بين الأمرين من قبل عمر شيء عجيب.

وأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) كان قد أخبر أمّته بأنّها تقفو إثر الأُمم السابقة في قوله : «لتتبعنّ سنن مَنْ كان قبلكم شبراً بشبر ...» وهذا هو الذي دعاه (صلى الله عليه وآله)أن يوصي الإمام عليّ عليه‌السلام بجمع القرآن من بعده ، حتّى لا تضلّ أمّته كما ضلّت اليهود والنصارى. كما أنّه أكّد بأنّ منزلته منه كمنزلة هارون من موسى.

نعم أنّ الإمام عليّ وقف أمام رؤية الخلفاء الخاطئة مؤكّداً للصحابة بأنّه ترجمان القرآن ، ولا يمكن فهم القرآن إلاّ به وبالأوصياء من ولده.

وأنّ في سؤال الفضل بن يسار في نزول القرآن على سبعة أحرف وجواب الإمام الصادق عليه‌السلام : «كذبوا أعداء الله ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد»(١) ، إشارة إلى وجود اتّجاه يدعم نزول القرآن على سبعة أحرف ، وأنّك علمت بأنّ الإيمان بهذه الفكرة يدعو إلى تحريف القرآن لا محالة ، وذلك لتعدّد القراءات وحجّيتها على مرّ الزمان.

في حين أنّا كنّا قد وضّحنا قبل قليل بأنّ الكلمات العربية وخصوصاً القرآنية منها لها معانيها الخاصّة بها ، فلا يمكن إبدال كلمة بأُخرى لأنّها تفسد بلاغة القرآن.

بهذا فقد اتّضح للجميع بأنّ كلّ هذه الأمور كانت من تبعات ترك الخلفاء الأخذ بالمصحف الموجود خلف فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والذي ألّفه

__________________

(١) الكافي ٢ / ٦٣٠ ح ١٣.