محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-104-4
الصفحات: ٤٥٣
يذكر الحدث ـ وقد سبقت (١) ـ وهي دالة على إطلاق ابن أبي عقيل (٢) ، وقد سبق في المبطون حكم يقرب من هذا.
والصدوق أورد الرواية الصحيحة (٣) ، فكأنه عامل بها لما ذكر في ديباجة كتابه (٤).
وفي التهذيب احتج بالرواية للمفيد ، وأورد لزوم بناء المتوضئ لو أحدث في أثناء الصلاة ، وأجاب بأن الإجماع أخرجه والأخبار.
كرواية الحسن بن الجهم عن أبي الحسن عليهالسلام فيمن صلى الظهر أو العصر فأحدث حين جلس في الرابعة : « ان كان لم يتشهد قبل ان يحدث فليعد ».
ورواية عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام في الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب القرع متلطخا بالعذرة : يعيد الوضوء والصلاة (٥).
وفي المعتبر حسّن ما قاله الشيخان ، قال : لأن الإجماع على أنّ الحدث عمدا يبطل الصلاة فيخرج من إطلاق الرواية ، ويتعيّن حملها على غير صورة العمد ، لأن الإجماع لا يصادمه (٦).
قال : ولا بأس بالعمل بها على الوجه الذي ذكراه فإنها مشهورة ، ويؤيدها ان الواقع من الصلاة وقع مشروعا مع بقاء الحدث فلا يبطل بزوال الاستباحة ـ كصلاة المبطون إذا فجأه الحدث ـ بخلاف المصلي بالطهارة المائية ، لأن حدثه
__________________
(١) تقدّمت في صفحة ٢٧٦ هامش ٢.
(٢) مختلف الشيعة : ٥٣.
(٣) الفقيه ١ : ٥٨ ح ٢١٤.
(٤) إشارة إلى قوله : ( ... بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته واعتقد فيه انه حجة فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره .. )
(٥) التهذيب ١ : ٢٠٥ ـ ٢٠٦ والحديثين فيه برقم ٥٩٦ ، ٥٩٧.
(٦) المعتبر ١ : ٤٠٧.
مرتفع ، فالحدث المتجدد رافع لطهارته فتبطل (١).
وابن إدريس ردّ الرواية للتسوية بين نواقض الطهارتين ، وان التروك متى كانت من النواقض لم يفترق العامد فيها والساهي. قال : وانما ورد هذا الخبر فأوّله بعض أصحابنا بصلاة المتيمم (٢).
قلت : الأول محل النزاع ، والرواية مصرحة بالمتيمم ، فكيف يجعل تأويلا؟
وفي المختلف ردّها أيضا لاشتراط صحة الصلاة بدوام الطهارة ، ولما قاله ابن إدريس. وقال : الطهارة المتخللة فعل كثير ، وكل ذلك مصادرة. ثم أوّل الرواية بحمل الركعة على الصلاة تسمية للكل بالجزء ، وبان المراد بـ : « ما مضى من صلاته » ما سبق من الصلوات السابقة على وجدان الماء ، أو يرجع إذا صلى ركعة استحبابا ويبني على ما مضى من الصلوات السابقة على التيمم (٣).
قلت : لفظ الرواية : « يبني على ما بقي من صلاته » وليس فيها « ما مضى » فيضعف التأويل مع أنه خلاف منطوق الرواية صريحا.
السابعة : يجب استيعاب مواضع المسح ، فلو ترك منه شيء بطل وان قل ، عمدا كان أو سهوا ، ما لم يتداركه في محل الموالاة لعدم امتثال أمر الشارع. ولا فرق بين طول الزمان وقصره إذا خرج عن الموالاة. ولا بين قدر الدرهم ولا ما دونه.
الثامنة : التيمم لا يرفع الحدث ، لما مر.
وحكاه في الخلاف عن كافة الفقهاء الا داود وبعض المالكية (٤).
وقال في المعتبر : هو مذهب العلماء كافّة ، وقيل : يرفع ، واختلف في قائله ، قيل : هو أبو حنيفة ومالك ، مع ان ابن عبد البر منهم نقل الإجماع عليه. ولأن
__________________
(١) المعتبر ١ : ٤٠٧.
(٢) السرائر : ٢٧.
(٣) مختلف الشيعة : ٥٣.
(٤) الخلاف ١ : ١٤٤ المسألة ٩٢.
المتيمم يجب عليه استعمال الماء عند التمكن منه بحسب الحدث السابق ، فلا يكون وجود الماء حدثا والا لاستوى المحدث والجنب فيه ، لكن المحدث لا يغتسل والجنب لا يتوضأ قطعا. ولما مرّ من قضية عمرو (١).
وقال المرتضى في شرح الرسالة : ان المجنب إذا تيمم ثم أحدث أصغر ، ووجد ماء يكفيه للوضوء توضأ به ، لأن حدثه الأول قد ارتفع وجاء ما يوجب الصغرى وقد وجد من الماء ما يكفيه لها ، فيجب عليه استعماله ولا يجزئه تيممه (٢).
ويمكن ان يريد بارتفاع حدثه استباحة الصلاة ، وان الجنابة لم تبق مانعة منها ، فلا ينسب الى مخالفة الإجماع.
والشيخ في الخلاف حكم في هذه الصورة بوجوب إعادة التيمم بدلا من الجنابة ، وان لا حكم لحدث الوضوء فلا يستعمل الماء فيه ، واستدل بان حدث الجنابة باق (٣).
وعلى مذهب المرتضى لو لم يجد ماء للوضوء ينبغي الإعادة بدلا من الوضوء.
ونقل في المختلف : ان الأكثر على خلافه ، واحتج له بصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام في رجل أجنب في سفر ومعه ماء بقدر ما يتوضأ به ، قال : « يتيمم ولا يتوضأ » (٤) وللمرتضى أن يحمله على ما قبل التيمم عن الجنابة ، فلا يلزم مثله فيما بعده.
__________________
(١) المعتبر ١ : ٣٩٤ ـ ٣٩٥. وقضية عمرو تقدمت في ص.
(٢) انظر المهذب لابن فهد ١ : ٢١٧.
(٣) الخلاف ١ : ١٤٤ المسألة ٩٢.
(٤) مختلف الشيعة : ٥٥.
وصحيحة محمد بن مسلم في التهذيب ١ : ٤٠٥ ح ١٢٧٢.
التاسعة : فاقد الماء لو كان على محاله جبائر ، وتعذر نزعها ، مسح عليها كما يمسح بالماء بل أولى. فلو زالت بعد التيمم انسحب الوجهان في الطهارة المائية.
والله الموفق.
كتاب الصلاة
معرفة أعداد الصلاة
الباب الثاني :
معرفة أعداد الصلاة.
ونذكر هنا اليومية وسننها والباقي يأتي إن شاء الله تعالى. وقد تضمّنت الأخبار من طريقي الخاصة والعامة : « إنّ الله تعالى أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بخمسين صلاة ليلة المعراج ، فمرّ على النبيين صلّى الله عليهم لا يسألونه عن شيء ، حتى مرّ على موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام فسأله فأجابه ، فقال : سل ربّك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فسأل ربّه فحطّ عشرا. ثم عاد ثانية فقال له : سل ربّك التخفيف ، فحطّ عشرا. وهكذا خمس مرات حتى صارت خمسا » (١) فعن زين العابدين عليهالسلام : خمس بخمسين لآية المضاعفة (٢).
فالمفروض خمس : الظهر ، والعصر ، والعشاء الآخرة. وكلّ واحدة أربع ركعات بتشهدين وتسليم حضرا ، وركعتان بتشهد وتسليم سفرا. والمغرب ثلاث ركعات ، بتشهدين وتسليم حضرا وسفرا. والصبح ركعتان حضرا وسفرا.
واما الوتر ، فمن خصائص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم انّه قال : « ثلاث كتبت عليّ ولم تكتب عليكم : الوتر ، والنحر ، وركعتا الفجر » (٣).
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٢ ، الفقيه ١ : ١٢٥ ح ٦٠٢ ، صحيح البخاري ١ : ٩٨ ، الجامع الصحيح ١ : ٤١٧ ح ٢١٣ ، سنن النسائي ١ : ٢٠٠.
(٢) الفقيه ١ : ١٢٦ ح ٦٠٣ ، أمالي الصدوق : ٣٧١ ، التوحيد : ١٧٦ ، علل الشرائع : ١٣٢.
(٣) سنن الدار قطني ٢ : ٢١ ، المستدرك على الصحيحين ١ : ٣٠٠.
وعن علي عليهالسلام : « الوتر ليس بحتم ، وانما هو سنّة » (١).
وروى الأصحاب عن الصادق عليهالسلام بطريق محمد الحلبي : « إنما كتب الله الخمس ، وليست الوتر مكتوبة » (٢).
وروى عنه أبو أسامة : « الوتر سنّة لا فريضة » (٣).
وهذا كله إجماع وان خالف بعض العامة في الوتر ، لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « انّ الله زادكم صلاة ، وهي : الوتر » (٤) ، والتمسك به ضعيف ، لأنّ الزيادة أعمّ من الوجوب. وروى الأصحاب عن عبيد ، عن أبيه ، عن الباقر عليهالسلام : « الوتر في كتاب علي عليهالسلام واجب » (٥) وأوّل بالتأكيد. ومن الحجّة على عدم وجوب الوتر : الإجماع على تحقّق الصلاة الوسطى ، ولو كان واجبا لانتفت.
والصلاة الوسطى هي الظهر ، ونقل الشيخ ـ في الخلاف ـ فيه إجماع الفرقة (٦) وقال ابن الجنيد : عندنا هي الظهر (٧) ورواية البزنطي عن الصادق عليهالسلام وزرارة عن الباقر عليهالسلام ، قال ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) « هي صلاة الظهر ، وهي أول صلاة صلاّها رسول الله صلى الله عليه
__________________
(١) المصنف لعبد الرزاق ٣ : ٣ ح ٤٥٦٩ ، المصنف لابن أبي شيبة ٢ : ٢٩٦ ، مسند احمد ١ : ٨٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٣٧١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٧٠ ح ١١٦٩ ، الجامع الصحيح ٢ : ٣١٦ ح ٤٥٣.
(٢) التهذيب ٢ : ١١ ح ٢٢ ، عن الحلبي عن الصادق عليهالسلام.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٤٣ ح ٩٦١.
(٤) المصنف لعبد الرزاق ٣ : ٧ ح ٤٥٨٢ ، المصنف لابن أبي شيبة ٢ : ٢٩٧ ، مسند أحمد ٢ : ٢٠٦ ، سنن الدار قطني ٢ : ٣١ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٦٩.
(٥) التهذيب ٢ : ٢٤٣ ح ٩٦٢.
(٦) الخلاف ١ : ٢٩٤ المسألة ٤٠.
(٧) مختلف الشيعة : ١٢٣.
وآله ، وهي وسط بين صلاتين بالنهار : صلاة الغداة ، والعصر » (١) ولأنّها وسط بين نافلتين متساويتين ، وبه علّل ابن الجنيد (٢).
ونقل المرتضى إجماع الشيعة على انّها العصر (٣) وبما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم انه قال : « شغلونا عن الصلاة الوسطى : صلاة العصر » (٤) ولأنّها وسط بين صلاتي نهار وصلاتي ليل.
وأمّا المستحب في اليوم والليلة من النوافل الراتبة ، فالمشهور أربع وثلاثون ركعة : ثمان قبل الظهر ، وثمان قبل العصر ، وأربع بعد المغرب ، وركعتان تصليان جلوسا بعد العشاء الآخرة ، وثمان في الليل ، وركعتا الشفع ، وركعة الوتر ، وركعتا الصبح قبلها. ولا نعلم فيه مخالفا من الأصحاب ، ونقل فيه الشيخ الإجماع منا (٥).
ونقل الراوندي انّ بعض الأصحاب يجعل الست عشرة للظهر ، وصحّح المشهور.
وابن الجنيد جعل قبل العصر ثماني ركعات ، للعصر منها ركعتان (٦) ، وفيه إشارة إلى انّ الزائد ليس لها ، ولم يخالف في العدد ، ويشهد لقوله رواية عمار الآتية في التنبيه السابع (٧). ومعظم الأخبار والمصنفات خالية من التعيين
__________________
(١) رواية زرارة في الكافي ٣ : ٢٧١ ح ١ ، الفقيه ١ : ١٢٤ ح ٦٠٠ ، التهذيب ٢ : ٢٤١ ح ٩٥٤ والآية في سورة البقرة : ٢٣٨.
(٢) مختلف الشيعة : ١٢٣.
(٣) المسائل الميافارقيات ١ : ٢٧٥.
(٤) مسند احمد ١ : ١١٣ ، صحيح مسلم ١ : ٤٣٧ ح ٢٠٥ ، سنن أبي داود ١ : ١١٢ ح ٤٠٩ ، مسند أبي يعلى ١ : ٣١٤ ح ٣٩٠ ، السنن الكبرى ١ : ٤٦٠.
(٥) الخلاف ١ : ٥٢٥ المسألة ٢٦٦.
(٦) مختلف الشيعة : ١٢٣.
(٧) ستأتي في ص ٣٠١ الهامش ٦.
للعصر وغيرها.
وعلى ما فصلناه دل ما رواه الشيخ في التهذيب بإسناده إلى إسماعيل بن سعد عن الرضا عليهالسلام : « الصلاة احدى وخمسون ركعة » (١) ومثله روى الفضيل بن يسار والفضل بن عبد الملك وبكير عن الصادق عليهالسلام (٢).
وسأل عمرو بن حريث أبا عبد الله عليهالسلام عن صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : « كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يصلي ثماني ركعات الزوال ، وأربعا الأولى ، وثماني بعدها ، وأربعا العصر ، وثلاثا المغرب ، وأربعا بعد المغرب ، والعشاء الآخرة أربعا ، وثماني صلاة الليل ، وثلاثا الوتر ، وركعتي الفجر ، وصلاة الغداة ركعتين » (٣).
وهذا الخبر لم يتضمن نافلة العشاء الآخرة ، وهو مذكور في خبر الفضيل ابن يسار (٤) والحارث بن المغيرة عن الصادق عليهالسلام (٥). وفي رواية الحارث : « كان أبي يصليهما وهو قاعد ، وأنا أصليهما وأنا قائم » (٦). وفي خبر سليمان بن خالد عنه عليهالسلام : « ركعتان بعد العشاء الآخرة ، تقرأ فيهما مائة آية قائما أو قاعدا ، والقيام أفضل » (٧). وروى البزنطي عن أبي الحسن عليهالسلام مثله (٨) وقال : « وركعتين بعد العشاء من قعود تعدّ بركعة » (٩). والجمع بينهما بجوازها من قعود ومن قيام.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٤٦ ح ١٦ ، التهذيب ٢ : ٣ ح ١ ، الاستبصار ١ : ٢١٨ ح ٧٧١.
(٢) الكافي ٣ : ٤٤٣ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٤ ح ٣ ، الاستبصار ١ : ٢١٨ ح ٧٧٣.
(٣) الكافي ٣ : ٤٤٣ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٤ ح ٤ ، الاستبصار ١ : ٢١٨ ح ٧٧٤.
(٤) الكافي ٣ : ٤٤٣ ح ٢.
(٥) التهذيب ٢ : ٤ ح ٥.
(٦) التهذيب ٢ : ٤ ح ٥.
(٧) التهذيب ٢ : ٥ ح ٨.
(٨) اي : مثل الحديث المتقدّم في الهامش ٣.
(٩) الكافي ٣ : ٤٤٤ ح ٨ ، التهذيب ٢ : ٨ ح ١٤.
وقد روي في غير المشهور عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : « الذي يستحب أن لا ينقص منه : ثمان للزوال ، وبعد الظهر ركعتان ، وقبل العصر ركعتان ، وبعد المغرب ركعتان ، وقبل العتمة ركعتان » ، ثم ذكر الليلية ونافلة الصبح (١) ومثله روى ابن بابويه عن الباقر عليهالسلام في صفة صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ومثله روى عن يحيى بن حبيب عن الرضا عليهالسلام (٣) فذلك تسع وعشرون ركعة.
وروى زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام : انها سبع وعشرون ، اقتصر بعد المغرب على ركعتين (٤).
وكلّه محمول على المؤكّد من المستحب ، ولا ينافي مطلق الاستحباب.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٦ ح ١١ ، الاستبصار ١ : ٢١٩ ح ٧٧٧.
(٢) الفقيه ١ : ١٤٦ ح ٦٧٨.
(٣) التهذيب ٢ : ٦ ح ١٠ ، الاستبصار ١ : ٢١٩ ح ٧٧٦.
(٤) التهذيب ٢ : ٧ ح ١٢.
تنبيهات :
الأول : قال ابن بابويه : أفضل هذه الرواتب : ركعتا الفجر ، ثم ركعة الوتر ، ثم ركعتا الزوال ، ثم نافلة المغرب ، ثم تمام صلاة الليل ، ثم تمام نوافل النهار (١).
وقال ابن أبي عقيل لما عدّ النوافل : وثماني عشرة ركعة بالليل ، منها نافلة المغرب والعشاء. ثم قال : بعضها أوكد من بعض ، فأوكدها الصلوات التي تكون بالليل ، لا رخصة في تركها في سفر ولا حضر (٢). ولعله لكثرة ما ورد في صلاة الليل من الثواب : فروى في ( من لا يحضره الفقيه ) : « إن جبرائيل عليهالسلام قال للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : شرف المؤمن صلاته بالليل » (٣).
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام : « عليك بصلاة الليل ـ ثلاثا ـ » (٤) ولأبي ذر : « من ختم له بقيام الليل ، ثم مات ، فله الجنة » (٥).
وعن بحر السقاء عن الصادق عليهالسلام : « انّ من روح الله التهجد بالليل » (٦).
وروى عنه الفضيل بن يسار : انّ البيوت التي يصلى فيها بالليل بتلاوة القرآن ، تضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الأرض » (٧).
ومدح الله عز وجل عليا عليهالسلام بقيام الليل بقوله تعالى : ( أَمَّنْ هُوَ
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣١٤.
(٢) مختلف الشيعة : ١٢٣.
(٣) الفقيه ١ : ٢٩٨ ح ١٣٦٣ ، الخصال ١ : ٧.
(٤) الفقيه ١ : ٣٠٧ ح ١٤٠٢ ، وفي المحاسن : ١٧ ، والكافي ٨ : ٧٩ ح ٣٣.
(٥) الفقيه ١ : ٣٠٠ ح ١٣٧٦ ، التهذيب ٢ : ١٢٢ ح ٤٦٥.
(٦) الفقيه ١ : ٢٩٨ ح ١٣٦٤ ، أمالي الطوسي ١ : ١٧٥.
(٧) الفقيه ١ : ٢٩٩ ح ١٣٧٠ ، ثواب الاعمال : ٦٦ ، التهذيب ٢ : ١٢٢ ح ٤٦٤.
قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً ) (١) في أخبار كثيرة رواها هو وغيره.
وفي الخلاف : ركعتا الفجر أفضل من الوتر ، بإجماعنا ، وروت عائشة انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها » (٢).
وفي المعتبر : ركعتا الفجر أفضل من الوتر ، لما رووه عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « صلوهما ولو طردتكم الخيل ». وعن عائشة : لم يكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على شيء من النوافل أشدّ معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح. وروينا عن علي عليهالسلام في قوله تعالى ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) قال : « ركعتا الفجر تشهدهما ملائكة الليل والنهار ». وعن الصادق عليهالسلام : « من كان يؤمن بالله فلا يبيتن الا بوتر » (٣).
قلت : وفيه دلالة على رجحانها على غيرها خرج منه ركعتا الفجر.
قال فيه أيضا : ثم نافلة المغرب ، لرواية الحارث ابن المغيرة عن أبي عبد الله عليهالسلام : « لا تدع أربع ركعات بعد المغرب في سفر ولا حضر وان طلبتك الخيل » (٤). وخبر الخفاف الآتي يدل عليه.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٩٩ ح ١٣٧١.
والآية في سورة الزمر : ٩.
(٢) الخلاف ١ : ٥٢٣ المسألة ٢٦٤.
والرواية في : مسند أحمد ٦ : ٢٦٥ ، صحيح مسلم ١ : ٥٠١ ح ٧٢٥ ، الجامع الصحيح ٢ : ٢٧٥ ح ٤١٦ ، سنن النسائي ٣ : ٢٥٢ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٧٠.
(٣) المعتبر ٢ : ١٦ ـ ١٧.
ورواية أبي هريرة في السنن الكبرى ٢ : ٤٧١.
ورواية عائشة في : مسند أحمد ٦ : ٥٤ ، صحيح مسلم ١ : ٥٠١ ح ٧٢٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٩ ح ١٢٥٤.
ونحو رواية علي عليهالسلام في : الكافي ٨ : ٣٣٨ ح ٥٣٦ ، والفقيه ١ : ٢٩١ ح ١٣٢١ ، وعلل الشرائع : ٣٢٤ ، عن علي بن الحسين عليهالسلام.
ومثل رواية الصادق في : علل الشرائع : ٣٣٠ عن الباقر عليهالسلام.
(٤) المعتبر ٢ : ١٧.
ورواية الحارث في : التهذيب ٢ : ١١٣ ح ٤٢٣.
قال أيضا : ثم صلاة الليل ، لرواية أبي بصير عنه عليهالسلام عن آبائه عن علي عليهالسلام ، قال : « قيام الليل مصحة للبدن ، ورضى الرب ، وتمسك بأخلاق النبيين ، وتعرض لرحمته ».
قلت : هذه التمسكات غايتها الفضيلة ، اما الأفضلية فلا دلالة فيها عليها. وتظهر الفائدة في الترغيب في الأفضل ونذره ، وغير ذلك.
الثاني : يكره الكلام بين المغرب ونافلتها ، لرواية أبي الفوارس : نهاني أبو عبد الله عليهالسلام أن أتكلم بين الأربع التي بعد المغرب (١).
وعن أبي العلاء الخفاف عنه عليهالسلام : « من صلّى المغرب ثم عقّب ولم يتكلم حتى يصلي ركعتين كتبتا له في عليين ، فان صلّى أربعا كتبت له حجة مبرورة » (٢). ونقله ابن بابويه عن الصادق عليهالسلام (٣) مع ضمانه صحة ما يورده في كتابه.
الثالث : في موضع سجدتي الشكر بعد المغرب روايتان يجوز العمل بهما ، إحداهما :
رواية حفص الجوهري عن الهادي عليهالسلام انها بعد السبع (٤).
والثانية : رواية جهم ، قال : رأيت أبا الحسن الكاظم عليهالسلام وقد سجد بعد الثلاث ، وقال : « لا تدعها ، فان الدعاء فيها مستجاب » (٥). مع إمكان حمل هذه على سجدة مطلقة وان كان بعيدا.
وقد روى استجابة الدعاء عقيب المغرب وبعد الفجر ، وبعد الظهر وفي
__________________
ورواية أبي بصير في : المحاسن : ٥٣ ، الخصال : ٦١٠ ، التهذيب ٢ : ١٢١ ح ٤٥٧.
(١) الكافي ٣ : ٤٤٣ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ١١٤ ح ٤٢٥.
(٢) التهذيب ٢ : ١١٣ ح ٤٢٢.
(٣) الفقيه ١ : ١٤٣ ح ٦٦٤.
(٤) التهذيب ٢ : ١١٤ ح ٤٢٦ ، الاستبصار ١ : ٣٤٧ ح ١٣٠٨.
(٥) الفقيه ١ : ٢١٧ ح ٩٦٧ ، التهذيب ٢ : ١١٤ ح ٤٢٧ ، الاستبصار ١ : ٣٤٧ ح ١٣٠٩.
الوتر : الفضل بن عبد الملك عن الصادق عليهالسلام (١).
ويستحب أن يقال في السجدة بعد السبع ليلة الجمعة سبع مرات : « اللهم إني أسألك بوجهك الكريم ، واسمك العظيم ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وان تغفر لي ذنبي العظيم » (٢).
الرابع : كل النوافل يسلم فيها بعد الركعتين ، الا الوتر فإنه بعد الركعة ، لما رووه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : « مفتاح الصلاة الطهور ، وبين كل ركعتين تسليمة » (٣).
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « صلاة الليل والنهار مثنى مثنى » ، رواه ابن عمر (٤).
ومنع في المبسوط من الزيادة على ركعتين (٥) اقتصارا على ما نقل عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته. وقال في الخلاف : إن فعل خالف السنّة ، واحتج بإجماعنا ، وبما رواه ابن عمر : انّ رجلا سأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن صلاة الليل ، فقال : « صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح ، صلّى ركعة واحدة توتر له ما قد صلّى » ، ثم ذكر الخبر السابق عن ابن عمر ، وقال : فدلّ على انّ ما زاد على مثنى لا يجوز (٦). وظاهر كلامه في الكتابين عدم شرعيته وانعقاده.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٤٣ ح ١٧ ، التهذيب ٢ : ١١٤ ح ٤٢٨.
(٢) الكافي ٣ : ٤٢٨ ح ١ ، الفقيه ١ : ٢٧٣ ح ١٢٤٩ ، التهذيب ٢ : ١١٥ ح ٤٣١.
(٣) السنن الكبرى ٢ : ٣٨٠.
(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٤١٩ ح ١٣٢٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٩ ح ١٢٩٥ ، الجامع الصحيح ٢ : ٤٩١ ح ٥٩٧ ، سنن النسائي ٣ : ٢٢٧ ، سنن الدار قطني ١ : ٤١٧.
(٥) المبسوط ١ : ٧١.
(٦) الخلاف ١ : ٥٢٧ المسألة ٢٦٧.
ورواية ابن عمر في : الموطأ ١ : ١٢٣ ، صحيح البخاري ٢ : ٣٠ ، صحيح مسلم ١ : ٥١٦ ح ٧٤٩ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٦ ح ١٣٢٦ ، الجامع الصحيح ٢ : ٣٠٠ ح ٤٣٧.
وهل تجوز الركعة الواحدة في غير الوتر؟ منع منه في الخلاف والمعتبر (١) اقتصارا على المتفق عليه من فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ، ولرواية ابن مسعود عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم انه نهى عن البتيراء (٣) ، يعني : الركعة الواحدة.
وقد ذكر الشيخ في المصباح عن زيد بن ثابت صلاة الأعرابي عند ارتفاع نهار الجمعة عشر ركعات : يقرأ في الركعتين الأوليين الحمد مرة والفلق سبعا ، وفي الثانية بعد الحمد الناس سبعا ، ويسلم ويقرأ آية الكرسي سبعا ، ثم يصلي ثماني ركعات بتسليمتين ، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة ، والنصر مرة ، والإخلاص خمسا وعشرين مرة. ثم يدعو بالمرسوم (٤). ولم يذكر سندها ، ولا وقفت لها على سند من طرق الأصحاب.
قال ابن إدريس : قد روي رواية في صلاة الأعرابي ، فإن صحّت لا تعدّي ، لأنّ الإجماع على انّ الركعتين بتسليمة (٥).
الخامس : تسقط في السفر نوافل الظهرين عند علمائنا ، لرواية أبي بصير عن الصادق عليهالسلام : « الصلاة في السفر ركعتان ، ليس قبلهما ولا بعدهما شيء ، إلا المغرب فان بعدها أربع ركعات ، لا تدعهن في حضر ولا سفر » (٦).
ورواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام : « لا تصل قبل الركعتين ولا بعدهما شيئا نهارا » (٧).
__________________
(١) الخلاف ١ : ١١٩ المسألة ٢٢١ ، المعتبر ٢ : ١٨.
(٢) راجع : صحيح مسلم ١ : ٥٠٨ ح ٧٣٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤١٨ ح ١٣١٨ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٨٦.
(٣) النهاية لابن الأثير ١ : ٩٣ ، الفائق ١ : ٧٢ ، وراجع : كشف الخفاء ١ : ٣٣٠ ح ٨٧٧.
(٤) مصباح المتهجد : ٢٨١.
(٥) السرائر : ٣٩.
(٦) الكافي ٣ : ٣٤٩ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٤ ح ٣٦.
(٧) التهذيب ٢ : ١٤ ح ٣٢.
رواية أبي يحيى الحناط عن أبي عبد الله عليهالسلام ، انّه قال له : « يا بنيّ : لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة » وقد سأله عن نافلة النهار سفرا (١).
ورواية صفوان بن يحيى عن الرضا عليهالسلام (٢).
وروى معاوية بن عمار وحنان بن سدير عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قضاءها للمسافر ليلا (٣). وحمله الشيخ على الجواز ، لقوله عليهالسلام : « أكره أن أقول لهم لا تصلوا ، والله ما ذلك عليهم » رواه عمر بن حنظلة عنه ، حيث سأله عن قضائها ليلا فنهاه ، فقال : سألك أصحابنا فقلت : أقضوا (٤).
وتثبت الليلية سفرا ، لرواية الحارث بن المغيرة عنه عليهالسلام : « كان أبي لا يدع ثلاث عشرة ركعة بالليل في سفر ولا في حضر » (٥) وهو شامل لنافلة الصبح ، وتختص بقول الرضا عليهالسلام : « صل ركعتي الفجر في المحمل » (٦).
واختلف في الوتيرة ، فالمشهور سقوطها ، وادّعى فيه ابن إدريس الإجماع (٧) لروايتي أبي بصير وأبي يحيى السابقتين (٨).
وفي النهاية : يجوز فعلها (٩) لرواية الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام : « انما صارت العشاء مقصورة وليست تترك ركعتاها لأنها زيادة في
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٨٥ ح ١٢٩٣ ، التهذيب ٢ : ١٦ ح ٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٢١ ح ٧٨٠.
(٢) التهذيب ٢ : ١٦ ح ٤٥ ، ٤٦ ، ٤٨ ، الاستبصار ١ : ٢٢١ ح ٧٨١ ـ ٧٨٣.
(٣) التهذيب ٢ : ١٦ ح ٤٥ ، ٤٦ ، ٤٨ ، الاستبصار ١ : ٢٢١ ح ٧٨١ ـ ٧٨٣.
(٤) التهذيب ٢ : ١٧ ح ٤٧ ، الاستبصار ١ : ٢٢٢ ح ٧٨٤.
(٥) التهذيب ٢ : ١٥ ح ٣٩.
(٦) الكافي ٣ : ٤٤١ ح ١٢ ، التهذيب ٢ : ١٥ ح ٣٨.
(٧) السرائر : ٣٩.
(٨) تقدمتا في ص ٢٩٦ الهامش ٦ والهامش ١ من هذه الصفحة.
(٩) النهاية : ١٢٥.
الخمسين تطوعا ، ليتم بهما بدل كل ركعة من الفريضة ركعتان من التطوع » (١).
قلت : هذا قوي ، لأنه خاص ومعلّل وما تقدّم خال منهما ، الاّ ان ينعقد الإجماع على خلافه.
السادس : تستحب الضجعة بعد نافلة الفجر على الجانب الأيمن ، رواه أبو هريرة وعائشة عن أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) وفعله (٣).
وروينا عن سليمان بن خالد ، قال : سألته ـ يعني أبا عبد الله عليهالسلام ـ عمّا أقول إذا اضطجعت على يميني بعد ركعتي الفجر ، فقال عليهالسلام : « اقرأ الخمس التي في آخر آل عمران الى « الميعاد » ، وقل : استمسكت بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها ، واعتصمت بحبل الله المتين ، وأعوذ بالله من شر فسقة العرب والعجم. آمنت بالله ، وتوكلت على الله ، ألجأت ظهري الى الله ، فوضت أمري الى الله ، ( مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ ، قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) ، حسبي الله ونعم الوكيل. اللهم من أصبحت حاجته الى مخلوق فإنّ حاجتي ورغبتي إليك. الحمد لرب الصباح ، الحمد لفالق الإصباح ـ ثلاثا ـ » (٤).
وهذه الضجعة ذكرها الأصحاب (٥) وكثير من العامة (٦) قال الأصحاب : ويجوز بدلها السجدة والمشي والكلام ، الا انّ الضجعة أفضل (٧).
روى إبراهيم بن أبي البلاد ، قال : صليت خلف الرضا عليهالسلام في
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٩٠ ح ١٣٢٠ ، علل الشرائع : ٢٦٧ ، عيون أخبار الرضا ٢ : ١١٣.
(٢) مسند أحمد ٢ : ٤١٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٢١ ح ١٢٦١ ، الجامع الصحيح ٢ : ٢٨١ ح ٤٢٠.
(٣) صحيح البخاري ٢ : ٣١ ، صحيح مسلم ١ : ٥٠٨ ح ٧٣٦ ، الجامع الصحيح ٢ : ٢٨٢ ح ٤٢٠.
(٤) التهذيب ٢ : ١٣٦ ح ٥٣٠.
(٥) راجع : المقنعة : ٢٢ ، المبسوط ١ : ١٣٢ ، السرائر : ٦٨ ، المعتبر ٢ : ١٩.
(٦) المجموع ٤ : ٢٧ ، المغني ١ : ٧٩٩.
(٧) راجع الهامش ٥.
المسجد الحرام صلاة الليل ، فلما فرغ جعل مكان الضجعة سجدة (١).
قلت : في هذا إيماء إلى الاقتداء بالنافلة ، وتصريح بصلاة النافلة في المسجد ، مع إمكان حمل قوله ( خلف ) على المكان.
وفي مرسلة الحسين بن عثمان عن أبي عبد الله عليهالسلام : « يجزئك من الاضطجاع بعد ركعتي الفجر القيام والقعود والكلام » (٢) ونحوه رواية زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام (٣).
وروى سليمان بن حفص ، قال : قال أبو الحسن الأخير : « إياك والنوم بين صلاة الليل والفجر ، ولكن ضجعة بلا نوم ، فان صاحبه لا يحمد على ما قدّم من صلاته » (٤).
وروى عمر بن يزيد ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « ان خفت الشهرة في التكأة ، أجزأك أن تضع يديك على الأرض ولا تضطجع » وأومأ بأطراف أصابعه من كفه اليمنى فوضعها في الأرض قليلا (٥).
وروى علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام ، فيمن نسي أن يضطجع على يمينه بعد ركعتي الفجر فذكر حين أخذ في الإقامة ، كيف يصنع؟ قال : « يتمم ويصلي ويدع ذلك فلا بأس » (٦).
وكل هذه متضافرة في استحباب الضجعة ورجحانها على غيرها.
ويستحب ان يصلّي على النبي وآله مائة مرة بين ركعتي الفجر وفريضتها ، ليقي الله وجهه من النار ، رواه الصدوق (٧).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٤٨ ح ٢٦ ، التهذيب ٢ : ١٣٧ ح ٥٣١.
(٢) التهذيب ٢ : ١٣٧ ح ٥٣٢.
(٣) التهذيب ٢ : ١٣٧ ح ٥٣٣ ، ٣٣٩ ح ١٤٠٠ ، الاستبصار ١ : ٣٤٩ ح ١٣٢٠.
(٤) التهذيب ٢ : ١٣٧ ح ٥٣٤.
(٥) التهذيب ٢ : ٣٣٨ ح ١٣٩٨.
(٦) التهذيب ٢ : ٣٣٨ ح ١٣٩٩ ، وفيه : « يقيم ويصلي ».
(٧) الفقيه ١ : ٣١٤ ح ١٤٢٦.
السابع : قال في المعتبر : لا يجوز التنفّل قبل المغرب ، لأنّه إضرار بالفريضة ، ولما رواه أبو بكر عن جعفر عليهالسلام : « إذا دخل وقت صلاة مفروضة فلا تطوع » ، ونحوه رواية أديم بن الحر عنه عليهالسلام (١).
قال : وذهب إليه قوم من أصحاب الحديث من الجمهور (٢).
قلت : احتجّوا بما روي في الصحيحين عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم انّه قال : « صلّوا قبل المغرب ركعتين » قاله ثلاثا ، وفي الثالثة : « لمن شاء » كراهة أن يتخذها الناس سنة (٣). وروي عن أنس ، قال : صليت ركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤).
وعورضوا : بما روي عن ابن عمر ، قال : ما رأيت أحدا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يصليهما (٥). وعن عمر : انّه كان يضرب عليهما (٦).
الا انّ الإثبات أصح إسنادا ، وشهادة ابن عمر على النفي. وفعل عمر جاز ان يستند الى اجتهاده. واحتجاج المحقق على المنع بالإضرار ممنوع كما في الرواتب قبل الفرائض. ونفي التطوع في الخبر جاز أن يكون لنفي الأفضلية لا لنفي الصحة ، ولانه مخصوص بالرواتب الباقية ، ويمكن حمله على التطوع بقضاء النافلة ، مع انّه معارض بما روي في التهذيب :
عن سماعة ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يأتي المسجد وقد صلّى أهله ، أيبتدئ بالمكتوبة أو يتطوع؟ فقال : « إن كان في وقت
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٢٠.
والروايتان في التهذيب ٢ : ١٦٧ ح ٦٦٠ ، ٦٦٣ ، الاستبصار ١ : ٢٩٢ ح ١٠٧١.
(٢) المعتبر ٢ : ٢٠.
(٣) صحيح البخاري ٢ : ٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦ ح ١٢٨١ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٧٤.
(٤) صحيح مسلم ١ : ٥٧٣ ح ٨٣٦ ، مسند أبي يعلى ٧ : ٤٣ ح ٣٩٥٦ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٧٥.
(٥) السنن الكبرى ٢ : ٤٧٦.
(٦) صحيح مسلم ١ : ٥٧٣ ح ٨٣٦.