الفريضة ، وهل يكون مؤديا للجميع أو قاضيا للجميع أو مؤديا لتلك الركعة وقاضيا لما عداها؟
قال الشيخ بالأول ، لما رواه الأصبغ بن نباته ، قال : «قال أمير المؤمنين عليهالسلام : من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس ، فقد أدرك الغداة كملا» (٩) واختاره المصنف والعلامة.
وقال السيد المرتضى بالثاني ، لأن آخر العبادة مقابل لآخر الوقت فالركعة الأولى قد فعلت في آخر الوقت ، وليس ذلك وقتا لها ، فتكون قضاء ، وكذا باقي الركعات.
والقول الثالث نقله الشيخ في الخلاف عن بعض أصحابنا ، وحجة القائل به : أن ما عدا الركعة لم يأت به في الوقت فيكون قضاء.
قال رحمهالله : الصبي المتطوّع بوظيفة الوقت ، إذا بلغ بما لا يبطل الطهارة والوقت باق استأنف على الأشبه.
أقول : إذا بلغ الصبي في أثناء الصلاة بما لا يفسدها كإكمال الخمسة عشر سنة ، أو إنبات الشعر.
قال الشيخ في المبسوط : يجب عليه إتمام الصلاة ، لأنها صلاة شرعية ، فلا يجوز إبطالها ، لقوله تعالى (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) (١٠) وإذا وجب إتمامها سقط الفرض بها لامتثال الأمر.
وقال في الخلاف : إن كان الوقت باقيا أعاد الصلاة من أولها ، واختاره المصنف والعلامة ، لأنّه بعد البلوغ مخاطب بالصلاة والوقت باق فيجب عليه الإتيان بها ، وما فعله أولا غير واجب ، فلا يحصل به الامتثال.
__________________
(٩) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٣٠ من أبواب المواقيت ، حديث ٢.
(١٠) محمد : ٣٣.
قال رحمهالله : وإن كان الوقت قد دخل وهو متلبس ولو قبل التسليم لم يعد على الأظهر.
أقول : إذا صلّى ظانا دخول الوقت ، ثمَّ تبين الوهم ، أعاد صلاته ، فإن دخل الوقت وهو متلبس ، قال أكثر الأصحاب بالأجزاء ، لأنه مأمور بالصلاة عند غلبة الظن ، إذ مع الاشتباه لا يجوز التكليف بالعلم ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق.
وأوجب السيد المرتضى عليه الإعادة ، وتابعه العلامة ، في المختلف ، لأنه مأمور بإيقاع الصلاة في الوقت إجماعا ، ولم يمتثل الأمر فيبقى في العهدة ، ولأن الصلاة قبل دخول الوقت منهيّ عنها ، والنهي في العبادة يدل على الفساد.
قال رحمهالله : لو ظنّ أنّه صلّى الظهر فاشتغل بالعصر ، فإن ذكر وهو فيها عدل بنيته ، وإن لم يذكر حتى فرغ ، فإن كان قد صلّى في أول وقت الظهر أعاد بعد أن يصلّي على الأشبه.
أقول : هذه المسألة فرع على مسألة غيرها ، وهي أن الظهر هل تختص من أول الوقت بمقدار أربع ركعات أو الوقت كله مشترك بينها وبين العصر؟ فيه خلاف ، والمشهور الاختصاص ، لأنّ القول باشتراك الوقت بين الصلاتين يستلزم تكليف ما لا يطاق ، أو خرق الإجماع ، لأن التكليف حين الزوال إما أن يقع بالعبادتين معا ، أو بواحدة لا بعينها ، أو بواحدة معينة.
والأول يستلزم تكليف ما لا يطاق ، إذ لا يتمكن المكلف من إيقاع عبادتين متضادتين في وقت واحد ، والثاني : يستلزم خرق الإجماع ، إذ لا خلاف في كون الظهر مرادة بعينها حين الزوال ، والثالث : يستلزم المطلوب أو
خرق الإجماع ، لأنّ تلك المعينة إن كانت الظهر لزم المطلوب ، وان كانت العصر لزم خرق الإجماع.
وقال محمد بن بابويه بالاشتراك لقوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) (١١) ، والمراد هنا إما الظهر والعصر ، أو المغرب والعشاء معا ، وليس المراد إحداهما ، وإلّا لامتد وقتها من الزوال إلى الغسق ، وهو باطل بالإجماع ، ولما رواه زرارة عن الصادق عليهالسلام : «قال : سألته عن وقت الظهر والعصر؟ قال إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا ، إلّا أن هذه قبل هذه ، ثمَّ أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس» (١٢). فاذا تقرر هذا ظهر فائدة الخلاف في مسائل :
الأولى : ما قاله المصنف ، وهو إذا ظنّ أنه صلّى الظهر فاشتغل بالعصر ثمَّ ذكر بعد الفراغ ، صحت صلاته وإن كان في أول الوقت ، لوقوعها في وقتها ثمَّ يأتي بالظهر ، والإخلال بالترتيب هنا غير مضرّ لسقوطه حال النسيان ، وعلى القول بالاختصاص ، لم يصح إذا كانت في أول الوقت ، لوقوعها في غير وقتها.
الثانية : لو ظنّ ضيق الوقت إلّا عن قدر العصر تعينت للأداء ، فلو تبين بعد أدائها أن الوقت يسع أربعا صارت الظهر قضاء على القول بالاختصاص ، وعلى الاشتراك تكون أداء ولو بقي مقدار ركعة.
الثالثة : إذا أدرك قبل انتصاف الليل مقدار أربع ركعات وجب العشاءان على القول بالاشتراك ، وعلى الاختصاص يجب العشاء لا غير.
__________________
(١١) الاسراء : ٧٨.
(١٢) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٤ من أبواب المواقيت ، حديث ٥ ، وفيه : عن عبيد بن زرارة.
في القبلة
قال رحمهالله : القبلة هي الكعبة لمن كان في المسجد ، والمسجد لمن كان في الحرم ، والحرم لمن خرج عنه على الأظهر.
أقول : هذا مذهب الشيخين ومن تابعهما ، وقال المرتضى : القبلة هي الكعبة ، ويجب التوجه إليها بعينها إن أمكنه ذلك بالحضور والقرب ، وإن كان بعيدا يجزي جهتها ، وصلّى إلى ما يغلب على ظنّه أنّه جهة الكعبة ، وهو مهذب ابن الجنيد وابن إدريس والعلامة للاحتياط ، لأنّ التوجه إلى الكعبة أو جهتها مع العبد يستلزم التوجه إلى الحرم.
قال رحمهالله : ولو صلّى على سطحها ابرز بين يديه منها ما يصلي إليه ، وقيل : يستلقي على ظهره ويصلي إلى البيت المعمور ، والأول أصح.
أقول : الاستلقاء مذهب الشيخ في النهاية والخلاف لرواية عبد السلام (١٣) ، عن الرضا عليهالسلام.
وقال ابن إدريس : يصلي قائما ويبرز بين يديه منها شيئا ، واختاره
__________________
(١٣) الوسائل ، كتاب الطهارة ، باب ١٩ من أبواب القبلة ، حديث ٢.
المتأخرون لقوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (١٤) وهو عام ، ولأنّ القيام شرط في الصلاة وركن فيها ، ولا يصح مع عدمه اختيارا ، ولأنّ التوجه إنما هو إلى جهة الكعبة ، وهو حاصل لمن صلّى فوقها ، كما لو صلّى على جبل أبي قبيس.
قال رحمهالله : ولو اجتهد فأخبره غيره بخلاف اجتهاده ، قيل : يعمل على اجتهاده ، ويقوى عندي أنه إذا كان ذلك المخبر أوثق في نفسه عوّل عليه.
أقول : القادر على العلم بالكعبة ليس له الاجتهاد كالمشاهد لها ، كأن يكون في المسجد الحرام أو في حكم المشاهد كالأعمى وهو فيه ، ولو كان في المسجد وبينه وبين الكعبة حائل ، أو خارج المسجد بحيث لا يخفى عليه الكعبة كأهل مكة ، فإنّه يجب عليه العلم باليقين ولو بالصعود على مرتفع كالسطح والجبل ، وكذلك المصلّي في محراب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو قبلة نصبها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو أحد الأئمة عليهمالسلام.
والقادر على الاجتهاد العارف بعلامات القبلة ليس له التقليد ، والعاجز عن الاجتهاد يقلد العدل العارف ولو كان امرأة أو عبدا ، ولو اجتهد فأخبره غيره بخلاف اجتهاده ، قيل : يعمل على اجتهاده ، لأنّ القادر على الاجتهاد ليس له التقليد ، وقال المصنف : إن كان ذلك أوثق في نفسه عوّل عليه ، لأنّ الاجتهاد إنما يفيد الظن ، وقول ذلك المخبر يفيد الظن أيضا ، فيعوّل على أقوى الظنين.
فروع :
الأول : إذا صلّى من فرضه التقليد كالأعمى والعامي ـ وهو غير العارف
__________________
(١٤) البقرة : ٤٤ ، ٤٩ ، ٥٠.
بالأمارات ـ فأخبره آخر بالخطإ ، فإن كان أخبره عن اجتهاد بعد الفراغ لم يلتفت مطلقا ، وإن كان في الأثناء وكان الثاني أعدل أو أعلم (١٥) بالأمارات انحرف ، ولو افتقر الى العدول (١٦) الكثير استأنف ، ولو تساويا أو شك في الرجحان لم يلتفت أيضا ، وإن كان إخباره عن يقين استدرك ما يجب عليه ، وإن كان في الأثناء وهو مستدبر استأنف ، وإن كان متيامنا أو متياسرا انحرف ، ما لم يفتقر إلى فعل كثير ، فيستأنف أيضا ، وإن كان بعد فراغه ، فإن كان مستدبرا أعاد مطلقا ، وان كان بين الشرق والغرب فلا إعادة في الوقت ولا خارجه ، وإن كان إليهما أعاد في الوقت خاصة ، وكذا قيل في المستدبر يعيد في الوقت خاصة ، والأول أحوط.
الثاني : إذا اختلف المخبرون قلد المخبر عن يقين دون المجتهد ، ولو كانا مجتهدين أخذ بقول الأعلم منهما ، فإن تساويا في العلم أخذ بقول الأعدل ، فإن تساويا تخيّر ، ولو كان أحدهما أعلم والآخر أعدل أخذ بقول العالم إذا كان عدلا.
الثالث : مع فقد العدل يقلد الفاسق إذا أفاد قوله الظن لا بدونه.
الرابع : التعويل على قبلة البلد ـ إذا لم يعلم بناؤها على الخطأ ـ مقدم على الاجتهاد ، وله أن يجتهد في التيامن والتياسر فيها.
الخامس : لو دخل بلدا خرابا فوجد فيه مساجد ومحاريب ولم يعلم الواضع لها ، لم يكن له الصلاة إليها لجواز أن يكون بناها المشركون ، ووجب عليه الاجتهاد.
__________________
(١٥) في «ر ٢» : (وأعلم).
(١٦) في هامش «ن» : الفعل.
تذنيب : العلم بدلائل القبلة واجب على الأعيان ، لأنّه من واجبات الصلاة.
ويحتمل وجوبه على الكفاية ، لأنّه من دقائق الفقه ، وهي غير واجبة على الأعيان.
ولكل إقليم علامات ، فللعراق جعل الجدي خلف المنكب الأيمن ، وعين الشمس عند الزوال على طرف الحاجب الأيمن مما يلي الأنف.
وللشام ومن وراءهم جعل الجدي طالعا خلف المنكب الأيسر ، والمراد بطلوع الجدي حال علوّه على الفرقدين ، وجعل سهيل طالعا بين العينين ، وغاربا على العين اليمنى.
وللمغرب والحبشة وما وراء ذلك جعل مطلع الثريّا على اليمين ، والعيوق على اليسار ، والجدي على الخد الأيسر.
ولليمن ومن ورائهم جعل الجدي طالعا بين العينين ، وسهيل غاربا بين الكتفين.
وللبحرين وعمان وجزائر جرون جعل الجدي على الكتف الأيمن ، ومغيب سهيل على العين اليسرى.
وللسند وجزائر الهند وما وراء ذلك جعل بنات نعش على الخد الأيمن ، ومطلع الصليب على فقار الظهر ، ومغيبه على الخد الأيسر.
وللبصرة وفارس وأصفهان وكرمان والأهواز وما وراء ذلك الى الصين جعل الجدي على الاذن اليمنى ، ومطلع النسر الطائر على فقار الظهر.
ولخوارزم والري ونيشابور وخراسان وما وراء ذلك جعل الجدي على الخد الأيمن ، ومغيب الصليب على العين اليسرى.
قال رحمهالله : ولو كان الراكب بحيث يتمكن من الركوع أو السجود
في فرائض الصلاة ، هل يجوز له الفريضة على الراحلة اختيارا؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو الأشبه.
أقول : وجه المنع عموم (١٧) النهي عن الصلاة على الراحلة اختيارا ، ووجه الجواز القدرة على فعل الصلاة بجميع وجوهها المعتبرة.
قال رحمهالله : إذا صلّى إلى جهة إما لغلبة الظن أو لضيق الوقت ثمَّ تبيّن خطؤه ، فإن كان منحرفا يسيرا فالصلاة ماضية ، وإلّا أعاد في الوقت ، وقيل : إن بان أنه استدبر أعاد وإن خرج الوقت ، والأول أظهر.
أقول : إذا اجتهد وظن القبلة ، ثمَّ تبين الخطأ بعد فراغه ، قال الشيخ : فإن كان في الوقت أعاد الصلاة على كل حال ، وإن كان قد مضى فلا إعادة عليه إلا أن يكون قد استدبر القبلة فإنه يعيد على الصحيح من المذهب ، وبه قال المفيد وسلار وابن البراج.
وقال السيد المرتضى وابن إدريس : ان كان الوقت باقيا أعاد ، وان كان قد خرج فلا إعادة عليه وإن كان مستدبرا.
وقال العلامة : إن كان بين المشرق والمغرب فلا اعادة مطلقا ، لرواية معاوية بن عمار (١٨) عن الصادق عليهالسلام ، وإن كان الى المشرق أو المغرب أو استدبر أعاد في الوقت لا خارجه.
أمّا الإعادة في الوقت لأنّه لم يأت بالمأمور به والوقت باق ، فلم يبرأ من العهدة ، وأمّا عدم الإعادة في الخارج لأنّه امتثل المأمور به ، فيخرج من العهدة ، لأنّه عند غلبة الظن بالقبلة مأمور بالتوجه إليها إجماعا ، وقد فعل ، فيتحقق الامتثال.
__________________
(١٧) راجع الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١٤ من أبواب القبلة.
(١٨) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١٠ من أبواب القبلة ، حديث ١.
لا يقال : هذا وارد في الوقت أيضا ، لأنّا نقول : الفرق ظاهر ، لأنه في الوقت قد تبين الخطأ وانما يخرج من العهدة بالظن مع استمراره لا مع ظهور خطأه والوقت باق ، وأمّا مع خروج الوقت فالأمر قد سقط ، لأنه مقيد في الوقت ، والقضاء إنما يجب بأمر جديد ولم يثبت.
في لباس المصلي
قال رحمهالله : وهل يفتقر استعماله في غيرها إلى الدباغ؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو الأشبه على كراهية.
أقول : جلد ما لا يؤكل لحمه من الحيوانات الطاهرة في حياتها كالسباع يجوز استعمالها مع التذكية في غير الصلاة ، واشترط الشيخ في الجواز الدبغ ، وكذلك السيد المرتضى لوقوع الإجماع على الجواز بعده ، فلا دليل على جوازه قبله.
والجواز قبل الدبغ مذهب المصنف والعلامة ، لأنّه ذكي ، وإلّا لكان ميتة فلا يطهر بالدباغ.
قال رحمهالله : وما كان نجسا في حال حياته فجميع ذلك منه نجس على الأظهر.
أقول : تقدمت هذه المسئلة في باب النجاسات (١٩).
__________________
(١٩) ص ١٠٠.
قال رحمهالله : وفي المغشوش منه بوبر الأرانب والثعالب روايتان ، أصحهما المنع.
أقول : تجوز الصلاة في وبر الخزّ الخالص إجماعا ، وفي جلده على خلاف ، ولم يحصل الفرق بين الوبر والجلد إلّا هنا ، فلو كان وبر الخزّ مغشوشا بوبر الأرانب والثعالب ففيه روايتان :
إحداهما جواز الصلاة ، وهي رواية ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، «قال : سألته عن الصلاة في جلود الثعالب؟ قال :
إن كانت ذكية فلا بأس» (٢٠).
وأما رواية الأرانب فما رواه محمد بن إبراهيم ، «قال : كتبت إليه أسأله عن جلود الأرانب؟ فكتب : مكروه» (٢١) ولم يقل أحد من الأصحاب بالجواز ، وإنما الخلاف في الروايات ، والروايات (٢٢) المتضمنة للمنع كثيرة.
قال رحمهالله : تجوز الصلاة في فرو السنجاب فإنه لا يأكل اللحم ، وقيل : لا يجوز ، والأول أظهر ، وفي الثعالب والأرانب روايتان أصحهما المنع.
أقول : روايتا الثعالب والأرانب تقدمتا (٢٣) ، واما السنجاب ففيه خلاف ، والجواز مذهب الشيخ في كتاب الصلاة من النهاية ، واختاره المصنف والعلامة في أكثر كتبه لما رواه مقاتل بن مقاتل ، «قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الصلاة في السمور والسنجاب والثعالب؟ فقال : لا خير في ذلك
__________________
(٢٠) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٧ من أبواب لباس المصلي ، حديث ٩.
(٢١) المصدر السابق ، حديث ٢.
(٢٢) أنظر روايات الباب المتقدم.
(٢٣) تقدم في المسألة السابقة.
كله ما خلا السنجاب ، فإنه دابة لا تأكل اللحم» (٢٤).
والمنع مذهب الشيخ في الخلاف وابن إدريس ، واختاره العلامة في المختلف وأبو العباس في المقتصر ، والمستند الروايات (٢٥).
قال رحمهالله : وفيما لا تتم الصلاة فيه منفردا ، كالتكّة والقلنسوة تردد ، والأظهر الكراهة.
أقول : الجواز مذهب الشيخ وابن إدريس ، وعدمه مذهب محمد بن بابويه ، واختاره العلّامة في المختلف ، وهو أحوط ، ودليل الفريقين الروايات (٢٦) ، وتردد المصنف لعدم رجحان احد الطرفين عنده.
قال رحمهالله : ويجوز الركوب عليه وافتراشه على الأظهر.
أقول : جواز القيام عليه حالة الصلاة وغيرها مذهب أكثر الأصحاب للأصل (٢٧) ، ومنع بعضهم لعموم (٢٨) المنع من لبسه ، قال العلامة في نهايته (٢٩) : وليس بمعتمد ، لأنّ المنع من لبسه لا يقتضي المنع من الافتراش ، لافتراقهما في المعنى.
قال رحمهالله : ولا يجوز للمرأة إلّا في ثوبين : درع وخمار ساترة جميع جسدها عدا الوجه والكفين وظاهر القدمين على تردد في القدمين.
أقول : اختلف الأصحاب فيما يجب على المرأة ستره حالة الصلاة على
__________________
(٢٤) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٣ من أبواب لباس المصلي ، حديث ٢.
(٢٥) انظر الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٢ من أبواب لباس المصلي.
(٢٦) انظر الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١٤ من أبواب لباس المصلي.
(٢٧) (الأصل) من «ن».
(٢٨) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١١ من أبواب لباس المصلي.
(٢٩) (في نهايته) من «ن».
ثلاثة أقوال :
الأول : إنه جميع بدنها ما عدا الوجه فقط ، وهو مذهب الشيخ في الاقتصاد ، لأنّه قال فيه : وأما المرأة الحرّة فإنّ جميعها عورة يجب عليها ستره في الصلاة ، ولا تكشف غير الوجه فقط ، وهذا يقتضي منع كشف القدمين والكفين.
الثاني : إنّه الجسد دون الرأس إلا أن يكون هناك ناظر ليس بمحرم وهو قول أبي علي ، ومستنده رواية عبد الله بن بكير (٣٠).
الثالث : إنّه الجسد والرأس دون الوجه والكفين والقدمين ، وهو قول الشيخ في المبسوط ، واختاره العلّامة وأبو العباس.
قال العلّامة : لأنّ الكفّين ليستا من العورة ، إذ الغالب كشفهما دائما لإمساس الحاجة إلى ذلك للأخذ والعطا وقضاء المهام ، وكذا حكم القدمين ، بل كشفهما أغلب في العادة.
تنبيه : الوجه الذي يجوز كشفه هو محل الوضوء خاصة ، ويجب ستر باطن الذقن وجميع الرقبة.
فروع :
الأول : لا يجب الستر من تحت ، قاله الشهيد واختاره أبو العباس ، وقال العلامة في التذكرة ، ولو كان على سطح ترى عورته من أسفل لم تصح صلاته لعدم الستر ، وقال الشافعي : تصح ، لأن الستر إنما يلزم من الجهة التي يعتاد النظر اليه منها ، والنظر من أسفل لا يعتاد.
الثاني : لو انكشفت عورة المصلّي ولم يعلم حتى فرغ ، صحت صلاته
__________________
(٣٠) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٢٩ من أبواب لباس المصلي ، حديث ٥.
سواء طالت المدة أو قصرت ، قليلا كان الكشف أو كثيرا ، لاستحالة تكليف الغافل ، ولو علم في الأثناء ، قال في المبسوط : لا تبطل ، واختاره الشهيد ، بل يجب عليه المبادرة إلى الستر ، وقال العلامة : تبطل ، لأنّ الستر شرط وقد فات ، وعلى القول بالبطلان يحكم به من حين الرؤية فتصح صلاة المأموم إذا نوى الانفراد حينئذ.
الثالث : لو ظن العاري وجود الساتر في الوقت ، وجب التأخير ، وإن لم يظن لا يجب عند الشيخ تحصيلا لفضيلة أول الوقت ، واختاره العلّامة ، وقال السيّد المرتضى بالوجوب مطلقا.
الرابع : لو لم يجد الثوب استتر بالحشيش ، فان فقده ووجد وحلا أو ماء كدرا يستر عورته لو نزله ، وجب نزوله ويصلي موميا.
الخامس : لو لم يجد غير الطين وجب عليه ان يطين عورته ويجب في الستر بالطين مواراة اللون والحجم مع المكنة فإن تعذرا اكتفى بستر اللون خاصه ، ويومي هنا ، دون ستر اللون والحجم الّا أن لا يأمن تناثره فيومي أيضا.
السادس : لو وجد حفرة ولجها ، ويصلي قائما مع أمن المطّلع ، ويركع ويسجد عند العلّامة ، وذهب بعضهم إلى الإيماء.
السابع : لو لم يجد غير الحرير صلّى عاريا إلّا لضرورة ، ولو اضطر الى الحرير وجلد غير مأكول اللحم قدم الحرير ويقدم النجس عليهما.
في المكان
قال رحمهالله : ولا يجوز أن يصلّي وإلى جانبه امرأة تصلّي أو أمامه ، سواء صلّت بصلاته أو كانت منفردة ، وسواء كانت محرما أو أجنبية ، وقيل :
ذلك مكروه ، وهو الأشبه.
أقول : التحريم مذهب الشيخ والمفيد رحمهماالله ، لرواية عمار (٣١) ، عن ابي عبد الله عليهالسلام وللاحتياط ، والكراهة مذهب السيد والمصنف ، واختاره أكثر المتأخرين للأصل ، ولرواية جميل (٣٢) عن أبي عبد الله عليهالسلام.
فرع : على القول بالمنع يشترط صحة صلاتها ، فلو كانت حائضا أو غير متطهرة أو تلحن في القراءة مع القدرة على التعلم لم تؤثر صلاتها في صلاته.
قال رحمهالله : ويكره ان تكون بين يديه نار مضرمة على الأظهر.
أقول : المشهور بين الأصحاب الكراهية في هذه المواضع التي عددها
__________________
(٣١) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٦ من أبواب مكان المصلي ، حديث ٤.
(٣٢) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٦ من أبواب مكان المصلي ، حديث ٣.
المصنف كلها ، وقال أبو الصلاح : ولا يحل ذلك كله ، قال : ولنا في فساد هذه الصلاة نظر ، والمستند الروايات (٣٣).
قال رحمهالله : وقيل تكره إلى إنسان مواجه أو باب مفتوح.
أقول : قال أبو الصلاح : يكره الصلاة الى إنسان مواجه ، قال : ولا يجوز التوجه الى الباب والسلاح المشهور ، والمصحف المنشور ، قال : ولنا في فساد الصلاة إلى شيء من هذه نظر ، والمشهور الكراهية.
قال رحمهالله : في القطن والكتان روايتان ، أشهرهما المنع.
أقول : للسيّد المرتضى قول بجواز السجود على الثوب المعمول من القطن والكتان ، لرواية داود الصرمي (٣٤) ، والمشهور المنع.
__________________
(٣٣) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٢٧ و ٣٠ و ٣١ و ٣٢ من أبواب مكان المصلي.
(٣٤) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٢ من أبواب ما يسجد عليه ، حديث ٦. وفي نسخة «ن» و «ر ١» : (الحضرمي) ، وفي «ي ١» : (الصيرفي) ، بدل : (الصرمي).
في الأذان والإقامة
قال رحمهالله : وقيل : هما شرط في الجماعة ، والأول أظهر.
أقول : أوجب الشيخان رحمهماالله الأذان والإقامة في صلاة الجماعة ، والسيد أوجب الأذان في صلاة الصبح والمغرب على الرجال حضرا وسفرا وفي الجماعة على الجميع ، وأوجب الإقامة في كل فريضة.
ومذهب الشيخ في الخلاف الاستحباب مطلقا ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلّامة للأصل ، ومستند الجميع الروايات (٣٥).
تنبيه : المراد بالوجوب في الجماعة ، الشرطية في فضيلة الصلاة لا في صحة الصلاة ، قال الشيخ في المبسوط : لو صلّى جماعة بغير أذان ولا إقامة لم تحصل فضيلة الجماعة ، والصلاة ماضية.
قال رحمهالله : ولو صلّى منفردا ولم يؤذن ساهيا رجع الى الأذان مستقبلا صلاته ما لم يركع ، وفيه رواية أخرى.
أقول : مذهب الشيخ في النهاية ان المتعمد لترك الأذان والإقامة يرجع
__________________
(٣٥) انظر الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١ وباب ٤ وباب ٦ وباب ٧ من أبواب الأذان.
ما لم يركع ، واختاره ابن إدريس ، ومذهب السيد في المصباح رجوع الساهي دون العامد ، واختاره المصنف والعلّامة ، لأنّ الأذان والإقامة من وكيد السنن ، والمحافظة عليهما يقتضي تداركهما مع النسيان ، لأنّه محل العذر ، ومع تعمد الترك يكون قد دخل في الصلاة دخولا مشروعا غير مريد للفضيلة ، فلا يجوز له الابطال لقوله تعالى (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) (٣٦).
وانما يستحب الرجوع مع ترك الأذان والإقامة معا ، فلو أتى بالإقامة حرم الرجوع إجماعا.
قال رحمهالله : والأذان على الأشهر ثمانية عشر فصلا.
أقول : هذا هو المشهور بين الأصحاب لا يختلفون فيه ، وانما الخلاف في الروايات ، ففي رواية الحضرمي (٣٧) ، عن ابي عبد الله عليهالسلام : اثنان وأربعون ، يجعل التكبير في آخر الأذان كأوله ومساواة الإقامة للأذان ، وفي رواية أخرى (٣٨) : أربعة وثلاثون ، يجعل فصول كل منهما مثنى مثنى ، وفي رواية (٣٩) : تسعة وعشرون (٤٠) يجعل للإقامة مرة مرة إلّا التكبير فإنّه مثنى مثنى.
قال رحمهالله : ولو ارتدّ في أثناء الأذان ثمَّ رجع استأنف على قول.
أقول : يعتبر في المؤذّن الإسلام والعقل ، فلو ارتد في أثناء الأذان ثمَّ رجع استأنف إن طال الزمان ، بحيث يخرج عن الموالاة ، ولو حصلت الموالاة تمم ، ولو كان الارتداد بعد الكمال لم يؤثر في الأذان شيئا ، وأقام غيره.
__________________
(٣٦) محمد : ٣٣.
(٣٧) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١٩ ، حديث ٩ ، ما ذكره المصنف غير ظاهر منها.
(٣٨) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١٩ من أبواب الأذان والإقامة ، حديث ٤ وحديث ٨.
(٣٩) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٢٢ من أبواب الأذان والإقامة ، حديث ٣.
(٤٠) في «ن» و «ر ١» : سبعة وعشرون.