القرآن والطبّ الحديث

الدكتور صادق عبدالرضا علي

القرآن والطبّ الحديث

المؤلف:

الدكتور صادق عبدالرضا علي


الموضوع : الطّب
الناشر: دار المؤرّخ العربي
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٤

٢٠١

د ـ تقرح منطقة المهبل.

ه ـ حكة في الفرج أو المستقيم.

و ـ تورم الغدد الليمفاوية المغبنية.

ز ـ تورم الجلد في المنطقة المحيطة بالاصابة ، وتبدل لونها إلى لون يميل للزرقة.

١٢ ـ التهاب المهبل المسمى بالكاردنرلا :

ومن علائمه سيلان مهبلي خفيف.

١٣ ـ القرحة الرخوة [Chancroid] :

ويصاب بهذا المرض كلا الجنسين من جراء أعمال جنسية غير شريفة ، ومن أعراضها : وجود قرحة مؤلمة في منطقة الأعضاء التناسلية مع ترشحات شديدة ذات رائحة كريهة ، أما العقد الليمفاوية المغبنية فتكون ملتهبة ومؤلمة مع احمرار المنطقة المحيطة بها ، وقد تتقرح العقد الليمفاوية بعض الأحيان.

١٤ ـ الورم الحبيبي الأربي [Granuloma Inguinale] :

مرض زهري يمتاز بالأعراض التالية :

أ ـ تقرح منطقة المهبل ، ويكون المرض مزمنا في حالة تكرر التقرح.

ب ـ تكون المنطقة المحيطة بالمهبل والشرج والمغبن ملتهبة ومتقرحة.

ج ـ التهاب الرحم وعنقه والمبيض أحيانا.

د ـ تكون منطقة الاصابة مترشحة وذات رائحة خاصة.

ه ـ التهاب الاحليل وفتحة الشرج عند ما يكون المرض مزمنا.

١٥ ـ مرض الأيدز ـ او نقص المناعة المكتسبةAIDS :

تحدث الاصابة بهذا المرض نتيجة الاتصالات الجنسية غير المشروعة بين الجنسين ، أو الجنس الواحد ، مما يؤدي إلى تدمير جهاز المناعة لدى الضحايا ، خصوصا الخلايا الليمفاوية البيضاء المسماة (T) وجعلهم عرضة للاصابة بشتى الأمراض

٢٠٢

والالتهابات وحالات السرطان المختلفة التي تسببها الكائنات المرضية الدقيقة ، سواء كانت من النوع البكتيري أو الفيروسي أو الجرثومي ، التي تؤدي في النهاية إلى وفاة المصاب نتيجة عدم وجود مقاومة فعالة لديه. ومن هذا يتبين لنا خطورة الاصابة بمرض الأيدز.

ومن المعروف أنّ هذا المرض شائع جدا بين الشاذين جنسيا ، ولا سيما اولئك الذين يقومون بتغيير شركائهم في العمل الجنسي بصورة منتظمة ، وهو قابل للانتقال بين الرجل والمرأة وبالعكس ، اذا قامت بينهما علاقة جنسية محرمة أو مشروعة ، وكان أحدهما مصابا بالمرض المذكور ، كذلك تتم العدوى عن طريق عمليات نقل الدم إذا كان المتبرع بدمه مصابا به. كما تسهل عمليات الملامسة انتقال المرض إذا كانت مناطق الملامسة مصابة بتقرحات أو صديد.

ولا حظ العلماء بأن المرضى المصابين بمرض الهيموفيليا الوراثي ، الذي يمنع تخثر الدم ، معرضون للاصابة بهذا المرض أكثر من غيرهم.

ولوحظ أيضا بأنّ بعض الأجناس العرقية لها ميل طبيعي للاصابة بمرض الأيدز من دون أي سبب (١).

الزنا ومضاعفاته الاجتماعية :

١ ـ إزدياد حالات الطلاق بين الاسر التي تمارس العمليات الجنسية اللامشروعة.

٢ ـ زيادة المشاكل الداخلية والشجار بين تلك العوائل والأفراد.

٣ ـ تحلل الأواصر العائلية وتشتت الاسر وانعدام روح المحبة والاخاء.

٤ ـ بروز ظاهرة الشذوذ الجنسي بين النساء والرجال والاطفال.

٥ ـ ازدياد نسبة الاصابات بالأمراض الزهرية.

__________________

(١) مجلة «المجلة» العدد ٨٣.

٢٠٣

٢٠٤

٢٠٥

٦ ـ كثرة الإصابات بالأمراض النفسية بين تلك الأوساط التي تمارس الزنا والشذوذ الجنسي.

٧ ـ انعدام التربية اللائقة للأطفال مما يؤدي بهم إلى الضياع.

٨ ـ وجود رابطة قوية بين الزنا والادمان على المسكرات والمخدرات.

٩ ـ زيادة حالات الاعتداء والقتل والانتحار ودخول السجون بين الأشخاص المنحرفين.

١٠ ـ كثرة حالات الاجهاض بين الأواسط الشاذة والمنحرفة.

١١ ـ حدوث تشوهات وأمراض كثيرة عند الأطفال المولودين نتيجة العلاقات الجنسية المحرمة.

١٢ ـ انتشار العادة السرية.

١٣ ـ زيادة ظاهرة الاعتداء الجنسي بين الممارسين للعمليات الجنسية الشاذة.

١٤ ـ السقوط في مهاوي الخيانة والتجسس والعمالة.

١٥ ـ تدني المستوى الدراسي والعلمي عند الأشخاص المنحرفين.

١٦ ـ تدني مستوى العمل والانتاج لدى المصابين.

١٧ ـ كثيرا ما أدى الشذوذ الجنسي إلى اعتناق التيارات والمبادئ الالحادية.

١٨ ـ يؤدي العدد الضخم من المرضى إلى الحاق خسائر بالاقتصاد العام للبلد.

الزنا والأمراض الجسدية : ـ

نظرا للأجواء الخاصة التي يكثر فيها الزنا ، وسرية الحياة التي يعيشها اولئك الذين يمارسون هذا العمل ، إضافة إلى الأجواء النفسية المعقدة والسهر الدائم والتخبط في دوامات الفكر والخوف من المستقبل المجهول والقانون والعقاب ، يجعلهم في شرود فكري وقلق شديد.

هذه الأسباب المتعددة والمتضاربة تؤدي إلى نشوء أمراض جسدية عديدة

٢٠٦

بين صفوف تلك الشريحة الشاذة من المجتمع ، خصوصا وأن عادة التدخين وشرب المسكرات والمخدرات شائعة بينهم ، مضافا إليها أن عقدة الشعور بالذنب والخوف من المجتمع تجعلهم لا يراجعون الأطباء والمراكز الصحية بالسرعة المطلوبة ، مما يساعد على تفشي الاصابات المرضية بينهم بصورة كبيرة.

ومن هذه الأمراض ما يلي : ـ

١ ـ التدرن الرئوي (السل).

٢ ـ التهاب اللوزتين المزمن والقصبات والتهاب الرئة الفايروسي.

٣ ـ الاصابة بالربو القصبي والحساسية.

٤ ـ كثرة الإصابة بالأمراض المعوية كالتهاب المعدة وقرحة المعدة ، واضطراب القولون المصحوب بالاسهال.

٥ ـ الاصابة بمرض التيفوئيد.

٦ ـ انتشار الأمراض الجلدية المختلفة كالقشرة الكثيرة الموجودة في الرأس والأجفان ، والاصابة بمرض داء الثعلب ، وكذلك مرض حبة بغداد أو اللشمانيا.

٧ ـ السكتة القلبية الخفيفة والشديدة.

٨ ـ الاصابة بمرض ضغط الدم.

٩ ـ الاصابة بمرض السكر.

* * *

٢٠٧

الموضوع الثالث

«الرضاعة في الاسلام»

لو أدرك الناس كافة معنى الاسلام ، وفقهوا كنه ما يرمي إليه ، لما بقي على وجه الأرض يدين بدين آخر ، لأنه مطلوب كل روح ومرمى كل قابلية ، وانشودة كل استعداد ، ومطمأن كل إحساس ، ومنتهى كل عقل من معنى الدين والإيمان ، وهذا سر قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (١).

ولو لا أنّ الاسلام دين ينطبق على كل قابلية واستعداد ، ويلائم كل عاطفة وإحساس ، لما كلف الخالق به عموم خلقه من إنس وجن ، وهو سبحانه وتعالى القائل بلسان الرحمة : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٢).

فالقلب يشعر بوجود خالق لهذا الكون البديع أقامه على هذا السمت المدهش ، فتهتز في العقل عاطفة تعطفه لأن يتعقله ويدركه ، فيستعين بالفكر في إيتائه تلك الانشودة ، فيجول صاحبنا الفكر في فيافي التصورات فيعتضد بالخيال في شطحاته ، فيلبيه الخيال بنشاط بعد أن يعدّ كافة جنوده المعنوية ، فتثور في داخلية الانسان ثورة تتيقظ لها سائر عواطف النفس وقواها ، لأنّ الموضوع ماس بها من أخص جهاتها ، فتهب الحواس الخارجة أيضا من سباتها ، فتنظر العين إلى أبعد مدى تصل إليه ، فإذا كلت وحسرت تركت ما بعد قواها لجياد التصور والفكر ، فإذا عجزا دعوا الخيال لينفذ إلى حيث لم يصلا إليه ، وهكذا حتى يصل الأنسان لتصوير خالقه بأكمل صورة يشعرها ، ويهبه من الصفات أكمل ما يدرك أنه كمال.

__________________

(١) سورة سبأ : الآية ٢٨.

(٢) سورة البقرة : الآية ٢٨٦.

٢٠٨

فإذا ارتقى عقله درجة أدرك أنه وصف إلهه وصوّره بما لا يحسن ، فيصلح من خطئه.

ثم يرتقي عن ذلك أيضا فيرجع للتغيير والتحوير. وهذا ما تريناه فلسفة التاريخ في جميع أطوار النوع الانساني ، وليس هذا موضوع بحثنا ، فإنا إنما نريد أن نصور لقارئنا الكريم صورة موجزة من صور انفعال قوى النفس وعواطفها لتأثيرات العقيدة بوجود الخالق ، توطئة لإدراك كنه ذلك الأدب الالهي الذي تهبه عقيدة التوحيد والتنزيه على سائر تلك القوى والعواطف.

ولهاتين العقيدتين أثر على نفس معتقدهما من جهة التأديب النفساني والتكميل الخلقي ، لا يدرك خطورته إلّا من أشرقت عليه لمعة من نوره وحفت به نفحة من جلاله. فهما إكسيران إلهيان ، وروحان سماويتان ، تنزلان من النفس الانسانية منزلة الشمس من سمائها ، فتطرد من دياجير الرعونات البشرية وتزيل من أدران المقتضيات السفلية ، ما لا تستقل بوصفه الأقلام ولا تتطلع لمداه الأفهام.

ومتتبع القرآن الكريم يجد حشدا عظيما من الآيات التي تلفت نظر العقلاء بشدة إلى التأمل في كل شيء تتناوله يد البحث العلمي بالدراسة والتأمل ، وحول هذه الأشياء تتجمع حشود العلوم الكونية ، التي ينتقل الباحثون المنصفون المتتبعون للحقيقة من ظواهرها إلى الايمان بالله خالقها ومحكم نظامها ، والايمان بعظيم صفاته جلّ وعلا ، كما ينتفعون منها في مجال حياتهم الدنيا.

فيما يلي طائفة من النصوص الاسلامية الكثيرة التي تدفع الناس إلى البحث العلمي الشامل :

١ ـ قوله تعالى في سورة البقرة : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) (١).

__________________

(١) سورة البقرة : الآية ٢٣٣.

٢٠٩

٢ ـ وقوله تعالى في سورة لقمان : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (١).

٣ ـ وقوله تعالى في سورة الأحقاق : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (٢).

٤ ـ وقول الرسول الأكرم (ص) : «أفضل الغذاء للرضيع حليب امّه».

ففي هذه النصوص من كتاب الله وسنة نبيه (ص) دعوة إلى البحث العلمي بما يترتب على الرضاعة وما لحليب الام من فوائد جليلة للطفل. وإنّها أفضل بكثير من الرضاعة الصناعية التي انتشرت وشاعت في مجتمعاتنا الاسلامية.

ومما هو بعيد عن الانصاف كل البعد اتهام الاسلام أو المسلمين بالجمود ، لأنّ دورا من أدوار الانحطاط أصاب الشعوب الاسلامية بالتخلف بعد أن تراكبت عليهم مجموعة من الأسباب والعوامل الداخلية والخارجية فساقتهم إليه.

ويمكن وصف هذه الأسباب والعوامل جميعها بأنها امور دخيلة عليهم ، وليست من جوهر تعاليم الاسلام ، ولا من اسس تربيتهم الأسلامية التي توارثوها من منبعها الأساسي الذي تفجر مع فجر الاسلام بالخير والخصب والعلم ، وبكل عمل نافع ، وبكل تقدم حضاري كريم ، وكل حياة سعيدة رغيدة طاهرة من الاثم والشر والفساد في الأرض.

هذه التربية الاسلامية التي قام عليها أول الأمر رسول الله (صلوات الله عليه وآله) ، ثم تلاميذ مدرسته التاريخية من بعده ، فقدّمت للعالم معجزة تأريخية لا تطاولها معجزة اخرى.

هذه هي التربية العجيبة التي استطاعت أن تحول في ربع قرن شعبا متخلفا في ثقافته وحضارته ومدنيته ، فتجعل منه شعبا قائدا رائدا للعالم المتحضر يومئذ ، فاتحا

__________________

(١) سورة لقمان : الآية ١٤.

(٢) سورة الاحقاف : الآية ١٥.

٢١٠

فكره للعلم وقلبه للانسانية جمعاء ، ونفسه لحب الخير والسعي إليه حيث كان ، ومقدما جميع قواه وطاقاته للعمل المثمر في سبيل مجد الانسانية وسعادتها الدنيوية الاخروية ، وفي سبيل تحرير الانسان من العبوديات المختلفة ، وربطه ـ فقط ـ بعبوديته للقوة القاهرة ، العليمة الحكيمة غير المتطورة ، وهي العبودية لله وحده لا شريك له ، وهي العبودية الاعتقادية والعملية الموافقة للحقيقة التي عليها واقع كل مخلوق.

فدار بهم الزمن آنئذ دورة حضارة راقية خالية من الشر والاثم والضر ، ورافقتها أفضل مدنية عرفتها تلك العصور ، فلم يدعوا مجالا من مجالات المعرفة التي تيسرت لهم حينئذ إلّا خاضوا غماره ، ولا ميدانا من ميادين السبق العلمي إلّا كانوا مجلين فيه ، بينما كانت أوروبا وسائر الشعوب تغط في نوم التخلف العميق ، وظلام الجهل الدامس. وشواهد ذلك كثيرة جدا ، من النصوص الاسلامية ، والتاريخ الصحيح.

أضافت الرضاعة الصناعية مشكلة جديدة إلى المشاكل الاجتماعية والصحية التي تعصف مجتمعاتنا الاسلامية. بعد أن تركت تعاليم القرآن الكريم وما جاء به من إرشادات صحية ، وتوجيهات اجتماعية ، مما يؤكد أنّ الارضاع الطبيعي هو الأفضل والأصلح لتكامل الاسرة ، وحلقة قوية من حلقات الصرح الاسروي السعيد.

فالرضاعة شوق الام لرضيعها واشتياق الرضيع لصدر امه. فهي عملية حب وشوق إلهي لا يحس بها إلّا الام والرضيع ، حيث تتجلى فيها أسمى المعاني الانسانية التي غرزها الله في قلب الام وعقلها وشعورها.

وبالجملة ، هي المعجزة التي تتكرر على مر العصور ، لكي تثبت للانسان أنّها سر إلهي للذي أتقن كل شيء.

وبعد التنبيه إلى هذه الرضاعة الطبيعية لا بدّ أن نلفت النظر إلى أنّ المرأة عنصر هام من عناصر المجتمع الاسلامي ، المسؤول عن بناء الحضارة الاسلامية بناء

٢١١

واقعيا ، على اسسها الفكرية الراسخة ، ولذلك يجب العناية بها عناية كبرى ، وإعداد المجتمع النسائي المسلم الذي يحمل نصيبه من العمل لاقامة البناء الحضاري المطلوب بهمة وصدق وإخلاص.

وبعد أن تبينّا موقف الاسلام من الابتكار والتحسين في مختلف مجالات الحياة ، لا بدّ أن نقضي العجب من الذين يفترون على الاسلام فيقولون : نريد أن نتخلص من القيود الاسلامية لندخل في عالم الصناعة الحديثة والاختراع والابتكار من أوسع الأبواب ، كأنّ الاسلام في نظرهم عدوّ الصناعة والاختراع والابتكار.

قرأت ما كتبه المنصفون من أبناء الغرب الناقمون على واقع حياتهم وما وصلوا إليه ، هذه استاذة في جامعة (انديانا) وصلت إلى مركز لا يحلم بمثله الرجال ..

تقول بعد أن بلغت (٥٠) عاما من عمرها : كنت أسير خلف سراب الأوهام وما يرسمه لنا الرجال بالمشاركة العملية والمساواة بهم ، فأدركت بعد أن وصلت إلى هذه المكانة أنهم يضعوننا العوبة يتلهون بنا ، فبعد أن ذبل العود أو كاد لم أجد تلك الكلمات الرنانة .. إن امنيتي في الحياة أن أسمع أحلى نغمة تقرع سمع المرأة «ماما» وأن أستقر في بيت تظله الأسرة وحنانها .. ولكن ما ذا .. بعد فوات الأوان؟؟ ..

واخرى في مدينة (لوس انجلوس) الأمريكية لا يسعفها من المرض الذي تسبب عنه إغماء عند باب شقتها إلّا طالب مسلم ينقلها للمستشفى ، وعند ما سئلت عن أولادها إذا هم من علية المجتمع : استاذ جامعي ، طبيب ، صاحب محل تجاري ، بنتان متزوجتان وتسكنان بجوارها في نفس الشارع ، ولكنها لم تر هؤلاء من أكثر من سنة .. لسبب واحد لأنها في أول حياتها انصرفت عنهم بالعمل فضعفت الرابطة ، وشعروا بعد الامتزاج بفقدان الحنان في الصغر.

ولهذا نرى أنّ العدول عن الرضاعة الطبيعية يسبب خللا واضحا في العلاقة بين الام ورضيعها ، وفتورا في المشاعر والأحاسيس.

واليوم بدا جليا بعد الدراسات الطويلة والأبحاث العديدة في الحقول الطبية ،

٢١٢

أنّ ما جاء به القرآن حول الرضاعة الطبيعية من الام هو الأفضل والأحسن.

فشكرا لله على إرشاده لنا ولطفه الدائم علينا.

فوائد حليب الام :

أولا ـ (مالية): فالرضاعة من الام لا تكلف العائلة ، خصوصا إذا كانت العائلة متوسطة الدخل ، أو فقيرة لا يمكنها شراء الحليب.

ثانيا ـ (عملية وطبية) للأسباب التالية :

١ ـ حليب الام هو الغذاء الطبيعي للطفل التام الولادة ، خصوصا في الأشهر الاولى من العمر.

٢ ـ يتميز بدرجة حرارة مناسبة ، حيث لا يتطلب وقتا لتحضيره سواء في الليل أو النهار.

٣ ـ طازج وخال من الجراثيم التي تلوث الغذاء ، لذا تقل الأصابة بأمراض الجهاز الهضمي التي تصيب الأطفال ، ممّا جعل نسبة الوفيات لديهم قليلة إذا ما صاحبتها عناية طبية وصحية جيدة من قبل العوائل ذات الدخل المحدود.

٤ ـ تناول حليب الام لا يؤدي للأصابة بأمراض : الحساسية ، والاسهال ، والنزف المعوي ، التي يتعرض لها الأطفال الذين يتناولون حليب البقر.

٥ ـ يحتوي حليب الام على مضادات البكتريا والفايروسات بنسبة عالية ، تمنع التصاق مسببات الامراض او تواجدها في جدران الأمعاء. كما يعطي مناعة موضعية للمعدة والأمعاء ضد المكروبات التي تدخل الجسم عن طريق الفم.

٦ ـ يحتوي حليب الام خصوصا في الأيام الاولى على خلايا آكلة لها القابلية على صنع أنزيمات خاصة تعمل على تدمير المكروبات وشل فعاليتها ، حيث ثبت أنّ بعض تلك الأنزيمات لها القدرة على شل فعالية ونمو مكروب (E.coli) الذي يعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تسبب الاسهال لدى الأطفال الرضع.

٢١٣

٧ ـ مدفوع الأطفال الذين يتناولون حليب الام ذو حامضية عالية (LOW PH) أكثر من مدفوع الأطفال الذين يتناولون حليب البقر ، ممّا جعله عاملا مهما في الحد من نمو بعض المكروبات في أمعاء الأطفال الرضع ، على العكس من الذين يتناولون حليب البقر ، حيث تقل الحامضية ممّا تساعد على نمو وتكاثر المكروبات التي تلعب دورا كبيرا في الاصابة بأمراض الاسهال المختلفة.

٨ ـ حليب الام يحتوى على عامل يساعد على نمو ودعم الزمرة الجرثومية الطبيعية للأمعاء (Flora) التي لها دور فعال في امتصاص بعض الفيتامينات وغيرها من العناصر الغذائية ، بينما الرضاعة الصناعية تسبب اضطرابا في تلك الزمرة.

٩ ـ يزود حليب الام ـ التي تتناول الغذاء الكافي الجيّد ـ رضيعها بما يحتاجه من مواد غذائية كافية ، خصوصا فيتامين (D) الضروري لنمو العظام ، وكذلك (معدن الحديد) على الأخص في الأشهر الاولى وحتى الشهر التاسع.

١٠ ـ الحديد الموجود في حليب الام يكون سهلا وسريع الامتصاص من خلال أمعاء الرضيع ، فعلى هذا لا حاجة للرضّع الذين ينمون على (الرضاعة الطبيعية) إلى إضافة عنصر الحديد إلى غذائهم في السنة الاولى من العمر.

١١ ـ يحتوي حليب الام على كميات كافية من فيتامين (C) الضروري لفعاليات الرضيع النامي.

١٢ ـ يكون حليب الام متوازنا في كميات الأملاح الموجودة فيه : كأملاح الحديد ، والزنك ، وفيتامين (E) ، والشحوم الأسيدية غير المشبعة.

١٣ ـ يكون حليب الام ذا ضغط (إوزموزي) أو (ترشحي) واطىء ، وهذا ما يجعل من عملية جذبة من قبل أمعاء الرضيع أسهل من حليب البقر.

ثالثا ـ (فوائد للام):

١ ـ يقوم الطفل بمص حلمة ثدي الام أثناء عملية الرضاعة ، ممّا يؤدي إلى عمليات إنعكاسية تفيد في عملية رجوع الرحم إلى حجمه الطبيعي قبل الحمل

٢١٤

والولادة ، كما يؤدي إلى تقليل كمية الدم النازف بعد الولادة.

٢ ـ دلت الاحصاءات والبحوث العلمية على أنّ النساء اللاتي يرضعن أطفالهن أقل تعرضا للاصابة ب (سرطان الثدي) وثبت بالأدلة أنّه يصيب العذارى أكثر من المتزوجات ، ويصيب المتزوجات غير المرضعات أكثر من المرضعات ، إضافة إلى أنّ نسبة الاصابة في المتزوجات القليلات الولادة أكثر منها في الولودات.

وهذا برهان قاطع على أنّ المرأة كلما أكثرت من الارضاع قل تعرضها لسرطان الثدي.

٣ ـ تعتبر الرضاعة من ثدي الام أحد الوسائل التي يتم فيها تنظيم النسل ، لأنّ الرضاعة تؤدي إلى انقطاع (الدورة الشهرية) لدى المرأة بصورة طبيعية ، دون اللجوء إلى وسائل منع الحمل الاخرى : كالحبوب ، والحقن ، واللوالب التي لها مضاعفات عديدة على المرأة.

و (ميكانيكية) : ذلك أنّ مص حلمة ثدي الام من قبل الرضيع يؤدي إلى إفراز هرمون البرولاكتين (Prolactin) من قبل الغدة النخامية ، وهذا بدوره يعمل على إنقاص الكميات المفرزة من هرمونات المنميات التناسلية (Gonadotr Ophin) المسؤولة عن التغيرات الدورية في المبيض ، ويحصل هذا عند حوالي (٥٠ خ) من النساء المرضعات.

٤ ـ تجبر الرضاعة الام المرضعة على المكث والتواجد في البيت لاشباع رضيعها والعناية به ، ويحول بين خروجها منه خصوصا السفر وذلك في السنة الاولى ، مما يقوي الروابط العائلية بين أفراد الاسرة ، ويساعد على حل مشاكلها بسهولة.

وتكون عاملا مهما في توطيد الوئام وزيادة المحبة بين الزوجة المرضع وزوجها.

رابعا ـ (فوائد نفسية):

١ ـ تعتبر عملية إعطاء الحليب ، وإرضاع الام لوليدها ، عملية نفسية مرضية للام والوليد.

٢ ـ ينتاب المرأة التي ترضع وليدها شعور عميق ، فتصبح ذات أهمية خاصة

٢١٥

بالنسبة إليه ، حيث يقع على عاتقها عمل مهم وخطير يؤدي بالنتيجة إلى تقوية العلاقة بينهما ، جراء الاحساسات الروحية.

٣ ـ دلت الدراسات على أنّ مسك الرضيع ولمسه بعطف وحنان ، وتبادل النظرات الودية أثناء عملية الرضاعة ، يعتبر ذا أهمية كبرى من الناحية النفسية ، لأنه ينمي العلاقات الروحية بينهما ويوثقها ، بينما تنعدم تلك المشاعر والاحساسات عند الام التي لا ترضع وليدها.

٤ ـ يشعر الطفل بالارتياح والانبساط عند ما تحتضنه الام أثناء عملية الرضاعة ، وتقوم بلمس أطراف وجهه ، ثم خده الأيمن أو الأيسر تبعا لموقعه في حضن الام ، عندها يلتفت الرضيع نحو صدر امه ، ويجعل فمه مقاربا لحلمة ثديها ، فيبدأ أولا بلعقها ثم مصها ليبدأ الرضاعة بفعالية ونشاط.

وهذه الحركات الودية (الفيزيولوجية والنفسية) تعتبر من العوامل المهمة في إفراز هرمون (Prolactin) الذي يساعد في تكوين الحليب وإفرازه.

٥ ـ ردود الفعل على (البكاء) أغلبها سلبي عند عموم البشر إلّا في حالات الرضاعة ، حيث يكون إيجابيا من قبل الام التي تبذل كل شيء وهي تحاول إسكات رضيعها ، فتقوم بمختلف الحركات والأصوات التي يتخللها العطف والمحبة كي تهدئه ليعود من جديد لارتشاف حليبها. وحينئذ تشعر بالرضى والراحة وهي تؤدي أسمى المواقف الانسانية وأروعها (١).

جاء في كتاب (توحيد المفضل) الذي أملاه الإمام أبي عبد الله الصادق (ع) على المفضل بن عمر الجعفي ما يلي : «اعرف يا مفضل ما للأطفال في البكاء من المنفعة ، واعلم أنّ في أدمغة الأطفال رطوبة ، إن بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثا جليلة وعللا عظيمة ، من ذهاب البصر وغيره ، والبكاء يسيل تلك الرطوبة من رؤوسهم فيعقبهم ذلك الصحة في أبدانهم والسلامة في أبصارهم ، أفليس قد جاز

__________________

(١). Nelson text book of pediatrics

٢١٦

أن يكون الطفل ينتفع بالبكاء ووالده لا يعرفان ذلك ، فهما دائبان ليسكتانه ويتوخيان في الامور مرضاته لئلا يبكي ، وهما لا يعلمان أنّ البكاء أصلح له وأجمل عاقبة ، فهكذا يجوز أن يكون في كثير من الأشياء منافع لا يعرفها القائلون بالإهمال ، ولو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشيء أنّه لا منفعة فيه ، من أجل أنهم لا يعرفونه ولا يعلمون السبب فيه ، فإنّ كل ما لا يعرفه المنكرون يعلمه العارفون ، وكثيرا ما يقصر عنه علم المخلوقين وهو محيط به علم الخالق جلّ قدسه وعلت كلمته.

فأما ما يسيل من أفواه الأطفال من الريق ، ففي ذلك خروج الرطوبة التي لو بقيت في أبدانهم لأحدثت عليهم الامور العظيمة ، كمن تراه قد غلبت عليه الرطوبة فأخرجته إلى البله والجنون والتخليط ، إلى غير ذلك من الأمراض المتلفة كالفالج واللقوة وما أشبهها ، فجعل الله تلك الرطوبة تسيل من أفواههم في صغرهم لما لهم في ذلك من الصحة في كبرهم ، فتفضل على خلقه بما جهلوه ونظر لهم بما لم يعرفوه ، ولو عرفوا نعمه عليهم لشغلهم ذلك من التمادي في معصيته ، فسبحانه ما أجلّ نعمته وأسبغها على المستحقين وغيرهم من خلقه ، تعالى عمّا يقول المبطلون علوا كبيرا» (١).

العوامل المؤثرة على الرضاعة : ـ

١ ـ نسبة نمو الرضيع.

٢ ـ جنس الرضيع.

٣ ـ مراحل نمو الرضيع.

٤ ـ الطاقة المصروفة.

٥ ـ بناء جسم الرضيع.

__________________

(١) توحيد المفضل ص ٥٣.

٢١٧

٦ ـ يجب أن يحتوي الغذاء على السعرات الحرارية الضرورية التي تتناسب مع طول الرضيع ، ووزنه ، ومقدار شهيته.

٧ ـ يجب أن يحتوي الغذاء الطبيعي للرضيع على ما يقرب من (٥٠ خ) سعرة حرارية من (النشويات) و (٣٥ خ) سعرة حرارية من (الشحوم) و (١٥ خ) سعرة حرارية من (البروتينات) إضافة إلى مقدار من (الفيتامينات) و (الأملاح) ، وهذه المواد موجودة بشكل طبيعي ومتوازن في حليب الام ، الذي لا يقارن بحليب البقر أو أي حليب آخر.

شروط الرضاعة : ـ

١ ـ يجب أن تبدأ الرضاعة في اليوم الثالث أو الرابع حينما يتضخم ثديا الام ويبدأ الحليب بالانتاج ، لأنّ الرضعات الاولى تحوي مادة الكولوسترم (Colostrum) ذي الأهمية المناعية الخاصة التي ثبت علميا أنها تحوي الكثير من المضادات التي تمنع إصابة الطفل بالأمراض المعدية خلال الأشهر الستة الاولى.

و (الكولوسترم) : هو مادة صفراء قلوية تتكون وتتواجد في ثديي الام في الأشهر الأخيرة من الحمل والأيام (٢ ـ ٤) بعد الولادة ، وهي ذات كثافة عالية ، تحوي على كميات عالية من البروتينات ، وفيتامين (A) والأملاح ، أما السكريات والدهون فهي أقل نسبة ممّا في الحليب العادي للام.

٢ ـ يجب أن تكون الام سعيدة ، ومسترخية الأعصاب والذهن ، لأنّ الخوف وعدم الارتياح والازعاج يقلل من كمية الحليب ، ويفسد العلاقة بين الام والرضيع.

٣ ـ يؤثر التعب الشديد على فعالية الام ، وينعكس على عملية الرضاعة ، حيث تقل كمية الحليب ونوعيته.

٤ ـ يجب على الام تنظيف ثدييها وغسلهما يوميا مع الاحتفاظ بمنطقة الحلمة ومحيطها جافا ونظيفا.

٥ ـ يتحتم على الام أن تتناول الغذاء الكافي ذا النوعية الجيدة ، والذي يحتوي

٢١٨

على المواد الضرورية لإدامة فعاليات الام ، ويساعد على توليد الحليب اللازم للرضيع.

٦ ـ يجب أن تتم الرضاعة وفق الطرق العلمية والصحية والنفسية التي تضمن قيام الرضيع بها بطريقة سهلة ومساعدة ، بعد تهيئة الرضيع ووضعه في حجر الام ليقدم إليه الثدي بالصورة المرضية التي تمكنه من الرضاعة ومص الحليب على أحسن وجه.

٧ ـ يجب السماح للرضيع بأن يرضع من كلا الثديين حتى يتم تفريغهما من الحليب ، لأنها الطريقة المثلى التي تساعد على إعادة تكوين الحليب فيهما مجددا وتضمن إشباع الرضيع.

٨ ـ الرضاعة المثالية للرضيع مرة كل ساعتين أو ثلاث ، ويسمح فيها بمص الثدّيين حتى يتركهما من تلقاء نفسه.

٩ ـ يفطم الرضيع على الأغلب بعد مرور سنة ونصف أو سنتين ، حسبما ورد في القرآن الكريم ، إذا كانت حالة الام الصحية جيدة وطبيعية.

١٠ ـ ينصح بعدم تناول الأدوية والعقاقير التي تنتقل إلى الرضيع عن طريق الحليب ، لأنّ ذلك يؤدي إلى مضاعفات ومشكلات صحية تؤثر على سلامة الرضيع وحياته ، وكذلك عدم تناول الأدوية والمركبات الكيمياوية التي تؤثر على إنتاج الحليب وتقلل من كمياته ونوعيته.

الموانع الصحية للرضاعة من الام :

١ ـ (موانع مؤقتة):

أ ـ إصابة الرضيع بحساسية جلدية نتيجة الرضاعة من الام ، وفي هذه الحالة يجب التعرف عن السبب والعمل على إزالته ، كي يتمكن الرضيع من الاستمرار في الرضاعة.

ب ـ إنقلاب حلمة ثديي الام.

ج ـ وجود شقوق في حلمة ثديي الام.

د ـ التهاب ثديي الام.

٢١٩

ه ـ إصابة الام بأمراض حادة : كالتهاب اللوزتين ، والقصبات ، مع ارتفاع شديد في الحرارة.

٢ ـ (موانع دائمة):

أ ـ تسمم دم الام.

ب ـ التهاب الكليتين الحاد.

ج ـ تسمم الحمل عند الام.

د ـ النزف الدموي الشديد مع الهزال والضعف العام.

ه ـ الإصابة بمرض السل الحاد.

و ـ الاصابة بمرض التيفوئيد.

ز ـ الاصابة بمرض حمى مالطا.

ح ـ الاصابة بمرض الملاريا.

ط ـ الاصابة بحالات عصبية حادة.

ك ـ الاصابة بصدمة نفسية حادة بعد الولادة.

ل ـ حدوث الحمل عند الام.

مقارنة بين حليب الام وحليب البقر :

الجدول الآتي يتضمن مقدار مكونات الحليب في كل (١٠٠) سعرة حرارية :

المادة

حليب الام

حليب البقر

البروتينات

٥, ١ غم

٥ غم

الدهنيات

٥ غم

٧, ٥ غم

السكريات

٣, ١٠ غم

٣, ٧ غم

فيتامين A

٢٥٠ وحدة دولية

٢١٦ وحدة دولية

فيتامين D

٣ وحدة دولية

٣ وحدة دولية

٢٢٠