الجميع (١) فلو قال : له درهمان ودرهمان إلّا درهمين ، لزمه أربعة ، وعلى الثاني اثنان.
ولو قال له درهمان ودرهم إلّا درهما ، لزمه ثلاثة ، وعلى الثاني درهمان.
ولو قال : درهم ودرهم إلّا درهما ، لزمه درهمان ، وعلى الثاني درهم.
الثالثة : يجوز الاستثناء من الأعيان مثل : له هذه الدار إلّا هذا البيت ، أو هذا الخاتم إلّا فصّه ، ومثله لو قال : له هذه الدار والبيت لي ، وله الخاتم والفصّ لي ، لأنّه إخبار لا إنكار ، والكلام لا يتمّ إلّا بآخره.
ولو قال : له هؤلاء العبيد إلّا هذا العبد صحّ ، وخرج من الإقرار ، ولو قال :
__________________
(١) قال في جامع المقاصد : ٩ / ٢٩٧ : اختلف في أنّ الاستثناء الواقع بعد جمل هل يرجع إلى الجميع أم يختص بالأخيرة؟ فقال جمع ـ منهم الشافعي ـ بالأوّل ، وقال آخرون بالثاني وهو قول أبي حنيفة وقال السيد المرتضى بالاشتراك ، وفصّل أبو الحسين بأنّه إن ظهر الإضراب عن الأولى بأن يختلفا نوعا ـ سواء اتّحدت القضيّة كالقذف ، أو لا كقوله : أكرم ربيعة والعلماء هم الفقهاء ـ أو اسما وحكما ويتّحد النوع مثل : أكرم ربيعة وأطعم مضر إلّا الطوال أو أحدهما ، وليس الثاني ضميرا مثل أطعم ربيعة وأطعم مضر ، أو أطعم ربيعة وأكرم ربيعة إلّا الطوال ، فانّ الاستثناء يرجع إلى الأخيرة. وإن تعلّقت إحداهما بالأخرى بأن أضمر حكم الأولى في الثانية مثل أكرم ربيعة مضر إلا الطوال ، أو اسم الأولى مثل أكرم ربيعة وأخلع عليهم إلّا الطوال عاد إلى الجميع.
وهذا التفصيل حسن إلّا إنّه لا يكاد يخرج عن القول الثاني : لأنّه جعل مدار عود الاستثناء إلى الجميع أو إلى الأخيرة على قرائن الأحوال ، فالقول الثاني أقوى ووجهه : أنّ التخصيص على خلاف الأصل فيقتصر فيه على موضع اليقين ، والعود إلى الأخيرة مقطوع به ، والباقي محتمل فيجب التمسك فيه بالأصل وهو إجراء اللفظ على ظاهره حتّى يتحقّق الناقل عنه.
ولأن الظاهر أنّ المتكلّم لم ينتقل عن الجملة إلى غيرها إلا بعد استيفاء غرضه منها ، ولاستلزام العود إلى الجميع إضمار الاستثناء في كلّ جملة ، أو كون العامل في ما بعد الاستثناء متعدّدا ، وكلاهما محذور.
إلّا واحدا ، فإليه التعيين ، ولو ماتوا إلّا واحدا فعيّنه قبل.
ولو ادّعى المقرّ له أنّه غيره قدّم قول المقرّ مع يمينه.
الرابعة : قد يكون الاستثناء مجهولا ، ويعرف بغير قول المقرّ ، مثل : له مائة إلّا قدر مال زيد ، وكذا المسائل الحسابيّة ، فلو قال : لزيد عشرة إلّا نصف ما لعمرو ، ولعمرو عشرة إلّا نصف ما لزيد ، فلكلّ منهما ستّة وثلثان ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو عشرة إلّا نصف شيء ، فلزيد خمسة وربع شيء يعدل شيئا ، فأسقط ربع شيء بمقابله تبقى ثلاثة أرباع شيء يعدل خمسة ، فالشيء ستّة وثلثان.
ولو قال : لزيد عشرة إلّا ثلث ما لعمرو ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث ما لزيد ، فلكلّ واحد سبعة ونصف ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث شيء ، فلزيد ستّة وثلثان وتسع شيء يعدل شيئا ، فأسقط التسع ومقابله تبقى ستّة وثلثان تعدل ثمانية أتساع شيء ، فالشيء سبعة ونصف.
ولو قال : لزيد عشرة إلّا نصف ما لعمرو ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث ما لزيد ، فيقول : لزيد شيء ، ولعمرو عشرة إلّا ثلث شيء ، فلزيد خمسة وسدس شيء يعدل شيئا ، فأسقط السدس ومقابله تبقى خمسة أسداس شيء تعدل خمسة ، فالشيء ستّة هي لزيد ، ويقول : لعمرو شيء فلزيد عشرة إلّا نصف شيء ، فلعمرو ستّة وثلثان وسدس شيء يعدل شيئا ، فأسقط السدس ومقابله تبقى ستّة وثلثان تعدل خمسة أسداس شيء ، فالشيء ثمانية هي لعمرو.
تتمّة
الوصف كالاستثناء إذا اتّصل ، فلو قال : له عليّ درهم ناقص أز زيّف قبل تفسيره ، ولا يقبل في الزّيف الفلوس ، وأمّا البدل فإن لم يرفع مقتضى الإقرار كبدل الكلّ قبل ، وإلّا فلا ، مثل : لك هذه الدار ثلثها.
النظر الثالث
في المردود
وهو غير الاستثناء وشبهه ، وفيه مسائل :
الأولى : إذا أقرّ بشيء وعطف عليه ببل ، فإن عيّنهما لزمه الجميع ، مثل : له هذا الدّرهم بل هذا ، ولو أطلقهما فإن اختلفا فكذلك ، مثل : له دينار بل درهم ، وبالعكس ، وإن اتّفقا وتساويا لزمه واحد ، مثل : له درهم بل درهم ، وإن تفاوتا لزمه الأكثر ، مثل : له درهم بل درهمان ، وبالعكس ، وإن أطلق أحدهما وعيّن الآخر لزمه المعيّن ، مثل : له هذا الدّرهم بل درهم ، وبالعكس.
ولو عطف بـ « لا » لزمه ما قبلها ، ولو عطف بـ « لكن » لزمه ما بعدها ، لأنّ ما بعد « لا » وما قبل « لكن » منفيّ.
الثانية : لو قال : له عليّ مائة من ثمن خمر أو خنزير أو ثمن مبيع لم أقبضه ، أو تلف قبل قبضه ، أو من ضمان بخيار ، لم تقبل الضمائم وإن وصلها ولو قال : ابتعت بخيار ، أو كفلت به ، أو له ألف لا يلزمني ، لم يقبل المسقط.
الثالثة : لو (١) قال : له ألف وأبرأني منها ، أو قضيتها ، أو قضيت نصفها ، لم يقبل إلّا ببيّنة.
ولو قال : لي عليك ألف ، فقال : قضيتك منها خمسين ، لزمه الألف على توقّف.
ولو قال : أقرضتنى مائة أو أودعتني فلم أقبضه ، لم يقبل.
ولو قال : قبضت منه كذا من ديني فأنكر المقبوض منه السبب قدّم قوله مع اليمين.
الرابعة : لو قال : له عليّ كذا مؤجّلا ، قبل التأجيل مع الاتّصال على توقّف ، ولو انفصل لم يقبل قطعا ، ولو قال : مؤجّلا (٢) من جهة [ تحمّل ] العقل ، قبل قولا واحدا ، ولو قال : من جهة القرض لم يقبل قولا واحدا.
الخامسة : لو أقرّ بالبيع وقبض الثمن ، ثمّ ادّعى المواطاة ، سمعت دعواه ، ويحلف المشتري ، أمّا لو شهدت البيّنة بمشاهدة القبض لم تسمع ، ولا يجب اليمين.
السادسة : لو قال له : عندي ألف وديعة ، قبل منه دعوى التلف والردّ.
ولو قال : له عليّ ألف وديعة ألزم بها ولم يقبل التفسير.
ولو قال : لك عليّ ألف ، وأحضرها ثمّ قال : هذه الّتي أقررت بها وكانت وديعة ، فإن صدّقه المقرّ له فلا كلام ، وإلّا قدّم قوله مع اليمين ، وطالبة بالّتي أقرّ بها ، وكذا لو قال : لك في ذمّتي ألف ، وجاء بألف ، وقال :
__________________
(١) في « أ » : ولو.
(٢) في « أ » : مؤجّلة.
الّتي أقررت بها كانت وديعة وهذه بدلها ، ويحتمل تقديم قول المقرّ فيهما.
والفرق بين المسألتين بقاء المقرّ به في الأولى وعدمه في الثانية.
ولو قال : لك في ذمّتي ألف ، وهذه الّتي أقررت بها كانت وديعة لم يقبل قطعا ، وتخالف الأولتين ، لأنّه لم يخبر فيهما أنّ المدفوع هو المقرّ به ، بل أخبر بسبب ثبوته في ذمّته ، وفي هذه أخبر بأنّ المدفوع هو المقرّ به ، فلا يقبل منه أنّه وديعة ، لأنّ ما في الذمّة لا يكون وديعة.
ولو قال : له عليّ ألف ، ثمّ دفع ألفا وقال : كانت وديعة ، وكنت أظنّها (١) انّها باقية فبانت تالفة ، لم يقبل ، لأنّه مكذّب لإقراره ، أمّا لو ادّعى تلفها بعد الإقرار قبل.
السابعة : لو قال : له عندي مائة وديعة دينا أو مضاربة دينا صحّ ويضمن ، لجواز أن يتعدّى فيهما ، ولو فسّره بشرط الضمان لم يقبل. (٢)
__________________
(١) في « أ » : أظنّ انّها.
(٢) ولإيضاح المراد من العبارة نأتي بكلام الشيخ في المبسوط قال :
إذا قال : لفلان عندي ألف درهم وديعة ودينا أو مضاربة ودينا ، صحّ إقراره بذلك ، وقد وصفه بصفتين : إحداهما أنّها وديعة ، والأخرى أنّها دين ، أو مضاربة ودين ، وهذا لا يحتمل إلّا وديعة أو مضاربة تعدّى فيها فصارت مضمونة عليه ، فإذا فسّره بذلك قبل منه.
وإن قال : له عندي ألف درهم وديعة شرط عليّ أنّي ضامن لها ، كان ذلك إقرارا بالوديعة ولم يلزمه الضمان الّذي شرط عليه ، لأنّ ما كان أصله أمانة لا يصير مضمونا بشرط ، وما يكون مضمونا لا يصير أمانة بشرط. المبسوط : ٣ / ١٩. ولاحظ القواعد : ٢ / ٤٣٦.
النظر الرّابع :
في تعقيب الإقرار بالإقرار
ولو كان بيده شيء على ظاهر التملك فقال : هذا لزيد بل لعمرو حكم به لزيد وأغرم قيمته لعمرو ، وكذا غصبته من فلان بل من فلان ، أو غصبته من زيد وغصبه زيد من عمرو ، أو أودعنيه زيد بل عمرو.
ولو قال : هو لزيد بل لعمرو بل لخالد قضى به للأوّل وغرم لكلّ واحد قيمته ، ولو قال : بل لعمرو وخالد ضمن لهما قيمته (١).
ولو قال : لزيد وعمرو بل لخالد ، حكم به لزيد وعمرو وغرم لخالد قيمته.
ولو قال : بل ولخالد غرم له الثلث ، ولو قال : لزيد بل ولعمرو غرم للثاني النّصف ، ولا يغرم مع تصديق الأوّل في ذلك كلّه.
ولو قال : لزيد وعمرو فهو بينهما نصفان.
ولو قال : هذا لزيد وغصبته من عمرو ، حكم به للأوّل ولا يغرم للثاني ، ويغرم لو قال : غصبته من زيد وهو لعمرو ، وفيهما توقّف.
__________________
(١) في « أ » : قيمة.
الفصل الثاني : في الإقرار بالنّسب
وفيه بحثان :
[ البحث ] الأوّل :
الإقرار بالولد
وشروطه ثمانية.
الأوّل : بلوغ المقر وعقله ، فلا يقبل إقرار الصبيّ والمجنون.
الثاني : أن لا يكذّبه الشرع ، فلا يصحّ الإقرار بمن انتفى عنه شرعا كولد الزّنا.
الثالث : أن لا يكذّبه الحسّ ، فلو أقرّ ببنوّة من هو أكبر منه ، أو في سنّه ، أو أصغر بما لم تجر العادة بأن يلده مثله ، بطل ، وكذا لو كان بينه وبين أمّه مسافة لا يمكن الوصول إليها في مثل عمره.
الرابع : جهل نسبه ، فلو أقرّ بمعلوم النّسب لم يقبل.
الخامس : عدم المنازع ، فلو نازعه منازع لم يلحق بأحدهما إلّا بالبيّنة أو القرعة.
السادس : تصديق الكبير العاقل ، فلو كذّبه لم يثبت ، ولا يعتبر تصديق الصغير والمجنون ، ولا يقبل إنكارهما بعد الكمال.
ولا يشترط حياة المقرّ به ، فلو أقرّ ببنوّة ميّت لحق وإن كان كبيرا ، وسقط اعتبار تصديقه.
السابع : كونه ولد الصلب ، فلو أقرّ بولد الولد اعتبر تصديقه.
الثامن : كون المقرّ أبا ، فلو أقرّت الأمّ اعتبر التصديق ، لإمكان إقامة البيّنة على ولادته ، ولا يلزم من الإقرار بالولد زوجيّة أمّه وإن كانت حرّة ، لاحتمال أنّه من شبهة أو نكاح فاسد.
ولو أقرّ بولد أمته الأيّم لحق به.
ولو أقرّ بولد إحدى أمتيه وعيّنه ، فادّعت الأخرى أنّ المقرّ به ولدها ، قدّم قوله مع اليمين.
ولو مات قبل التعيين عيّن الوارث ، فإن امتنع أو تعذّر أقرع ، وكذا لو اشتبه المعيّن.
ويحكم باستيلاد أمّ من أخرجته القرعة.
البحث الثاني :
في الإقرار بغير الولد
ويشترط مع ذلك التّصديق ، فلو أقرّ بنسب ولا وارث له ، وصدّقه المقرّ به ، توارثا بينهما ، ولا يتعدّى التوارث إلى من يتجدّد لهما من الورثة ، كالإخوة ، ولو تجدّد لهما أولاد قال الشيخ : يتعدّى (١) وليس ببعيد.
ولو كان له ورثة مشهورون لم يقبل إقراره في النسب ، ويثبت الإرث بظاهر الإقرار.
فروع
الأوّل : لو أقرّ أحد الولدين بثالث ولا وارث سواهما لم يثبت نسبه في حقّ أحدهما ، وأخذ من المقرّ ثلث ما في يده.
ولو أقرّ بأخت أخذت خمس ما في يده ، ولو أقرّا معا فإن كانا عدلين يثبت النسب والميراث ، ولا يثبت الميراث خاصّة ، وأخذ من حصّتهما بالنسبة ، ولو أنكر الثالث أحدهما لم يقبل وكانت التركة أثلاثا.
الثاني : لو أقرّ الولد بآخر شارك ولم يثبت نسبه ، ولو أقرّا بثالث وكانا عدلين ، ثبت نسبه وميراثه ، وإلّا الميراث ، ولو أنكر الثالث الأوّل لم يقبل إلّا أن
__________________
(١) المبسوط : ٣ / ٣٩.
يكون غير معلوم النّسب ، كما لو أقرّ به وارث ظاهر ، فيأخذ الأوّل السدس إن صدّقه الثاني ، وإلّا فلا شيء له ، والثاني الثلث ، والثالث النّصف ، ولو أنكر الثاني لم يثبت نسبه ، ويأخذ الأوّل الثلث ، والثاني السدس ، والثالث النّصف.
ولو أقرّ بالثالث أحدهما أخذ فاضل نصيبه.
الثالث : لو أقرّ أخوان بابن [ للميّت ] وكانا عدلين ، ثبت النسب والميراث ، ولا دور ، إذ المؤثّر الشهادة لا الإقرار (١) وإن كانا فاسقين ثبت الميراث خاصّة.
الرابع : لو أقرّ الوارث باثنين أولى منه دفعة فصدّقه كلّ واحد عن نفسه ، ثبت الميراث دون النسب ودفع إليهما ما في يده ، ولا عبرة بتناكرهما ، ولو تصادقا ثبت الإرث والنسب مع العدالة ، وإلّا ثبت الإرث.
ولو أقرّ بأولى منهما فإن صدّقاه دفعا إليه ما في يدهما ، وإلّا دفع إليه المقرّ مثل ما دفع إليهما ، وإن صدّقه أحدهما دفع إليه ما في يده وأكمل له المقرّ.
الخامس : لو أقرّت الزوجة مع الإخوة بولد فلها الثمن ، ثمّ إن صدّقوها فالباقي للولد ، وإلّا كان له الثمن الآخر ، والباقي لهم.
السادس : لو أقرّ الولد بزوج أعطاه ربع ما في يده ، وغير الولد يعطيه النّصف ، ولو أقرّ بزوج آخر لم يقبل ، ولو أكذب إقراره الأوّل غرم للثاني مثل الأوّل.
__________________
(١) ناظر إلى ردّ كلام الشيخ في المبسوط حيث قال : يثبت نسبه ولا يرث ، لأنّه لو ورث لحجب الأخوين ، وخرجا من الإرث ، فيلزم من صحّة الإرث بطلانه ، ومن بطلانه صحّته.
فأجاب المصنّف بعدم لزوم الدّور لأنّه يلزم ذلك لو قلنا بأنّ المؤثّر هو إقرار الأخوين وأمّا إذا قلنا بأنّ المؤثّر هو الشهادة فلا دور لاحظ المبسوط : ٣ / ٣٩ ، جامع المقاصد : ٩ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨.
ولو أقرّ الولد بزوجة أعطاها الثمن ، فإن أقرّ بأخرى فإن صدّقته الأولى تقاسما ، وإلّا غرم لها مثل نصفه.
ولو أقرّ بثالثة أو برابعة اقتسمن مع التصديق ، وإلّا ضمن لهنّ.
ولو أقرّ بخامسة لم يقبل ، ولو أنكر إحدى الأربع ، غرم لها مثل نصيب إحداهنّ.
ولو أقرّ بالأربع دفعة تساوين في نصيب الزوجيّة وإن تناكرن.
مسألتان :
الأولى : كلّ وارث في الظاهر أقرّ بمساو له دفع إليه ممّا في يده بنسبة نصيبه ، ولو أقرّ بأولى دفع إليه ما في يده ، ولو أقرّ بأولى منهما فإن صدّقه الثاني دفع إليه ما في يده ، وإلّا حلّفه وأغرم له مثل التركة.
ولو أقرّ بمساو ولم يصدّقه الأوّل ، غرم للثاني مثل النصف.
الثانية : لا يثبت النّسب إلّا بشهادة عدلين ، ولا يقبل الفاسق وإن كان وارثا ، ولا رجل وامرأتان ، ولا رجل ويمين.
كتاب العتق
وفيه فضل كثير ، وهو إزالة الرقّ ويختصّ الرّقّ بالحربي مطلقا ، وبالذّمي إذا أخلّ بشرائط الذّمّة ، ثمّ يسري الرقّ في أعقابهم وإن أسلموا.
ويحكم برقّ من أقرّ على نفسه بالرقيّة ، مع بلوغه ، وعقله ، وجهل حريته ، ثمّ لا يقبل إنكاره.
ولو كان معلوم الحرّيّة ، أو ادّعاها قبل ذلك ، لم يقبل إقراره.
والملتقط في دار الحرب رقّ إذا لم يكن فيها مسلم.
ويستوي سبي المؤمن والمخالف.
ويزول الرّقّ بالعتق ، والسراية ، والملك ، والعوارض ، والتدبير ، والكتابة (١).
فهنا فصول :
__________________
(١) عقد لكلّ من الأمور الأربعة الأول ، فصلا ، وبحث كلّا من الأخيرين في كتاب خاص
[ الفصل ] الأوّل : [ في ] العتق
وفيه مطلبان :
[ المطلب ] الأوّل :
في أركانه
وهي ثلاثة :
الأوّل : الصّيغة
والصريح : التحرير والعتق على الأقوى ، ولا عبرة بغيرهما وإن قصد به العتق ، مثل : فككت رقبتك ، أو أنت سائبة ، أو لا سبيل عليك.
وصورة الإنشاء : أنت حرّ ، أو معتق ، أو عتيق ، أو أعتقتك ، ولو قيل له : أعتقت عبدك ، فقال : نعم ، وقصد الإنشاء وقع على توقّف.
ولا يقع بقوله : يا حرّ ، أو يا معتق وإن قصد الإنشاء.
ولو كان اسمها حرّة فقال : أنت حرّة ، فإن قصد الإنشاء وقع ، وإن قصد الإخبار لم يقع ، ويرجع إليه في القصد ، ولو تعذّر استعلامه لم يحكم بعتقه.
ولو قال : أردت بقولي : « أنت حرّ » كريم الأصل ، و « أنت حرّة » عفيفة صدّق ، ولا يحلف إلّا بأن يدّعي العبد قصد العتق.
ويشترط التلفظ بالعربيّة ، فلا تكفي الإشارة ، ولا الكتابة مع القدرة على النطق ، ولا بغير العربيّة مع القدرة عليها.
والتنجيز فلو علّقه بشرط أو بصفة لم يقع وإن حصلا ، وكذا أنت حرّ متى شئت.
والتصريح بما يدلّ على الذات مثل : أنت أو هذا أو عبدي أو فلان ، وكذا بدنك أو جسدك ، ولو ذكر الجزء المشاع مثل : نصفك أو ثلثك وقع وسرى إلى الجميع.
ولو ذكر المعيّن مثل : يدك أو رجلك لم يقع ، وكذا وجهك ، وفي عينك ونفسك توقّف.
ولا يصحّ جعله يمينا مثل : أنت حرّ إن فعلت كذا.
الثاني : المعتق
ويشترط فيه البلوغ ، والعقل ، والقصد ، والاختيار ، وجواز التصرف ، ونيّة التقرّب ، والملك ، فلا يقع من الصّبيّ وإن بلغ عشرا ، ولا من المجنون ، والمغمى عليه ، والناسي ، والنائم ، والسكران.
ولا من المكره ، والمفلّس ، والمريض إذا استغرق دينه التركة ، أو زاد عن الثلث إلّا مع الإجازة.
ولا من غير المتقرّب إلى الله تعالى ، وفي الكافر قولان.
ولا من غير المالك وإن أجاز ، أو علّقه على الملك ، مثل : إن ملكتك فأنت حرّ.
ولو نذر عتقه إن ملكه افتقر إلى صيغة العتق بعد التملك.
ويشترط تمام الملك ، فلا ينفذ عتق الموقوف عليه ، ولا الرّاهن.
ولو قوّم مملوك ولده الصغير صحّ عتقه ، ولو أعتقه قبل التقويم ، أو قوّم مملوك الكبير لم يصحّ.
الثالث : المعتق
ويشترط فيه الإسلام ، فلا يصحّ عتق الكافر والناصب ، ويصحّ عتق المخالف وولد الزّنا والجاني خطأ ، وكذا في العمد ، ثمّ إن رضي المجنيّ عليه بالمال نفذ ، وإلّا بطل.
ويشترط التعيين لفظا أو نيّة ، وقيل : لا يشترط. (١) فلو قال : أحد عبيدي حرّ ، عيّن من شاء ، ثمّ لم يجز العدول ، فلو عدل لم يعتق الثاني ، ولو ادّعى أحدهم أنّه المراد قدّم قول المالك مع يمينه.
ولو مات قبل التعيين أقرع ، ولو ادّعى الوارث العلم رجع إليه ، فلو عيّن ثمّ ادّعاه غيره ، قدّم قول الوارث مع اليمين ، ولو نكل قضي عليه.
ولو عيّن كلّ وارث واحدا عتق نصيبه منه.
__________________
(١) قاله الشيخ في المبسوط : ٦ / ٦٧.
وقبل التعيين يجب الإنفاق على الجميع ، ويحرم استخدامهم وبيع أحدهم.
ولو عيّن ثمّ نسيه أرجئ حتّى يذكر ، ولو مات قبل الذكر أقرع.
ولو عيّن ثمّ عدل عتقا.
ويستحبّ عتق المؤمن ، ويتأكّد فيمن مضى عليه سبع سنين.
ويكره عتق المخالف ، ولا بأس بالمستضعف وعتق العاجز ، وتستحبّ إعانته.
المطلب الثاني :
في أحكامه
وفيه بحثان :
[ البحث ] الأوّل : العتق لازم لا يصحّ فيه الرجوع وإن توافقا عليه ، ولو شرطه فسد.
ولو شرط عليه شيئا في نفس العتق ، لزمه الوفاء به ، ولو شرط إعادته في الرّقّ لو خالف قولان. (١)
ولو شرط عليه الخدمة مدّة معيّنة فأبق فيها لم يبطل العتق ، وطالب بالأجرة ، ولو كانت مطلقة طالب بالخدمة ، وكذا حكم الوارث.
__________________
(١) قول بالإعادة وهو خيرة الشيخ في النهاية : ٥٤٢ والعلّامة في القواعد : ٣ / ٢٠٢ ؛ وقول بعدم الإعادة قاله الحلّي في السرائر : ٣ / ١١.
ولا يجزئ عن العتق التدبير ، ولا يعتق الحمل بعتق أمّه.
ولو نذر عتق أوّل مملوك يملكه فملك جماعة ، أعتق أحدهم بالقرعة ، وكذا لو قال : أوّل داخل.
ولو قال : أوّل من أملك ، أو أوّل من يدخل ، فملك جماعة أو دخلوا ، أعتقوا كلّهم.
ولو نذر عتق أوّل ما تلده فولدت توأمين دفعة عتقا ، ولو تعاقبا عتق الأوّل ، ولو اشتبه أقرع ، ولو ولدت الأوّل ميّتا بطل النذر.
ولو علّق النذر بآخرهم دخولا ، عتق الدّاخل في آخر عمره.
ولو نذر عتق كلّ عبد قديم ، عتق من له ستّة أشهر فصاعدا ، ولو قصرت مدّة الجميع بطل ، وينسحب في الأمة [ القديمة ] دون الصدقة بماله القديم. (١)
ولو نذر عتق أمته إذا وطئها فأخرجها عن ملكه انحلّ النذر ، ولو ملكها لم يعد.
ولو أعتق بعض مماليكه فقيل له : هل أعتقت مماليكك؟ فقال : نعم ، لم يعتق إلّا من باشر عتقه ، ولا يشترط الكثرة.
ومال العتيق لمولاه وإن علم به.
وإذا أمر غيره بعتق عبده عنه فأعتقه ، وقع عن الآمر ، وينتقل بالأمر بالعتق.
ولو اشترى أمة نسيئة ، ثمّ أعتقها ، وتزوّجها ، وجعل عتقها مهرها ، وأحبلها ، ومات ، ولم يخلّف سواها ، قيل : تردّ على البائع رقّا وحملها كهيئتها. (٢)
__________________
(١) لاحظ الدروس : ٢ / ٢٠٥ ، والقواعد : ٣ / ٢٠٣.
(٢) قاله الشيخ في النهاية : ٥٤٤ ـ ٥٤٥.