هذا ، وفي تعليق الجواب ـ اعنى قوله (فَانْكِحُوا) ـ بالشرط ـ أعني قوله (خِفْتُمْ) غموض ، (١) ومن ثم اختلف أقوال المفسرين فيه ، فقيل معنى الآية ان خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء إذا تزوجتم بهن فتزوجوا ما طاب لكم من غيرهن ، فقد روي أن الرجل كان يجد اليتيمة لها مال وجمال فيتزوجها ضنّا بها عن غيره ، فربما اجتمعت عنده عشر منهن فيخاف لضعفهن وعدم من يغضب لهن أن يكون ظالما لهن حقوقهن ومفرطا فيما يجب لهن ، فنزلت. والمراد ان لكم في غيرهن متّسع حيث جوز لكم الأربع فلا ينبغي لكم مع خوف الجور أن تنكحوهن.

وقيل ان المعنى ان خفتم ترك العدل في حقوق اليتامى فتحرجتم منهن ، لما روي انهم كانوا يتحرجون عن اليتامى والتصرف في أموالهم خوفا من العقاب بعد نزول آية اليتامى وما في أكل أموالهم من الحوب الكبير ولا يتحرجون عن الجور في أمور النساء من عدم التعديل ، فربما كان تحت الرجل العشرة من الأزواج والثمان والست فلا يقوم بحقوقهن ولا يعدل بينهن.

فخافوا أيضا ترك العدل بين النساء ولا تتجاوزوا القدر الذي يمكنكم العدل معه ، لان من يخرج من ذنب أو تاب عنه وهو مرتكب لمثله فهو غير متحرج ولا تائب وانما يكون كذلك لو تحرج عن الذنوب كلها.

وقيل انهم كانوا يتحرجون من ولاية اليتامى ولا يقبلونها ولا يتحرجون من الزنا ، فقيل لهم ان خفتم الجور في اليتامى فخافوا اثم الزنا وعقابه وانكحوا ما حل لكم من النساء إلى الأربع ولا تحوموا حول المحرمات.

وقد يستدل بعموم الآية على عدم اعتبار النسب ، فيجوز لوضيع النسب أن يتزوج بشريفه كما هو المشهور بين أصحابنا ، وبذلك استدل العلامة في التذكرة. وذهب بعضهم الى اعتباره فمنع من تزويج الوضيع بالشريفة ، نظرا الى بعض الاخبار وهو معارض بمثله ، فيتساقطان ويبقى عموم الآية سالما ، مع إمكان حمله على ضرب

__________________

(١) وللسيد الجليل الشريف الرضى قدس‌سره في كتابه حقائق التأويل في متشابه التنزيل في تفسير هذه الآية بيان دقيق متين من ص ٢٩١ ـ ٣١٣ فراجع.