الزجّاج
المحقق: ابراهيم الأبياري
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٨
الثاني
باب ما جاء من حذف المضاف في التنزيل
وليس من هذه الأبواب فى التنزيل أكثر من هذا.
وقد ذكر سيبويه حذف المضاف فى «الكتاب» فى مواضع (١) ، فمن ذلك قوله حكاية عن العرب : اجتمعت اليمامة ، أي أهل اليمامة ؛ وقوله : «صدنا قنوين» (٢) ، أي وحش قنوين (٣).
فما جاء فى التنزيل : قوله تعالى (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (٤) والتقدير : مالك أحكام يوم الدين. وقدّره الفارسىّ تقدير حذف المفعول ، أي : مالك يوم الدّين الأحكام ؛ فتكون «الأحكام» المفعول ، فلا يكون على قوله من هذا الباب.
ومن ذلك قوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ) (٥) أي : فى صحته وتحقيقه.
__________________
(١) الكتاب (١ : ٢٦ و ١٠٩ ؛ ٢ : ٢٥).
(٢) قنوان : جبلان تلقاء المحاجر لبني مرة. (ياقوت).
(٣) وزاد سيبويه : «أو بقنوين» فلا يكون من هذا الباب.
(٤) الفاتحة : ٤.
(٥) البقرة : ١ ، آل عمران : ٩ و ٢٥ ، النساء : ٨٦ ، الأنعام : ١٢ ، الجاثية : ٢٥ ، يونس : ٣٧.
ومنه قوله تعالى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ) (١) أي : على مواضع سمعهم ، فحذف ؛ لأنه استغنى عن جمعه ، لإضافته إلى الجمع ؛ لأن سيبويه قال :
وأمّا جلدها فصليب (٢)
أكثره فى الشعر. وتبعه الفارسىّ فحمل (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) (٣) على حذف المضاف ، أي ذى صدق ؛ وحمل (لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ) (٤) على حذف المضاف.
وخفيت الخافية عليهم فى قوله تعالى : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) (٥) فأضاف المفرد ، وليس هناك مضاف محذوف.
ومنه قوله تعالى : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ) (٦) أي : فى عقوبة طغيانهم.
ومنه قوله تعالى : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) (٧) أي : كأصحاب صيّب من السماء ؛ دليله قوله : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ) (٨) ف «يجعلون» فى موضع الجر وصف للأصحاب ؛ «من الصّواعق» أي : من شدتها وأجلها ؛ وقوله تعالى : (فِيهِ ظُلُماتٌ) (٩) لأنه لا يخلو من أن يعود إلى «الصيّب» أو إلى «السماء» ؛ (١٠) فلا يعود إلى «الصيّب» لأن الصيّب لا ظلمات فيه.
__________________
(١) البقرة : ٧.
(٢) جزء من بيت لعلقمة بن عبدة ، والبيت بتمامه :
بها جيف الحسرى فأما عظامها |
|
فبيض وأما جلدها فصليب |
والشاهد فيه وضع «الجلد» مكان «الجلود». قال سيبويه : «وليس بمستنكر في كلامهم أن يكون اللفظ واحدا والمعنى جميع ، حتى قال بعضهم في الشعر من ذلك ما لا يستعمل في الكلام» ، ثم ساق بيت علقمة. (الكتاب ١ : ١٠٧).
(٣) القمر : ٥٥.
(٤) سبأ : ١٥.
(٥) إبراهيم : ٤٣.
(٦) البقرة : ١٥.
(٨) البقرة : ١٩.
(٩) في الأصل : «السحاب» ، ولم يرد له ذكر في الآية ولا في التقدير.
[ويدل على هذا الحذف] قوله تعالى : (وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) (١) فهما معطوفان على «الظلمات» ولا يجوز أن يكون الرعد والبرق مما ينزل ؛ وأنهما فى السماء ، لاصطكاك بعض أجرامها ببعضها. روى عن الحسن أنّ ذلك من ملك ، فقد يجوز أن يكون الملك فى السحاب ، ويكون من هذا قراءة من قرأ : سحاب ظلمات ، بالإضافة ، لاستقلال السحاب وارتفاعه فى وقت كون هذه الظلمات. وقدّره مرة أخرى ، أي سحاب وفيه الظلمات ؛ فكذلك فيه ظلمات ، أي فى وقت نزوله ظلمات.
ومنه قوله تعالى : (جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) (٢) أي : ذا فراش.
(وَالسَّماءَ بِناءً) (٣) أي : ذا بناء ، (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً) (٤) أي بإنزاله (وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) (٥) أي بإنزاله : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) (٦) ، أي : لانتفاعكم ، ثم (اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) (٧) أي : إلى خلق السماء.
وقوله تعالى : (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) (٨) أي من تحت أشجارها. وقدّره أبو على : من تحت مجالسها.
ومنه قوله تعالى : (إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٩) أي ذا غيب السموات.
وقيل : غيب ، بمعنى غائب ؛ لأن «ذا غيب» صاحب غيب ، وهو يكون غائبا.
__________________
(١) البقرة : ١٩.
(٢) البقرة : ٢٢.
(٣) البقرة : ٣٦.
(٤) البقرة : ٢٩.
(٥) البقرة : ٢٥.
(٦) البقرة : ٣٣.
ومنه قوله تعالى : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) (١) أي : ذا ثمن ، لأن الثمن لا يشترى ، وإنما يشترى شىء ذو ثمن.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) (٢) أي : عقاب يوم ، لا بد من هذا الإضمار ، لأنه مفعول «اتقوا» ، فحذف وأقيم «اليوم» مقامه. فاليوم مفعول به وليس بظرف ، إذ ليس المعنى : ائتوا فى يوم القيامة ، لأن يوم القيامة ليس بيوم التكليف.
ومن حذف المضاف قوله تعالى : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) (٣) أي : انقضاء أربعين ليلة.
قال أبو على : ليس يخلو تعلّق «الأربعين» ب «الوعد» من أن يكون على أنه ظرف أو مفعول ثان ، فلا يجوز أن يكون ظرفا لأن «الوعد» ليس فيها كلها فيكون جواب «كم» ، ولا فى بعضها فيكون كما يكون جوابا ل «متى» ، لأن جواب «كم» يكون عن الكل ، لأنك إذا قلت : كم رجلا لقيت؟ فالجواب : عشرين ، فأجاب عن الكل.
وجواب «متى» جواب البعض. لأنك إذا / قلت : متى رأيت؟ يقال فى جوابه : يوم الجمعة ، وهو بعض الأيام التي يدل عليه «متى» ، فإذا لم يكن ظرفا كان انتصابه بوقوعه موقع المفعول الثاني ، والتقدير : واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة ، أو تتمة أربعين ليلة ، فحذف المضاف ، كما تقول : اليوم خمسة عشر من الشهر ، أي تمامه.
__________________
(١) البقرة : ٤١.
(٢) البقرة : ٤٧ ، ١٢٣.
(٣) البقرة : ٥١.
ونظيره فى الأعراف : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً) (١) أي : انقضاء ثلاثين. (وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) (٢) والميقات هو الأربعون ، وإنما هو ميقات ووعد ، لما روى أن القديم سبحانه وتعالى وعده أن يكلّمه على الطّور.
فأما انتصاب «الأربعين» فى قوله : (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) فذلك كقولك : تم القوم عشرين رجلا. والمعنى : تم القوم معدودين هذا العدد. وتم الميقات معدودا هذا العدد. فيكون «عشرين» حالا ، كما أن معدودين كذلك.
ونظيره قوله تعالى : (وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ) (٣) أي إتيان جانب الطور الأيمن ، فحذف المضاف الذي هو مفعول ثان وقام مقامه «جانب». وليس «جانب» ظرفا لأنه مخصوص ، كقوله :
فواعديه سرحتى مالك (٤)
أي إتيان سرحتى مالك.
ومن ذلك قوله تعالى : (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ) (٥) أو صورته ، لأنهم لم يعبدوا العجل حقيقة من بعده ، أي من بعد خروجه.
وكذلك (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ) فى رأس التّسعين ، فإنه لم يكن فيه حياة كما يكون فى العجل حقيقة ، بل كان صورة مموّهة وصنعوه صورة العجل.
__________________
(١) الأعراف : ١٤٢.
(٢) طه : ٨٠.
(٣) صدر بيت لعمر بن أبي ربيعة. أو تمامه :
أو الربا بينهما أسهلا
وانظر الحاشية (٤ ص ١٠) من هذا الكتاب.
(٤) البقرة : ٥١.
وقيل : من بعد إنجائنا إيّاكم.
نظيره : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي) (١) أي : من بعد وفاتي (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ) (٢) أي عن عبادتكم العجل.
ومثله : (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً) (٣) أي ذوى هزو.
ومنه قوله : (وَكُلا مِنْها رَغَداً) (٤) أي : من نعيمها.
نظيره : (فَكُلُوا) (٥) (مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ) (٦) أي : من نعيمها.
ومثله فى الأعراف (٧).
ومن ذلك قوله : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ) (٨).
أي حبّ عبادة العجل ، فحذف «حب» أولا ، فصار : وأشربوا فى قلوبهم عبادة العجل ، ثم حذف «العبادة».
ومثله : (مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) (٩) أي من أثر تراب حافر فرس الرّسول.
وقال الكلبىّ (١٠) : لما ذرّى العجل / فى اليمّ وشربوا منه الماء ظهرت علامة الذّهب على بدن محبّى العجل ، فذلك قوله : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) (١١).
__________________
(١) البقرة : ١٣٣.
(٢) البقرة : ٥٢.
(٣) البقرة : ٦٧.
(٤) البقرة : ٣٥.
(٥) في الأصل. «وكاوا» بتبديل من الناسخ.
(٦) البقرة : ٥٨.
(٧) يريد الاية ١٦١ من سورة الأعراف (... وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ).
(٨) البقرة : ٩٣.
(٩) طه : ٩٦.
(١٠) الكلبي ، هو أبو النضر محمد بن السائب بن بشر ، نسابة مفسر إخباري. كانت وفاته سنة ست وأربعين ومائة. (تهذيب التهذيب ٩ : ١٧٨ ـ وفيات الأعيان ٢ : ٣٠١).
(١١) البقرة : ٩٣.
(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) (١) أي : ذا أمن. وإن شئت «أمنا» كان بمعنى : آمن.
ومن ذلك قوله تعالى : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ) (٢) أي : لها جزاء ما كسبت (وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ) (٣) أي : جزاء ما كسبتم.
ومنه قوله تعالى : (وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧) خالِدِينَ فِيها) (٤) أي فى عقوبة اللعنة ، وهى النار.
(كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ) (٥) أي : جزاء أعمالهم.
قوله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٦) أي : مثل داعى الذين كفروا (كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ) (٧) لا بد من هذا الإضمار ليكون الداعي بمنزلة الراعي.
وقيل : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٨) : مثل وعظ الذين كفروا ، فحذف المضاف. قال سيبويه : وهذا من أفصح الكلام إيجازا واختصارا ؛ ولأنّ الله تعالى أراد تشبيه شيئين بشيئين: الداعي والكفار ، بالراعي والغنم ؛ فاختصر. وذكر المشبه فى الغنم بالظرف الأول ؛ فدل ما أبقى على ما ألقى. وهذا معنى كلامه.
ومثله : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) (٩) أي أكل الميتة ، فحذف.
__________________
(١) البقرة : ١٢٥.
(٢) البقرة : ١٣٤.
(٣) آل عمران : ٨٧ ، ٨٨. وبدء الآية الأولى : (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ).
(٤) البقرة : ١٦٧.
(٥) البقرة : ١٧١.
(٦) إبراهيم : ١٨.
(٧) البقرة : ١٧٣.
قوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ) (١) [أي : ولكن ذا البر] (٢).
وإن شئت : ولكن البرّ برّ من آمن.
وإن شئت : «كان البر» بمعنى البار ، فلا يكون من هذا الباب. ولا وجه أن يكون التقدير : ولكن البر بر من آمن ، ليكون ابتداء الكلام على الحقيقة ؛ لأنه إذا حذف منه «ذا» ، أو جعل بمعنى البار ، فعلى الوجهين يكون مغيّرا عن أصله.
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) (٣) أي : من جناية أخيه ، وتقديره : من جنايته على أخيه. والعفو : التيسير (٤) دون الصّفح ، كالذى فى قوله. وآخره عفو لله ، أي يسّر له حيث قبلت الصلاة فى آخره قبولها فى أوله ، لم تضيّق على المصلّى.
وقال فى موضع آخر : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) (٥) الآية. هذا فى قبول الدية فى العمد ، أي من يسر له من أخيه القاتل فاتباع بالمعروف ، أي ليتّبعه ولىّ المقتول بالمعروف ، فيتجمّل في المطالبة ، وليؤدّ المطالب ذلك منه إلى ولىّ المقتول بإحسان فلا يمطله ولا يبخسه ، فقوله تعالى : (وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) (٦) مرتفع بالابتداء ، وخبره «له» ، هى مضمرة / فى تقدير الفاعل أن يؤدى إليه أخوه ، والجار فى «بإحسان»
__________________
(١) البقرة : ١٧٧.
(٢) التكملة من تفسير أبي حيان (٢ : ٣) وفيه بعد هذا : «قاله الزجاج».
(٣) البقرة : ١٧٨.
(٤) في الأصل : «وللعفو اليسير». والصواب ما أثبتناه ، بدليل ما بعده.
(٥) البقرة : ١٧٨.
متعلق بمضمر فى موضع حال. والتقدير : متلبسا بإحسان ، أي محسنا. ولا يتعلق بالمصدر نفسه ، لأنه قد تعلق به «إلى» ، والضمير فى «إليه» ، راجع إلى (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ)(١).
ومن ذلك قوله : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) (٢) أي : إلى كرامته.
ومنه قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (٣) أي : فى استيفاء القصاص ، أو فى شرع القصاص.
ومن ذلك قوله تعالى : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) (٤) أي : انتهاك حرمة الشهر الحرام.
(وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ) (٥) أي : ذات قصاص.
ومن ذلك قوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) (٦) أي : أشهر الحج أشهر وإن شئت : الحج حجّ أشهر.
وإن شئت كان : الحجّ نفس الأشهر ، مجازا واتساعا ، لكونه فيها.
__________________
(١) وقيل : اتباع ، على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي فالحكم أو الواجب ، أو فالأمر اتباع. وجاز أيضا رفعه بإضمار فعل تقديره : فليكن اتباع. وجوزوا أيضا أن يكون مبتدأ محذوف الخبر ، وتقديره : فعلى الولي اتباع القاتل بالدية. وقدروه أيضا متأخرا ، تقديره : فاتباع بالمعروف عليه. وأداء ، لكونه معطوفا على «اتباع» فيكون فيه من الإعراب ما قدروا في «فاتباع» ويكون «بإحسان» متعلقا بقوله «وأداء». وجوزوا أن يكون «وأداء» مبتدأ ، و «بإحسان» هو الخبر (تفسير أبي حيان ٢ : ١٣ ـ ١٤).
(٢) البقرة : ١٥٦.
(٣) البقرة : ١٧٩.
(٤) البقرة : ١٩٤.
(٦) البقرة : ١٩٧.
ومن ذلك قوله : (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) (١) أي فى استعمالهما. ووقع فى «الحجة» (٢) : فى استحلالهما ، وهو فاسد ، لأن استحلالهما كفر ، واستعمالهما إثم.
ومن ذلك قوله تعالى : (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي) (٣) أي : ليس من أهل ديني.
ومن ذلك قوله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) (٤) أي : فروج نسائكم.
ومثله قوله تعالى : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) (٥) أي : تضييع بني عمّى ، فحذف المضاف. والمعنى : على تضييعهم الدين ، ونبذهم إياه ، واطراحهم له ، فسأل ربه وليّا يرث نبوّته.
ومنه قوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ) (٦) أي : ملاقون ثواب الله ، كقوله تعالى : (مُلاقُوا رَبِّهِمْ) (٧).
وقوله تعالى : (أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) (٨) أي : ثوابه. وهذا قول نفاة الرؤية. ومن أثبت الرؤية لم يقدّر محذوفا.
ومن ذلك قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) (٩) أي : فلتحدث شهادة رجل وامرأتين أن تضل إحداهما.
__________________
(١) البقرة : ٢١٩.
(٢) هو كتاب : الحجة في القراءات لأبي علي الحسن بن أحمد الفارسي ، المتوفي سنة ٣٧٧ ه.
(٣) البقرة : ٢٤٩.
(٤) البقرة : ٢٢٣.
(٥) مريم : ٥.
(٦) البقرة : ٢٤٩.
(٧) البقرة : ٤٦.
(٨) البقرة : ٢٢٣.
(٩) البقرة : ٢٨٢.
وقال أبو علىّ : لا يتعلق «أن» بقوله : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ... أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) (١) لم يسغ ، ولكن يتعلق «أن» بفعل مضمر دلّ عليه هذا الكلام ، وذلك أن قوله : (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) (٢) يدل على قولك : واستشهدوا رجلا وامرأتين ، فتعلّق «أن» إنما هو بهذا الفعل المدلول / عليه من حيث [ما] ذكرناه.
قال أبو الحسن (٣) فى قوله : (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) (٤) التقدير : فليكن رجل وامرأتان. وهذا قول حسن ، وذلك أنه لما كان قوله (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) (٥) لا بد أن يتعلق بفعل ، وليس فى قوله : (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) (٦) فعل ظاهر ، جعل المضمر فعلا يرتفع به النكرة ويتعلق به المصدر ، وكان هذا أولى من تقدير إضمار المبتدأ الذي هو : ممن شهد به رجل وامرأتان ، لأن المصدر الذي هو : أن تضل إحداهما ، لا يجوز أن يتعلّق به ، لفصل الخبر بين الفعل والمصدر.
فإن قلت : من أي الضّربين تكون «كان» المضمرة فى قوله (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) (٧) هل يحتمل أن تكون الناصبة للخبر ، أو تكون التامة؟
فالقول فى ذلك أن كل واحد منهما يجوز أن يقدّر إضماره ، فإذا أضمرت الذي يقتضى الخبر كان تقديره إضمار المخبر : فليكن ممن يشهدون رجل وامرأتان.
__________________
(١) البقرة : ٢٨٢.
(٢) أبو الحسن ، هو علي بن سليمان بن الفضل النحوي الأخفش الأصغر. توفي ٣١٥ ه (بغية الوعاة ص ٢٣٨).
(٣) البقرة : ٢٨٢.
وإنما جاز إضمار هذه ، وإن كان قد قال : لا يجوز : عبد الله المقتول ، وأنت تريد : كن عبد الله المقتول ، لأن ذكرها قد تقدم ، فتكون هذه إذا أضمرتها لتقدّم الذكر بمنزلة المظهرة ؛ ألا ترى أنه لا يجوز العطف على عاملين؟
ولما تقدم ذكر «كل» فى قوله :
أكلّ امرى تحسبين امرأ |
|
ونار توقّد فى اللّيل (١) نارا |
كان «كل» بمنزلة ما قد ذكر فى قوله : ونار توقد بالليل ...
وكذلك جاز إضمار «كان» المنتصبة للخبر كما أضمر بعد «إن» فى قوله : إن خنجرا فخنجر ، لما كان الحرف يقتضيها.
ويجوز أن تضمر التامة التي بمعنى الحدوث والوقوع ؛ لأنك إذا أضمرتها أضمرت شيئا ، وإذا أضمرت الأخرى احتجت أن تضمر شيئين ، وكلما قل الإضمار كان أسهل ، فأيهما أضمرت فلا بد من تقدير المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه. المعنى : فليحدث شهادة رجل وامرأتين ، أو يقع ، أو نحو ذلك. ألا ترى أنه ليس المعنى : فليحدث رجل وامرأتان ، ولكن لتحدث شهادتهما ، أو تقع ، أو تكن شهادة رجل وامرأتين ممن (٢) يشهدون.
ويجوز أن يتعلق قوله (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) بشىء ثالث ، وهو أن تضمر / خبر المبتدأ ، ويكون العامل فى «أن». وموضع إضماره فيمن فتح الهمزة من (أَنْ تَضِلَّ) قبل أن ، وفيمن كسر «إن» بعد انقضاء الشرط بجوابه. يعنى أن من كسر «إن» يجعل الجملة الشرطية وصفا لقوله (امْرَأَتانِ) والصفة قبل الخبر.
__________________
(١) في الأصل : «في الحرب» وما أثبتنا عن سيبويه (الكتاب ١ : ٣٣). يريد : وكل نار. والبيت لأبي داود.
(٢) في الأصل : «مما».
فقد جاز فى (أَنْ تَضِلَّ) أن تتعلّق بأحد ثلاثة أشياء :
أحدها : المضمر الذي دل عليه قوله : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ) (١).
والثاني : الفعل الذي هو : فليشهد رجل وامرأتان.
والثالث : الفعل ، الذي هو خبر المبتدأ.
فإن قيل : فإن الشهادة لم توقع للضلال الذي هو النسيان ، إنما وقعت للذكر والحفظ.
فالقول فى ذلك أن سيبويه قد قال : أمر بالإشهاد لأن تذكّر إحداهما الأخرى ، ومن أجل أن تذكّر إحداهما الأخرى. وذكر الضلال لأنه سبب للإذكار ، كما تقول : أعددته أن تميل الحائط فأدعمه. وهو لا يطلب بذاك ميلان الحائط ، ولكنه أخبره بعلة الدّعم وسببه.
ومن حذف المضاف قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) (٢). أي : فنعم شيئا إبداؤها ، فحذف المضاف ، وهو إبداء ، فاتصل الضمير فصار «ها هى» لأن «ها» يتصل بالاسم. فإذا انفصل قيل : هى.
ومن ذلك قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) (٣). أي : إنّ أكله.
ومثله : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ) (٤). أي : وقت دوامى فيهم.
ومثله : (أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ) (٥) أي : بوقت لبثكم.
__________________
(١) البقرة : ٢٨٢.
(٢) البقرة : ٢٧١.
(٣) النساء : ٢.
(٤) المائدة : ١١٧.
(٥) الكهف : ١٩.
وقال : (يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) (١) أي : فى عملها وتأهبها. ويجوز أن تعود «الهاء» إلى «ما» حملا على المعنى.
ومثله : (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ) (٢) أي : من قبل تلاوته.
ومن حذف المضاف قوله تعالى : (سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ) (٣) أي : جزاء قولهم (٤) ، لقوله (٥) : (وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ) (٦) والوصف القول ، فحذف المضاف كقوله تعالى : (فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) (٧) أي : فى دخولها استمتاع لكم. ألا ترى أنه قيل : أراد به البنادق (٨).
ومثله : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) (٩). أي: ليس عليكم جناح العمل وإثمه دون الخطأ.
ومثله : (رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ) (١٠) تقديره تقدير حذف المضاف ، أي : من عقوبة ما يعملون ، أو جزاء ما يعملون. ألا ترى أن الأنبياء تعتزل عن المعاقبين / فى المحلّ إذا عوقبوا ؛ على هذا (وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ) (١١) وقوله تعالى : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) (١٢) ونحو ذلك. ويجوز أن يكون التقدير : من مشاهدة ما يعملون.
__________________
(١) الأنعام : ٣١.
(٢) يونس : ١٦.
(٣) الأنعام : ١٣٩.
(٤) في الكشاف (٢ : ٧٢) : «وصفهم».
(٥) في الأصل : «كقوله».
(٦) الأنعام : ١٣٨.
(٧) النور : ٢٩.
(٨) كذا في الأصل. ولعل توجيه العبارة : «أو الفنادق». أي البيوت المستثناة من الاستئذان. قال الزمخشري (٣ : ٢٢٨) : «استثنى من البيوت التي يجب الاستئذان على داخلها. ما ليس بمسكون منها ، وذلك نحو الفنادق ، وهي الخانات والربط وحوانيت البياعين».
(٩) الأحزاب : ٥.
(١٠) الشعراء : ١٦٩.
(١١) الدخان : ٢١.
(١٢) هود : ٨١.
ومثله : (إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا) (١) أي : أمور هذه الحياة الدنيا ، وإنما تقضى بوقت هذه الحياة الدنيا ؛ فعلى الأول مفعول ، وعلى الثاني ظرف.
وكقوله تعالى : (بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) (٢) أي : بهزّ جذع النخلة. وقيل : الباء زيادة. وقيل : وهزى إليك رطبا بجذع النّخلة.
وكقوله تعالى : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) (٣) أي : مواضع الصلاة. ألا ترى أنه إنما يعبر موضع الصلاة ، وموضع الصلاة هو المسجد ؛ لأن سائر المواضع عبوره قد وقع الاتفاق على إباحته.
ومن ذلك قوله تعالى : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) (٤) أي : من توهين دينكم.
ومثله قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ) (٥) أي : فى مواضع سكناهم ، فحذف المضاف ، والمسكن : السّكنى.
[و] قال : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) (٦) أي : فى مواضع قعود صدق ، فلا يكون من باب قوله :
فى حلقكم عظم وقد شجينا (٧)
وأمّا جلدها فصليب (٨)
لأن ذلك فى الشعر.
__________________
(١) طه : ٧٢.
(٢) مريم : ٢٥.
(٣) النساء : ٤٣.
(٤) المائدة : ٣.
(٥) سبأ : ١٥.
(٦) القمر : ٥٥.
(٧) عجز بيت للمسيب بن زيد مناة الغنوي ، وصدره :
لا تنكر القتل وقد سبينا
والشاهد فيه وضع الحلق موضع الحلوق.
(٨) جزء من بيت لعلقمة بن عبدة ، والبيت كاملا :
بها جيف الحسري فأما عظامها |
|
فبيض وأما جلدها فصليب |
والشاهد فيه وضع الجلد موضع الجلود ، لأنه اسم جنس ينوب واحده عن جميعه ، فأفرد ضرورة لذلك. (الكتاب لسيبويه ١ : ١٠٧).
كذا ذكره سيبويه وأبو علىّ ، وقد وجدنا خلاف ذلك فى التنزيل.
وقال : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (١). وقال : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) (٢).
ومن ذلك قوله تعالى : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ) (٣) أي : بعذابكم ، أي : لا وزن لعذابكم عنده لو لا دعاؤكم (٤) الآلهة الذين أشركتموها فى عبادته. والمفعول الذي هو مفعول المصدر محذوف ، وكل واحد من الفاعل والمفعول قد يحذف مع المصدر.
ويجوز أن يكون قوله تعالى : (لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) (٥) الآلهة ، أي : عبادتكم إيّاها.
وعلى هذا قوله تعالى : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (٦) أي : لم يكن يعذّبكم بعذابه لو لا دعاؤكم الآلهة ، ولكن إذا عبدتم داعين إليها ، كما يرغب الموحدون مجتهدين فى دعاء الله وعبادته ، عذّبكم. ويقوّى أن الدعاء يراد به دعاء الآلهة ، الذي هو العبادة لها والرغبة إليها فى دعائها ، قوله : (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ) لأنهم إذا دعوا الآلهة فقد كذبوا الموحدين فى توحيدهم وكذّبوا الرسل (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً). أما فاعل (يَكُونُ) للعذاب المحذوف لذى قد حذف / وأقيم المضاف إليه مقامه ، أي : سوف يكون العذاب لازما لكم. و (لِزاماً) مصدر ، فإما أن يكون بمعنى لازم ، أو يكون : ذا لزام.
__________________
(١) إبراهيم : ٤٣.
(٢) الأعراف : ١٥٧.
(٣) الفرقان : ٧٧.
(٤) الزمر : ٣.
ومثله : (وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا) (١) أي : حين كبرهم ؛ لأنهم إذا كبروا زالت ولايتهم عنهم.
ومثله : (لَحَبِطَ عَنْهُمْ) (٢) أي : عن ثواب أعمالهم ، فلهذا عدّاه ب «عن».
ومثله : (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ) (٣) أي : هل يسمعون دعاءكم.
ومثله : (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) (٤) أي : من أجل ما يعلمون ، وهو الطاعة ، كقوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٥).
وقال الله تعالى : (يُسارِعُونَ فِيهِمْ) (٦) أي : فى معونتهم.
وقال الله تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (٧) أي : من إحدى القريتين : مكة والطائف ، أي : أبى مسعود الثقفي ، [أ] و : الوليد بن المغيرة. هكذا قالوه. وأنكره الأسود ، وقال : هذه الآية نزلت فى الأخنس بن شريق الثّقفي ، وكان من أهل الطائف ، وكان ينزل مكة ، وهو حليف لبنى زهرة ، وهو أحد المنافقين. مطاع ، فلما كان ثقيفيّا من أهل الطائف ثم نزل مكة ، جاز أن يقال : على رجل من القريتين. وهذا ظاهر.
__________________
(١) النساء : ٦.
(٢) الأنعام : ٨٨.
(٣) الشعراء : ٧٣.
(٤) المعارج : ٣٩.
(٥) الذاريات : ٥٦.
(٦) المائدة : ٥٢.
(٧) الزخرف : ٣١.
ومثله : (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) (١) المعنى : من مال عباده نصيبا ، لأن الجزء هو النّصيب ؛ كقوله تعالى : (وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ) (٢).
ومثله : (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) (٣) أي : وليأخذ باقيهم.
كقوله تعالى : (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) (٤) أي ليتفقّه باقيهم. وقال : (لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) (٥) أي : من شرب رجز ؛ كقوله تعالى : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ)(٦).
وقال الله تعالى : (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) (٧) أي : فى محلّ عليين ، وهم الملائكة.
ومثله : (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا) (٨) أي : مسّ حاجة من فقد ما أوتوا.
ومثله : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) (٩) أي : من ترك ذكر الله.
ومثله : (عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) (١٠).
__________________
(١) الزخرف : ١٥.
(٢) النحل : ٥٦.
(٣) النساء : ١٠٢.
(٤) التوبة : ١٢٢.
(٥) سبأ : ٥.
(٦) إبراهيم : ١٦.
(٧) المطففين : ١٨.
(٨) الحشر : ٩.
(٩) الزمر : ٢٢.
(١٠) ص : ٣٢.
ومثله : (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) (١) أي من بعد إضلال (٢) الله إياه ، يطبعه على قلبه ، جزاء بأعمالهم الخبيثة.
ومثله (اسْتَحَقَّا إِثْماً) (٣) أي عقوبة إثم.
ومثله : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) (٤) تقدير هذا الكلام : إنى أريد الكفّ عن قتلى / كراهة أن تبوء بإثم قتلى وإثم فعلك ، الّذى من لا بد من هذا التقدير ، فموضع «أن تبوء» نصب ، لأنه قام مقام «كراهة» الذي كان مفعولا له ، وليس مفعول «أريد».
ومثله : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) (٥) أي : كراهة أن تضلّوا ، ولئلا تضلوا. عن الكوفي. وعن النّحاس : أن موضع (أَنْ تَضِلُّوا) نصب بوقوع الفعل عليه ، أي يبين الله لكم الضلالة.
ومثله : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (٦) أي كراهة أن تميد بكم.
ومثله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) (٧) أي : كراهة أن يؤتى.
__________________
(١) الجاثية : ٢٣.
(٢) في الأصل : «عضو». ولا يستقيم بها الكلام. (الكشاف ٤ : ٢٩١).
(٣) المائدة : ١٠٧.
(٤) المائدة : ٢٩.
(٥) النساء : ١٧٦.
(٦) النحل : ١٥.
(٧) آل عمران : ٧٣.
وفيه قول آخر ستراه فى حذف الجار.
ومثله : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) (١) أي : أسباب الموت ، فحذف المضاف ، يدل عليه : (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) أي : رأيتم أسبابه ، لأن من رأى الموت لم ير شيئا.
ومثله : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٢) أي : شكر رزقكم ، فحذف المضاف.
ومثله : (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) (٣) أي : من فى طلب النار ، أو قرب النار.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) (٤).
قال محمد بن كعب : كانوا ثمانية ، والثامن راعى كلبهم.
فيكون التقدير : وثامنهم صاحب كلبهم.
والجمهور على خلافه ، وأنهم كانوا سبعة وثامنهم كلبهم.
ومثله من حذف المضاف ، قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ) (٥) أي : عند جزاء عمله.
__________________
(١) آل عمران : ١٤٣.
(٢) الواقعة : ٨٢.
(٣) النمل : ٨.
(٤) الكهف : ٢٢.
(٥) النور : ٣٩.