إعراب القرآن - ج ١

الزجّاج

إعراب القرآن - ج ١

المؤلف:

الزجّاج


المحقق: ابراهيم الأبياري
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٨

[ومما جاء فى سورة] (١) «الجمعة» :

المضمومة : (مِنْ قَبْلُ لَفِي) (٢).

ليس فى «المنافقين» و «التغابن» شىء.

[ومما جاء فى سورة] (٣) «الطلاق» :

المضموم : (حَيْثُ سَكَنْتُمْ) (٤).

المكسورة : (عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها) (٥).

[ومما جاء فى سورة] (٦) «التحريم» :

[المضمومة] (٧) : (لِمَ تُحَرِّمُ ما) (٨).

[ومما جاء فى سورة] (٩) «الملك» :

المضمومة : (تَكادُ تَمَيَّزُ) (١٠).

[ومما جاء فى سورة] (١١) «القلم» :

المضمومة : (أَكْبَرُ لَوْ كانُوا) (١٢).

[ومما جاء فى سورة] (١٣) «الحاقة» :

المضمومة : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (١٤).

[ومما جاء فى سورة] (١٥) «نوح» عليه‌السلام :

المضمومة : (لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ) (١٦).

__________________

(١) تكملة اقتضاها السياق.

(٢) الجمعة : ٢.

(٤) الطلاق : ٦.

(٥) الطلاق : ٨.

(٨) التحريم : ١.

(٩) الملك : ٨.

(١٠) القلم : ٣٣.

(١١) الحاقة : ٤٠.

(١٢) نوح : ٤.

٢٤١

[ومما جاء فى سورة] (١) «الجن» :

المضمومة : (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) (٢). (يَجْعَلُ لَهُ) (٣)

المكسورة : (عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ) (٤).

[ومما جاء فى سورة] (٥) «المزمل» :

المكسورة : (عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً) (٦).

[ومما جاء فى سورة] (٧) «المدثر» :

المضمومة : (سَقَرُ لا) (٨) (تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ) (٩).

[ومما جاء فى سورة] (١٠) «الإنسان» :

المضمومة : (نَحْنُ نَزَّلْنا) (١١).

المكسورة : (الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ) (١٢).

[ومما جاء فى سورة] (١٣) «والمرسلات» :

المضمومة : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ) (١٤).

المكسورة : (ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) (١٥).

__________________

(١) تكملة اقتضاها السياق.

(٢) الجن : ١٢.

(٣) الجن : ٢٥.

(٤) الجن : ١٧.

(٦) المزمل : ٢٠.

(٨) المدثر : ٢٧ ، ٢٨.

(٩) المدثر : ٢٨ ، ٢٩.

(١١) الإنسان : ٢٣.

(١٢) الإنسان : ١.

(١٤) المرسلات : ٣٦.

(١٥) المرسلات : ٣٠.

٢٤٢

[ومما جاء فى سورة] (١) «النازعات» :

المضمومة : (الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا) (٢).

المكسورة : [و] (وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً) (٣).

[ومما جاء فى سورة] (٤) «التكوير» :

المضمومة : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (٥).

[ومما جاء فى سورة] (٦) «التطفيف» :

المكسورة : (الْفُجَّارَ لَفِي) (٧) (الْأَبْرارَ لَفِي) (٨).

[ومما جاء فى سورة] (٩) «البروج» :

المكسورة : (وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ) (١٠).

[ومما جاء فى سورة] (١١) «القدر» :

[المضمومة] (١٢) : (لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (١٣).

[المكسورة] (١٤) : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (١٥) تشم إشمام الكسر ، (مَطْلَعِ الْفَجْرِ).

[ومما جاء فى سورة] (١٦) «لم يكن» :

[المكسورة] (١٧) : (الْبَرِيَّةِ جَزاؤُهُمْ) (١٨).

__________________

(١) تكملة اقتضاها السياق.

(٢) النازعات : ٦ ، ٧.

(٣) النازعات : ٣ ، ٤.

(٤) التكوير : ١٨.

(٥) المطففين : ٧.

(٦) المطففين : ١٨.

(٧) البروج : ١٠.

(٨) القدر : ٢.

(٩) القدر : ١.

(١٠) البينة : ٧ ، ٨.

٢٤٣

(ومما جاء فى سورة) (١) «العاديات» :

(المكسورة) (٢) (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) (٣) (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) (٤) (لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (٥).

[ومما جاء فى سورة الهمزة] (٦) :

(تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) (٧).

فهذا ما جاء فى الإدغام من الإشمام ، وجميع ما أدغمه أبو عمرو. ومما ذكرنا نشير إلى إعراب الحروف المدغمة فى الخفض والرفع إلا الباء فى الميم ، والميم فى الميم ، والفاء فى الفاء ، والفاء فى الميم ، والميم فى الباء ، والباء فى الباء ، والباء فى الميم ، فإنه كان لا يشير إلى الإعراب إلا فى رواية مدين والمعدّل ، فإنه كان يشير إلى إعرابهن ، كقوله تعالى : (يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) (٨) و (يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ) (٩) و (يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) (١٠) و (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ)(١١) و (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ) (١٢) [و] (الصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا) (١٣) ولا يشم هذا وأمثاله فى ظاهر الرواية.

قال سيبويه : زعموا أن أبا عمرو قرأ (يا صالِحُ ائْتِنا) (١٤) جعل الهمزة ياء ، ثم لم يقلبها واوا. ولم يقولوا هذا فى الحرف الذي ليس منفصلا. وهذه لغة ضعيفة ، لأن قياس هذا أن يقول : يا غلام وجل.

قال أبو على : القول فى ذلك أن الفاء من «أتى» همزة ، فإذا أمرت منه أدخلت همزة الوصل على الهمزة التي هى فاء ، فاجتمعت همزتان ، فقلبت الثانية بحسب الحركة التي على الأولى ، فصار حينئذ «إيت». وهذه الهمزة إذا

__________________

(١) زيادة اقتضاها السياق.

(٢) العاديات : ١.

(٣) العاديات : ٢.

(٤) العاديات : ٨.

(٥) الهمزة : ٧.

(٦) الماعون : ١.

(٧) المائدة : ٩٩.

(٨) البقرة : ١١٣.

(٩) العنكبوت : ٢١.

(١٠) المطففين : ٢٤.

(١١) قريش : ٢ ، ٣.

(١٢) الأعراف : ٧٧.

٢٤٤

اتصل الفعل الذي هى فيه بكلام قبله سقطت ، فلك فى التي هى فاء ضربان : إن شئت تركتها مبدلة ، وإن شئت خففتها.

أما وجه التخفيف ، فإنك إنما خففت لاجتماع الهمزتين ، فلما زالت العلة التي لها أبدلت ، عادت مخفّفة.

هذا وجهه ، وهو قياس. إلا أن الوجه الآخر أشبه على مذهب العربية وطرقها ، ألا ترى أنا نجد الأفعال يلزم بعضها اعتلال فى موضع العلة ، فإذا زالت تلك العلة أجرى السائر فى الاعتلال ، وإن خلا من العلة ، جرى ما فيه العلة ، وذلك نحو : يعد ، ويقوم ، ويقول ، وما أشبهه. وكذلك ينبغى أن تترك الهمزة التي هى فاء فى الأمر من «أتى» مخفّفة.

فهذا حجة أبى عمرو ، وعلى هذا تحمل قراءته «يومنون» مخففة ، لم يحقق الهمزة من «يؤمنون» بعد أن تكلم بأنها مخففة ، كقولك : جؤنة ، ثم جون. ولكنه خفّف الهمزة فى «آمن» لاجتماع الهمزتين ، وكذلك فى «أؤمن» ثم انتظم المضارع ما فى الماضي اللازم فيه القلب ، لاجتماع الهمزتين ، ما خلا همزة «أفعل» الزائدة ، فصارت حرف المضارعة المضموم الألف المنقلبة عن الهمزة التي هى فاء ساكنة ، فقلبها واوا ، فخفف «يومنون» على هذا اتباعا لبعض الفعل بعضا ، لا على التخفيف فى «جؤنة» وإن كانت اللفظتان متفقتين أيضا ، فعلى هذا أيضا لم يحقق الهمزة فى : يا صالح إيتنا (١) ، ولم تقلب الياء الهمزة التي هى فاء واوا ، وإن كانت ساكنة مضموما ما قبلها ، وشبّهها «بقيل». قال سيبويه : وهذه لغة رديئة يلزم من / قالها أن يقول : يا غلام اوجل.

__________________

(١) في الأصل : «في صاديا صالح آيتنا».

٢٤٥

يريد أنه كما لم يقلب الياء الساكنة المضموم ما قبلها واوا ، كذلك يلزمه ألا يقلب الواو الساكنة المكسور ما قبلها ياء.

وهذا الذي ألزمه إياه فى قراءته (يا صالِحُ ائْتِنا) من قوله : يا غلام اوجل ، لا يقوله أحد.

قال : وأخبرنى أبو بكر محمد بن السرى ، قال : أخبرنا أبو العباس ، أن أبا عثمان قال : لا يلزم أبا عمرو ما ألزمه سيبويه من قوله : يا غلام اوجل ، وذلك أنه قاس قوله (يا صالح يتنا) على شىء موجود مثله ، وهو قولهم : قيل ، وسيق ، وليس فى الكلام متصلة ومنفصلة ، مثل : يا غلام وجل لا مخففة الحركة ولا مشممتها ، فلا يلزمه : يا غلام وجل ، وقد ثبت قوله : (يا صالح يتنا) قياسا على ما ذكرنا.

قال أبو على : فالقراءة بتخفيف الهمز وإبداله فى قوله (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي)(١) و (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) (٢) وما أشبه ذلك ، مثال (يا صالح يتنا) وما أشبه ذلك.

هذا أقوى عندى فى العربية لما ذكر.

ومما جاء فيه الإشمام :

(قِيلَ) (٣) و (وَغِيضَ) (٤) و (سِيءَ) (٥) و (وَسِيقَ) (٦) و (وَحِيلَ)(٧) و (وَجِيءَ) (٨) جاء فى هذه الأوائل إشمام الضم ، ليعلم أن أصله كله «فعل».

__________________

(١) التوبة : ٤٩.

(٢) البقرة : ٢٨٣.

(٣) النحل : ٢٤.

(٤) هود : ٤٤.

(٥) هود : ٧٧.

(٦) الزمر : ٧١ ، ٧٣.

(٧) سبأ : ٥٤.

(٨) الفجر : ٢٣.

٢٤٦

ألا ترى أنهم قالوا : أما كيد زيد يفعل ، وما زيل يفعل ، وهم يريدون «فعل». فإذا حّركوا الفاء هذه التحريكة أمن بها التباس الفعل المبنى للفاعل بالفعل المبنى للمفعول ، وانفصل بها ، فدلت عليه ، وكان أشد إبانة للمعنى المراد.

ومن الحجة فى ذلك : أنهم قد أشموا نحو «ردّ» و «عدّ» وما أشبه ذلك من التضعيف المبنى على «فعل» ، مع أن الضمة الخالصة تلحق فاءه ، فإذا كانوا قد تركوا الضمة الصحيحة إلى هذه فى المواضع التي تصح فيها (١) الضمة ، فإلزامها حيث تلزم الكسرة فيها (٢) فى أكثر اللغات أجدر.

ودل استعمالهم هذه الحركة فى «ردّ» ونحوه من التضعيف على تمكنها فى «قيل» و «بيع» وكونها أمارة للفعل المبنى للمفعول به ، ولو لا ذلك لم تنزل الضمة المحضة إليها فى نحو قولهم «ردّ» ونحوه ، / من الحجة فى ذلك أنهم قد قالوا : أنت تغزين ، فألزموا الزاى إشمام الضمة و «زين» من «تغزين» بمنزله «قيل» فكما ألزم الإشمام هنا كذلك يلزم ذلك فى «قيل».

ألا ترى أن من قال «بيع» و «قيل» قال : «اختير» و «انقيد» ، فأشم ما بعد الخاء والنون لمّا كان بمنزلة : «قيل» ، «بيع» ، وكما ألزم بالإشمام نحو «لا تغزين» ، لينفصل من باب «ترمين» كذلك ألزم «قيل» و «بيع» الإشمام فى الضمة لينفصل من الفعل المبنى للفاعل فى «كيد» و «زيل» وليكون أدل على فعل.

فإن قلت : فهلا ألزم القاف فى «قيل» ونحوه إشمام الضمة كما ألزم «تغزين»؟

__________________

(١) في الأصل : «فيه» في الموضعين.

٢٤٧

فالقول إن هذه الحركة لما لم تكن ضمة خالصة ولا كسرة محضة ضعفت فى الابتداء بخروجها عما عليه الحركات اللاحقة أوائل الكلمة المبتدأ بها.

ألا ترى أن أبا عمرو لم يشم فى الاستئناف فى «يا صالح يتنا» وقد قدمنا أن أبا عمرو فى الإدغام يشم المرفوع والمضموم ، وأبو على يفرق بينهما ، فزعم أن أبا عمرو لا يشم ، يقول : إيذن لى ، كما يشم «يا صالح يتنا» والصحيح ما قدمنا.

ومما يدل على أن هذه التحريكة قد صارت أمارة لبناء الفعل للمفعول به ، وأنها ممّا يختص به الفعل ، أنك لو سميت رجلا بمثل «قيل» و «بيع» شيئا وخلعت منه الضمير الذي كان فيه لأخلصت الكسرة فقلت : قيل ، وبيع.

فدل هذا من مذهب سيبويه على أن هذه الحركة أشبه عنده بالفعل ، وأشد لزوما من الأمثلة التي تختص بالفعل ، ولا يكون فى الاسم ، نحو : ضرب ، وضورب ، وضرّب.

ألا ترى أنك لو سميت بشىء من ذلك مجردا من الضمير لم تغيره عن بنائه إلى ما يختص الاسم ، وقد رأى تغيير هذه الحركة وإخلاسها كسرة.

ومما يقوّى قول من قال «قيل» أن هذه الضمة المنحوّ بها نحو الكسرة قد جاءت فى نحو قولهم : «شربت من المنقر» ، وهو بئر ضيقة ، و «هذا ابن مذعور» ، و «ابن بور» ، فأمالوا هذه الضمات نحو الكسرة لتكون أشد مشاكلة / لما بعدها وأشبه به ، وهو كسر الراء.

٢٤٨

وإذا أخذوا بهذا التشاكل «اللفظ» ، حيث لا تميز معنى من معنى آخر ، فأن يلزموا ذلك حيث يزيل اللبس ويخاصّ معنى من معنى ، أجدر وأولى.

قال الرّازى : وإذا ريم إدغام المتحرك سكن ، غير أن القراءة يسمون الضم والكسر عند الإدغام إبانة عن الأصل ، إذا اختلف حركتا المدغم فيه ، أو حركة المدغم وما قبله ، أو سكن ، وكان الساكن جامدا ، فإن كان ذائبا فأنت مخيّر فيه بين إشمام الحركة وإتمام المد ، أو الجمع بين قليل من المد وقليل من الإشمام ، إلا إذا كانت الذائبة واوا قبلها ضمة ، وكان المدغم مرفوعا ، أو كانت ياء قبلها كسرة وكان المدغم مجرورا ، فإنك تمده لا غير ولا إشمام للنصب. ومنهم من يفرق فى ذلك بين حركات البناء والإعراب ، فيشم للإعراب فقط ، والإشمام للباء والميم الفاء فى إدغامها.

وكان الدّورىّ لا يشم بتة ، ولعل ذلك كان منه لضرر كان به ، لأن الإشمام مرئى غير مسموع ، وهو قول النّحاة.

ومن ترك الإشمام لزمه تفخيم (الْأَبْرارِ (١٩٣) رَبَّنا) (١) ونحوه حال الإدغام.

وإشمام الكسر يسمى روما وإشمام الضم دون الرّوم.

قال الفراء : كان أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف يقفون بروم الحركة على المرفوع والمجرور ونحو (نَسْتَعِينُ) (٢) و (مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (٣) و (يَشاءُ) (٤)

__________________

(١) آل عمران : ١٩٣ ، ١٩٤.

(٢) الفاتحة : ٤.

(٣) فصلت : ٣٢.

(٤) الكهف : ٢٤.

٢٤٩

ونحو ذلك ، إلا أن يكون هاء منقلبة عن تاء التأنيث ، نحو (رَحْمَةٌ) (١) فإنهم لا يرومون فى ذلك ، [و] الباقون يقفون على السكون.

ومن هذا الباب ما رواه أبو بكر عن عاصم فى قوله تعالى (بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ) (٢) بإشمام الدال الضمة وكسر النون والهاء.

قال أبو على : هذا ليعلم أن الأصل كان فى الكلمة الضمة ، ومثل ذلك قولهم : «أنت تغزين» ، وقولهم : «قيل» ، أشممت الكسرة فيها الضمة لتدل على أن الأصل فيها التحريك بالضم.

فإن كان إشمام «عاصم» ليس فى حركة خرجت إلى اللفظ ، وإنما هو تهيئة العضو لإخراج الضمة.

/ ولو كانت مثل الحركة فى «تغزين» لم يلتق ساكنان ، ولم يكسر النون لاجتماعهما ، ولكن يجتمعان فى أن أصل الحرف التحريك بالضم ، وإن اختلفا فى أن الحركة فى «تغزين» قد خرجت إلى اللفظ ولم تخرج فى قوله «لدن».

وأما وصله الهاء بباء فى الوصل فحسن ، ألا ترى أنه لو قال : ببابه ، وبعبده ، فلم يوصل الهاء بباء لم يحسن ، ولكان ذلك مما يجوز فى الشعر.

وكذلك أبو بكر عن عاصم فى قوله (مِنْ لَدُنَّا) (٣) يشم الدال شيئا من الضم ، واختلف عن يحيى والله أعلم.

__________________

(١) الكهف : ١٠.

(٢) الكهف : ٢.

(٣) الكهف : ٦٥.

٢٥٠

الثاني عشر

هذا باب ما جاء في التنزيل ويكون الجار والمجرور

في موضع الحال محتملا ضميرا من صاحب الحال

وذلك معروف فى كلامهم ، حكى عن العرب «خرج زيد بسلاحه» أي : متسلحا.

فمن ذلك قوله تعالى ، فى أحد التأويلين : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (١) قال أبو على : أي يؤمنون إذا غابوا عنكم ، ولم يكونوا كالمنافقين الذين يقولون : (إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (٢)

وقد قال : (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) (٣)

/ وقال : (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) (٤) وقال أبو ذؤيب :

أخالد ما راعيت من ذى قرابة

فتحفظنى بالغيب أو بعض ما تبدى

فالجار مع المجرور فى موضع الحال ، أي : يحفظني غائبا.

ويخشون ربهم غائبين من مراءاة الناس ، لا يريدون بإيمانهم التصنع والتقرب رجاء المنالة ، ولكن يخلصون إيمانهم لله.

__________________

(١) البقرة : ٣.

(٢) البقرة : ١٤.

(٣) الأنبياء : ٤٩.

(٤) ق : ٣٣.

٢٥١

قال : ويجوز فيها وجه آخر : وهو أن هذه الآية إجمال ما فصل ، فى قوله :

(وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) (١)

والموصوفون فيها خلاف من وصف فى قوله :

(وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) (٢) وكفرهم بالملائكة ادعاؤهم بنات الله فيها ، كما ادعوا فى قوله : (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ) (٣) وقوله : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) (٤) وكفرهم بالكتاب إنكار له فى قوله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) (٥) وكفرهم بإرسال الرسل إنكارهم إرسالهم ، نحو قوله : (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ) (٦) وقوله : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) (٧)

وكفرهم بالآخرة ، قوله : (لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي) (٨) وكل هذه الأمور غيب قد أنكروه ودفعوه ، فلم يؤمنوا به ولم يستدلوا على صحته. فقال تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (٩) أي : بهذه الأشياء التي كفروا بها ، هؤلاء الذين ذكر كفرهم بها عنهم ، وخصهم بالإيقان بالآخرة فى قوله : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (١٠) وإن كان الإيمان قد شملها ، لما كان من كفر المشركين بها وجحدهم إياها ، فى نحو ما حكى عنهم فى قوله تعالى : (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا) (١١).

__________________

(١) البقرة : ٢٨٥.

(٢) النساء : ١٣٦.

(٣) الزخرف : ١٦.

(٤) الزخرف : ١٩.

(٥) الأنعام : ٩١.

(٦) المؤمنون : ٣٤.

(٧) الفرقان : ٤١.

(٨) سبأ : ٣.

(٩) البقرة : ٣.

(١٠) البقرة : ٤.

(١١) الجاثية : ٢٤.

٢٥٢

ومن ذلك قوله تعالى : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) (١) أي : حامدين لك.

نظيره : (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) (٢) أي حامدين (٣) له.

نظيره : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (٤) أي : حامدين له ، ومن ذلك قوله : (آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) (٥) أي : مجدين مجتهدين.

نظيره بعده فى الأعراف : (أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) (٦) أي بجد واجتهاد.

ومن ذلك قوله تعالى : (وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) (٧) أي : محسنا ، أي له أن يؤدى إليه محسنا لا مماطلا.

ومن ذلك قوله : (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (٨) أي : مؤتمرة بأمر الله ، فالباء فى موضع الحال.

ومن ذلك قوله تعالى : (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً) (٩) ف «الكتاب» مفعول به ، وقوله «بالحق» فى موضع نصب على الحال ، وهو متعلق بمحذوف. و «مصدقا» حال من الضمير الذي فى قوله «بالحق» والعامل فيه المعنى ، ولا يجوز أن تجعله بدلا ، لأن الاسم لا يبدل من الاسم ، هكذا ذكروه ، وفيه إشارة إلى أن الظرف لا يتعلق بالاسم ، ويكون بدلا من الاسم قبله.

__________________

(١) البقرة : ٣٠.

(٢) الإسراء : ٥٢.

(٣) في الأصل : «أي حامدون».

(٤) الإسراء : ٤٤.

(٥) البقرة : ٦٣.

(٦) الأعراف : ١٧١.

(٧) البقرة : ١٧٨.

(٨) البقرة : ٢٣٤.

(٩) آل عمران : ٣.

٢٥٣

وأعجب من ذا جعله «مصدقا» حالا من نفس الحق ، بعد أن قال فى قوله (وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها) (١) أنه يجوز أن يكون عطفا على الضمير فى «حق».

وقال غيره وهو قد رضى به فى قوله : (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (٢) إن نصب «مثل» راجع إلى الضمير فى «لحقّ». فلم لا تجعل قوله «مصدقا» حالا من الضمير فى قوله «بالحق»؟

ومثله : (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ) (٣) حال من الضمير فى «أنزلناه».

وأما قوله : (وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) (٤) فيحتمل الجار فيه ضميرين : أحدهما «أن يكون التقدير» نزل بالحق ؛ كما تقول : نزلت بزيد.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير الذي فى «نزل».

ومثله : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) (٥) فمن رفع «الأمين» يكون الجار مثل الذي فى : مررت بزيد ؛ ويكون حالا ، كما تقول : نزل زيد بعدته ، وخرج بسلاحه.

وفى التنزيل : (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) (٦) أي : دخلوا كافرين وخرجوا كافرين.

ومثله : (مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ) (٧).

__________________

(١) الجاثية : ٣٢.

(٢) الذاريات : ٢٣.

(٣) الإسراء : ١٠٥.

(٤) الشعراء : ١٩٣.

(٥) المائدة : ٦١.

(٦) الأنعام : ١١٤.

٢٥٤

ألا ترى أن «أنزلت» يتعدى إلى مفعول واحد ، فإذا بنيته للمفعول لم يبق له متعدّى إلى مفعول به.

وقوله «من ربك» على حد : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (١). و «بالحق» حال من «الذكر» الذي فى «منزل».

ومما جاء الجار فيه حالا كما جاء فى الآي الأخر : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) (٢). المعنى : أنزله وفيه علمه. كما أن «خرج بعدته» تقديره : خرج وعليه عدته. والعلم : المعلوم. أي : أنزله وفيه / معلومه.

ومثل ذلك قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) (٣).

فالمعنى ـ والله أعلم ـ : يوم تشقق السماء وعليها الغمام.

فالجار متعلق بمحذوف فى موضع الحال كما تقول : خرج زيد بثيابه.

ومنه قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) (٤) الجار فى موضع الحال ، أي : ثابتا منه آيات محكمات. و «آيات» يرتفع بالظرف هنا على المذهبين.

ومنه قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً) (٥) أي : ثابتا فيه هدى ونور. يدل عليه انتصاب قوله «ومصدقا» ويرتفع «هدى» بالظرف فى المذهبين.

__________________

(١) البقرة : ٨٩.

(٢) النساء : ١٦٦.

(٣) الفرقان : ٢٥.

(٤) آل عمران : ٧.

(٥) المائدة : ٤٦.

٢٥٥

ومن هذا الباب قوله : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ)(١)

قوله (فِي النَّارِ) لا يخلو من أن يكون متعلقا ب «يوقدون» أو بمحذوف ؛ فلا يجوز أن يكون تعلقه ب «يوقدون» من حيث لا يستقيم «أوقدت عليه فى النار» إلا أن الموقد عليه إنما يكون فى النار. فيصير (فِي النَّارِ) على هذا غير مفيد ، وكذلك (فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ) (٢).

وكما أنه لو قيل هنا : أوقد لى يا هامان على الطين فى النار ، لم يستقم. كذلك الآية الأخرى.

وإذا كان كذلك ثبت أن تعلق «فى النار» من قوله : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ) (٣) إنما هو المحذوف ، والظرف الذي هو «فى النار» فى موضع حال. وذو الحال الهاء التي فى «عليه» أي ومما يوقدون عليه ثابتا فى النار ، أو كائنا فى النار. ففى قوله «فى النار» ضمير مرفوع يعود إلى الهاء التي هى اسم ذى الحال.

ومن ذلك قوله تعالى : (إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) (٤) الجار فى قوله (فِي بُطُونِهِمْ) حال من المذكور ، وكان وصفا له كقوله :

لميّة موحشا طلل (٥)

__________________

(١) الرعد : ١٧.

(٢) القصص : ٣٨.

(٣) الرعد : ١٧.

(٤) النساء : ١٠.

(٥) البيت لكثير ، وعجزه : (يلوح كأنه خلل).

٢٥٦

ولا يتعلق ب «يأكلون» لأن الأكل لا يكون فى بطنه. والمعنى : إنما يأكلون مثل النار فى بطونهم ، لأنه يؤدى إلى حصول النار فى بطونهم. أو يجعله نارا على الاتساع ، لما يصير إليه من ذلك فى العاقبة.

ومن هذا الباب قوله : / (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ).

فالباء فى قوله (بِحَبْلٍ) (١) متعلق بمحذوف فى موضع الحال. والتقدير : ضربت عليهم الذلة فى جميع أحوالهم أينما ثقفوا إلا متمسكين بحبل الله. فحذف اسم الفاعل وانتقل الضمير إلى الظرف.

وقال أبو على : الاستثناء من «الذلة» المعنى : يذلون إلا أن يكون معهم حبل من الله ، وهو ما يكونون به ذمة. ولا يكون متعلقا بقوله «ثقفوا» ألا ترى أنه لا يصح : أينما ثقفوا إلا بحبل من الله ؛ لأنه إذا كان معهم حبل من الله لم يثقفوا.

ومن هذا الباب قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا) (٢) الكاف فى موضع الحال ، أي مشابهة أحوالهم أحوال من [لم] (٣) يلبثوا. وفيه غير هذا ، ذكرناه فى باب آخر.

ومن ذلك قوله تعالى : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ) (٤) أي : بجد واجتهاد ، أي : خذ الكتاب مجدّا. ومثله. خذها بقوة. أي : بجدّ ، أي : مجدّا.

__________________

(١) آل عمران : ١١٢.

(٢) يونس : ٤٥.

(٣) تكملة يقتضيها السياق.

(٤) مريم : ١٢.

٢٥٧

ومثله قوله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) (١) أي : هزى إليك رطبا جنيا متمسكة بجذع النخلة. فعلى هذا لا تكون الباء زائدة ، بل يكون مفعول «هزى» فيمن أعمل الأول رطبا ، وأضمر فى «تساقط» ومن أعمل الثاني أضمر فى «هزى».

ومثله : (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) (٢) أي : فانبذ إليهم مستوين. كما أن قوله : (فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ) (٣) أي : آذنتكم مستوين. فالحال من الفاعل والمفعول جميعا.

كقوله : متى ما تلقنى فردين (٤)

وقوله : وإن تلقنى برزين

ولأبى علىّ فى هذا كلام طويل ذكر فيه أن الحال كالصفة ، من حيث لا يجوز تعريض الصفة لعاملين مختلفين. وكذا يقبح فى الحال ما يقبح فى الصفة من تعريضها لعمل عاملين مختلفين فيهما ، كما قبح ذلك فى الصفة.

وقد حمل سيبويه شيئا منها على المعنى ، نحو ما أجازه من قولهم : هذا رجل مع رجل قائمين. حيث جعل ما عملت فيه «مع» داخلا فى معنى الإشارة ، فأجاز نصب «قائمين» على الحال ، كما أجاز نصبهما فى : هذا رجل ورجل قائمين.

__________________

(١) مريم : ٢٥.

(٢) الأنفال : ٥٨.

(٣) الأنبياء : ١٠٩.

(٤) البيت بتمامه :

متى ما تلقني فردين ترجف

روانف أليتيك وتستطارا

٢٥٨

فأما قوله : متى ما تلقنى فردين (١)

وتعلّقت [من] ليلى صغيرين (٢)

و : «إن تلقنى برزين» لا يعتد به.

ولا أعلم لسيبويه فى ذلك نصاّ ، ولا يجوز أن نقول : إنه / لا يجوز على قياس قوله ، لأن السائل الذي منع ذلك فيها عاملان ، وليس فى هذا إلا عامل واحد.

فإذا كان هناك عامل واحد ، وذو الحال واحد من جهة تعريضه لعاملين ، لا يصح لأنه ليس هناك عاملان.

فان قلت : فهلا فسد حمله على الحال ؛ لأن الحال تقتضى أن يكون فيها ذكر من ذى الحال ، وذو الحال مفردان وحالهما مثناة ، فلا يرجع إذن إليهما من حاليهما ذكر ، وإذا لم يرجع فسد أن يكون حالا لهما ، فاحمله على فعل مضمر.

قلنا : لا يفسد أن يكون ذلك حالا لأنا نحمله على المعنى ، ألا تراهم قالوا : مررت برجلين قائم وقاعد. فرددت الذكر إليهما على المعنى ، فكما رددت إلى المثنى المفردين ، للحمل على المعنى ، كذلك ترد إلى المفردين من المثنى للحمل على المعنى.

__________________

(١) البيت :

متى ما تلقني فردين ترجف

روانف أليتيك وتستطارا

(٢) البيت :

تعلقت من ليلى صغيرين ليتنا

إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر إليهم.

٢٥٩

ومن ذلك قوله تعالى : (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ) (١). أي : فصّلناه عالمين.

وقال عزوجل : (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ) (٢) والتقدير : علمها ثابت فى كتاب ثابت عند ربى ، ف (عِنْدَ رَبِّي) كان صفة للمجرور. فلما تقدم انتصب على الحال.

ومن ذلك قوله تعالى : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) (٣). أي : مضطجعين ، ففى الظرف ضمير لوقوعه موقع مضطجعين وقائمين.

ومثله : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) (٤) أي : دعانا مضطجعا.

لا بد من ذا التقدير فى الموضعين ليصح العطف عليه.

وأبو إسحاق حمل اللام وما بعده على المس دون الدعاء ، وإذا مس الإنسان مضطجعا أو قائما أو قاعدا الضّر دعانا. وحمله على الدعاء أولى من حمله على المس لكثرة الآي فى ذلك.

من قوله : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) (٥).

وقوله : (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) (٦) وغيرهما.

__________________

(١) الأعراف : ٥٢.

(٢) آل عمران : ١٩١.

(٣) الروم : ٣٣.

(٤) يونس : ١٢.

(٥) طه : ٥٢

٢٦٠