• الفهرس
  • عدد النتائج:

وجوب الغسل أو التيمّم ، وليس ببعيد فهو خارج عن محلّ الكلام لأنّ كلامنا الآن في الضرر الذي يرتفع به الحكم الشرعي الإلزامي ؛ هذا في باب الضرر.

وأمّا باب الحرج فليس كذلك ، أي ارتكاب الفعل الحرجي لا حرمة فيه فليس بمبعد ، فقياس أحدهما بالآخر لا وجه له ؛ لأنّ مناط البطلان في العبادة الضرريّة كالوضوء أو الغسل الضرريين ليس في العبادة الحرجيّة ، بل العبادة الحرجيّة التي يأتي بها مع المشقّة تكون آكد في العبوديّة ، ولعلّه يشير إلى هذا الحديث المشهور أنّ « أفضل العبادات أحمزها » (١) أي أشدّها ، ولا شكّ في أنّ تحمّل المشاقّ في سبيل امتثال أوامر المولى ونواهيه ممدوح عند العقل والعقلاء ، إلاّ أن يكون المولى نهى عن تحمّله وإيقاع نفسه في المشقّة ، فحينئذ يكون عاصيا ويكون حاله حال الفعل الضرري ويكون خارجا عن مفروض الكلام ؛ لأنّ كلامنا في ما إذا كان الحرج موجبا لرفع الحكم الإلزامي إذا كان حرجيّا ، لا فيما إذا كان الفعل الحرجي منهيا كما أنّ الفعل الضرري يكون منهيّا.

والحاصل : أنّ قاعدة الحرج وكذلك قاعدة الضرر حكم امتناني ، غاية الأمر أنّ الفعل الضرر حرام بدليل آخر لا ربط له بالقاعدة ، بخلاف قاعدة الحرج فإنّه ليس هناك دليل آخر يدلّ على حرمة ارتكاب الفعل الحرجي.

وهذا هو السرّ في فتوى المشهور ببطلان الوضوء والغسل الضرري دون الحرجي منهما.

وأمّا الإشكال على صحّة العبادات الحرجيّة بأنّ الحرج يرتفع به الأمر كما هو مفاد هذه القاعدة ، فيكون إتيانها بقصد الأمر تشريعا محرّما.

ففيه : أنّ قصد الملاك كاف في عدم كونه تشريعا محرّما ، كما أنّه في باب الواجبين‌

__________________

(١) راجع : « بحار الأنوار » ج ٦٧ ، ص ١٩١ ، باب النيّة وشرائطها ومراتبها ، ذيل ح ٢ ، وص ٢٣٧ ، باب الإخلاص معنى قربه تعالى ، ذيل ح ٦.