مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٦٢
|
آثار البلاغ والمقابلة ، وفي آخر كتاب الصلاة قال : قوبل كتاب الصلاة من الأكمل مع نسخة الأصل ، والنسخة تشتمل على كتاب الطهارة والصلاة والزكاة. |
(٣٣٧)
نهج المسترشدين |
(كلام ـ عربي) |
تأليف : العلامة الحلي ، الحسن بن يوسف بن المطهر (ت ٧٢٦).
في أصول الدين ، كتبه بالتماس ولده فخر المحققين ، مرتبا على ١٣ فصلا ، لخص فيها المباحث الكلامية.
أوله : الحمد لله المنقذ من الحيرة والضلال ، والمرشد إلى سبيل الصواب في المعاش والمآل ...
|
* الناسخ : محمد محسن بن بهاء الدين ، سنة ١١١٠ ، المترجم في طبقات أعلام الشيعة ـ ق ١٢ ـ : ٦٣٣. |
(٣٣٨)
هداية الطالبين |
(فقه ـ فارسي) |
تأليف : السيد حسن بن علي الحسيني (ق ١٣).
في بيان عدد الصلوات الواجبة ، وبيان جملة من الصلوات المسنونة.
أولها : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين ...
|
* تاريخ الكتابة :؟ ، ذكرت نسخة من الكتاب في فهرس مكتبة المرعشي ٢ / ٣٤١. |
(٣٣٩)
الوافي |
(حديث ـ عربي) |
تأليف : المحدث المحقق الفيض الكاشاني ، محمد بن مرتضى ، المدعو ب : «المحسن» (ت ١٠٩١).
في جمع أحاديث الكتب الأربعة ، مرتب على مقدمة و ١٤ كتابا وخاتمة.
|
* الناسخ : عبد الله الطالقاني ، سنة ١٠٧٣ ، من تلامذة المؤلف ، والنسخة مكتوبة في حياة المؤلف ، فيها ثلاث لوحات مذهبة ، وهي مجدولة بالذهب. |
(٣٤٠)
الوجيز |
(رجال ـ عربي) |
تأليف : محمد بن علي بن إبراهيم الحسيني الأسترآبادي (ت ١٠٢٨).
في الرجال ، وهو ثالث ثلاثة ، كبيرها يسمى منهج المقال ، وأوسطها تلخيص الأقوال ، والوجيز هذا أصغر منهما.
أوله : أدنى تتبع والتنبيه عليه في كل موضع موجب لتطويل الكلام ، فلم نتعرض لهذا النوع من الخلل إلا على سبيل الندرة ...
|
* الناسخ :؟ ، عليها خط السيد الحجة الكوهكمري محمد ابن علي الحسيني ، اشتملت النسخة من إبراهيم بن عبيد إلى سليم بن قيس الهلالي. |
(٣٤١)
الوجيزة |
(دراية ـ عربي) |
تأليف : الشيخ البهائي ، محمد بن الحسين العاملي (ت ١٠٣٠).
في علم الدراية ، ألفه ليكون كالمقدمة لكتابه الحبل المتين.
أوله : الحمد لله على نعمائه المتواترة ، وآلائه المستفيضة المتكاثرة ...
|
* الناسخ : محمد خضر بن محمد حسين الشوشتري ، سنة ١١٣٤ ، المترجم في طبقات أعلام الشيعة ـ ق ١٢ ـ : ٢٤٠. |
(٣٤٢)
الولاية على البكر |
(فقه ـ عربي) |
تأليف : المحدث المحقق الفيض الكاشاني ، محمد بن مرتضى ، المدعو ب : «المحسن» (ت ١٠٩١).
في بيان أن الأب والجد لهم الولاية على البكر في التزويج.
أوله : الحمد لله وسلامه على عباده .. اعلم أنه اختلف علماؤنا الإماميون رحمهمالله في ثبوت الولاية للأب والجد للأب على البكر البالغة الرشيدة في عقد النكاح.
|
* النسخة : مع مجموعة تاريخ كتابتها سنة ١٠٦٠. |
* * *
مصطلحات نحوية (٩) |
|
السيد علي حسن مطر
ثامن عشر ـ مصطلح المبتدأ
المبتدأ لغة : اسم مفعول من ابتدأ الشئ وابتدأ به ، بمعنى بدأه وبدأ به ابتداء وبدءا (١).
قال ابن فارس : «الباء والدال والهمزة من افتتاح الشئ ، يقال : بدأت بالأمر وابتدأت» (٢).
وقد استعمل النحاة الأوائل كلمة (الابتداء) و (المسند إليه) إلى جانب كلمة (المبتدأ) للتعبير عن المعنى الاصطلاحي النحوي (٣) قبل أن تنفرد
__________________
(١) لسان العرب ، ابن منظور ، مادة (بدأ).
(٢) معجم مقاييس اللغة ، ابن فارس ، مادة (بدأ).
(٣) أ ـ الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون ١ / ٢٣ ، ٢ / ١٢٦.
ب ـ المقتضب ، المبرد ، تحقيق عبد الخالق عضيمة ٤ / ١٢٦.
ج ـ الإيضاح العضدي ، الفارسي ، تحقيق حسن شاذلي فرهود ١ / ٤٣.
د ـ الواضح في علم العربية ، الزبيدي ، تحقيق أمين علي السيد : ٣٠.
ه ـ الحدود في النحو ، الرماني ، ضمن كتاب رسائل في النحو واللغة ، تحقيق مصطفى جواد ويوسف مسكوني : ٤٤.
الأخيرة بعنوانه.
وأقدم محاولة لتحديد المعنى الاصطلاحي للمبتدأ هي قول سيبويه (ت ١٨٠ ه) : «المبتدأ كل اسم ابتدئ به ليبنى عليه كلام» (١) ، أي : ليخبر عنه أو يسند إليه.
ثم عرفه ابن السراج (ت ٣١٦ ه) بقوله : «المبتدأ ما جردته من عوامل الأسماء من الأفعال والحروف ، وكان القصد فيه أن تجعله أولا لثان ... يكون ثانيه خبره» (٢) ، فأضاف قيد التجرد من العوامل التي يريدون بها نواسخ المبتدأ وهي : كان وإن وظن وأخواتها ، وما ولا.
وعرفه الفارسي (ت ٣٧٧ ه) بأنه : اسم «معرى من العوامل الظاهرة ومسند إليه شئ» (٣) ، فقيد العوامل في المبتدأ بالظاهرة ، احترازا من العامل المعنوي ، أي : الابتداء الرافع للمبتدأ.
ومما قاله الجرجاني في شرح التعريف : «إن العوامل ضربان : لفظي ومعنوي ، والثاني منحصر في شيئين : أولهما ارتفاع المضارع لوقوعه موقع الاسم ، نحو : (يضرب) في قولنا : مررت برجل يضرب ، فإنه مرفوع لوقوعه موقع (ضارب) ، وثانيهما : ارتفاع المبتدأ بتعريه من العوامل الظاهرة ، إذ ليس الوقوع موقع الاسم بلفظ ، وكذلك التعري من العوامل اللفظية» (٤).
هذا ، ولكن الذي استقر عليه الرأي أخيرا أن الرافع للفعل المضارع
__________________
(١) الكتاب ، سيبويه ٢ / ١٢٦.
(٢) الأصول في النحو ، ابن السراج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي ١ / ٦٢ ـ ٦٣.
(٣) الإيضاح العضدي ١ / ٤٣.
(٤) المقتصد في شرح الإيضاح ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق كاظم بحر المرجان ١ / ٢١٣ ـ ٢١٤.
تجرده عن الناصب والجازم ، فينحصر العامل المعنوي بالتجرد من العوامل.
وعرفه ابن جني (ت ٣٩٢ ه) بأنه : «اسم ابتدأته وعريته من العوامل اللفظية ، وعرضته لها ، وجعلته أولا لثان ، يكون الثاني خبرا عن الأول ومسندا إليه» (١).
ويلاحظ عليه :
أولا : قوله : (ابتدأته) لا داعي له ، إذ لا يشترط في الصورة اللفظية لجملة المبتدأ والخبر تقدم لفظ المبتدأ.
ثانيا : قوله : (وعرضته لها) ليس من ذاتيات المبتدأ ، فلا يحسن ذكره في الحد.
وأما عبد القاهر الجرجاني (ت ٤٧١ ه) فالمستفاد من كلامه تعريفه المبتدأ بأنه : «اسم مجرد من العوامل اللفظية مسند إليه خبر» (٢).
وعرفه الحريري (ت ٥١٦ ه) بأنه : «اسم ابتدأته وعريته من العوامل اللفظية ، وهو يأتلف مع خبره جملة تحصل الفائدة بها ويحسن السكوت عليها» (٣).
وفيه شئ من الإطالة ، وكان الأولى إبدال قوله : (وهو يأتلف ... إلى آخره) بعبارة (وأسندت إليه) ، هذا مضافا إلى ما يرد على قوله : (ابتدأته) من الإشكال المتقدم.
ويستفاد من كلام الزمخشري (ت ٥٣٨ ه) والمطرزي (ت ٦١٠ ه) أنهما يعرفان المبتدأ بأنه : «الاسم المجرد من العوامل اللفظية
__________________
(١) اللمع في العربية ، ابن جني ، تحقيق فائز فارس : ٢٥.
(٢) الجمل ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق علي حيدر : ١١.
(٣) شرح على متن ملحة الإعراب ، الحريري : ٢٥.
للإسناد» (١) ، وإنما اشترط في التجريد أن يكون من أجل الإسناد ، لأنه لو جرد لا للإسناد ، لكان في حكم الأصوات التي ينعق بها غير معربة (٢) ، وعليه يكون حاصل مراده أن المبتدأ : اسم مجرد من العوامل اللفظية مسند إليه ، وإلى هذا ذهب ابن يعيش (ت ٦٤٣ ه) أيضا ، لولا أنه أثبت في حده كلمة (ابتدأته) ، وأبدل قوله (للإسناد) بعبارة (للإخبار عنه) (٣).
وعرفه ابن الأنباري (ت ٥٧٧ ه) بأنه : «اسم عريته من العوامل اللفظية لفظا وتقديرا» (٤).
ونقطة الضعف فيه عدم تقييده المبتدأ بكونه مسندا إليه ، مما يوجب دخول «الأسماء التي لا تركب مع عاملها نحو : واحد ، اثنان» (٥) ، ودخول «حروف الهجاء ، فإنها مجردة عن العوامل اللفظية ، لكنها غير معربة لفقدان سبب الإعراب ، وهو التركيب الإسنادي» (٦).
لكنه أشار إلى تقسيم العوامل إلى لفظية وتقديرية ، محترزا بالثانية «من تقدير الفعل في نحو قوله تعالى : (إذا السماء انشقت) (٧)» (٨) ، فكلمة (السماء) ليست مرفوعة لكونها مبتدأ ، وإنما هي فاعل مرفوع بفعل مقدر يفسره الظاهر ، وإن كان الأفضل تأجيل بيان أقسام العوامل إلى شرح
__________________
(١) أ ـ المفصل في علم العربية ، الزمخشري : ٢٣.
ب ـ المصباح في علم النحو ، المطرزي ، تحقيق عبد الحميد السيد طلب : ١٢١.
(٢) المفصل في علم العربية : ٢٤.
(٣) شرح المفصل ، ابن يعيش ١ / ٨٣.
(٤) أسرار العربية ، ابن الأنباري ، تحقيق محمد بهجة البيطار : ٦٦.
(٥) شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ١ / ٢٢٥.
(٦) شرح الكافية ، ابن الحاجب : ٢٣ ، نقلا عن حاشية : الفوائد الضيائية ١ / ٢٧٥.
(٧) سورة الانشقاق ٨٤ : ١.
(٨) أسرار العربية : ٦٦.
التعريف.
وعرفه أبو البقاء العكبري (ت ٦١٦ ه) بأنه : «الاسم المجرد من العوامل اللفظية ، لفظا وتقديرا ، المسند إليه خبر أو ما يسد مسده» (١).
ومما قال في شرحه : «وإنما وجب أن يكون اسما ، لأنه مخبر عنه ، ولا يصح الإخبار عن غير الاسم ، وأما قولهم : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، فتقديره : أن تسمع ، فلم يخبر عن الفعل إذن.
وإنما شرط فيه التجرد من العامل اللفظي ، لأن العامل اللفظي إذا تقدم عليه عمل فيه ، ينسب إليه ، أكان فاعلا أو ما أشبهه.
وأما قولهم : بحسبك قول السوء ، فالباء زائدة ، وقد عملت في لفظ الاسم ، والموضع مرفوع ، وشرط فيه الإسناد لتحصل الفائدة» (٢).
وعرفه ابن عصفور (ت ٦٦٩ ه) بأنه : الاسم ـ أو ما هو في تقديره ـ المجعول أول الكلام لفظا أو نية ، معرى من العوامل اللفظية غير الزائدة ، المخبر عنه (٣).
والجديد في هذه الصياغة شيئان :
أولهما : بيانه أن المبتدأ كما يكون اسما صريحا ، يكون اسما مؤولا ، وقد أشار لهذا بقوله : (الاسم ـ أو ما هو في تقديره ـ) وإن كان الأفضل ترك بيانه إلى شرح التعريف.
وثانيهما : أنه قيد العوامل اللفظية بكونها (غير زائدة) ليشمل التعريف أمثال : ما في الدار من أحد ، وبحسبك درهم.
__________________
(١) اللباب في علل البناء والإعراب ، العكبري ، تحقيق غازي مختار طليمات ١ / ١٢٤.
(٢) اللباب في علل البناء والإعراب ١ / ١٢٥.
(٣) المقرب ، ابن عصفور ، تحقيق أحمد الجواري وعبد الله الجبوري ١ / ٨٢.
ويلاحظ أن الرضي لم يستحسن تقييد العوامل اللفظية بغير الزائدة ، وقال : «الأولى أن نطلق ولا نخص عاملا دون عامل ، صونا للحد عن اللفظ المجمل ، ونجيب عن قولهم : بحسبك زيد ، وما في الدار من أحد ، بزيادة الباء ومن ، فكأنهما معدومان» (١).
وتجدر الإشارة إلى أن قوله : (المجعول في أول الكلام لفظا أو نية) تكرار لما ذكره الجزولي في تعريفه الآتي من قسمة التقديم إلى تحقيقي وتقديري ، وواضح أن عبارة (المجعول في أول الكلام) مناظرة لقولهم المتقدم : (اسم ابتدأته) ، وأما تقسيم التقديم إلى تحقيقي وتقديري فهو إضافة جديدة.
وعرفه الجزولي (ت ٦٠٧ ه) بأنه : «الاسم المجعول في صدر الكلام تحقيقا أو تقديرا ، للإسناد إليه ، أو لإسناده» (٢).
ويؤخذ عليه عدم ذكره تجرد المبتدأ من العوامل اللفظية ، ولكن يسجل له أنه أدخل صياغة التعريف مرحلة جديدة ، بإشارته إلى أن المبتدأ كما يكون اسما مجردا من العوامل ، يكون وصفا مكتفى بمرفوعه في إتمام المعنى ، وقد تابعه على ذلك جميع من تأخر عنه ، وسوف يتضح مراده باستعراض التعريفات التالية.
وقال ابن الحاجب (ت ٦٤٦ ه) : المبتدأ «الاسم المجرد عن العوامل اللفظية مسندا إليه ، أو الصفة الواقعة بعد حرف النفي وألف الاستفهام رافعة لظاهر ، مثل : زيد قائم ، وما قائم الزيدان ، وأقائم الزيدان» (٣).
__________________
(١) شرح الرضي على الكافية ١ / ٢٢٤.
(٢) شرح الرضي على الكافية ١ / ٢٢٧.
(٣) شرح الرضي على الكافية ١ / ٢٢٣.
وعلق الرضي على تعريف ابن الحاجب بما يتضمن بيان الدافع لطرح هذه الصياغة ، وأنه ما تكشف للنحاة من «أن المبتدأ اسم مشترك بين ماهيتين ، فلا يمكن جمعهما في حد ، لأن الحد مبين للماهية بجميع أجزائها ، فإذا اختلف الشيئان في الماهية لم يجتمعا في حد ، فأفرد المصنف لكل منهما حدا ، وقدم منهما ما هو الأكثر في كلامهم» (١) وهو الاسم المسند إليه ، المجرد من العوامل اللفظية ، وأخر عنه الصفة الرافعة للظاهر ، «ويعني بالصفة اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة» (٢) باسم الفاعل.
وأما قوله : (رافعة لظاهر) فقد عقب عليه الجامي بأن المراد الاسم الظاهر «أو ما يجري مجراه ـ وهو الضمير المنفصل ـ لئلا يخرج عنه نحو قوله تعالى : (أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم) (٣) ، واحترز به عن نحو : أقائمان الزيدان ، لأن (أقائمان) رافع لمضمر عائد على (الزيدان) ولو كان رافعا لهذا الظاهر لم يجز تثنيته» (٤) ، أي : لم يجز تثنية الوصف ، وعليه يعرب الضمير المتصل فاعلا ، و (الزيدان) مبتدأ مؤخر ، والصفة وفاعلها خبر مقدم.
وليس صحيحا ما ذكره الرضي هنا من أن مراده «بالظاهر ما كان بارزا غير مستتر» (٥) ، لأنه شامل للضمير البارز المتصل في نحو : أقائمان الزيدان ، وأقائمون الزيدون ، وقد اتضح أنه غير داخل في الحد.
بقيت نقطة أخيرة تتعلق بما ذكر في التعريف من قوله : (الصفة
__________________
(١) شرح الرضي على الكافية ١ / ٢٢٣.
(٢) شرح الرضي على الكافية ١ / ٢٢٥.
(٣) سورة مريم ١٩ : ٤٦.
(٤) الفوائد الضيائية ، عبد الرحمن الجامي ، تحقيق أسامة طه الرفاعي ١ / ٢٧٧.
(٥) شرح الرضي على الكافية ١ / ٢٢٥.
الواقعة بعد حرف النفي أو ألف الاستفهام) ، فإنه لا خصوصية لتقدم ألف الاستفهام وحدها ، إذ المورد شامل لغيرها من أدوات الاستفهام ، نحو : هل وما ومن (١).
وعرف ابن مالك (ت ٦٧٢ ه) المبتدأ بأنه : «ما عدم حقيقة أو حكما عاملا لفظيا ، من مخبر عنه ، أو وصف سابق رافع ما انفصل وأغنى» (٢).
وقد احترز بقوله : (من مخبر عنه) من المضارع المرفوع لتجرده من الناصب والجازم ، فإنه عدم عاملا لفظيا ، لكنه ليس مخبرا عنه (٣).
أقول : لو أن ابن مالك أخذ (الاسم) جنسا في التعريف بدلا من (ما) ، لما كانت هناك حاجة للاحتراز من دخول المضارع ، ولكن يبقى القيد المذكور ضروريا لإخراج ما تقدم من الأسماء التي لا تركب مع عاملها ، ولإخراج النوع الثاني من المبتدأ ، أي : الوصف المكتفى بمرفوعه.
ويلاحظ أنه لم يقيد الوصف المبتدأ به بكونه مسبوقا بنفي أو استفهام ، ذهابا منه إلى أن هذا القيد ليس شرطا في صحة الاستعمال وجوازه ، وإنما هو شرط في حسنه واطراده (٤) ، ولذا ذكر في أرجوزته : «يجوز نحو فائز أولو الرشد» (٥). وقال ابن الناظم : إن الوصف " قد استغنى بمرفوعه عن الخبر لشدة شبهه بالفعل ، ولذا لا يحسن استعماله ولا يطرد
__________________
(١) أ ـ الفوائد الضيائية ١ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦.
ب ـ حاشية الصبان على شرح الأشموني ١ / ١٩٠.
(٢) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات : ٤٤.
(٣) شفاء العليل في إيضاح التسهيل ، السلسيلي ، تحقيق عبد الله البركاتي ١ / ٢٧١.
(٤) أ ـ تسهيل الفوائد : ٤٤.
ب ـ الفوائد الضيائية ١ / ٢٧٦.
(٥) ألفية ابن مالك وشروحها ، باب الابتداء.
في الكلام حتى يعتمد على ما يقربه من الفعل وهو النفي والاستفهام ... [وإلا] كان الابتداء به قبيحا ، وهو جائز على قبحه» (١).
ومما قاله السلسيلي في شرح تعريف ابن مالك أنه احترز بتقييد الوصف ب (سابق) من نحو : أخواك خارج أبواهما ، وبقوله : (ما انفصل) من الضمير المتصل في نحو : أقائم زيد وقاعد ، فالضمير في (قاعد) ليس فاعلا ليسد مسد الخبر ، وبقوله : (أغنى) مما لا يغني عن الخبر ، نحو : أقائم أبواه زيد ، فإن (أبواه) وإن كان مرتفعا ب (قائم) إلا أنه لا يؤلف معه كلاما يحسن السكوت عليه (٢).
وينبغي التعقيب على ما ذكره من أن مراد ابن مالك بقوله : (ما انفصل) الاحتراز عن نحو (قاعد) في المثال المذكور ، بأنه لو كان مراده ذلك ، لكان محترزا عنه بقوله (رافع) ، لأنه مبتدأ مرفوع بعامل معنوي ، وليس عامله لفظيا ليكون الوصف رافعا له ، وإنما أراد ابن مالك الاحتراز عما تقدم من الضمير المتصل في نحو : أقائمان الزيدان ، وأقائمون الزيدون.
وعرفه ابن الناظم (ت ٦٨٦ ه) بأنه : «الاسم المجرد من العوامل اللفظية غير المزيدة ، مخبرا عنه ، أو وصفا رافعا لمكتفى به» (٣).
ويلاحظ عليه :
أولا : أنه لم يذكر انقسام الاسم إلى صريح ومؤول ، ولا انقسام التجرد من العوامل إلى حقيقي وحكمي ، التفاتا منه إلى أن الموضع
__________________
(١) شرح ابن الناظم على الألفية : ٤١.
(٢) شفاء العليل في إيضاح التسهيل ١ / ٢٧١ ـ ٢٧٢.
(٣) شرح ابن الناظم على الألفية : ٤٠.
المناسب لبيانها هو شرح التعريف.
ثانيا : أنه لم يقيد المرفوع المكتفى به بكونه منفصلا ، ولعله لما ذكرناه قريبا في التعقيب على كلام السلسيلي من الاحتراز عن المتصل بقيد كون الرافع هو الوصف ، لأن المتصل المراد الاحتراز منه مرفوع بعامل معنوي هو الابتداء.
وعرفه أبو حيان (ت ٧٤٥ ه) بقوله : «المبتدأ هو المحكوم عليه ، أو الوصف المحكوم به المنتظم منه مع اسم مرفوع كلام» (١).
ويلاحظ عليه :
أولا : أنه لم يقيد المبتدأ بالتجرد عن العوامل اللفظية.
ثانيا : أن تحديده للوصف الواقع مبتدأ شامل للوصف الرافع للمبتدأ ، لتألف الكلام منهما ، مع كونه خبرا لا مبتدأ.
وعرفه ابن هشام (ت ٧٦١ ه) بأربعة تعريفات :
الأول : «المبتدأ : اسم أو بمنزلته ، مجرد من العوامل اللفظية أو بمنزلته ، مخبر عنه ، أو وصف رافع لمكتفى به» (٢).
الثاني : «المبتدأ : اسم أو ما في تأويله ، معرى من العوامل اللفظية غير الزائدة ، مخبرا عنه ، أو وصفا في قوة الفعل» (٣).
وهما متشابهان مضمونا ، إذ المراد بالوصف الذي هو في قوة الفعل ، ما يرفع فاعلا مستغنى به عن الخبر (٤).
__________________
(١) غاية الإحسان في علم اللسان ، أبو حيان ، مخطوط مصورته لدي ، الورقة ٣ / ب.
(٢) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ١ / ١٣١.
(٣) شرح اللمحة البدرية في علم العربية ، ابن هشام ، تحقيق هادي نهر ١ / ١٥٧ ـ ١٦٢.
(٤) شرح اللمحة البدرية في علم العربية ١ / ١٥٧ ـ ١٦٢.
الثالث : «المبتدأ هو الاسم المجرد عن العوامل اللفظية للإسناد» (١).
وهو مطابق لفظا للتعريف الذي طرحه الزمخشري ، لولا أن ابن هشام فسر قوله : (للإسناد) بما يجعل الحد شاملا للوصف الرافع لمكتفى به ، إذ قال : «ودخل تحت قولنا : (للإسناد) ما إذا كان المبتدأ مسندا إليه ما بعده ، نحو : زيد قائم ، وما إذا كان المبتدأ مسندا لما بعده ، نحو : أقائم الزيدان» (٢).
الرابع : «المبتدأ هو المجرد عن العوامل اللفظية ، مخبرا عنه ، أو وصفا رافعا لمكتفى به» (٣).
وبهذا يتخذ التعريف صيغته النهائية ، وهو مطابق لتعريف ابن الناظم ، إلا أنه يفضله في عدم تقييده للعوامل اللفظية بكونها غير مزيدة ، إذ لا ضرورة لذلك ما دام يمكن بيانه في الشرح بتقسيم التجرد إلى حقيقي وحكمي.
وعرفه الأزهري (ت ٩٠٥ ه) بأنه : «الاسم المرفوع المجرد من العوامل اللفظية الزائدة للإسناد» (٤).
وهو مشابه لتعريف ابن هشام الثالث ، لولا أنه قيد العوامل بالزائدة ، وأثبت رفع المبتدأ ، وهو من أحكامه التي ينبغي بيانها في شرحه.
وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن السيوطي نسب إلى النحاة تعريفهم للمبتدأ بأنه : «المجرد من عامل لفظي غير زائد ونحوه ، مخبرا عنه ...
__________________
(١) شرح قطر الندى وبل الصدى ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد : ١٦٠ ـ ١٦١.
(٢) شرح قطر الندى وبل الصدى : ١٦٠ ـ ١٦١.
(٣) شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد : ١٧٩ ـ ١٨٠.
(٤) شرح الأزهرية في علم العربية ، خالد الأزهري : ٨٠.
إلى آخره» وأشكل عليه بأنه شامل للفعل المضارع (١).
والكلام أولا : في صحة إطلاق هذه النسبة ، فإن معظم النحاة ، خاصة المعاصرين منهم للسيوطي ، عبروا عن المبتدأ بأنه (اسم) ، كما يتضح من مراجعة الحدود الواردة في هذا البحث.
وثانيا : على فرض أنهم أخذوا في جنس التعريف (ما) أو (هو) ، فهذا لا يعني شموله للفعل المضارع ، إذ هو ممنوع من الدخول بقيد (المسند إليه) أو (المخبر عنه).
* * *
__________________
(١) همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ، السيوطي ، تحقيق عبد السلام هارون وعبد العال مكرم ٢ / ٤ ـ ٥.
تاسع عشر ـ مصطلح الخبر
الخبر في اللغة : «النبأ ، والجمع أخبار ... وخبره بكذا وأخبره : نبأه» (١).
وقد استعملت كلمة (الخبر) في كتاب سيبويه بمعناها الاصطلاحي إلى جانب (المسند) و (المبني على المبتدأ) (٢) ، وعبر ابن السراج عن الخبر أيضا بالمبني على المبتدأ (٣) ، قبل أن ينفرد لفظ (الخبر) بعنوان المعنى الاصطلاحي.
وأقدم ما عثرت عليه من تعريفات (الخبر) ما ذكره ابن السراج (ت ٣١٦ ه) بقوله : «والاسم الذي هو خبر المبتدأ هو الذي يستفيده السامع ، ويصير المبتدأ به كلاما» (٤).
ويلاحظ عليه أن ما يصير به المبتدأ كلاما شامل للجملة بنوعيها ، فلا يحسن حصره بخصوص الاسم ، وكأن ابن الحاجب قد اعتذر عن ذلك بقوله : «وخبر المبتدأ وإن كان يكون فعلا وجارا ومجرورا أو جملة اسمية ، راجع إلى كونه اسما في التقدير ، ولذلك اغتفر قولهم فيه : إنه اسم» (٥).
وعرفه ابن جني (ت ٣٩٢ ه) بأنه : «كل ما أسندته إلى المبتدأ
__________________
(١) لسان العرب ، ابن منظور ، مادة (خبر).
(٢) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون ١ / ٢٢ و ٢ / ١٢٦.
(٣) الأصول في النحو ، ابن السراج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي ١ / ٥٥.
(٤) الأصول في النحو ، ابن السراج ١ / ٦٧.
(٥) الإيضاح في شرح المفصل ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى بناي العليلي ١ / ١٨٠.
وحدثت به عنه» (١).
وقوله : (ما) في جنس التعريف يجعله شاملا لنوعي الخبر : المفرد والجملة.
وعرفه ابن يعيش (ت ٦٤٣ ه) بقوله : «خبر المبتدأ هو الجزء المستفاد الذي يستفيده السامع ، ويصير مع المبتدأ كلاما تاما» (٢).
وهو مقارب لتعريف ابن السراج ، وإن كان يفضله بأخذه (الجزء) بدلا عن (الاسم) في جنس التعريف ، لأنه أنسب بقسمة الخبر ـ بعدئذ ـ إلى مفرد وجملة ، وأما قوله : (المستفاد) ، فيمكن الاستغناء عنه بما بعده.
وعرفه ابن الحاجب (ت ٦٤٦ ه) بأنه : «المجرد المسند المغاير للوصف الرافع لمكتفى به» (٣).
وقوله : (المجرد) يريد به المجرد من العوامل اللفظية ، بناء منه على أن العامل في الخبر معنوي وهو الابتداء ، وقوله : (المسند) مخرج للمبتدأ ، وقوله : (المغاير للوصف ... إلى آخره) مخرج للنوع الثاني من المبتدأ ، ذلك أن المبتدأ نوعان : مبتدأ له خبر ، ومبتدأ له فاعل أو نائب فاعل يسد مسد الخبر في إتمام معنى الكلام ، وهو : اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة باسم الفاعل (٤) ، فقولنا : (قائم) في جملة : (أقائم زيد) وإن ماثل الخبر في كونه مجردا مسندا ، إلا أنه لا يعرب خبرا ، بل هو مبتدأ
__________________
(١) اللمع في العربية ، ابن جني ، تحقيق فائز فارس : ٢٦.
(٢) شرح المفصل ، ابن يعيش ١ / ٨٧.
(٣) شرح الرضي على الكافية ١ / ٢٢٣ ـ ٢٢٨ ، ونص عبارة ابن الحاجب : «المجرد المسند المغاير للصفة المذكورة» ، ومراده المذكورة في تعريفه للمبتدأ ، وهي : الرافعة لمكتفى به.
(٤) شرح الرضي على الكافية ١ / ٢٢٥.
أسند إلى فاعل يسد مسد الخبر.
وعقب عليه الجامي بأن : المراد بالمسند هو خصوص المسند إلى المبتدأ ، فيخرج به النوع الثاني للمبتدأ ، [لأنه مسند إلى الفاعل] بلا حاجة لقيد جديد ، فيكون قوله : (المغاير للوصف ... إلى آخره) تأكيدا (١) ، وليس قيدا احترازيا.
وعرفه ابن عصفور (ت ٦٦٩ ه) بأنه : «الجزء المستفاد من الجملة الابتدائية» (٢) ، أي : هو الجزء الذي تتم به فائدة الجملة المؤلفة من المبتدأ والخبر.
ويلاحظ أنه لم يقيد الخبر بالتجرد من العوامل اللفظية ، ولعله بناء منه على أن الرافع للخبر عامل لفظي هو المبتدأ ، ولم يحترز من دخول الوصف المذكور ، إذ لا تتم به الفائدة مع المبتدأ ، بل هو نفسه مبتدأ يحتاج لإتمام فائدته إلى مرفوع يسد مسد الخبر.
وعرفه ابن مالك (ت ٦٧٢ ه) بأنه : «الجزء المتم الفائدة» (٣) مع المبتدأ.
وعرفه ابن الناظم (ت ٦٨٦ ه) بنفس المضمون ، وأنه : «ما تحصل به الفائدة مع المبتدأ» (٤).
ويلاحظ على التعريفات الثلاثة الأخيرة أنها غير مانعة من دخول مرفوع النوع الثاني للمبتدأ ، مع أنه لا يعرب خبرا ، بل سادا مسده.
__________________
(١) الفوائد الضيائية ، عبد الرحمن الجامي ، تحقيق أسامة طه الرفاعي ١ / ٢٧٨.
(٢) المقرب ، ابن عصفور ، تحقيق أحمد الجواري وعبد الله الجبوري ١ / ٨٢.
(٣) ألفية ابن مالك ، باب الابتداء.
(٤) شرح ابن الناظم على الألفية : ٤٢.
أما أبو حيان (ت ٧٤٥ ه) فقد عرف الخبر بأنه : «التابع اللازم رفعه المستقل به فائدة الإسناد» (١).
ويلاحظ عليه أن كون الخبر تابعا لما قبله في إعرابه ، وأنه ملازم للرفع ، هو من أحكام الخبر ، لا من ذاتياته لكي تذكر في حده.
وعرفه ابن هشام (ت ٧٦١ ه) بأنه : «الجزء الذي حصلت به الفائدة مع مبتدأ غير الوصف المذكور» (٢) ، وتابعه عليه الأشموني (ت ٩٠٠) (٣).
وقوله : (غير الوصف المذكور) احتراز من دخول المرفوع الذي يسد مسد الخبر في النوع الثاني للمبتدأ (٤).
وعرفه الأزهري (ت ٩٠٥ ه) بأنه : «الاسم المسند إلى المبتدأ» (٥).
وهي أخصر صياغة لحد الخبر ، وليست بحاجة إلى قيد احترازي عن دخول مرفوع الوصف الواقع مبتدأ ، لأنه ليس مسندا للوصف ، بل الوصف هو المسند إلى المرفوع.
ولو أنه قال : هو المسند إلى المبتدأ ، لكان أولى وأنسب لتقسيم الخبر إلى مفرد وجملة.
* * *
__________________
(١) غاية الإحسان في علم اللسان ، أبو حيان النحوي ، مخطوط ، ٣ / ب.
(٢) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ١ / ١٣٧.
(٣) شرح الأشموني على الألفية ١ / ٩٠.
(٤) حاشية الصبان على شرح الأشموني ١ / ١٩٤.
(٥) شرح الأزهرية في علم العربية ، خالد الأزهري : ٨١.