في المسألة الفرعيّة ، يعني في مقام العمل يكون مستنده التقليد في المسألة الاصولية التي قلنا أوّلا ، فهذا التّقليد الثاني يعني في المسألة الفرعية تقليديا ، ولا يوجب التقليد فيه دورا أو تسلسلا ، لانتهائه الى التقليد في المسألة الاصوليّة وأمّا التقليد في المسألة الاصولية إن كان أيضا تقليديا فيوجب الدّور أو التسلسل ، ولهذا قلنا بأنّ دليل ذلك هو حكم العقل ، لا تقليد آخر ، فظهر لك أنّ الدور أو التّسلسل يأتي في أحد قسمي التقليد ، وليس هذا القسم تقليديا.
اذا عرفت أن أصل التقليد وجوبه ثابت بمقتضى حكم العقل وعدم احتياجه الى دليل تعبّديّ ، ولكن مع ذلك الحق هو أنّه ليس الرجوع في باب تقليد العالم من باب رجوع الجاهل الى العالم ، بل يكون أزيد من ذلك وهو : أنّه يستفاد كون ذلك منصبا من المناصب ، يعني مقام الإفتاء بقرينة ما ورد في الخبر «فقد جعلته حجّة عليكم» فالمجتهد حجة ، وهذا معنى كونه صاحب منصب ، فبحكم العقل وضمّ ما قلنا من النقل نكشف كون المجتهد مرجعا للمقلّد ، وأنّ ذلك منصبا للمجتهد ، فافهم.
فظهر ممّا بيّنّا أنّ دليل لزوم التقليد يكون من باب حكم العقل برجوع الجاهل الى العالم من باب التعبد ، ولو لم يحصل له العلم بما يقول المجتهد أو الظنّ ، والنقل أيضا في الجملة يدلّ على ذلك ولا نحتاج الى التعرّض له مفصّلا.
المقصد السادس
بعد ما قلنا في وجه أصل التقليد ، وأنّ الجاهل لا بدّ له من الرجوع الى العالم يعني المجتهد ، فكلّما يفهم بمقتضى عقله اعتبار خصوصية في العالم الذي يحكم العقل بالرجوع اليه فلا بدّ من اعتباره عنده مع الشرط الذي يدري بدخله فيه ، وإلّا فلا بدّ له من الأخذ بالقدر المتيقن بمقتضى حكم العقل.
فعلى هذا نقول بأنّ بعض الشروط يكون اعتبارها في المجتهد الذي يرجع اليه