• الفهرس
  • عدد النتائج:

الأثقال ، فالمعنى حتى تذهب وتزول أثقالها ، وهي آلاتها وقيل : الأوزار : الآثام ، لأن الحرب لا بد أن يكون فيها إثم في أحد الجانبين ، واختلف في الغاية المرادة هنا فقيل : حتى يسلموا جميعا ؛ فحينئذ تضع الحرب أوزارها وقيل : حتى تقتلوهم وتغلبوهم ، وقيل : حتى ينزل عيسى ابن مريم : قال ابن عطية : ظاهر اللفظ أنها استعارة يراد بها التزام الأمر أبدا ، كما تقول : أنا فاعل ذلك إلى يوم القيامة (ذلِكَ) تقديره : الأمر ذلك (وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) (١) أو لو شاء الله لأهلك الكفار بعذاب من عنده ، ولكنه تعالى أراد اختبار المؤمنين ، وأن يبلو بعض الناس ببعض (عَرَّفَها لَهُمْ) أي جعلهم يعرفون منازلهم فيها ، فهو من المعرفة وقيل : معناه طيّبها لهم فهو من العرف وهو طيب الرائحة ، وقيل : معناه شرّفها ورفعها ، فهو من الأعراف التي هي الجبال (فَتَعْساً لَهُمْ) أي عثارا وهلاكا. وانتصابه على المصدرية ، والعامل فيه فعل مضمر ، وعلى هذا الفعل عطف وأضلّ أعمالهم (وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) أي لكفار قريش أمثال عاقبة الكفار المتقدمين من الدمار والهلاك.

(مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) أي وليهم وناصرهم ، وكذلك (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) معناه : لا ناصر لهم ، ولا يصح أن يكون المولى هنا بمعنى السيد ، لأن الله مولى المؤمنين والكافرين بهذا المعنى ولا تعارض بين هذه الآية وبين قوله : (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) [الأنعام : ٦٢] لأن معنى المولى مختلف في الموضعين ؛ فمعنى مولاهم الحق : ربهم وهذا على العموم في جميع الخلق بخلاف قوله : (مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) ؛ فإنه خاص بالمؤمنين لأنه بمعنى الولي والناصر (وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ) عبارة عن كثرة أكلهم ، وعن غفلتهم عن النظر كالبهائم (مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ) يعني مكة. وخروجه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من وقت الهجرة ، ونسب الإخراج إلى القرية. والمراد أهلها ، لأنهم آذوه حتى خرج (أَهْلَكْناهُمْ) الضمير للقرى المتقدمة المذكورة في قوله : وكأين من قرية وجمعه حملا على المعنى والمراد أهلكنا : أهلها (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) أي على حجة ويعني به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما يعني قريشا بقوله : (كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) واللفظ أعم من ذلك.

__________________

(١). قوله تعالى : والذين قاتلوا في سبيل الله. قرأها أبو عمرو وحفص قتلوا. والباقون : قاتلوا.