فاته الفضيلة . ولو تركه نسياناً فالأفضل الاغتسال وإعادة الصلاة ما دام الوقت ، رواه عمار الساباطي ، عن أبي عبد الله علیهالسلام (٤) .
وفي شرعية الجماعة في هذه الاعادة احتمال قوي ، كالصلاة المبتدأة ندباً علىٰ ما سبق من استحباب الجماعة فيها .
الثالثة : يستحب التوجّه بالتكبيرات المستحب تقديمها في اليومية ودعواتها ، سواء قلنا بأنّ تكبير العيد قبل القراءة أو بعده .
وربما خطر لبعضهم سقوط دعاء التوجه إن قلنا بتقديم التكبير ،
__________________
(١) الخلاف ١ : ١٥٧ المسألة ٢٦ .
(٢) المعتبر ٢ : ٢٢٧ .
(٣) تقدم في ص ١٩٤ الهامش ١ .
(٤) التهذيب ٣ : ٢٨٥ ح ٨٥٠ ، الاستبصار ١ : ٤٥١ ح ١٧٤٧ .
ولا ارىٰ له وجهاً ، لعدم المنافاة بين التوجه والقنوت بعده .
ويجوز تقديم التكبير في الركعتين للتقية ، وتكون صلاة مجزئة .
الرابعة : اذا لم تجتمع شرائط الوجوب صُلّيت ندباً علىٰ ما سبق .
وهل يشترط في جوازه خلوّ الذمة من القضاء ؟ الاقرب انه لا يشترط ، فتجوز ممّن عليه القضاء ، لما اسلفناه في باب المواقيت من الروايات .
ولو قلنا بالمنع منه ، فهل يجوز ان يصلي من القضاء بهيئة العيد ؟ يحتمل ذلك ، لانه اضافة ذكر الله تعالىٰ والدعاء لا غير . ويحتمل المنع ، لانه تغيير لهيئة الصلاة .
اما لو نذر فعلها في وقتها ، فانها تنعقد وان كان مشغول الذمة بالقضاء ، ويراعي فيها ما يراعي في الواجبة إلّا الجماعة ، فانها ليست شرطاً في المنذورة مع اختلال الشرائط إلّا أن ينذر ذلك ، فيجب ان اتفقت الجماعة وإلّا سقط ، لانّه من قبيل الواجب المشروط .
الخامسة : قال أبو الصلاح رحمهالله : يخرج الامام والمأموم مشاة ، وكلما مشىٰ الامام قليلاً وقف وكبّر حتىٰ ينتهي الىٰ المصلّىٰ ، فيجلس علىٰ الارض ويجلسون كذلك ، فاذا انبسطت الشمس قام وقام الناس فكبّر وكبّر الناس ، فاذا امسكوا (١) قال مؤذنوه : الصلاة ، ثلاثاً ، برفيع اصواتهم ، ثم يكبّر ويدخل بهم في الصلاة (٢) .
وقال : اذا فرغ منها عقّب وعفّر ثم خطب (٣) .
__________________
(١) في المصدر : أمسك .
(٢) الكافي في الفقه : ١٥٣ .
(٣) الكافي في الفقه : ١٥٤ .
وقال : لا يقرأ المأمومون خلفه ، سمعوا قراءته أوْ لا ، وعليه ان يسمعهم قنوته وتكبيره ولا يسمعونه ، فاذا فرغ من الخطبة جلس علىٰ المنبر حتىٰ ينفضّ الناس ثم ينزل (١) .
وقال : يكره السفر قبل صلاة المسنونة ـ وتبعه ابن زهرة (٢) ـ ويلزم تمييز يوم العيد بالاكثار من فعل الخيرات ، والتوسعة علىٰ العيال ، والتضحية بما تيسر وتفريق ذلك علىٰ المساكين (٣) .
السادسة : يستحب التعريف عشية عرفة بالامصار في المساجد ، لما فيه من السبة بالحاج في اجتماعهم ، وملازمة ذكر الله تعالىٰ . وروىٰ عبد الله ابن سنان انه قال الصادق علیهالسلام : « من لم يشهد جماعة الناس في العيدين ، فليغتسل ، ويتطيّب ، وليصل وحده كما يصلي في الجماعة . وفي يوم عرفة يجتمعون بغير امام في الامصار يدعون الله عزّ وجل » (٤) .
وعن ابن عباس انه فعله بالبصرة (٥) .
وفعله عمرو بن حريث (٦) ومحمد بن واسع (٧) ويحيىٰ بن معين (٨) وهؤلاء من علماء العامة .
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٥٤ .
(٢) الغنية : ٥٠٠ .
(٣) الكافي في الفقيه : ١٥٥ .
(٤) التهذيب ٣ : ١٣٦ ح ٢٩٧ ، ٢٩٨ . وصدره في الفقيه ١ : ٣٢٠ ح ١٤٦٣ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ ح ١٧١٦ .
(٥) المغني ٢ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٧١ .
(٦) المغني ٢ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٧١ .
(٧) المغني ٢ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٧١ .
(٨) المغني ٢ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٧١ .
وكرهه نافع مولىٰ ابن عمر وابراهيم النخعي والحكم وحماد ومالك .
وسئل عنه أحمد فقال : أرجو أن لا يكون به بأس (١) .
ونحن قد أثبتنا شرعيّته عن الامام المعصوم فلا عبرة بقول من كرهه .
وأفضل التعريف بالأمصار التعريف بالمشاهد ، وخصوصاً مشهد الامام أبي عبد الله الحسين علیهالسلام بكربلاء ، فقد ورد فيه أخبار جمّة (٢) .
__________________
(١) المغني ٢ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٧١ .
(٢) راجع : التهذيب ٦ : ٥٠ ح ١١٥ ـ ١١٩ .
الفصل الثالث في صلاة الآيات والنظر في سببها ، وكيفيتها ، واحكامها
النظر الاول : تجب الصلاة بكسوف الشمس والقمر .
ويقال : خسف القمر ، ايضاً . وربما قيل : خسفت الشمس ، وهو في حديث اسماء وابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوآله (١) .
ولا يقال : انكسف ، عند بعضهم منهم الجوهري (٢) بل كَسفَت وكسَفَها الله ـ بفتح الكاف والفاء فيهما ـ فهي كاسفة . والاخبار مملؤة بلفظ الانكساف (٣) ، وقد جوّزه بعض اهل اللغة منهم الهروي (٤) .
ودليل الوجوب فيهما اجماع الاصحاب ، وقول النبي صلىاللهعليهوآله : « ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، يخوف الله بهما عباده ، لا يكسفان لموت احد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فصلوا » (٥) والأمر للوجوب .
__________________
(١) حديث اسماء في : صحيح البخاري ٢ : ٤٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٢٤ ح ٩٠٥ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٣٨ . وحديث ابن عباس في : مسند ترتيب الشافعي ١ : ١٦٤ ح ٤٧٧ ، المصنف لعبد الرزاق ٣ : ٩٨ ح ٤٩٢٥ ، صحيح البخاري ٢ : ٤٦ .
(٢) الصحاح ٤ : ١٤٢١ ، مادة كسف .
(٣) راجع : الكافي ٣ : ٤٦٣ ح ١ ، ٤٦٥ ح ٦ ، ٧ ، التهذيب ٣ : ١٥٤ ح ٣٢٩ ، ١٥٦ ح ٣٣٦ ، ٣٣٧ .
(٤) انظر لسان العرب ٩ : ٢٩٨ ( فيه : في حديث رواه أبو جيد ، إنكسفت الشمس علىٰ عهد رسول النبي ( صلىاللهعليهوآله ) .
(٥) صحيح مسلم ٢ : ٦٢٨ ح ٩١١ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٣٢ .
وروىٰ اُبي بن كعب قال : انكسفت الشمس علىٰ عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله فصلّىٰ بنا وقرأ سورة من الطوال ، وركع خمس ركعات ، وسجد سجدتين . ثم قام فقرأ سورة من الطوال ، وركع خمس ركعات ، وسجد سجدتين ، وجلس علیهالسلام كما هو مستقبل القبلة يدعو حتىٰ تجلّىٰ (١) . وفي هذا الخبر الزام للعامة في مواضع :
احدها : ان ظاهره الوجوب ، لقوله صلىاللهعليهوآله : « صلوا كما رأيتموني اُصلي » (٢) .
وثانيها : ان الوجوب علىٰ الاعيان ، لانّه صلّىٰ بهم لا ببعضهم .
وثالثها : ان الركوع فيها عشر مرات كما نقول به .
وفيه دلالة علىٰ استحباب الكون في الدعاء حتىٰ ينجلي ، وسيأتي استحباب الاعادة ان شاء الله تعالىٰ .
ونحو هذا الخبر رويناه عن الكاظم علیهالسلام (٣) .
وروينا عن جميل عن ابي عبد الله علیهالسلام قال : « صلاة الكسوف فريضة » (٤) .
واما باقي الآيات فلها صور :
تجب الصلاة أيضاً للزلزلة ، نصّ عليه الاصحاب (٥) .
__________________
(١) سنن ابي داود ١ : ٣٠٧ ح ١١٨٢ ، المستدرك علىٰ الصحيحين ١ : ٣٣٣ .
(٢) مسند احمد ٥ : ٥٣ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦ ، صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٣ : ٨٥ ح ١٦٥٦ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٧٣ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ١٢٠ .
(٣) الكافي ٣ : ٢٠٨ ح ٧ ، التهذيب ٣ : ١٥٤ ح ٣٢٩ .
(٤) التهذيب ٣ : ٢٩٠ ح ٨٧٥ .
(٥)
راجع : المبسوط ١ : ١٧٢ ، المهذب ١ : ١٢٤ ، الوسيلة : ١١٢ ، المعتبر ٢ :
=